الجمعة، 26 أبريل 2024

فوق السلطة 386- عميل موساد:ستقصف إيران بالنووي

 فوق السلطة 386- عميل موساد:ستقصف إيران بالنووي



فوق السلطة- رئيس مجلس النواب الأميركي: دعم إسرائيل واجب إنجيلي

بينما تتعالى الأصوات داخل الولايات المتحدة مطالبةً بوقف دعم إسرائيل بسبب حربها الوحشية على قطاع غزة، يقول رئيس مجلس النواب مايك جونسون إن مساندتها “واجب ديني إنجيلي”.

وفي نفس السياق، زعم رئيس مجلس النواب أن هناك توجيها في الإنجيل يدعو للوقوف إلى جانب إسرائيل.

وأضاف في تصريح -نقله برنامج "فوق السلطة"- أن إسرائيل حليف حيوي للولايات المتحدة، وأن معظم الناس يفهمون ضرورة تمويل الإسرائيليين الذين قال إنهم يقاتلون من أجل وجودهم.

ورأى مايك جونسون وهو من الحزب الجمهوري ومعروف بتأييده المطلق لليهود "أن إسرائيل هي الديمقراطية الثابتة الوحيدة في الشرق الأوسط وأنها ستنتصر طالما استمر الدعم الأميركي لها" .

مدة الفيديو 01 minutes 19 seconds01:19

وفي نفس السياق، يدعو القس الأميركي الإنجيلي جيمي إيفانز إلى تحمل إسرائيل ومدها بكل الأسلحة والأموال "لأن قيامة إسرائيل الكبرى في الكتاب المقدس تسبق عودة السيد المسيح (عليه السلام) ثم تنقلب الأمم على إسرائيل فلن تقوم لها قائمة بعدها".

يذكر أن مجلس النواب وافق على مساعدات أمنية لإسرائيل بـ26 مليار دولار، ستستخدم لتشديد أنظمة القبة الحديدية وشراء أنظمة أسلحة متقدمة وأمور أخرى.

كما تناولت حلقة (2024/4/26) من برنامج "فوق السلطة" المواضيع التالية:

  • إذا ألقيتَ العصا أفسدتَ الطفل، نتنياهو يوبخ وزيرة ألمانية.
  • كاتب يهودي توقع طوفان الأقصى قبل 7 سنوات: إسرائيل ستقصف إيران بالنووي ثم تنتهي.
  • مُسعف في طولكرم يُفاجَأ أثناء عمله بطفله في عداد الشهداء.
  • العدل أغلى من المال.. المالديفيون يرفضون استقبال الإسرائيليين.
  • غوغل تطرد موظفين اعترضوا على مشروع شراكة مُريب مع إسرائيل.
  • تزوّج عليها فردت بإطلاق الرصاص وإحراق المنزل.

الحلف والارتباط مع إيران ومحورها فيهما إثم كبير

 الحلف والارتباط مع إيران ومحورها فيهما إثم كبير




الحلف والارتباط مع إيران ومحورها فيهما إثم كبير ومنافع لقيادة حماس

وإثمهما على الأمة والدين وفلسطين أكبر من نفعهما على الحركة 

المقدمة

منذ عشرين عاما قدمت نصيحتي برفق شديد وحبّ كبير للأخوة الأحباب القائمين على المشروع الاسلامي في فلسطين مطالبا اياهم بضرورة التوقّف والمراجعة الشرعية والسياسية الاستراتيجية في العلاقة مع ملالي إيران وتفرعاتها في المنطقة، وعلى وجه الخصوص –حينها- النظام الطائفي القابع بدمشق وحزب الله الطائفي في لبنان.

وقد امتدّت النصائح بين أخذ وردّ طيلة ثلاثة أعوام بحبّ وحرص ورفق كبير، وذلك رجاء التواضع والاستماع وتصحيح المسار، الأمر الذي كان يغبّش عليه بعض دعاة التنظيم العصبويين.

وقد ذكرت لإخواني أن الاستمرار في نفس المسار السياسي الفلسطيني المرتبط والمتحالف والمراهن على ايران – وكان ذلك حينها خارج فترة الضرورة والاضطرار-، سيفضي لا محالة الى ثلاث نتائج قطعية هي:

1-     تلويث نقاء المسار الاسلامي وتجربته، وحرف سويّته الواجبة ليكون مقتديا بالمصلحين ومهتديا بالنبي محمّد الأمين وثابتا على صراط مستقيم يفضي للنصر المبين.

2-     تشويه وعي الأمة الديني والسياسي، وإحداث تصدّعات حقيقية فيها قائمة حول اصطفافات متباينة مع وضدّ إيران ومشروعها في المنطقة، وبدل أن تكون القضية الفلسطينية قضية صلبة تجمع الأمة، فستصبح قضية رخوة تفترق بسببها الأمة -لا قدّر الله-!

3-     اختطاف دماء وجهاد وجهود الدعاة والمجاهدين وحركات فلسطينية من قبل إيران لمد نفوذ مشروعها الطائفي، ولتنظيف أوساخها في المنطقة -وكانت بغداد قد سقطت حينها-، مشيرا ومحذّرا من أن القيادات السياسية لا ينبغي أن تتعامل مع دماء أبنائنا التي أهرقت في أطر تنظيمية وكأنها ملك لها، بل هي ملك وامتداد للأمة وأمانة في أعناق تلك القيادات والحركات.

 فماذا كان، وما الذي حصل، والى أين وصل بنا الحال اليوم؟

حركة حماس بين مراحل الاستحياء وضرورة أكل لحم الخنزير وجواز الكفر السياسي الاضطراري!

عندما زار الشيخ خليل القوقا -أحد مؤسسي حركة حماس- طهران في يوم القدس الخميني عام 1989، وعندما زار الشيخ أحمد ياسين ايران عام 1998 كان ذلك بمثابة العقد الأول من العلاقة مع الجمهورية الاسلامية الايرانية، والتي ذهبت الى خمينيّها معظم القيادات السياسية العربية والاسلامية ببلاهة وخفة وجهل بالمشروع الايراني، ذلك المشروع الذي اختاره الأمريكان ليكون بديلا عن الشاه في مواجهة التمدد الشيوعي الخطر في ايران، فقامت أمريكا حينها بتسليم السلطة في ايران للخميني -تماما كما سلّمت بعدها بربع قرن السلطة في بغداد للملالي-، وقد فهم آنذاك السوفييت الخطوة الأمريكية في الهيمنة على ايران ومحيطها العربي من خلال اتفاقها مع الخميني وتمكينه من السلطة وموافقتهم على اعدام جيش الشاه وتشكيل الجيش الطائفي الجديد، فكان الردّ السوفييتي هو احتلال أفغانستان.

وقد اتسم العقد الأول في العلاقة –غير الشرعية- بين حركة حماس وإيران بالحياء والاخفاء، والاشارة الدائمة بالاتهام للشقاقي وحركة الجهاد الإسلامي باعتبارها غارقة في العلاقة مع ايران، خلافا لحركة حماس السنيّة التي كانت تدرّس أبناءها في الحلقات التربوية التنظيمية حقيقة المشروع الشيعي المعادي، مبرزة أشكال الكفر في أقواله وعقائده، ومميّزة نفسها عن حركة الجهاد في الوعي الاسلامي العام وخصوص حركات الاخوان.

لكن العقد الثاني في العلاقة -غير الشرعية- بين حركة حماس وملالي ايران قد توسّع وتشعّب وتطّور في الاتجاه الخاطئ، ولم يعد فيه حياء ولا استحياء ولا اخفاء، لاسيّما أن موقف العلماء حينها وبشكل عام كان هزيلا وضعيف الرؤية، حيث رأى عذرا للحركة وروّج له في هذا الاتجاه تحت علّة غير شرعية ولم يقل بها أحد من الفقهاء، وذلك حين روّجت قيادات حماس جواز أكل لحم الخنزير للضرورة حيث تخلّت عنها شعوب الأمة والدول السنيّة -كما تدّعي-، وقياسا عليه فلا حرج شرعي في علاقتها مع إيران وأكل لحم الخنزير، دون أن ينتبه كثير من قادتها بأن أكل لحم الخنزير يؤكل بقدر الضرورة ولا يتوسّع فيه، وقد ساعد قيادة حماس ودفعها في هذا التوجه عنصران هما، سياسة قطر وقناة الجزيرة التي احتوت الحركة ووجّهتها بشكل مدروس -أمريكيّا-، ثم امتدادات الاخوان المسلمين التي روّجت لحماس مقولاتها حول مبررات الضرورة وحكاية لحم الخنزير، كما شكّك بعض دعاة تلك الحركات بل وطعنوا فيمن يشير لهذا الأمر منتقدا التوجه السياسي لقيادة حماس، مكمّمين أفواه المصلحين بحجّة أن هناك جهاداً ومجاهدين، وأن اخوانكم في الميدان أدرى بشؤونهم، وأنكم لا تزنون ذرة غبار في نعال أحد المجاهدين!

أما العقد الثالث والذي بدأ بعد حقبة الربيع العربي وتتوّج بعملية السابع من أكتوبر، فقد انتقلت فيه قيادة حماس السنوارية من الحياء والاستحياء ثم أكل لحم الخنزير للضرورة، الى استبدال وصف لحم الخنزير بلحم طيب حلال ومشروع، بل إن الشراكة معه هي واجب الوقت وضرورة المرحلة، ولا حرج في الجمع بين تناقضاته مهما ارتقت، دون اعتبار في المواقف السياسية للدّماء المسفوكة في الساحات، طالما أن من يرى ذلك ومن يقوم على هذا المسار هم الأخوة الثقات العاملون في القضية الفلسطينية والذين يستهدفون تحرير الأقصى المبارك من خلال حلفهم الاستراتيجي مع ملالي ايران وأذرعها في الساحات!

وقد تتوّج هذا التوجّه الموغل في الاثم والضلال حتى أثمر هلاك غزة وأهلها، وتراجع واقع القدس وأقصاها، ورفع المخاطر للدرجة الحمراء في عموم مدن ومخيمات الضفة الغربية التي تنتظرها ليال سود وأيام فظيعة.

 إن قيادات حماس الحالية وفي عقدها الثالث في العلاقة مع ايران لم تعد ترتبط بها على استحياء، ولم تعد تأكل من لحم الخنزير للضرورة، بل انتقلت للبوح بالكفر السياسي –ولا أقصد التكفير العقائدي- وذلك على لسان قاداتها الذين بدل أن يتوبوا إلى الله من كبائرهم السياسية في حقّ الأمة والدين، وبدل أن يراجعوا بشجاعة المسار ويتراجعوا عن الأخطاء، بدأوا يرفعون الصوت عاليا ليبدّلوا وعي الأمة، ويشرعنوا مذهبا ودينا جديدا في السياسة الشرعية، يبيح لهم الحلف السياسي مع ايران التي تملك مشروعا كامل الأركان في هدم الدين وتمزيق شعوب الأمة، وفي نفس اللحظة والاتجاه أطلقت قطر وقناة الجزيرة كتّابها ومحلّليها ليتقيأوا على العلماء والعلم الشرعي بأفكار واجتهادات ما أنزل الله بها من سلطان، ولم يقل بها أحد في المذاهب الأربعة، ولم ترد في مقولات الشاذين في تاريخ الفقه الاسلامي جميعه! وذلك بتجويز الحلف ووجوب التعاون مع إيران في الساحات التي تقاتل فيها مع المسلمين، وبنفس الوقت مواجهتها في الساحات التي تقتل بها المسلمين!

من المسؤول عن هذا التراجع الاسلامي، والانزياح الفكري، والخلل المنهجي والأخلاقي؟

ان دعاة وعلماء التنظيم وامتداداتهم في الجماعات الاسلامية ذات المرجعية العصبوية لا يعرفون عن مفهوم الولاء والبراء في فلسطين إلا القطيعة الواجبة والعداء المضطرد والمتصاعد مع محمود عباس، والذي لا يقوى على قتل حمامة، ولا يملك مشروعا يستهدف اجتثاث الدين وقتل الموحدين، بل هو رجل ضعيف مستخذ أمام الاسرائيليين، خلافا لإيران التي قتلت من المسلمين في العراق واليمن ولبنان والشام ملايينا من الموحدين في سبيل منع نهضة المسلمين وبالاتفاق مع الأمريكان وبرضى وموافقة الاسرائيليين، فمن يا ترى الذي يستحقّ الاتهام؟ هل هي قيادة حماس؟ أم هم الدعاة والعلماء التنظيميين المتعصبين؟ أم هو منهج وفكر حركات التغيير الاسلامي وعلى رأسهم منهج الاخوان المسلمين، لاسيّما بعد التغيير الذ طرأ عليه بعد استشهاد حسن البنّا واستلام الهضيبي وتغيير المسار الذي بناه المؤسّس الأول وقوّمه القطب سيد الشهيد؟

الحلف والارتباط بإيران ومحورها فيهما اثم كبير ومنافع لقيادة حماس…

واثمهما على الأمة والدين وفلسطين أكبر من نفعهما على حركة حماس.

انه لاعتداء على القضة الفلسطينية وأقصاها المبارك، ومن المجحف بالشعب الفلسطيني المسلم والمضحّي والمجاهد، القول بأن الحلف مع ايران فيه فوائد للأقصى وللقضية الفلسطينية وأهلها، بل حتى إنه من الظّلم القول أن تلك العلاقة غير الشرعية فيها مردود ايجابي على حركة المقاومة الاسلامية حماس والتي هي في الأصل نتاج شعب فلسطين وملكه، فمنافع تلك العلاقة انعكست ولا تزال على قيادات حركة حماس وعقد ومكاتب التنظيم فحسب.

أمّا عن القدس فهي من ملالي إيران براء، فالذين قتلتهم إيران -ولا تزال- في العراق واليمن والشام هم أحفاد من حرّر القدس، وهم آباء من سيحرّره بإذن الله، كما أن بلادهم تذوق المرّ والعلقم منذ عقود على يد أمريكا وروسيا وإيران والأنظمة الحاكمة وأجهزتها الأمنية بسبب توجّه الشعوب الصادق نحو فلسطين وبسبب ارتباطهم العميق بالأقصى والقدس، وبسبب رفدهم لشعب فلسطين في كلّ حقبه وقبل أن يكون للملالي دولة في إيران.

أليست جريمة ما تقوم به بعض قيادات حماس في غزة ولبنان حين تصبغ شعب فلسطين المجاهد بنقيض توجّه وولاء كل محيطه العربي والاسلامي الرافض لإيران، فمن المسؤول اذن عن خلق تلك الفجوة المتعاظمة بين فلسطين ومحيطها العربي، وهل ترى قيادة حماس وتعترف بعظمة وتسامح وانحياز شعوب المنطقة، والتي اتهمتها –ولا تزال- نحو فلسطين بالخذلان؟

حركة المقاومة الاسلامية ضحية الاختطاف الايراني بسبب قياداتها القاصرة

إن حركة حماس التي تعبّر في أصلها وميدان عملها عن عموم الأمة وثقافتها وتوجهها السياسي الأصيل، -ولذلك فإن الأمة جميعها قد دعمتها في كل مراحلها، حتى اعتبرتها النافذة الاسلامية الوحيدة في فلسطين-، تتعرّض اليوم لإتلاف حقيقي سيغيّر ماهيّتها تدريجيا حتى تفارق الأمة وتفترق عنها، وذلك بسبب المشروع الايراني الذي بات يستخدمها بشكل مذموم ومفضوح، فهل حركة حماس كمكوّن فلسطيني اسلامي ملك للقيادات الحالية التي تعبث بها وبمقدّراتها وفق رؤيتها القاصرة وغير الراشدة؟

الشعوب هي الأصل والبوصلة

ككثير من الحركات السياسية الاسلامية الطموحة للسلطة، قفزت حركة حماس عبر قياداتها الأولى والثانية والثالثة للعلاقات المباشرة مع الأنظمة، وذلك باعتباره شرطا لازما لتبوّء السلطة، وطلبا للاستقواء على الأنداد في الساحة الفلسطينية، الذين تقف حركة حماس واياهم على أرضية اتفاق أوسلو والرؤية الأمريكية التي شرّعت وشرعنت العملية السياسية، والتي أفضت لولوج حركة حماس للسلطة الفلسطينية في الانتخابات التشريعيّة عام 2006، وذلك بموافقة الحكومة الاسرائيلية.

ولعلّ هذا الخطأ المنهجي هو من آفات الحركات الاسلامية المعاصرة، وعدم تفريقها بين وجوب السعي للسلطة انطلاقا من رؤية وجوب تمكين دين الله وأحكامه في الأرض، وقياما بواجب عمارة الأرض كما أراد الله، والسعي للسلطة المفضي لتمكين التنظيم والحزب والحركة ورجالاتها، وبسط نفوذهم وتوسع صلاحياتهم واعتبار ذلك نصرا، دون ارتباطه بتبدل أحوال الناس وخدمة قضايا الأمة ورعاية الدين، وهو فهم وتفريق لازم يفضي لضبط ايقاع العمل السياسي للحركات الاسلامية السياسية بما لا يرتد بالسوء والشرور على دين الله وتردّي أوضاع شعوب الأمة، فالسلطة فرع عن أصل وتابع لها وليس العكس، وغياب هذا الفهم أدخل الحركة الاسلامية منذ الثمانينات في تجارب فاشلة في خياراتها أو غير موفقة في ادارتها، الأمر الذي نتج عنه تضحيات وعذابات وسجون بلا طائل ولا نتائج توازيه في واقع الأمة ورعاية شعوبها وحفظ دينها وثقافتها، وتجارب مصر وسورية والعراق والسودان وتونس والجزائر والمغرب والأردن على ذلك تشهد.

لقد ارتبطت حركة حماس استراتيجيّا بالأنظمة العربية وتحالفت مع إيران منذ أن استهدفت تحقيق السلطة وقبلت بها في وجود المحتلّ، الأمر الذي أدى عمليا لاستبدال مشروع التحرير بالتموضع في السلطة وتمكين الحركة والتنظيم بديلا عن تمكين الدين وتحقيق مصالح المسلمين، وهذا خلاف ونقيض ما لأجله تشكّلت الجماعة، وما لأجله دعمت شعوب الأمة الحركة!

ان الشعوب والشعوب فقط -بعد الله- هي مادة التحرير وخامتها الأساسية، وكل حركة أو حزب أو تنظيم يتجاوز تلك الحقيقة سينتهي للفشل المدروس من قبل من هيّأ الظروف وعبّد الطريق ومهّد الخطوات لاستدراج تلك الحركة أو ذلك الحزب والتنظيم للولوج للسّلطة بمعزل عن صمّام الأمان وسبب نجاح التجربة، وهو النّسيج والبناء الحقيقي مع الشعوب الذي يجب أن يسبق تحقيق خطوة الولوج للسلطة.

إيران العدوّ الأكبر للأمة في العراق واليمن والشام هي الحليف الأكبر والوحيد لحركة حماس!

لابدّ للعقلاء من التوقف أمام حقيقة قادمة ستشرخ الأمة وتتلف حركة حماس، وهي أن الحليف الوحيد الذي تعتزّ به قيادة حماس الحالية، هو إيران الصفوية والتي باتت من أكبر أعداء الأمة في كل محيط فلسطين اللصيق والمتوسط والبعيد، الأمر الذي سيفضي لا محالة الى تصدعات وشروخ في الأمة بين من يقف الى جانب حماس في موقفها، وبين من يعذرها مؤقتا وعلى مضض، وبين من يفارقها ولا يبني عليها رجاء ولا أمل.

ان حجم الكوارث التي أصابت شعوب الأمة في العقود الأخيرة بسبب مشروع إيران السياسي الطائفي يتجاوز حجم الأذى والاتلاف الذي تحقق في فلسطين خلال قرن، كما أن مستقبل ايران الواعد في المنطقة –برعاية امريكية- يشير الى ترتيبات وخطوات ستفضي لتصدعات قادمة لا محالة، وذلك بناء على قراءة وموازنات لا يتجاوزها العاقل حتى وإن كان من غير المسلمين، أو كان من العلمانيين الذين لا يؤمنون بمرجعية الدين، فهل تقرأ حماس تلك الصورة؟ وهل يستحضر كتابها وفلاسفتها الغيورين ذلك المشهد المفزع والأليم؟

المنظور الأمريكي لعلاقات حماس بين تركيا وإيران في ميزان الردع المحسوب؟

من حق السائل العربي والمسلم أن يسأل، من الأولى بفلسطين والأقصى وحماس؟ هل هي ايران الصفوية أم تركيا الاسلامية؟

بلا شكّ ان تركيا أولى من ملالي ايران المعاديين لثقافة الأمة والمعتدين على شعوبها والمحتلين لبلادها، لكنّ أمريكا الماكرة سمحت لملالي ايران بدعم حركة حماس طيلة ربع قرن رجاء احتوائها وعزلها تدريجيّا عن الأمة، كما التحكّم بمفاصلها السياسية والعسكرية، الأمر الذي نتج عنه منعرجات وسقطات منها قبول العملية السياسية في ظل الاحتلال، ومنها تحقّق الانقسام الفلسطيني، وليس آخرها الترتيب الواهم والتعويل القاتل على ايران وميليشياتها وأفرعها في عملية سبعة أكتوبر2023، والتي لا تزال رحاها تهرس الناس في غزة، وتتلف المخيمات في الضفة وتتقدم نحو استكمال ابتلاع المسجد الأقصى.

ومن نافلة القول أن سقف تركيا وقيادتها الحالية هو ما قام به أردوغان حين رفض اعتبار حركة حماس حركة ارهابية، بل اعتبرها حركة مقاومة وطنية، وهو بهذا الموقف قد أنقذ حماس مرحليّا من حملة كادت أن تفصل عمودها الفقري عن جسدها، ولولا هذا الموقف العالي لكانت الحركات وقياداتها تفرّ من حركة حماس كما فرّت من القاعدة، وجميعنا يتذكّر كيف عزلت أمريكا ياسر عرفات حتى لم يبق هناك رئيس عربي يتصل به أو يزوره ثم قامت بسمّه وقتله، وهذا كان مصير قيادة حماس في حالة عزلها اقليميّا وتثبيت وصف الارهاب على قيادتها وتشكيل الحلف الدّولى لاجتثاثها كما طالب به الرئيس الفرنسي ماكرون.

ان سقف ما حقّقه –ويمكن أن يصل اليه- أردوغان هو تحقيق دولة النّجاشي لقيادة حماس، اقتداء بما حقّقه للقيادات الاسلامية من جميع البلدان العربية، وكذلك لعموم الشعب السوري، على وجه الخصوص في السنوات الخمسة الأولى التي أعقبت الثورة.

ويمكن تفسير عجز أردوغان عن دعم حركة حماس عسكريا وماليا، حيث إنه لو قام بذلك فانه يتوقع انتقال الاضطراب في محيط تركيا الخارجي الى حالة حروب داخلية، لاسيما والأمريكان لا يفارقون تدريب وتسليح قسد والبي كاكا، كما يدعمون كل مناوئ لتركيا، ولديهم برامجهم وخططهم لفصل الأعراق والأقاليم التركية عن بعضها البعض وإحداث حالة احتراب داخلي عرقي وطائفي كما برعوا بإنجاز ذلك في العراق وسورية، والمحصّلة أن المتوقع من تركيّا في ظلّ بطش الأمريكان، وفي ظل أزمة هوية وصراع تعيشه تركيا، هو دعم سياسي محدود ودار الحبشة النّجاشية وبعض المواقف الدبلوماسية والاقتصادية.

وبكلمة فان أي مشروع تغيير أو تحرير يعتمد على الأنظمة وبالجملة على الخارج، فإنه لا محالة سيبقى رهينة له وسيفشل وسيستهلك الدماء والأوقات والمقدرات في معارك عبثية تهدم أكثر ممّا تبني، لاسيّما اذا كانت هي الأهداف الأساسية للخارج والداعم، كما حصل ذلك في ثورة الشام الأبيّة، وكما تجسّد سياسيا بانزلاق التجربة المصرية النقيّة.

المفارقة الغائبة في قراءة العلاقة بين أمريكا وملالي إيران وادارة الصراع في المنطقة؟

لقد شاهد العالم بأمّ عينه كيف سارت مسرحيّة إيران الهزليّة -التي تحدّث عنها ترامب في واقعة مقتل قاسم سليماني- في ضرب اسرائيل بشكل مدروس ومتفق عليه مع الأمريكان ومبلّغ به مسبقا عن طريق السفارة السويسرية، كما كشفت التقارير الأمريكية عن نزول سبعة صواريخ في جنوب فلسطين المحتلّة دون رؤوس تدميرية، وبالجملة لم يصب نتيجة مئات الصواريخ والمسيرات الايرانية لا الشجر ولا الحجر ولا البشر!

والمفارقة الغائبة هنا هي في حجم الانضباط الايراني الرهيب والرعب من الأمريكان العميق، والذي عبّرت عنه إيران مائة مرة إبّان عملية سبعة اكتوبر نافية علاقتها بها ومنكرة لدرايتها عنها ومتعهّدة ألف مرة بضبط الساحات ومنع توسع المعركة اقليميا! فيما قامت إيران بدعم حركات المقاومة ماليّا وعسكريا لأكثر من ربع قرن، حيث سمحت لها الادارات الأمريكية المتعاقبة بدعم حركتي حماس والجهاد وذراعهما العسكري، وهو ما أفضى عمليّا لمعركة 7 أكتوبر!

فهل عمليّة إيران الأخيرة وضربتها الهزلية لإسرائيل –والذي ردّت عليه اسرائيل بشكل محدود ومقصود- أشدّ خطرا ومآلا من دعم حركة حماس بالعتاد والسلاح وتدريب مقاتليها خلال ربع قرن والذي أسّس لمعارك متكررة مع إسرائيل؟ أم أن كلا الأمرين مدروس ومقصود؟ أم أن أمريكا تدرك جيدا أهمية وصلابة القضية الفلسطينية وقدرتها على جمع الأمة باتجاه الأقصى، فكان لابدّ من تحريك إيران لاحتواء الحركة وتمثيل القضية الفلسطينية بدلا عن محيطها العربي؟

ان أقل جواب يمكن تقديمه بناء على كامل المشهد خلال ما يزيد عن ربع قرن في العلاقة بين ملالي ايران وقضية فلسطين، يؤكد أن أمريكا -التي ترصد وتدرك تفاعل كل شعوب وأعراق العرب والمسلمين مع فلسطين- لن تسمح للمسلمين من أهل السنّة بامتلاك مفاتيح القضية الفلسطينية، وذلك باعتبارها قضية جامعة ورافعة ودافعة للأمة نحو التحرر والتحرير والنهضة والتغيير، ولذلك فإنها لن تسمح إلا بخيارين، فإما أن يمتلك مفاتيح القضية العلمانيون، أو أن تتربع ايران على عرش المقاومة ويسيطر على مفاتيح القضية الفلسطينية الملالي المجرمون والضامنون.

وبكلمة يمكن القول أنه لا يمكن تحقيق تحرير فلسطين دون شرط فكّ العلاقة مع المشروع الايراني السياسي المعادي واللّعين، تلك العلاقة التي لم تتوقف عند خلق فجوة بين القضية الفلسطينية ومحيطها العربي المكلوم من ايران المحتلّة، بل تجاوزته الى العبث السياسي في الساحة الفلسطينية، ثم جيّرت دماء الشهداء وتضحيات الآباء والأمهات لأجل الترويج لمذهبها ومدّ نفوذها السياسي، ورفعت أسهمها أمام الأمريكي سيّد المنطقة، وأثبتت له أنها الراعية لكل أذرع المقاومة والميليشيات في المنطقة، وأنها الضامن الأقوى لضبط الساحات بعد تمزيق أحشاء شعوب دول المنطقة، لتحوز بجدارة على وصف معول الهدم الأمريكي وأكبر مطرقة للمشروع الصليبي الصهيوني في المنطقة.

الخاتمة

ان فلسطين وأقصى المسلمين نعمة عظيمة وهبة للعرب والمسلمين من رب العالمين، فهي القضية الأولى الصّلبة والجامعة لشتات الأمة وحركاتها وشعوبها وأعراقها، حيث يتسابق ويتوق اليها العرب والأكراد والأتراك والأمازيغ وغيرهم، وهذه احدى تجليّات ومعاني البركة التي وضعها الله فيها للعالمين.

ومنذ أن فكّك المشروع الغربي المنطقة وأسقط الخلافة، أدرك قيمة فلسطين سياسيّا وثقافيّا وحضاريّا، وأدرك أنها أصلب القضايا الجامعة للعرب والمسلمين على طريق التحرير والتغيير ثم التمكين واسترداد الدور الحضاري للعرب والمسلمين الذين كانوا لقرون طويلة ساسة الدنيا.

لذلك فقد حرص المشروع الغربي -الذي تقوده حاليّا أمريكا- على ادارة الملف الفلسطيني وعدم السماح للأمة الواعدة باستلام مفاتيحه وادارة القضية، ومنذ ذلك الحين وأمريكا تدير الشأن الفلسطيني بين الأيادي القوميّة العلمانية المعادية للدين في المنطقة العربية، وما أن ضعفت التجربة القوميّة ولفظت رموزها ومناهجها الشعوب العربية، وتقدّمت أمامها الصحوة الاسلامية، حتى سلّمت أمريكا ملف القضية الفلسطينية للجمهورية الخمينية، التي أبدع ملاليها باحتواء واستخذاء البلهاء فدمرونا ودمّروا القضية.

ان الخيارات السياسية المطروحة اليوم مخادعة، ويقصد منها عدم انبثاق مشروع مستقلّ في ارادته السياسية يعبر عن أهداف العرب والمسلمين وشعوب المنطقة، فالمطروح اليوم في الخيارات السياسية الخارجية إمّا أن تكون مع ايران المقاومة وإما أن تكون مع الأنظمة العربية المتواطئة، والمطروح في الخيارات السياسية الداخلية إما أن تكون مع حركة المقاومة الاسلامية حماس وإما فأنت من فريق التنسيق الأمني ومن جماعة فتح وعبّاس، علما بأن الطرفين فتح وحماس من الناحية السياسية سقطا سياسيا وشرعيا وأخلاقيّا في الحلف مع المشاريع المعادية للدين ومحتلي دول المنطقة، أفبعد كلّ هذا نجعل ايران وملاليها هم نصير الفلسطينيين والأمين على أقصى المسلمين!

لا نصر في فلسطين في الحقبة الحاليّة، لاسيّما أن من يديرون شؤونها ويحددون خياراتها منحرفون أو مختلون، وأقلّ ما يقال في حقّهم أنهم سفهاء سياسيا ولا يجوز أن يعطوا صلاحيات في قيادة أو تحديد خيارات المرحلة، الأمر الذي يوجب على علماء ونخب الأمة من غير الفلسطينيين أخذ زمام المبادرة، والتوقف عن حديث النبوءات ورؤيا الشيخ في المنام والتي عطّلت عقول الراشدين وأخرست ألسنة الغيورين، واختلطت قيمة وقدسية دماء الشهداء والبطولات والمضحين، بقيمة وصوابيّة الخيارات السياسية التي باتت لدى البعض أكثر أهميّة من مستقبل الأقصى وشعب فلسطين ومصالح عموم الأمة وقضايا الدين!

ان في مصر الكنانة والعراق العظيم والشام الأبية والجزائر والسودان والمغرب واليمن وموريتانيا وغيرهم من دول العرب والمسلمين من يفوقون القيادات الفلسطينية الحالية في أفهامهم وانحيازهم السويّ ورؤيتهم الجامعة، ولا ينقصون عنّا في غيرتهم على أقصى المسلمين، والذي رفع السماء بغير عمد لو أنّنا هلكنا جميعا كفلسطينيين فان أحدا من الأمة وشعوبها لن يتنازل عن تحرير الأقصى ولن يدير ظهره أمام دماء المسلمين، فالأمر توحيد وعقيدة ودين، فهل استوعبت يا عبدالله لماذا تصرّ أمريكا واسرائيل على بقاء ملفّ القضية الفلسطينية في حضن الملالي الإيرانيين؟

 يقول الله في كتابه العزيز (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا، يعبدونني لا يشركون بي شيئا، ومن كفر من بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون) سورة النور الآية 55.

ويقول سبحانه (فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا) سورة الاسراء الآية 7.

ما قلته من حقّ فمن الله وما أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان وأستغفر الله العظيم وأتوب اليه.

مضر أبو الهيجاء فلسطين-جنين 22-4-2024

التقديرات السياسية الخاطئة مقتلة وانتحار

 محاذير سياسية ومهالك بشرية

التقديرات السياسية الخاطئة مقتلة وانتحار

 
مضر أبو الهيجاء

اعتمد الرئيس محمد مرسي على الجنرال عبد الفتاح السيسي فانقلب عليه وقتله، وعولت قيادة حماس السياسية والعسكرية على إيران فأوقعتها في الفخ ونحرتها!

أقول لو -غير المعترضة على الله- كان مرسي حيا وفي سدة حكم مصر العظيمة بشعبها ومن خلفها الجزائر، لكانت أي معركة في فلسطين هي معركة الأمة وطوفان يغير الدنيا ويقتلع الحشرة المسماة إسرائيل.

إن التقديرات السياسية الخاطئة والتعويل على الأعداء الملالي المخادعين بمثابة مقتل للقضية الفلسطينية، ونحر حقيقي لحركة حماس سياسيا وعسكريا.

لقد تصرفت قيادة حماس -غير الراشدة- بتصرف فاقد للمعقولية في ظل علاقتها وحلفها مع ملالي إيران، وهو تصرف كان يكتسب معقولية ويبني آمالا لو كان مرسي الشهيد في سدة حكم مصر وقد حقق فعلا التمكين والنفوذ في السلطة.

وكما أخطأ اخوان مصر في تقديراتهم السياسية فنحروا بالسكين وتشظوا بلا امكانية للعودة، فقد وقع في نفس سوء التقدير الاخوان في فلسطين وبالغوا في التعويل الموهوم فنحروا ونحروا معهم شعب فلسطين.

تجارب تستحق التوقف والمراجعة مهما حوت من أناس صالحين وشهداء ومضحين.

مضر أبو الهيجاء فلسطين-جنين 26/4/2024

مودي يريد تحويل الانتخابات الهندية إلى حرب بين الهندوس والمسلمين

 

مودي يريد تحويل الانتخابات الهندية إلى حرب بين الهندوس والمسلمين


قرَّر رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي وحزبه بهاراتيا جاناتا أن يتنافسوا في هذه الانتخابات الوطنية المكوّنة من سبع مراحل كأبطال للمصالح الهندوسية. كما أوضحوا أن حماية المصالح الهندوسية تعني حمايتها من المُسلمين.

وبحسَبهم فإنّ الأغلبية الهندوسية تواجه خطرًا، إذ يتآمر حزب المؤتمر المعارض مع الجالية المسلمة لسرقة ثرواتهم، ومستحقاتهم وتسليمها للمسلمين.

ويوم الأحد، قال رئيس الوزراء أمام حشد في ولاية راجاستان: إنه إذا وصلت المعارضة إلى السلطة، فسوف تأخذ ثروة الهندوس وتعطيها لأولئك "الذين لديهم المزيد من الأطفال"، في إشارة واضحة إلى المسلمين. ثم ذهب إلى وصف المجتمع الإسلامي بـ "المُتسللين".

وأثارت تعليقات مودي غضبًا في بعض الأوساط. وطالب المواطنون والمنظمات من جميع أنحاء البلاد من لجنة الانتخابات الهندية، باتخاذ إجراءات ضده؛ بسبب خطاب الكراهية الذي ألقاه.

حتى إن الاتحاد الشعبي للحريات المدنية – وهي جماعة حقوقية – طالب باستبعاد مودي من خوض الانتخابات؛ بسبب هذا التحريض الطائفي العلني.

ولم تسفر ردود الفعل هذه عن أي تغيير في الخطاب، وفي الواقع، ضاعف رئيسُ الوزراء موقفه بعد يومين.

فيوم الثلاثاء، في خطابه أمام تجمع انتخابي آخر في راجاستان، ادّعى مودي مرة أخرى أن حزب المؤتمر كان يتآمر للاستيلاء على ثروات الهندوس، وتوزيعها على أشخاص "مختارين".

ولضمان عدم وجود أي غموض، ذهب مودي إلى اقتراح أنّ حزب المؤتمر سوف ينتزع المخصصات – أو الحصص في التعليم والتوظيف والخطط الحكومية وما إلى ذلك – من الطبقات الهشة، والطوائف المصنفة، والقبائل ويعطيها للمسلمين.

وكانت هذه محاولة واضحة لإخافة الفئات الهشة وطائفة "الداليت" من الناخبين الهندوس، ودفعهم للتصويت لصالح حزب بهاراتيا جاناتا.

وفي يوم الثلاثاء أيضًا، قال رئيس وزراء ولاية أوتار براديش، يوغي أديتياناث: إن حزب المؤتمر يريد تطبيق الشريعة الإسلامية. وكانت هذه محاولة واضحة لإثارة الذعر من أسلمة الهند.

ويعتبر مودي خبيرًا في صفير الكلاب. لقد أتقن فن سبّ المسلمين والاستهزاء بهم والهجوم عليهم دون أن ينطق بكلمة مسلم.

على سبيل المثال، خلال فترة توليه منصب رئيس وزراء ولاية غوجارات في 2002، اندلعت أعمال شغب أدت إلى طرد آلاف المسلمين من منازلهم وإجبارهم على الإقامة في مخيمات الإغاثة. وعندما بدأت حكومة الولاية في هدم هذه المعسكرات وواجهت انتقادات بسبب ذلك، قال مودي: إنه لا يستطيع السماح "لمصانع إنتاج الأطفال" بالعمل.

ودون أن ينطق بكلمة "مسلم"، قال: إن هؤلاء هم الأشخاص الذين كان شعارهم: "نحن خمسة، ولنا 25". ويشير ذلك إلى أنّ الرجال المسلمين يتزوجون أربع مرات وينجبون 25 طفلًا.

وفي خطاباته اللاحقة، واصل تأليب الهندوس ضد المسلمين بمساعدة التلميحات، مثل: "الثورة الوردية" (غير النباتية)، و"الثورة البيضاء" (النباتية)، أو المقابر (في إشارة إلى ممارسات الدفن الإسلامية)، ومحارق الجثث، (في إشارة إلى الممارسة الهندوسية المتمثلة في حرق بقايا الجثث).

وفي خطابه يوم الأحد، أشار مودي بشكل مباشر إلى المسلمين على أنهم "أولئك الذين ينجبون المزيد من الأطفال" و"المتسللون"، مما أثار نظرية مؤامرة شريرة مفادها أن المسلمين غرباء ويهدفون إلى التفوق على الأغلبية الهندوسية.

ومن الواضح أن رئيس الوزراء يلعب لعبة خطيرة، إذ يحول الانتخابات إلى حرب بين الهندوس والمسلمين، ويطلق حزب بهاراتيا جاناتا على نفسه اسم حزب الهندوس علنًا. وليس من الخطأ أن نستنتج من خطابه أنه قبلَ أن يكون ناخبوه من الهندوس فقط. وقد أوضح قادة آخرون في حزبه ذلك أيضًا. وفي العام الماضي، أعلن رئيس وزراء ولاية آسام، هيمانتا بيسوا سارما، أنه لا يريد أصوات "ميا" (وهم المسلمون الناطقون باللغة البنغالية).

ويشعر بعض المحللين أن حزب بهاراتيا جاناتا أصبح يائسًا؛ لأنه لم يتلقَّ الدعم المتوقع في المرحلة الأولى من الانتخابات. وقد دفعه هذا اليأس إلى تجربة صيغته القديمة المتمثلة في الاستقطاب الهندوسي من خلال توليد الخوف من سيطرة المسلمين على الهند.

ولكن إذا نظرنا إلى خطابات مودي منذ بدء هذه الحملة الانتخابية، يمكننا أن نرى أنه منذ البداية، كان يدلي بتصريحات تصور أحزاب المعارضة على أنها مناهضة للهندوس. على سبيل المثال، قال: إن بيان المؤتمر يحمل "بصمة الرابطة الإسلامية"، في إشارة إلى الحزب السياسي الذي تأسس في ظل الاحتلال البريطاني لتأمين حقوق المسلمين.

كما ادّعى أن قادةَ المعارضة لديهم عقلية المغول، " يعني حكام الهند المسلمين من القرن السادس عشر إلى الثامن عشر"، وأنهم أهانوا الهندوس من خلال تناول الأسماك خلال المناسبات الهندوسية المقدسة، وتناول اللحوم خلال شهر صوان المقدس عند الهندوس. وقال: إنهم يفعلون ذلك لإرضاء ناخبيهم. ومَن يمكن أن يكون هؤلاء الناخبون غير المسلمين؟

إن انغماس زعماء المعارضة في ممارسات مناهضة للهندوس؛ لاسترضاء المسلمين هو تأكيد سخيف تمامًا، لأن المعارضة تحتاج أيضًا إلى أصوات الهندوس ولا تستطيع أن تفعل أي شيء من أجل تنفيرهم. لكن الافتقار إلى المنطق لم يمنع مودي وحزب بهاراتيا جاناتا من تكرار هذه الادعاءات في محاولة لاستفزاز الهندوس ضد المسلمين.

ويعد هذا انتهاكًا واضحًا لمدونة قواعد السلوك النموذجية للجنة الانتخابية المستقلة، والتي بموجبها لا يُسمح لأي شخص بالحصول على أصوات أو القيام بحملات على أسس دينية أو طائفية.

كما أنه انتهاك لقانون تمثيل الشعب، الذي يعتبر الدعاية الطائفية جريمة. وينصّ القانون على أن: "الطعن الذي يقدمه المرشح، أو أي شخص آخر بموافقة المرشح، للتصويت أو الامتناع عن التصويت على أساس دينه أو عرقه أو طائفته أو لغته، يعد ممارسة انتخابية فاسدة". إذا ثبتت إدانته بموجب هذا الحكم، يمكن أن يواجه الفرد عقوبة السجن لمدة تصل إلى ستّ سنوات.

وكان هذا البند من القانون هو الذي أدَّى إلى حظر الانتخابات لمدة ستّ سنوات في عام 1999 على بال ثاكيراي، مؤسس حزب شيف سينا؛ بسبب محاولاته التحريض الطائفي.

على الرغم من الدعوات لاتخاذ إجراءات لوقف استخدام حزب بهاراتيا جاناتا، الخطابَ التحريضي في الانتخابات الجارية، فإن لجنة الانتخابات الهندية التزمت الصمت التام بشأن هذه القضية. وذلك لأنه جسم معرض للخطر.

وفي ديسمبر/كانون الأول، تمكن حزب بهاراتيا جاناتا من تمرير تشريع من خلال البرلمان أدى إلى تغيير تشكيل لجنة الاختيار المكلفة بتعيين مفوضي الانتخابات. وفي وقت سابق، كان رئيس المحكمة العليا في الهند جزءًا منها، إلى جانب رئيس الوزراء وزعيم المعارضة. والآن تم تعويضه بوزير يختاره رئيس الوزراء.

وهكذا فقدت اللجنة الانتخابية المستقلة استقلالها. وهي تتصرف كهيئة حكومية منذ ذلك الحين، حيث تصدر إخطارات لزعماء المعارضة بشأن الهفوات الصغيرة، ولا تتخذ أيَّ إجراء بشأن الانتهاكات الجسيمة التي يرتكبها قادة حزب بهاراتيا جاناتا. وهذا يعني فعليًا أن الانتخابات في الهند معرضة للخطر أيضًا.

ومع استمرار حملة التحريض التي يقوم بها حزب بهاراتيا جاناتا، يُنصَح المسلمون بعدم الرد؛ لأن ذلك سيجعل الهندوس ينجذبون نحو حزب بهاراتيا جاناتا. المسلمون يلتزمون الصمت، لكن كذلك لجنة الانتخابات الهندية والمحاكم.

وفي هذا الصمت المطبق، نشعر بالحزن على موت الديمقراطيّة في الهند.

هل صارت غزة “أيقونة” أحرار العالم؟

 

هل صارت غزة “أيقونة” أحرار العالم؟

بعد مشاهد قمع الطلاب التي لا تُرى إلا بالدول المستبدة.. كيف غيرت حرب غزة أمريكا من الداخل؟

بعد مشاهد قمع الطلاب التي لا تُرى إلا بالدول المستبدة.. كيف غيرت حرب غزة أمريكا من الداخل؟



على غرار ما يحدث في دول العالم المستبدة قمعت الشرطة احتجاجات الطلاب الأمريكيين المؤيدة للفلسطينيين في العديد من جامعات البلاد، في دليل واضح على كيفية تغيير حرب غزة البلد الأقوى في العالم داخلياً، بعدما أصبحت فلسطين محوراً لـ"الحركة الطلابية الأمريكية" التي لها دور كبير تاريخياً في تغيير السياسة الأمريكية.

إذ حولت قضية فلسطين إلى مسألة أمريكية داخلية، بل باتت محوراً لصراع سياسي داخل الولايات المتحدة وأيضاً دافعاً للصراع بين الأجيال، كما تظهر احتجاجات الطلاب الأمريكيين التي انتشرت كالنار في الهشيم في أنحاء البلاد.

في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2023، بعد عملية طوفان الأقصى، أجرت مؤسسة "يوجوف" استطلاعاً توضيحياً. ووجدت أن نسبة التعاطف بين الأمريكيين مع الفلسطينيين أكبر من الإسرائيليين في الفئة التي تتراوح أعمارها بين 18 و29 عاماً في الصراع الحالي، وهي الفئة العمرية الوحيدة التي تتبنى هذا التوجه، وفقاً لما ورد في تقرير لصحيفة The Washington Post الأمريكية.

وحتى بين مجمل الأمريكيين تراجع تأييد إسرائيل حيث إن 58% من الأمريكيين، لديهم وجهة نظر "جداً" أو "إيجابية في الغالب" تجاه إسرائيل، بانخفاض عن 68% في العام الماضي، حسب استطلاع لمعهد غالوب لاستطلاعات الرأي نشر في مطلع مارس/آذار 2024.

وهذا هو أدنى تصنيف إيجابي لإسرائيل منذ أكثر من عقدين.

 وانعكس هذا الانقسام على المواقف السياسية في الكونغرس، حيث يطالب بعض الديمقراطيين بوقف إطلاق النار (24 عضواً)، ولكن مازالت موازين القوى داخل الكونغرس والإعلام لصالح مؤيدي إسرائيل بشكل واضح، ولكن في المقابل، فإن اتجاهات رفض الحرب تزداد بين الطلاب والنشطاء وحتى بين أعضاء هيئة التدريس وبعض السياسيين الليبراليين، بما في ذلك موظفون في إدارة بايدن الديمقراطية.

موقف الكونغرس تجاه احتجاجات الطلاب الأمريكيين أشبه بسياسات مجلس صيانة الدستور في إيران

وبينما كان مشهد قمع احتجاجات الطلاب الأمريكيين في أعرق جامعات العالم أبرز مظهر لمحاولة من مؤيدي إسرائيل لوأد الحراك الداعم للشعب الفلسطيني، فإن اللافت أن ذلك يتم عبر طرق غير ديمقراطية وبأساليب تهدد ما يفترض أنه أهم ثوابت الحياة السياسية والأكاديمية الأمريكية، وهي حرية التعبير والحقوق المدنية.

كما يمثل قمع احتجاجات الطلاب الأمريكيين انتكاسة للجامعات الأمريكية باعتبارها مؤسسة مستقلة ذاتية الإدارة، وتتيح مساحة كبيرة لحرية التفكير بما في ذلك ما يخالف التيار السائد، وهي مسألة ليست مهمة فقط لهذه الجامعات بل للريادة العلمية الأمريكية التي قامت في جزء منها على حق التفكير خارج الصندوق وتحطيم ثوابت المجتمع، باعتبار ذلك عاملاً أساسياً في التقدم العلمي.

احتجاجات الطلاب الأمريكيين
شرطة لوس أنجلوس تعتقل طلاباً من مخيم احتجاجي لدعم الفلسطينيين في جامعة جنوب كاليفورنيا في 24 إبريل/نيسان 2024- رويترز

على الصعيد الخارجي، يمثل قمع احتجاجات الطلاب الأمريكيين هزة كبيرة لصورة أمريكا في عهد إدارة ترى في الديمقراطية رأسمال واشنطن الحقيقي في مواجهة ما تصفه باستبداد خصومها مثل الصين وروسيا وإيران.

إذ يبدو تحريض الكونغرس الأمريكي لرؤساء الجامعات ضد حرية التعبير، ومحاولة شيطنة احتجاجات الطلاب الأمريكيين أشبه بدور مجلس صيانة الدستور في الرقابة على النظام السياسي الإيراني، وحجبه لأي أصوات مخالفة لما يعتبره النظام ثوابت لا يجوز المساس بها، ولإبقاء التنافس الانتخابي محصوراً بين أجنحة النظام وحجب ما هو خارجه.

التذرع بالمظلومية اليهودية يؤدي إلى ابتذال معاداة السامية

وأدى قمع احتجاجات الطلاب الأمريكيين على ما يبدو لاتساع الاضطرابات، وخلق حالة من الاستياء من قبل الطلاب والأساتذة، ففي جامعة تكساس، تتصاعد الأزمة حيث أضرب مدرسون عن العمل بعد اعتقال طلاب تضامنوا مع غزة، فيما لا يزال الاعتصام مستمراً في جامعة كولومبيا الشهيرة بمدينة نيويورك التي تحولت لأيقونة الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين والرافضة للحرب.

كما لا يعرف بعد مدى تأثير قمع احتجاجات الطلاب الأمريكيين على الرأي العام في البلاد، وكيف سيكون رأي الآباء الأمريكيين وهم يرون أبناءهم وزملاء أبنائهم المعتصمين سلمياً يقمعون ويلقى القبض عليهم.

وقبيل انطلاق حملة قمع احتجاجات الطلاب الأمريكيين، زعم بعض الطلاب اليهود في الجامعات الأمريكية أن الكثير من الانتقادات الموجهة لإسرائيل انحرفت إلى معاداة السامية وجعلتهم يشعرون بعدم الأمان، وتروج وسائل الإعلام الأمريكية الرئيسية ذلك دون دليل قوي غالباً أو دليل على أنها ممارسات واسعة الانتشار، وفي الوقت ذاته تتجاهل المواقف المعادية للحريات وكذلك المعادية للمسلمين والفلسطينيين.

احتجاجات الطلاب الأمريكيين
احتجاجات في ألمانيا ترفض قتل الفلسطينيين باسم اليهود/رويترز

واستغل أعضاء بالكونغرس ذلك للتحريض على احتجاجات الطلاب الأمريكيين المؤيدة للشعب الفلسطيني، بما في ذلك رئيس مجلس النواب الأمريكي، رغم أن كثيراً من النشطاء يؤكدون على رفضهم لمعاداة السامية، والتمييز بينها وبين رفض الصهيونية، فعلى سبيل المثال يقول بيول يون، طالب الحقوق بجامعة نيويورك: إن "معاداة السامية ليست مقبولة على الإطلاق"، "هذا ليس ما نمثله على الإطلاق، ولهذا السبب يوجد الكثير من الرفاق اليهود هنا معنا اليوم".

كما أن هناك يهوداً من بين الطلاب والنشطاء المشاركين احتجاجات الطلاب الأمريكيين المناهضة للحرب، حسب تقارير إعلامية متعددة.

وقد نظم المشاركون في احتجاجات الطلاب الأمريكيين في جامعة كولومبيا صلوات إسلامية ويهودية في مخيم الاعتصام، وألقى بعضهم خطابات تدين إسرائيل والصهيونية وتشيد بالمقاومة الفلسطينية المسلحة، حسب ما ورد في تقرير لوكالة Reuters.

بل حذر بعض اليهود المشاركين في احتجاجات الطلاب الأمريكيين من أن ابتذال فكرة معاداة السامية بهذا الشكل يضر بها ويفقدها قيمتها، كما أن المفارقة أن الدعم غير المشروط المقدم لإسرائيل يأتي من التوجهات اليمينية التي كانت تتركز فيها معاداة السامية، وكما يقول المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه فإن دعم إسرائيل في الغرب يأتي نتيجة عنصرية مزدوجة من اليمين المعادي للمسلمين واليهود تقليدياً، ويبدو هذا الموقف نابعاً من العداء للعرب والمسلمين وتأييداً للقمع الإسرائيلي للفلسطينيين، ولكن في الوقت ذاته فإن خطابه الخفي كأنه لا يريد اليهود في أمريكا.

ولم يؤدِّ استدعاء ذكريات المحرقة النازية ضد اليهود إلا لمزيد من الاستفزاز للعديد من المشاركين في احتجاجات الطلاب الأمريكيين الذين يرون أنه ليس مفهوماً أن تكون المحرقة التي وقعت من قبل الأوروبيين منذ 70 عاماً، مبرراً للسكوت على عملية إبادة جماعية تجري أمام ناظريهم في الوقت الحالي، لشعب ليس له أي دور في المآسي التي لحقت باليهود في أوروبا.

لماذا تحولت فلسطين لمحور للحركة الطلابية الأمريكية؟ إليك ما يقوله التاريخ

في الأوقات العادية لا تمثل أحداث السياسة الخارجية أهمية كبيرة لدى الطلاب الجامعيين، بل هم متهمون بنقص الوعي بقضايا السياسية الخارجية، ويميل نضال الطلاب عادة للتركيز على القضايا الداخلية مثل محاربة العنصرية وحقوق الأقليات، ويعد التغير المناخي، القضية الرئيسية ذات البعد العالمي في أجندة النضال الطلابي في الأوقات العادية.

لقد نشأت الحركة الطلابية للمطالبة بحرية التعبير في الحرم الجامعي، وتحديداً في جامعة كاليفورنيا في بيركلي في عام 1964، عندما غضب الطلاب المشاركون في نشاط للحقوق المدنية من محاولة الجامعة المفاجئة لمنعهم من التنظيم سياسياً في الحرم الجامعي، وتوسعت الحركة لجامعات أخرى.

ولكن مع توسع تورط الولايات المتحدة في حرب فيتنام، أصبحت الحرب الهدف الرئيسي للاحتجاجات التي قادها الطلاب، حسب ما ورد في دراسة بعنوان "الحركة الطلابية والحركة المناهضة للحرب".

إذ أدت التغطية الإخبارية للحرب، والتي تضمنت شهادات مرئية مصورة عن الموت والدمار في فيتنام، إلى تحويل الرأي العام الأمريكي بشكل متزايد ضد الحرب.

نعمت شفيق- رئيسة جامعة كولومبيا في نيويورك-الموقع الرسمي للجامعة

كما أدى الكشف عن كذب إدارتي جونسون ونيكسون على الشعب الأمريكي بشأن الحرب إلى تقويض ثقة الجمهور في الحكومة.

واليوم بفضل مواقع التواصل الاجتماعي والنقل اللحظي للحرب المدمرة في غزة، وصعوبة السيطرة على السردية من قبل وسائل الإعلام الرئيسية، إضافة للطابع الحقوقي المتأصل في الحركة الطلابية الأمريكية والمرتبط بنضالها ضد العنصرية في الداخل الأمريكي، تحولت فلسطين لمحور للنضال الطلابي الأمريكي، في مشهد يعيد للأذهان أحداثاً مفصلية غيرت توجهات السياسة الأمريكية، بل التاريخ الأمريكي، مثل النضال الطلابي الرافض لحرب فيتنام أو العنصرية الأمريكية ضد السود أو النضال الطلابي الداعي لمقاطعة جنوب أفريقيا، وهي نضالات آتت أكلها وباتت الأجندة التي دعت إليها هذه الحركات النضالية في قلب السياسة الأمريكية بعدما كانت مدانة ومضطهدة كما يحدث للحراك المؤيد للشعب الفلسطيني حالياً.

ومثلما هو الحال الآن، فإن احتجاجات الطلاب الأمريكيين كان على مدار عقود عادة محط انتقاد من قبل القوى المحافظة بل حتى من قبل الديمقراطيين غير التقدميين، وحدث عمليات قمع للنضال الطلابي في قضايا مثل حرب فيتنام ومناهضة نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، ولكن رغم ذلك فرضت الأجندة الطلابية نفسها في نهاية المطاف في كثير من القضايا (وليس كلها).

ففي حال النضال ضد العنصرية، تحولت العنصرية النظامية التي كانت قانونية في كثير من دساتير الولايات الأمريكية إلى سلوك مدان من المجتمع الأمريكي حالياً (رسمياً على الأقل) ومرفوض قانونياً، كما خضعت الجامعات الأمريكية في نهاية المطاف لضغوط الطلاب لسحب الاستثمارات من جنوب أفريقيا، ثم انضمت الولايات المتحدة رسمياً لمقاطعة نظام الفصل العنصري بجنوب أفريقيا، وتحول حزب المؤتمر الوطني الأفريقي وزعيمه نيلسون مانديلا لأيقونة مبجلة في العالم والغرب والولايات المتحدة التي كانت تعتبره يوماً طابوراً خامساً لصالح الاتحاد السوفييتي.

وقد تكون المفارقة أن جامعة كولومبيا التي تعد محوراً ل"احتجاجات الطلاب الأمريكيين المؤيدين للشعب الفلسطيني"، وشهدت أول حلقة من موجات فض الاعتصامات، قد عرفت شكلاً مماثلاً من الاعتصامات قبل نحو عقدين من الزمان، لدعم كفاح شعب جنوب أفريقيا ضد العنصرية.

ففي 5 أبريل/نيسان عام 1985، قام 7 طلاب أعضاء في "الائتلاف من أجل جنوب أفريقيا حرة" بإغلاق مدخل المبنى الإداري للجامعة "هاميلتون هول Hamilton Hall"، حيث قيدوا أنفسهم بأغلال وسلاسل في مدخل المبنى وعلى الدرج المؤدي إليه.

واستمر هذا التصعيد وازداد حجماً على مدى نحو 3 أسابيع، حتى جاء النصر للحركة والطلاب يوم 25 أبريل/نيسان 1985، حين قررت إدارة جامعة كولومبيا أخيراً الاستماع لمطالب طلابها واتخاذ قرار وقف التعامل مع نظام الفصل العنصري بجنوب أفريقيا بشكل كامل، على الصعيد الأكاديمي والأصعدة الأخرى.

وفي مقارنة ذات دلالة قوية، وصفت المداهمة التي قامت بها الشرطة لقمع طلاب جامعة كولومبيا المعتصمين ضد الحرب بأنها الأولى التي تتم فيها اعتقالات جماعية في الحرم الجامعي منذ احتجاجات حرب فيتنام في عام 1968، وهنا يجب تذكر أن أمريكا انسحبت في نهاية المطاف من فيتنام بسبب شراسة المقاومة الفيتنامية والحراك المعارض للحرب الذي قادته الجامعات، واليوم فيتنام هي واحدة من أهم حلفاء أمريكا المحتملين ضد الصين.

أنصار إسرائيل يعرض أموالاً طائلة لهزيمة الفريق التقدمي الداعم لحقوق الفلسطينيين

لا يعرف إلى أي مدى يمكن أن ينعكس هذا التأييد الشعبي والطلابي للقضية الفلسطينية ومشاهد القمع لـ"احتجاجات الطلاب الأمريكيين" على موازين القوى السياسية وتحديداً في الكونغرس.

ولكن الجماعات المؤيدة لإسرائيل ، شحذت أسلحتها السياسية بقوة، حيث استهدفت المشرعين التقدميين في الانتخابات التمهيدية، بالنظر لمواقفهم الرافضة للحرب وللدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل، وذلك بالتزامن مع الحملة ضد احتجاجات الطلاب الأمريكيين.

احتجاجات الطلاب الأمريكيين
تظاهرة خارج مركز جامعة نيو سكول في نيويورك في 23 إبريل/نيسان 2024-رويترز

وقالت لجنة الشؤون العامة الإسرائيلية (AIPAC)، وهي المجموعة المؤيدة لإسرائيل الأكثر نفوذاً، إنها تخطط لإنفاق 100 مليون دولار لاستهداف المرشحين التقدميين، إضافة لإعلانات مماثلة من جماعات أخرى مؤيدة لإسرائيل.

وفي واقعة مدوية، عرض رجل  أعمال مؤيد لإسرائيل 20 مليون دولار كدعم على هيل هاربر، المرشح الديمقراطي لمجلس الشيوخ عن ولاية ميشيغان، إذا وافق على التخلي عن الترشح لهذا المجلس، وليرشح نفسه بدلاً من ذلك في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي لمجلس النواب أمام النائبة الحالية ذات الأصول الفلسطينية رشيدة طاليب، وقال هاربر، في منشور على موقع X إنه رفض الاقتراح.

ولكن هناك مؤشرات على عدم نجاح هذه الحملة

وفي مؤشر على أن هذه الحملة لم تحقق نجاحاً على الأرض حتى الآن، تمكنت سمر لي، عضوة الكونغرس التقدمية عن ولاية بنسلفانيا، في الانتخابات التمهيدية من التغلب بسهولة على منافستها بهافيني باتيل، التي انتقدت "لي" بسبب دعواتها لوقف إطلاق النار في غزة. وقدمت باتيل نفسها على أنها ديمقراطية مؤيدة لبايدن.

وتوصف سمر لي، بأنها صنعت التاريخ في عام 2022 عندما أصبحت أول امرأة سوداء تُنتخب لعضوية الكونغرس عن ولاية بنسلفانيا، حيث تصدرت في انتخابات التمهيدية لعام 2022 عناوين الأخبار في أمريكا بسبب مشاركة لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (أيباك)، آنذاك في إنفاق 3.3 مليون دولار ضدها، ولكنها في النهاية هزمت منافسها، المحامي ستيف إيروين، بأقل من 1000 صوت، أو 0.9 نقطة.

ومع اقتراب انتخابات الرئاسة والكونغرس، فإن مشاهد قمع الطلاب سوف تنضم للجدل حول حرب غزة وفلسطين الذي بات في قلب السياسة الأمريكية، وبينما لا يعرف كيف سيؤدي ذلك إلى تغيير الموقف الأمريكي المنحاز لإسرائيل والداعم للحرب، فبالتأكيد فإن الحزب الديمقراطي (حزب الرئيس) بات منقسماً بشكل غير مسبوق منذ سنوات، وهو ليس مهدداً فقط بفقدان أصوات المسلمين القليلة ولكن الثمينة في الولايات المتأرجحة، ولكن أيضاً مهدد بفقدان الزخم الذي ميز الحزب في السنوات الماضية الذي وفرته الأقلية التقدمية داخل الحزب، والتي تمثل الثقل الموازن لليمين المتطرف الذي أوصل دونالد ترامب للسلطة عام 2016.