الخميس، 31 ديسمبر 2009

خديعة حوار الأديان إلى أين ؟..

خديعة حوار الأديان إلى أين ؟..
الدكتورة زينب عبدالعزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية
دخلت مؤتمرات حوار الأديان فى مرحلتها الحاسمة هذا العام ، وفقا لما رتبته المؤسسة الكنسية ومؤتمر الفاتيكان الثانى (1965) ، الذى قرر اقتلاع الإسلام وتنصير العالم .
قد تم إعتبار عام 2008 عام حوار الأديان فى أوروبا ، وإقامة المؤتمرات المتتالية بين المؤسسات الأوروبية السياسية والكنسية لترسيخ فكرة أوروبا المسيحية ، من جهة .. و من جهة أخرى ، فى نفس الوقت ، تتوالى فيه سلسلة من المؤتمرات التى يعقدها المسلمون لتقديم مزيد من التنازلات للجانب الكنسى ..
وكان آخرها ـ حتى وإن تم ذلك فى بلد أوروبى ، مؤتمر مدريد الذى دعى إليه خادم الحرمين الشريفين ، فيما بين 16 و18 يوليو 2008 ، وياله من إختيار لمكان مرير الإهانة والذكرى ، فبعد أن تم إقتلاع الإسلام من إسبانيا فى حرب الإسترداد (1492 م)، بإبادة المسلمين غدراً وذبحاً أو تنصيرا ، تتم العدة الآن لإقتلاع الإسلام بأيدى المسلمين هذه المرة ..

وقد بدأت الحلقة الأولى من هذه المرحلة الحاسمة عقب محاضرة بنديكت 16 فى راتيسبون ، فى سبتمبر 2006 ، التى تعمّد فيها سب الإسلام والمسلمين ونبينا الكريم صلوات الله عليه وعلى آله أجمعين .. فعندما ثار العالم الإسلامى كرد فعل لهذا الجُرم ، طلب البابا من الأسقف جان لوى توران، رئيس لجنة الحوار البابوى بالفاتيكان ، ان يتدبّر الأمر لإحتواء الموقف والترتيب لعقد لقاءات مع بعض المسلمين المهرولين لمساندة الفاتيكان.. وتمخض عن هذه الترتيبات ذلك الخطاب الفضيحة الذى وقّع عليه 138 عالما مسلما ، عن قناعة او عن جهل أو مجاملة !. وهو الخطاب الذى يعلنون فيه مصيبة أننا ، مسلمون ومسيحيون ، نعبد نفس الإله !!.


والمؤسف فى الموضوع أن الفاتيكان يقدم هذه المبادرة فى كافة النصوص المتعلقة بها على انها رد فعل خوف المسلمين من البابا خشية ان يفضح الإسلام الإرهابى أكثر مما فعل، فتقدموا له بذلك الخطاب قائلين
"تعالوا الى كلمة سواء" ، نتصالح ونتعاون بما اننا نعبد نفس الإله ، ونغض الطرف عن الإختلافات التى كانت تفصل بيننا فيما مضى !..
وهم بذلك يلغون سبب مجىء الإسلام أساسا ، الذى أتى كاشفا لكل ما تم من تحريف فى عقيدة التوحيد بالله فى الرسالتين السابقتين ومصوباً لمصارها ..

وتلى هذا الخطاب الفضيحة ترتيب عدة لقاءات مشتركة بين المهرولين هنا وهناك ، كما تم ترتيب زيارة خادم الحرمين للفاتيكان ، بكل ما تضمنتها هذه الزيارة من مهانة وتنازلات ، فكل المطلوب منها هو "الضغط سياسيا ودوليا وكنسيا لغرس الإنجيل فى أرض المملكة ورشقها بالكنائس".. وهى عبارة البابا يوحنا بولس الثانى الواردة فى كتاب "الجغرافيا السياسية للفاتيكان" ..
وبعد شهر ونصف من تلك الزيارة المرتّبة، أقيم مؤتمر مكة المؤسف ، من 4 إلى 6 يونيو 2008 ، والذى تكرر فيه إجمالا:
" تأكيد أننا نعبد نفس الإله ، وتم الإقرار بابتلاع تهمة الإرهاب فى الإسلام والتعهد بالعمل على نبذه، والإلتزام بالقيم المشتركة ، وتعزيز مفاهيم الأسرة ، وتدارك واقع إبتعاد الإنسان عن ربه، وقبول ما نتفق فيه وترك ما نختلف فيه " .. إضافة إلى الإقرار بمصيبة أخرى هى : مساواة النصوص الكنسية واليهودية ، الثابت تحريفها ، بالقرآن الكريم الثابت تنزيله من عند الله ! أى انه تمخض عن تحقيق مطالب البابا بنديكت 16 .. ، وهو ما تناولته فى مقال آنذاك.
وبعد مؤتمر مدريد تتم العدة حاليا لمؤتمر نوفمبر 2008 ، الذى سوف ينعقد فى الفاتيكان ، بحضور 24 من المهرولين المسلمين و24 من المتحكمين الفاتيكانيين ، لتدارس كيفية تنفيذ ما قام به عصر التنوير على الكتاب المقدس وتطبيقه على القرآن الكريم ! إن أعمال ودراسات عصر التنوير قد اثبتت أن الكتاب المقدس الحالى ليس مقدسا ولا منزلا من عند الله ، كما اثبتت التحريف الذى تم فى الكتاب بعهديه ، وخاصة العهد الجديد ، واثبتت ان المسيحية الحالية ، التى لا يقبلها عقل ولا منطق، تمّت صياغتها عبر المجامع على مر العصور ، ولا يعرف عنها المسيح شيئا بل تخالف تعاليمه، وأن عدد المتناقضات الموجودة فى الأناجيل يفوق عدد كلماته ، وان الأناجيل برمتها لم تكتبها الأسماء التى هى معروفة بها، وأنها صيغت يقينا بعد الأحداث تلفيقا، الخ ..
بل فى واقع الأمر إن كشف عمليات تحريف الأناجيل قد تمت بنفس يد من قام بذلك التعديل والتبديل والتغيير، وتكفى مطالعة إعترافات القديس جيروم الواردة فى الخطاب-المقدمة الذى يتصدر ترجمة "الفولجات" التى أعدها ، وتعنى الأصل الذى تعتمد عليه الكنيسة ، إضافة الى المعارك الضارية التى دارت بين مختلف الفرق والنحل المسيحية وتم خلالها ذبح الملايين من البشر !

فما يحاول سدنة الفاتيكان القيام به حاليا هو تنفيذ عملية إسقاط لكل ما تم فى المسيحية من مآخذ على القرآن الكريم ، بأيدى من يُحتسبون على الإسلام إسما.. ولا أدل على ذلك من الكتاب الذى ألفه القس ميشيل كويبرز Michel Cuypers)) وتم نشرعرض له فى يونيو 2007 بالعدد الرابع من مجلة "الملكوت" الإيطالية و فى غيرها من المواقع والمجلات التابعة للفاتيكان ، وأعيد نشره فى نفس الأماكن للمرة الثانية فى 31 يوليو 2008 ، وكأنهم يعدون الأذهان لما يتم الإعداد له حتى تألفه الآذان وتبتلعه بلا إعتراض !


ويتلخص هذا البحث فى ان ذلك القس قد قام بتطبيق علم التحليل البلاغى على النص القرآنى ، وهو ما كان يجاهد المستشرقون لتطبيقه على القرآن منذ قرن ونصف تقريبا ، بل وهو ما كان المستشرق الفرنسى جاك بيرك يطالب به ، وذيّل مقدمته للترجمة التى قام بها للقرآن الكريم بضرورة إخضاعه للتحليل اللغوى والبلاغى لإثبات ما به من سلبيات !.. ويوضح القس كويبرز ان منهج التحليل البلاغى يسمح باستكشاف تقنيات الكتابة التى يلجأ إليها الكتبة لصياغة نصوصهم ، كما يسمح بكشف طبقات الصياغة المتراكمة ، وكأن القرآن قد تمت صياغته على عدة قرون كالأناجيل !.
ويقول صراحة انه قام بتطبيق هذا المنهج على القرآن مثلما تم تنفيذه على الأناجيل .. وقد بدأ بقصار السور ووجد المسألة مجدية ، فانتقل الى طوالها ، ومن أهم اكتشافاته ما يلى :

الخلط والتداخل فى القرآن والقفز من موضوع لآخر ، وهو ما يتعب القارىء او يدخله فى متاهة ، وان بالقرآن طبقات صياغية متباينة زمانيا وإضافات لاحقة وتعديل وتبديل فى النص ـ مما اضطر بعض المستشرقين الى إعادة صياغة القرآن بشكل منطقى بتغيير أماكن بعض الآيات ، وضرورة عدم الأخذ بالتبرير الذى يقدمه التراث او اسباب النزول للتعتيم على ما به من متناقضات ، وان الرسول، صلوات الله عليه ، قد نقل عن الكتاب المقدس بعهديه لذلك اتهمه اليهود بالإختلاس والتحريف ، وان المتشددون يعتمدون على الآيات المنسوخة لمحاربة الكفار ، وان القرآن كان ينتهى عند سورة الإخلاص والمعوذتان إضافة لاحقة بدليل انها غير موجودة فى اصول عدة من نسخ القرآن !.. لذلك يطالب بضرورة عمل تفسير جديد للقرآن يتمشى مع العصر الحديث لأن التفاسير القديمة لا تتفق وعقلية الإنسان المعاصر !


ومما يستشهد به ذلك القس "الضليع" ان هناك مسلمون مثقفون يطالبون بذلك أيضا ، أى بأن يتم فحص ودراسة القرآن كما حدث بالنسبة للأناجيل ، وان المستشرقين قد بدأوا فعلا هذه المسيرة ، مضيفا أنه للتوصل الى قلب االقرآن ومضمون رسالته الحقيقية لا بد من تناوله باسلوب النقد البناء للكشف عما تم به من تحريف او إضافات لاحقة .. مشيرا إلى ان التحليل البلاغى يستبعد التراث والسثنة ولا يلتزم إلا بالنص كنص أدبى ، لذلك تختلف نتيجته عن كل ما فرضه التراث عبر السنين..
وذلك لا يعنى ـ فى نظره ـ المساس بصلب عقيدة المسلمين وضربها فى مقتل ، بل على العكس ، يرى أنها تلقى بمزيد من الضوء على قيمها وتزيح عنها ما تراكم عليها من إضافات على مر التاريخ !!


ثم يتساءل عما اذا كان المسلمون سيفهمون ان التحليل البلاغى للقرآن سيفتح الباب للتجديد الفعلى فى التفسير القرآنى ؟! ويجيب على سؤاله قائلا : نظرا لثقل التراث فى الإسلام فإن سير الأمور لن ينطلق بالسرعة المرجوة ، وهذه هى المهمة الصعبة التى تقع على عاتق المثقفين المسلمين الذين امتصوا وتشبعوا بالمنهج العلمى الغربى الحديث .. وأن ذلك يتطلب منهم النظر إلى القرآن على انه مجرد نص أدبى ولا يمت إلى التنزيل الإلهى بصلة ، وهو ما يقاومه المسلمون التقليديون !

ويشير مرة ثانية الى المتناقضات التى لا يمكن التوفيق بينها ، وانه اذا كان لهذه النصوص القرآنية ان تقدم لنا شيئا فلا بد من ان نأخذ فى الإعتبار التطور الفكرى والدينى للإنسانية حاليا .. موضحا: " أن هناك بين هذه المتناقضات آيات ذات حكمة عالمية ، صالحة لكل زمان ، وأنه يتعين إقامة الممارسة الدينية بناء عليها .. وهو ما طرحه الموقعون ال 138 على الخطاب المفتوح المرسل إلى بنديكت 16 ، ومنهم مفتين لعدة بلدان إسلامية ، يضعون فى الصدارة الآيات التى تسمح بتعايش سلمى للمسلمين مع الجماعات الإنسانية الأخرى .. وذلك يعنى أنهم يعتبرون ضمناً ان آيات الجهاد الواردة خاصة فى سورة التوبة أنها آيات بالية وغير مجدية التطبيق. إلا أن ذلك لا بد وأن يتم الإعلان عنه علناً وصراحة ، بكل وضوح ، وإعتباره قراراً نهائياً ولا رجعة فيه " !!.


إن إعادة نشر هذا البحث وفى هذا التوقيت تحديدا ، إضافة إلى العديد غيره من المقالات والحوارات المسمومة التى تدين القرآن الكريم وتضاهيه صراحة بنصوص الأناجيل ، وتطالب بكل قحة بحذف آيات بعينها والإكتفاء بالآيات العبادية والأخلاقية ، ليس مجرد نشر لسد خانة او لإفتقارهم الى الموضوعات ، وإنما هى عملية تمهيد وإعداد الأذهان الى ما يحيكونه حاليا وسوف يتم الإعلان عنه فى المستقبل القريب كما يرتبون ويتمنون ..


ولا يسعنى ، بكل أسف ، إلا عرض وتقديم ما يتم الترتيب له فى الفاتيكان لإقتلاع الإسلام ، والإعداد لكيفية إقتلاعه بأيدى المسلمين .. فإذا ما أخذنا فى الإعتبار عدة ظواهر ، منها
أولا معنى الحوار فى النصوص الفاتيكانية ، وأنه يعنى كسب الوقت حتى تتم عميات التنصير ؛ وأن تنظيم فرسان المعبد الإسبانى الذى تمت إبادته عام 1312 م ، واستمر سراً ، يطالب البابا حاليا بإعادة إشهاره رسميا للقيام بدوره فى العلن ، وهو التنظيم الذى قام بالحروب لصيبية ؛ وان هناك عمليات تطبيع دينى بين المسيحيين والمسلمين تتم سراً لإقامة صلوات جماعية حيث أتهم يعبدون الإله الواحد " ربنا يسوع المسيح " (!) ، والقيام بالحج إلى كنائس بعينها ، من قبيل الحج الذى ينظمه القس كريستوف روكو سنويا فى بريتون الفرنسية ، وكان يعمل مبشرا فى إحدى الجامعات المصرية متخفيا تحت وظيفة خبير فرنسى ، وهى البدعة التى بدأها المستشرق لويس ماسينيون وتتواصل بأشكال عدة ؛ وأن عمليات إبادة المسلمين تتم على مرأى ومسمع من العالم وما من أحد يتصدى لها إلا كلاما ؛ وأن عمليات التنصير تدور بصورة هيستيرية فى جميع البلدان الإسلامية بينما تغض حكوماتها الطرف عنها ؛ إضافة إلى كل ما قام المسؤلون المسلمون بتقديمه من تنازلات، فى حق الإسلام لصالح الغرب الصليبى المتعصب ، لأدركنا فداحة الموقف ، وخطورة ما يحاك لنا ، والكآبة القاتمة التى نحن مقبلون عليها كمرحلة حاسمة فى هذه الخديعة الكبرى..


لذلك لا يسعنى ، بكل أسف أيضا ، إلا أن أكرر عبارة : أفيقوا أيها المسلمون وتولوا الدفاع عن دينكم بعد أن خبت وتراخت بل وتواطأت قياداتنا الإسلامية .. وحسبنا الله ونعم الوكيل !

7 / 8 / 2008

الأربعاء، 30 ديسمبر 2009

الحوار والبشارة

الحوار والبشارة
موقف الفاتيكان من مؤمنى الديانات الأخرى
الدكتورة زينب عبدالعزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية
 
"حوار وبشارة" هو عنوان وثيقة صادرة عن المجلس البابوى للحوار بين الأديان ومجلس تبشير الشعوب ، وكلاهما يترأسه أحد الكرادلة ويعملان تحت إدارة البابا مباشرة. وقد تم نشر الوثيقة فى 20 يونيو 1991 ، تنفيذا لقرارات مجمع الفاتيكان الثانى التى تضمنت أساسا وبكل جبروت قرار تنصير العالم. ونقول بكل جبروت طبعا ، بما أن عبارة "تنصير العالم" تعنى أولا وأخيرا إقتلاع كل الديانات الأخرى من العالم وأولها الإسلام ، كما هو منصوص ، لفرض كاثوليكية روما.

وبما ان عملية التبشير والتنصير وصلت حاليا إلى مستوى أقل ما توصف به هو الجنون أو الهيستيرية المحمومة ، وبما أن معظم القراء لا يهتمون بإصدارات الفاتيكان على أنها مواد لاهوتية متخصصة لا تعنيهم ، غير مدركين إلى أى مدى تتحكم هذه المؤسسة فى حياتهم السياسية بل واليومية فى كل المستويات ، إعتمادا على منظمات مهولة العدد قادرة على اختراق كافة المجالات بإمكانياتها الرسمية وغير الرسمية.

لذلك رأيت تقديم هذه الوثيقة لأهميتها علها تفيد فى الأحداث الدائرة حاليا ، وحتى يمكن لكل فرد أن يدرك مجرياتها وخباياها ليتمكن على الأقل من مواجهتها والدفاع عن دينه. وقبل عرض هذه الوثيقة اشير إلى عناوين الوثائق الصادرة عن مجمع الفاتيكان الثانى المتعلقة بنقطة تنصير العالم لتوضيح أنها ليست مجرد قرار عابر وإنما هى فى واقع الأمر قرار لا رجعة فيه كما تقول هذه الوثائق.

فأثناء إنعقاد مجمع الفاتيكان الثانى وضع البابا بولس السادس إدارته الرسولية تحت راية الحوار مع الأديان الأخرى. وأهم الوثائق الصادرة عن هذا المجمع والمتعلقة بتنصير العالم هى : "نور الأمم" البند 17 خاصة ؛ علاقة الكنيسة مع الديانات غير المسيحية (فى زماننا هذا) ؛ الكنيسة فى هذا العصر ؛ قرار حول النشاط التبشيرى للكنيسة ؛ وحول حرية العقيدة. الأمر الذى يوضح إلى أى مدى قرار تنصير العالم بالنسبة لهؤلاء القوم هو قرار ليتم تنفيذه بكل الوسائل بموجب هذه الوثائق المتعددة المجالات. كما أصدر توصية لعمل دراسة لاهوتية متعمقة فى كل منطقة ثقافية كبيرة بغية تنصيرها عمقا ، أى إعتمادا على تغيير ثقافاتها ومفاهيمها وتراثها وعاداتها بل وشكلها. وهو ما نطالعه قد تم فعلا فى مختلف البلدان الإسلامية ، وأهمها ما يدور فى مصر حاليا، ووصل إلى درجة تستوجب وقفة حاسمة إن لم تكن من المسؤلين فلا بد وان يتولاها عقلاء الطرفين وخاصة المسلمين ..

ومن كل هذه الوثائق التى تتناول نفس التخطيط ، من المهم الإشارة إلى بداية البند 16 من الدورة الخامسة المنعقدة فى 21 نوفمبر 1964 ، لوثيقة "قانون مجمعى عقائدى للكنيسة" فى الفصل الثانى ، لنرى إلى أى مدى لم تعد الوقاحة خافية مخفية وإنما باتت تُعلن بأعلى صوت :

"وأخيرا ، فإن الذين لم يتقبلوا الإنجيل بعد مأمورون بمختلف الطرق أن ينضموا إلى شعب الله. وأولهم ذلك الشعب الذى كان قد حصل على العهد والوعد ، والذى أتى منه يسوع وفقا للجسد (راجع رومية 9 : 4-5) ،وهو شعب محبوب جدا وفقا للإختيار بسبب آبائه : لأن نداء الرب يكمن فى الإرتداد (راجع رومية 11 :28-29). إلا أن غاية الخلاص تضم أيضا أولئك الذين يعترفون بالخالق ، ومنهم أولا وقبل أى شىء المسلمون الذين يقولون أنهم يؤمنون بابراهيم ويعبدون معنا الإله الوحيد ، الرحيم ، الذى سيحاكم البشر فى آخر يوم".

ودون أن نتناول هذا النص بالتحليل الدقيق لكى لا نبعد عن الموضوع الأصلى للمقال ، تكفى الإشارة إل ثلاث ملاحظات أساسية : إن عبارة "المسيح وفقا للجسد" تناقض وتلغى فكرة بنوة يسوع من الله كما تلغى تأليهه وتثبت أنه كان إنسانا وفقا للجسد ومن سلالة داوود . كما أن عبارة "اليهود" ليست واردة فى النص وإن كانوا هم المقصودون بالأمر الخاص بإعتناقهم المسيحية. وهنا لابد من أن نتسائل مع تزايد التنازلات التى يقدمها البابا بنديكت 16 لإخوانه الكبار كما يطلقون عليهم ، ترى هل سيقوم بتنصيرهم خاصة فى زمن لايمكنه فيه حماية أقراته فى أرض فلسطين المحتلة والمنهوبة؟ والملاحظة الثالثة متعلقة بتنصير المسلمين ، وهنا لابد من التوضيح لذلك البابا أن المسلمين لا يعبدون نفس الإله الذى يعبده المسيحيون ، بما أن إلاهنا هو الواحد الأحد الذى ليس كمثله شئ ، والمسيحيون يعبدون إنسانا تم تأليهه فى مجمع نيقيا عام 325 ، وهو ما يمثل شركا لا يُغتفر بالنسبة للمسلمين.

أما وثيقة "حوار وبشارة" فهى تتكون من مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة. ومنذ الفقرة الأولى بها يتم تعريف القارئ بالأسباب التى صيغت من أجلها لنطالع بوضوح : "ان إكتشاف القوة العددية والحيوية الشديدة للديانات الكبرى للإنسانية، من جهة ، وان إنتشار المسيحية لم يضعفها ، وان أعضاؤها الذين كان يُطلق عليهم قديما "الوثنيون" ، ثم تطورت إحتراما إلى "غير المسيحيين" ، هم اليوم معروفين فى شرعية إنضمامهم إلى دين له مكوناته الذاتية ، ويمكننا أن نتذكر فى فرنسا الإنتقال الذى تم فيما يتعلق بالعمالة القادمة من شمال إفريقيا وتم إعتبارهم لفترة طويلة أنهم "جزائريون" ثم تم التعرف عليهم فجأة على أنهم مسلمون ينتمون إلى واحدة من كبرى الديانات فى العالم" (صفحة 3).

ومن الملاحظ أن النص يقطر بالعنصرية فى مختلف المسميات التى ألصقها بالمسلمين ، وخاصة الجزائريين التى وضعها البيان بين شولتين ، وهو ما يعنى نوعا من التحقير الضمنى المعلن. لذلك تساءل هؤلاء القادة للمؤسستين اللتان تعملان مع كل الهيئات المختصة بالتنصير والحوار بين الأديان فى العالم : " كيف يمكن التوفيق بين الواجب الدائم للإعلان عن يسوع مع الإحترام الواجب مراعاته لعقائد الآخرين ؟" ويا له من خداع بدعوى الأمانة !

وتخرج الإجابة مباشرة من هذا التساؤل بعد عدة عقود من التبشير الإجبارى فى الأرض ، وهى أن التبشير قد لجأ إلى كافة وسائل التعامل بوجهين ، الممكن منها وغير الممكن ، مستعينا بكل الأحاييل التى يصعب حصرها هنا ، وذلك وفقا للتعليمات الواردة فى فقرات هذه الوثيقة. وهو ما سوف نراه بشئ من التفصيل.

ومن الملاحظ أن هاتين الوثيقتان قد صدرتا على مسافة خمسة أشهر : الخطاب الرسولى المعنون "يسوع فادى البشر" ، فى 7 ديسمبر 1990 ، والذى سنتناوله فى مقال لاحق ، ووثيقة "حوار وبشارة" الصادرة يوم 19 مايو 1991. وتكمن أهمية الوثيقة الأولى فى أنها توضح وتفرض "العلاقة بين فداء يسوع وإرتباطه بكل البشر ، وبكل شخص ، بلا أى إستثناء" (بند 14). وذلك يعنى أنه إبتداء من هذا الخطاب الرسولى الملزم لكافة القيادات المسيحية أياً كانت ، كنسية أو مدنية، والذى يمهد الطريق للوثيقة الثانية ، يملى أن الإيمان بيسوع أمر مفروض على كافة البشر دون أى إستثناء ! أما الوثيقة الثانية فهى بمثابة كيفية التنفيذ العملى لهذا القرار.
وأثناء المؤتمر الصحفى المقام لتقديم وثيقة "حوار وبشارة" قال الكاردينال طومكو ، رئيس لجنة تنصير الشعوب ، أن أهم ما يعنيه هو كيفية التوفيق بين عملية الحوار وكل المعوقات التى تفرضها عملية التبشير. إذ ان هذه الوثيقة قائمة على توضيح وتوجيه عملية التنصير وهى موجهة أساسا إلى العاملين فى هذا المجال. أما الكاردينال آرنزى ، رئيس المجلس البابوى للحوار بين الأديان فيقول " أنه منذ عام 1986 والإعداد لهذه الوثيقة قائم بين مختلف الهيئات التبشيرية فى العالم ، وقد حظيت بمختلف الملاحظات ".. مما يكشف عن الأهمية المضفاه على هذا العدوان السافر الذى تم التخطيط له على الصعيد العالمى.

ونطالع فى مقدمة الوثيقة أنها تأتى بعد مرور 25 عاما على وثيقة "فى زماننا هذا" ، وهى واحدة من أهم الوثائق الصادرة عن الفاتيكان ضد الإسلام ، الذى تضعه ضمن الديانات الأسيوية. وهو ما يمثل أول محاولة فى العصر الحديث لإقتلاع الإسلام باستبعاده رسميا من المكان الذى اُنزل فيه كرسالة توحيدية تقوم بتصويب ما تم من تحريف فى اارسالتين السابقتين. وفى البند 4 من هذه الوثيقة نطالع : "ان الديانات لا تكتفى بمجرد أنها قائمة أو لا تزال حيّة ، ففى بعض الحالات نراها تمثل صحوة حقيقية ، وتستمر فى التأثير على الملايين من أتباعها" ، وهو ما يمثل عقبة أمام التبشير فى نظرهم.

وعن عبارة التبشير تقول الوثيقة فى البند 8 : "ان الكنيسة تبحث عن كيفية إرتداد من تخاطبه بالطاقة المنبثقة من الرسالة التى تقوم بتبليغها ، لتغيير الضمائر الخاصة والجماعية ، والنشاطات التى يقوم بها البشر ، وأساليب حياتهم ،والأماكن المحددة التى يعيشون فيها".

أما مصطلحات "الأديان والتقاليد الدينية" فنطالع فى البند 12 "أنها تضم الديانات الأخرى التى يروق لها أن تنسب مرجعيتها إلى أبراهام كالمسيحية ، وذلك كالديانات الأسيوية الكبرى فى آسيا وشمال إفريقيا وباقى أنحاء العالم" ، ولم يرد ذكر الإسلام حتى بين هذه الديانات الأسيوية. وهنا لا بد من الإشارة الى أن عملية تحريف جديدة تقوم بها المؤسسة الفاتيكانية بعبارة "الديانات التى يروق لها ان تنسب مرجعيتها إلى أبراهام" ، وهو ما يلغى صلة المسلمين بسيدنا إبراهيم عليه السلام ، وأنه الجد الأكبر للمسلمين ، بما ان إبنه البكر هو إسماعيل ، الوارد ذكره فى سفر التكوين ، والذى تم عهد الختان على يديه حين كان فى الثالثة عشر من عمره ، ولم يكن إسحاق قد وُلد بعد ! فهل إلى هذا الحد يجهل الآباء الأجلاء نصوصهم أم ان حب التحريف والتزييف قد أفقدهم البصر والبصيرة ؟!

ومنذ الفصل الأول للوثيقة والمعنون "الحوار بين الأديان" ، يشير البند 22 المتعلق برسالة يسوع: "ان الزمن قد اُكمل وملكوت الرب قريب" لأنها من ناحية العبارة الوحيدة التى كان يسوع يعلنها ويبشر بها ، إقتراب ملكوت الرب ، وذلك بخلاف قوله "أنه لم يأت إلا من أجل خراف بيت إسرائيل الضالة".. ومقولة أن ذلك الملكوت قد "اقترب" وعلى وشك التحقيق ، قد مضى عليها أكثر من الفى عام ولم تتحقق بعد ، لذلك تتضافر الجهود بين القيادات المسيحية للإعداد لمعركة هرماجدون المزعومة ليسوعٍ لا علاقة له بكل ما تم نسجه فى المسيحية الحالية من فريات يجهل هو عنها كل شئ.

إلا أن من أهم الفريات الواردة فى الوثيقة ما نطالعه على لسان البابا السابق ، فى البند 28 ، ويعترف فيها صراحة "بوجود الروح القدس الفعّال المؤثر فى حياة أعضاء الديانات الخرى" ، موضحا : "أنه لا يوجد سوى مخطط واحد للخلاص قائم بيسوع الذى بتجسده قد إتحد بصورة ما بكل شخص فى العالم".. وتصل الجرأة فى التلفيق إلى مداها حين يضيف : "ان المسيحيين مدركين لذلك تماما بفضل إيمانهم ، بينما الآخرين لا يزالوا يجهلون أن يسوع المسيح هو أصل خلاصهم " (بند 29). وهنا لا يسعنا إلا أن نؤكد لسيادة البابا أو لمن صاغوا له هذه الوثيقة أننا كمسلمين لا نؤمن ببدعة الخطيئة الأولى وان خلاصنا لا يعتمد مطلقا على يسوع المسيح ، ولا على هذه الأسطورة المختلقة ، وإنما يعتمد على إرتباطنا بديننا وبالأعمال التى نقوم بها والتى سيحاسبنا الله عز وجل عليها يوم الحساب.

ونظرا لمبدأ حرية العقيدة المتاح لكافة المجتمع الدولى ، فإن المؤسسة الفاتيكانية ليس من حقها فرض عقائدها وإختلاقاتها الدينية على العالم ، وخاصة على المسلمين ، ولا أن تكتب فى الوثيقة قائلة : "ان أعضاء الديانات الأخرى مأمورون أو موجهون للإنضمام إلى الكنيسة" (بند 35) .. فنحن نأخذ أوامرنا الدينية والشرعية من الله سبحانه وتعالى وليس من الكنائس أيا كانت !

وفى الحديث عن مختلف أشكال الحوار تتحدث الوثيقة عن حوار الحياة ، وحوار الأعمال ، وتبادل اللاهوت ، وعن التجارب الدينية ، لتفرض بكل سوء نية : "ان الكنائس المحلية وكل أعضاء الكنيسة مأمورون بالمشاركة فى الحوار" (43) ، غير مدركين ان هذا الفرض هو السبب الحقيقى لكل التوترات القائمة حاليا فى مختلف البلدان المسلمة ، فمن البديهى ان تتم محاولة إقتلاع شعب من دينه ولا تكون هناك ردود أفعال لردها.

لذلك يتعين على قادة هذا المخطط الفاضح مراجعة نصوصهم وقراراتهم لأنه لا يحق لهم بأى حال قول عبارة من قبيل : "لذلك ورغم كل الصعاب ، إن إلتزام الكنيسة بالحوارحازم ولا رجعة فيه (بند 34) ، أو "أنها تبحث عن تغيير الفكر والثقافة بقوة الإنجيل" (بند 75) ، أو أن تضيف بعد قليل : "لا يوجد ما يدعونا أن نؤكد مرة أخرى على أن الإعلان عن إسم يسوع عاليا ودعوة كل البشر ليصبحوا أعضاء فى الكنيسة هو واجب هام ومقدس ولا يمكن للكنيسة أن تتخلى عنه".

كما ان فقرة من قبيل البند 82 التى تؤكد : "أنه يتعيّن على كافة المسيحيين الإنضمام شخصيا والإشتراك فى المجالين الحوار والتبشير ليكتمل إتحادهم بالكنيسة" ، فذلك يعنى بخلاف فرض اشتراك كافة المسيحيين فى عملية إقتلاع الإسلام ، ربط مدى إيمانهم هم كمسيحيين بعملية هذا الإقتلاع .. وهو ما يعنى أننا فى حرب صليبية حقيقية معلنة رسميا ، يقودها ويقوم بها كافة المسيحيين، بينما تتغافل عنها القيادات المسلمة.

ومن ناحية أخرى فإن هذا القرار المخزى يوضح ويؤكد تلك الصيحة التى أعلنها جورج بوش فى سبتمبر 2001 بتحالفه مع الفاتيكان ليبدأ تلك الحرب الصليبية إعتمادا على أكاذيب فضحتها وسائل الإعلام ولا تزال ، كما فضحت الفرق العسكرية الغازية المحتلة الهادمة لكل شئ ، وقد إصطحبت معها ضمن عتادها الفرق الأخرى من المحتلين الغزاة : الكنسيين المبشرين مقتلعى الأديان والعقائد ..

ألم يحن الوقت لقف هذه العمليات الإستعمارية التنصيرية الكاسحة المزدوجة الهدف ، وان يتكاتف العقلاء من كل الأديان لصد هذه المخططات المفضوحة ، تحسبا وتجنبا للمأساة الكبرى الوشيكة الإندلاع والتى لن تترك أثرا لإنسان ؟!

22 / 12 / 2009

الثلاثاء، 17 نوفمبر 2009

حكاية الفيلم المروع (المهدي 313) والكعبة المشرفة!


حكاية الفيلم المروع (المهدي 313)


عايض بن سعد الدوسري
المصدر: 
موقع: المصريون

تدور قصة الفيلم الذي يحمل اسم (313)–الذي أنتجه قريبًا باللغة الإنجليزية أحد الشيعة الباكستانيين في بريطانيا- حول شابٍ شيعي مجرم يعمل في ترويج المخدرات والتكسب منها في بريطانيا، وتتسلسل الأحداث –ويظهر أن إدخال قصة المهدي في الفيلم أتى بصورة ركيكية- ليصبح مروج للمخدرات أقرب الشخصيات إلى المهدي المنتظر، ويصبح أحد أركان وأعمدة ثورة المهدي التي تتكون من (313)شيعيًا انتخبوا كأفضل شيعة حول العالم.
 
هذا الفيلم قد يعتبره البعض أخطر شرارة يمكن أن تقود حربًا طائفية جديدة، لأنه ومهما أدخل فيه من لقطات تُوحي بالتظاهر بالتسامح وأن التشيع يأخذ في ممارساته التعبدية من البوذية والمسيحية، إلا أنه في المقابل يتحور حول فكرة المهدي المنتظر، والتي يعرف أي باحث في هذا الشأن أنه فكرة دموية طائفية حسب كتب ومراجع الشيعة.
 
ويبدأ الفيلم من مدرسة شيعية يكلف مديرها هذا الشاب بعمل بحثٍ دراسي عن سيرة ونبوءات المهدي المنتظر.ويشير الفيلم صراحة إلى أن زمننا هذا هو زمن ثورة المهدي، ويرى الشاب الشيعي -مروج المخدرات- أثناء بحثه عن حقيقة المهدي رؤيا تشير إلى أن ثورة المهدي لا تكون إلا بتحقق بشارتين، وتكمن خطورة هذه الرؤيا وما يتبعها من تأكيدات أنها صادرة من أحد (313)المقربين للمهدي الشيعي، أي أنها ليست أضغاث أحلام بل رؤيا إلهية أتت من المهدي، وهما:
البشارة الأولى: سقوط العراق، ويعرض الفيلم لمقطع من خطبة جورج بوش وهو يتحدث عن الهجوم على صدام حسين والعراق وإضعاف قوته ثم إسقاطه.ثم بعد تلك الرؤيا الصادقة يكتب الشاب الشيعي في بحثه عن المهدي وأن زمننا هذا هو العصر الأخير حيث ثورة المهدي، والسبب في ذلك تحقق العلامات الكبرى ومن أهمها سقوط العراق، ثم يوصي الشاب الشيعي في بحثه –الذي يعده في المدرسة الشيعية- شيعة العالم بالاستعداد والإعداد لثورة المهدي، وأن الثورة قد بدأت فعلاً الآن وأننا لا ننتظر المهدي بل هو من ينتظر إعدادنا واستعدادنا لتفجير الثورة.
ويواصل مدمن المخدرات -الذي تحول إلى محاضرٍ وواعظٍ- في وعظ وحث شباب الشيعة على الانخراط في الإعداد والترتيب لثورة المهدي الذي ينتظر شيعته ليمهدوا الطريق لظهوره وبداية حكمه للعالم.
 
البشارة الثانية: أحداث فظيعة ورهيبة تحدث في موسم الحج حيث تتلطخ أستار الكعبة المشرفة بالدماء، ويعرض الفيلم الشيعي للكعبة المشرفة في رؤيا الشاب الشيعي وقد لطختها وكستها الدماء من كل اتجاه.
 
ثم بعد هذه البشارة الشيعية التي أتت لمروج المخدرات الشاب إذا بها تتحقق في نهاية الفيلم، فيشاهد في نشرة الأخبار العالمية أنه حصلت فعلاً فوضى عارمة، واضطرابات كبيرة في مكة والحرم المكي، ووكالات الأنباء العالمية تغطي وتتابع مظاهر الفوضى وهروب الحجاج في كل اتجاه وبفزع ورعب، وتشتت أهل مكة وهروبهم، ليتبين فعلاً أنه حصلت مقتلة حول الكعبة بحيث لطخت أستارها بالدماء، وتعم الفوضى أيضًا رجال الشرطة الذين يحاولون دون جدوى إخلاء المنطقة!
 
في هذه اللحظة يُعرج بالشاب الشيعي –مروج المخدرات- لينضم ضمن نخبة (313)الخلص، لتبدأ الثورة، وعندها سيحتل المهدي الكعبة ومنها سيعلن خطابه للعالم وحكمه للبشرية جمعاء، وتنطلق منها ثورته الشيعية ليطهر الأرض من الشرور والآثام ويأتي بالعدالة الشيعية ومعه الـ (313).
 
ويعتبر الشيعة "المهدي المنتظر" عقيدة محوريَّة يتمركز عليها مذهبهم، فالإمامة والعصمة واستمرار نظرية الإمامة الإلهية إنما كانت بفضل صناعة هذه العقيدة.ثم إن ولاية الفقيه ونظام المرجعية وقيام الدولة الإيرانية إنما يقوم على هذه العقيدة، وبدونها لا يكمن أن يكون هناك شيء من ذلك.
 
وبفضل هذه العقيدة فإن نائب المهدي أي الولي الفقيه يستطيع أن يحرك شيعة العالم أجمع لخدمة مصالحه أو مصالح النظام الإيراني أو المرجعية، فهو الممثل أو الناطق الرسمي باسم إمامهم المهدي، حيث جميع آمال الشيعة وأحلامهم تتعلق به.
 
من هذا الباب الاستغلالي فإن فريق عمل "شيعي-بريطاني" -كما قال الكاتب المتشيع المصري الدكتور أحمد راسم النفيس حسب موقع الجمعية العراقية الكويتية بتاريخ 2009/10/1- انتهي من إنتاج هذا الفيلم الشيعي (313)، والذي يتناول الجيل الأخير المصاحب لظهور الأمام المهدي المنتظر هو الأمام الثاني عشر وأوضح النفيس، في تصريح صحفي أن الفيلم يتم تداوله إلكترونياً عبر روابط تحميل تصل للأفراد عبر البريد الإلكتروني، وزعم أن الفيلم لاقى ترحيباً وقبولا من المسلمين السُّنة في مصر والدول العربية.
 
واختتم النفيس قائلا: "الفيلم ينسب إلى أحد الشيعة الباكستانيين المقيمين في بريطانيا وقام بالتمثيل فيه مجموعة من الهواة. (يُذكر أن الفيلم الشيعي 313) ناطق باللغة الإنجليزية ومترجم إلى اللغات العربية والفارسية والفرنسية والأردية" والفيلم مع كونه أنتج في سنة 2008 إلى أنه تم تأخير عرضه لأسباب مجهولة، ثم نزل عن طريق الانترنت بواسطة.
 
ثم أخذ يروج للفيلم بشكل مجاني وواسع النطاق في الانترنت في المواقع الشيعية وفي المواقع السنية.وأخطر ما في الفيلم كما ذكرنا سابقًا أنه يرسل رسائل واضحة وخطرة أن ظهور وثورة المهدي تعتمد على ما سيقدمه الشيعة أنفسهم لمهديهم وذلك يتمثل في أمرين مهمين وهما: سقوط العراق، ثم خلق فوضى عارمة ودموية في موسم الحج وتلطيخ أستار الكعبة المشرفة بالدماء.
 
واستغلال مثل تلك الرسائل السياسية والإرهابية في الفيلم لا يخفى على المراقب الهدف منها، حيث يمكن بواسطة الفيلم السينمائي إرسال الرسائل المطلوبة وتحقيقها بما لا يتوفر عن طريق الأسلوب المباشر، خاصة إذا كانت العقلية الشيعية مُعبأة سلفًا ومستعدة مسبقا بهذه العقيدة.
 
هذا الفيلم الذي أنتجه بعض الشيعة في بريطانيا ونشروه حول العالم يجعل المرء يتساءل عن سبب كونه إرهاصًا سبق تصريحات كل من الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، والمرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي الأخيرة حينما طالبوا بإقامة مظاهرات واحتجاجات وهيجانات من أجل "البراءة من المشركين" وإطلاق نداء الشعب الإيراني للعالم الإسلامي من مكة! وتلك سنة سنها مؤسس الثورة الإيرانية ونائب المهدي الخميني. 
بل وتجاوز الأمر مجرد المطالبة إلى التهديد حيث هدد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بأنه سوف يتخذ القرارات المناسبة إذا تم منعهم من إحداث الهيجانات في الحج!
 
والعاقل يتساءل باستغراب عميق: من المقصود بالمشركين الذين يجب أن يبرأ منهم الشيعة في مواسم الحج؟ وهل هذه المظاهرات هي جزء من الإعداد والاستعداد لثورة المهدي وتحرير مكة المكرمة والمدينة المنورة من المشركين؟
 
أقول: لعل أفضل من يجيب على هذا السؤال هم الشيعة أنفسهم.
 
قال آية الله العظمى (حسين الخراساني) أحد أعمدة الحكم في الجمهورية الإسلامية في كتابه "الإسلام على ضوء التشيع": (إن كل شيعي على وجه الأرض يتمنى فتح وتحرير مكة والمدينة وإزالة الحكم الوهابي النجس عنها!)
 
وقد ألقى الدكتور (مهدي صادقي)أحد رجالات الجمهورية الإيرانية خطبة وصفت بأنها مهمة وخطيرة، جاء فيها: (أصرح يا إخواني المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أن مكة المكرمة حرم الله يحتلها شرذمة أشد من اليهود).
 
وقد نشرت مجلة الشهيد الإيرانية وهي تعتبر لسان علماء الشيعة الناطق في مدينة قم، في عددها (6)صورة تمثل الكعبة المشرفة، وإلى جانبها صورة تمثل المسجد الأقصى المبارك، وبينهما صورة يد قابضة على بندقية، وتحتها تعليق نصه: (سنحرر القبلتين)، وصرح أحد زعمائهم، فقال: (أنني أفضل أن يكون الإنجليز حكاماً في الأراضي المقدسة).
 
ثم تداعت النداءات الطائفية من قبل شيوخ الشيعة الموالين للنظام الإيراني في هذه السنوات الأخيرة، حيث أكد عضو كتلة الوفاق الشيعية النائب الشيعي البحريني (حمزة الديري) أن أهل السنة كلهم نواصب أي غير مسلمين، ولذا الصلاة خلفهم في الحرمين الشريفين باطلة، حيث قال: (شيوخ أهل السنة وعلماءهم وأئمة الحرم نواصب، وإن صلاتكم في المسجد الحرام تعتبر صلاة وراء ناصبي).

ويقول أحد شيوخ الشيعة وهو ياسر الحبيب: (مكة والمدينة اليوم تحت الاحتلال ويجب تحريرهما).
 
وكذلك قصيدة بعنوان "السعودية" للشاعر الشيعي العراقي "مرتضى الذهيباوي" وهي قصيدة تهييجية إرهابية خطرة أطلقها في لقاء عام ومليء بالحضور، تحدث فيها عن وجوب تحرير مكة والمدينة من أيدي أهل السنة، وهاجم السعودية وابن تيمية ووصفه بأنه ابن الشيطان، وهاجم الملك عبدالله ووصفه بأنه يزيد، ولا يخفى على الفطن ماذا تعني في التراث الشيعي تلك الأوصاف الخطيرة ودلالتها الدينية ومغزاها السياسي الخطر! 
 
إذن، المقصود بالمشركين –كما يقول هؤلاء- هم أهل السنة، والذي يجب على كل شيعي –كما يطالب نجاد وخامنئي ومن يؤمن بطرحهما- البراءة منهم في موسم الحج وفي مكة المكرمة!
 
تلك التصريحات الواضحة والمباشرة غالباً ما تردُ علناً على لسان الشعراء والخطباء وعلماء الدين الذين يشحنون العامة ليكونوا على استعداد.وأما الساسةُ فلا تسمعها منهم في وقت الهدوء السياسي.لكن ما إن يطرأ توترٌ إلا وتخرج ألسنتهم ما تكنه قلوبهم مما أوجبت السياسةُ كتمانه.فيبدأوا باستثمار ما غرسه علماء الدين في عقول عامة الناس.لأجل هذا سمعنا أحد رؤوس نظام الحكم هناك هاشمي رفسنجاني بعد أحداث حج عام (1407)يخرج خبيئته ويصرح لجريدة (اطلاعات)بتاريخ (14/12/ 1987م)ما نصه: (إن جمهورية إيران الإسلامية لديها الاستعداد للحرب من أجل تحرير مكة).
 
ولعل بعض الباحثين الآن قد أدركوا بجلاء أهمية توقيت نشر فيلم (المهدي 313) بشكل واسع بين الشيعة وبثه في العالم عن طريق الانترنت، وتزامن ذلك مع تصريحات وتهديدات القيادة الفارسية في تحويل الحج هذه السنة إلى فوضى، وإشغال المسلمين بأمنهم وسلامتهم عن التفرغ لأداء مناسك حجهم بسكينة ووقار وأمن.
 
والملحوظ هنا أن تلك التصريحات لم تسبق بتوترٍ يذكر في العلاقات السعودية الإيرانية، للدرجة التي كان عليها الحال أيام فورة الثورة الخمينية وطغيان فكرة تصديرها للخارجِ.حيث اتخذ الخميني من إعلان البراءة من المشركين ذريعةً لإحداث الفوضى بمكة كل عامٍ، في سبيل تصدير ثورته الدموية للخارج.ما الذي حرك خامنئي ونجاد لإطلاق تهديداتهم لحجاج بيت الله من الآن؟ لن يتعب المراقب حتى يفهم السبب.فهناك ثورة داخلية توشك أن تهز عرش خامنئي، والانشقاق الداخلي في إيران بلغ ذروته، فلا بد من إحداث مشكلة خارجية يتلهى بها الإيرانيون عن قضاياهم الداخلية.ففي مثل هذا الوضع، يتذكر خامنئي ونجاد وجوب إعلان البراءة من المشركين بمكة، فينطلقون لاستثمار الأحقاد والأفكار الدموية التي زرعها الشيوخ والتراث الشيعي والكتب الشيعية في قلوب العامة المضللين.
 
إنني أناشد جميع المسلمين في العالم باستنكار استغلال الحج ومكة المكرمة والمدينة المنورة لإحداث انشقاقات وانقسامات طائفية داخل صفوف المسلمين، أو استغلال موسم الحج في رفع شعارات الطائفية والتحزب، أو مضايقة حجاج بيت الله الآمن بالمظاهرات والتهييج كما حصل من الإيرانيين في أعوام سابقة.
 
إنني أناشد علماء الأزهر الشريف، وعلماء دمشق الرابط، وعلماء الزيتونة، وعلماء المغرب والجزائر، وعلماء إندونيسيا وماليزيا، وعلماء العالم الإسلامي جميعًا أن يدينوا تلك التصريحات الطائفية، وأن يدينوا محاولة تحويل الحج إلى موسم مظاهرات وتهييج وفتنة وكراهية.
كما أناشد عقلاء علماء الشيعة من أمثال آية الله العظمى محمد حسين فضل الله أن يدينوا تلك التصريحات، وأن يناشدوا عموم الشيعة بأن ينبذوا أي سلوك من شأنه زعزعة الأمن أو إخافة الحجاج وإرعابهم. وأخص بكلامي هذا قيادات الشيعة من العرب والسعوديين خاصةً.
فلا بد أن يسمع عموم الشيعة من قياداتهم ما يكشف مكر الساسة الإيرانيين ومتاجرتهم بأمن حجاج بيت الله في سبيل المحافظة على موقعهم فوق كرسي الحكم.
 
شاهد الفيديو





 

   

مقالات ذات صلة

الجمعة، 6 نوفمبر 2009

تنصير إفريقيا !

تنصير إفريقيا !
الدكتورة زينب عبدالعزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية
 
لقد إنعقدت الجمعية الثانية الخاصة بأفريقيا فى الفاتيكان ، من 4 إلى 25 أكتوبر الماضى ،تحت عنوان "الكنيسة فى أفريقيا ، لخدمة المصالحة والسلام". وقد حضره حوالى 250 أسقفا لمناقشة قضايا القارة ، وهى واحدة من أكثر القارات تعرضا للحروب ، والفقر ، وتوابع الإستعمار وما بعد الإستعمار.

فالمعروف أن الشعوب الإفريقية ضحايا إدارة عامة فاسدة ، بسبب السلطات المحلية التابعة للغرب ، وخاصة خضوعها لأسوأ أنواع الإستغلال من القوى الإستعمارية الخارجية.. ويبقى معرفة التوجهات الحقيقية لهذه الجمعية ومخططاتها.

يدفعنا عنوان هذه الجمعية إلى التساؤل حول معنى كلمة "مصالحة" وما هو المقصود منها ؟ مصالحة من وماذا ؟!
فعلى الصعيد الإفريقى ، إن كافة الحروب التى تدار على أرضها ترجع خيوطها إلى أولئك الذين يحركون اللعبة فى العالم، إلى قادة الغرب المتعصب ، الإستعمارى،المغتصِب ، الذى يلجأ إلى أعوانه المحليين ليقود لعبته.وهى قائمة على تجويع الأفارقة وإنتزاع كنوزهم. فهل المقصود مصالحة كافة أطراف القادة المحتالون ليقوموا بلعبة أكثر دقة لقهر وإجبار الأفارقة على مزيد من التنازلات ؟ 
إن إختلاق الحروب المحلية بين الشعوب باتت لعبة تقليدية ، و لا نذكر على سبيل المثال سوى إختلاق مشكلة البربر فى الجزائر لتقسيم البلاد ؛ وحرب دارفور ، حيث معظم سكانها من حفظة القرآن الكريم ؛ ولا نقول شيئا عما يتم حياكته حاليا مع الأقليات المسيحية فى البلدان ذات الأغلبية المسلمة لإختلاق الفتن والقلاقل مثلما يدور فى مصر وغيرها من البلدان. فأية مصالحة يقصدون ؟!

وعلى الصعيد الكنسى ، عن أية مصالحة يمكن أن نتحدث ؟ إن كافة الكنائس وقد تعدى عددها الثلاثمائة كنيسة ، كلها أعضاء فى مجلس الكنائس العالمى، تتسابق بعتهٍ محموم لتنصير العالم ..
فهل المقصود بالمصالحة ضم كل هؤلاء المنشقون عقائديا لإختلاق الكنيسة العالمية التى يسعى إليها بابا روما شريطة أن تكون تحت لواءه ؟ أم هى مصالحة للتغنى بعملية تنصير واحدة ، لمزيد من إعتصار الشعوب الإفريقية والقيام بفرض عملية غرس ثقافى لا إنسانية ، والتوغل أكثر لإقتلاع أحشاؤها والعمل على إبادتهم ؟
إن الدور المشين الذى لعبته الكنيسة وتدخلها الإجرامى فى رواندا ، حيث قام بعض الآباء والراهبات بإشعال الحرائق فى هناجر مكدسة بالأفارقة الفارين من ويلات الحرب، لم تنسى بعد ! ولا نقول شيئا عن الدور المشين الآخر لموقف الكنيسة من العازل الطبى الذى تسبب عدم السماح به فى قتل آلاف من الأفارقة المصبين بالإيدز. فما المقصود بالمصالحة هنا ؟ مزيد من القتلة الإجراميين مشعلى الحرائق، أم مزيد من الإستعمار الجديد ؟

أما على صعيد الحرب التى يقودها الفاتيكان ضد الإسلام ، فما من إنسان يجهل اليوم الهَوَس الذى يقود به مسيرته لإقتلاع الإسلام ، وقد شبهتها جريدة لوموند الفرنسية بعبارة "أنه يسير على الإسلام بوابور ظلط" ! وما من إنسان يجهل الوسائل التى أعدها الفاتيكان للإسراع بذلك الإقتلاع.
فهى ترسانة يمتد عتادها بدءاً من رجال الكنيسة إلى كافة العلمانيين ، مروراً بعدد لا يحصى من البعثات التنصيرية ، والمنظمات ، والمؤسسات ، ووسائل الإعلام ، والإنترنت ، ورجال السياسة، والسياح ، إختصاراً ورسمياً : ما من مسيحى معفى من المساهمة فى عملية التنصير التى فرضها مجمع الفاتيكان الثانى (1965) على كافة الأتباع. بل وقد وصل العَتَه إلى تكوين فرق مبشرين من الشباب ومن الأطفال !!
أما التقنيات الحديثة فلم يتم إستثناءها وجميعها تحت إمرة البابا ، من أجل تنمية ثقافة تبشيرية تنصيرية وفرض ما يطلق عليه "الكلمة الوحيدة التى يمكنها إنقاذ البشر، وهى الأناجيل". فهل ينوى البابا أخيراً أن يقوم بمصالحة بين العقل والإيمان ويقر أنه من حق هؤلاء المسلمين الذين يحاول إقتلاعهم من دينهم ، من حقهم أن يحبوا ويتمسكوا بدينهم ؟! وياله من إفتراض لمصالحة لا تتمشى مطلقا مع هيستريا تنصير العالم التى يقودها .

وتجدر الإشارة هنا إلى أعمال معهد وستار ، فى الولايات المتحدة ، الذى أقام " ندوة عيسى" ، حيث إجتمع أكثر من مائتى عالم متخصص فى النصوص الإنجيلية ، لمدة سنوات ( من 1985 إلى1991فى اول مرحلة ،ثم من 1991 إلى 1996) ، خرجوا بعدها بيقين أن 82 % من الأقوال المنسوبة ليسوع لم يتفوه بها ، وأن 86 % من الأعمال المنسوبة إليه لم يقم بها . فمن يمسك بمثل تلك النصوص الثابت تحريفها لا يحق له بأى حال محاولة تخريب القرآن ، الذى هو كلام الله عز وجل ، والذى ظل محفوظا منذ تنزيله حتى يومنا هذا ، لكى يفرض عقائد تم نسجها عبر المجامع على مر العصور. وتكفى الإشارة هنا إلى كل الجهود المنبتة التى تقوم بها المؤسسة الكنسية منذ قرون ، لتحريف نص القرآن .. فمن ناحية ، نرى جهود مستميتة لإقتلاع اللغة العربية ؛ ومن ناحية أخرى ، محاولة فرض تطبيق إستخدام المناهج الألسنية الحديثة التى توصلوا إليها على نص القرآن !.

فهل هناك من ضرورة لتوضيح أن كل ما توصل إليه الغرب فى هذا المجال فى اللغويات له علاقة مباشرة باللغات التى أصلها لاتينى ، بينما اللغة العربية فهى من اللغات السامية.
فكيف يمكن السماح بمثل هذا الشطط إن لم يكن الهدف هو التخريب المتعمد ، ولا نذكر هنا إلا الأبحاث التى يقوم بها أحد المعاهد البابوية وإسمه "الواحة" لتخريب النص القرآنى ، وللآسف يعاونهم بعض المسلمين الذين هان عليهم دينهم .

وهكذا ، فإن مجرد العنوان يكشف أن هذه الجمعية قد إجتمعت لأسباب أخرى تماما غير تلك "المصالحة" المزعومة ، ولا أقول شيئا عن كلمة "السلام". فأى سلام يمكن أن يقام حينما يكون ما نواجهه عبارة عن هجمة شبيهة بحرب الإسترداد ونهب الأندلس ، وعملية إستعمار جديدة باسم الدين ؟!.

وسرعان ما يأتينا الرد حول الهدف الحقيقى من إنعقاد هذه الجمعية فمن المؤسف أن نطالع يوم 27 أكتوبر على أحد مواقع الفاتيكان ،أن الآباء المجتمعين قد قاموا فى نهاية الجمعية " بتوجيه الشكر لله على وفرة الموارد الطبيعية الموجودة فى إفريقيا " ! ولا نفهم ما دخل "الموارد الطبيعية" هنا فى إجتماع كنسى ؟ ويا له من شكر يكشف عما وراءه ، بما أن ما يتكشف ليس إلا هدف إقتصادى سياسى لتلك الجمعية "الدينية" التى إجتمعت من أجله . إذ نطالع بوضوح : "أن الموارد المعدنية الإفريقية تساوى 46200 مليار دولار" .. وأنه بما قيمته "12 % من هذا المبلغ يمكن لإفريقيا أن تقوم بتمويل بنية تحتية على المستوى الأوروبى " .وهو ما يكشف بوضوح عن الهدف غير المعلن تحت ذلك العنوان الكاذب ، لأن الأمر لا يتعلق إلا بكيفية إلتهام هذه الفريسة الدسمة !

ونطالع فى بحث أجراه داود بيلار D. Beylard ، رجل الإقتصاد الكنغولى ، فى مجلة "إفريقيات" (وهى مجلة إقتصادية لكل إفريقيا) يتضح أن مجمل الثروات الإفريقية يصل إلى ستة وأربعين مليار ومائتين مليون دولار، إذ يقول : "إن القيمة المالية للمناجم الإفريقية فى المواد الخام الأولية التى تم إكتشافها للآن يصل إلى 46،200 مليار دولار ! لماذا إذن لا تفلح إفريقيا فى الإستفادة من مثل هذه الثروات التى تفوق ثلاثة عشر مرة العائد السنوى للصين ؟ إنها ثروة تكفى بكثير لتحويل القارة الإفريقية إلى واحدة من القوى العظمى فى العالم ". وهذا التقصير فى تنمية إفريقيا فى مجمله ، هو النموذج الإقتصادى القائم على تمويل إستثمارى ، يجيد الغرب العنصرى المغتصِب كيف يقوده. 
وها هو مثال آخر يقدمه الباحث :
"هناك شركات مناجم بلا إمكانيات معقولة، وأحيانا بلا عاملين ولا مكاتب ، تتبع شركات مساهمة مجهولة، مقيدة فى السجلات الضريبية ، وتصل بفضل الوعود والإستعراضات إلى إقناع الحكومات الإفريقية بأن تسند إليها تنازلات منجمية ضخمة لإستغلالها. وما أن يتم الحصول على العقد ، فإن هذه الشركات تسارع على تمويل شحيح، عادة ما يكون من كندا ، لإضفاء قيمة على الأسهم الإفريقية وأخذ أرباح بفائض قيمة ضخم قبل حتى أن يتم رفع جرام واحد من أرض المناجم التى حصلوا على حق إستغلالها".

وهو ما يعنى عمليا، أنهم يختلقون ثروة بضمان الموارد الإفريقية ، دون أن تكون هذه الموارد قد تم إستغلالها فعلا, والأدهى من ذلك ، دون أن تأتى بأية أرباح للملاك الحقيقيين، الأفارقة، أصحاب الحق المهضوم. ويا له من موقف فاضح خاصة حين نفكر فى أن نظام التمويل الدولى مصاص الدماء ، العنصرى، يستمر فى مطالبة الأفارقة بدفع الأرباح المركبة للديون التى يتورطون فيها عن طريق صندوق النقد الدولى !.

وإضافة إلى ما تقدم ننقل ذلك الإستشهاد المأخوذ من أحد الأبحاث المقدمة فى إجتماعات هذه الجمعية : "وفقا لدراسة قامت بها جمعية إستشارية متخصصة فى الإستثمار فى إفريقيا ، فإنه يوجد فى هذه القارة عشرة ملايين منجم من المواد الأولية الخام سواء فى البر أو فى البحر. ولا يُستغل منها سوى مائة ألف ، ويظل تسعة ملايين وتسعمائة موقع ، أى 90 % من الثروات غير مستغل إطلاقا. والأدهى من ذلك ، كلها مواقع معروفة ومسجلة فى أحد بنوك المعلومات المزودة بتقنيات الأقمار الصناعية والمعلوماتية الأكثر تحذلقا".

فليس بغريب إذن أن نقرأ فى نهاية إنعقاد هذه الجمعية "الدينية" عبارة : "أن الكنيسة سوف تبحث عن إقامة نظام معلوماتى فى كافة البلدان الإفريقية لإدارة الموارد الطبيعية" !.. وهو ما يعنى مزيدا من التدخل و مزيدا من التحكم من أجل السيطرة على هذه الموارد الطبيعية.

أى أن الأمر لا يتعلق لا بمصالحة ولا بأى سلام ، وإنما بعملية إستعمار مزدوجة. إستعمار جديد إقتصادى ، وسوف يزداد ضراوة بالإستغلال العشوائى للموارد الطبيعية ، إستغلال يدارى عملية السرقة المخططة لهذه الثروات ؛ وعملية إستعمار جديد يرمى إلى الحفاظ على إخضاع إفريقيا للحاجة المالية التى تعطى لها قطرة قطرة ، عن طريق إستعباد أخلاقى سياسى بفرض معايير الإنفلات الغربى المتطرف على الشعوب الإفريقية، عن طريق مختلف السلطات.

وإلى كل من يتساءل : كيف يمكن لأقوى مؤسسة دينية فى العالم أن تنجرف فى مثل هذه المغامرة الفاضحة واللا إنسانية ؟
نقول ببساطة : يكفى أن نطالع أن عجز مدفوعات الفاتيكان عام 2002 وصل إلى ثلاثة عشرة ونصف مليون يورو ، وذلك رغم موارده التى لا يتخيلها عقل. لكن، يكفى أن نطالع ما كتبه تونى باشبى T. Bushby فى كتابه حول "البلايين البابوية" ، وأن نتذكر فضيحة بنك أمبروزيانو ،وتورط الفاتيكان مع المافيا الإيطالية ، لنرى إلى أى مدى وصل الفساد المرتبط بالمافيا فى هذه المدينة التى تمثل بقايا الإمبراطورية البابوية والخلاف حول قضية "المسألة الرومانية".
 إن الفاتيكان دويلة تم إختلاقها فى 11 فبراير 1929، كممثل مدنى للكرسى الرسولى. والسبب الوحيد فى وجود مثل هذه الدويلة هو تلك الرغبة الراسخة للكنيسة فى التشبس بالسلطتين الدنيوية والدينية ، بأى ثمن كان حتى على حساب نهب شعوب قارة بأسرها.

ألا يدل ذلك على نهاية عهد سلام الكنيسة فى النطاق العلمانى الوطنى وعملية إحياء "للسلام الرومانى" فى أراضى الغير ؟
أى نقل المتناقضات الداخلية للخارج للسيطرة العسكرية ولترسيخ تلك المقولة الشهيرة لفيالق الإستعمار :

"إقمعوا كل من يقاوم وسيطروا على المتكبرين" فى بلدان إفريقيا وآسيا !!

6 نوفمبر 2009 

الأحد، 2 أغسطس 2009







السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


►█◄ مــن أنـت مـن هـؤلاء؟ ►█◄


روي أن الأحنف بن قيس كان جالساً يوما فجال بخاطره

قوله تعالي لـقد انزلنـا إليكـم كتاباً فيـه ذكركـم

فقال : علي بالمصحف لألتمس ذكري حتي أعلم من أنا ومن أشبة؟

فمر بقوم كانوا قليلاُ من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون وفي أموالهم حق للسائل والمحروم

ومر بقوم ينفقون في السراء والضراء والكظمين الغيظ والعافين عن الناس

فمر بقوم يؤثرون علي أنفسهم ولوكان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون

ومر بقوم يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون

فقال : تواضعاُ منه اللهم لست أعرف نفسي في هؤلاء
ثم أخذ يقرأ ومر بقوم إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون

ومر بقوم : يقال لهم ما سلككم في سقر

قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين

فقال : اللهم إني أبرأ إليك من هؤلاء
حتي وقع علي قوله تعالي وأخرون أعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وأخر سيئاً عسي الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم

فقال : اللهم أنا من هؤلاء


والأن جاء دورك أعرض نفسك علي القرآن

إذا قال تعالي : قد أفلح المؤمنون …………..

أكمل لتري أأنت منهم أم لا

إذا قال تعالي : أقـم الصـلاة ……………..

أكمل لتري أتفعل أم لا

إذا قال تعالي : أولياء الله لا خوف عليهم ….

أكمل واسأل نفسك متي ستكون منهم

إذا قال تعالي : وعباد الرحمن …………..

أكمل لتري أي صف تنطبق عليك منهم

إذا قال تعالي : استغفروا ربكم ………………

.أكمل لتري أين أنت من الأستغفار

إذا قال تعالي : أدعوني أستجب لكم …………….

أكمل لتري أين أنت من الدعاء

إذا قال تعالي : إن الله مع الذين اتقوا …………..

أكمل لتري أأنت منهم أم لا

إذا قال تعالي : فأذكروني أذكركم …………

.أكمل أين أنت من ذكر الله

إذا قال تعالي : وسبح بحمد ربك …………….

أكمل لتري أين أنت من التسبيح

إذا قال تعالي : استعينوا بالصبر والصلاة ………

أكمل لتري أستعين بهما أم بالناس

إذا قال تعالي : واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم …

أكمل لتري مع من تصبر

إذا قال تعالي : نسوا الله فأنساهم أنفسهم ……………. ؟؟؟


أتعلم كم مره ذكر لفظ يا أيها الذين أمنوا ؟؟؟

أأنت ممن إتبع ما بعدها ؟؟؟


هيا بنا تقرأ القرأن بتدبر وخشوع ولنعلم أنها مخاطبه الرحمن وأن كل أمر علينا تنفيذه وكل نهي علينا إجتنابه لنحظي برضي الرحمن والفوز بالجنان ونمتع أعيننا بلذة النظر في كتاب الله تعالي لنفوز بلذة النظر إلي وجهه يوم القيامة وحتي لا نكون ممن قيل فيهملهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم أذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلونوأعوذ بالله أن أذكركم بهذا وأنساه

السبت، 30 مايو 2009

حوار مع د زينب عبد العزيزفي الشروق الجزائرية


حوار مع د زينب عبد العزيزفي الشروق الجزائرية




صاحبة أول ترجمة لمعاني القران الكريم للغة الفرنسية الدكتورة زينب عبد العزيز "للشروق أون لاين" : 

تلقيت ثلاثة تهديدات بالقتل بسبب فضح حملات التنصير ومخططات الفاتيكان

2009.05.30 
حاورها: خير الدين بن زعرور

ترجمة "جاك بيرك" محرفة عمدا لتشويه صورة الإسلام وعلى الجالية المسلمة في الغرب الحذر منها

كرست حياتها وجهودها على مدى عمرها للدفاع عن قضية الإسلام وما يحوك له خصومه في الخارج ، تصدح بأعلى صوتها قائلة " مشروعي واحد لا يتغير : مواصلة الطريق دفاعا عن الإسلام ونقل موقف الغرب من الإسلام ، علّ ما أقوم به يعاون في توعية المسلمين مما يحاك لهم" . نشرت الكثير من الدراسات تفضح فيها مؤسسة الفاتيكان ودورها في التبشير ما عرّضها لهجمات وصلت حد التهديد بالقتل، أصدرت ما يربو على عشرين كتابا في مجال الدين باللغة العربية والفرنسية. 



في حياتي لم أنل أية جائزة لا تقديرية ولا تشجيعية..


وتعتبر أول امرأة عربية مسلة قامت بترجمة كاملة لمعاني القران الكريم للغة الفرنسية في التاريخ الإسلامي، تتشرف "الشروق أون لاين " بمحاورة الدكتورة زينب مصطفى عبد العزيز أستاذة الحضارة الفرنسية بالجامعة المصرية و العضو البارز في هيئة الإعجاز العلمي للقران والسنة عن ترجمتها للقرآن و الاتهامات التي وجهت إليها من قبل الفاتيكان وقضايا أخرى تابعوها في هذا الحوار الذي نشير الى أننا سبق ونشرناه في العدد السابق لأسبوعية "الشروق العربي" .
في البداية هل للجمهور الجزائري أن يتعرف على الدكتورة زينب عبد العزيز ؟

وأنا في الرابعة والسبعين من عمرى ، هناك خطان أساسيان فى حياتى : الخط العلمى أو الأكاديمى والخط الفنى فقد اقمت خمسين معرضا فرديا فى مصر وفى الخارج بخلاف الإشتراك فى المعارض الجماعية المحلية والخارجية. أستاذة الحضارة الفرنسية بالجامعات المصرية ، حرم المرحوم الفنان والأثري لطفي الطنبولي (1919-1982) المدير العلمي لمركز تسجيل الآثار المصرية ، والذى أدين له بكل ما وصلت إليه بفضل تشجيعه ورعايته ..عرفته منذ سن الرابعة وكان زميلا لأخي الأكبر.

تعتبرين أول امرأة عربية قامت بترجمة كاملة لمعاني القران الكريم للغة الفرنسية، صدرت عن جمعية الدعوة الإسلامية في ليبيا وهي تعد أول ترجمة في التاريخ الإسلامي ، هل لك أن تحدثينا عن هذا الانجاز المميز؟

نعم ، وقد استغرقت مني ثماني سنوات ونصف بواقع 15 ساعة يوميا.. فقد سمحت لي الظروف أن أتمكن من تكريس كل وقتي لهذا الإنجاز دون أن أشعر بالتقصير فى حق أي فرد من أفراد الأسرة ..
كيف جاءت فكرة انجاز هذا المشروع الضخم ، ومنذ متى بدأت تهتمين بترجمة القران الكريم؟
للحق أدين بهذه الفكرة إلى ابني .. فبعد الإنتهاء من معركة التصدي لترجمة جاك بيرك ، وكانت ترجمة "شوراكي" قد ظهرت فى الأسواق ، سألني: " هل ستظلين تنتقدين الترجمات التى لن تتوقف وستظل دوما هي التي بين أيدي القراء" ؟ وتوكلت على الله.. بدأت أرتب للقيام بها بتجميع الترجمات السابقة والموسوعات الفرنسية والتفاسير وقواميس اللغة العربية وما يتعلق بعلوم القرآن التى تدخل فى نطاق عملية الترجمة..
أما عن إهتمامي بترجمة القرآن الكريم فقد بدأت بقراءة ترجمة المستشرق "رجيس بلاشير" لأنني كنت سأعد رسالة الدكتوراه معه ، وأدهشني أنه غيّر ترتيب القرآن كما نطالعه جميعا، ليتبع ترتيب النزول لأنه الأصوب في نظره.
وأكثر ما أدهشني هي تلك الحرية التى يعبث بها المستشرقون في نصوصنا الدينية وليس فى القرآن وحده، ثم ألقيت نظرة على ترجمة المستشرق "كازيميرسكي" وله أيضاً قاموس ضخم عربي / فرنسي ، والغريب أنه حين يترجم نص القرآن لا يلتزم بالمعنى تماما أو يحيد بعيدا عنه ، وحينما يترجم للقاموس يتبع الدقة المتناهية !.

من ساعدك في ذلك وهل تلقيت عراقيل ما ؟

ساعدني في شرح معاني النص القرآني الدكتور علي جمعة ، أستاذ أصول الفقه بجامعة الأزهر آنذاك ، وقد بدأت بتجميع 22 ترجمة كاملة بالفرنسية للقرآن الكريم ، قام بها مستشرقون أو علماء مسلمون ، من القرن السادس عشر حتى ترجمة "شوراكي" في القرن العشرين. أما عن العراقيل والصعوبات فأهمها، اختلاف الوعاءين بين اللغة العربية واللغة الفرنسية.

وجهت انتقادات لاذعة لترجمة الباحث المفكر الفرنسي المعاصر "جاك بيرك" لمعاني القرآن الكريم، وقلت أنه ارتكب أخطاء لا تغتفر في حق الإسلام والمسلمين ، وهل لك أن توضحي الأمر للقارئ الجزائري وغيره من الذين يطالعون "ترجمة بيرك" ؟


هل قول الحق يسمى إنتقادات لاذعة ؟! نعم ، لقد ارتكب "جاك بيرك" فعلا أخطاء لا تغتفر في حق الإسلام والمسلمين ، وتكفي قراءة الدراسة / المقدمة التى ذيّل بها لترجمته ، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :
التشكيك في نزول وترتيب القرآن وأنه غير صالح لكل زمان ومكان ؛ وأن هناك تنافرا بين ترتيب النزول ؛ تأثر القرآن بالشعر الجاهلي وبالفكر اليوناني ؛ مطالبته بفصل الدين عن الدولة ؛ واتهام المفسرين بإلغاء بعض الآيات إن كانت تخرج عن قبضتهم ؛ وأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يختار مما يوحى إليه.


إذن جميع صفحات ترجمة بيرك مغلوطة؟ 


لا تخلو صفحة من صفحات ترجمته من خطأ من مختلف الأخطاء التى يمكن للمترجم أن يقع فيها ، لكن هناك فرق بين السهو والخطأ المتعمد لتغيير المعنى ، ومنها على سبيل المثال : إصراره على ترجمة كلمة "النصر" بكلمة "النجدة" (le secours ) في حين المقابل موجود ومعروف ، وسورة الروم ترجمها باسم العاصمة روما لأسباب ترخيم الصوت كما يقول في الهامش، وكان لزاما عليه وضع كلمة البيزنطيون ، وسورة الملك ترجمها بكلمة "المَلَكية" ..وفي سورة يوسف "فلما رأى قميصه قُدّ من دبر" ترجمها بأن قميصه كان مثقوبا من الخلف
: (sa chemise était trouée par derrière) ؛ وإصراره على ترجمة "الألباب" بكلمة "النخاع" (la moelle)؛ وأن الله لا يخلف الميعاد وهي بمعنى الوعد قال : (Dieu ne manque pas au rendez-vous ) .


فهل من المعقول أن "جاك بيرك" عضو الأكاديمية أو حتى مجرد المثقف الفرنسي وعضو مجمع اللغة العربية ، أي المتمكن رسميا من اللغتين ، يمكن أن يقع في مثل هذه الأخطاء إن لم يكن من باب التجريح المتعمّد ؟!.
و هل توجهت إلى هيئات إسلامية شرعية لتشرحين لهم الأمر ؟


كتبت تقريرا لشيخ الأزهر آنذاك ، الشيخ جاد الحق رحمه الله .
هل اتخذت خطوات عملية ؟

قام فضيلة الإمام الأكبر بتشكيل لجنة لمراجعة ما قدمته من نماذج إضافة إلى ترجمتى لتلك الدراسة التى ذيّل بها ترجمته ، كما طلب من عشرة أشخاص آخرين كتابة تقارير منفصلة عن رأيهم فى ترجمته ، وأصدرت اللجنة تقريرا خلص إلى أن ترجمة " كاك بيرك" محرفة و تمس بقدسية القران الكريم، وبناء على ذلك قرر فضيلة الإمام الشيخ جاد الحق رحمه الله منع دخول ترجمة "جاك بيرك".

برأيك ما هي الأسباب التي دفعت المفكر الفرنسي جاك بيرك للقيام بذلك؟

ما دفع المفكر الفرنسى للقيام بذلك التحريف المتعمد هو في رأيي قرارات مجمع الفاتيكان الثانى (1965) والتي كان من ضمنها قرار إقتلاع الإسلام في عقد التسعينات حتى تبدأ الألفية الثالثة والعالم كله قد تم تنصيره ، كما اتخذ قرار تنصير العالم، وهو أمر معلن على الملأ، و فرض على جميع الأتباع الإشتراك في عملية التنصير هذه .. ومعروف أن القرارات المجمعية تسري على الجميع حتى على الملوك والرؤساء ، ويلتزمون بها حتى لو لم يعلنو ذلك .

ترجمة "جاك بيرك" لمعاني القران الكريم طبع منها آلاف النسخ بفرنسا ودول أوروبية لفائدة المسلمين وغير المسلمين، ماذا تقولين لهم وبخاصة الجالية العربية المسلمة المتواجدة بكثرة في فرنسا والمقدر عددها بنحو 6 ملايين منهم حوالي مليوني جزائري؟
أقول لهم ألا ينساقوا خلف الذين يدافعون تملقا وعن غير وجه حق عن "جاك بيرك" ، وليقرأوا ما كتبه بدقة ليدركوا فداحة ما قام به فى حق الإسلام والمسلمين.

هناك قلة للترجمات المتعلقة بالقران الكريم والسيرة النبوية وكل ما تعلق بديننا الحنيف للغير المسلمين، خلافا للدول الغربية التي قطعت أشواطا كبيرة في هذا المجال، وقدمت ترجمات كثيرة لديننا معظمها محرفة ماذا تقولين في هذا الأمر؟

التقصير مخجل بكل أسف ، فلم يقر الأزهر القيام بعمل ترجمة لمعانى القرآن الكريم فى عام 1935 ، بينما بدأ الغرب ترجماته المغرضة المحرفة منذ القرن الثانى عشر ،أيام حرب الإسترداد ، حين طلب بطرس المبجل من المترجم "ان تمحو ترجمته للقرآن أى أثر للإسلام من ذهن المسلمين الذين تم تنصيرهم" (وارد في كتاب "بلاشير" عن "القرآن" صفحة 9) .. وهو ما اتبعه كل من قام بالترجمة من مستشرقين أو رجال كنسيين.
هناك العديد من المستشرقين بقدر ما كانوا همزة وصل في تعريف الدين الإسلامي لغير المسلمين في أوروبا وغيرها، بقدر ما أضروا بالإسلام وفي تقديم صورا سيئة عنه ؟

لقد تركنا لهم الفرصة ونحن المسؤلون أمام الله عز وجل عن هذا التقصير الفادح ، بل لقد وصل الأمر حاليا إلى تحقيق مقولة "زويمر" ، كبير المبشرين ، حين قال في مطلع القرن العشرين" انه لن يقتلع الإسلام إلا أيدي مسلمة من الداخل" !. وهو الدور الذى يقوم به الفاتيكان حاليا مع بعض الذين قبلوا أن يوضع ولاءهم للإسلام محل نظر .. لكى لا أستخدم عبارات أخرى .. 

بعد تجربتك الفريدة والفذة للعالم الإسلامي هل نلت جوائز تشجيعية وكرمت في محافل عربية ودولية ؟
لم أنل أية جوائز فى حياتى ، لا تقديرية ولا تشجيعية والحمد لله .. لقد رشحتنى جامعة "المنوفية مرتان" وجامعة الزقازيق مرة للحصول على جائزة الملك فيصل في مجال علوم خدمة الاسلام، لعام 2000 و 2003 ، ولم يلق ترشيحهم أى صدى .. وقد يرجع ذلك الى وجود ترجمة فرنسية تصدر عن مجمع الملك فهد، ولا يريدون الإعتراف بغيرها .. وهذا من حقهم .
قمت بالعديد من الدراسات والإسهامات حول الأناجيل الموجودة وتعرفت على المتناقضات التي تحملها، هل يمكن أن تحدثينا على هذه الدراسات ؟
المسلّم به حاليا بين علماء الغرب الجادين أن المتناقضات في الأناجيل أكثر من عدد كلماتها، ومن أهم هذه المتناقضات وجود أكثر من مائة آية شديدة الوضوح تتهم اليهود بقتل الرب يسوع، ويقوم الفاتيكان بتبرأتهم لأغراض سياسية، وتكفى الإشارة إلى أبحاث معهد "ويستار" بأمريكا ، وأكثر العلماء به من كبار أساتذة اللاهوت، وقرروا في أبحاثهم المنشورة أن 82 % من الأقوال المنسوبة ليسوع لم يتفوه بها ، و 84 % من الأعمال المنسوبة إليه لم يتفوه بها ..

لهذا تلقيت انتقادات وهجمات شرسة من طرف المؤسسة الفاتيكانية.
نعم ..
هل يمكن أن تحدثينا حول هذا الموضوع وكيف بدأت قصتك مع الفاتيكان ؟

تم منعي من كافة المحافل الرسمية والمؤتمرات ، وقد تلقيت ثلاثة تهديدات بالقتل، ولن يغيّر كل ذلك شيئا من موقفي دفاعا عن الإسلام أو صداً لعمليات التنصير والمحاولات المستميتة لإقتلاع الإسلام .. فلن تفلح أي محاولة في تغيير ما كتبه الله سبحانه وتعالى لمصيري الذي أتقبله بكل إطمئنان ورضا ، فالدفاع عن الدين فرض في عنق كل مسلم ومسلمة ، وانا لا اقوم إلا بأقل ما يجب عمله بالنسبة لما هو مطلوب حاليا دفاعا عن الدين .

هل تلقيت دعما من هيئات دينية عربية إسلامية كالأزهر وغيره في مواجهة الفاتيكان واتهاماته؟


لا ، بكل أسف ، بل كثير من رجاله يعتبروننى صريحة أكثر مما ينبغى ، أو كاشفة لما يقدمه بعضهم من تنازلات .. وأنا راضية فرحة بهذا الإستبعاد لأنه يساعدنى على العمل فى هدوء ..

جهزت الكنسية حملات كبيرة للتنصير بالمنطقة العربية وتحديدا شمال إفريقيا وعلى رأسها الجزائر من خلال استغلال الأوضاع الاجتماعية للشباب ما قولك ؟
إن الهجمة الكاسحة الشراسة على الإسلام، بدأت عندما فشلوا في تحقيق قرار المجمع بتنصير العالم حتى تبدأ الألفية الثالثة والعالم كله متنصّر . ففى جانفي 2001 قام مجلس الكنائس العالمى بإسناد مهمة إقتلاع الإسلام الى الولايات المتحدة بحكم أنها السلطة العسكرية المتفردة فى العالم ، وحددوا هذا العقد الحالي للانتهاء من اقتلاع العنف والشر الذي هو الإسلام في نظرهم .. وفي الحادي عشر من سبتمبر 2001 قامت الولايات المتحدة بتنفيذ ما أطلقت عليه من وقتها : "مسرحية 11 سبتمبر" .. وللأسف كثير مما يقومون به يتم بموافقة بعض المسؤلين فى مختلف المستويات والمجالات في العالم الإسلامي والعربي وليس في الجزائر وحدها ..
هل للدكتورة زينب عبد العزيز مشاريع أخرى ؟
مشروعى واحد لا يتغير : مواصلة الطريق دفاعا عن الإسلام ونقل موقف الغرب من الإسلام ، علّ ما أقوم به يعاون في توعية المسلمين مما يحاك لهم ويحثهم في الدفاع عن الدين .
- كلمة أخيرة للجمهور الجزائري؟ 
شموخ الشعب الجزائري معروف ، وجهاده ضد الإستعمار الفرنسى وغيره يعد مثالا مشرّفا للمسلمين جميعا ، وقليلة هي الكلمات التي يمكنها أن تفيه حقه .. أدعو وأتمنى له كل النجاح والتوفيق في مسيرة رائدة دفاعا عن الدين.

الجمعة، 6 فبراير 2009

الديمقراطية التي يبشرون بها

الديمقراطية التي يبشرون بها


هذا رد للأستاذ جلال كشك على “الصادق النيهوم” وهو علماني عمل في خدمة النظام الليبي ،كتب النيهوم مقالا بعنوان : الافتقار إلى لغة الديمقراطية ، فكان هذا الرد من الأستاذ جلال كشك وقد عنونه بـ :
 في خدمة العسكر : محلك سر !

في كتابي (طريق المسلمين إلى الثورة الصناعية) فسرت نكسة الحضارة الاسلامية وعجزها عن إنجاز الثورة الصناعية، وقد كانت منها قاب قوسين أو أدنى في منتصف القرن الحادي عشر. فسرت ذلك بالحروب الصليبية والاجتياح المغولي، وقلت إن من أخطر نتائج هذا الحدث تراجع طبقة المثقفين والتجار وتولي العكسر مقاليد الأمور في العالم الاسلامي تحت مبرر أولوية الدفاع عن الوجود، ولو على حساب الحضارة والتمدين أو التقدم. وهكذا تجمد المجتمع، وتحول المثقف من دور المفكر المحاور المطور للمجتمع، إلى نديم أو فقيه السلطان الذي يبرر ويحلل وينظر لحكم العسكر ثم حكمتهم!
وتتابع التراجع والانهيار، وحتى عندما جاءت الهبة العثمانية التي رفعت راية المسلمين على أسوار فينا، ورغم المستوى الثقافي الرفيع الذي كان لأوائل سلاطينهم إلا أنهم بحكم الروح العسكرية التي كانت تسيطر على العالم الاسلامي كله رأوا الخطر عليهم من ظهور قيادة مدنية تركية لا شك أنها وحدها كانت القادرة على إقامة المجتمع التجاري المنفتح، والسفر إلى أعالي البحار لمزاحمة تجار غرب أوروبا في العالم الجديد، ثم إنجاز الثورة الصناعية الكبري. لكن سلاطين آل عثمان استمروا في الاتجاه نفسه الذي بدأه الأيوبيون، عندما فرضوا العسكر على الرعية ولم تكن الانكشارية التي اعتمدوا عليها وسلطوها على المجتمع المدني إلا مماليك الدولة العثمانية الذين حموها بسيوفهم وإخلاصهم، ومدوا حدودها في جميع أنحاء المعمورة أو الثلاث قارات المعروفة وقتها.
 وفي الوقت نفسه قضوا على فرصتها في دخول العصر الحديث، ثم كانوا أعجز عن أن يخلقوا حضارة وأقوى من أن يرغموا على قبولها!
ومن دلالات التاريخ أنه كما كانت الحروب الصليبية هي التي دفعت طبقة العسكر إلى الصدارة في المجتمع الاسلامي وما ترتب على ذلك من ضياع فرصته في العصر الرأسمالي ـ الصناعي، فإن الحرب نفسها أحدثت العكس تماماً في أوروبا إذ خلصت المجتمع المدني من العسكر (ذبح عسكر المسلمين فرسان أوروبا، فحرروا عدوهم التاريخي!) واستعان ملوك أوروبا من ثم بالمثقف والتاجر في بناء الأوطان الموحدة والمجتمع المدني، ثم حضارة العصر الصناعي أو النظام الرأسمالي الذي استخدم العسكر لبناء الامبراطورية ولم يستخدمه العسكر.
فلنقصر حديثنا هذه المرة على العلاقة بين المثقف الذي أصبح رعية والعسكري الذي أصبح حكومة، فمنذ ذلك التاريخ وإلى اليوم يتعرض المثقف المسلم لاغتصاب العسكر. وتتفاوت مواقف المثقفين..
منهم من يرى برهان ربه وشعبه فيستبق الباب هارباً بدينه وشرفه الثقافي ويقد قميصه من دبر، كما فعل المثقفون المصريون زمن فرعون، قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات. وكما فعل المئات وربما الألوف من الذين شنقوا وعذبوا أو تشردوا منذ انقلاب حسني الزعيم.
 ومنهم من يوضع في قميص المجانين أو يسلم الروح، ولا يفرط في قميصه.
 ومنهم من لا ينجح في الإفلات ولكنه يقاوم حتى يقد قميصه من قبل ومن دبر. والغالبية تكتم عارها وتستسلم مكتفية بلعن المنكر في صيغة اضعف الإيمان. ولكن هناك فئة فضلت التكسب بقميصها فهي تخلعه راضية وتفرشه للمغتصب على الرملة، وهناك من يعلنون رضاهم وامتنانهم لما يفعله العسكر. وبعضهم، وهم شر الناس، يفلسفون الاغتصاب وينظرونه ويدعون أنهم هم الذين اقترحوا الاغتصاب، وأن الأمة كانت تتمنى هذا الذي يفعله العسكر بها وهو العلاج الوحيد لكل متاعبها. من هؤلاء الفيلسوف الكبير الأستاذ صادق النيهوم، ودعكم من كل العجيج والضجيج الثوري الذي يغطي به ثقب قميصه.
العسكر في العالم الثالث، والعالم العربي بالذات لا يحبون الديموقراطية على الطراز الغربي، ولا يسمحون بالأحزاب ولا البرلمان ولا الانتخابات ولا حرية الصحافة.
وهذا ما يوافقهم عليه النيهوم حرفياً، ويتطوع بأن يعلن شرعية هذه النظم، إذ إن هذه الديموقراطية لا تصلح لأمتنا! فنحن محرومون منها ليس بسبب ديكتاتورية العسكر بل لأنها رجس من عمل الشيطان كما يقول الفقيه التقليدي، أو من سلوكيات الملائكة لا يطيقها ولا هي فرضت على العربي، لا تصلح لنا ولا نصلح لها كما يقول الصادق النيهوم:
(الصحافة والدستور والحرية لا مكان لها في المجتمع العربي أو الاسلامي المعاصر أو الثالث خلف جبل طارق لأنها نظام خاص بالغرب وحده. شرط قيامها هو وجود نظام رأسمالي غربي وهو لا يمكن تقليده أو فهمه أصلاً إلا في مجتمع صناعي يشكل فيه رأس المال قوة قادرة على ردع الإقطاع ويشكل فيه العمال قوة قادرة على ردع الإقطاع ويشكل فيه العمال قوة قادرة على ردع رأس المال ومن دون هذا التوازن المعقد… إننا لا نستطيع أن نكون مثل الأوروبيين).
أرأيت؟! لقد عمل العسكر ما فيه صالحنا وعسى أن تكرهوا!
وحكام العالم الاسلامي الذين يرفضون الديموقراطية بالصيغة العالمية المعروفة يرفضون أكثر دعوة العودة للاسلام، ولكنهم لأسباب جماهيرية وتاريخية لا يستطيعون معارضة الاسلام من أساسه، ولا حتى في حدود ما فعله أتاتورك.
ومن ثم فهم يدعون إلى التمسك بجوهر الاسلام ويتركون للمثقف المغتصب طرح صيغة أو تفسير للاسلام لا تهدد سلطتهم ولا دورهم في إطار المسموح به عالمياً. وهذا ما قام به النيهوم بجهد يثاب عليه بدون شك.
وبالنسبة إلى واقع النيهوم الخاص فإن النظام هناك اختار صيغة اللجان الشعبية التي يحاولون وصفها بالديموقراطية المباشرة التي كانت تطبق في بداية حضارة المدن في اليونان القديمة، ويطلقها البعض على نظام الحكم في سويسرا.
الصادق النيهوم نظر الواقع السياسي العربي. ولم يهاجم الديموقراطية، لا، هو أذكى من ذلك. الديموقراطية هي أعظم نظام لكن لا حظ لنا فيها ومن العبث المطالبة بها لأنها اختراع غربي نشأ مع المصرف والمصرف ظهر مع استعمار العالم الجديد. وبما أننا لم نحضر حفلة اكتشاف أميركا فلا يمكن أن تقوم عندنا ديموقراطية، بل يتحتم على السلطة أن تحل وتمنع كل الأحزاب لأنها ظاهرة مستوردة فاشلة وأفشلت جهودنا نحو التقدم وسرقت الحرية من الشعب. يقول المفتي الثوري:
(نظام الأحزاب ليس ضمانة للديموقراطية، إلا في بلد فاحش الثراء، عايش تجربة الثورة على الكنيسة، وشارك في الغارة على قارات المحيط).
(بدون هذه الشروط مجتمعة، تصبح الأحزاب مجرد نواد سياسية، معرضة لإغلاق أبوابها فوراً عند أول انقلاب يقوم به رجال الدين، كما حدث في إيران، أو الجيش كما حدث في مصر).
(استعارة نظام الأحزاب من دول الغرب وهي فكرة أقرب إلى الشماتة منها إلى النصح، لأن العرب لا يملكون رأس المال نفسه، ولا يملكون العمال، ولا الأسواق، ولا المصانع، وليس بوسعهم أن يؤسسوا أحزاباً لا تجد ما يدعوها إلى التحزب).
(فالديموقراطية القائمة على تعدد الأحزاب صيغة رأسمالية محضة، تخص الأوروبيين الرأسماليين وحدهم ولا يمكن نقلها إلى بيئة أخرى).
هذه فتاوى جديرة أن يكتبها طغاة العالم الاسلامي بالإبر على أماق البصر، وهم يكتبونها فعلاً بالسياط على جلود الشعوب!
وكان بغايا الفكر وما زالوا يتهمون الاسلاميين بأنهم هم الذين يعادون الأحزاب، وها هو عدو الاسلاميين اللدود ينسف أي أساس للمطالبة العامة التي تجتاح العالم الاسلامي اليوم، من اجل حق تشكيل وتعدد الأحزاب، وهو لا يفسر لنا كيف ألغيت الأحزاب في ألمانيا وإيطاليا بالسهولة نفسها التي ألغيت بها في مصر، رغم أن ألمانيا وإيطاليا عندهما الاسم الأعظم وهو المصرف، وشاركتا في حفل اقتسام العالم، ووصلتا إلى أعلى درجات السلم الرأسمالي ورغم ذلك، بل وبسبب ذلك أمكن قيام ديكتاتورية فيهما ألغت الأحزاب وحلت البرلمان وادعت الحكم باسم الشعب!
وهناك أيضاً وجد هتلر وموسوليني. ولا ننسى ستالين، فهو من فلسف لهما أن الأحزاب والبرلمان والديموقراطية اختراع يهودي شرير أو من صنع الرأسمالية عدوة العمال.
 ثم انتهى هذا الزيف وألقيت بقاياه في المحيط يلتقطها بعض السيارة في العالم المتخلف.
وقادة العالم الثالث ورعاته لا يحبون البرلمان ولا الانتخابات وقد جاء في الكتاب الأخضر أن التمثيل تضليل، وهنا يتقدم المفتي لينظر ذلك ويحلله فيقول إنه لا يمكن قيام برلمان إلا بالأحزاب ولا أحزاب ولا صراع إلا إذا أقام المصرف وأصبح المجتمع من طبقتين طبقة العمال وطبقة الرأسماليين وحيث إن… إذن لا يكون.. وما يجري هو بالضبط ما يجب أن يكون (فكل مخ) باطمئنان واقرأ الفاتحة للسلطان!
ويلخص النيهوم رأيه بأنه يدعو للديموقراطية المباشرة التي هي (ليست الفوضى وليست فكرة خيالية، بل هي فكرة حية ومعمول بها في بلدان كثيرة على درجة عالية من التنظيم والتطور منها دولة الإتحاد السويسري التي تجمع أربعة شعوب مختلفة تحت قبة برلمان واحد).
لا يجوز القول بأن سويسرا تحكمها اللجان الشعبية فسويسرا منذ 1848م يحكمها برلمان من مجلسين على طراز الكونغرس الأميركي، مجلس نواب من 200 عضو ومجلس المقاطعات أو الكانتونات. والمجلسان أو البرلمان السويسري يختار الحكومة ويراقب نشاطها. وفي سويسرا 12 حزباً رئيسياً ممثلة بالبرلمان وتشكل 8 تكتلات برلمانية.
 وفي الانتخابات الأخيرة كان 2و4 مليون نسمة لهم حق الانتخاب و 2400 مرشح على 222 قائمة. ويحتكر الحكم في سويسرا منذ 1959 تحالف من أربعة أحزاب. أما الديموقراطية المباشرة في سويسرا والتي تسبب الخلط في بعض الأذهان ويستخدمها البعض لتبرير قرارات الشرطة عندهم، فهي تعني حق الشعب في اقتراح القوانين أو طلب إلغاء قانون أو تعديل الدستور، كما تعني الاستفتاء الشعبي الذي أخذ به السادات وأسرف.
في سويسرا يحق أن يطلب خمسون ألف مواطن إعادة عرض قانون أقره البرلمان في استفتاء عام، كما يستطيع المواطنون طلب تعديل الدستور بشرط أن يجمعوا مائة ألف توقيع خلال مدة أقصاها 18 شهراً.
 ثم يطرح المطلب للتصويت العام ويشترط حصوله على أغلبية عامة على مستوى الدولة كلها، ثم أغلبية الكانتونات وهي الوحدات التي تكون الاتحاد السويسري الفيدرالي. فالاستفتاء الذي تجريه الحكومة والاستفتاء الذي تجبر عليه الحكومة هما العنصران الرئيسيان لما يسمى بـ (الديموقراطية المباشرة). وفي داخل الكانتونات يصوت الناخبون على كل إضافة للميزانية فوق حد معين.
 وكما حدث في مصر يعترض الكثير من فقهاء القانون والسياسييين في سويسرا على أسلوب الاستفتاءات لأنهم يعتقدون أنها وسيلة لتضليل الشعب لحساب المصالح الاحتكارية الكبرى التي تتمكن من خداع المواطن العادي بعكس الحال مع النواب في البرلمان.
أما عن ديموقراطية الهواء الطلق كما يسمونها في سويسرا وهي القشة التي يتشبث بها النيهوم، فهي تمارس في خمسة كانتونات فقط من 26.
 وذلك حين يجتمع الشعب كله لإقرار ميزانية الكانتون والقضايا الهامة للكانتون، وقد أصبحت أشبه بمهرجانات لإحياء التقاليد وجذب السياح. ففي كانتون (ابانزل) لا بد أن يحمل الرجال السيوف لإثبات حقهم في التصويت (لأن حمل السيوف كان محظوراً على العبيد والنساء) وقد اضطروا لإعطاء النساء ترخيصاً كتابياً بالحضور. وهذا يؤكد أنها تقاليع ومهرجانات سياحية وليست طريقة جادة لحكم البلاد.
باختصار الديموقراطية التي يبشر بها الصادق النيهوم، بعد أن شرق وغرب وأتى بكل طريف ومستغرب، هي اللجان الشعبية ولكن لو كتب ذلك لما أصبحت له ميزة عن الكتاب الوافدين، ومن ثم يفاجئك النيهوم بقنبلة الجامع:
(لا بد من العودة للجامع فهو بداية ديموقراطيتنا. هو الحل لمشاكلنا. هو المحرر للاسلام الأسير والمسلمين المستضعفين. هو البديل عن المصطلحات الديموقراطية الرأسمالية) إنه مقر مفتوح في كل محلة يرتاده الناس خمس مرات كل يوم. لهم حق الاجتماع فيه، حتى خلال ساعات حظر التجول. تحت سقفه مكفولة حرية القول، وحرية العقيدة وسلطة الأغلبية في لغته كل المصطلحات المطلوبة، وكل كلمة حية ترزق).
فكيف يطالب النيهوم بالعودة إلى المسجد أو حتى بحكم المسجد؟ هل سيقول إن الحل هو الإسلام؟!
هل آثر النيهوم الحرية وقرر أن ينطلق مع قوافل الشهداء، أم أن ا للجاجة والتفاصح أوقعاه في شر أفكاره وأطبقا عليه فخه؟!
هيهات!! إنه عبقري من الطراز النادر. ولعله وصف فكره فأبدع عندما قال:
(تعرضت الأغلبية لحملة نفسية مروعة قادها السحرة منذ عصر سومر لتبرير سلطة الملك ـ الإله في برنامج معقد من الخرافات والأساطير استهدف تخريب عقول الناس وحرق كل جسر يربطهم بواقعهم).
هذا تعريف شديد الدقة لما يقوم به الساحر المعاصر الصادق النيهوم. وإذا كان النيهوم يرفض البرلمان كما يرفضه كل العسكر، ولكن على أساس أن كلمة برلمان لا وجود لها في لغتنا! إلا أنه لا يتمسك بهذا الاعتزاز الوطني في نظريته عن المسجد، إذ يرفض اللفظ الذي ورد في القرآن ويصر على كلمة الجامع التي لم ترد ولا مرة واحدة لا في القرآن ولا في السنة. وهو على أية حال يرفض السنة، ولا يساير في ذلك العسكر وحدهم، بل الخوارج الذين ما زال نفوذهم الفكري يترك بصماته على تفكير الكثيرين من العرب حتى النيهوم!
هو ضد المسجد الذي يضم المسلمين المصلين والعابدين والعاكفين. وهو يريد جامعاً يجمع الناس:
(بغض النظر عن دياناتهم وشعائرهم).
(المسجد فكرة قديمة عرفتها كل الحضارات، ولها اسم في كل لغة أما الجامع فهو فكرة أخرى، لم يعرفها أحد ولم يدع له أحد إلا الإسلام).
نعم، ولا عرفها الاسلام ولا الله سبحانه وتعالى الذي فضل لفظة المسجد ولم يذكر الجامع قط!
الجامع الذي يطالب به النيهوم هو النقيض لمسجد المسلمين، ولا يمكن أن يكون إلا كذلك. فهو مكان يريد النيهوم أن يجمع فيه:
(الناس المتفرقين بين المساجد والكنائس والمعابد في جهاز إداري موحد (…) هذا الجامع لم تعرفه ثقافتنا العربية أبداً لأنه انتهى قبل أن تولد، وتركها تنمو في المساجد لكي تصبح نصف ثقافة، لغتها تقول شيئاً وواقعها يقول شيئاً آخر (…) .
فالمسجد كان النكسة والمطلوب الآن تحرير الجامع من المسجد. تحريره من الاسلام وسيطرة المسلمين، وجعله مرتعاً لغزلان وملتقى صلبان ونجمة داود.
النيهوم يدعو لدين جديد غير الاسلام الذي يتبعه المسلمون واتبعوه، هو ضد حديث أركان الاسلام الخمسة. فهذا الحديث:
(هو الذي أضاع الاسلام ومكن بني أمية من سلب حقوق الناس).
ليس كلامنا هنا بهدف نقد أفكار النيهوم، وإنما تأصيلها، بردها لجذورها وكشف ادعائه لثورية كاذبة، وإلا لقلنا متى وكيف مكن هذا الحديث بني أمية من سلب حقوق الناس؟ هل توجد دولة في تاريخ العالم واجهت ثورات وتمردات مثل دولة بني أمية فأين تأثير هذا الحديث؟ وهو يرفض الصلاة كعبادة ويعتقد أنها ضرب من اليوغا أو برنامج لجني فوندا سابق لعصره.
(إن حركات الصلاة الاسلامية ليست رموزاً بل أوضاع يتخذها المصلي لتمرير ضغط الهواء في جميع أنحاء جسده بتوقيت الشهيق والزفير).
ولن فقهاء الاسلام لم يكونوا يتقنون علم الشهيق والزفير مثل النيهوم، فإنهم لم يكتشفوا أبداً لماذا:
(اختار الرسول (ع هذه الحركات من دون سواها. مما دعاهم إلى تفسيرها تفسيراً بلاغياً بحتاً فالوقوف في الصلاة هو المثول بين يدي الله والسجود هو إبداء الخضوع (…) إلخ).
وهو غاضب جداً لأن أطفالنا يجبرون على تلاوة القرآن قبل أن يتموا العاشرة، وغاضب لتحريم الفقه زواج غير المسلم بالمسلمة.
والاسلام دين عنصري لأن المسلم يعتقد أنه:
(هو عبد الله الصالح الذي وعده ربه بالخلود في الجنة، ووعد غيره بالخلود في النار. إنه مثل الرجل الأبيض الذي يعتبر لون جلده مبرراً شرعياً بالتفوق (هل الدين يقوم على الاختيار الحر والمفتوح لكل من شاء. ألم نقل إننا أمام نصب فكري؟!) ويتابع: (وهي فكرة تناقض نصوصاً قرآنية صريحة، لكنها أصبحت قاعدة لقوانين اسلامية متعددة، منها تحريم زواج المسلمة من غير المسلم (القوانين العربية تحرم زواج الليبية والكويتية من المصري أو السوداني.. إلخ. وكما قلنا إن الاسلام قطع نصف الطريق بأن أباح الأسرة المتعددة الأديان، بزواج المسلم من غير المسلمة وهذه خطوة لم يقم بها أي دين آخر، فهل يستحق الذي قطع نصف الطريق أن يخص بالهجوم والنقد بينما لا ينتقد موقف الآخرين الذين يرفضون إلى اليوم زواج الرجل أو المرأة ولو حتى من مذهب آخر داخل الدين نفسه.. عجبي!).
الصادق النيهوم عندما يتحدث عن الجامع هو يعني اللجان الشعبية وليس المسجد فهو ضد المسجد الذي أضاع الجامع (ضاع الجامع وراء المسجد). وهو ضد الحل الاسلامي والاسلاميين، مثل السلطة كل السلطة في العالم الثالث، بل ومثل حكومة فرنسا وأميركا وتل أبيب (…) إلخ. فهو يقول:
(فالدعوة التي ترتفع حالياً في أرجاء الوطن العربي، مطالبة ]بإحياء الاسلام[ دعوة لا تطالب بإحياء صوت المواطن المسلم في مؤتمر يوم الجمعة، بل تهدف إلى تكريس إلغاء الحوار باسم الاسلام نفسه).
ثم يفقعنا حكمة:
(الاسلام الذي يبشر به القرآن ليس شريعة تطبقها دولة، بل دولة أخرى في حد ذاتها).
وهو يزيدنا تعريفاً بجامعه الذي هو نقيض مسجدنا فيقول:
(بيت لا تسري عليه قوانين الدولة).
إن كان يقصد اللجان الشعبية فهو يخدعنا، لأنها تشكلت بموجب قرار من رئيس الدولة وتسري عليها قوانين الدولة بالطبع وبالوضع. وإن كان يتحدث عن مسجد المسلمين فهو بالطبع تسري عليه قوانين الدولة التي تشرعها بموجب دين المسجد، وقد يكون التشريع في المسجد أو خارجه ولكن المهم هو أن يكون بوساطة أهل الحل والعقد. وبموافقة الأمة بالاسلوب الذي يضمن شرعية وجدية ونزاهة وصدق هذه الموافقة. المسجد لم يصنع المواطن الحر بل صنعه القرآن والسنة. نعم السنة التي علمت المسلم، أنه لا قدسية لبشر ولا عصمة لقرار، بل حتى قرارات رسول الله في أمور الدنيا قابلة للخطأ وللمراجعة والتصحيح. المسلم الذي تعلم ذلك في غزوة بدر، هو الذي علم المرأة أن تصيح في المسجد: ليس لك هذا يا عمر! وعمر تعلم من سنة الرسول أنه لا بد أن يرجع عن الاجتهاد الخاطئ، متى نبه له. فالأصل هو الاسلام، هو المجتمع المسلم. هو المواطن المسلم. أما الجامع الذي يضم كل الأديان فهو هايد بارك أو لعله دعوة بهائية ستكشف عنها الأيام! كذلك رفض الاسلام سياسة القطيع الذي يحشد في مكان عام ويصيح موافقون موافقون. أو ما يسميه النيهوم بالديموقراطية المباشرة. ولما حدث ذلك بادر رسول الله بأبي وأمي فقال:
(لا! ولكن اختاروا من بينكم نقباء يرفعون إلينا رأيكم).
هذه هي الديموقراطية الحقة دون حاجة للمصرف اليهودي ولا غزو أميركا وإبادة الهنود الحمر!
(وقد تعمد رسول الله أن يوكل إمامة الصلاة الجامعة إلى المسؤول السياسي شخصياً، لتسهيل مهمة الحوار السياسي بالذات).
وتحلو له لعبة البيضة أو الفرخة (أو حاوريني يا طيطة) فنحن لا نستحق البرلمان ولا الديموقراطية قبل أن نمتلك المصرف ولا سبيل لمصرف إلا بالديموقراطية و:
(تطبيق الشريعة يحتاج أولاً إلى مجتمع شرعي).
ولا يخبرنا كيف يصبح المجتمع شرعياً أو (كوشير) من غير شريعة أو قبل أن نطبق الشريعة!
(إن كل قانون تسنه الشريعة تحت سلطة الإقطاع يصبح قانوناً مسخراً لخدمته. وكل سلاح تشهره الشريعة للدفاع عن الناس، يتحول إلى سلاح إلهي ضدهم، لأن الخلطة نفسها مستحيلة من أساسها).
الخلطة فاسدة جداً. الشريعة لا تشرع تحت سلطة الإقطاع وإنما هو الإقطاع الذي يشرع حتى لو ادعى أنه يشرع باسم الشريعة. فنحن غير ملزمين بتصديقه. والثورة على الإقطاع تمت باسم الشريعة، وهي التي حررت الانسان المسلم من ذل الإقطاع قبل إنسان أوروبا بألف سنة. لم ينوجد في العالم الاسلامي (حق الليلة الأولى)، ولا بيع الذين ولدتهم أمهاتهم أحراراً، ولا كان الفلاح المسلم يعتقد أن دم النبيل أزرق.
دعنا من الجامع والمسجد ولنتوقف قليلاً عند تسبيح النيهوم بالمصرف والنظام الرأسمالي، وسنكتشف أنه إنما يعبر عن إعجابه وامتنانه لليهود، فهم اذين أهدوا البشرية مفتاح الكنز وهم أصل الحضارة واقرأ معي هذا:
(جلس قادة العبرانيين الهاربين برؤوس أموالهم من مصر (حتى التوراة اعترفت أنهم سرقوها من المصريين، ولكن الكاتب الليبي الثوري يشهد بأنها رؤوس أموالهم! حقهم هربوا من الطغيان أو النهب المصري لكي يكتبوا النسخة الأولى من دستور الدولة الرأسمالية الحديثة، ويؤسسوا أول جمهورية ديموقراطية في التاريخ).
(دولة على رأسها نبي ويديرها كهنة وبموجب لوح عليه وصايا من السماء تكون ديموقراطية وجمهورية لمجرد أنها يهودية الدين؟! أما الاسلام فمحرم ورجعي طوال عمره). فهو يقول:
(إن أربعة عشر قرناً من الاسلام لم تنتج في واقع العرب سوى حكومة اسلامية واحدة).
أما دولة اليهود التي قامت على الذبح والتذابح، فقد وضعت أول دستور ديموقراطي وأول جمهورية، بل الدستور الأم الذي بقي إلى اليوم. فهو يتابع:
(وهو دستور سوف يستعيره اللورد كرومويل، عندما يفتتح عصر الجمهوريات الأوروبية، ضامناً لليهود جميع حقوق التأليف).
ولا مناحيم يبغن في جهله وصلفه قال ذلك، أو يمكن أن يدعي أن اليهود هم أصل الحضارة! هذه طبعة جديدة شديدة الادعاء للتوراة، وتقرب كاتبها من جائزة نوبل، لولا خلوها من أي أساس أو حياء علمي!