الزواج الحرام بين يناير ويونيو
وائل قنديل
ما يسمى قانون تجريم الإساءة لثورة يناير 2011 والثورة المضادة في 30 يونيو، ليس أكثر من محاولة بائسة من قائد الانقلاب العسكري لانتزاع شرعية وهمية لجريمة دهس ثورة يناير، بدعوة من العسكر والشرطة وفلول الدولة العميقة في الثلاثين من يونيو 2013.
إنهم لا يحبون ثورة يناير، لكنهم طامعون في تزويجها بالإكراه من انقلاب كريه، ومن ثم لا بأس من محاولة التدليس على أهلها بعبوة تشريعية مسمومة مثل التشريع المزمع إصداره لتجريم الإساءة للثورات.
إن كل يوم يمر يكشف أن حشد الجماهير في نهاية يونيو 2013 لم يكن من أجل ثورة أو استكمال ثورة، بقدر ما كان عملية نصب سياسي محبوكة صُنعت في معامل الدولة العميقة للقضاء على ثورة يناير قضاء مبرماً.
ومع احترامي لأعضاء "حزب الاستعاذة" وأعني بهم الذين يسبّون الضحية مرتين كي يمرروا جملة في حق الجلادين، فإن الإصرار على المزج بين "فرات يناير" و"أجاج يونيو"، هو نوع من الهروب من مواجهة الذات التي استجابت لإغواء الثورة المضادة وركبت فوق عربة الانقلاب، حتى قيل لهم إنهم حمولة زائدة فغادروا، وقرروا المساواة بين القاتل والمقتول في الإدانة، بحثاً عن براءة ليست مستحقة تماماً.
لقد قلت في اليوم التالي لعملية الحشد الثوري الزائف في 30 يونيو 2013 إن الثورات بالنيات لا باللقطات المكبرة لحشود مصنوعة. وأكرر هنا ما كتبته نصاً:
شكلًا: هناك حشد شعبوي هائل في مصر كلها خرج يطلب رأس الرئيس المنتخب، وهناك اجترار لشعارات وهتافات ثورة يناير على ألسنة جديدة، والأماكن هي الأماكن، التحرير وتجلياته في المحافظات.
ومضموناً: هذه روح أخرى وكيمياء مختلفة للغضب، يسود فيها منطق الانتقام على ميتافيزيقا الحلم، وينبني الحشد على قواعد ومرتكزات لا تشبه تلك التي ارتفعت فوقها عمارة ثورة يناير، ومن ثم لا يمكن التسليم بأن الثلاثين من يونيو 2013 هو الثاني عشر من فبراير 2011، أو أن يونيو هو استكمال أو امتداد لثورة يناير.
أية روح ينايرية هنا، بينما رئيس وزراء مبارك أثناء موقعة الجمل يطلّ برأسه على الساحة، موزعاً الحصص، وواضعاً السيناريوهات، ومقسماً غنائم معركة لم تضع أوزارها بعد؟
كيف يمكن الحديث عن قيم يناير، بينما الجنرال يرسم الأدوار، ويضع محمد البرادعي في مركز متقدم من الحكم الجديد.
البرادعي الذي حين سئل عن ترشّح شفيق للانتخابات الرئاسية ردّ في حوار مع "قناة النهار" بالقول: "كيف يقدم أحمد شفيق نفسه رئيساً لمصر الثورة؟!!".
هناك قدر من الحياء يجب أن يصل لبعض الناس، فالثورة تغيير الفكر، وليس فقط تغيير الأشخاص.. ويا ريتنا قمنا حتى بتغيير الأشخاص!.
إن من لا يريد أن يرى أن النزال العنيف الآن هو بين دولة مبارك ودولة 25 يناير حرّ فيما يراه ويعتنقه.
إن من لا يريد أن يرى أن النزال العنيف الآن هو بين دولة مبارك ودولة 25 يناير حرّ فيما يراه ويعتنقه.
غير أن العقل يأبى أن يعتبر ثورة اختارت الخامس والعشرين موعدا لها، لتكون ثورة ضد قمع الشرطة بالأساس، شبيهة بأخرى تتصدرها مسيرات بوليسية بالزي الرسمي.
إن يناير كان شهر ميلاد الثورة، بينما يراد ليونيو أن يكون تاريخ وفاتها ومواراتها الثرى، لتحقق مقولة الجنرال "ثورة على الثورة"، وبالتالي فهي ثورة مضادة بامتياز.
هذا ما قلته صبيحة الضربة الأولى للانقلاب، واليوم وبينما تمنحنا الأيام لحظة استثنائية لاستعادة كيمياء يناير مجددا، من المهم هنا أن يدرك العائدون إلى الميادين أن الحكم بتبرئة مبارك ونظامه ليس جوهر القضية، بل هو أحد أعراض الداء العضال الذي أصاب مصر، وواحد من تجليات الانقلاب على ثورة يناير، وعلى ذلك لا مجال هنا لممارسة عجرفة سخيفة بين فصائل الثورة المختلفة، ولا وقت للاستمرار في ملهاة الاعتذارات التي تمثل مهربا لطيفا للهاربين من مسؤولياتهم.
إن يناير كان شهر ميلاد الثورة، بينما يراد ليونيو أن يكون تاريخ وفاتها ومواراتها الثرى، لتحقق مقولة الجنرال "ثورة على الثورة"، وبالتالي فهي ثورة مضادة بامتياز.
هذا ما قلته صبيحة الضربة الأولى للانقلاب، واليوم وبينما تمنحنا الأيام لحظة استثنائية لاستعادة كيمياء يناير مجددا، من المهم هنا أن يدرك العائدون إلى الميادين أن الحكم بتبرئة مبارك ونظامه ليس جوهر القضية، بل هو أحد أعراض الداء العضال الذي أصاب مصر، وواحد من تجليات الانقلاب على ثورة يناير، وعلى ذلك لا مجال هنا لممارسة عجرفة سخيفة بين فصائل الثورة المختلفة، ولا وقت للاستمرار في ملهاة الاعتذارات التي تمثل مهربا لطيفا للهاربين من مسؤولياتهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق