الاثنين، 31 مارس 2014

فيالق إيران للتدخل العسكري في الإقليم!

فيالق إيران للتدخل العسكري في الإقليم!


طلعت رميح
شهدت الإستراتيجية الإيرانية في الإقليم العربي، قفزة نوعية خلال المرحلة الأخيرة. لم يعد لإيران مجرد نفوذ هنا أو هناك، ولا مجرد مجموعات ترتبط تمويلاً وفكراً وتسليحاً بإيران، للعمل والتحرك والقتال في داخل هذه الدولة العربية، أو تلك. 
بل أصبح لإيران فيالق عسكرية تتحرك عبر الحدود من دولة عربية لأخرى، لتحقيق أهداف إيران أو إستراتيجيتها في الإقليم، وبذلك شهد الوجود والدور الإيراني قفزة هائلة على صعيد التوازنات الإقليمية - تحت سمع وبصر الجميع ودون اعتراض أو مواجهة – عبر وضع الدول والمجتمعات العربية أمام تحديات وتهديدات خطيرة، لا تقل ضراوة عن تلك التي تمثلها إسرائيل. لم تعد الدول العربية مهددة بقوة إيران وجيشها ومشروعها النووي فقط، بل عبر فيالقها عابرة الحدود العربية.

الحالة السورية جاءت كاشفة، من زاوية تحرك مجموعات وفيالق إيرانية الفكرة والرؤية والتمويل والتسليح والقرار، للقتال في صف بشار، وهو ما مثل سابقة حملت دلالات عن تغير في إستراتيجية وعوامل قوة وسيطرة إيران من داخل وفي داخل الإقليم العربي. في سوريا صارت القوات المسلحة السورية -وكل مكونات جهاز الدولة الراهن -خاضعة الآن للقرار الإيراني، إذ استغلت إيران حالة الضعف لتحكم سيطرتها أكثر على الدولة السورية ومؤسساتها، لكن الأمر لم يتوقف على ذلك، فالأخطر أن من يفرض سيطرته على الأرض والدولة، هو الفيالق العسكرية الإيرانية التي تشكلت في داخل دول أخرى، وصارت تقاتل علناً في داخل سورية، بأوامر إيرانية وتمويل وتسليح إيراني. هذا الأمر يمثل نقلة نوعية كبرى في الوجود الدور الإيراني في الإقليم كله.

والعراق يقدم نموذجاً كاشفاً، يظهر أن ما جرى في سوريا لم يكن أمراً طارئاً يتعلق بأزمة ناشبة، اتخذت لمواجهتها إجراءات لم تكن واردة أصلا في داخل التخطيط الاستراتيجي الإيراني، بل كان أمراً جاهزاً وفي جوهر الإستراتيجية الإيرانية للتدخل وفرض السيطرة، في الإقليم.

لقد تشكل الجيش العراقي الراهن عبر دمج الميلشيات والفيالق التي سبق أن تشكلت في إيران وعملت ضد العراق عبر الحدود، قبل الاحتلال. 
الجيش العراقي الحالي ليس طائفيا فقط، بل هو تشكل بقرار إيراني-أمريكي قضى بدمج الميلشيات المتعددة سابقة التشكيل على الأرض الإيرانية، لتكون بديلاً للجيش الوطني العراقي. 
والأهم والكاشف للنقلة الكبرى في التدخل الإيراني في سوريا، يأتي من أن الميلشيات "العراقية "التي تقاتل هناك الآن، هي ميلشيات جديدة تشكلت بعد دمج الميلشيات "القديمة" وتشكيل الجيش.
من يقاتل من العراق في سورية هو لواء أبو الفضل العباس وعصائب الحق وغيرها (12 ميلشيا حسب بعض التقديرات)، وهي كلها ميلشيات جديدة التشكيل ما بعد تشكيل جيش العراقي. تلك الميلشيات الجديدة، جرى تشكيلها في إطار خطة إيران للحرب الطائفية في العراق، وللتدخل العسكري في الدول الأخرى، وكلها وغيرها جاءت امتداداً لما يسمى "جيش القدس".

والوضع في لبنان كاشف آخر أيضاً، إذ تحول حزب الله إلى ممارسة دور حربي عسكري في داخل لبنان، ومن بعد عبر الحدود للقتال في صف النظام المدعوم إيرانياً في سوريا، بما حول الحزب إلى قوة عسكرية محتلة للأراضي السورية. أصبح حزب الله قوة تدخل عسكري إيراني في الإقليم أيضا.

أصبحنا الآن في مواجهة فيالق إيرانية جاهزة لممارسة الدور المطلوب منها إيرانياً. وأصبح لإيران قوات تقاتل في داخل الدول، وهي ذاتها وغيرها باتت تتحرك من دولة لأخرى للقتال تحقيقا لمصالح إيران. هذا هو أخطر ما وصنا إليه.
وهنا يلفت النظر أكثر، أن تلك الميلشيات حصلت على مشروعية غربية بأداء هذا الدور التدخلي في الدول الأخرى، صمتاً أو دعماً وتأييداً، إذ لم تتحرك لا أوروبا ولا أمريكا وبطبيعة الحال روسيا لمواجهة ظاهرة تدخل تلك الفيالق في سوريا، بما جعل وجودها واحتلالها لسوريا وكأنه أمر طبيعي، فيما تتحرك كل القوى الدولية ضد بعض الأفراد من هنا أو هناك هبوا لدعم الثورة السورية!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق