الأحد، 16 مارس 2014

حوار الجزيرة مع محمد بدر

محمد بدر: اتهمت بخيانة مصر لعملي بالجزيرة

محمد بدر أمضى نحو سبعة أشهر متنقلا بين سجون مصر ومعتقلاتها (الجزيرة)


أجرى المقابلة في الدوحة/محمد غلام
قال مصور قناة الجزيرة مباشر مصر محمد بدر المفرج عنه بعد اعتقال دام سبعة أشهر إنه تعرض في السجون والمعتقلات المصرية طوال أكثر من مائتي يوم لتعذيب بدني ونفسي مستمر.

وأشار إلى أنه كان يضرب أحيانا لمدة ساعتين أو أكثر لاتهامه بالخيانة والعمالة لعمله بالجزيرة، وأنه باع مصر، وهذا نص المقابلة:


 أستاذ محمد، أمضيتم في الاعتقال سبعة أشهر، كيف كانت ظروف الاعتقال؟

ظروف الاعتقال كانت سيئة جدا، وقد انعكست عليها بشكل أو بآخر الظروف السياسية التي يمر بها البلد، إضافة إلى توجهات عدوانية لوزارة الداخلية ومعاملة غير آدمية للمعتقلين، مررنا بظروف سيئة جدا طوال الأشهر السبعة -أكثر من مائتي يوم- ما بين تعذيب أو إهانة.
  أنتم شخصيا تعرضتم للتعذيب؟

أنا شخصيا تعرضت للتعذيب والضرب أكثر من مرة، تعذيب بدني ونفسي.

  تعذيب بدني، من قبيل ماذا؟ 

تعذيب بدني بالضرب.. نعم.. أحيانا يستمرون في ضربي لمدة ساعتين أو ساعة ونصف الساعة، وآخر مرة ضربوني فيها كان بعد صدور حكم البراءة أثناء التحقيق في أمن الدولة، بعد أن قال لهم الضابط خذوه من هنا إلى المحرقة في قسم الأزبكية لأنه خائن عميل.

 المحرقة! ماذا تعني المحرقة؟

لم أكن أعرف ماذا تعني المحرقة، لكني رأيتها بعيني، حين نقلت بعد ساعتين كنت في الأزبكية ورأيت المحرقة، دخل الزنزانة ملازم أول وملازم ومخبران اثنان تناوبوا على ضربي لأكثر من ساعتين، وهذا كله بعد صدور حكم البراءة.

  وبأي سبب؟

من دون أي سبب لأن موضوع التعذيب موجود في السجون طبعا، وهل من سبب للاعتقال أصلا؟ ليس هناك أي أسباب منطقية.
 هل شاهدتم معتقلين آخرين تعرضوا للضرب؟

الكثير، رأيت معتقلين عذبوا وضربوا وعلقوا على الأبواب مربوطي الأيدي والأرجل، هم يعذبون عذابا بدنيا، ونحن في عذاب نفسي، كنا دائما خائفين ودائما لا ننام.


 تتحدثون عن التعذيب النفسي، هل مورس عليكم التعذيب النفسي، غير هذا، وكيف؟

طبعا أنا شخصيا تعرضت لتعذيب نفسي شديد، لما اعتقلت كانت زوجتي في الشهر التاسع ووضعت الطفل الأول لي وأنا في السجن، وبعدها بـ18 يوما جاءت به للسجن، وكان أصغر زائر في تاريخ السجن على ما أعتقد، وقبل أن أتفحص ملامحه كانت الزيارة قد انتهت لأنها خمس دقائق فقط انتهت قبل أن أملأ عيني بطفل جاءني بعد فترة انتظار طويلة بعد الزواج، قاموا بشد زوجتي من يدها، وكانت تبكي، فالموقف هذا أثر فيَّ نفسيا بشكل سيئ.

 هل كانوا نساء أم رجالا؟

كانوا رجالا، وهذا الموقف يعتبر اعتداء فاضحا وانتهاكا للحرمات، بقيت أبكي لمدة ثلاثة أيام من هذا الموقف، كانت تجربة مرة، لا تستطيع أن ترى ابنك، لا تستطيع أن تحمي زوجتك، صعب جدا، دخلت الزنزانة ساعتها وأحسست بأني ضعيف ما عندي قيمة في بلدي، وأني مظلوم، ظلم في ظلم في ظلم، التأثير النفسي كان صعبا جدا.


 ما هي أبرز التهم التي وجهت إليك؟

الحقيقة أبرز التهم التي وجهت إليَّ هي حيازة كاميرا، وهذه كانت مثبتة في التحقيق، وهذه هي التهمة التي أتميز بها عن باقي المتهمين معي في القضية نفسها، حيازة كاميرا وجهاز بث.

 هذا الأمر أليس مسموحا به؟ أنت كصحفي ومصور ألا يسمح لك بحمل الكاميرا؟

مسموح بهما، والقناة لديها الأوراق والتصاريح اللازمة، ولذلك لم يقدروا على توجيه تهمة إلا ما يتعلق بشئون البث أو نقل صور وبقية التهم كالقتل والشروع في القتل لمواطنين والتعدي على ضباط الشرطة وحريق قسم الأزبكية وحريق محطة مترو رمسيس وحريق محطة قطارات مصر وحريق نقطة محطة قطارات مصر، ولائحة من التهم تتخطى العشرين.

 هل لك علاقة بهذه المواضيع ؟ هل كنت حاضرا فيها؟ هل كنت شاهدا؟

الحقيقة أنا شاهد أن كلا من ذلك لم يحصل، بداية الأمر كانت لما أخذت أمرا من القناة بتصوير صلاة العشاء وصلاة التراويح في 6 رمضان بميدان رمسيس، وهذه كانت فعالية دعا إليها المتظاهرون ضد الحكومة في ذلك الوقت، إلا أنني ذهبت بالكاميرا والمعدات الخاصة ومعي مساعد ومراسل، لم تسر الأمور في إطارها الطبيعي، أطلقت الشرطة القادمة من قسم الأزبكية مسيلات الدموع على المصلين أثناء صلاتهم، خرجوا من صلاتهم، وحصل اشتباك، المصلون الذين تحولوا إلى متظاهرين يرمون بالطوب، والشرطة بالخرطوش والغاز، صورت تلك المشاهد حوالي ساعتين قبل أن تستهدف كاميرتي بشكل مباشر، وأنا كذلك بالخرطوش وبالغاز، أبعدت عني الكاميرا حوالي مترين، إلا أن مجموعة من البلطجية هاجموني وسلموني للشرطة التي سلمتني لمباحث القاهرة، وتوالت الأحداث.

أذكر أن الضابط الذي تسلمني وجه سلاحه إلى وجهي بعد سحب الأقسام وهددني بالقتل، وقال اعترف أنت تابع لقناة الجزيرة.

قت له أنا تابع للجزيرة، أخذ مني البطاقات الخاصة بي، الموبايلات، أخذني إلى مديرية أمن القاهرة ومنها إلى قسم الأزبكية وتوالت الأحداث.

 كيف كان حضور الجزيرة في التحقيق؟

كانت حاضرة بالتأكيد، لكن ذلك كان بشكل أبرز في تحقيق أمن الدولة لا النيابة، في تحقيق أمن الدولة بالقسم، في ثاني يوم من القبض علينا وكنا مربوطي الأيدي ومعصوبي الأعين وواقفين على الركب كانت الأسئلة كلها متعلقة بقناة الجزيرة، مثل أنت شغال في الجزيرة منذ متى؟ وراتبك كم؟ وبعت بلدك بكم؟ أنت خائن، ومن معك؟ وتتلقى الأوامر ممن؟ وأسئلة من هذا القبيل.

 مررتم بمحطات عديدة أثناء فترة الاعتقال، ما هي تلك المحطات؟

في قسم الأزبكية مكثنا أربعة أيام، ثم في سجن العقرب مكثنا خمسة أشهر، بعدها سجن القاهرة للتحقيق، بعد ذلك مديرية أمن القاهرة، وبعدها قسم الأزبكية ثم تخشيبة الخليفة ثم مديرية أمن الجيزة ثم قسم العجوزة ثم مديرية أمن الجيزة ثم قسم الأزبكية، ثم الخروج، ويتخلل موضوع الانتقال من الأقسام والسجون ضرب وتشريفة.
 قد عرفنا الضرب، فما المقصود بالتشريفة؟

بالانتقال من مكان لمكان جديد في وزارة الداخلية لازم تنضرب، فهذا ما يسمى بالتشريفة، وهي أن يستقبلك عشرون بلطجيا من جهة اليمين ومثلهم من اليسار، ولابد لكل واحد من الأربعين أن يضربك، فهذه هي التشريفة.

 من.. بلطجية، وليسوا موظفين رسميين؟

 لو كنت داخلا قسما ضربك بلطجية، ولكن أمام السجون فموظفون رسميون هم من يضربونك؟


 داخل السجن هل وضعتم مع سجناء حق عام؟

نسميهم جنائيين، أنا سجنت حوالي عشرة أيام في غرفة جرائم نفس، أي القتلة، مع حوالي 38 متهما بالقتل وثلاثة مسجلين خطرين، تخيل لو أنك في الشارع وقابلت شخصا صنف سابقا على أنه خطر، بالتأكيد ستترك الشارع وتمشي في شارع آخر، أنا كنت مع 38 مسجلا خطرا، في تلك الأيام العشرة لم أنم، لم آكل، لم أشرب، كنت دائما قاعدا متحفزا خوفا من أن يعتدي علي أحدهم خاصة أن إدارة السجن أوصتهم بضربي، حصلت اعتداءات ولكن الله ستر، بسبب أن الجنائيين لم يكونوا دائما في يد إرادة السجن، فكان لكل واحد رأيه، واحد يريد أن يضرب والثاني لا يريد ذلك، فكانوا يتضاربون بينهم بعد نقاش بشأن ضربي أنا، وكانت الأمور تسير هكذا.

 أشكركم.

المصدر:الجزيرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق