الولايات المتحدة.. وديمقراطيتها المزيفة وسياسة اللعب بوجهين!
الغرب وجرائمه باسم "النظام" و"الديمقراطية"
و"حقوق الإنسان"
سمير يوسف
رئيس المنظمة “إعلاميون حول العالم”
أكد الكاتب والبروفيسور الأمريكي بول كريغ روبرتس أن الولايات المتحدة ما زالت تستخدم شعارات الحرية والديمقراطية المزيفة للتدخل السافر في شؤون غيرها وشنها الحملات العسكرية والغزوات في دول أرى فضلا عن قيامها بعمليات التجسس الواسعة ليس فقط على الأمريكيين بل على المدنيين في جميع أنحاء العالم.
ولفت روبرتس في سياق مقال نشره موقع غلوبال ريسيرتش الكندي الى أن الولايات المتحدة “دولة بوليسية” تمارس التجسس غير المشروع وتضرب عرض الحائط بالقوانين والمعاهدات الدولية عرض الحائط وكل ذلك خدمة “لفئة نخبوية” قليلة تسيطر على الإدارة الأمريكية.
الإنقلاب على الرئيس المقتول محمد مرسى
عندما وقع انقلاب الجيش على أول رئيس مصري منتخب في تاريخ البلاد شابت الموقف الأميركي الضبابية وعدم الوضوح إذ تدرج الموقف الأميركي بأن تواصل الرئيس باراك أوباما في ذلك الوقت مع الرئيس المصري الراحل محمد مرسي قبل عزله بيومين، وأعلن ان الولايات المتحدة ملتزمة بالعملية الديمقراطية وأنها لا تدعم حزب بعينه، وبيّن للرئيس المصري أن الديمقراطية ليست مجرد انتخابات، وطالب الرئيس بأن يستمع إلى أصوات كل المصريين.
الوجه الآخر للولايات المتحدة الأمريكية
وفى نفس الوقت كان وزير الدفاع الأميركي على تواصل مع قائد الجيش المصري الذي قاد الانقلاب العسكري كما صرح بذلك عبد الفتاح السيسي في مقابلته مع صحيفة “واشنطن بوست” (The Washington Post) الأميركية بعد ذلك.
وبعد أيام خرج الناطق باسم البيت الأبيض “كارني” ليعبر عن رفض الولايات المتحدة توصيف ما جرى في مصر بأنه انقلاب عسكري واصفا الرئيس المصري مرسي بأنه لم يكن يحكم بطريقة ديمقراطية وأن مساندة الجيش لمن خرجوا ضده لا تعدّ انقلابا.
ثم جاء موقف وزير الخارجية الأميركي حينئذ جون كيري المرشح الديمقراطي السابق للرئاسة الأميركية باتهام الإخوان بأنهم سرقوا الثورة المصرية واصفا الشباب المصري الذي خرج في ثورة يناير ضد الرئيس المخلوع حسني مبارك بأنهم خرجوا من أجل العمل والحرية، وأن أكبر تنظيم قد سرق منهم ثورتهم قاصدا بذلك تنظيم الإخوان المسلمين.
وأوقف البيت الأبيض بعد فضّ ميدان رابعة بالقوة وسقوط القتلى المساعدات العسكرية للجيش المصري لكنه سرعان ما أعاد المساعدات العسكرية من طيارات الأباتشي و(F-16) للجيش المصري موضحا أن تلك المعدات سوف تساعد الجيش المصري على القضاء على التطرف في سيناء.
تتكلمون عن ديمقراطية البلدان الاخرى
ولا كلام عن الديكتاتور والحكم الابدي والعسكري في بلداننا
.. لا للحوار الموجه
انشأت امريكا على جماجم الملايين من الهنود الحمر وواصلت جرائمها وسرقتها لخيرات دول العالم تارة تحت عنوان حقوق الإنسان وتارة بنشر الديمقراطية.. والحبل على الجرار. عليها ان تنشر هي اولا الديمقراطية وحقوق الإنسان في امريكا حيث الأمريكيون الأفارقة هم الأكثر اضطهادًا في العالم. وتضع حداً لتأثير صناعة الأسلحة، والكونغرس الأمريكي على السياسة الداخلية والخارجية المتأسرلة اصلا. ثم بعدها يلتفتون لغيرهم دون نفاق. امريكا تعتقد العالم غبي وهي فقط ذكية. “قمة الديمقراطية” والتجدد الديمقراطي في العالم” مجرد نوع من الخرطوش الفارغ سوف لن يصمد امام ولادة العالم المتعدد الأقطاب العادل والمنصف للكل ; حيث لن يكون فيه مكان للهيمنة الأمريكية وقطعان خرافها الأوروبيين تحت اي ذريعة كانت. ثم ان 700 مليون دولار لدعم هذه الخدعة لخلق مظهر آخر من أشكال هيمنتها على دول العالم سوف لن تكفي حتى لو اضيفت لها كل ميزانيات امريكا لأن العالم اكتشف الوجه الغدار للولايات المتحدة ولم يعد ينخدع بعد الآن.
كل حر وشريف سينضم الى فئة المنتقدين والمعارضين والمستهزئين لما يسمى زورا وكدبا وبهتانا وتضليلا بقمة – الديمقراطية – التي دعا اليها الرئيس الامريكي جو بايدن فمتى كانت هده الامبراطورية المارقة سندا للديمقراطية وحقوق الانسان والحرية والسلام والامن والتعاون البناء واستقلال الدول؟
الم تكن هده الامبراطورية المارقة هي السبب في الكثير من ماسي ومصائب وكوارث العالم وفواجع الشعوب؟ مادا لو عددنا الحروب العدوانية التي شنتها على دول العالم تحت تبريرات واهية وغير مقنعة البتة؟ مادا عن ملايين القتلى والجرحى بسلاحها الديمقراطي والمشردين والجوعى عبر البسيطة ناهيك عن الدمار والخراب الهائلين؟
مادا عن جرائم سجون ابو غريب بالعراق وباغرام في افغانستان وغوانتنامو؟ مادا عن الكثير من الانتخابات التي افرزت رؤساء دول بطريقة شفافة ونزيهة التي لم ترضي امريكا ودبرت انقلابات ضدهم في دهاليز مخابراتها وبتعاون عملائها؟ من منا لا يتدكر الانقلاب ضد اليساري سلفادور اليندي في التشيلي ومحمد مصدق في ايران وعمران خان في باكستان واوكرانيا وجورجيا وغيرها؟
اليست الولايات هي حامية الديكتاتوريين في العالم؟
من يساند الديكتاتورية في عالمنا الاسلامي وضمنه العربي؟ اليست هي من يوفر لهده الانظمة الحماية ويمدها باساليب القمع ويغض الطرف عن انتهاكاتها وتجاوزاتها الخطيرة؟ اليست هي من يساهم بشكل كبير في معاناة الفلسطينيين والعراقيين والسوريين والليبيين واليمنيين والصوماليين والافغان؟ متى تتوقف الولايات المتحدة عن استحمارنا والاستهزاء بعقولنا؟ اليست هي من يهدد العالم بحرب عالمية نووية؟ من اشعل حرب اوكرانيا ويستمر في صب الزيت على لهيبها؟ لا اظن ان الولايات المتحدة تجهل مواقف العالم من مسرحيتها الهزلية الرديئة المسماة قمة الديمقراطية كما يعلم الحاضرون انهم شهود زور في هده الطبخة المسمومة فحتى في الداخل الامريكي ليست هناك ديمقراطية بالمفهوم الصحيح للكلمة وقد تابعنا الكثير من الاحداث التي تدعم طرحنا ومنها تدخل الشرطة العنيف ضد المتظاهرين ومقتل جورج فلويد على يد شرطي حاقد ونسبة الفقراء والمشردين والمسرحين من العمل وغيرها فمن صنع الارهاب وشن الحروب الظالمة وقتل الابرياء وساند الديكتاتورية وسرق خيرات الشعوب وغيرها لا يمكن له الحديث عن الديمقراطية يا سيد بايدن.
عندما يريد الانسان ان يقول ما يعتبره انه قول الحقيقة، فعليه ان يقول الحقيقة كاملة وليس نصفها.
عليه ان لا يقول ما يناسبه ويغض النظر عما لا يناسبه. لأنه جرت العادة ان قول نصف الحقيقة يُراد به باطلاً دائماً.
في الدولة المصرية ديموقراطية العسكر اهتز عرشها بسبب اﻷزمة الاقتصادية ، و على قادتها أن يقتسموا السلطة السياسية مُناصفة بينهم و بين الشعب المصري . قبل أن يُنصِب عليهم بطريقة (ديموقراطية ) ، قادةُ الولايات المتحدة حاكما عميلا لا يرحمهم.
معالى الرئيس جو بايدن.. شكرا لا نريد ديمقراطيتكم الموكوسة لقد درسناكم
من سخريات القدر ان يفتتح الرئيس الأمريكي جو بايدن “قمة الديمقراطية” ويرصد مبلغ 700 مليون دولار لدعم ما أسماه بـ”التجدد الديمقراطي في العالم” والترويج لإجراء انتخابات نزيهة حرة، والدفاع عن حقوق الانسان، محاربة الفساد.
فمن سوء حظ الرئيس الأمريكي ان هذه الخطوة تتزامن مع الذكرى العشرين لغزو بلاده للعراق واحتلاله، واستشهاد أكثر من مليوني إنسان، وتحويله الى دولة شبه فاشلة يسودها الفساد، وتسيطر عليها الميليشيات، وكل هذا تحت عنوان نشر الديمقراطية، واجتثاث الديكتاتورية
ربما يفيد التذكير بأن جو بايدن هذا كان من أكثر الداعمين، والمتحمسين، لعزو العراق وتقسيمه على أسس طائفية وعنصرية وعرقية، وإنهاء وجوده كدولة موحدة متماسكة كل هذا من اجل حماية دولة الاحتلال الإسرائيلي، وتكريس تفوقها وهيمنتها على المنطقة بأسرها، وسرقة النفط العراقي، ولهذا كانت أول خطوة إتخذها الحاكم الأمريكي تفكيك الجيش والمؤسسات الأمنية العراقية، فالديكتاتوريات عزيزة وغالية وقريبة الى القلب إذا كانت تخدم المخططات والمصالح الامريكية.
أمريكا لا تنشر الديمقراطية الحقيقية التي يتمتع بها شعبها، وانما نسخة مختلفة، ودموية وتدميرية، رأيناها في أبشع صورها في العراق، وسورية، ليبيا، وأفغانستان، ديمقراطية عنوانها الأبرز سفك الدماء، والحصارات التجويعية، لشعوب عانت، وما زالت تعاني في هذه الدول، علاوة على دول أخرى مثل أفغانستان، ولبنان، وايران، وفلسطين المحتلة، وعدد كبير من دول العالم الثالث.
الرئيس بايدن الذي افتتح القمة ، وكان بنيامين نتنياهو من أبرز نجومها، برصد 700 مليون دولار لنشر الديمقراطية وحقوق الانسان ولكنه سيضاعف هذا المبلغ ربما عشرات المرات في تدمير الدول المستهدفة، وجميعها في الشرق الأوسط، فحرب ديمقراطيته في العراق كلفت البلاد أكثر من ترليوني دولار دمارا، وتنصيب حكومات فاسدة سرقت 880 مليار دولار، وهذا رقم منظمة الشفافية ومحاربة الفساد العراقية، وأكثر من 500 الف شهيد ونصف ترليون دولار في سورية، وضعفي هذا الرقم في ليبيا، واذا كنا نعرف تكاليف حرب أفغانستان الامريكية، أي ترليون دولار حسب التقديرات شبه المستقلة، فإننا لا نعرف حتى الآن تكاليف الحصار الأمريكي المفروض على ايران منذ أربعين عاما، وتحت ذريعة نشر الديمقراطية أيضا، ولا ننسى حرب اليمن في هذه العجالة.
إنخدعنا في “فترة ما” بهذه الديمقراطية الامريكية وقيمها، وخاصة حرية التعبير والإنتصار للفقراء والمسحوقين، مثلما إنخدعنا أيضا بالصيغة الجديدة والحديثة لها، أي وسائل التواصل الاجتماعي، لنكتشف ان هذه الحريات “مغشوشة” و”مضللة”، وتُسخّر لخدمة أمريكا وحلفائها، والتجسس عليهم، خاصة دولة الاحتلال الاسرائيلي والتغطية على مجازرها، وعنصريتها، فأي مس بها يعني الحجب الفوري دون تردد في معظم الوسائل المذكورة.
بالمبالغة، نضرب مثلا يقول ان مراسلي محطة “بي بي سي” البريطانية يواصلون عملهم بكل حرية في موسكو الديكتاتورية، والشيء نفسه يقال عن الكثير من المحطات الامريكية، بينما جرى إغلاق جميع مكاتب وسائل الاعلام الروسية، وإسكات مراسليها، وحجبها من الوصول الى المواطنين في أوروبا وامريكا.
نضرب مثلا آخر، وهو ما تواجهه منظومة “التيك توك” الصينية التي جاءت كأحد وسائل التعبير الموازية على “السوشيال ميديا” فهذه المنظومة تواجه حربا شعواء هذه الأيام في أمريكا والدول الديمقراطية الغربية تهدف الى اغلاقها، او الحد بأكبر قدر ممكن من انتشارها، خاصة في أوساط الشباب أكثر شرائح المتابعين لها، والتهمة استخدامها لأغراض صينية تجسسية، وكأن “الفيسبوك” و”التويتر” منصات نظيفة لم يثبت تجسسها، وبيع بنوك معلوماتها ومتابعيها للحكومة الامريكية، وهذه الممارسات موثقة، وباتت معروفة للجميع.
معظم الحكومات المدعوة من الرئيس الأمريكي للمشاركة في قمة الديمقراطية هذه، دكتاتورية، فاسدة، ولكنها تتمتع بمؤهلات أكثر أهمية وخطورة، وهي الولاء للولايات المتحدة الامريكية، والخضوع لهيمنتها واملاءاتها دون تردد، وما يؤكد هذه الحقيقة عدم دعوة تركيا التي بدأت تخرج بشكل متسارع من هذه الهيمنة، وتتجه صوب موسكو، وتقلص علاقاتها مع حلف الناتو، وشراء صفقات الأسلحة الامريكية المنزوعة الدسم، والتكنولوجيا، رغم إرثها الديمقراطي المشرف، والشيء نفسه يقال أيضا عن المملكة العربية السعودية الدولة الثانية غير المدعوة والسبب التوجه شرقا الى الصين، والتحالف نفطيا مع روسيا، وليس لأسباب ديمقراطية.
نقول للرئيس الأمريكي، وبالفم الملآن، شكرا لا نريد ديمقراطيتكم المسمومة، والملوثة، بدماء أشقائنا في العالمين العربي والإسلامي، لأنها باتت اكذوبة لم تعد تقنع أحدا بما في ذلك أطفالنا، وجاءت حربكم في أوكرانيا التي تقود العالم الى الدمار والخراب، وربما الحرب النووية لتعزز هذه القناعات وتوسع دائرتها في أوساط معظم شعوب العالم، فثمن الديكتاتورية بات أرخص بكثير من تكاليف ديمقراطيتكم الدموية الباهظة جدا التي إكتوينا، وما زلنا، من نيران حروبها وفسادها.
الكيل بمكيالين ياسيد بايدن
لا شك في أن الكيل بأكثر من مكيال يؤثر في صورة الولايات المتحدة وتقديمها نفسها راعية للديمقراطية وحقوق الإنسان وداعمة لتحرر الشعوب من الاستبداد. إن مثل تلك المواقف تفقد الشعوب العربية ثقتها بالولايات المتحدة وتعزز لديها النظرة السلبية عن المواقف الأميركية، إذ ترى الشعوب العربية أن الولايات المتحدة الأميركية حليفة للاستبداد في المنطقة وأنها تستخدم شعارات الديمقراطية لتحسين صورتها فقط، لكنها في الواقع تفعل عكس كل ما تعلنه وتنادي به من وجهة نظرهم، وهذا ما تؤمن به وتقتنع به النخب العربية وقادة الرأي وقادة الأحزاب والتجمعات التي تناوئ الاستبداد وتقف في وجهه في المنطقة.
الموقف الأميركي غير المبدئي من الانقلاب العسكري المصري يستلزم من حركات التحرر العربي أن تتنبه إلى أمور عدة؛ فعليها أن تدرك أنها معنية أولا بالقيام بالنضال بنفسها من أجل التحرر من حالة الاستبداد السياسي في المنطقة، وأن الدعم الغربي والأميركي على وجه الخصوص لحركات التحرر والانعتاق من الاستبداد يكون حالة مكملة وداعمة فقط إذ لا يمكن التعويل عليه في إحداث أي تحول سياسي مهما كان الضغط الخارجي والغربي كبيرا.
كما على حركات التحرر أن تدرك أن الغرب ليس جمعية حقوقية معنية بنشر الحرية والديمقراطية، وأن هذا الدعم الغربي يكون مرهونا بتوفر الظروف الحقيقية له بالحفاظ على المصالح الغربية في المنطقة وفي الوقت ذاته بضمان عدم تشكل أنظمة معادية له إذ لا يمكن أن يدعم الغرب أي تحولات ديمقراطية يمكن أن تلد أعداء للديمقراطية والقيم الغربية والمصالح الغربية.
إن حركات التحرر العربية، عليها أن تدرك أن خوض أي حالة إصلاح ومطالبة بالدعم الغربي الكامل لها يتطلب منها أن تدخل في تفاهمات في أدق التفاصيل مع الغرب، وأن الجلوس في المناطق الرمادية من القيم الغربية ومصالحهم سوف يزعزع الثقة بين الأنظمة الغربية وتلك الحركات ويجعلها فريسة سهلة لقوى الاستبداد والثورات المضادة.
تم التلاعب بالديمقراطية كقيمة مشتركة.
كانت الولايات المتحدة تستخدمها لخداع العالم وإخفاء طبيعتها من خلال الديمقراطية الزائفة، ولكنها دولة ذات هيمنة حقيقية.
لاحتواء المنافسين وجني الثمار، قامت واشنطن في السنوات الأخيرة بجمع ما يسمى بـ “تحالف القيم“، وعززت تحالفاتها العسكرية وأثارت مواجهة الكتلة، ما يعرّض النظام العالمي والسلام والأمن العالميين للخطر.
عندما تتحدث أمريكا عن الديمقراطية، ففي الواقع، هذا يعني الديمقراطية على النمط الأمريكي، أو الديمقراطية الأمريكية، المبنية على الهيمنة والتسلط والاستبداد.
أولاً، لا تقوم الديمقراطية الأمريكية على المساواة بل على الهيمنة. فمن الحظر الاقتصادي إلى التدخلات العسكرية وتخريب النظام، تعاقب واشنطن عمدًا أي دولة معارضة.
في كتابه “أشد الصادرات الأميركية فتكا: الديمقراطية”، كتب المؤلف الأمريكي ويليام بلوم، أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، سعت الولايات المتحدة للإطاحة بأكثر من 50 حكومة أجنبية، تم انتخاب معظمها بشكل ديمقراطي، وتدخلت بشكل صارخ في انتخابات ديمقراطية في 30 دولة على الأقل، وحاولت اغتيال أكثر من 50 قائدا أجنبيا.
وعلى مدى سنوات، خلقت الولايات المتحدة اضطرابات سياسية في أمريكا اللاتينية، ولعبت دورًا فيما يسمى بـ”الربيع العربي”، وحرضت على الثورات الملونة في أوراسيا. فلم تسببت مشاكلها في حدوث كوارث إنسانية هائلة فحسب، بل ولدت ايضا الإرهاب والتطرف. الآن، تواصل جني الثمار من خلال إجبار حلفائها على تأجيج شعلة الصراع الروسي الأوكراني.
ثانيًا، الديمقراطية الأمريكية لا تعني العدالة بل البلطجة. يتبع الساسة الأمريكيون المذاهب الأنانية المتمثلة في “أمريكا أولاً” و “الفائز يأخذ كل شيء”.
تضع الولايات المتحدة مصالحها الخاصة فوق أي شيء، وتستخدم عصا العقوبات بشكل تعسفي على منّ يعصاها. فإن العقوبات الأمريكية أحادية الجانب تتجاهل القواعد الدولية وتتخلى دون تردد عما تدعو إليه – مبادئ اقتصاد السوق والتجارة الحرة.
ثالثًا، لا تتبع الديمقراطية الأمريكية القواعد بل الاستبداد أو الاستثناء الأمريكي. تطبق الولايات المتحدة الأنانية القواعد عندما تناسبها، وتتخلى عنها عندما لا تناسبها، لقد انسحبت عمداً من الاتفاقات المتعددة الأطراف والمنظمات الدولية.
إن ما يسمى بـ”النظام الدولي القائم على القواعد“، والذي كانت تُشدد عليه وتحث الآخرين على اتباعه، ليس أكثر من نظام دولي قائم على القواعد التي وضعتها واشنطن.
لقد تجاهلت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة المبادئ الأساسية للقانون الدولي التي تحظر التهديد باستخدام القوة والاستخدام غير القانوني للقوة، وشنت بشكل صارخ حروبًا ضد دول ذات سيادة في مناسبات عديدة.
لقد عارضت وحدها طريق المفاوضات المتعلقة ببروتوكول اتفاقية الأسلحة البيولوجية الذي يضم نظام التحقق. لقد قامت ببناء القوة الفضائية الأمريكية والقوات المسلحة الفضائية، وأسرعت اختبار الأسلحة وإجراء تدريبات عسكرية في الفضاء الخارجي، ما يتعارض بشدة مع مفهوم الاستخدام السلمي للفضاء الخارجي.
وفي الوقت نفسه، تسحق فضيحة إساءة معاملة السجناء في معتقل خليج غوانتانامو اتفاقية مناهضة التعذيب؛ العقوبات أحادية الجانب المفروضة على دول، من بينها إيران وسوريا، تنتهك أحكام لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وفي غضون ذلك، عادة ما يغض هذا “الحكم” العالمي لحقوق الإنسان البصر عن انتهاكاته لحقوق الإنسان داخل البلاد. فمن التحريض على التمييز العنصري والكراهية إلى الإعادة القسرية للمهاجرين غير المسجلين رغم تفشي الوباء، كما انتهكت واشنطن بشكل خطير سلسلة من الاتفاقيات واللوائح الدولية، بما في ذلك الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والاتفاقية الدولية لحماية حقوق كل العاملين المهاجرين وعائلتهم، والاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان.
كما يظهر تقرير لمنظمة التجارة العالمية أن الولايات المتحدة إلى حد بعيد أكبر دولة “غير ملتزمة” بقواعد منظمة التجارة العالمية، وهو ما يُمثل ثلثي الانتهاكات في المنظمة.
وعلق مقال رأي في صحيفة ((نيويورك تايمز)) “في أوائل القرن الحادي والعشرين، إذا كان هناك أي قوة تسعى إلى الهيمنة على العالم، وإكراه الآخرين، وانتهاك القواعد، فهي الولايات المتحدة”.
لكن الأكاذيب لا يمكن أن تتحمل التدقيق. فمع ترديد ما يسمى بـ”الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية“، تشبثت الولايات المتحدة في الواقع بالهيمنة والبلطجة والاستبداد. مثل هذا البلد ليس في وضع يسمح له بالتحدث عن الديمقراطية، لأنه ليس لديه مصداقية دولية على الإطلاق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق