الأحد، 28 ديسمبر 2014

"الحاجة" وتلاثين "واحد"

"الحاجة" وتلاثين "واحد"

2 014-12-28


37 شهيد..37 روح..37 إنسان آدمي .. 37 قصة حياة ومستقبل وعائلة وطموح .. اسمهم عند العسكر الانقلابي المصري "الحاجة" وتلاثين "واحد"، كما جاء في التسريب الأخير الذي بثته قناة الشرق.
لا أتحدث عن ضياع القانون والحق والقضاء، فمن كان يعتقد أننا أسسنا دولا بعد الحقبة الاستعمارية فهو واهم، ومن كان يظن أننا نعيش في وطن، فهو يحلم، هي مزارع يحكمها إقطاعيون تحت الوصاية الأجنبية وترعى فيها كتل بشرية أطلق عليهم اسم "شعب" مجازا.
الأهم في كل هذا هو نظرة العسكر، وكل حاكم فعلي وعصابة مهيمنة، لهذا "الشعب"، فهو ليس أكثر من عبء، تافه، بطون، صداع مزمن، شيء تعافه النفس، بلوى وكلفة على مولاه.الحاجة" وتلاثين "واحد"، ليس وصفا أو تعبيرا عفويا، وإنما هي خلاصة نظرة العسكر الانقلابي، وكل حاكم وعصابة متغلبة، لضحايا بطشهم وطغيانهم وجرائمهم.
المفروض أنهم في عداد الموتى من زمان، فقد طال بقاؤهم وحانت ساعتهم، كما قال أحد الضباط المحققين لصحفي معارض أمسكوا به: أمثالك قتلوا من زمان.
ولهذا يقتل العسكر الآلاف ولا يبالون، وكما قال الجنرال نزار، رأس الانقلابيين في الجزائر: وماذا يعني قتل الآلاف وحتى الملايين التي صوتت وانتخبت جبهة الإنقاذ، لا شيء. لغة الإبادة لا تكاد تغادر قاموسهم.
المنطق الانقلابي التسلطي واحد، افتضحوا فاصطلحوا: كل ما ومن حولهم تحت تصرفهم، وكل ما يراه الناس دولة ومؤسسات ورموزا وطنية وهياكل لا قيمة له، وكل شيء يصغر أمام مكالمة السادة الأوصياء على البلد، مكالمة هاتفية واحدة تُحول هذا الصنم ـــ الدولة التي صدعوا بها رؤوسنا لعقود إلى ركام وحطام وغبار، هي والعدم سواء، هي ملكهم وهم من اختاروا رؤوسها وصنعوا لها هالة دعائية.
ليس ثمة شيء اسمه مؤسسات قائمة، هي أشياء يتصرفون فيها كملكية خاصة، فالدولة دولتهم والحكم حكمهم والقوانين قوانينهم والقضاة قضاتهم والشرطة والجيش لحمايتهم والإعلام صنيعتهم، والشعب "ولاحاجة" لا يملك من أمره شيء.
نظرة احتقار وازدراء واستعلاء، فكيف يمكن التفاوض مع هذه الطينة؟ وهل من صيغة ترضيهم لـ"تقاسم" الحكم معهم تحت سقف واحد، كما يطالب البعض، وهم لا يرون الأهلية في غيرهم ولا يقنعون بأقل من الهيمنة والاحتكار.
هل سيقبلون يوما ما، وعن طواعية، التنازل عما يرونه ملكا خاصا، وحتى بعضه فضلا عن كله، لأمثال )"الحاجة" وتلاثين "واحد"(؟
أقاموا دولة وأخضعوها لأهوائهم ثم حطموها وأهانوها وخربوها بأيديهم، المهم، بالنسبة إليهم أن أمثال )"الحاجة" وتلاثين "واحد"( لا ينازعونهم في هذه الملكية حتى وهي مفككة نخرها الفساد وصارت هيكلا بلا روح.
والحر عندهم "واحد" متمرد لا يستحق الحياة، فمن لم يهنأ بعيش الزريبة فليس له إلا القفص أو الحرق والدفن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق