الأحمري في آخر حوار له: مصير الربيع العربي هو النجاح بلا شك مهما ظهر من عثرات
خدمة العصر
(ملاحظة العصر: تعميما للفائدة تنشر مجلة العصر الجزء الأهم في حوار الدكتور محمد الأحمري، مدير منتدى العلاقات العربية والدولية في الدوحة، مع أسبوعية "الفجر" التونسية التي نشرته قبل أيام، وأجرى الحوار الأستاذ صابر جمعاوي).
"الفجر": ما هو موقفكم من الثورات العربية؟
د. محمد الأحمري: الثورات العربية هي فجر جديد لصحوتنا السياسية والحياتية، هي حدث عظيم ساطع بعد عصور من الظلمات وانتهاك حقوق الشعوب وامتهان الإنسان على أيدي الطغاة.
إن تحقيق هذه الثورات لبعض أهدافها التحررية لا شك يصنع إنسانا أكثر اكتمالا في إنسانيته وأكثر قدرة على صناعة معرفة أهدافه وتحقيق حياة شريفة وفاعلة.
إنها بداية رحلة لبناء إنسان جديد. وإن إنسان الثورات كما حقق الانتصار في خارجه على الطاغية يجب أن ينتصر على بقايا الطاغية في نفسه وفي أساليبه وتعامله مع مجتمعه.
وإنه لما تحرر من الطاغية في الخارج عليه أن يصنع الإنسان القادر على هدم الطاغية وأساليبه وحيله في داخل نفسه ويكون الشفافية، ويبني القيود في داخله التي تُلزمه احترام الآخرين.
وعليه بناء حرمة للبلاد وللحكم وللنظام وللسلطة تنبثق من قناعة داخلية في سيادة على عناصر ضعفه. ولا يفهم من تحرره من الطاغية أن ينتهك كل شيء. بل عليه أن يبني في داخله ما يختار له عقله ومصلحته ومصلحة أمته في توازن بين الداخل والخارج.
إن إنسان الحرية أكمل وأعقل وأنضج ويصعب بناؤه، بينما إنسان العبودية يسهل جدا سوقه وإجباره وإخضاعه، وهو إنسان ناقص القدرات، فإدارته أسلس للانقياد.
ولهذا، فإن أردنا بناء مجتمع حر، فإن علينا بناء إنسان أكثر تقديرا واكتمالا وتحررا من أعماق الإنسان الجديد. وسوف نرى بعد ذلك كيف أن لحظة الولادة الثورية لا تُغني وحدها عن التربية والنمو الذين يجب أن يشارك فيهما المخلصون ببناء أنفسهم وعون مجتمعهم على ذلك، ولنحاول تجاوز اضطراب الفرد في المرحلة الانتقالية من عقلية عصر الاستبداد إلى إنسان عصر الحرية.
ثم يتمَ بعد ذلك مساندة الأحرار في عالمنا لإنقاذ الغارقين في ظلمات العبودية والتهميش وبناء عالم أكثر تحررا في خارج ذاته.
وإن عون الآخرين وحماية الحرية الذاتية لا يكونان بمساعدة من أي نوع خارجي، بل بأن يكون الإنسان ونظامه مثالا لغيره. وهذا المثال العملي سوف يقوم بنفسه بتهذيب الذات وجذب الآخرين. فرواد الحرية في العالم ربما كان همَهم ذاتيا أو في بقعة محدَدة، ولكن أبعاد دورهم كانت هامَة، وتونس كانت مثالا في هدم الصنم، فلتكن مثالا في بناء المنارة.
"الفجر": كيف تقومون مسيرة الانتقال الديمقراطي في الدول العربية؟
د. محمد الأحمري: إن القناعة العامة في مجتمعاتنا بأن الديمقراطية هي الحل الأول المناسب للأزمات المزمنة خطوة ناجحة وكبيرة. وإن من المهم رعاية هذه القناعة وتنمية الوعي بها، والتعلم من خلالها كيف نصل إلى أعدل الحلول.
أما في تونس فنرى ـــ نحن المشاهدين من بعيد ــــ أن الانتقال الديمقراطي يتم بطريقة سلسلة وناجحة على ما اكتنفته من اضطرابات، مقارنة مع مسيرة شعوب كثيرة في العالم عانت من مراحل صعبة حتى وضعت أقدامها على طريق الديمقراطية. ونرجو أن يتمم الله الخير لهذا الشعب.
أما الثوار العرب الآخرون فيسيرون على الطريق وإن تعثروا، ولا يتعثَر إلا من يسير، ولا يُخطئ إلا من يُجرب، ويبقى التحدي الديمقراطي مُشكلا من المعرفة والممارسة، وكلتاهما تحتاج إلى زمن حتى تتحققا، وهما متلازمتان، ولا ننسى أن الوضع الاقتصادي قد يؤثر سلبا على القناعة بالفكرة وعلى المؤسسات التي قد تتوفر لها النية الطيبة وتفتقر إلى الإمكانات المالية.
"الفجر": أيَ مصير للربيع العربي في نظركم؟
د. محمد الأحمري: مصير الربيع العربي أو مصير الصحوة السياسية هو النجاح بلا شك، مهما ظهر من عثرات، لأن الإنسان الذي ذاق الحرية أو رآها وقارنها بعصور الظلام والاستبداد لن يرجع إلى الوراء، إلى ظلمات المستبدين وعسفهم وفسادهم.
ولو اضطُر إلى أن يتراجع خطوات إلى الوراء مقهورا أو مغلوبا، فإنه تراجع مؤقت، لأنه رأى أن باب السجن يمكن كسره، والشعب من كسره. ومن ذاق الحرية ولو وقتا قصيرا، فسوف يتذكر طعمها دائما طوال حياته، وسيترك لذريته خبر أهمية الحرية وقيمتها، فالحرية ليست شيئا رخيصا يمكن إهماله أو نسيانه، إن الحرية هي ما يجعل الحياة حياة ذات قيمة، وتستحق أن يقاتل في سبيلها الإنسان السويَ، ولا يعزف عن طلبها طلبا مُلحا إلا من هانت عليه نفسه.
(ملاحظة العصر: تعميما للفائدة تنشر مجلة العصر الجزء الأهم في حوار الدكتور محمد الأحمري، مدير منتدى العلاقات العربية والدولية في الدوحة، مع أسبوعية "الفجر" التونسية التي نشرته قبل أيام، وأجرى الحوار الأستاذ صابر جمعاوي).
"الفجر": ما هو موقفكم من الثورات العربية؟
د. محمد الأحمري: الثورات العربية هي فجر جديد لصحوتنا السياسية والحياتية، هي حدث عظيم ساطع بعد عصور من الظلمات وانتهاك حقوق الشعوب وامتهان الإنسان على أيدي الطغاة.
إن تحقيق هذه الثورات لبعض أهدافها التحررية لا شك يصنع إنسانا أكثر اكتمالا في إنسانيته وأكثر قدرة على صناعة معرفة أهدافه وتحقيق حياة شريفة وفاعلة.
إنها بداية رحلة لبناء إنسان جديد. وإن إنسان الثورات كما حقق الانتصار في خارجه على الطاغية يجب أن ينتصر على بقايا الطاغية في نفسه وفي أساليبه وتعامله مع مجتمعه.
وإنه لما تحرر من الطاغية في الخارج عليه أن يصنع الإنسان القادر على هدم الطاغية وأساليبه وحيله في داخل نفسه ويكون الشفافية، ويبني القيود في داخله التي تُلزمه احترام الآخرين.
وعليه بناء حرمة للبلاد وللحكم وللنظام وللسلطة تنبثق من قناعة داخلية في سيادة على عناصر ضعفه. ولا يفهم من تحرره من الطاغية أن ينتهك كل شيء. بل عليه أن يبني في داخله ما يختار له عقله ومصلحته ومصلحة أمته في توازن بين الداخل والخارج.
إن إنسان الحرية أكمل وأعقل وأنضج ويصعب بناؤه، بينما إنسان العبودية يسهل جدا سوقه وإجباره وإخضاعه، وهو إنسان ناقص القدرات، فإدارته أسلس للانقياد.
ولهذا، فإن أردنا بناء مجتمع حر، فإن علينا بناء إنسان أكثر تقديرا واكتمالا وتحررا من أعماق الإنسان الجديد. وسوف نرى بعد ذلك كيف أن لحظة الولادة الثورية لا تُغني وحدها عن التربية والنمو الذين يجب أن يشارك فيهما المخلصون ببناء أنفسهم وعون مجتمعهم على ذلك، ولنحاول تجاوز اضطراب الفرد في المرحلة الانتقالية من عقلية عصر الاستبداد إلى إنسان عصر الحرية.
ثم يتمَ بعد ذلك مساندة الأحرار في عالمنا لإنقاذ الغارقين في ظلمات العبودية والتهميش وبناء عالم أكثر تحررا في خارج ذاته.
وإن عون الآخرين وحماية الحرية الذاتية لا يكونان بمساعدة من أي نوع خارجي، بل بأن يكون الإنسان ونظامه مثالا لغيره. وهذا المثال العملي سوف يقوم بنفسه بتهذيب الذات وجذب الآخرين. فرواد الحرية في العالم ربما كان همَهم ذاتيا أو في بقعة محدَدة، ولكن أبعاد دورهم كانت هامَة، وتونس كانت مثالا في هدم الصنم، فلتكن مثالا في بناء المنارة.
"الفجر": كيف تقومون مسيرة الانتقال الديمقراطي في الدول العربية؟
د. محمد الأحمري: إن القناعة العامة في مجتمعاتنا بأن الديمقراطية هي الحل الأول المناسب للأزمات المزمنة خطوة ناجحة وكبيرة. وإن من المهم رعاية هذه القناعة وتنمية الوعي بها، والتعلم من خلالها كيف نصل إلى أعدل الحلول.
أما في تونس فنرى ـــ نحن المشاهدين من بعيد ــــ أن الانتقال الديمقراطي يتم بطريقة سلسلة وناجحة على ما اكتنفته من اضطرابات، مقارنة مع مسيرة شعوب كثيرة في العالم عانت من مراحل صعبة حتى وضعت أقدامها على طريق الديمقراطية. ونرجو أن يتمم الله الخير لهذا الشعب.
أما الثوار العرب الآخرون فيسيرون على الطريق وإن تعثروا، ولا يتعثَر إلا من يسير، ولا يُخطئ إلا من يُجرب، ويبقى التحدي الديمقراطي مُشكلا من المعرفة والممارسة، وكلتاهما تحتاج إلى زمن حتى تتحققا، وهما متلازمتان، ولا ننسى أن الوضع الاقتصادي قد يؤثر سلبا على القناعة بالفكرة وعلى المؤسسات التي قد تتوفر لها النية الطيبة وتفتقر إلى الإمكانات المالية.
"الفجر": أيَ مصير للربيع العربي في نظركم؟
د. محمد الأحمري: مصير الربيع العربي أو مصير الصحوة السياسية هو النجاح بلا شك، مهما ظهر من عثرات، لأن الإنسان الذي ذاق الحرية أو رآها وقارنها بعصور الظلام والاستبداد لن يرجع إلى الوراء، إلى ظلمات المستبدين وعسفهم وفسادهم.
ولو اضطُر إلى أن يتراجع خطوات إلى الوراء مقهورا أو مغلوبا، فإنه تراجع مؤقت، لأنه رأى أن باب السجن يمكن كسره، والشعب من كسره. ومن ذاق الحرية ولو وقتا قصيرا، فسوف يتذكر طعمها دائما طوال حياته، وسيترك لذريته خبر أهمية الحرية وقيمتها، فالحرية ليست شيئا رخيصا يمكن إهماله أو نسيانه، إن الحرية هي ما يجعل الحياة حياة ذات قيمة، وتستحق أن يقاتل في سبيلها الإنسان السويَ، ولا يعزف عن طلبها طلبا مُلحا إلا من هانت عليه نفسه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق