الخميس، 19 يونيو 2014

غفر اسرائيل


غفر اسرائيل

آيات عرابي
نقلالتعاون السري ( من تحت الترابيزة ) بين قيادات العسكر في مصر إلى العلن وبمنتهى البجاحة, فاصبح الجيش في سيناء يعمل ( غفيراً ) بدون أجر لحراسة الطيران الاسرائيلي في ايلات, بل أن موقع اخباري اسرائيلي نشر أن العرص وافق على طلب أسياده في تل أبيب بضرب غزة.

لم يكن من الممكن أن يتقبل المصريون بعد حرب فلسطين إقامة سلام مع الكيان المغتصب لفلسطين, وكان الجيش المصري ما يزال يحتفظ في ذاكرته بذكريات قصف الطائرات المصرية لمواقع ( العصابات اليهودية ) كما كان يطلق عليها الإعلام في ذلك الوقت, وتبادل عبد الناصر رسائل سرية مع رئيس الوزراء الاسرائيلي وقتها عبر عبد الرحمن صادق في باريس, وارسل مبعوثاً شخصياً لبن جوريون وهو ابراهيم عزت مراسل روزا اليوسف والذي قضى 11 يوماً هناك التقى خلالهم برئيس الوزراء الاسرائيلي بن جوريون وعندما عاد التقى بصلاح نصر مدير المخابرات العامة الذي أكد عليه بعدم الحديث عن الزيارة مع أي شخص مهما كانت درجة قرابته منه مراعاة لمشاعر الرأي العام, غير أن تفاصيل الزيارة تسربت لمجلة الحوادث اللبنانية وكانت فضيحة, فأمر عبد الناصر مجلة روزا اليوسف أن تقول أن المخابرات المصرية خدعت المخابرات الاسرائيلية وارسلت جاسوساً لمدة 11 يوماً !!!!!

كانت هذه الزيارة قبيل حرب 56 بقليل وكان الدرس المستفاد هو أن الرأي العام في مصر لا يتقبل أبداً عقد اتفاق سلام مع كيان مغتصب, فكان من الضروري تجهيز الرأي العام في مصر عن طريق حرب خاطفة سريعة يفقد فيها الجيش المصري سيناء وتعلن اسرائيل استيلاءها عليها وضمها لما يسمى باسرائيل, وبعد هذه الصدمة وانشغال المصريين في معركة بورسعيد صدر الانذار الأمريكي - السوفييتي ( لاحظوا أن الحكومة الأمريكية عملت ونسقت مع الحكومة السوفييتية برغم العداء الأيديولوجي الشديد بينهما ) فانسحب الجيش الاسرائيلي من سيناء بعد أن كان بن جوريون قد اعلن ضم سيناء في الكنيست ..

بعد حوالي 10 سنوات من هذا التاريخ, وبعد تجربة حرب خاطفة استولت فيها اسرائيل على سيناء كان من الممكن أن تقوم اسرائيل بالاستيلاء على سيناء, دون أن يُصْدَم الرأي العام في مصر في عبد الناصر شخصياً, وفي اجتماع لقيادات الجيش في يوم الجمعة الثاني من يوليو أمر عبد الناصر الفريق صدقي قائد سلاح الطيران بتلقي الضربة الأولى على الرغم من وجود معلومات تفصيلية عن توقيت الهجوم الاسرائيلي ! ( مسجل بالصوت في شهادة الفريق صدقي )

المهم أنه تم تسليم سيناء بالكامل بعد تدمير سلاح الطيران المصري بالكامل تقريباً وتعطيل قدرات الجيش لمدة 7 سنوات !!

وجاءت حرب أكتوبر ( والتي كانت ضرورة لابد منها ) وفي أثناء المعركة أمر السادات فجأة وعلى خلاف الخطة التي وضعها الفريق الشاذلي ووافق هو شخصياً عليها, بتطوير الهجوم وهو ما حذر منه القادة العسكريين, وانتهت الحرب بالتعادل تقريباً بعد أن عبرت القوات الاسرائيلية الى السويس وحاصرت الجيش الثالث وأخذت عدداً كبيراً من الأسرى المصريين وقتها ..

وكانت معاهدة السلام التي تم بسببها إخلاء سيناء تماماً من السلاح, والشعب المصري فرح بمشهد طابور من الأسرى الاسرائيليين لا يزيد عدده عن 300 أسير اسرائيلي, والكرامة عادت للعسكرية المصرية بعبور خط بارليف, وباقي مساحة سيناء عادت ( إسمياً ) إلى مصر بالمفاوضات, بعد ذهاب السادات ( المنتصر ) إلى ( الكنيست ذاته ) ليطلب من اسرائيل ( المهزومة ) السلام !

وظلت سيناء خالية من الجيش طوال فترة حكم ( الكنز الاستراتيجي ) الذي عمل على ضمان خلو سيناء من السلاح وعدم إقلاق راحة اسرائيل, وجاءت الثورة, وخلال أحداثها تمت محاصرة السفارة الاسرائيلية في القاهرة, وكان هذا المشهد أكبر انذار لاسرائيل ..

وتم انتخاب الرئيس مرسي كأول رئيس منتخب لمصر منذ 6 آلاف عام, وبدأ يتحدث عن تنمية سيناء, وبعد دخول القوات المصرية إلى سيناء, نشرت الصحف الأوربية انباء مطالبة اسرائيل الولايات المتحدة بالضغط على الرئيس مرسي, لسحب القوات من سيناء
 (يمكن الرجوع لهذه الصحف عن طريق البحث باللغة الانجليزية ) 

وبعد الانقلاب, دخلت طائرة اسرائيلية بدون طيار لتقتل مواطنين مصريين ونشر الخبر في كل صحف العالم وقتها ما عدا مصر, ولبناء نفس الصورة الناصرية, تم اطلاق عدد من النائحات والنابحين ليقولوا للناس أن ( العرص الاستراتيجي ) يهدد بقاء اسرائيل, وأنه هدد بضرب الأسطول الأمريكي في البحر الأبيض المتوسط, ولم تمض أيام على هذا التخريف, حتى قال ايهود باراك على السي ان ان انه ( يجب على العالم كله دعم وزير الدفاع المصري ) !!

وهو من الذي أدخل كتيبة كاملة عند طابا لحماية الطيران الاسرائيلي, وهو من نقل التعاون السري ( من تحت الترابيزة ) بين قيادات العسكر في مصر إلى العلن وبمنتهى البجاحة, فاصبح الجيش في سيناء يعمل ( غفيراً ) بدون أجر لحراسة الطيران الاسرائيلي في ايلات, بل أن موقع اخباري اسرائيلي نشر أن العرص وافق على طلب أسياده في تل أبيب بضرب غزة.

وهكذا تطورت دولة العسكر التي زرعها الامريكان في مصر عبر رجلهم عبد الناصر ( الذي كان يجعجع امام المصريين ضد أمريكا بينما يقابل مدير مكتب مخابراتهم في الشرق الأوسط سراً ) من التعاون الخفي إلى وظيفة كلاب الحراسة للعدو الاسرائيلي ..

وأهمية سيناء تأتي من أن فلسطين دولة ذات مساحة ضيقة من الناحية الجغرافية, ولضعف الإمكانات السكانية لليهود المحتلين من جهة أخرى, ولذلك تسعى اسرائيل من ضمن ما تسعى إلى أن يكون لها صبية يعملون كغفر من حولها, يتعاونون معها أحياناً ويمسحون حذاءها أغلب الأحيان, كما يفعل العرص الاستراتيجي غفير اسرائيل الآن ...







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق