المعادلة الصفرية غير واقعية وغير إسلامية
عامر عبد المنعم
لا يوجد تجربة امتلك فيها طرف ما كل شيء وتخلص من الطرف الآخر تماما إلا ما تم من إبادة جماعية في أمريكا، وهي جريمة استثنائية لها ظروفها التاريخية غير قابلة للتكرار.
لقد تسببت فكرة سيطرة طرف أو قوة على كل شيء مع إقصاء الباقين في حروب أهلية استمرت فترات طويلة، أهلكت الحرث والنسل وانتهت في النهاية إلى الجلوس للتحاور والقبول بالتعايش والمشاركة واحترام الارادة الشعبية.
الحلف الأمريكي الصهيوني هو الذي يصدر لنا مصطلح "المعادلة الصفرية" وهو المرادف لفكرة "الإبادة" لاستنزاف بلادنا والإمساك بخيوط العملية السياسية التي أفلتت من أيديهم مؤقتا بفعل ثورات الشعوب.
يريدون أن يكون هناك صراعا أبديا مستمرا بين جبهتين، لا يصل إلى شيء، غير إنهاك الطرفين، ويقومون بمساعدة الطرفين بنسب محسوبة حتى لا يتفوق طرف على الآخر، وإذا علا طرف قاموا بزيادة الدعم للثاني حتى يحدث التوازن.
ومع الوقت يفقد كلا الطرفين استقلاله ويكون الحلف الأمريكي هو الذي يلجأ إليه الطرفان طمعا في حل لن يأتي.
الغرب يدير هذه اللعبة في ليبيا وتونس واليمن، وتتجلى هذه اللعبة بشكل أوضح في سوريا حيث تحافظ أمريكا والدول الغربية على استمرار الصراع بين بشار والمعارضة ومنع إنهاء الصراع سواء بالحرب أو بالسلم.
وفي مصر تلعب أمريكا والدول الغربية ذات اللعبة، لقد خططت للانقلاب مع مجموعة متنفذة من الانقلابيين لتزج بالجيش في مواجهة مع الشعب لاستنزافه وتفكيكه، وفي نفس الوقت تعطي إشارات لرافضي الانقلاب بأنها معهم وتترك لهم مساحات من الحركة في المنظمات الدولية الخاضعة للتوجيه الغربي.
وبدأت أمريكا تلعب اللعبة في دول عربية أخرى باختلاق معارك وهمية لتفكيكها، كالسعودية وموريتانيا.
أمريكا وحلفاؤها يريدون أن يرسخوا في أذهان الجميع أن الحل في الخارج وليس في الداخل، والولايات المتحدة تجيد لعبة الترويض والتجنيد لتبديد حماس الشعوب وإشاعة اليأس والقبول بما يملى عليهم.
وعندما نلفت الانتباه إلى ما يفعله خصوم الأمة فليس معنى هذا أن المكر المعادي سينجح كما نجح في السابق، وإنما لنفهم بعض الزوايا التي تفيد صناع القرار السياسي لتجنب الفخاخ المنصوبة لهم والتي قد يقعوا فيها تحت الضغط فيفرطوا وهم يظنون أنهم يحسنون صنعا.
لقد أثبتت الثورات أن شعوبنا لم تعد قابلة للاستعباد مرة أخرى، ولن تفلح الحيل الأمريكية والصهيونية في وقف حركتنا من أجل الاستقلال عن الغرب والخلاص من الدوائر المتنفذة التابعة لهم.
والحل للخروج من المحارق التي ستدمر بلادنا أن نتوكل على الله وحده وأن نعتمد على أنفسنا، ونبحث عن اصطفاف واسع وعمل جبهوي تحت شعار "التصدي للحلف الأمريكي الصهيوني"، وأن نتوقف عن المعارك المفتعلة والمصدرة إلينا، التي ترسخ الانقسام وتعلي من شأن الحزبية والفئوية وتحيي النعرات العرقية والمهنية.
الإسلام هو الذي يوحدنا، والابتعاد عنه يفرقنا، فليكن هو منطلق حركتنا وهو الإطار الذي يجمعنا.
هدفنا هو استعادة مكانة الإسلام وهيبته وبناء مصر جديدة تحترم عقيدتها وتحفظ كرامة مواطنيها.
إن شاء الله سنرى مصر مستقلة عن أمريكا والغرب، تشق طريقها كدولة محورية، تمارس دورها الذي يليق بها كقائدة لأمتها تدافع عن مصالح العرب والمسلمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق