إدارة الصراع ضد ثعابين الإرهاب الإقليمي
داود البصريلاشك أن منطقة الخليج العربي، والشرق الأوسط، قد دخلت في منعطف تاريخي حاد مع حالة المواجهة الإقليمية الشاملة التي دشنتها «عاصفة الحزم» السعودية ضد قوى الظلام والتآمر والتخريب والفتنة الطائفية الرثة التي يريد النظام الإيراني الإرهابي وحلفاؤه من عتاة الإرهاب الدولي فرضها على المنطقة لتحقيق الأهداف القديمة في خلق مجالات التوسع والهيمنة الحيوية، والسعي المجرم لإسقاط الأنظمة وإدارة الفوضى وتحقيق الأحلام المريضة.
فمع الخطوة التاريخية والمتقدمة لـ «مجلس التعاون» الخليجي في تحديد مكامن الخطر والخلل، وتصنيف «حزب الله» اللبناني والمنظمات والجماعات المنبثقة عنه كجماعات إرهابية، تدخل عملية إدارة الصراع في الشرق مرحلة جديدة ومختلفة ،لحمتها وسداها العمل الحثيث لتجفيف منابع ومصادر ذلك الإرهاب الذي تحول لحالة مرضية ساهمت في تعطيل وشلل عدد من الدول العربية وإدخالها ضمن دائرة الدول الفاشلة.
فـ«حزب الله» اللبناني، مثلا، الذي سوق نفسه من خلال شعارات المقاومة والممانعة والصمود والتصدي اتضح لاحقا أن منهجيته وأجندته لا علاقة لها أبدا بالمصالح الوطنية ، بل أنها ترتبط بقيادة مركزية أممية تخطط لمصالحها الخاصة ولأجنداتها الوطنية أيضا ، وهذه الحالة تشبه إلى حد بعيد أيام الحرب الباردة في خمسينيات القرن الماضي وما تلاها حين كانت موسكو قبلة للفكر الشيوعي والماركسي، وكان الاتحاد السوفياتي الراحل القبلة الأيديولوجية لمجاميع الأحزاب الشيوعية التي كانت مندرجة ضمن إطار ما عرف في حينه بـ «الأممية الثالثة»، وحيث كانت موسكو المحور الذي تدور حوله مناهج وسياسات، وولاء الأحزاب الشيوعية في العالم الثالث، حتى قيل على سبيل التندر إذا أمطرت في موسكو رفع الشيوعيون العرب مظلاتهم!!
وحالة «حزب الله» أو «أحزاب الله» في المنطقة متشابهة بعد أن تمكن الإيرانيون من خلال ذلك الحزب بالتباهي، والقول انهم تمكنوا من الهيمنة على أربع عواصم عربية، ومن أنهم جعلوا الجندي الإيراني يتمشى بحرية بين كابول في وسط آسيا وبيروت على البحر المتوسط مرورا بعاصمتي الخلافة بغداد ودمشق!! «حزب الله» هو جزء من المشروع الإمبراطوري الهمايوني الإيراني بنسخته المنقحة الجديدة.
وبهذه الصيغة، وذلك التوصيف عمل جاهدا من أجل تسويق الرؤى الإيرانية والتآمر على دول المنطقة ، وفتح معسكرات التدريب للعناصر الشبابية المؤمنة بذلك المشروع متخذين من فوضى الأوضاع العراقية ميدانا عمليا للحشد والتعبئة ، وجاءت الحرب السورية لتضفي على المشهد أبعاد درامية دموية زاعقة من خلال مشاركة «حزب الله» الفاعلة في قيادة الجموع الطائفية الرثة القادمة من العراق وباكستان وأفغانستان في إدارة حرب دموية رهيبة ضد الشعب السوري قدم فيها الحزب خسائر بشرية عالية جدا ومكلفة من قيادات ميدانية شهيرة، وبما جعله في مواجهة حقيقية مع الشعب السوري الثائر ورسم أخاديد الدم والكراهية في العلاقة بين الشعبين الشقيقين ،وهو يدافع عن نظام إرهابي إجرامي بصليل شعارات طائفية رثة ليست من ضمن حسابات الثورة السورية الشعبية الباحثة عن سورية حرة وديمقراطية وحضارية ودستورية.
لقد توضح دور «حزب الله» التخريبي كبندقية إيرانية للاستخدام والإيجار للأسف وتهاوت أسطورة المقاومة أمام إصرار قيادة الحزب على توريط الشباب اللبناني في المحرقة السورية، والمضي بعيدا في ممالأة الأطماع الإيرانية وتصعيد الروح الطائفية، لقد صبرت دول «مجلس التعاون» طويلا على القذى وكان لابد لقوس الصبر من منزع، وكان لابد من تحرك ميداني يضع الأمور في نصابها ضمن إطار الدفاع المشروع عن الأمن الوطني والقومي الذي أصيب في مقتل بعد تمدد النشاط التخريبي للحزب إلى جنوب الجزيرة العربية واعتراف حسن نصر الله المخزي أمام الملأ أن حربه ضد السعودية هي أقدس من الحرب ضد إسرائيل!
لقد بانت الحقائق العارية وتبين الخيط الأبيض من الأسود من الغدر، من دون شك إن معركة تجفيف المنابع الإرهابية ليست سهلة أبدا، لكن ليس من المستحيل كسبها ، لكونها ذات تفرعات وأطر ومجالات متعددة ومتشابكة أخرى ، لقد بدأت الخطوة المركزية الأولى في طريق هزيمة الإرهاب الفاشي الأسود ، وما زال الملف مفتوحاً على احتمالات وتطورات عديدة مقبلة وشائكة ومتداخلة ، لا للإرهاب بكل صيغه وأشكاله ، نعم للأمن والسلام والبناء.
المصدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق