عمرو موسى.. «سبسي» مصر!
شريف عبدالغني
سنة جديدة سعيدة علينا كلها إشراق وفرحة وأمل و.. «مستقبل».«مصر أمامها آمال المستقبل وطموح الملايين»..
كلمة لعمرو موسى مهنئا «السيسي» عندما فاز برئاسة مصر.
«اليوم يبدأ الربيع التونسي ببناء مستقبل على أسس الديمقراطية والحرية»..
برقية من عمرو موسى، مهنئا «السبسي» برئاسة تونس.
رغم أن موسى قضى عقدا ونيفاً من عمره على رأس المكلمة العربية، المعروفة في أوراق المواليد الحكومية بجامعة الدول العربية، إلا أنه قال في التهاني المختصر المفيد. وعلى الرغم أيضا من أنه يحب «الرغي» في مؤتمراته الصحافية، لكنه لا يفضل «اللّت» وهو يخاطب مقام الرؤساء الذين يتحولون بمجرد تخطيهم عتبة قصر الجاه والصلوجان إلى زعماء. ليس أي رؤساء وأي زعماء، إنما من فازوا في انتخابات ديمقراطية.. نزيهة.. شفافة.. عفيفة.. شريفة.
«المستقبل» هي الكلمة المشتركة، في تهنئة عمرو موسى كروان الأمة وبلبلها وطاووسها، للرئيسين- الزعيمين المصري والتونسي. الكلمة طبيعية خاصة أن «السيسي» و «السبسي» واحد، لا يفصلهما سوى «نقطة».
المصريون من فصيلة «البلد دي عاوزة دكر يحكمها»، فرحوا وهيّصوا مع موسى لفوز «السبسي» ووصوله معززا مكرما إلى قصر قرطاج.
احتفلوا بهزيمة «حماس» الساحقة وفشلها في إنجاح «المرزوقي» بعد كل الأنفاق التي حفرتها من غزة السوداء إلى تونس الخضراء مرورا بمصر الرغداء وليبيا الجرداء، وأرسلت من خلالها رجالها ليصوتوا لليساري العتيد المتحالف مع «الإرهابيين» في حركة النهضة التي هي الفرع «الحمساوي» في شارع الحبيب بورقيبة!
المستقبل.. كلمة حلوة.. مريحة. تعطى إيحاء بالأمل. أغنية موسى المفضلة «الأمل لولاه عليّا كنت في حبك ضحية». يغنيها لكل حاكم وكل ذي جاه.
في مصرنا الفتاة بعد أن يخرطها خراّط البنات، يكون شُغلها الشاغل أن يتقدم لها عريس. يأتي لوالدها طالبا المحبة والرضا، وحاملا على يديه «c.v» أهم نقاطه أنه إنسان محترم ومسافر الخليج ويشبه حسين فهمي ويسمع عمرو دياب ويرتدي «كرافتة» مثل عمرو موسى ويقدس الحياة الزوجية وله «مستقبل».
موسى سياسي ماهر. محنك. رجل في قلب الضوء ويعشق الكاميرات ويموت في دباديب الفلاشات. لذا كلامه موزون. يقول الكلمة من هنا وتتحقق في التو واللحظة. تحدث في التهنئة الأولى عن «مصر المستقبل»، فجاءنا «المستقبل الطلق يختال ضاحكا.. علينا».
وتحدث في البرقية الثانية عن «الربيع التونسي»، لذا فسيأتينا الربيع والجو بديع، ولطيفة التونسية هتقفل على كل المواضيع.
موسى يعشق «المستقبل» من طفولته إلى شبابه وصولا إلى مرحلة نضجه الحالية.
زمان كان يجلس بجانب مبارك، وأمامهما على المسرح يغنون ويرقصون: «الله الله ع المستقبل باين في عيون كل ولادنا.. بجهودنا يا ناس هيكون أحسن والخير هيعم على بلادنا.. مصر الغالية يا أم الدنيا يا بلدنا يا مصر».
موسى كان يدندن، بينما مبارك يخبط برفق خبطته الشهيرة على فخذه طربا وهياما بالمستقبل الذي يصنعه للوطن.
لا تصدقوا أن المستقبل الذي أنتجه كان كارثة، وأن مصر بعد 30 سنة من حكمه وتحكمه أصبحت مرتعا للأمراض، ومستنقعا للفساد، وملعبا للجهل، وأرضا للوحل.
لا تصدقوا يا قوم. إنها شائعات أطلقتها القنوات إياها المهيجة للمشاعر، المعادية للاستقرار، المعارضة للازدهار.
انظروا للمصريين، ستجدون المستقبل فعلا باين في عيونهم وعيون كل أولادهم، كما قالت الأنشودة.
أما عن الخير الذي بشّرونا بأنه سيعم، فهو والحمد لله وفير في كل مكان في ربوع المحروسة. المصريون من كثرة الخير الذي عمّ أصبحوا لا يلاحقون عليه. الخير يطاردهم أينما يكونوا، وهم يطاردونه أينما حلّ. حتى في صناديق القمامة الخير فيها حتى القمة، يبحث عنه «نباشو الزبالة». البعض يبحث عن علب الصفيح لبيعها، والبعض يبحث عما هو موجود فيها من بقايا طعام ليصادره.
ربما لم يتحقق من تلك الأغنية التي غنتها فايزة أحمد -وهي بالمناسبة سورية ولم تترعرع في «حودن الوتن»– سوى أن مصر غالية وأم الدنيا. لكن موسى ببعد نظره وذكائه الجهنمي أرسل برقية التهنئة الأولى بعبارته المعبرة «مصر المستقبل» حتى تتحقق النبوءة الأخيرة لفايزة أحمد، وها نحن عشنا وشُفنا مصر وقد أصبحت غالية وأم الدنيا. ارتفاع الأسعار جعلها «غالية بحق وحقيق»، ولم تعد فقط أم الدنيا، بل صارت قد الدنيا.
لكن ما زاد من إعجابي بطاووس الأمة، هو البرقية الثانية الأسطورية لـ «السبسي».
موسى (80 سنة) يؤكد أن فوز السبسي (90 سنة)، بداية لـ «الربيع»، ثم يضيف -ولاحظوا العبارة-: «أدعو الجميع إلى النظر بتمعن إلى تجربة السبسي».
أظن -وبعض الظن ليس إثما- أن الرجل يحلم بتكرار التجربة التونسية في مصر. ليس هناك غيره يستطيع أن يكرر تلك التجربة الفريدة، أن يحصد الأغلبية البرلمانية وبعدها ينتظر أمرا انتخابيا رئاسيا كان مفعولا. الرجل فعلا بدأ نفس مشوار «السبسي». إنه يطرح نفسه هذه الأيام رمزا لديمقراطية مصر الجديدة.
يقود تحالفا سياسيا للحصول على أغلبية برلمانية في انتخابات سيحضرها ويصوّت فيها وعليها الشعب الثائر التواق للديمقراطية التي وأدها العهد البائد لسجناء ليمان طرة من «الإرهابيين والإرهابيات»، الأحياء منهم والأموات.
موسى في برقيته التاريخية للسبسي لخّص الحكاية: «قلتها في يناير 2011، وأقولها مرة أخرى اليوم: ثورة تونس ليست بعيدة عن مصر، وانتخابات تونس أيضا ليست بعيدة عن انتخاباتنا، وأدعو الجميع إلى النظر بتمعن إلى تجربة السبسي».
ولأن كل ما يقوله يتحقق فإنه أمامنا 10 سنوات فقط ونرى عمرو موسى رئيسا للمحروسة.
وبذلك يتحقق حلم المصريين بـ.. تمكين الشباب!!
• shrief.abdelghany@gmail.com
@shrief_ghany
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق