الثلاثاء، 9 سبتمبر 2014

"وول ستريت": أربيل مستعمرة أمريكية ومنها تُرسم حدود الصراع الجديدة

"وول ستريت": أربيل مستعمرة أمريكية ومنها تُرسم حدود الصراع الجديدة




الترجمة /خدمة العصر
قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" في تقرير نشرته اليوم من مراسلها في آربيل، إن من ربطتهم أمريكا بشراكة طويلة الأمد يلعبون اليوم دورا محوريا في خطط لمكافحة تهديدات مقاتلي داعش. 
 
وكشف التقرير أن الإستراتيجية الأمريكية لمحاربة داعش التي بدأ إنضاجها لأول مرة منذ شهر جاءت بعد سلسلة من المكالمات الهاتفية العاجلة على نحو متزايد من هذه المدينة الكردية (آربيل). 
 
في مرة، قال الزعيم الكردي مسعود بارزاني لنائب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أن مقاتلي داعش على بعد 25 كيلومتر من أربيل، والتي هي عاصمة المنطقة الكردية وموطن الجيش  والاستخبارات والدبلوماسية ومكاتب الشركات الأمريكية. والرسالة بإيجاز: ما لم تتدخل الولايات المتحدة، فإن أربيل يمكن أن تقع في أيام. 
 
"نحن بحاجة إلى أن نفعل شيئا هنا"، كما وصف مسؤول أمريكي بعض ما جاء في المكالمة على لسان البرزاني وهو يلح على بايدن بالتدخل العاجل. 
 
في وقت لاحق من ذلك اليوم، أذن الرئيس باراك أوباما، الذي قاوم لفترة طويلة ضغوطا من الحكومة في بغداد للمساعدة في مكافحة خطر داعش، بشن غارات جوية على مقاتليها وهم يقتربون من أربيل. كما وافق على برنامجين علني وسري لامداد المقاتلين الأكراد المعروفين باسم "البيشمركة" ضد تهديد داعش.
 
مع استمرار الاتصالات الهاتفية المكثفة مع أربيل قبل شهر من الآن، لعب الأكراد دورا محوريا في خطط الولايات المتحدة لمكافحة التهديد الداعشي.
 
في العراق، يرى مسؤولو الإدارة في المقاتلين الأكراد وقود الحملة برية المحتملة ضد الدولة مقاتلي داعش. ويعتقد المسؤولون أيضا أن المقاتلين الأكراد في سوريا قد يكون تأثيرهم حاسما في محاربة مقاتلي داعش في هذا البلد، حيث توشك وزارة الدفاع الأمريكية على اتخاذ بعض الخيارات العسكرية، ومنها الغارات الجوية. 
 
وتنقل الصحيفة عن مسؤولين أكراد وأمريكيين إنه مقابل المساعدة العسكرية الأميركية الشهر الماضي، أجل الأكراد خطط لاجراء استفتاء الاستقلال واتفق الطرفان على العمل بشكل وثيق مع الحكومة العراقية في بغداد. 
 
وقالت الأحزاب الكردية يوم الاثنين إنها وافقت على الانضمام للحكومة الجديدة برئاسة حيدر العبادي رغم إظهارها لمخاوف جدية من تقاسم السلطة مع بغداد، في تحول مثير باتجاه توحيد الجبهة ضد داعش.
 
وقد صُنفت مجموعة قتالية كردية (حزب العمال الكردستاني PKK) كمنظمة إرهابية من قبل واشنطن، لشنها حملة عنيفة من أجل مزيد من الحكم الذاتي في تركيا. ونبذت أمريكا منذ فترة طويلة المجموعة الكردية السورية المقربة منه، ولكن في الآونة الأخيرة، مدت إدارة أوباما يدها بهدوء إلى هذه المجموعة الكردية في سوريا. 
 
وقال مسؤولون أمريكيون إن إدارة أوباما قررت للدفاع عن أربيل لمجموعة من الأسباب، منها أنها ترى البيشمركة حلفاء موثوق بهم في منطقة مضطربة، وهم لا يشكلون جيشا منظما ولكن مجموعة من الميليشيات الموالية للفصائل السياسية في الجزء الذي يسيطر عليه الأكراد في شمال العراق. 
 
ومنها أن قلق الرئيس أوباما الأكثر إلحاحا، كما قال مسؤولون أمريكيون، هو حماية الموظفين الأمريكيين في المنطقة الغنية بالنفط، والتي هي موطن لمليارات الدولارات من الاستثمارات الأميركية.
 
"تراهن الولايات المتحدة بشكل كبير على الأكراد"، كما قال ارون شتاين، وهو زميل في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، مؤسسة بحثية في لندن. 
 
وقد التقى، في أوائل يوليو الماضي، رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود برزاني برفقة كبار دبلوماسيي حكومته: فؤاد حسين وفلاح بكر مع المسؤولين الأمريكيين في البيت الأبيض، بمن فيهم نائب الرئيس بايدن، المكلف بالملف العراقي في إدارة أوباما.
 
 وقال الأكرد إن برزاني سيدعم مساعي الولايات المتحدة لتشكيل حكومة عراقية أكثر شمولا من التي تولاها نوري المالكي. ولكن إذا فشلت هذه الجهود، كما قال مستشار لحكومة إقليم كردستان، فإن برزاني سيجري استفتاء على الاستقلال.
 
وفي أغسطس، تغيرت المعادلة، حيث اقتحم مقاتلو الدولة الإسلامية المدن العراقية المتاخمة لكردستان العراق، وأدى هذا إلى تراجع قوات البيشمركة، وفجأة امتد خط جبهة كردستان مع مقاتلي داعش مسافة 600 ميل. 
 
وتحدث مسؤولون أكراد باستمرار مع نظرائهم الأميركيين، بما في ذلك مسؤول بوزارة الخارجية بريت ماكجورك والجنرال لويد أوستن، قائد القيادة المركزية. "كنا نتحدث إلى الأميركيين كل ساعة"، كما صرج فؤاد حسين. 
 
وأطلق برزاني حملة تعبئة عامة في صفوف البيشمركة تمهيدا لنقل المعركة إلى مقاتلي داعش، الذين فاجأوهم في 7 أغسطس بالتغلب على الدفاعات الكردية واقتحموا بلدتي مخمور وجوير وفتح طريقا مباشرا إلى أربيل. 
 
"لم ننم يومها"، كما اعترف فؤاد حسين، وأضاف: "كانوا على بعد 30 دقيقة من أربيل"، وكانت معظم شركات النفط الغربية وغيرها في أربيل قد أجلت موظفيها وعمالها الأجانب. 
 
وسارع المسؤولين الأكراد إلى نقل وحدات البيشمركة من المدن القريبة. ودعوا أيضا إلى تشكيل قوة مثيرة للجدل: من مقاتلي حزب العمال الكردستاني، الجماعة المدرجة على القائمة الأمريكية والتركية للمنظمات الإرهابية، وكذا من حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا (PYD). 
 
وبعيدا عن الخطوط الأمامية للمواجهات، استجاب ضباط المخابرات الأمريكية في أربيل لدعوات برزاني بإمداد ميليشياته بالذخيرة بصفة استعجالية، واستغل البيت الأبيض هذا الوضع لبدء وكالة الاستخبارات المركزية مهمة تموين سرية.
 
وقد واجهت إدارة أوباما صعوبة في الحصول على موافقة الحكومة العراقية للسماح للبنتاغون بإعادة تسليح الأكراد بشكل مباشر، كما قال المسؤولون الأمريكيون، لأن القادة العراقيين في بغداد أرادوا أن تمر الإمدادات عليهم لئلا يكون هذا دافعا للكرد للحصول على مزيد من الحكم الذاتي. 
 
وفي الوقت الذي كثف فيه برزاني ومساعدوه اتصالاتهم الهاتفية مع إدارة أوباما، نشطت جماعات الضغط المدافعة عن مصالح الأكراد والشركات الأمريكية في واشنطن وحثت المشرعين للضغط على الإدارة لتكثيف الدعم. وبعض من ذلك، كان بدافع القلق على الأكراد والاستثمارات الأمريكية. 
 
وقال مسؤولون أميركيون هذه المرة كان الوضع مختلفا. مع هبوط الظلام في أربيل يوم 7 أغسطس، ارتفعت لهجة برزاني ةزاد إلحاحه خصوثا مع تحريك مقاتلي داعش لمدفعية قريبة بما فيه الكفاية للوصول إلى ضواحي مدينة أربيل، واستفسر بايدن عما إذا قاتلت قوات البيشمركة أم  فرت، وهذا لمساعدة الولايات المتحدة في تحديد درجة الاستعجال وكيفية الرد، وفقا لمسؤولين أمريكيين وأكراد.
 
وكان الرئيس أوباما قد قرر استخدام الضربات الجوية لحماية الايزيديين، وفقط، ولكن بعد وقت قصير من دعوة بايدن-برزاني، أمر باتخاذ إجراءات لحماية أربيل، مشيرا، على وجه الخصوص، إلى مخاوف بشأن الموظفين الأميركيين في المدينة، وفقا لمسؤولين أمريكيين. 
 
في الساعة 4:30 صباحا في اربيل يوم 8 اغسطس، شاهد برزاني ومستشاروه التغطية التلفازية الحية لإعلان أوباما بأن الولايات المتحدة ستضرب مقاتلي داعش وكانوا على مقربة من العاصمة الكردية. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق