الأحد، 28 ديسمبر 2014

تقديرات إسرائيلية: تفكك "الدولة الوطنية" والمحاور العربية تحارب بعضهم بعضا

تقديرات إسرائيلية: تفكك "الدولة الوطنية" والمحاور العربية تحارب بعضهم بعضا

تقديرات إسرائيلية: تفكك


بقلم: أليكس فيشمان / صحيفة "يديعوت" العبرية
 تبدأ كل تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية برسم الصورة الإقليمية من زاوية رؤية القوى العظمى. والنتيجة النهائية هنا بسيطة جداً: في الشرق الأوسط حالياً ليس هناك ربّ بيت دولي. ليست هناك قوة واحدة ترتب التوازنات التي تهيئ ظروف التعاون الدولي، الذي يسمح بتهدئة ما في المنطقة.
 فروسيا بوتين، تبذل كل جهد ممكن لزيادة نفوذها في الشرق الأوسط عن طريق الصمود في سوريا.
والولايات المتحدة التي تمتعت طوال سنوات بمكانة الدولة الوحيدة صاحبة حرية العمل في الشرق الأوسط، لم تتحرك من دون ائتلافات.
وفي سوريا يتعلق الأمر بائتلاف عربي، وفي العراق بائتلاف غربي. من دون ائتلاف أوباما، لم يكن ليشتبك مع داعش ولم يكن لينزل عن السور من أجل تقديم المساعدة للقوات السنية الأكثر اعتدالاً في سوريا وللأكراد في العراق.
 والروس، الذين أداروا لمصلحة الجيش السوري عدداً من المعارك المركزية ضد المتمردين، يئسوا من الجيش السوري.
 وقد وصل الخبراء الروس والإيرانيون، العاملون في سوريا جنباً إلى جنب، إلى استنتاج بأن هذا الجيش لن يجلب البضاعة ولن يصنع التحول.
لذلك فإنهم يحاولون، والأميركيون ينجرون خلفهم، للتوصل إلى حل تسوية بين المتمردين والأسد وتقاسم الحكم في سوريا.
وهذا لا يحول دون الإسناد الروسي ومواصلة إرسال سفينة سلاح كل أسبوع إلى ميناء طرطوس لمصلحة الجيش السوري حاملة من رصاص بنادق كلاشينكوف إلى الصواريخ الثقيلة.
 إن سوريا الكبرى لم تعد قائمة. فالمفهوم المقبول حالياً هو "سوريا الصغرى" للأسد، وهي تسيطر على ما بين 20 - 30 في المائة من مساحة الدولة. وكل الباقي ليس إلا كانتونات مستقلة، تقاتل بعضها بعضاً. ومكان إسرائيل في هذه القصة هو في هضبة الجولان.
وثمن المساعدة الإنسانية التي توفرها إسرائيل للمتمردين من الجيش الحر السوري هو انتشار المجموعات السنية المعتدلة هذه على طول قسم كبير من هضبة الجولان، ووجهتهم سوريا. وهم يشكلون منطقة عازلة ويمنعون، جسدياً، انزلاق جهات مثل جبهة النصرة وداعش إلى هضبة الجولان الإسرائيلية.
 وتقع شمال القنيطرة قرى درزية عدة، تشكل مركز النشاط المعادي لإسرائيل في هضبة الجولان. والوحدات العاملة هناك يتم توجيهها من جانب كل من «حزب الله» والجيش السوري. ويشرف على إحداها ابن عماد مغنية، الذي كان يترأس جهاز العمليات الخارجية التابع لـ«حزب الله» وقامت إسرائيل باغتياله في العام 2008.
كما يقود وحدة أخرى وجه معروف آخر وهو: سمير القنطار، الذي قبع في السجن الإسرائيلي لعشرات السنوات وأفرج عنه مقابل جثامين ألداد ريغف وإيهود غولدفيسر.
وبالمناسبة، فإن الملف الكيماوي السوري سيبقى مفتوحاً أيضاً في العام 2015. فالهيئة المشرفة على تجريد سوريا من السلاح الكيماوي، وهي OPCW، لم تقم بإغلاقه بعد. وهناك شبهات قوية بأن النظام السوري يواصل إخفاء مواد كيماوية.
 كذلك، فإن الوضع في الجبهة الإيرانية مركب. وحتى حلول الصيف لن نعلم إذا كان الاتفاق بشأن الموضوع النووي سوف يتم التوقيع عليه أم لا بين أميركا وإيران. وحالياً ترى تقديرات شعبة الاستخبارات أن اتفاقاً كهذا سيكون سيئاً لإسرائيل.
فمن جهة، يسمح التوقيع على الاتفاق بتقديم تقدير أكثر دقة بشأن تصرفات «حزب الله» على الحدود الشمالية لإسرائيل. وإذا لم توقع إيران على الاتفاق مع الدول الغربية ولم تفلح في أن تزيح عن كاهلها العقوبات الدولية، فقد تلجأ إلى تحطيم الأواني.
كما إن خيبة الأمل من روحاني واستمرار اليأس الاقتصادي قد يدفعان إلى أن يُعاد إلى سدة الحكم في طهران رجال الحرس الثوري...
 وهناك موضوعان سوف يحددان وجهة العام 2015 في الشرق الأوسط:الانتخابات في إسرائيل وعواقب انهيار أسعار النفط على مصدري النفط في المنطقة.
ظاهريا، خزنت السعودية ودول الخليج احتياطيات مالية تسمح لها بتخطي مرحلة انهيار الأسعار بسلام. بالمقابل، فإن ذلك قد يؤدي إلى انهيار الأنظمة في إيران والعراق وليبيا وإلى تعميق الفوضى. كما إن الروس يمكنهم أن يغيروا سلوكهم في الشرق الأوسط في ضوء التراجع المثير في مداخيل النفط والتصرف بطريقة أشد عدائية، من أجل ما يرونه كمؤامرة أميركية لتدميرهم.
وهناك موضوع آخر في تقديرات شعبة الاستخبارات وهو تفكك الدولة الوطنية. فليبيا مقسمة إلى ثلاث دول: برقة في الشرق، طرابلس في الغرب وفزان الصحراوية في الجنوب.والسودان انقسم إلى دولتين. واليمن وسوريا والعراق والصومال دول تتفكك. ويقولون في شعبة الاستخبارات إن هذه العدوى قد تنتقل إلى دول أخرى وتتعمق في الدول التي تتفكك الآن.
 فمقومات مثل داعش –سياسي لا عسكري حتى الآن- توجد في منطقة معان في الأردن. وتنظيم «أنصار بيت المقدس» في سيناء، والذي كان مرتبطاً بالقاعدة، أعلن مؤخراً عن مبايعته وولائه لداعش. ومنذ ذلك الإعلان وقيادة الجبهة الجنوبية متوترة بانتظار العملية الأولى لداعش التي ستخرج من سيناء نحو إسرائيل.
فأمير داعش، أبو بكر البغدادي، أعلن قبل أسابيع معدودة أن إسرائيل هي واحدة بين أهداف تنظيمه. إذ يواصل الجهاد العالمي، بكل تنوعاته، الركض في كل أرجاء الشرق الأوسط وأفريقيا. ومنظماته حاضرة في سيناء، وغزة وسوريا والعراق وفي الصومال واليمن..
 وتلحظ شعبة الاستخبارات العسكرية أربعة معسكرات في الشرق الأوسط تحارب بعضها بعضاً. 
والمعسكر الأول هو المحور الشيعي الراديكالي، وهو يشمل كلاً من إيران، سوريا، «حزب الله»، الجهاد الإسلامي والحوثيين في اليمن. ويحاول هذا المعسكر في هذه الأيام معانقة حماس..
 والمحور الثاني هو المعسكر المعتدل: مصر والأردن والسعودية ودول الخليج. وقد انضمت في الأيام الأخيرة إلى هذا المعسكر بغير حماس قطر، بعدما أجبرتها السعودية على التوصل إلى تفاهمات مع المصريين. والتفاهم بين مصر وقطر يتسم بأهمية بالغة بالنسبة لإسرائيل. فهذا يمكن أن يمنع أو يؤخر انفجار الوضع على حدود قطاع غزة. وهذا التحالف يمكن أن يبعد الإيرانيين عن حماس ويمنح دفعة لمساعي إعادة إعمار القطاع بالتعاون مع السلطة الفلسطينية...
وحماس التي ترى الأموال القطرية وإعادة إعمار القطاع في الأفق، تبذل كل جهد ممكن من أجل منع قوى الجهاد العالمي والجهات المنشقة للعمل ضد إسرائيل. والشراكة القطرية - المصرية التي لا تزال في بدايتها، يمكن أن تشكل في العام 2015 شعاع نور في ظلمة العلاقات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
 وفي إسرائيل يتابعون حالياً بانتباه الخطوات التي يقوم بها أبو مازن وتقديم الطلب بإنشاء دولة فلسطينية خلال عامين إلى مجلس الأمن الدولي. وإذا كان أبو مازن سيفعل ذلك بعد يناير، حينما تتوفر أغلبية للقرار، فإن للأمر أبعاداً أخرى.
فالتوتر بين إسرائيل والفلسطينيين سوف يزداد، الأمر الذي قد يقود إلى تدهور أمني. فالتدهور الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، أو بين إسرائيل وغزة، هو احتمال واقعي في العام 2015.
والقدرة الصاروخية لدى حماس حالياً تمثل تقريباً حوالي 30 في المائة مقارنة بما كانت تملكه عشية عملية الجرف الصامد. وهذا تحسّن بنسبة 5-10 في المائة منذ وقف النار.
أما الأنفاق الدفاعية في الشجاعية وخانيونس، فإنها تمر حالياً بعملية ترميم وإعادة بناء، رغم أنه ليس معروفاً حتى الآن وجود أنفاق جديدة تتسلل إلى داخل الأراضي الإسرائيلية. ولدى إسرائيل براهين على أن حماس اشترت اسمنت من أصحاب 8000 بيت تسلموا اسمنت من الأمم المتحدة، بالتعاون مع إسرائيل، بغية ترميم بيوتهم.
 والمعسكر الثالث هو الذراع السياسي للإخوان المسلمين. وهؤلاء يوجدون في غزة، إسرائيل، الأردن، مصر وفي سوريا. وتقديرات شعبة الاستخبارات لا تستبعد احتمال عودة التظاهرات إلى الميادين في كل من الأردن ومصر، وذلك لأن احتمالات استقرار الاقتصاديات في الدول العربية ضعيفة جداً.
 والمعسكر الرابع هو الجهادي السني: داعش، جبهة النصرة، أنصار بيت المقدس وما تفرع عنهم. وكل هذه المعسكرات الأربعة تقاتل بعضها بعضاً داخل الحلبة الشرق أوسطية. وفي هذه الأثناء، تبدو إسرائيل هي المراقب الذي يلتقط بين الحين والآخر شظايا من هذه الحرب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق