الجمعة، 4 يوليو 2014

بلير والمحافظون الجدد في الخليج يفضلون "البغدادي" على الإخوان


بلير والمحافظون الجدد في الخليج يفضلون "البغدادي" على الإخوان

الترجمة /
خدمة العصر
بقلم: ديفيد هيرست 
كاتب بريطاني ورئيس تحرير موقع "ميديل إيست آي"

بعد مرور عام على الانقلاب الذي أنهى مبكرا الانتقال الديمقراطي في مصر، انزلقت البلد نحو أزمة مستحكمة. فالسجون مليئة. ويجري تمزيق النسيج الاجتماعي في مصر.. فالآباء يرفضون التحدث مع البنات والأزواج منفصلون.

بعد مرور عام، لا أحد يستطيع وصف عبد الفتاح السيسي أنه شخصية موحِدة. فرئاسته ملطخة بالدماء والدموع، وستكون كذلك ما بقي في الحكم.

وتطلب شن الحرب على شعبه استدعاء تهمة الأعداء الأجانب، وسارع الرئيس المصري الجديد إلى تحديد هويتهم. من اليوم الأول، أفصح عن رغبته في القضاء على جماعة الإخوان المسلمين في مصر كجزء من حملة لمكافحة التطرف الإسلامي في الخارج.

السيسي ودائرته من الداعمين الدوليين -العاهل السعودي الملك عبد الله وولي عهد الإمارات محمد بن زايد آل نهيان، وتوني بلير الذي عاد إلى الظهور باعتبارها واحدا من مستشاري السيسي- قد شكلوا الآن ما يرقى إلى مجموعة المحافظين الجدد، الممولة والمنظمة، في منطقة الخليج، واختصارها GNC.

وقد استدعى بلير بوعي هجمات 11 سبتمبر، حيث يعتقد محتل العراق، بلا أي عقدة ولا أي اعتذار عن أفعاله قبل عقد من الزمن، أن الفشل الغربي يكمن في عدم إكمال العمل الذي كان قد بدأه. ولا يزال هذا الرجل، وبشكل لا يصدق، يحمل وصف مبعوث السلام في الشرق الأوسط.

ولكن بعد عقد من غزو العراق، يعيش الرأي العام الغربي عالما مختلفا. وقد تشكل من ذاكرة الخداع المستخدم في تبرير الغزو، ومن التكاليف الباهظة التي دفعها العراقيون في حياتهم، وكذا عقد من الفشل العسكري. جيل اليوم قد فقد الثقة في بناء الأمة. بلير قد تناغم وانسجم مع ولي العهد الإماراتي، ولكن رئيس الوزراء (البريطاني) السابق هو بمثابة السمَ لشعبه.

وقد ورث السياسات التي حكمت الفترة الرئاسية الأولى لجورج دبليو بوش وقلدها أقرب حلفاء أميركا العسكريين في المنطقة. وهذا ما أثار مشكلة بالنسبة لجميع الذين عرَفوا أنفسهم بأنهم ما بعد بوش، مثل الرئيس باراك أوباما.

إنها مشكلة عملية وفورية: ماذا سيحدث للإسلام المتشدد إذا سُحق الإسلام السياسي في الواقع من قبل حلفاء أميركا؟ ماذا سيحدث لمصر، بعد عام من الآن، إذا نجح السيسي في محو الإخوان المسلمين؟

قبل عام، كان أمام الإخوان ثلاثة خيارات واضحة. بإمكانهم، كما توقع لهم الجيش المصري، العودة بهدوء إلى السجن. وقد حدث هذا على الأقل أربع مرات من قبل في التاريخ عندما واجهوا قمع الدولة في عام 1948، 1954، خلال الثمانينيات وتحت حكم مبارك. أو الإصلاح، مع الاعتقاد بإمكانية تغيير الدولة من الداخل، وكان هذا أمرا متأصلا بعمق في تفكير الإخوان، وأنه بإمكانهم القبول بنير العسكر.

ولم يفعلوا هذا، رعاية لسمعتهم ومصداقيتهم. ولكن لا هم ذابوا ولا هم اختاروا المقاومة العنيفة، وإنما سلكوا طريقا رابعا، وهو استمرار الكفاح بالمظاهرات السلمية والاعتصامات وحملات العصيان المدني. ومن خلال ذلك، تمكن الإخوان ببراعة من الحفاظ على قاعدة سياسية. وجميع استطلاعات الرأي الموثوقة، مثل بيو، تشهد على ذلك.

ولكن ماذا كان سيحدث لو انهار الإخوان في العام الماضي؟

العراق السابقة الوحيدة، حيث تعاون الإخوان المسلمون مع بول بريمر، حاكم العراق بعد الإطاحة بصدام. كان في ذلك الحين الحزب الإسلامي العراقي، الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، هو أكبر حزب سياسي سني.

تقريبا، في الوقت نفسه الذي وافق فيه أمينها العام، محسن عبد الحميد، ليكون واحدا من خمسة أعضاء سنة في مجلس الحكم العراقي الذي يرأسه بول بريمر، أشعل السنة فتيل المقاومة. منذ ذلك الحين ازداد التكفيريون، سواء تنظيم القاعدة حينها أو الدولة الإسلامية الآن، قوة.

سوريا، مثال آخر. كانت جماعة الإخوان القوة الإسلامية المهيمنة حتى تم سحقها في عام 1980 من قبل الأسد الأب. ليست لديها مقاتلون عسكريون الآن، وقد سدَ هذه الفجوة الجهاديون. والقصة نفسها تكررت في ليبيا، حيث لم يكن للإخوان المسلمين أي جناح عسكري، وقد تحطموا في الانتخابات الأخيرة.

الآن، على النقيض من ذلك مع تركيا، مصر، تونس والمغرب، حيث شارك إسلاميوهم في العملية السياسية الديمقراطية التعددية ويريدون الانخراط مع العالم. وحتى عندما يكون للإسلاميين جناح عسكري، مثل حماس في فلسطين، ينطبق المبدأ نفسه.

حماس المسيطرة في غزة إلى درجة أن المجموعات التابعة لتنظيم القاعدة تبدو ضعيفة. في عملية واحدة طوقت مسجدا (تابعا للجهاديين) ودُمر من قبل حماس بعد فشل المفاوضات.
فإذا نجحت إسرائيل في تدمير أو إضعاف حماس، أين سيذهب مؤيدوها؟ ليس أمام أمامهم إلا طريق باتجاه واحد، ولن يؤدي إلى الارتماء في أحضان محمود عباس.

في إعلانها الخلافة يوم الأحد الماضي، استعملت الدولة الإسلامية كلمات قاسية في التعامل مع أي حركة إسلامية أخرى: "أما أنتم، من جنود الفصائل والمنظمات، فنعرف أنه بعد هذا الدمج وإنشاء دولة الخلافة، فإن مشروعية جماعاتكم وتنظيماتكم أصبحت غير صالحة.... لذلك دعوا هؤلاء القادة يواجهون التدمير، ودعوا "الأمة" التي يريدون توحيدها تواجه التدمير: "الأمة" من العلمانيين والديمقراطيين، والقوميين ... و"الأمة" من المرجئة (طائفة تستبعد الأفعال من الإيمان)، الإخوان (حزب الإخوان المسلمين)، والسرورية (مجموعاة سلفية متأثرة بالإخوان)".

وعلى هذا، ليس السعوديون والإماراتيون والسيسي الذين يسعون إلى إنهاء الإخوان، فحسب، بل حتى أبو بكر البغدادي يريد الانضمام إليهم أيضا.

فهل من المصالح الغربية، حقا، أن ينجح بلير في مهمته؟
هل من الحكمة حقا الحد من خيار العرب في مواجهة الجهاديين والجنرالات العسكريين الفاشيين؟
هل هذه وصفة للسلام في الشرق الأوسط؟
هل هذا ما يريده ديفيد كاميرون؟
 فهل يريد حقا قمع القوة السياسية الإسلامية الوحيدة القادرة على تهدئة الوضع؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق