الأربعاء، 18 مارس 2015

آه يا سندس.. أم السيسي مثالية!

آه يا سندس.. أم السيسي مثالية!

وائل قنديل

الشهيدة شيماء الصباغ من الإسكندرية ماتت بطلق خرطوش من ضابط شرطة في رأسها.
الشهيدة سندس رضا من الإسكندرية ماتت بطلق خرطوش من الشرطة في رأسها.
الشهيدة سندس صعدت روحها إلى بارئها 23 يناير/كانون الثاني 2015.
الشهيدة شيماء لحقت بها في اليوم التالي 24 يناير/كانون الثاني 2015.

سندس لم تكمل 17 عاما قتلتها الشرطة في تظاهرة بمنطقة العصافرة بالإسكندرية.
شيماء أكبر من سندس، قتلتها الشرطة في وقفة بميدان طلعت حرب بالقاهرة.

اسم "سندس" امّحى من سطور الصحافة، بعد أيام من استشهادها، ولم يطالب أحد بالقصاص لها، أو حتى بالتحقيق في وقائع قتلها، أو حتى تشريح جثتها، أو يذهب لتنظيم وقفة، ولو من باب ذر الرماد في العيون، من أجلها.
اسم "شيماء" تحول إلى أيقونة وأسطورة، طارت حروفه سريعاً، واستقرت في صفحات الميديا العالمية، ووصل إلى الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية، وتحدث عنه الرئيس المدفوع ثمناً لوصوله إلى الحكم ثورة كاملة وآلاف من الشهداء، وعشرات الآلاف من المعتقلين والمعتقلات، وهو يحاول تجييش اليسار في منظومة الانقلاب.
"سندس" كانت صغيرة، تغطي شعرها، مثل غالبية الفتيات في مصر، وبالتالي، من الممكن أن توضع على لوائح الإرهاب، أو بالحد الأدنى قوائم الرجعيين، لكنها، فعلاً، لم تكن قد دخلت دائرة التصنيف السياسي، أو الأيديولوجي، بعد، فلا هي يسارية، ولا يمينية، كانت فقط فسيلة من نبت ثورة يناير 2011.
"شيماء" يسارية معروفة، وعضو في حزب التحالف الشعبي، وناشطة سياسية، لها معارف وأصدقاء، فضلاً عن أن رئيس حزبها اليساري الاشتراكي العتيد، عبد الغفار شكر، هو، في الوقت نفسه، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي سعت صحافة الانقلاب للحصول على تصريحاته، فقال، في تصريحاتٍ خاصة لـ"اليوم السابع"، إن المجلس سينضم رسميا لقضية شيماء الصباغ، بمجرد بدء الجلسة الأولى للمحاكمة، كمتضامن مع أسرة الناشطة الراحلة. وأوضح نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن القرار يُعَد تطورا إيجابيا يعزز الثقة في النيابة العامة، خاصة بعد قرار حظر النشر في القضية".
"سندس" دمها، رخيص، ومن ثم لم يغرد عنها النجوم، ولم يدون لها محترفو اللقطات الإنسانية المصنوعة، ولم يتحرك لضبط ومحاسبة قاتليها النائب العام، أو الرأي العام، ولم يتوقف عند رحيلها إلا أقل القليل من المثقفين والمعنيين بحقوق الإنسان.
"شيماء" دمها غالٍ، اهتزت له الدوائر السياسية والحقوقية، وتنافس المغردون والمدونون و"المؤيقنون"، أي صناع الأيقونات.
"شيماء" تستحق ذلك، لكن "سندس"، أيضا، تستحق، فالتشابه يقترب من حدود التطابق، بين الفاجعتين، ولو عادتا إلى الحياة لبصقتا على هذه الشوفينية الطافحة في وجه بعض النخب السياسية الدميمة، ممن يكيلون في الدم بمكيالين، ولا تتحرك إنسانيتهم، ولا ترق نفوسهم وجلودهم، إلا إذا أوذي أحد من أصدقائهم.
التشابه بين "شيماء" و"سندس" يبلغ حد ترقب الرحيل، وإن اختلفت التعبيرات،
فقد كتبت شيماء، قبل عشرة أيام من الرحيل، "البلد دي بقت بتوجع ..... ومفهاش دفا .... يا رب يكون ترابها براح... وحضن أرضها ... أوسع من سماها".
أما سندس فكانت آخر كلماتها "وتبقي ماشي في الجنة وفجأة تقابل الرسول، معا حتى، الجنة".
بكل تأكيد، "سندس" و"شيماء" محظوظتان بالرحيل عن هذا المستنقع، فيكفي أن كلتيهما لم تقرأ خبرا سعيدا في صحيفة "المصري اليوم" يقول إن "جمعية الإمام الخيرية بمدينة المحلة الكبرى أعلنت، اختيار والدة الرئيس السيسي "أفضل أم مثالية لما بذلته من مجهودات كبيرة وقصة كفاح ساعدت في نجاح الرئيس السيسي".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق