الأربعاء، 18 يونيو 2014

عندما يتحدث بشار بعد فوزه الكاسح


عندما يتحدث بشار بعد فوزه الكاسح

ياسر الزعاترة
http://twitter.com/yzaatreh


فلندع المقدمة الطللية التي وضعها سامي كليب (زوج مستشارة بشار الأسد الإعلامية؛ لونا الشبل) للمقابلة التي أجراها مع (الرئيس) لحساب صحيفة الأخبار التابعة لحزب الله، والتي كانت مبتذلة إلى حد كبير، بإسهابها في وصف إجراءات الأمن التي لم تشمل أي تفتيش (كناية عن الثقة بالنفس)، كأن المعني ليس من شبيحة بشار المعتبرين، أو كأن زوجته ليست هي من رتب اللقاء، فضلا عن وصف الحياة اليومية للرئيس الواثق من نفسه والمواظب على رياضته ونشاطاته الطبيعية؛ كأن سوريا ليس فيها حرب ولا من يحاربون!!
لندع ذلك كله ولندخل في صلب المقابلة التي لم تنشر كسؤال وجواب، بل كمقتطفات وضعت بين مزدوجين، مع شيء من الشرح والتوضيح الذي ينطوي بدوره على مديح استثنائي، وإرادة عكس ثقة بشار بنفسه أيضا، وبدوره ومستقبل الصراع في سوريا.
بعد القول إن «الحوار هو عنوان المرحلة المقبلة»، ولا ندري عن أي حوار يتحدث، هل هو حوار البراميل المتفجرة التي تسقط على المدنيين العزل، أم ماذا؟ (لا قيمة هنا لحديثه عن صفقة حمص، لأنها كانت خوفا من مواجهة من لا يملكون شيئا كي يخسروه، ومن أجل الرهائن الإيرانيين أيضا)، بعد ذلك يقول بشار، منذ بداية الأزمة «بقيت ألتقي بالناس والوفود التي تأتي إلي أو أذهب إليها. 
شعرت منذ اللحظات الأولى لهذه الأزمة التي أدخلوها إلى بلادنا لتدمير سوريا أن الناس تثق بالدولة ورئيسها وجيشها».
من المؤكد أن بشار يتحدث عن الجزء الذي يؤيده من الشعب، وليس كل الشعب، والجزء المذكور هو الأقلية لا أكثر، حتى لو قيل إن الغالبية لم تنتفض، لأن الانتفاضة تكون من جزء من الشعب، بينما تشكل البقية حاضنة شعبية لها، فيما يعلم الجميع أن من يؤيدونه هم طائفته، والأكثرية بين الأقليات الأخرى، مع جزء محدود من الغالبية السنيّة (ربع السكان في أحسن الأحوال).
بعد ذلك يقفز صاحب المقابلة إلى الموقف الروسي الذي يعلق عليه بشار قائلا: «بوتن كان ولا يزال يدعم الموقف السوري لإدراكه أن ما تعرضت له سوريا ليس نتيجة غضب شعبي، وإنما لرغبة دول خارجية بتدمير دورها». أليس هذا هو السخف بعينه؟! بوتن ضد كل الثورات لاعتبارات تتعلق بشخصيته كضابط مخابرات، وبسبب موقفه من الإسلام السياسي، فضلا عن موقفه من النظام كحليف أخير في المنطقة إلى جانب إيران، وليس لأنه يعلم أن ما جرى ليس نتاج غضب شعبي.
ثم ينتقل بشار إلى الموقف الإيراني، وليأخذه أيضا بروحية سخيفة، حيث يقول «يدرك الحليف الإيراني أن الحرب على سوريا تستهدفه أيضا لأنها تستهدف كل خط المقاومة وداعميها». ولا ندري ماذا سيكون مصير خط المقاومة بعد الصفقة مع واشنطن بشأن النووي، وأين ذهب الخط المذكور في صفقة الكيماوي (دعك من نهاية المقاومة عمليا بالنسبة لحزب الله من خلال ترتيبات حرب يوليو 2006)؟! إنه فقط يهرب من سؤال الموقف الطائفي، ومن سؤال المصلحة الإيرانية في الحفاظ على ركن استراتيجي في مشروع تمددها في المنطقة.
ونذكّر بأن المقابلة جاءت قبل ورطة إيران الجديدة في العراق، وربما ورطته هو أيضا (أعني بشار).
بعد ذلك يدخل إلى الموقف الغربي، وما يشهده من تطورات إيجابية بعد أن بدأ «الإرهاب يقترب منهم، وهو ما يعني أن ثمة تحالفا جديدا في السياق، لكنه يحيل ذلك إلى اليأس من تغيير الوضع في سوريا أيضا؛ إذ يقول: «لن يستطيع الغرب أن يفعل أكثر مما فعل لتغيير المعادلة. يحكون عن أسلحة فتّاكة وغير فتّاكة.
الأسلحة كلها متوفرة عند المسلحين الإرهابيين منذ فترة طويلة بما فيها المضادات للطائرات». أين هي الأسلحة المضادة للطائرات، ولماذا لا تسقط طائراته التي تلقي البراميل المتفجرة على المدنيين العزل؟!
كان لافتا في حديثه التالي عن الدول التي تقاتل نظامه؛ ما كشفه عن أن أحدها «حين بدأت الأزمة، أرسل «يطلب منا أن نسحق المنتفضين، خصوصا الإخوان المسلمين سريعا وعرض المساعدة»، لكن الموقف ما لبث أن تغير، وهو ما رده إلى الحقد الشخصي (أين كان حين عرضوا المساعدة؟!)، ولم يأت على سيرة موقفهم الداخلي شعبيا، ولا عن موقفهم من إيران.
في سياق الدعاية أيضا، وقبل نهاية المقابلة، ذهب بشار إلى القول «إننا أوقفنا المؤامرة على الصعيد الاستراتيجي، وإن الدولة ستنتصر حتى لو تطلب الأمر وقتا للقضاء على كل الإرهابيين. لكن تحديد وقت لنهاية الحرب غير منطقي الآن». هنا تحديدا بدا متواضعا، إذ لم يجزم بالمدى الزمني للمعركة.
بعد ذلك تطرق إلى لبنان، أولا إلى حزب الله، فقال: «لم يعبّر السيد نصرالله يوما سوى عن تعاطف ودعم لن تنساه سوريا ولا السوريون. ما يراه السيد في لبنان نراه». 
وهذا ينطوي على اعتراف بدعم الحزب (لا ذكر لدعم إيران العسكري، ولا للميليشيات الشيعية الأخرى)، وثانيا إلى ترشيح عون لرئاسة لبنان، حيث قال: «نرحب بانتخاب عون رئيسا لما فيه مصلحة لبنان أولا، ومصالح علاقات الأخوة. ونعرف عنه أنه وطني لا طائفي ومؤمن بالمقاومة والعروبة». 
هل هذه أوصاف تنطبق على عون حقا، وهل يؤمن بالعروبة والمقاومة، وهل ينطلق من غير المنطلقات الطائفية التي يصرِّح بها علنا، بحديثه عن تحالف الأقليات (ضد الغالبية بكل تأكيد)، ما يسخِّف كل كلام بشار في فقرة أخرى عن «لا طائفية المعركة».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق