الاثنين، 22 ديسمبر 2014

طلعت رميح يكشف حقيقة حرب النفط وتداعياته في حوار حصري (2)


طلعت رميح يكشف حقيقة حرب النفط وتداعياته في حوار حصري (2)


حوار: صلاح عبدالرحمن
قال طلعت رميح الخبير الإستراتيجي: إن حرب النفط الحالية لا يجب النظر لها على أنها حرب روسية أمريكية.. هذا تبسيط مخل لهذا الأمر.. هذه الحرب الاقتصادية تعكس حالة من الوضع الدولي وتوازناته.

وإلى نص الحوار:
مفكرة الإسلام : أين تقع حرب النفط الحالية في حالة الصراع القائمة بين الولايات المتحدة وحلفائها وروسيا وإيران؟
رميح: هذه ليست حالة استثنائية؛ فهناك العديد من الحروب الاقتصادية التي جرت بين الدول الكبرى، مثل ما حدث بين بريطانيا وفرنسا من حرب اقتصادية استمرت عشرين عامًا.
كما أن جزءًا من الحروب الاقتصادية جرت على خطوط الاتصال بين الدول، وقناة السويس كانت جزءًا من هذه الحرب الاقتصادية، وبالتالي العالم شهد مثل هذه الحروب من قبل.
والعرب مارسوا حربًا اقتصادية بالنفط في عام 1973، وبالتالي يجب أن نرى أن هذا ليس نمطًا جديدًا أو مستحدثًا في الصراع الدولي، وكم من المرات التي جرى فيها تخفيض سعر النفط.
وحرب النفط الحالية لا يجب النظر لها على أنها حرب روسية أمريكية، هذا تبسيط مخل لهذا الأمر.. هذه الحرب الاقتصادية تعكس حالة من الوضع الدولي وتوازناته.

مفكرة الإسلام : وأين دور الخليج في هذه الحرب؟
رميح:في الحرب الحالية على أسعار النفط أرى أن الخليج يدخل هذا الصراع ويلعب من أجل مصالحه، وليس من أجل مصالح الولايات المتحدة.
فالخليج الآن ودول أخرى عندما أصرت على استمرار إغراق الأسواق بالنفط رغم تدني الأسعار هو يضرب الإستراتيجية الأمريكية القائمة على استخراج النفط الصخري.
وهي ستتأثر بهذه الضربة بلا شك؛ لأن النفط الصخري لم يصعد الاهتمام به إلا بسبب ارتفاع أسعار النفط، وعند مستوى معين سيصبح من المستحيل استخراج هذا النفط ولن تقدر الولايات المتحدة وكندا على الاستمرار في الاستثمار في النفط الصخري.
وبالتالي يجب فهم هذه الحرب الاقتصادية في إطار الواقع الجديد، والذي ليس عالمًا ثنائي القطبية، وعلى الدول العربية أن تفكر في الصراع الدولي وواقعه وتتخلص من المفاهيم القديمة.

مفكرة الإسلام : وعلى غرار الحرب الاقتصادية؛ هل نشهد حربًا دينية في ظل سعي "إسرائيل" لتكوين وطن قومي لليهود فقط لا يستوعب غيرهم؟
رميح: لديَّ ملاحظات على فكرة الحرب الدينية؛ لأن الجيوش والاستراتيجيات وتحديد العقائد القتالية ترتبط بالهوية والدولة وتحديد أعداء الدولة، وهذا يدخل فيها ما هو ديني وما هو ثقافي وما هو اقتصادي.
وبالتالي ففكرة الحرب الدينية يمكن استخدامها في التعبير عن بعض الجماعات التي يعتبرها البعض نموذجًا ما في تحديد إستراتيجيتها.
وبالنسبة لإيران التي يعتبرها البعض نموذجًا لدولة شيعية في تحديد إستراتيجيتها، هذا كلام غير دقيق، فهي دولة براجماتية في دفاعها عن مصالحها ونفوذها في الإقليم، وإيران ليست حالة شيعية طائفية فقط، بل حالة تسعى لتحقيق مصالحها.

مفكرة الإسلام : يرى البعض أن الصراع العربي ـ "الإسرائيلي" جرى تهميشه بعد أن كان لعقود هو الصراع الأساسي للدول العربية. كيف ترى ذلك؟
رميح: منذ حرب الخليج انقسم الصراع العربي ـ "الإسرائيلي" إلى صراع في قلب المنطقة العربية وصراع في الأطراف... فمنذ حرب 48 ومرورًا بحرب 67 وحرب أكتوبر ثم الحرب العراقية والإيرانية وحرب الخليج ثم غزو أفغانستان والعراق.. انتقلت الحرب إلى مناطق جديدة.
وأتصور أن المرحلة المقبلة ستعتمد الصراعات على التحالفات الأمريكية ـ الإيرانية المتصاعدة، وأيضًا التحالف الذي تسعى الولايات المتحدة إلى إبرامه بين "إسرائيل" وبعض الدول في الإقليم والتي لم تكن معها علاقات.
ومستقبل الصراع المقبل سيعتمد على قدرة الدول العربية على ترميم أوضاعها الداخلية.
وفي وسط هذه التحالفات تسعى "إسرائيل" إلى نقل الصراع إلى منطقة استراتيجية وهي إنهاء حل الدولتين والقضية الفلسطينية بسيطرتها على كل الأراضي الفلسطينية، وهذا هو المضمون الحقيقي لفكرة وطن قومي لليهود والتي هي فكرة توراتية، وهي تسعى إلى ضم دول أخر داخل المشروع الصهيوني، وهنا نحن نعود إلى فكرة "إسرائيل من النيل إلى الفرات".

مفكرة الإسلام : وكيف ترى مستقبل الصراع في سوريا الذي يؤثر بدوره على "إسرائيل"؟
رميح:سوريا تحتاج إلى رؤية، هناك تمترس عند فكرتين هي التمرس عند بقاء بشار الأسد ونظامه أو الإطاحة ببشار الأسد ونظامه تسبغ طبيعة الواقع العربي، وكلا الطريقين لن يصلا إلى حل، على الرغم من أن الوضع في سوريا يؤكد أن نظام بشار قد انتهى على الأرض بالفعل.
وفي الواقع على ماذا يسيطر الأسد؟ على الأرض في ظل سيطرة داعش على أربعين في المائة من سوريا والمعارضة الأخرى تسيطر على مساحات أخرى؟
ولذا فحالة الدفاع عن الأسد أو الإطاحة به تطيل حالة القتال داخل سوريا، والأوضاع على الأرض وفي المنطقة يشيران إلى أن كلًّا الطرفين لا يمكنه تحقيق نصر صفري على الأرض.
وهناك دول عربية تدخل كمبادر لحل وحسم هذا الصراع من أجل إعادة سوريا وتقليل الخسائر ولملمة الجراح، ولكن الإصرار على وجود بشار لن يؤدي إلا إلى إدامة الصراع ومزيد من الخسائر.
وإقصاء المالكي بعد أن كان متمسكًا بالسلطة يمكن أن تكون تجربة للإطاحة بالأسد، وبشار في النهاية فعل ما فعله المالكي سواء في بلده أو على المستوى الإقليمي، وداعش سيطرت على مساحات في العراق وسوريا في ظل حكم المالكي وبشار.

مفكرة الإسلام : بخصوص داعش؛ كيف ترى الحرب الأمريكية على هذا التنظيم؟
رميح: في البداية كل التنظيمات التي تنشأ على أساس دولي هي ظواهر معرضة للاختراق بطبيعتها؛ لأنها تبدأ ضعيفة، ثم تقوى وتنتقل إلى أرض جديدة، وبالتالي هي معرضة للاختراق.
وهذا يختلف عن الدول التي لها أساليبها في التوسع والوصول إلى أراض جديدة، والسؤال ليس عمن هي داعش بل عن السبب في ظهور مثل هذه التنظيمات؟ السبب يرجع ـ برأيي ـ إلى الولايات المتحدة التي قامت بتحطيم أفغانستان والعراق، وهنا يجب الحديث عن استعادة الأوضاع في هذه الدول..
فداعش والولايات المتحدة والدور الإيراني جزء من المشكلة، وكذلك الدول العربية التي لم تحافظ على كياناتها ولم ترسم استراتيجيات تجمعها في مواجهة التغييرات الحادثة في الإقليم والعالم، وبالتالي فتحت مساحة واسعة للصراع ومساحة من السيولة دخلت فيها الاختراقات والمصالح لتحقق نفوذًا على أرض الدول العربية.

 الجزء الأول من الحوار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق