الجمعة، 30 نوفمبر 2018

مستوطنة "نيوم" الإسرائيلية التي يبنيها بن سلمان

مستوطنة "نيوم" الإسرائيلية التي يبنيها بن سلمان

الجريمة الأخطر التي يرتكبها محمد بن سلمان ومن أجلها يسعون لتبرئته هي تسليم شمال غرب المملكة ومعظم سيناء للإسرائيليين، والتي تشابه في خطورتها وعد بلفور.

عامر عبد المنعم
إصرار الرئيس الأمريكي على الدفاع عن ولي العهد السعودي فضح الدور الذي يقوم به لخدمة وحماية "إسرائيل"، وقول ترمب أنه لولا السعودية لكانت إسرائيل في ورطة، يكشف الدور السعودي وخيانة القضية الرئيسية للعرب والمسلمين، إلا أن الجريمة الأخطر التي يرتكبها محمد بن سلمان ومن أجلها يسعون لتبرئته هي تسليم شمال غرب المملكة ومعظم سيناء للإسرائيليين، والتي تشابه في خطورتها وعد بلفور.
لقد تناولت في المقال السابق خريطة إسرائيل الكبرى التي نشرها إيتمار بن آفي أحد رموز الحركة الصهيونية منذ 100 عام والتي ينفذها بن سلمان حرفيا، في الجزء الجنوبي منها، فيما يعرف باسم "مشروع نيوم" بإخلاء المنطقة على جانبي خليج العقبة من السكان بمزاعم السياحة والاستثمار.
التقط الإسرائيليون الشاب الصغير الطامع في الملك، وفي ظل أبيه، وبمعاونة الرئيس الأمريكي، حرضوه لتدمير عائلة آل سعود ليخلو له الطريق لكرسي الملك، واستغلوا ضعفه واحتياجه للمعاونة الخارجية واستعداده لتقديم القرابين في فصل منطقة "مدين" من الجزيرة العربية وتسليمها للإسرائيليين بدون أهلها.
لغز نيوم

 أعلن محمد بن سلمان في أكتوبر 2017 عن إنشاء منطقة استثمارية وسياحية على الساحل الشمالي الغربي من البحر الأحمر تحمل اسم "نيوم" وعين مجلسا استشاريا من 18 شخصية أجنبية لإدارتها وأسند رئاسة المشروع للألماني كلاوس كلاينفيلد الذي رشحه اللوبي في منتدى ديفوس، وتم تعيينه بعد ذلك مستشارا لولي العهد.
تبلغ مساحة الأرض المخصصة 26,500 كم2 وضم لها ألف كم2 من سيناء، في شرم الشيخ والشريط الضيق على الضفة الغربية لخليج العقبة، بالإضافة لجزيرتي تيران وصنافير اللتان اشتراهما من عبد الفتاح السيسي مقابل المال السعودي، وإمداد مصر باحتياجاتها النفطية لمدة 5 سنوات بقرض قدره 23 مليار دولار تسدد بفائدة 2% على 15 عاما.
كما أوضحنا في المقال السابق فإن الحد الجنوبي لمشروع نيوم يتطابق تماما (شبرا بشبر وذراعا بذراع) مع الحد الجنوبي لـ "إسرائيل الكبرى" في خريطة بن آفي بزاوية ميل 30 درجة حتى خط عرض 28 الذي ينتزع شمال المملكة ويضمه لـ " أرض إسرائيل"..
الحدود الجغرافية التي قررها بن سلمان لمشروعه الصهيوني هي حدود أرض مدين القديمة، الخاصة بقوم سيدنا شعيب حيث يزعم اليهود أنها أرض يهودية ويريدون استعادتها وضمها للكيان الذي يعملون على تشكيله بناء على المزاعم التوراتية.
أرض مدين

تأتي أهمية أرض مدين لليهود بناء على تفسيرات من التوراة تشير إلى أنها الأرض التي هرب إليها بنو إسرائيل من مصر، وعاشوا فيها بعد نجاتهم من فرعون، وهم يرفضون الرواية السائدة في مصر التي تقول إن الهروب كان إلى سيناء حيث يوجد جبل موسى وصحراء التيه وعيون موسى.
الرواية التوراتية الجديدة التي تمتليء بها كتب اليهود في نصف القرن الأخير أن العبور لم يكن من خليج السويس ولم يكن الهروب في سيناء، وإنما العبور من خليج العقبة والهروب إلى أرض مدين.
ولأن مشروع نيوم هو اقتطاع أرض مدين فإن الاسم أيضا مرتبط بها، فالجدل حول رمزية الاسم ليس كما زعموا أن لجانا درست واستقرت على كلمة مركبة، من كلمة نيو ( new باللاتينية ) مع حرف الميم من كلمة "مستقبل" العربية، والحقيقة أن الاسم مشتق من كلمة "مدين"، بقراءتها معكوسة " نيدم" مع استبدال حرف الدال بحرف الواو الذي له رمزية وعلاقة بقصة الخروج حيث يبدأ سفر الخروج الذي يروي قصة اليهود في مصر والخروج منها إلى مدين بحرف الواو، حيث يبدأ بـ "وهذه أسماء بني اسرائيل الذين جاءوا إلى مصر مع يعقوب"، فأصبح الاسم الصهيوني الجديد  لمدين هو "نيوم".

تفسير جديد لقصة الخروج 

يقول الإسرائيليون أنهم لم يجدوا في سيناء العلامات الموجودة في التوراة عن رحلة الخروج، وانتهت عمليات البحث في الفترة من 1967 إلى 1982 إلى أن اليهود لم يبقوا في سيناء التي كانت تابعة للحكم المصري، وأن سيدنا موسى قادهم إلى الطريق الذي يعرفه وسار فيه من قبل إلى مدين، فكان العبور من خليج العقبة بعد المرور في طريق التفافي بين الجبال يوصل إلى نويبع.
هذا التفسير لطريق الخروج بدأ التأكيد عليه منذ أواخر السبعينيات من القرن الماضي عندما بدأت عمليات الاستكشاف عام 1978، قام بها الطبيب الأمريكي رون وايت الباحث عن الآثار التي وردت في نصوص العهد القديم، وهو الذي اكتشف موقع سفينة نوح في شرق تركيا.
توجه رون وايت إلى سيناء، وزار ساحل نويبع (كانت سيناء تحت الاحتلال الإسرائيلي)، وغاص بالكاميرا تحت الماء في قاع الخليج، ودخل السعودية متسللا قبل القبض عليه واحتجازه بتهمة التجسس ثم أطلق سراحه.
مما أعلنه رون وايت في فيديو وثق فيه رحلة الخروج الإسرائيلي، العثور على عمود من الرخام الوردي زعم أن النبي سليمان وضعه على شاطيء نويبع كعلامة لمنطقة العبور في الجانب المصري وتم تثبيته بقاعدة خرسانية، وموجود حتى الآن، وقد اتفق الإسرائيليون مع الحكومة المصرية على الحفاظ عليه في مكانه، ثم وجد وايت قاعدة العمود الثاني فقط على الشاطيء المقابل في الناحية الأخرى ولم يعثر على بقيته التي تدمرت.
ومن العلامات التي أكدها رون وايت، وآخرون قاموا برحلات الاستكشاف من بعده مثل لينارت مولر صاحب كتاب ( The Exodus Case ) أن جبل سيناء الذي تجلى الله عليه وكلم موسى ليس في سيناء وإنما في مدين، ويعرف الآن باسم جبل اللوز الذي اشتعل نارا وتظهر الصور قمته سوداء محترقة، والعثور على الصخرة التي ضربها موسى بعصاة  فانفجر منها الماء، ووجدوا بقايا 12 عينا، ومكان النخيل (الـ 70 نخلة الواردة في التوراة). 
من أبرز ما أعلنه رون وايت وأكدته صور الأقمار الاصطناعية أن قاع خليج العقبة يبدو أمام نويبع كطريق ممهد، ومرتفع بشكل كبير عن عمق الخليج يمينا وشمالا، ونشر صورا التقطها بالفيديو تحت الماء، تظهر بقايا العجلات الحربية الفرعونية تنمو فوقها الشعاب المرجانية، وعثر على بقايا عظام بشرية وحوافر الخيل.
من الآثار التي يزعمون أنها تقوي تفسيرهم وجود مجموعة من الأحجار الضخمة يقولون إنها منصة العجل الذي عبده بنو اسرائيل ومرسوم عليها أكثر من صورة للعجل، بالإضافة إلى مقابر ضخمة بها شواهد القبور بالآلاف، ورسوم للشمعدان السباعي (مينوراه) وآثار يهودية وانتشار رسم نعل الصندل المفتوح على الصخور في أرجاء المكان، ويرمز خلع النعال إلى أن هذه الأرض مقدسة!
وأكدت هذه الادعاءات الصور التي التقطها الطبيب الكوري ديفيد كيم الذي كان يعالج الأمير ماجد بن عبد العزيز أمير مكة سابقا، حيث استغل علاقته بالقصر الملكي والسماح له بحرية التنقل في دخول المنطقة التي أغلقتها السلطات، واستطاع تقديم عدد كبير من الصور التي تثبت الاستيطان اليهودي للمنطقة وتؤكد أن جبل الطور الحقيقي في مدين وليس في سيناء.
الغريب أن بن سلمان اشتغل منذ اليوم الأول لولاية العهد على فصل هذه المنطقة عن السعودية، وأعلن أنها ذات طبيعة خاصة ولا تخضع لقوانين المملكة وأعلن أن السعوديين لن يدخلوها إلا سائحين أو مستثمرين.
يبدو أن بن سلمان وجدها مصلحة مشتركة، و فرصة ليهرب من الرياض ويبتعد عن أبناء عمومته الذين اعتقلهم وحدد إقامتهم واستولى على أموالهم، ويريد أن يحكم السعوديين من مستوطنة نيوم المسورة والمحصنة والمحمية إسرائيليا، حيث يبني بها خمسة قصور ملكية، له ولأبيه ولإخوته، مع مطار خاص، ويبدو أن هذه الثقة الزائدة في الدعم الصهيوني العالمي هي التي جعلته يقدم على قتل جمال خاشقجي بهذه الطريقة المروعة غير مبال بردود الأفعال.

***

حتى لو كانت قصة الخروج الإسرائيلي وفقا للتفسير اليهودي صحيحة فهذا لا يعني أنها ملك لهم، سواء في سيناء أو في السعودية، والزعم بأن الرب وعدهم بكل أرض عليها آثار نعالهم فهذا يعني أن أطماعهم ليس لها حدود.
أن يحلم الإسرائيليون بالتوسع والسيطرة فهذا شأنهم لكن ليس من المقبول أن يتحول حاكم عربي يزعم أنه مسلم إلى أداة للإسرائيليين ينفق نصف تريليون دولار من أموال السعوديين لتحقيق الأحلام التوراتية والتفريط في بلاد الحرمين.


أمة بلا قادة

أمة بلا قادة

11 نوفمبر، 2018

إحسان الفقيه

“الأمة الإسلامية إلى خير، ولكن المشكلة في القيادة”، ذلك هو شعار مجلة الفتح التي كان يصدرها الإصلاحي السوري محب الدين الخطيب، يُعبّر بها عن فقر الأمة في وجود القيادة الحقيقية التي تلتفُّ حولها الجماهير لسلوك طريق النهضة.

غياب القيادة الواعية الراشدة في أمتنا ليس بسبب الافتقار إلى الأدوات والإمكانات التي تؤهلهم لقيادة الأمة، خاصة في ظل التحولات الاجتماعية والثقافية التي أفرزت ُطرقًا جديدة للإدارة الحديثة تعتمد على فريق العمل.

وليس غياب القيادة المنشودة مَردُّهُ إلى افتقار النخب إلى الكاريزما، فكثير من حكام الدول العربية كانوا يتمتعون بكاريزما عالية أمثال جمال عبد الناصر وصدام حسين وغيرهما، ومع ذلك لم نجد إلى الآن ذلك القائد الذي تلتف حوله الجماهير بقناعة وصدق من أجل رفعة البلاد.

لم يكن نبوغ الزعيم النازي هتلر والتفاف الشعب الألماني حوله بسبب الكاريزما التي كان يتمتع بها، وليس بسبب الخطب النارية التي كان بارعًا في إلقائها، السر في هذا الالتفاف هو قناعتهم به بسبب تفانيه في السعي إلى سيطرة الجنس الآري الذي جعله يصطدم بالقومية اليهودية المنافسة، ذلك هو ما ينشده كل شعب، أن ينطلق زعيمه وقائده من مصالح الأمة وحاجتها، الشعور بأن هذا القائد يبذل نفسه ووقته وحياته من أجل شعبه، بعيدا عن الأطماع الشخصية والرغبة المفضوحة في الاستئثار بالعرش أطول فترة ممكنة مهما كلّفه الأمر.

المفكر الإسلامي الدكتور محمد العبدة يقول في بعض رسائل دروب النهضة :”ليس من الضروري أن تكون هذه الصفوة متميزة بذكاء يفوق ذكاء الآخرين، ولكنها من النوع المرهف الإحساس، القلِق على أوضاع الأمة”.

الأمة تحتاج إلى مثل هذا القائد الذي لا هم له سوى مصالح الجماهير، حينئذ سوف تتبعه طواعية وعن قناعة لا بالسوط والعصا والعسف والإرهاب.

القائد الذي يستطيع تجسير الفجوة بينه وبين شعبه، لا يشعرهم بأنهم عبيده أو هو مالكهم، فليس هناك كوكب للحكام وآخر للمحكومين.

القائد الذي يستقوي بشعبه على كل قُوى الأرض لا الذي يستقوي بالقوى الخارجية على شعبه لإطفاء غضبهم.

القائد الذي يرى نفسه موظفًا لدى شعبه لا مالكًا لثرواتهم ومقدراتهم يرْتع فيه ثم يُلقي لهم بالفتات، ومع الأسف لا نجد صورًا تعبر عن ذلك إلا في الدول الغربية التي يستقلّ فيها الزعماء والنخب الدراجات ووسائل المواصلات العامة، ويمشون في الأسواق كبقية الناس يشترون بخالص أموالهم، وكأنهم قد استفادوا من سير الخلفاء الراشدين التي تنكّرنا لها.

القائد الذي يُصارح شعبه وينتهج معه أسلوب عرض الحقائق لا إخفاءها وتدليسها، لقد كان سبب نجاح رئيس الوزراء البريطاني تشرشل في قيادة الرأي العام البريطاني إبان الحرب العالمية الثانية أنه صارح الشعب بالحقائق فكانت حماية له من الحرب النفسية.

القائد الذي ينطلق من الهوية الثقافية لشعبه، ويعتز بها، ويُربي الناشئة عليها، لا الذي يتنكر لها وينسلخ منها ويسعى لتغريب وجه الحياة العامة في دولته والزجّ فيها في شلال العولمة.

ولله در المفكر محمد الغزالي إذ يصرخ في كتاب الحق المر قائلًا: أسمع القائد الزنجى “جارانج ” يصرح بأنه إذا دخل السودان فيجب أن يخرج الإسلام، تتبعه العروبة مقهورة مدحورة! 

وأسمع الرئيس اليهودى ” شامير ” يقول للعالمين: ليست للعرب ذرة من حق في فلسطين! لا مكان لهم على شبر من الأرض! هذا ميراثنا كما سجلته التوراة لنا وحدنا!! أما الرؤساء العرب، فلا تجري على ألسنتهم كلمة القرآن”.

متى نعي أن القائد المسلم صاحب المنطلقات الإسلامية ليس ملازمًا لوصف العنصري الطائفي الذي يلغى حق المواطنة، الهوية الثقافية للوطن العربي هي الإسلام الذي يُمثل للمسلمين عقيدة وشريعة، ويمثل لغير المسلمين حضارة كانوا من مكوناتها الأساسية عبر العصور، وهي الفلسفة الجامعة التي كان يعيش بها الجميع في سلام.

القائد هو الذي لا يدعي العصمة وديمومة الرأي السديد، لكنه يؤمن بالتجربة ويرحب بالنقد البناء، ويستفيد من الأخطاء التي كشفت عنها التجربة، ويؤمن بالقيادة الجماعية لا حكم الفرد المطلق.

القائد هو الذي يتعامل على أساس أن زعامته مستمدة من إرادة الشعب، ويرى أن القيادة الحقيقية هي الاستجابة لمطالب ذلك الشعب والتعبير عنها وإيجاد الوسائل لتحقيقها.

القائد لابد له من غايات كبرى ورسالة يعبر عنها بوضوح ويُوصلها إلى كل فرد وكل مؤسسة وكل مكون مجتمعي، لقد كان حلم السياسي بسمارت الملقب بالمستشار الحديدي توحيد الولايات الألمانية وإنشاء إمبراطورية ألمانية في مواجهة التجمع السلافي والتجمع اللاتيني، فكانت تلك رسالته التي أسكبها في عروق الجميع، حتى تحقق حلمه.

كأني أسمع القارئ يسميني بالكاتبة الحالمة، لكن الحقيقة أن ما عرضته من سمات القيادة الحقيقية ليس صورة مثالية غير قابلة للتطبيق.

ولا أبالغ إن قلت بأنها ضمانات تشد مُلك القادة والحكام، المراهنة على الشعوب هي الحقيقة، والمراهنة على البيت الأبيض والأحمر هي السراب.

يا حكام أمتنا والله ليس لكم إلا شعوبكم، هي التي ستحميكم وترفعكم، فقط كونوا لها كما أنكم منها، كفاكم شقاقًا مع الشعوب، إلى متى ستظلون بعيدين عن أحلامها وتطلعاتها؟ حافظوا على شعوبكم تحفظ لكم عروشكم، وإن ضيعتموها فمُلْكُكم إلى زوال. وتذكروا يوم أن سقطت غرناطة وقف ملِكها المستسلم يلقي النظرة الأخيرة على مُلك قد بدّده، وحينها قالت له أمه “ابكِ كالنساء على مُلك لم تحافظ عليه كالرجال”، وبالإشارة يفهم اللبيب، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

خاشقجي.. جريمة التريليون دولار


خاشقجي.. جريمة التريليون دولار



وائل قنديل
احسب كلفة الاغتيال السافل للشهيد جمال خاشقجي على الدولة السعودية، والمواطن السعودي، ستكتشف أن نحو تريليون دولار دفعت حتى الآن لتأمين عرش أمير شابٍ طامحٍ في الملك.

لم تبدأ الجريمة في القنصلية السعودية في اسطنبول، بل تعود بدايتها إلى سنواتٍ مضت، منذ قررت السعودية الشروع في قتل ثورات الربيع العربي، واحدة تلو الأخرى، فأنفقت مليارات الدولارات على قتلة ثوراتٍ، وسافكي دماء شعوب، منذ كان ولي العهد الحالي في الظل.

عرف محمدبن سلمان أن الطريق إلى الحكم يمر عبر البوابتين، الصهيونية والأميركية، فقرّر أن يصادق ويتحالف مع كل الذين تفضلهم إسرائيل حكامًا، ثم طرق باب دونالد ترامب مبكرًا جدًا، وقبل أن يصبح رئيسًا للولايات المتحدة الأميركية. 
وهو في ذلك، بالطبع، لم يكن منطلقًا من فراسةٍ سياسيةٍ، أو مهارةٍ في قراءة المستقبل، بل كان يتحرّك تبعًا لكتالوغ اليمين الصهيوني المتحكم في مستقبل البيت الأبيض، فكان أن حجز موقعه مبكرًا في عربة ترامب الطائشة.

اصطفاه ترامب حاكمًا صاعدًا، منذ سافر إليه بن سلمان في معمعة الانتخابات، قبل ما يقرب من ثلاث سنوات، ووعده بالتمكين، فكان الثمن فادحًا من دم ولحم المواطن السعودي والعربي، ليأتي موعد سداد أولى الفواتير 460 مليار دولار حصيلة زيارة العم ترامب والعائلة إلى الرياض، شفطها ثم طار مباشرة إلى الكيان الصهيوني، فارضًا باكورة التطبيع الجوي، ليهبط عند حائط المبكى، تاركًا بن سلمان، وأصدقاءه، يلهون ببلورة سحرية، أطلقوا عليها "اعتدال" كانت بمثابة ضربة المنشار الأولى في جسد جمال خاشقجي، وأي خاشقجي آخر، يرى المتوثب للعرش أنه من المحتمل أن يمثل عقبةً أو إزعاجًا لأحلامه وطموحاته.
بعد ذلك، كانت حكاية جزيرتي تيران وصنافير، ثم مشروع نيوم، لتنطلق صيحات الفرح في الكيان الصهيوني، احتفالًا بنسف كل العقبات في طريق التطبيع الشامل، ويصبح وجود صحافي صهيوني في الحرم النبوي الشريف شيئًا عاديًا أو خطأ في إجراءات تأشيرات الدخول، بينما المنتمون إلى الربيع العربي يجري اعتقالهم وتسليمهم إلى جلاديهم بملابس الإحرام، إن نجحوا في الدخول إلى أرض الحرمين، أو يحرمون من أداء المناسك.

على أن الفواتير الأضخم بدأ سدادها عقب عملية القتل المروّع للشهيد جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده في اسطنبول، وعلى أيدي رجال ولي العهد السعودي، وتحت إشرافه المباشر، لندخل في مرحلةٍ متطورة من حلب ثروات السعودية، فيعلن ترامب عن نحو نصف تريليون دولار أخرى، صفقات تجارية وعسكرية واستثمارات، ثم تجد السعودية نفسها مضطرّة أخرى إلى شراء تذكرة ذهاب وعودة لولي عهدها الذي لم يستطع إثبات براءته من جريمة خاشقجي، إلى قمة العشرين، فيوزّع المليارات في كل أرضٍ تهبط بها طائرته، شراء لمصافحات ولقطات مصورة مع رؤساء دول، جلهم من شركائه في المنهج الدموي للحكم، وسط مشاعر شعبية متأججة بالغضب والرفض، استطاعت التعبير عن نفسها في تونس، وأجهضت في القاهرة.

بالطبع، تستطيع القول إنه كان بالإمكان أن يصل بن سلمان إلى السلطة من دون قتل وسفك دماء، وخصوصًا أنه لا توجد في السعودية معارضة سياسية من أي نوع، فضلًا عن أنه قتل المعارضة القبلية ودفنها مبكرًا في "ريتز كارلتون"، وصادر ثرواتها، فلماذا هذا التوحش في القتل وإراقة الدماء على هذا النحو؟.
الحاصل أن كل الطغاة الجدد في الوطن العربي مسكونون بالفزع من كل صوتٍ مختلف، معارضًا كان، أم ليس مؤيدًا وموافقًا ومصفقًا بالقدر الكافي، إذ يشعر كل هؤلاء في أعماقهم بأن الكيان الصهيوني بات مصدر السلطات، على من أرادها أن يفعل كل ما يحقق أحلام الصهاينة في التخلص من كل يهدد مشروعه في الهيمنة على الشرق الأوسط، ومن ثم يكون الانتقام، على هذا النحو القنصلي الرابعاوي الحلبي اليماني، من أية مصادر محتملة للتأثير في الرأي العام العربي، الذي هو العدو الأول لإسرائيل، كما قال بنيامين نتنياهو، فضلًا عن يقينٍ مستقر لدي كل الطغاة بأنه ما دامت إسرائيل سعيدة فكل جريمة مبرّرة.. حتى لو كانت كلفتها ما يقرب من تريليون دولار.

الخميس، 29 نوفمبر 2018

الحرب النفسية و تدمير الأمم والشعوب والتحكم بها

الحرب النفسية و تدمير الأمم والشعوب والتحكم بها




يوري بيزمنوف Yuri Bezmenov :
هو عميل سابق لدى الاتحاد السوفياتي وكان يعمل كصحفي لدى وكالة أنباء نوفوستي وكان أيضاً مخبر لدى لجنة أمن الدولة السوفياتي (ك.ج.ب) عمل في سفارة الإتحاد السوفياتي في الهند وأنشق عن الإتحاد السوفياتي عام 1970 م https://en.wikipedia.org/wiki/Yuri_Be... يتحدث في هذه المحاضرة عن طرق وأساليب تدمير الدول والشعوب للسيطرة عليها والتي تستخدمها الدول على بعض وخاصة إستخدام الإتحاد السوفياتي لهذه الأساليب على الدول التي يريد السيطرة عليها أو تدميرها وخاصة الشعوب الغربية المحاضرة قيمة وتشرح أحداث وقعت قبل سنين قليلة وتشرح كثير من واقعنا الحالي رغم ان المحاضرة بتاريخ 1983 م مصطلحات واسماء استخدمت في المحاضرة (ك.ج.ب) https://goo.gl/Ki5eh5 أندروبوف https://goo.gl/MsKNDb التخريب https://en.wikipedia.org/wiki/Subversion الحرب النفسية https://goo.gl/1BUEs4 ماركسية لينينية https://goo.gl/ew1Gv6 بيروقراطية https://goo.gl/r3CdtI الماركسية https://goo.gl/mdWLwo الاتحاد السوفياتي https://goo.gl/EptNdB

محنة الإمام ابن حنبل والحرب على المجال العام

محنة الإمام ابن حنبل والحرب على المجال العام

عبد الله العودة

المجال العام، هو تلك المساحة التي حفرها الناس بتجربتهم ونشاطاتهم الحرة ونقاشاتهم وتفاعلاتهم مع الناشطين المختلفين في القطاع الديني والثقافي والاقتصادي والسياسي.

منذ بدأت عاصفة القمع في السعودية قبل أكثر من سنة، بدأت تطفو على السطح حملات شعبوية تحريضية تُجرِّم ماتعتبره "حياداً"، وتُحرِّض ضد ماتصفه وقوفاً في المنتصف، فعصفت بالمجتمع السعودي ريحٌ مكارثية شديدة الوطأة لم تستثنِ أحداً أو مجموعة إلا نالت منهم بطريقة تخالف قواعد الأخلاق وقواعد السياسة في الوقت نفسه.
منذ بدأت عاصفة القمع في السعودية قبل أكثر من سنة، بدأت تطفو على السطح حملات شعبوية تحريضية تُجرِّم ماتعتبره "حياداً"، وتُحرِّض ضد ماتصفه وقوفاً في المنتصف.
عبد الله العودة
وفي ثنايا تلك الحملة، لاحظتُ أن الهامش الذي حقَّقه الناس خلال العقد الماضي من خلال تفاعلهم وضغطهم، بدأ بالضيق والتململ، ولاحظتُ أن أكبر ضحية في تلك الحملات التي تمتد حتى اليوم، هو المجال العام.
المجال العام، هو تلك المساحة التي حفرها الناس بتجربتهم ونشاطاتهم الحرة ونقاشاتهم وتفاعلاتهم مع الناشطين المختلفين في القطاع الديني والثقافي والاقتصادي والسياسي، والأهم في المجال العام أنه ليس مجالاً حكوميّاً بمعنى أنه ليس دائرة حكومية ولا وزارة، وأن الناشطين والفاعلين فيه ليسوا موظفين حكوميين ولا مُعَينين من قِبل جهة معينة تُنصِّبهم متى شاءت وتعزلهم متى أرادت، ولكنهم شريحة واسعة متنوعة من الشعراء والفقهاء والتجار والعلماء والحرفيين. وإذا أراد حاكم أو سياسي أن يتحرش بشخصية فرضت نفسها في المجال العام فإنه يتحرش بالمجال العام نفسه، ويحاول أن يسيطر عليه ويغلق منافذ التنفس الطبيعية فيه.
ولذلك، فإن أهم صفتين تجعلان شكلاً معيناً من أشكال القمع يستهدف المجال العام هما:
أولاً: إلغاء كل الجالسين في المنتصف بين المجال الخاص (البيت مثلاً) وبين المجال الحكومي (الوزارة مثلاً)، وبالتالي إشعال الحرب على كل أحد يريد تأسيس علاقة مباشرة مع المجتمع لاتمر عبر الدولة ولاتتوقف عند البيت.
ثانياً: الاستهداف المتعدد والمحدد أيضاً لمن لايقبل الرضوخ، لأن عدم الرضوخ معناه أن الشخصية التي تقبل التحدي تقف مباشرة أمام السياسي الذي يريد إغلاق هذا المجال العام وتحويله إلى مزرعة شخصية لحاشيته.
في التاريخ الإسلامي القديم، كان نموذج الإمام أحمد بن حنبل فريداً وملهِماً، ليس بسبب شخصية الإمام أحمد الفقهية والعلمية فحسب، بل بسبب موقفه تجاه قضية "خلق القرآن" التي تجاوزت التحدِّي الفقهي والسنِّي لعلم الكلام، إلى صراع بين المجال العام الذي يمثِّله أحمد بن حنبل الذي يريد أن يرفض فكرة "خلق القرآن" في مسجده وحلقته، وبين المأمون الذي يريد استخدام سلطته السياسية لفرض رأيه ومذهبه.
منذ عقود طويلة، وموضوع "محنة الإمام أحمد" يحتلّ مكاناً مهمّاً ومميزاً في أروقة البحث الحديث.
عبد الله العودة
منذ عقود طويلة، وموضوع "محنة الإمام أحمد" يحتلُّ مكاناً مهمّاً ومميزاً في أروقة البحث الحديث.
البحوث الحديثة الاستشراقية والعربية حاولت دراسة المحنة من أوجهٍ مختلفة؛ لأن موضوع "خلق القرآن" له بعد ديني مدرسي خاض فيه المختلفون جدلاً عاليَ الأهمية عند كثير منهم، فبعض الباحثين درسوا المحنة من جهة سياسية واجتماعية لفحص علاقة "الديني بالسياسي"، وبعضهم من جهة أخرى حاول دراسة دور الفقهاء في السياسة والاجتماع (المجال العام).
جاءت دراسات بعض العرب مثل فهمي جدعان ومحمد الجابري بافتراضات مسبقة حول "عقلانية" الاعتزال، ومحاولة تقديم الأقلية الاعتزالية كرواد العقل والفكر الحر والتنوير المبكر في الإسلام؛ لذلك، جاءت هذه الدراسات لتنفي دور الاعتزال في ترسيخ الطغيان السياسي وفرض الرأي الديني وتديين المجتمع بشكل فجٍّ في قضية مُخْتَرعة.
وبشكل منحاز حاولت دراسة جدعان والجابري غسل أيدي الفكر الاعتزالي من دماء أهل الحديث ومحاولة تزويقها، وتقديم الاعتزال كما قدمه بعض المستشرقين من قبلُ كمدرسة عقلانية حرة خارجة عن المألوف وناسفة لكل ما اعتبروه "اتجاهاً جموديّاً نقليّاً تلقينيّاً".
المعتزلة أقلية محدودة نخبوية جدّاً ليس لها رصيد شعبي ولا حضور أو دعم عام مقابل الأغلبية الساحقة من مدارس الفقهاء المختلفة.
عبد الله العودة
المعتزلة هنا كأقلية محدودة نخبوية جدّاً ليس لها رصيد شعبي ولاحضور أو دعم عام مقابل الأغلبية الساحقة من مدارس الفقهاء المختلفة، ورغم قلة الإنتاج الذي وصل ونجا من التراث المعتزلي، فإن اهتمام بعض المستشرقين والباحثين بهذا الإنتاج وقراءته ودراسته ومحاولة تقديمه بشكل ترويجي طغى على دراسة الواقع العام للمجتمع الإسلامي بمدارسه المختلفة ومذاهبه المؤثرة وتراثه المتعدد.
وفي ملاحظة صادمة وطريفة في ذات الوقت، يرى إدوارد سعيد أن اهتمام الاستشراق بفكر بعض الأقليات شبه المنقرضة في التاريخ الإسلامي -مثل رواد فكرة وحدة الوجود- هو جزء من محاولة طمس المعالم العامة للفكر الإسلامي والتراث الإسلامي أو التشويش عليه والشغب على مدارسه الأساسية، من خلال التركيز على بعض الشخصيات التي خرجت بشكل فجٍّ عن السياق العام. وإدوارد سعيد يضرب لهذا مثلاً مهمّاً بدراسة ماسينيون الطويلة جدّاً للحلاج؛ إذ يرى فيها محاولة ماكرة من ماسينيون لتجاهل التيار العام في الإسلام وإلغاء الفكرة الأساسية فيه من خلال التركيز على الحلاج.
المهم، حينما نعود إلى قصة المحنة نجد أن المجال الأهم فيها هو دور الإمام أحمد نفسه ودور أتباعه، وهو الشيء الذي لم يأخذ ذات القدر من الاهتمام والبحث على يد بعض المستشرقين إلا مؤخراً جدّاً، ولعل أهم بحث تم تقديمه في هذا السياق هو دراسة "نمرود هيرفيتز" التي كتبها قبل أكثر من عشر سنوات حول المحنة ثم ألَّف فيها كتاباً تُرجم مؤخراً إلى العربية.
فكرة هيرفتز الأساسية تقول بأن الإمام أحمد مارس نضالاً أسَّس فيه لمبدأين أساسيين تقريباً:
الأول: رفض وصاية الدولة دينيّاً على الأمة والعلماء؛ فالأمة تعايشت مع مذاهب ورؤى وعقائد تبنت مدارس مختلفة في الإسلام ما دامت تلك المذاهب لم يتم فرضها على الناس، خصوصاً حينما تستفزُّ التيار العام.
الثاني: ترسيخ -أو ربما تأسيس- المجال العام في المجتمع الإسلامي، ذلك المجال الذي يخوض فيه العلماء والفقهاء والباحثون دون وصاية الدولة ودون سيطرتها ودون رقابتها وشروطها الجاهلة. وهذا يعني أن هؤلاء العلماء لم يكونوا مُعَينين من قِبل السياسي، ولا موظفين لديه، ولا عاكفين عند بلاطه أو سائلين أُعطياته؛ فهم لهم مدارسهم المستقلة وأوقافهم التي تُؤَمِّن لهم -حتى- الاستقلال الاقتصادي عن السياسي.
هذا الطرح، اهتمَّ به أكثر من باحث وقدَّموا دور الإمام أحمد بشكل غير تقليدي تجاوز طرح أكثر الباحثين الحداثيين العرب في العقود السابقة من أحمد أمين إلى فهمي جدعان والجابري.
ضمن دراسة هيرفتز وآخرين، أحمد بن حنبل أسَّس بطريقته الخاصة "مجالًا عامّاً" أصرَّ فيه على استقلال "مؤسسات المجتمع المدني" عن تحكم السياسي.
عبد الله العودة
ضمن دراسة هيرفتز وآخرين، أحمد بن حنبل أسَّس بطريقته الخاصة "مجالًا عامّاً" أصرَّ فيه على استقلال "مؤسسات المجتمع المدني" عن تحكم السياسي، وحاول تأمينها ضد تدخُّل السلطة في التعليم والبحث الديني، ولم يكن يرسِّخ دور الفقهاء السياسي كما يرى بعض الباحثين، ولكنه رسَّخ دور الفقهاء والعلماء في المجال العام كمؤسسات رقابة مستقلة تمارس دورها العلمي خارج وصاية السياسي، وكان ذلك انتصاراً مهمّاً أشار فيه الباحثون إلى عراقة المؤسسات المستقلة عن السياسي في المجتمع الإسلامي ودور العلماء والفقهاء في حماية ذلك الاستقلال الاجتماعي والعلمي والديني، ودور قيمٍ وقواعدَ إسلامية وفقهية في تأمين دور مستمر ومطَّرد للعلماء والفقهاء في المجال العام، حافظ فيه هؤلاء العلماء والفقهاء على دورهم في حماية "الإسلام الشعبي" وحماية القيم الدينية من تدخُّل السياسي.
بالطبع، لن يكون بوسع مقال متواضع مثل هذا الحديث عن بحوث مختلفة حول المحنة والدراسات المختلفة في هذا المجال، ولكن دراسة هيفتز وآخرين تقدِّم قراءة مهمة ومختلفة لدور الإمام أحمد والمحنة، قراءة لم تنحَز -هذه المرَّة- لليد الملطخة بالدماء.

المصدر: TRT عربي

كناشة العمر

كناشة العمر

 محمد الشبراوي
تقول العرب "من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب"، وأنت ترى وتسمع تلك العجائب كل لحظة، لا أقول كل دقيقة؛ فلم يعد الفن لأهل الذوق الرفيع، ولم يعد الإعلام لأصحاب الرسالة الناجعة والأفكار النافعة؛ فاختلط الحابل بالنابل، وكلٌّ على ليلاه غنى.

أضحت نسبة المشاهدة معيار الأفضلية، وقُدِّمَ التافهون نماذجَ للأجيال المقبلة من مجتمعاتنا، ويضرب المرء أخماسًا بأسداس حسرة على واقعنا، ثم إذا به ينشر ولو بشكل غير مباشر ويروِّج للأغاني الهابطة والثقافة المهترئة.

بات الفن مهنة من لا مهنة له، وعن الإعلام فحدِّث ولا حرج، دون أن يتساءل الناس: لماذا وصلنا إلى هذا الدرك الأسفل من السفسطة والإسفاف؟ ولم يدر بخلد الكثيرين تقديم ثقافة أخلاقية واجتماعية موازية تتغلب على رائحة العفن المتزايدة، أو على أقل تقدير تعادل انتشار القبح الفني والإعلامي والثقافي. قد تهز اليوم كتفيك وتمضي لحال سبيلك، لكنك غدًا وأنت تقلِّب كُنَّاشة عمرك ستندم، وستشعر بغصة مريرة لتخاذلك واستسلامك للمحيط الخانق.

الكُنَّاشَة في اللغة أي المجلد، والأصل الذي تتشعب منه الفروع، وإذا كان مجلد حياتك وأرشيف ذكرياتك يحوي اللطائف والنفائس؛ فإنك ستزهو به وتفتخر ويروقك أن يراه كل من حولك. 


أما إن كانت كُنَّاشة حياتك هزيلة؛ فإنها قد يؤسفك جمعها، وربما تتنصل منها وتتنكر لها؛ فتتحول من كُنَّاشَة إلى كُناسة، ويستحيل المستقبل الجميل ومعه كناشة العمر إلى تلال من القمامة والبؤس والشقاء. 
وللعلاقة بين الكناشة والكناسة قصة يجدر بنا التعريج عليها والإشارة إليها.
ألَّف الأديب يحيى حقي كتابًا عنوانه "كُنـَّاشَةُ الدكان"، وقد تغيرت كلمة "كناشة" بخطأ من سامي فريد إلى "كناسة"، واغتفر يحيى حقي الخطأ؛ ليتحول التساهل والغفران إلى قبول الخطأ، وتحول المعنى الجميل إلى كناسة. 
كتب فريد: "ها نحن قد قرأنا معًا -تقريبًا- كناسة الدكان، وجاء الوقت الذي أخبرك فيه عن حكاية الكناشة التي تحولت بذكائي (!!) إلى كناسة.. شرفني العمل مع صديقي وأستاذي يحيى حقي في مجلة (المجلة) من ديسمبر 1963 وحتى أغسطس 1970، لأنتقل بعد هذا للعمل في جريدة الأهرام، واستمرت علاقتي بأدبينا الكبير حتى وفاته وبعد وفاته.

وفي بعض أيام شهر مايو من عام 1968، كان يحيى حقي يستعد لسفرته السنوية إلى فرنسا مع قرينته السيدة جان، وجاء إلى المجلة ليسلم مودعاً ويوصينا بالمجلة ثم يسلمني مقاله الافتتاحي، وكان عنوانه الثابت (من إحدى الروايات)، أما المقال نفسه فكان بعنوان (من كُنَّاشَة الذكريات). سلمني الأديب الكبير مقاله وأوصاني وشدد عليَّ ضرورة مراجعته بدقة وتصحيح ما قد يقع فيه من أخطاء مطبعية.

أخذت المقال دون أن أفتحه لأطير به إلى المطبعة في ساحل روض الفرج حتى ألحق العدد، وعند خروج البروفة فوجئت بكلمة كناشة.. هي كلمة غريبة ولا تسألوا شابًا عمره يتجاوز السابعة والعشرين بشهورٍ أن يعرف معناها. ظننت أول الأمر أنها أول غلطة مطبعية، وبإخلاص التلميذ المحب لأستاذه رحت أصححها إلى كناسة، وراجعت المقال كله واطمأننت عليه.

صدر العدد، وعاد يحيى حقي من فرنسا حاملاً إلينا هداياه البسيطة والجميلة دون أن ينسى أحداً، ومضى اليوم في حكايات وسلامات، ثم التفت نحوي منزعجاً فجأة يسألني عن هذا الذي عملته فأضحكت مصر كلها عليه! كناسة يا سامي! كناسة! أنا أكتب كناسة! حرام عليك! سألته وقد استبد بي الفضول: أمال إيه يا أستاذ يحيى؟ قال: كناشة يا ابني! كناشة.. متعرفش الكناشة؟!

هززت رأسي نافيًا وخيَّم البله على وجوه كل الحاضرين؛ فوجد الأستاذ نفسه مضطرًا لأن يشرح لنا أن الكناشة هي الدفتر الكبير الذي يسجل فيه التاجر الألفي حساباته.. الوارد والصادر منه وإليه وعليه والباقي وإلى آخره. هتفت بصوتٍ يقترب من البكاء: وكنت هعرف أنا إزاي حكاية الكناشة دي؟!

ببساطة لا مثيل لها قال: "كنت هعرف إزاي؟"، ولم يتجشم عناء البحث عن معنى الكلمة الواردة في العنوان، وصدقت العرب: "من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب"؛ أليس كذلك؟!

أمريكا تمكن الديكتاتورية وترامب يتبع منهج أمريكا القديم

أمريكا تمكن الديكتاتورية وترامب يتبع منهج أمريكا القديم لطالما دعمت أميركا الدكتاتوريين. لا يختلف دعم Trump لـ MBS
#Khashoggi

في دعمه الثابت لـ MBS ، يتبع ترامب تقليدًا قديمًا من الدعم الأمريكي للحكام العرب المستقلين ، والذي يستخدم بدوره كسبب لاستهداف المنظمات الإرهابية العنيفة الولايات المتحدة.
مضاوي الرشيد


في الأسبوع الماضي ، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الشراكة الأمريكية السعودية الوشيكة ستستمر ، حتى بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية  السعودية في اسطنبول وتقرير وكالة الاستخبارات المركزية الذي أشار بإصبع التاج إلى الأمير محمد بن سلمان (MBS) الشخص الذي أمر بالقتل.

تقليد أمريكي قديم

وأشار بيان الرئيس إلى مجموعة من الأسباب الجغرافية الاستراتيجية والاقتصادية لتبرير استمرار تحالفه الوثيق مع نظام مارس وحشية مطلقة في الداخل والخارج. سلط ترامب الضوء على المكاسب المالية المربحة لهذه الشراكة إلى الاقتصاد الأمريكي ، استناداً إلى وعد MBS باستثمار 450 مليار دولار ، بما في ذلك شراء أكثر من 100 مليار دولار لشراء الأسلحة.
وأكد الرئيس أيضا أن السعودية كانت مركزية لاحتواء التوسع الإيراني في الشرق الأوسط وتحقيق السلام مع إسرائيل.
على الرغم من طبيعتها الصريحة المليئة بالصدمة ، لا يمثل بيان الرئيس خروجًا كبيرًا عن السياسة الخارجية الأمريكية السابقة ، بل يحتفظ بمبدأ طويل في دعم الدكتاتوريين العرب لأسباب استراتيجية واقتصادية محددة. ما هو مختلف عن الرؤساء الأميركيين السابقين هو حساب التفاضل والتكامل الواضح في ترامب.
لم يشر رئيس أمريكي سابق إلى النقود الصعبة باعتبارها الأساس المنطقي للحفاظ على علاقات وثيقة مع القيادة السعودية بل ودعمها.
يبقى ترامب مخلصًا لتقليد قديم في السياسة الخارجية الأمريكية يميز المصالح الاقتصادية والاستراتيجية على القضايا الأخلاقية والأدبية ، والتي يشار إليها أحيانًا باسم السياسة الواقعية.
لكن جانباً الخطاب ، يبقى ترامب مخلصاً لتقليد قديم في السياسة الخارجية الأميركية يميز المصالح الاقتصادية والاستراتيجية على القضايا الأخلاقية والأدبية ، التي يشار إليها أحياناً بالسياسة الواقعية.
في الماضي ، أعربت الولايات المتحدة من حين لآخر عن قلقها إزاء الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان من جانب حماتها ، لكن قلة منها كانت تتوقع أن يزعج الرئيس ترامب بجرائم النظام السعودي.
وحتى إذا اعترف بأنه لا ينبغي لأحد أن يتغاضى عن مثل هذا القتل ، فقد كان مرتاحًا على ما يبدو لتأييد التفسير السعودي الذي لا يحظىبمصداقية كبيرة لما حدث في القنصلية. حتى أنه قدم استراتيجية خروج محتملة للسعوديين عندما قال إن القتل يمكن أن يكون عمل "قتلة مارقين" ، وبالتالي توفير إمكانية لـ MBS ، رئيس الدولة الفعلي والأجهزة الأمنية في المملكة العربية السعودية.

تمكين الدكتاتوريين

تصريح ترامب الأخير ، أن العمل كالمعتاد مع المملكة العربية السعودية يجب الحفاظ عليه ، حتى لو كان MBS "ربما أو لا" أمرت بقتل خاشقجي ، هو بالتأكيد صدمة لبعض الجماهير الأمريكية. لكن بالنسبة للعرب بشكل عام والسعوديين على وجه الخصوص ، كان البيان متوقعا ، على أقل تقدير.
وقد أكدت إيمانها القوي بأن الولايات المتحدة تفضل العمل مع الحكام المستبدين أكثر من تشجيعهم على الدمقرطة أو على الأقل كبح أنفسهم من خنق شعبهم بتدابير صارمة تتراوح بين الاحتجاز والقتل.


لقد تم التأكيد على دعم الولايات المتحدة للديكتاتوريين العرب على أنه من دعاة الحرب من قبل المنظمات الإرهابية الأكثر عنفاً لاستهداف الولايات المتحدة. مبرر أسامة بن لادن لضرب "العدو البعيد"، وهما الولايات المتحدة تدعم النظام السعودي وردد شعارات فقط السابقة من القوميين العرب والاشتراكيين والقوات المؤيدة للديمقراطية التي باللوم على الولايات المتحدة لتجاوزات أنظمتهم. 
ومن خلال منطقهم ، فإن الدعم الأمريكي يمنح الديكتاتوريين القدرة ليس فقط من خلال نقل تكنولوجيا الموت والمراقبة والتعذيب ، ولكن أيضًا أخلاقياً وعالمياً.
حتى أن ترامب نفسه اعترف بأنه بدون الدعم الأمريكي ، فإن النظام السعودي سوف ينهار خلال أسبوعين . أكد ضابط المخابرات الأمريكي السابق بروس ريدل أنه من دون دعم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ، لن يتمكن السعوديون من مواصلة الحرب في اليمن.
على غرار ما يسمى بـ "الاستثنائية الأمريكية" ، لم تكن القيم الأمريكية ، في شكل احترام الحقوق المدنية والسياسية وحقوق الإنسان ، مبدأ واضحًا يوجه السياسة الخارجية الأمريكية في العالم العربي.
أمثال بن لادن كان يؤمن بقوة بهذه الرواية قبل وقت طويل من نطقها من قبل الرئيس الأمريكي. ونتيجة لذلك ، حولت شبكته صراعها ضد العدو القريب إلى العدو البعيد وأدت إلى أزمة إرهابية عالمية تحافظ على الظهور تحت أسماء مختلفة. كانت جماعة الدولة الإسلامية (IS) أحدث التجسد لهذه الظاهرة ولكنها قد لا تكون الأخيرة.
كثير من الأمريكيين يشعرون بعدم الارتياح إزاء كلمات الرئيس الحادة وهم يتشبثون بأسطورة مفادها أن السياسة الخارجية الأمريكية يجب أن تعكس القيم الأميركية ، خاصة عندما يتعلق الأمر بجريمة قتل رفيعة المستوى من جانب شريك مقرب. 
ومع ذلك ، على غرار ما يسمى بـ "الاستثنائية الأمريكية" ، لم تكن القيم الأمريكية ، في شكل احترام الحقوق المدنية والسياسية وحقوق الإنسان ، مبدأ واضحًا يوجه السياسة الخارجية الأمريكية في العالم العربي. 
أيضا ، هذه القيم تتآكل وتضعف في الولايات المتحدة نفسها في ظل الخطاب القومي المتطرف والشعبي للرئيس الحالي.

غضب الناس

ربما لم يكن الرؤساء الأميركيون السابقون يحبون الديكتاتوريين العرب ، لكنهم أعارهم الدعم ، وغالباً في شكل مبيعات ومساعدة عسكرية. القائمة طويلة.
حظي العديد من الحكام المستبدين العرب بالدعم الكامل من الإدارات الأمريكية السابقة على الرغم من حقيقة أنهم انتهكوا محليا حقوق شعوبهم ، بما في ذلك أنور السادات وحسني مبارك من مصر ، زين العابدين بن علي من تونس ، والملك حمد بن خليفة من البحرين ، و في لحظة واحدة اقترب معمر القذافي من ليبيا ليكون حليفًا قبل أن يواجه انتفاضة في 2011
حتى سقوطه في عام 1979 ، منحت الولايات المتحدة شاه إيران دعمها النهائي من خلال جعله "شرطي الخليج" لدرء واحتواء انتشار الشيوعية والقومية في ذلك الوقت. كان سقوطه الدراماتيكي على يد شعبه صادمًا لكل من الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين.
لا يمكن لأي قدر من الدعم الأمريكي أن يحمي ديكتاتورا من غضب شعبه عندما تأتي اللحظة المناسبة
لم يكن من الممكن أن تكون الرسالة إلى الولايات المتحدة في ذلك الوقت أكثر وضوحا: لا يمكن لأي قدر من الدعم الأمريكي أن يحمي ديكتاتورا من غضب شعبه عندما تأتي اللحظة المناسبة. في الواقع ، لم تكن الولايات المتحدة قادرة حتى على حماية سفارتها في طهران حيث تم احتجاز أكثر من 50 دبلوماسي كرهائن لمدة 444 يوماً ، وهي حادثة ما زالت بعد أربعة عقود تشكل تفكيراً للولايات المتحدة حول إيران.  
ومع ذلك ، كان الدعم الأمريكي غير المشروط دائما امتياز الملوك السعوديين. علاقة الحب مع الملوك السعوديين تقوم على المصلحة والفوائد بدلاً من الإدانة العاطفية. لم يهتز الدعم الأمريكي ولا يعيد النظر ، على الأقل علانية ، حتى بعد أن قام 15 من الخاطفين السعوديين بمهاجمة البرجين التوأمين في نيويورك في 11 سبتمبر.


كانت الإدارة الأمريكية في ذلك الوقت متعرجة وتركتها لوسائل الإعلام والمجتمع المدني الأمريكي للضغط على النظام السعودي لتغيير سياسته في نشر التفسيرات الدينية القاتلة التي ألهمت جيلاً كاملاً من المسلمين في جميع أنحاء العالم وبررت الإرهاب.
من المفارقات القاسية لضحايا هذا الهجوم أن ترامب يعتبر النظام السعودي الآن شريكا لا غنى عنه ضد الإرهاب.

وجه المملكة العربية السعودية

حتى إذا لم يكن الأمريكيون مرتاحين تماماً لسياسة حكومتهم الخارجية من الإهمال التام لحقوق الإنسان وحتى الدعم المباشر لـ MBS ، على الرغم من مغامرته القاتلة الأخيرة في الخارج ، فإن هذا لا يعد شيئاً مقارنة بالسعوديين الذين يعيشون في ظل حكم الفرد.
بما أن MBS أصبحت الوجه الوحيد للمملكة العربية السعودية ، في السيطرة على الأبعاد الاقتصادية والعسكرية والأمنية والاجتماعية للحكومة ، فقد أظهر عدم احترام كامل لمظاهر التسامح الأساسية تجاه النقاد والمعارضين والنشطاء.
لم تكن المملكة العربية السعودية ملاذاً آمناً للمعارضة ، لكن حجم طموح "م.ب.س" للوصول إلى قمة الهرم الملكي حوّل المملكة العربية السعودية إلى كابوس قاتل لأي شخص مرتبط بالمعارضة. 
بموجب أوامره ، تم احتجاز الأمراء المحتملين المحتملين ، وتم خنق حركة نسائية ناشئة وسجن المدافعين الباقيين وتعذيبهم وفقا لتقرير صدر مؤخرا عن منظمة العفو. كما تم سجن المثقفين ورجال الدين.
تم ذكر تهم غامضة مثل التواصل مع عملاء أجانب ، والخيانة ، وتقويض صورة الدولة كمبرر للاحتجاز. هذه التهم تذكرنا برعب ستالين أكثر من الملكية الخيرة التي ستجعلنا الدعاية السعودية تصدقها.
إن جميع المثقفين السعوديين المحتجزين تقريباً متهمون بالخيانة وبأنهم عملاء لحكومات أجنبية. من سلمان العودة إلى الاقتصادي عصام الزاملوالنسوية لجين الهذلول ، فإن كلمة الخيانة تلوح في الأفق وقد تؤدي إلى عقوبة الإعدام. في الواقع ، طالب النائب العام السعودي بمعاقبة هؤلاء المعتقلين. كما أن مكتب المدعي العام الشهير هو المسؤول عن التحقيق في مقتل خاشقجي.

بذور الرعب

كونه "عدو الدولة" - لإعادة استخدام ترامب لما قاله له المسؤولون السعوديون حول خاشقجي - أصبح الآن جريمة شائعة تم التحقيق فيها من قبل قضاة معينين لا يتمتعون بأي استقلال على الإطلاق. يبدو ترامب مرتاحا مع مثل هذا البيان. ربما يعكس "عدو الدولة" أو يعكس تفكيره حول أي شخص ينتقد الرئيس أو الملك أو ولي العهد.
يعرف السعوديون جيداً أن الدعم الأمريكي لـ MBS لن يتنازل مع تغذيتهم على الدعاية بأن المال يشتري كل شيء - من الطائرات المقاتلة القوية المستخدمة ضد أفقر جيرانها اليمنيين ، إلى صمت الرئيس الأمريكي على واحدة من أبشع الجرائم المرتكبة ضد صحفي .
اقرأ المزيد  ►
سوف يتشبث ترامب ب MBS حتى إذا أصبح الأخير أكثر عبئا. إذا كانت هناك فرصة لما يسمى "القيم الأمريكية" لتصبح ذات صلة بالسياسة الخارجية ، فإن الكونجرس الأمريكي سيتعين عليه الضغط من أجل إعادة النظر في دعم الولايات المتحدة القديم للديكتاتوريين. لا ينبغي أن ينبع هذا من الاهتمام بسلامة وأمن الشعب السعودي ، بل من أجل أمنهم القومي الأمريكي.
يجب على الكونغرس أن يعرف أنه تحت العباءة المظلمة والقمعية لـ MBS ، والخطط الاقتصادية المزعجة والواضحة ، وقشرة التحرر الاجتماعي ، تزرع بذور الإرهاب. في الماضي ، امتد هذا الإرهاب ووصل إلى الولايات المتحدة نفسها. في الوقت الحاضر ، ليس هناك ما يضمن للشعب الأمريكي أنه لن يحدث مرة أخرى.
- البروفسور مضاوي الرشيد  أستاذ زائر في مركز الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد