الأربعاء، 9 مارس 2016

مرشح موقعة الجمل للجامعة العربية

مرشح موقعة الجمل للجامعة العربية
      مبروك      

 وائل قنديل

ماذا يعني ابتلاع كل العرب أحمد أبو الغيط، صديق إسرائيل، وأحد المتطرفين في كراهيتهم للربيع العربي، أميناً عاماً لجامعة الدول العربية؟
هناك احتمالان، لا ثالث لهما: 
الأول أنهم يعتبرون الجامعة ليست أكثر من بناية صماء، لا تضر ولا تنفع، تقع في ميدان التحرير بالقاهرة، لا تصل حتى إلى أهمية "شارع جامعة الدول العربية" الشهير في حي المهندسين يحمل اسماً عربياً، لكنه مرفق مصري، يتبع محافظة الجيزة، ويخضع لسلطاتها البلدية، وكل علاقة العرب به أنه مكان جيد للإقامة السياحية والتنزه والسهر وتناول الوجبات السريعة.
الاحتمال الثاني أنكم راضون، أو قانعون، أو خاضعون، لما يمثله أحمد أبو الغيط من رؤى تخص العلاقة بين العرب والكيان الصهيوني، أو لا يملكون له دفعاً، بما يجسّده من خط تطبيعي ساخن، منفتح على إسرائيل، متجهم في وجه المقاومة الفلسطينية.
وبالتالي، لم يجرؤ أحد على طرح مرشح آخر، مصرياً كان أم عربياً ينتمي لأي دولة أخرى منضمة للجامعة التي لم ينزل نص قرآني يحرم ذهاب منصب أمينها العام إلى من لا يحمل الجنسية المصرية.
منتهى البؤس ألا يكون في مصر من يصلح مرشحاً لموقع أمين عام جامعة العرب، إلا السيد أحمد أبو الغيط، وألا يستطيع العرب الاعتراض على هذا الاختيار، أو طرح بديل أكثر تعبيراً عن هموم الشارع العربي وقضاياه، لتتضاءل قدرة العرب على الفعل إلى مستوى أقل مما كانت عليه في العام 2011، حين طالبوا القاهرة بمرشح آخر، بديلاً لمصطفى الفقي الذي تم الاعتراض عليه لأسباب جوهرية، ومنطقية، فجاء الدفع بالسفير نبيل العربي بديلاً مقبولاً.
الطريف أن مصطفى الفقي اعتبر اعتراض بعض العواصم العربية على ترشيحه "تدخلا في السيادة المصرية"، وعزا عدم الحماس لاسمه إلى "الإخوان المسلمين"، على الرغم من أن ذلك كله وقع بعد أسابيع فقط من ثورة يناير/ كانون الثاني، ولم يكن للإخوان أية صلة بالحكم حينذاك،
والأطرف من ذلك أنه قال "لو أراد عمرو موسى وصولي لهذا المنصب لوصلت" .
وإذا كان مصطفى الفقي قد وصف نفسه في ذلك الوقت بقوله "كنت إصلاحياً في نظام فاسد"، وهو الأمر الذي جعل العرب لا يتحمسّون له، فإن المرشح أحمد أبو الغيط، هو الابن المخلص لذاك "النظام الفاسد"، بل واحد من صقوره الأكثر شراسةً في تبني مشروع التطبيع، وفقاً للرؤية الصهيونية، وكذلك في معاداة كل محاولات التغيير في الوطن العربي، وبالأخص الثورتين السورية والمصرية. ولذلك، لم يعلن حزب أو تيار في مصر دعم ترشيحه، إلا ما يسمى "تيار الاستقلال" الذي يرتبط اسم مؤسسه بجريمة "موقعة الجمل" التي ارتكبتها مليشيات نظام مبارك، وأبو الغيط، ضد ثوار ميدان التحرير.
يلفت النظر أن وسائل الإعلام المصرية الناطقة باسم سلطة الانقلاب استبقت اجتماع وزراء خارجية الدول العربية الخميس 10 مارس/ آذار بالاحتفال بانتخاب أبو الغيط أميناً للجامعة، من دون أن يطرح أحد أسماء منافسين آخرين، وكأنه قدر لا راد له، أو بالأحرى لم يعد أحد يهتم بتلك الجثة الهامدة التي تدير ظهرها للنيل، وتعطي وجهها لميدان التحرير الذي ازدهر فيه الربيع العربي، ثم تعرّض للذبح على يد نظام ينتمي إليه ذلك القادم كي يتبوأ منصب أمينها العام، تحفّه مظاهر فرحة عارمة في الكيان الصهيوني.
فشل أحمد أبو الغيط في أن يكون جنرالاً في سلاح الطيران، وفي سلاح المهندسين العسكريين، كما كانت تخطط عائلته، فقرّر أن يمارس "الدبلوماسية المعسكرة"، ومن ينسى تحريضه   للقوات المسلحة لكي تفتك بالمتظاهرين المصريين في حديثه لقناة العربية، قبل 11 فبراير/ شباط 2011 الذي لوّح فيه بتدخل الجيش المصري للدفاع عن السلطة ضد من أسماهم المغامرين الذين يريدون انتزاعها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق