الاثنين، 31 مارس 2014

بين الحرفنة والخرفنة


مجرد رأي

بين الحرفنة والخرفنة

نواف بن مبارك بن سيف آل ثاني
كاتب وقانوني قطري

في الأيام القليلة الماضية، وبعد متابعة أي منا ولو بشكل سطحي لمجريات الأحداث وتطور وتيرة الأخبار، سواء الرسمية أو التغريدات التويترية، نجد ملامح مميزة للحرفنة السياسية بدأت تتضح في المنطقة من البعض والخرفنة السياسية من البعض الآخر، وقد يرى عباقرة السياسة في بعض عواصم المنطقة أن الفرق بين الحرفنة والخرفنة «نقطة»، وقد يكونون محقين في ذلك إلى حد ما.
فالحرفنة السياسية لحزب العدالة والتنمية هي التي وضعت النقطة في نهاية جملة العبث التي أرادت أن ترمي بتركيا إلى الهاوية لتنهيها، ولتثبت للعالم بأن كلمة «إسلامي» ليست كما يريدها البعض أن تكون مرادفة لـ «إرهابي»، فتصدت لتلك الأموال التي أتت من الخارج للحد من قدرة الشعب التركي في اختيار حكومته، فكانت لحرية الشعب الغلبة بأن لم تنجح المحاولة تلك، كما نجحت «نوعاً ما» في تقييد إرادة الشعب في مصر قبلها، وضاعت «الدراهم» دون أن تحقق لهم غايتهم في تركيا.
ولكننا اليوم لا يمكننا أن نقلل من مدى تأثير صدمة فوز حزب أردوغان على متبني نهج الخرفنة السياسية، فأتى بعضهم ليقذف بحقده في الأوساط الإعلامية، وليأتي «الصول» ليجول في أروقة الإعلام الافتراضي والواقعي بفكره الخيالي دون أي هدف فعلي من شدة أثر «الصدمة والترويع».
الغريب في الأمر أن سياسة الخرفنة تلك صورت لهؤلاء بأن زوبعة الفنجان التي يثيرونها أمواجاً عاتية، وفي الواقع لا ينم هذا إلا عن جهل بالواقع الإنساني في المنطقة، واتكالية عمياء في صنع القرار، والاعتماد على «الدحلنة» الإعلامية لصبغ الشرعية على أي توجه سياسي خارجي أو داخلي لهؤلاء دون النظر إلى أن الوقوف أمام حريات الشعوب والبلطجة السياسية ستعيدهم إلى عصور حجرية مؤلمة على المدى البعيد، فلن يرحم الشارع العربي أو الإسلامي أي دولة أو فرد يعمل على سلب إرادته وذاكرة الأمم تمتد لعقود، ولكنهم لم يعوا الدرس بعد، حيث جعلت تلك الدحلنة ذاتها من المشير السابق عبد الفتاح «إنتو نور عينينا» السيسي فارساً يمتطي «البسكليته» لينطلق بحملته الانتخابية أمام عدسات التصوير نحو الفوز المؤكد ولو بسرعة السلحفاة، فهل هذا هو الرئيس القادم لمصر؟
وبالمقابل تجد الحرفنة السياسية من دول مثل تركيا، ومع اختلافي مع بعض قرارات رئيس الوزراء التركي أردوغان الأخيرة، مثل حجب «تويتر»، إلا أنه وحزبه أثبتا «للشعب» أولاً وآخراً أنهم أهل للثقة، ففازوا في الانتخابات «الحرة» الأخيرة، ولا يمكن تجاهل الحرفنة السياسية لدولة قطر، واتباع سياسة عدم التسرع والتخبط في اتخاذ القرارات، وإنما النظر إلى مصلحتنا الوطنية، ومصالح شعوبنا العربية والإسلامية، واحترام حق الجيرة والأخوة، ومن ثم اتخاذ القرارات الصائبة الحكيمة بصلابة وثبات، ولكن التوترات الإعلامية وزعزعة النظرة نحو مستقبل المنطقة وحكامها جعلت من البعض يتخبط بين انقلاب على شرعية وبين زرع شرعية بديلة، وما أكثر الأخيرة هذه الأيام.

الرأي الأخير...
صرح أحد المسؤولين العرب ممن أيدوا الانقلاب على الشرعية في مصر ذات مرة أنه لا يتمنى ترشح السيسي لمنصب الرئيس في مصر، وكثيرون في الغرب مثل هذا «المسؤول» تمنوا أن يبقى السيسي رجل الجيش القوي، فما هو موقفهم يا ترى اليوم بعد نزول السيسي بـ «البسكليته» إلى ميدان العراك السياسي؟
 وأخيراً أقول: اللهم احفظ خليجنا العربي من الكويت الحبيبة شمالاً حتى «ساحل عمان» الشقيقة جنوباً، ومن مكة المكرمة غرباً إلى قطر الأبية شرقاً.
(السياسة ليست لعبة! بل تجارة - ونستون تشرشل)
إلى اللقاء في رأي آخر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق