كلُّ شىء مباح.. إلا الإسلام..!!
بقلم: د.محمد عباسيصيبنى الذهول يا قراء عندما أستعرض موقف أولئك الأشرار الرافضين للخلافة الإسلامية برغم علمهم أن هناك إجماع بين فقهاء الإسلام على إن أهم أساس من أسس الإسلام بعد العقيدة هو الخلافة الإسلامية.
يصيبنى الذهول..
ليس لديهم بديل غيرها يطرحونه، ولا نظام آخر اتفقوا عليه.. وهم.. من شيوعيين إلى قوميين إلى علمانيين إلى مستغربين إلى حداثيين إلى العرب الصهاينة إلى العرب الأمريكان إلى بقايا العرب الروس إلى عبدة الشيطان لا يكاد يجمعهم شىء سوى رفض الخلافة كمظهر من أقوى و أهم مظاهر الإسلام، ليس ولاء لشىء غير الإسلام فلا ولاء لهم.. وقد تنقلوا بين الشرق والغرب والشمال تنقل جوارٍ بين أسياد.. فكلما ملكهن سيد جديد منحنه كل ولائهن.. فالولاء لمن دفع الثمن..
نعم.. لا يتخذون هذا الموقف لأن لديهم ما يقدمونه بل عداء للإسلام والمسلمين..
وهم على شذوذهم، على مستوى الواقع كما فى عبدة الشيطان، وعلى مستوى لا يقل بشاعة عن الواقع فى الفئات الأخرى، يحملون قدرا مذهلا من الكراهية لكل ما هو إسلامى، كراهية وثنية أو صليبية أو يهودية ، ككراهية الشيطان للمؤمنين.
كراهية تجعل هدفهم النهائى استئصال شأفة كل ما هو إسلامى كما استأصل الغزاة البيض شأفة الهنود الحمر.
كراهية تنفجر من أفواههم وأقلامهم ضد كل مسلم و ظاهرة إسلامية، إذا كانت هذه الظاهرة مبحث الخلافة استحالت هذه الكراهية إلى جنون غاضب وغضب مجنون.
الغريب أنهم يتفاخرون ويتطاولون عندما يحكمون علينا بفسادهم وبشذوذهم، أما نحن فلست أدرى ما يمنعنا من الحكم عليهم بديننا، حتى ليصدق فينا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيح عن حذيفة بن اليمان ـ رضي الله عنه ـ فيما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قبض الأمانة : " حتى يُقال للرجل : ما أجلدَه ! ما أظرفَه ! ما أعقلَه! وما في قلبه مثقال حبةٍ من خردل من إيمان " (البخاري.)
الدكتور فؤاد زكريا ، واحد من غلاة العلمانيين الذين يرفضون ويسخرون من فكرة الخلافة، ( ما أجلده ما أعقله !!)..
وكان قد أصيب بضربة قاصمة زلزلت قيادته الفكرية للعلمانيين بعد هزيمته هزيمة ساحقة فى مناظرة مع سلطان العلماء لا عالم السلاطين فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوى الذى أورد تفاصيلها فى كتاب من أخطر و أهم كتبه هو كتاب " العلمانية"، وسوف نعود إلى هذا الكتاب إن شاء الله فى مقال آخر.
الدكتور فؤاد زكريا هذا يعترف ويقول:
( أنها- يعني الأحزاب العلمانية في الوطن العربي - لا تكون مشروعا للنهضة وإنما تشترك في رفض المشروع الذي تقدمه الحركة الإسلامية المعاصرة ، والفرق بين التيار الإسلامي المعاصر والاتجاه العلماني الذي يتصدى له ليس تضادا بين مشروعين وإنما هناك مشروع إسلامي من ناحية ومحاولات دفاعية لنقد هذا المشروع وبيان نقاط الضعف فيه من ناحية أخرى ، وهو ليس تضادا بين أيديولوجيتين ، لأن هناك من جهة أيديولوجية إسلامية وتختلف تياراتها في بعض التفاصيل ولكن الاتجاه العام والاستراتيجية البعيدة متقاربة ، وهناك من جهة أخرى مجموعة من الأيديولوجيات الشديدة التباين التي لا يجمع بينها سوى رفض الحل السياسي الذي يقترحه التيار الإسلامي ) .
هؤلاء العلمانيون الرافضون لحكم الإسلام لا يملكون إذن وجهة نظر مغايرة.. ولم يجتمعوا إلا على رفض منهج الحكم الإسلامى..
وفى سبيلهم لذلك تورطوا فى تأييد أشد أنظمة الحكم سوءا وبطشا وفسادا.. بل وانقلبوا حتى على ما ينادى معظمهم به من الأخذ بديموقراطية الغرب كمنهج، عندما أسفرت الانتخابات عن فوز المسلمين بالأغلبية الساحقة كما حدث فى الجزائر، وسقط مئات الآلاف من الضحايا دون أن يحرك ذلك فيهم شعرة أو ينتفض فيهم ضمير كذلك الذى انتفض زورا وغشا وخداعا أمام صورة مزورة لطائر بحرى جلبوه من مياه بحر الشمال وألقوه فى الخليج كى يتهموا العراق بقتله..!!..
انتفضوا لواقعة الطير المزورة ولم ينتفضوا لمصرع مئات لآلاف..
ولم يرتفع من أصواتهم الجهورية صوت يندد بتزوير الانتخابات ضد المسلمين فى بلاد أخرى.. ولا بإهدار حقوقهم .. واعتقالهم وتعذيبهم .. وقارنوا يا قراء بين موقفهم من عبدة الشيطان ( حيث كل الرحمة والحفاظ على حقوق الإنسان والتماس المعاذير وعدم نشر الأسماء تجنبا للفضيحة ) وبين موقفهم من ضحايا المسلمين.. الذين يعبدون الله لا يشركون به شيئا.. قارنوا بين موقفهم من نصر حامد أبو زيد (ثلاثة تقارير من الأزهر و أحكام نهائية متعددة توجها حكم محكمة النقض تقضى جميعها بإنكاره ما هو معلوم من الدين بالضرورة) .. وموقفهم من الشهيد سيد قطب أو من الأسير عمر عبد الرحمن..
هؤلاء العلمانيون يزايدون حتى على أسيادهم فى الغرب فى كراهية الإسلام وحكمه، حتى أن علمانية الغرب تسمح للمسلمين فيه بحقوق تتجاوز بكثير تلك المسموح بها فى بلاد المسلمين!!.
فى مثل هؤلاء العلمانيين الأشرار يقول فضيلة الشيخ محمد الغزالى رضى الله عنه فى كتابه " ظلام من الغرب":
" هناك مستشرقون مصريون ولدوا فى بلادنا هذه ، ولكن عقولهم وقلوبهم تربت فى الغرب ونمت أعوادهم مائلة إليه ، فهم أبدا تبع لما جاء به..!
إنهم من جلدتنا ، ويتكلمون بألسنتنا بيد أنهم خطر على كياننا.. لأنهم كفار بالعروبة والإسلام ، أعوان - عن اقتناع أو مصلحة - للحرب الباردة التى يشنها الاستعمار علينا ، بعد الحرب التى مزق بها أمتنا الكبيرة خلال قرن مضى . . .
وهم سفراء فوق العادة لإنجلترا ، وفرنسا ، وأمريكا أو دول التصريح الثلاثى الذى خلق إسرائيل وحماها .والفرق بينهم وبين السفراء الرسميين أن هؤلاء لهم تقاليد تفرض عليهم الصمت ، وتصبغ حركاتهم بالأدب .أما أولئك المستشرقون السفراء فوظيفتهم الأولى أن يثرثروا فى الصحف وفى المجالس ، وأن يختلقوا كل يوم مشكلة موهومة ليسقطوا من بناء الإسلام لبنة، وليذهبوا بجزء من مهابته فى النفوس . . .وبذلك يحققون الغاية الكبرى من الزحف المشترك الذى تكاتفت فيه : الشيوعية و الصهيونية و الصليبية فى العصر الحديث..!
التحرير الكامل أن نجلى هذا الصنف من المستشرقين عن الحياة العامة كما أجلينا عن ضفاف القناة جيوش إنجلترا ، وكما سنجلى عصابات اليهود عن أرض فلسطين - بعون الحق - جل شانه ...! "إن هذا النفر من حملة الأقلام الملوثة أخطر على مستقبلنا من الأعداء السافرين ، فإن النفاق الذى برعوا فيه يخدع الأغرار بالأخذ عنهم . .وقد يقولون كلمات من الحق تمهيدا لألف كلمة من الباطل تجىء عقيبها . فلنحذر هذا العدو المقنع ولنؤمن طريق نهضتنا بتجلية هذا الظلام الوافد من الغرب "
***
ولو أن الأمر قد اقتصر على هؤلاء لهان.. لكن الكارثة التى تدفع بنا للهاوية هو ذلك الحلف غير المقدس بين السلطة الباطشة وهذا النوع من أعداء الله، خاصة وأن الأمة قد مكثت فترة طويلة جدا قبل أن يكتشف بعضها طبيعة هذا التحالف الذى لم يجعهم فيه إلا كراهية الإسلام وأهله. . تحالف خفىّ كتحالف العملاء والجواسيس مع عدو.. إن السياسة بأدواتها الغليظة المباشرة سرعان ما تكشف نفسها.. ولقد قام هؤلاء حتى وهم يمثلون زورا وخداعا أدوار المعارضة بدور أساسى فى التعمية على الأمة..
إن الصحوة الإسلامية التى يحاول الغرب إجهاضها بكل قوة لإدراكه خطورتها عليه، هى فى الواقع أشد خطرا على هؤلاء و أولئك من خطورتها على الغرب.
يقول الشهيد عبد القادر عودة فى حديثه عن الخلافة:
" وهكذا تضافر الحكام المسلمون وبعض الفقهاء المسلمين - وكلا الفريقين أمين على مصالح الأمة - تضافروا جميعا على خيانة الأمة الإسلامية ، وسلبها حقوقها التى فرضها الإسلام ، فالإسلام يعطى للامة حق اختيار حكامها وعزلهم ، وجعلهم بمثابة النواب عنها ، ولكن الحكام وبعض الفقهاء تآمروا على الأمة الإسلامية فسلبوها كل حقوقها ، وجعلوا من أفرادها عبيدا ومن الحكام سادة يأمرون فلا يرد لهم أمر ويتصرفون فى حقوق الأمة ومستقبلها وأرواح أبنائها دون حسيب ولا رقيب . وقد شارك فى هذه الخيانة جماهير المسلمين بسكوتهم على الباطل ، ولرضاء بعضهم به ، وبعدم ثورتهم عليه ، فتمت بذلك المؤامرة الكبرى التى أوشكت أن تقضى على الإسلام ، والتى عطلت سيره وأوقفت اندفاعه من مئات السنين ، وخان المسلمون جميعهم - عن جهل أو عمد- الأمانة التى عرضت على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وتعرض لحملها الإنسان على ما فيه من جهل وظلم (..) خان المسلمون أمانة خلافة الله فى الأرض وكفروا بأنعمه عليهم فلم يقيموا أمر الله فيما بينهم ولم يهتدوا بهديه ولم ينتهوا عن نهيه (..) وخانوا أمانة الاستخلاف فى الحكم بعد أن مكن الله لهم ، فلم يقيموا الصلاة ولم يؤتوا الزكاة ولم يأمروا بمعروف ولم ينهوا عن منكر(..) وارتكب المسلمون حكاما ومحكومين هذه الخيانات وقد نهاهم الله عن خيانة الأمانات وحذرهم منها(..).. فجزاهم الله المهانة فى الأرض ، وسلط عليهم أعداءهم يملكون بلادهم ، ويتقاسمون أوطانهم ، ويحولون بينهم وبين نعيم الحياة ونعمة الكرامة والحرية . ولقد انتهى هذا كله إلى أسوأ النهايات ، فقد فسدت أداة الحكم فى الدولة الإسلامية وتحولت عن غايتها التى رسمها الإسلام ، وأصبحت مهمة الحكام أن يحكموا فى حدود الهوى والمنفعة ، وابتغاء الاستعلاء والسيطرة أو ابتغاء رضا المستعمرين ، بعد أن كان واجبهم الأول أن يحكموا فى حدود الإسلام ابتغاء مصلحة الجماعة وابتغاء وجه الله . وحينما انفلت الحكام من حدود الدين انقلبت الموازين فى أيديهم واختلطت الأوضاع عليهم ، فهم لا يميزون الطيب من الخبيث ولا يعرفون الحق من الباطل ولا يفرقون بين الضار والنافع ، لأنهم يتبعون أهواءهم ، ويتخذون منها آلهة (..) وترتب على فساد الحكم وخروج الحكام على حدود الدين أن ابتعد الناس عن الدين ، وفسدت الأخلاق ، وشاعت الفاحشة ، وضعف المسلمون ، وتصدعت وحدتهم ، وتعددت أحزابهم واتجاهاتهم ، بما اتبعوا من أهوائهم ، حتى أصبحت الفوضى شعارهم ، والتفرق الذي نهوا عنه يميزهم عن غيرهم ، وحتى انتهوا إلى ما هم فيه من الاستعباد والذلة ، يستعبدهم المستذلون ويغلبهم على أمرهم المشردون المغلولون . "
***
خان المثقفون وفقهاء السلطان دورهم..وأصبحت المشكلة أصعب..
فبدلا من أن ترسم الثقافة للسياسة المعايير والقيم والمثل الأعلى، راحت السياسة، ويا ليتها سياسة سوية، ترسم للثقافة معاييرها ومثلها وقيمها الدنيا .
ولعل دستويفسكى كان يصف أمثالهم حين قال "إذا لم يكن الله موجودا . . . فكل شىء مباح"..
نعم.. هؤلاء الذين كفروا بالله كفر ربوبية أو كفر ألوهية أو كفر أسماء وصفات.. كل شىء عندهم مباح .. إلا الإسلام..!!
تاريخ النشر: 2014-12-26
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق