أستاذ مدرسة المشاغبين
أحمد عمر
إلا أنهم إن صدقوا، وهم كذلك، فهو واحد من عوامل كثيرة أثخنت المعلم طعناً وقتلاً وسحلاً وتسفيهاً.في الجهة الأخرى، يؤكد الفريق الحاكم أنّ المدرسة أمتعت أجيالاً.
وكثيرون، أيضاً، يعتبرون أنّ الضحك هو السعادة، ويعددون فوائد الضحك، وعدد العضلات المبتهجة بالضحك، وبتنا نضحك على الهزائم ونعتبرها انتصارات، ونسخر من الصالحين ونضحك على الضحية، حتى نعمل رياضة "سويدية" للفكين المفترسين. الضحكة تغفر كل الذنوب.
مثال ذلك اعتبار ثلاثة أرباع الشعب "إرهابيين"، ونزوح ملايين السوريين "تنظيفاً ذاتياً"، وصناعة المظاهرات "تفويضاً"، يا أمة ضحكت من رؤسائها الأمم.
جاءنا من الهند، خبر، يمشي من غير قدمين عبر الأثير، هو أن شرطة إحدى مدنها تخرج صباحاً، فيضحك الضابط فيضحكون لضحكه، والضحك في الاجتماع العسكري غير الضحك في غرفة موحشة.
يقهقهون من غير رواية أية نكتة، الضحك بالعدوى نوع رديء من الضحك. قد يعمل رياضة لعضلات الفكين، لكن عضلات الروح من أمر ربي، وأربعة بلدان عربية تموت مذبوحة من الألم.
كانت السلطات ترشو المجتمع بحلاوة المسرحية في أثناء الأزمات، مثل ذلك فيلم احتجاج "زوجة رجل مهم"، في الفيلم المعروف على بث المسرحية والناس جائعة، وقد يدافع الخطاب المؤيد للمسرحية، ومتفوقيها، قائلاً إنّ المسرحية ترفع، في النهاية، شعار ثلاثية "الحق والخير والجمال".
فوجئ محمود الوراري مقدم برنامج "الحدث المصري"، وهو قاعدة لقصف الثورة المصرية إعلامياً، والتوطئة للحكم العسكري ومباركته، بمؤلف المسرحية "الرائدة" التي ترفع شعار "الحق والخير والجمال"، وهو شعار فضفاض، يعلن، من غير أن يرف له جفن أو يهتز له غبغب، (الغبغب كتلة لحمية تتهدل من أسفل العنق)، أن عدو مصر هو حماس!
فيفاجئنا المضيف المعادي للثورات، ويطلب أن يلطف تصريحه، بتمريره على فلتر الذاكرة، فيذكّر ضيفه، بطل التطبيع، بأن إسرائيل هي العدو وأنها قتلت ودمرت.. فيرد المؤلف "اللي" أحيا الوحش: مش مهم، المهم الدولة!
والدولة الفلسطينية التي يرأسها جوز عديلة لا زالت وعداً، والفيتو الأميركي المفترس بالانتظار، وعرقوب الإسرائيلي لم يصدق يوماً. الدولة باتت هي الوثن المعبود.
البلاد العربية كلها دول، لها أعلام وبيارق وسجون وشرطة ومعلمون بتوع مدارس وشعوب شبه أميّة ما شاء الله، سورية ومصر والجزائر.. بعضها يقتل شعبه بالمفرّق، وبعضها بالجملة، وبعضها يدمر دولته بالضحك، أكثر مما تدمر إسرائيل فلسطين بالنابالم. فلسفة الجمال تناولتها روايات مثل صالة دوريان غراي، وأحدب نوتردام لهوغو والشاعر لآدمون روستون.
علي سالم ليس جميلاً مثل محمد حسنين هيكل، وعبد الفتاح السيسي أحلى من الاثنين!
وقد نقص جمال المؤلف "أنا اللي طبّعت مع الوحش" مع أرذل العمر وتهدل الغبغب وذهاب الشعر، أما الحق فنراه في القضاء الشامخ، والخير في حكم العسكر، والجمال في "وسط" إلهام شاهين.
الغريب أن المؤلف الذي يرفع شعار "الحق والخير والجمال" المقتبس من الفلسفات الغربية، يضطر إلى العرف المصري التقليدي، عندما تقول الأبلة، سهير البابلي، لبهجت الأباصيري، إذا لم تخنّي الذاكرة: ترضاها لأختك! أخوات بهجت الأباصيري يُغتصبن في السجون، أما طلبه من إبراهيم محلب فهو تقاسم السلطات: ما حدش يقرب مننا. سيبونا في حالنا.
"المعلم" في السجن بتهمة التخابر، والمشاغب محمود بانجو صار بطلاً مثل أحمد عرابي وسعد زغلول.. ، يا أمة ضحكت من حكوماتها الأمم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق