السبت، 28 يونيو 2014

(7) توجيهات قرآنية في سورة الفاتحة

(7) توجيهات قرآنية في سورة الفاتحة

الدكتور يوسف القرضاوي





بسم الله الرحمن الرحيم

بداية التفسير

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه، ومن دعا بدعوته، واهتدى بسنته، إلى يوم الدين.

أيُّها الإخوة:

على بركة الله نبدأ رحلتنا مع كتاب الخلود ونور الوجود، مع القرآن، الوثيقة السماوية الوحيدة الباقية التي يملكها المسلمون وحدهم مع منهاج الخالق لإصلاح الخلق، والدستور النَّازل من السماء لهداية الأرض، الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، الكتاب الذي أحكمت آياته ثمَّ فصلت من لدن حكيم خبير.

القرآن أنزله الله للتدبر

نعيش مع كتاب الله نتدبره، فإن الله سبحانه إنَّما أنزله ليتدبر: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص:29]، نريد أن نفتح قلوبنا للقرآن، {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أم عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد:42]، نريد أن نعيش مع القرآن نتلقاه غضاً طرياً، نقرأه ونسمعه ونفهمه كما كان يسمعه ويفهمه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما قال أحد الصالحين: اقرأ القرآن كأنَّما عليك أنزل.

نريد أن نقرأ القرآن معاً ونفهمه معاً حتى نجعل منه دستوراً ومنهاجاً لحياتنا، فبركة القرآن ليست في تعليقه على الجدران، إنَّما بركته في اتباعه: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأنعام:155].

الدرس الأول

توجيهات القرآن في سورة الفاتحة

{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}.

نبدأ رحلتنا مع القرآن بفاتحة القرآن، بأمِّ الكتاب، بأمِّ القرآن، السبع المثاني، أساس القرآن، آيات سبع جاءت بها هذه السورة القصيرة الجامعة، سورة الحمد، سورة الصلاة، سورة الفاتحة، سبع آيات قصار كلُّ آية منها تمثِّل قاعدة من قواعد التوجيه للحياة الإنسانية.


القاعدة الأولى:

المسلم يبدأ أعماله بـ (بسم الله):

تبدأ السورة: ببسم الله الرحمن الرحيم، وهذا ما ينبغي أن يتعلمه كل مسلم، أنَّ كلَّ شيء يجب أن يُبدأ ببسم الله، أن يقترن بذكر الله، فالدُّنيا كما قال صلى الله عليه وسلم: «الدُّنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالم أو متعلم» لا تُبدأ الأمور باسم فلان أو علان، باسم ملك أو أمير، ولا باسم صنم من الأصنام الحجرية والبشرية، إنَّما تبدأ بسم الله، وبسم الله وحده، ولا شيء معه، ولا شيء بعده، بسم الله، هكذا علمنا القرآن الكريم، نوحٌ عليه السلام حينما ركب سفينته وأركب فيها من معه من المؤمنين قال: {ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} [هود:41]، وسليمان حينما أرسل كتابه إلى بلقيس بدأه بالبسملة: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} [النمل:31-30]، وأول آية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، خاطبه الله تعالى بقوله: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق:1]، وهكذا علمنا الإسلام أن نبدأ حياتنا وأعمالنا وكلَّ شيء ببسم الله، نأكل بسم الله، ونشرب بسم الله، ونذبح بسم الله، وفي الحديث: «كل أَمر ذِي بَال لَا يُبْدَأ فِيهِ بِبسْم الله فَهُوَ أَبتر» وفي رواية: فهو أجذم، أي مقطوع ناقص، قليل البركة.

{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، هكذا تبدأ سورة الفاتحة بوصف الله، و(الله) عَلَم على ذات الخالق الأعلى الذي يفتقر إليه كلُّ ما عداه، ويستغني هو عن كل ما سواه ومن سواه.

{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} وُصِف الله بهذين الاسمين الكريمين، الرحمن الرحيم، الرحمن والرحيم اسمان من أسماء الله الحسنى، اشتُقَّا من الرحمة على طريق المبالغة، والرحمن أشدُّ مبالغة من الرحيم، ولم يوصف بهذا الاسم الرحمن غير الله تبارك وتعالى، ولهذا يذكر على أنَّه عَلَم كما يذكر لفظ الجلالة الله: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء:110]، {الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ} [الرحمن:1-2]، ولا يجتمع الوصفان إلاَّ لله، {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} هذه هي القاعدة الأولى: أن نبدأ حياتنا ببسم الله.


القاعدة الثانية 
من قواعد التوجيه للحياة الإنسانية: تمثلها هذه الآية:
{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}:

الحمد معناه:
اعتراف بالجميل يتضمن معنى الشكر لله والامتنان فيه معنى الشكر، وبهذا يعلمنا القرآن وتعلمنا فاتحة الكتاب أن ندخل الحياة من جانبها المشرق الوضَّاء، ألاَّ ننظر إلى الأمور بمنظار أسودَ قاتم، أن ننظر إلى نعم الله تعالى عندنا فنحمد دائماً ونقول: الحمد لله، الحمد لله، هناك أناسٌ دائماً يقولون: ينقصنا كذا وكذا، ولا يقولون عندنا كذا وكذا! ولكن القرآن يعلمنا أن نحمد الله تبارك وتعالى، الحمد الله.

كان النبي صلَّى الله عليه وسلم إذا أصاب ما يحب قال: «الحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات، وإذا أصابه ما يكره قال الحمد الله على كلِّ حال»، ومن هنا أُمرنا إذا ختمنا أعمالنا أن نقول: الحمد الله، إذا أكلنا وشبعنا نقول: «الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين».

وإذا شربنا الماء العذب نقول: «الحمد لله الذي جعله عذباً فراتاً برحمته، ولم يجعله ملحاً أجاجاً بذنوبنا».

وإذا ركبنا دابَّة نقول ما علمنا الله إياه: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} [الزخرف:13-14].

وإذا استيقظنا من النوم نقول: «الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور».

وبعد قضاء الضرورة البشرية والخروج من الخلاء نقول: «الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني».

وإذا رأينا مبتلى في جسمه أو حواسه نقول: «الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به كثيراً من خلقه».

وإذا استقبلنا الصباح نقول: «اللهم إني أصبحت منك في نعمة وعافية وستر، فأتم عليَّ نعمتك وعافيتك وسترك في الدنيا والآخرة، اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشكر».

وإذا أظلنا المساء قلنا مثل ما قلنا في الصباح.

وهكذا حتى إذا دخلنا الجنَّة نقول: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر:34]، {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف:43].

وقد وصف الله أهل الجنَّة بأنَّ آخر دعواهم: {أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس:10].

وهكذا تعلمنا سورة الفاتحة هذا الشعور الذي يجب أن يملأ قلوبنا، الشعور بنعم الله، وفضله علينا، والذي يوجهنا إلى حمده وشكره جلَّ وعلا {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل:11] {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [إبراهيم:34].


معنى الربوبية

{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وهنا كان الحمد الله رب العالمين، وهذا يبين معنى الربوبية في القرآن الكريم، إنَّ الرَّبَّ هو السيد والراعي والمربِّي، وهو إذا وصف به غير الله لا يكون إلاَّ بالإضافة، فنقول: ربُّ البيت، ربُّ الَّدار، ربُّ الدَّابة، إنَّما إذا أطلق وعُرِّف فهو لله سبحانه وتعالى.

الله رب العالمين أجمعين، تقرأ التوراة تجد فيها ربَّ إسرائيل، ربَّ الجنود، أمَّا في الإسلام فهو ربُّ العالمين، العالمين كل المكلفين من الجنِّ والإنس، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107]، بل العالمون كلُّ ما سوى الله تبارك وتعالى، كما جاء في القرآن في خطاب موسى لفرعون: {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ} [الشعراء:23-24]، فهو ربُّ العوالم كلِّها، عالم الإنسان، عالم الحيوان، عالم النبات، عالم الجماد، عالم الأفلاك، كلُّ هذه العوالم يربِّيها ويرعاها ويرقِّيها في درجة الكمال، الله ربُّ العالمين كلهم، ليس ربَّ المسلمين وحدهم، ولا ربَّ العرب وحدهم، هو ربُّ العالمين، وكل ما نرى في الكون من عناية ورعاية وإحكام إنَّما هي آثار ربوبيته جلَّ وعلا. {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} هذه هي القاعدة الثانية من قواعد التوجيه للحياة الإسلامية.


القاعدة الثالثة

رحمة الله ورحمانيته للعالمين:

{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، هذه هي الآية الثالثة من الآيات السبع، إعادة لهذين الاسمين الكريمين توكيداً لمعنى الرحمة، لمعنى الرحمانية والرحمة، ليعلم الناس أنَّ رحمته سبحانه وتعالى تسبق غضبه، لم يوصف الله سبحانه وتعالى بأنَّه الغضوب، وإن كان يغضب على الظالمين والجبابرة، والمستكبرين والمعاندين والمتمردين من عباده على تعاليمه، المستعلين على خلقه، إن كان يعذب وينتقم فالعذاب من فعله وليس من صفته، والعذاب خاصٌ، والرحمة عامّة، {قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف:156]، فهو الرحمن الرحيم، هو خير الراحمين، وهو أرحم الراحمين.


القاعدة الرابعة

الله وحده المالك ليوم الجزاء:

ثم تأتي القاعدة الرابعة: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، و{مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، قراءتان من القراءات السبع المشهورة، هو المَلِك والمالك في ذلك اليوم، يوم الدين، يوم الدينونة والجزاء، كما تدين تدان، لا يملك أحدٌ في هذا اليوم شيئاً، لا الأصنام، ولا الشفعاء المزعومون، هؤلاء لا يشفعون، الله هو المتصرف {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالأمر يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} [الانفطار:19] {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر:16]، وهنا نجد الربوبيَّة تعطي نوعاً من الترهيب، ربوبيَّة الله للعالمين للعالمين، ثمَّ الرحمن الرحيم تعطي ترغيباً، تعطي ترهيباً، فهنا جمع الله في صفاته بين الرهبة منه، والرغبة إليه؛ ليكون المؤمن دائماً جامعاً بين الخوف والرجاء، يحذر الآخرة، ويرجو رحمة ربه.

القاعدة الخامسة

التوحيد رسالة الأنبياء والرسل:

{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}
، وهذه خلاصة الرسالات السماوية جميعاً، التوحيد، إفراد الله تعالى بالعبادة والاستعانة، فلا يعبد إلاَّ الله، ولا يستعان إلاَّ بالله {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، إنما حقت الحاقَّة، ووقعت الواقعة، وبعث الرسل، ونزلت الكتب؛ لإقامة التوحيد في الأرض، جاء كلُّ نبي وكلُّ رسولٍ يدعو قومه أول ما يدعو {يَا قَوْم اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف:59]، إنَّما فسدت الحياة وفسدت الأديان قبل الإسلام بدخول الشرك فيها، كان لا بد من إعلان التوحيد، وكلمة التوحيد، {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، إبطالٌ لكل الآلهة الزائفة، والأرباب المدَّعين، والمُدَعيْن في الأرض، فلا إله إلاَّ الله.


القاعدة السادسة

الهداية أعظم مطلب

للعبد من ربه:

{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}، اشتملت الفاتحة على أعظم ما يطلب العبد من ربه، وهو التوحيد {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، وعلى أعظم ما يطلب العبد من ربه، وهو الهداية، {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}، سواءً فسرنا الهداية بمعنى الإرشاد، أو بمعنى التوفيق، فالإنسان في حاجة متجددة إلى عون الله، إلى أن يهديه إلى الصراط المستقيم، كيف يسأل الله الهداية وهو مهتدٍ مسلم؟ ولكن من يستغني عن هداية الله؟ إنَّه دائماً في حاجة إلى هداية الله لئلا تلتبس عليه الطرق، وتختلف عليه الأمور، إنَّه في حاجة إلى نور في الظلمات، وفرقانٍ في المتشابهات، ثمَّ في حاجة إلى زيادة الهداية {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمد:17]، إنَّه في حاجة إلى أن يُثبته الله على هذه الهداية، فالقلوب كما قال صلى الله عليه وسلم: «إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء».


القاعدة السابعة

طريق الهداية طريق متميز:

ثمَّ هو طريق متميز، ليس هو طريق اليهود الذين غضب الله عليهم، ولا النَّصارى الذين ضلُّوا عن الحقِّ، ليس طريق الذين عرفوا الحقَّ ولم يتبعوه، ولا طريق الذين تاهوا عن الحقِّ فلم يسلكوه، إنَّه طريق الذين أنعم الله عليهم من النَّبيين والصِّدِّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، هذا هو الطريق المتميز، طريق الحق، طريق الله، طريق المؤمنين.







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق