هذا الرجل يحتاجه قيصر مصر!
شريف عبد الغني
قبل سنوات حضرت لقاء إعلامياً عقده وزير الإسكان المصري الأسبق المهندس محمد إبراهيم سليمان، لشرح خطة عمل وزارته وإنجازاته.
وقتها استهل سليمان المؤتمر بحديث ودي عن خصاله الشخصية، وبأنه إنسان عصامي يعتمد فقط على نفسه، وكيف أتيحت أمامه في مستهل حياته فرص الزواج من نساء ثريات، لكنه رفض بمنتهى الشمم.
وبرر رفضه -بعد أن قدم اعتذاره للحاضرات من السيدات والآنسات عن الألفاظ التي سيقولها لاحقاً- لإيمانه بالمثل الشعبي الذي يشبه الرجل الذي يعتمد على أموال المرأة بأنه يكون امرأة وابن امرأة، ثم نطق المثل «مرة ابن مرة اللي يبص لفلوس مرة».
إلى هنا والأمر يدخل في باب المداعبات رغم عدم علاقة القصة بموضوع اللقاء، لكن أحد العاملين مع الوزير تدخل وشق ضحكات الحضور المكتومة، وقال لسليمان تعليقاً على المثل الذي استشهد به: «سيادتك مش بس وزير كبير، ولا مهندس عظيم، لأ.. ده سيادتك كمان شاعر وفيلسوف»!، وبعبقرية الشعراء وحكمة وتواضع الفلاسفة رد الوزير بامتنان وعينيه لأسفل من الخجل وبشكل يؤكد تصديقه لكلمات النفاق الفجة: «متشكر قوي».
ما حدث في هذا اللقاء خير تعبير عن تعامل المصريين مع مسؤوليهم. إننا أساتذة في فن النفاق، علماً بأن هذا «الوزير الكبير، والمهندس العظيم، والشاعر الفيلسوف» متهم بالفساد في قضايا كبيرة، وانقلبت الدنيا عليه بعد حكم المحكمة الإدارية العليا ببطلان العقد الذي وقّعته وزارته في عهده مع بطل قضية سوزان تميم رجل الأعمال المحبوس حالياً هشام طلعت مصطفى، ويقضي بتخصيص 8 آلاف فدان بـ «الأمر المباشر» لمصطفى لإقامة مشروع «مدينتي» السكني، ويقدر خبراء أن العقد أضاع على الدولة 300 مليار جنيه، بعدما حصلت مجموعة رجل الأعمال على الأرض بتراب الفلوس.
تروي حكايات التاريخ أن أحد القياصرة الرومان كان يعامله الناس كنصف إله، فما كان من مجلس الشيوخ سوى اختيار شخص يرافقه كظله، ولا يفارقه على الإطلاق، وتكون له مهمة واحدة، هي أن يقترب من وراء القيصر، كلما نافقه أحد، ثم يهمس في أذنه ويقول: «تذكر أنك بشر».
إلى هنا والأمر يدخل في باب المداعبات رغم عدم علاقة القصة بموضوع اللقاء، لكن أحد العاملين مع الوزير تدخل وشق ضحكات الحضور المكتومة، وقال لسليمان تعليقاً على المثل الذي استشهد به: «سيادتك مش بس وزير كبير، ولا مهندس عظيم، لأ.. ده سيادتك كمان شاعر وفيلسوف»!، وبعبقرية الشعراء وحكمة وتواضع الفلاسفة رد الوزير بامتنان وعينيه لأسفل من الخجل وبشكل يؤكد تصديقه لكلمات النفاق الفجة: «متشكر قوي».
ما حدث في هذا اللقاء خير تعبير عن تعامل المصريين مع مسؤوليهم. إننا أساتذة في فن النفاق، علماً بأن هذا «الوزير الكبير، والمهندس العظيم، والشاعر الفيلسوف» متهم بالفساد في قضايا كبيرة، وانقلبت الدنيا عليه بعد حكم المحكمة الإدارية العليا ببطلان العقد الذي وقّعته وزارته في عهده مع بطل قضية سوزان تميم رجل الأعمال المحبوس حالياً هشام طلعت مصطفى، ويقضي بتخصيص 8 آلاف فدان بـ «الأمر المباشر» لمصطفى لإقامة مشروع «مدينتي» السكني، ويقدر خبراء أن العقد أضاع على الدولة 300 مليار جنيه، بعدما حصلت مجموعة رجل الأعمال على الأرض بتراب الفلوس.
تروي حكايات التاريخ أن أحد القياصرة الرومان كان يعامله الناس كنصف إله، فما كان من مجلس الشيوخ سوى اختيار شخص يرافقه كظله، ولا يفارقه على الإطلاق، وتكون له مهمة واحدة، هي أن يقترب من وراء القيصر، كلما نافقه أحد، ثم يهمس في أذنه ويقول: «تذكر أنك بشر».
وقد نجحت الحيلة فعلاً، وكان القيصر كلما واجه الناس وراحوا يهتفون بحياته، اقترب الرجل منه، في هدوء، وتسلل من وراء ظهره، دون أن يلحظه أحد، وهمس في أذنه: «تذكر أنك بشر»!!. وكان القيصر يفيق على الفور ويعود إليه وعيه، ويتذكر فعلاً أنه من طينة الناس! ثم يتصرف على هذا الأساس.
هذا ما حدث في روما، أما في مصرنا المنكوبة، فالنفاق فن تتقنه الدائرة المحيطة بالمسؤولين، وتكاد تصل بهم لمرتبة الآلهة. عدنا إلى سيرة أجدادنا قبل الإسلام. نصنع الأصنام ثم نعبدها.
وأحيانا يؤدي النفاق الممجوج والمبالغ فيه إلى مسخرة، قد تقلل من مقام الحكم، الذي له احترامه وتوقيره كما علمنا الأستاذ هيكل المنظّر الحصري لأي انقلاب على الديمقراطية، دون أن يعني هذا الاحترام وذاك التوقير وضع الحاكم في مصاف الملائكة.
هل تتذكرون الفعلة المسخرة لصحيفة «الأهرام» العريقة أواخر عصر مبارك، حيث نشرت صورة عالمية معروفة للجميع مع التدخل فيها بـ «الجرافيك» ظناً أن هذا التدخل يرضي المخلوع. كانت وكالة «رويترز» قد نشرت صورة لقادة الدول الخمس المشاركين في المفاوضات المباشرة أيامها في البيت الأبيض بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وكان الرئيس الأميركي أوباما يبدو في مقدمة الصورة، بينما إلى جواره، أو خلفه بقليل، باقي القادة، من أول مبارك، ومروراً بالرئيس الفلسطيني، وانتهاء بملك الأردن ورئيس وزراء إسرائيل.
هذا ما حدث في روما، أما في مصرنا المنكوبة، فالنفاق فن تتقنه الدائرة المحيطة بالمسؤولين، وتكاد تصل بهم لمرتبة الآلهة. عدنا إلى سيرة أجدادنا قبل الإسلام. نصنع الأصنام ثم نعبدها.
وأحيانا يؤدي النفاق الممجوج والمبالغ فيه إلى مسخرة، قد تقلل من مقام الحكم، الذي له احترامه وتوقيره كما علمنا الأستاذ هيكل المنظّر الحصري لأي انقلاب على الديمقراطية، دون أن يعني هذا الاحترام وذاك التوقير وضع الحاكم في مصاف الملائكة.
هل تتذكرون الفعلة المسخرة لصحيفة «الأهرام» العريقة أواخر عصر مبارك، حيث نشرت صورة عالمية معروفة للجميع مع التدخل فيها بـ «الجرافيك» ظناً أن هذا التدخل يرضي المخلوع. كانت وكالة «رويترز» قد نشرت صورة لقادة الدول الخمس المشاركين في المفاوضات المباشرة أيامها في البيت الأبيض بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وكان الرئيس الأميركي أوباما يبدو في مقدمة الصورة، بينما إلى جواره، أو خلفه بقليل، باقي القادة، من أول مبارك، ومروراً بالرئيس الفلسطيني، وانتهاء بملك الأردن ورئيس وزراء إسرائيل.
وبدا المخلوع في الصورة تفصله خطوتان عن أوباما، وكما أجمع المحللون أن وجود الرئيس في هذه الوضعية في الصورة لا ينال منه بأي حال، موضحين أن رئيس مصر تظل مكانته محفوظة في أي موضع وفي أي مكان.
وعندما قررت «الأهرام» إعادة نشر الصورة مع بدء الجولة الثانية من المفاوضات في شرم الشيخ، نزل وحي النفاق الرخيص على أدمغة القائمين على أمرها وتدخلوا في الصورة عن طريق «الجرافيك» ونقلوا موضع الرئيس فيها إلى موضع آخر يتقدم فيه على أوباما نفسه، رغم أنه لم يكن هناك أي مبرر يدعو الصحيفة الكبرى إلى اللعب في صورة عالمية نشرتها مختلف وسائل الإعلام في كل الدنيا على هذا النحو المكشوف، والذي وضع أقدم صحف المنطقة في موقع انتقاد وسخرية وسائل إعلام عالمية.
أما الأكثر إثارة للضحك فهو تبرير رئيس تحرير «الأهرام» الأسبق أسامة سرايا هذا اللعب المفضوح في الصورة، فبعد أن تباكى على ضياع القيم المهنية عند منتقدي صحيفته، موضحاً أن الصورة «الملعوب فيها»، هي «صورة تعبيرية تعبر تعبيراً حياً وموجزاً وصحيحاً عن الموقف السياسي الدقيق لمكانة الرئيس مبارك وموقعه في القضية الفلسطينية، ودوره المتفرد في قيادتها قبل واشنطن، رغم أهمية واشنطن ودورها».
وعندما قررت «الأهرام» إعادة نشر الصورة مع بدء الجولة الثانية من المفاوضات في شرم الشيخ، نزل وحي النفاق الرخيص على أدمغة القائمين على أمرها وتدخلوا في الصورة عن طريق «الجرافيك» ونقلوا موضع الرئيس فيها إلى موضع آخر يتقدم فيه على أوباما نفسه، رغم أنه لم يكن هناك أي مبرر يدعو الصحيفة الكبرى إلى اللعب في صورة عالمية نشرتها مختلف وسائل الإعلام في كل الدنيا على هذا النحو المكشوف، والذي وضع أقدم صحف المنطقة في موقع انتقاد وسخرية وسائل إعلام عالمية.
أما الأكثر إثارة للضحك فهو تبرير رئيس تحرير «الأهرام» الأسبق أسامة سرايا هذا اللعب المفضوح في الصورة، فبعد أن تباكى على ضياع القيم المهنية عند منتقدي صحيفته، موضحاً أن الصورة «الملعوب فيها»، هي «صورة تعبيرية تعبر تعبيراً حياً وموجزاً وصحيحاً عن الموقف السياسي الدقيق لمكانة الرئيس مبارك وموقعه في القضية الفلسطينية، ودوره المتفرد في قيادتها قبل واشنطن، رغم أهمية واشنطن ودورها».
ونسي الرجل أن يذّكر أن صحيفته عندما نشرت الصورة لم توضح للقراء -من باب الأمانة المهنية- أنها صورة تعبيرية وتم التدخل فيها.
ما فعلته «الأهرام» سبقها فيه بشكل مختلف رئيس تحرير «أخبار اليوم» وقتها ممتاز القط، حينما أراد في حمى السباق على نفاق الرئيس مع أقرانه أن يكسب الجولة بالضربة القاضية، فكتب مقالا يعدد فيه المزايا التي يتمتع بها عامة الناس، والتي لا تتاح للحاكم بسبب الأعباء والمسؤوليات الرئاسية الجسام، موضحاً أن الرئيس مثلا لا يستطيع أن يقف في المطبخ مثل المواطن العادي ويستمتع بصوت «طشة حلة الملوخية» على البوتوجاز!
أما وقد عاد مبارك لسلطان مصر من خلال وجوه مختلفة، فإن المحروسة المنكوبة لن يحدث فيها ما حدث في روما القديمة، فبدلا من الرجل، الذي يقف خلف القيصر ليذكره «لا تنس أنك بشر»، فإن القيصر عندنا محاط بآلاف يهمسون في أذنه كل لحظة بعبارة واحدة: «لا تنس أنك الإله»!
ما فعلته «الأهرام» سبقها فيه بشكل مختلف رئيس تحرير «أخبار اليوم» وقتها ممتاز القط، حينما أراد في حمى السباق على نفاق الرئيس مع أقرانه أن يكسب الجولة بالضربة القاضية، فكتب مقالا يعدد فيه المزايا التي يتمتع بها عامة الناس، والتي لا تتاح للحاكم بسبب الأعباء والمسؤوليات الرئاسية الجسام، موضحاً أن الرئيس مثلا لا يستطيع أن يقف في المطبخ مثل المواطن العادي ويستمتع بصوت «طشة حلة الملوخية» على البوتوجاز!
أما وقد عاد مبارك لسلطان مصر من خلال وجوه مختلفة، فإن المحروسة المنكوبة لن يحدث فيها ما حدث في روما القديمة، فبدلا من الرجل، الذي يقف خلف القيصر ليذكره «لا تنس أنك بشر»، فإن القيصر عندنا محاط بآلاف يهمسون في أذنه كل لحظة بعبارة واحدة: «لا تنس أنك الإله»!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق