الشيطان الأكبر.. أصبح الأخ الأكبر!
(أحمد منصور)
ارتبط مصطلح «الشيطان الأكبر» بالثورة الإيرانية التي قامت عام 1979 حيث قررت الولايات المتحدة الأميركية التخلي عن أكبر عملائها في المنطقة وربما في العالم وهو شاه إيران محمد رضا بهلوي بل والتخلي عن حكم الأسرة البهلوية التي حكمت إيران منذ العام 1925 لكنها كانت امتدادا لحكم ملكي استمر قرونا طويلة، ولم يكن قرار الولايات المتحدة بالتخلي عن شاه إيران سوى سلوك امتهنته مع كل عملائها الذين تستخدمهم لآخر رمق ثم ترميهم كالورقة الذابلة حتى أنها رفضت إقامة الشاه على أراضيها ولم توسط أي حليف لها لقبوله.
لكن السادات قبله في النهاية حتى مات على أرض مصر، لكن الشاهد هنا ليس الشاه ولكن النظام الذي قبلت الولايات المتحدة بقيامه في إيران بعد الشاه وهو نظام ولاية الفقيه، حيث كان آية الله الخميني يقيم في باريس، ومن المؤكد أن الولايات المتحدة لو كانت تعلم أنها سوف تؤسس لنظام معاد لها لم تكن تسمح لآية الله الخميني أن يعود من باريس لطهران على متن طائرة فرنسية، حتى يؤسس تلك الدولة المعادية للولايات المتحدة والسياسة الغربية في المنطقة، لكن ما حدث هو أن إيران دخلت علنا في حرب كلامية مع «الشيطان الأكبر» طيلة ربع قرن دون أي مواجهة على الأرض، كما أن شواهد كثيرة ظهرت بعد ذلك أكدت أن ما كان يجري وراء الكواليس كان تعاونا كبيرا، فقد حدث تعاون بين الإيرانيين والأميركيين وصل ذروته بعد أحداث الحادي من عشر من سبتمبر وترسخ بعد الاحتلال الأميركي للعراق، ثم بلغ ذروته الآن بعدما قام السنة في العراق بانتفاضة مسلحة ضد نظام المحاصصة الطائفية الذي وضعته أميركا وإيران ورئيس الحكومة نوري المالكي المدعوم من الولايات المتحدة وإيران في آن واحد.
فبعدما قررت الولايات المتحدة شن هجوم على نظام طالبان في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر وقعت عدة اجتماعات بين مسؤولين استخباراتيين رفيعي المستوى من الولايات المتحدة وإيران، وأمد الإيرانيون الأميركيين بمعلومات كبيرة عن طالبان وتنظيم القاعدة على اعتبار أنها كانت تخترق أفغانستان المجاورة لها، كما سمحت للطائرات الأميركية القادمة من القواعد البعيدة أن تستخدم المجال الجوي الإيراني، وحينما هرب كثير من مقاتلي القاعدة وطالبان إلى إيران، قام الإيرانيون بتسليم كثيرمن هؤلاء للأميركيين الذين نقلوهم بسهولة إلى غوانتاناموا، وحينما قررت الولايات المتحدة في العام 2003 أن تتخلص من عدو إيران اللدود صدام حسين تعاون الإيرانيون إلى حد بعيد في إمداد الأميركيين بكافة المعلومات الاستخباراتية المتوفرة لديهم وساهموا بإمدادهم بالخرائط والأهداف، وكان قادة الأحزاب الشيعية العراقية المتعاونون مع إيران مثل نوري المالكي والجعفري والجلبي هم أبرز المتعاونين مع الأميركيين للإطاحة بنظام صدام مقابل محاصصة طائفية تعطي الشيعة الغلبة في كل شيء وتمكنهم من حكم العراق، وهذا ما حدث بالفعل حتى أن الولايات المتحدة فرضت نوري المالكي للمرة الثانية كرئيس للحكومة بعدا نتخابات العام 2010 رغم الكراهية الشديدة له من معظم الأطراف وفشله في الولاية الأولى وطائفيته القاتلة، وفرضته مرة أخرى الآن بعد انتخابات العام 2014
لكن الانتفاضة السنية الشاملة التي يركز الإعلام على أنها انتفاضة داعش سوف تغير الخريطة السياسية والجغرافية في العراق، لكن الشيطان الأكبر الذي لم يكن من البداية سوى الأخ الأكبر سوف يجلس مع الإيرانيين هذه الأيام على هامش مؤتمر فيينا حول الأسلحة النووية لوضع خطط جديدة لكيفية القضاء على قوة السنة في العراق تحت دعوى محاربة الإرهاب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق