الخميس، 11 ديسمبر 2014

«الإسلام السياسي» و«المسيحية السياسية»!

«الإسلام السياسي» و«المسيحية السياسية»!

خلود عبدالله الخميس
بالأمس فازت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل رئيسة لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، وهي المرشح الوحيد لزعامته، وقد أعاد انتخابها في المؤتمر العام السابع والعشرين للحزب 884 مندوباً للحزب مقابل 30 معارضاً وامتناع خمس عن التصويت.
«المسيحية السياسية» مصطلح أطلقته على الأحزاب السياسية ذات المرجعية الدينية والتي تمارس دوراً سياسياً فاعلاً في النظام الديمقراطي العالمي لإدارة الدول ولديها أهداف لتقلد الحكم.
وبمقابله مصطلح «الإسلام السياسي» وله نفس التوصيف ويطلقه المعارضون لربط السياسة بالدين والمنادين بفصل الدين عن الدولة أو العلمانيون والليبرالية الجديدة التي ظهرت بعد فوز الإسلام السياسي في الانتخابات الديمقراطية نتاج ثورات «الربيع العربي» لشعوب المنطقة.
لنأخذ حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي مثلاً على «المسيحية السياسية» التي بلغت سدة تحكم، وحزبا النهضة التونسي والحرية والعدالة المصري مثالان على الإسلام السياسي.
في دستور ألمانيا يعتبر العمل السياسي من الواجبات الدستورية حيث الأحزاب تساهم في بناء الوعي السياسي للشعب، أما في تطبيقات الديمقراطية في تونس ومصر، ولن أقول الدستور لأن دساتيرهم كلام فارغ بين دفتين فخمتين.
فالمشاركة السياسية من الشعب واختياراته ليست إلا مشروع استطلاع رأي عام غير ملزم أن يطبقه أحد.
في تونس «مؤسسة الثورة المضادة» الحليفة لـ «بن علي» قوضت نتاج ثورة الياسمين، واضطر حزب النهضة الفائز ديمقراطياً للانسحاب من الحكم حقناً لدماء العاملين في السياسة ذات المرجعية الإسلامية. وعقلانية بين جنون الغدر والخيانة داخلياً وخارجياً.
وفي مصر دخل حزب الحرية والعدالة في حرب منذ أن تقلد الحكم الدكتور محمد مرسي، واستحال الشارع إلى حرب عصابات لإثبات فشل تجربة الإسلام السياسي. والنتيجة أن مرسي تمسك بمنصبه كحاكم شرعي ضمن منهج الديمقراطية العالمي (الأغلبية تحكم) فانقلبت عليه المؤسسة العسكرية بمساندة المؤسسات الدينية المسيحية والإسلامية وأموال دول إسلامية!
ألمانيا بدأت منح الأحزاب على تعويض مادي من الدولة مقابل النفقات التي تتحملها للحملات الانتخابية، فأصبح مبدأ تتبعه معظم ديمقراطيات العالم. وهناك شرط أن تؤمن تلك الأحزاب بالدولة الديمقراطية لتستحق الدعم. أما الأحزاب التي يشكك في ديمقراطيتها فتمنع بناء على طلب تتقدم به الحكومة، ولكن ليس هناك ما يلزم بمنع هذه الأحزاب، بينما عندما تتبين أن من هذه الأحزاب من يشكل خطراً على النظام الديمقراطي في البلاد. تقدم طلباً بحظره. أما قرار المنع بحد ذاته فهو محصور بالمحكمة الدستورية العليا لتفادي خطورة منع الأحزاب السياسية الحاكمة أي حزب يعارضها، ويشكل خطرا سياسيا منافسا لها بادعاء أنه يمثل خطراً على النظام الديمقراطي في الدولة. وكانت طلبات حظر الأحزاب في تاريخ الدولة الاتحادية قليلة جدا، ومن النادر حظر أحدها؛ لأن الدستور الألماني يشجع ويدعم الأحزاب فهي أداة تعبير عن آراء المجتمع واتجاهاته. وأيضاً هي من يتحمل مخاطر فشله في الانتخابات.
أحزاب الإسلام السياسي التي فازت لوحقت أموالها وأموال أعضائها الشخصية، وكل من له علاقة بها وصودرت وحرقت مقراتها وحتى المشاريع الخيرية التي أنشأتها وتقدم الخدمة المجانية للفقراء والمحتاجين فتم تدميرها وإغلاقها.
هذا ما تفعله الدول في الإسلام السياسي، بينما المسيحية السياسية تزدهر وتكبر.
تنتمي أحزاب الاتحاد المسيحي لعائلة «الأحزاب الأوروبية المسيحية» وتشارك في كافة أنحاء ألمانيا تحت اسم الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) عدا ولاية بافاريا (بايرن) فقد تخلى الحزب عن التواجد باسمه فتحا للمجال لشريكه حزب «الاتحاد الاجتماعي المسيحي» (CSU) وقد اعتاد ممثلو الحزبين في البرلمان على بناء كتلة برلمانية مشتركة.
أما الأحزاب التي حكمت فيما بعد الربيع العربي من «الإسلام السياسي» فتنتمي لتنظيم جماعة الإخوان المسلمين الدولي. النهضة والحرية والعدالة. فماذا فعل فيها؟
حُظرت بلمح البصر، وسجن وقتل قياداتها في مصر حتى الصف الخامس، ولم ينجُ طلبة المدارس والجامعات من القتل والسجن والفتيات من الاغتصاب والتنكيل. 
أما في تونس فقد اتعظوا من مصر، أخذوا منهج السنابل، نجوا بأنفسهم ورقابهم حتى تمر العاصفة التي تستهدف اقتلاع الإسلام السياسي من جذوره. لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً.

الإسلام السياسي يعاقَب والمسيحي يكافَأ!
أين الخلل فيما حدث من تحطيم لأحزاب الإسلام السياسي مدعوماً بأموال إسلامية، والدعم الذي تحظى به «المسيحية السياسية» وبأموال مسلمة أيضاً؟!
كيف نحارب بأموالنا حكم الإسلام وندعم حكم المسيحية؟!
هل من يفك هذه الشيفرة؟!


• @kholoudalkhames

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق