الاثنين، 22 ديسمبر 2014

صـراع عباس دحلان إذ يحتدم أكثر فأكثر

صـراع عباس دحلان إذ يحتدم أكثر فأكثر

ياسر الزعاترة


استيقظ أهالي قطاع غزة يوم الخميس الماضي على لافتات كبيرة رفعت في بعض المناطق عليها صور كبيرة لمحمود عباس، وقد كتب عليها «كفى .. رمز الانقسام والطغيان والخنوع»..وأخرى «آن أوان التصدي لعباس وزمرته»، والعبارة الأخيرة لمحمد دحلان كانت جزءا من الرد على إحالته للمحاكمة من جديد، وفي كلا اليافطتين عبارة تقول: «ترقبوا ترقبوا ترقبوا .. الحدث الفتحاوي الكبير بتاريخ 15/5/2015».
اليافطات المذكورة تزامنت مع دعوات من قبل تيار دحلان للتظاهر في نفس اليوم الخميس ضد عباس، وهو ما ردت عليه فتح (الرسمية) من خلال بيان قالت فيه، إن 
«الدعوات التي وجهت إلى أهلنا في قطاع غزة للتجمع الخميس في ساحة الجندي المجهول في غزة هي دعوات مشبوهة، هدفها بث الفرقة وتمزيق الصف الفلسطيني». وأضاف البيان، «تطل علينا فئة ضالة لتوجه دعوات مشبوهة، لتقدم خدمة مجانية لدولة الاحتلال ولأصحاب المصلحة في إدامة الانقسام، مستغلين معاناة أهلنا في القطاع».
خرجت مسيرات التأييد لدحلان والهجاء لعباس، وكانت كبيرة، فيما سكتت عنها حماس أملا في الضغط على عباس الذي يشارك في حصار القطاع ورفض إعماره، مع أن دحلان جزء من اللعبة أيضا، وهي تدرك ذلك.
وكان عباس اتخذ قرارات بوقف رواتب العشرات من الكوادر المؤيدين لدحلان، الأمر الذي رد عليه سمير مشهراوي (المفصول من المجلس الثوري للحركة مع دحلان) بالقول، إن «قرارات الفصل التعسفية التي عبرت عن جبن وارتباك متخذيها، لن تفت في عضدنا، ولن ترهب الرجال، ولن تجعلهم عبيدا لكم ولأجنداتكم المشبوهة التي تهدف لتركيع غزة وإذلالها، ودفن صوتها الحر الذي يقض مضاجع الحاقدين»، واعدا بوضع «الحلول الكفيلة بتعويض فرسان غزة الذين اعتدى عباس وزمرته على أرزاقهم وقوت عيالهم».
تشير هذه المعركة الدائرة بين القطبين الفتحاويين إلى أزمة فتحاوية وفلسطينية في آن، فمن زاوية فتح يبدو المشهد مفتوحا على الاحتمالات في ضوء التقدم الذي يحرزه دحلان داخل أوساط الحركة في الداخل (معظم غزة)، بل وحتى في الشتات، والذي يبقيه مرشحا لرئاسة الحركة رغم كل محاولات عباس لإبعاده.
 ولا شك أن هذا التصاعد في الحرب له صلة بالمؤتمر السابع لحركة فتح الذي يفترض أن يعقد مطلع العام الجديد.
وإذا تذكرنا أن العامل العربي والإسرائيلي والدولي ربما كان يوازي العامل الفلسطيني (أحيانا يتفوق مع الأسف) في تحديد وضع القيادة الفلسطينية، بخاصة قيادة السلطة، فإن احتمال أن يرث دحلان عباس يبدو واردا؛ ربما ليس في حياته، بل بعد ذلك، أو في حالة العجز عن القيام بالمهمات، حتى لو قيل إن نفوذه في الضفة الغربية محدود.
وفيما خصّ الوضع الفلسطيني تبدو الأزمة مركزة في أن الخيار السياسي للطرفين لا يبدو مختلفا، إذ أن كليهما يغازلان الوضع المصري الجديد، ومن ورائه الوضع العربي الذي لا يبدو في وارد الاشتباك مع العدو في هذه المرحلة.
حتى في ملف قطاع غزة، من الصعب القول إن أيا من الطرفين يذهب في غير اتجاه الآخر من حيث نوايا نزع سلاح المقاومة على نحو من الأنحاء، بل إن مسألة إعادة الإعمار تبدو في ذات السياق أيضا، وإن كان هناك بعض التفاصيل المختلفة بين الطرفين. 
وعموما ما دام أن كليهما يبحثان عن الرضا المصري، فمن الطبيعي أن لا يختلفا كثيرا حول الأجندة المتعلقة بقطاع غزة.
لا شك أن حركة حماس في أزمة بسبب تداعيات الحرب الأخيرة على القطاع، وبؤس الوضع العربي والعداء الذي يحاصرها عربيا، لكن الأزمة الأكبر للقضية الفلسطينية هي أزمة حركة فتح وخياراتها السياسية، وإذا بقيت تدور بين هذين الشخصين، فإن الوضع سيذهب نحو مزيد من البؤس لأن كلا منهما سيبحث عن رضا الاحتلال أكثر من أي شيء آخر.
أما حكاية مجلس الأمن والمؤسسات الدولية، فهي تُستخدم لتكريس الوضع الراهن، أكثر من كونها مسارا مقنعا لتحقيق الهدف المتواضع (22 في المئة من فلسطين). وإلا، فهل ثمة عاقل يمكن أن يقتنع بأن هذا المسار يمكن أن يأتي بدولة فلسطينية كاملة السيادة على أراضي 67، بما فيها القدس الشرقية وعودة اللاجئين؟!
يبدو أن تيه القضية سيظل مرتبطا بتيه الوضع العربي ما لم يجترح الشعب الفلسطيني معجزة جديدة، ويطلق انتفاضة شاملة في كل الأرض الفلسطينية توحِّد أبناءه خلف مسار يعيد للقضية ألقها، وربما أسهم في تشكيل رافعة للوضع العربي أيضا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق