الأربعاء، 11 مارس 2015

متى تتحرر أمريكا من الهيمنة الإسرائيلية؟


متى تتحرر أمريكا من الهيمنة الإسرائيلية؟

بقلم: فيليب جيرالدي 
سياسي أمريكي

كنت مستشارا للسياسة الخارجية لرون بول في عام 2008 وأعتبر نفسي محافظا سياسيا. أحترم حقيقة أن الدول يجب أن تراعي مصالحها، ولكن بسبب تجربتي الشخصية في العيش والعمل في الخارج لسنوات عديدة، أدركت أن الولايات المتحدة هي حالة شاذة في ذلك.

لقد كان هذا صحيحا، وخصوصا خلال السنوات الأربع عشرة الماضية، مع الغزوات والتدخلات والاغتيالات المستهدفة بعد أن أصبح الشكل المفضل في الخطاب الدولي بالنسبة لواشنطن.

الكثيرون يتفقون معي حول هذه الملاحظة، ولكن قلة منهم يعترف بدور العلاقة الخاصة مع إسرائيل في تشكيل ما أصبحت عليه أمريكا. بصراحة تامة، فإن العلاقة غير المتوازنة من حيث تفضيل المصالح الإسرائيلية ينظر إليها، فضلا عن كونها كارثية بالنسبة للمعاناة الطويلة للفلسطينيين، فإنها سيئة للغاية بالنسبة للولايات المتحدة لأنها تضر بصورة أمريكا في جميع أنحاء العالم..

أود أولا تناول شعار كثيرا ما يتكرر، وهو أن إسرائيل هي أفضل صديق لأميركا أو أقرب حليف، كما لو أنها القضية الأساس التي كثيرا ما تستخدم لتبرير سلوك غير مفهوم. وبصرف النظر عن كونه المستفيد من أكثر من 3 مليارات دولار سنويا من أموال دافعي الضرائب الولايات المتحدة، فإن إسرائيل ليست حليفا ولم تكن كذلك أبدا.

ليس هناك تحالف من أي نوع مع إسرائيل، وهذا راجع، في جزء منه، لأن إسرائيل لديها حدود تحركت شرقا على مدى السنوات الخمسين الماضية بالاستيلاء على الأراضي الفلسطينية. ومن دون حدود معترف بها دوليا، فمن المستحيل تحديد العلاقة بين البلدين. كما إن إسرائيل ليست ذات قيمة إستراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة، ولهذا فإن الحديث عن تحالف، والذي يفترض المعاملة بالمثل، أمر مثير للسخرية.

ولكن هذا لا يعني أن إسرائيل لا تتفاعل مع واشنطن. فالميل لاستخدام القوة كخيار أول في التفاعلات الدولية ربما يرجع ذلك إلى أن واشنطن نفسها تقلد تل أبيب أو العكس..

الحماية الأميركية لإسرائيل في الهيئات الدولية مثل الأمم المتحدة هي وصمة عار، مما يجعل الولايات المتحدة، بحكم الأمر الواقع، متواطئة في الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي، ويشمل هذا التوسع في المستوطنات وكذلك جرائم حربها.

في عهد بيل كلينتون، اعتمدت إن الولايات المتحدة، أكثر أو أقل، على الأنموذج الإسرائيلي في التعامل مع الإرهاب، الذي يتأسس على العدوان الساحق بلا أي مفاوضات حقيقية. وكان دعم واشنطن غير المحدود لإسرائيل، سياسيا وعسكريا، عاملا رئيسا في تحفيز مرتكبي هجمات 9/11.

التماطل مع إسرائيل غالبا ما ينتج عنه سياسات الولايات المتحدة عبثية ومدمرة للغاية لمصالح أخرى. وقد وصفت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس الدمار الإسرائيلي للبنان في عام 2006 الذي قتل فيه نحو 1000 من المدنيين ودمر أكثر من 2 مليار دولار خسائر في البنية التحتية بأنه "مخاض ولادة شرق أوسط جديد"..

يمكن للمرء الاستنتاج أن إسرائيل ليست حليفا ولا حتى صديق. ذلك أنها نفذت عمليات تجسس واسعة النطاق داخل الولايات المتحدة لتشمل المئات من الطلاب. وتوصف إسرائيل، بشكل منتظم، من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي باعتبارها دولة صديقة الأكثر نشاطا في تدبير عمليات التجسس ضد الولايات المتحدة.

ويُرسل الجواسيس الإسرائيليون إلى بلدهم بلا أي ضجيج، والأميركيون الذين تجسسوا لإسرائيل نادرا ما يتم محاكمتهم..

كما إن إسرائيل لها يد في ما يجري داخل الولايات المتحدة. والعديد من الشركات التي تحصل على عقود لتقديم الخدمات الأمنية في مختلف الولايات الأمريكية هي إسرائيلية.

أمن المطار تحتكره عمليا إسرائيلي. ويزداد عدد ضباط الشرطة الأمريكيين يستخدمون المنح الحكومية الاتحادية للسفر إلى إسرائيل للتدريب بناء على التجربة الإسرائيلية مع الفلسطينيين. وقد قد الإسرائيليون نصائح وتوجيهات لجلادي وكالة المخابرات المركزية والبنتاغون، وكان المستشارون الإسرائيليون حاضرين أيضا في سجن أبو غريب.

تأثير إسرائيل في سياسات واشنطن يعني في كثير من الأحيان الحرب. وكان مسؤولون أميركيون مقربون جدا من الحكومة الإسرائيلية وراء الاندفاع نحو الحرب على العراق.

وإذا ما دخلت واشنطن في حرب مع إيران في المستقبل القريب، فلن يكون هذا لأن طهران تهدد فعلا أمريكا، ولكن لأن إسرائيل واللوبي القوي الموالي لها في الولايات المتحدة نجحوا في تشكيل حالة خاطئة أساسا للتورط في هذا الإجراء.

ويتقدم الكونغرس، بكرم، بالتشريعات التي من شأنها تلزم الولايات المتحدة بالتدخل عسكريا لدعم هجوم إسرائيلي أحادي الجانب، وهذا يعني أن إسرائيل يمكنها بسهولة التأثير في قرار ذهاب الولايات المتحدة إلى الحرب أو العدول عن ذلك.

تتدخل إسرائيل في الانتخابات الأمريكية، في عام 2012 بالوقوف خلف المرشح ميت رومني، وأيضا هذا الأسبوع عن طريق الاصطفاف مع الجمهوريين ضد رئيس الولايات المتحدة لتشديد السياسة الحالية ضد إيران.

واستعدادا لانتخابات العام 2016، صرح اثنان من المليارديرات اليهود بوضوح أنهما سوف ينفقان كل ما لديهم لانتخاب المرشح الأفضل لإسرائيل..

أفسدت إسرائيل الكونغرس لدينا وخطاب نتنياهو شاهد على ذلك، فقد ووبخ علنا ​​واستخف برئيس دولتنا، وأهان وزراء حكومتنا.. وباختصار، فإن إسرائيل لا تتردد في استخدام نفوذها الهائل السياسي والإعلامي في الولايات المتحدة للضغط على الإدارات المتعاقبة لتتوافق مع وجهات نظر السياسة الخارجية والأمنية الخاصة بها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق