الجمعة، 30 أبريل 2021

علامة استفهام (27) | كيف حاربت أميركا "الإخوان الشيوعيين"؟

علامة استفهام (27) | كيف حاربت أميركا "الإخوان الشيوعيين"؟
ازمة ضعف المستوى الفني للإنتاج التلفزيوني الجزائري
ازمة ضعف المستوى الفني للإنتاج التلفزيوني الجزائري

أسعد طه

(1)

حتى لو كنت موهوبًا، حتى لو كنت من أشهر كتاب السيناريو في هوليود، فإنَّ مخالفتك لأفكار مجتمعك جريمة لا تُغتفر، وإن كنت لا تُصدِّقني عليك بمشاهدة فيلم "ترامبو" الذي أنتج عام 2015، ويحكي عمَّا جرى لجيمس دالتون ترامبو ورفاقه، الذين شملتهم قوائم سوداء تتهم أصحابها بأنهم يدينون بالشيوعية، فكان التخوين والسجن وقطع الأرزاق، لقد قررت أميركا الديمقراطية أن تحارب الدكتاتورية بدكتاتورية أشد، والعجيب أني شاهدت في الفيلم قواطع مشتركة مع ما نعيشه من واقع.

(2)

كان ذلك بعد الحرب العالمية الثانية، حين انخرطت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي في سلسلة من الاشتباكات السياسية والاقتصادية المعروفة باسم الحرب الباردة.

أثار التنافس الشديد بين القوتين العظميين مخاوف في الولايات المتحدة من أن الشيوعيين والمتعاطفين مع اليسار داخل أميركا نفسها قد يعملون جواسيس للسوفيات، مما يشكل تهديدًا لأمن البلاد.

ومن ثَمَّ قرر ولي الأمر شن حملة هيستيرية للتخويف من الشيوعية عبر كل المنابر السياسية ووسائل الإعلام المتاحة وقتها، حملة تُحَذِّر المواطنين الشرفاء من مغبَّة التأثير الشيوعي التخريبي، ومن أصحاب الأجندات الخارجية الذين اندسوا في صفوف هيئات التدريس والقادة العماليين والفنانين والصحفيين العاملين ضمن ما زعمت الإدارة الأميركية أنه "برنامج الهيمنة الشيوعية العالمية".

وفي التفاصيل أنه في عام 1947 أوكلت هذه الإدارة إلى 3 عملاء سابقين في مكتب التحقيقات الفدرالي مهمة إصدار نشرة بعنوان "الهجوم المضاد: النشرة الإخبارية للحقائق حول الشيوعية"، كانت مهمتها الإعلان عن أسماء الإعلاميين "الذين ظهروا في منشورات أو في تجمعات أو في التماسات ذات طابع يساري".

تفيد المعلومات أنه تم التحقيق بالفعل مع حوالي 4 ملايين موظف فدرالي، تم سؤالهم عن كل شيء، حتى عن الكتب والمجلات التي يقرؤونها، وعن النقابات والمنظمات المدنية التي ينتمون إليها، وما إذا كانوا يترددون على الكنيسة.

ورغم أن جهاز سامسونغ لم يكن متاحًا حينها، فإنه تم إرسال هذه النشرة إلى المديرين التنفيذيين والجهات الراعية للتلفزيون مع المطالبة بفصل المدرجين فيها على الفور ومعاملتهم كخونة، وقد وصل الأمر إلى أن أحد المذيعين المشهورين وقتها كان يستخدم النشرة لتحديد الضيوف الذين يجب استبعادهم من الظهور على الهواء.

أصاب القلق أصحاب القنوات التلفزيونية ووكالات الإعلان والرعاة بشأن التأثير السلبي الذي قد تحدثه هذه التكتيكات وغيرها على أعمالهم، فلجؤوا إلى تعيين موظفين مهمتهم التحقيق والموافقة على كل كاتب أو مخرج أو ممثل أو أي شخص آخر يتقدَّم لشغل منصب إعلامي، للتأكد من أنه لا يحمل أي فكرة شيوعية أو أي مشاعر تتعاطف مع الشيوعيين.

(3)

لقد سيطر الحماس على الجميع، واحتاج الأمر إلى خطوة أبعد، فبادرت الإدارة الأميركية إلى تأسيس ما عُرِفَ ببرامج الولاء، حيث يتحتم على الموظفين للحفاظ على مناصبهم أو ليتم تعيينهم ابتداءً أداءُ قسم الولاء للدستور، والتعهُّد بعدم الانضمام إلى أي مجموعة تدعو للإطاحة بالحكومة في المستقبل، بل ذهب البرنامج إلى أبعد من ذلك، فتضمن جلسات استماع يدعى إليها أي شخص يُتَّهم بعدم الولاء، ويتم التحقيق معه.


وتفيد المعلومات أنه تم التحقيق بالفعل مع حوالي 4 ملايين موظف فدرالي، تم سؤالهم عن كل شيء، حتى عن الكتب والمجلات التي يقرؤونها، وعن النقابات والمنظمات المدنية التي ينتمون إليها، وما إذا كانوا يترددون على الكنيسة.

كما تم وضع المئات من كُتَّاب السيناريو والممثلين والمخرجين على القائمة السوداء بسبب الشك في أفكارهم السياسية، وفقد آلاف المدرِّسين والعمَّال والبحارة والمحامين والأخصائيين الاجتماعيين وظائفهم عندما رفضوا القسم، وفُصِلَ آلاف آخرون عندما اتهموا زورًا بأنهم شيوعيون.

كما قامت مكتبات بسحب كتب اعتُبرت يسارية من رفوفها، تضمنت كلاسيكيات مثل روبن هود، والعصيان المدني لهنري ديفيد ثورو، وعناقيد الغضب لجون ستاينبك.

(4)

ثم اتسع الأمر أكثر، وأصبح من السهل اتهام أي شخص معارض لسياسات الحكومة أو مطالب بإجراء إصلاحات اجتماعية بالشيوعية، حتى لو لم يكن فعلا شيوعيا، وشملت الاتهامات قادة النقابات والفنانين وقادة الحقوق المدنية والمتظاهرين المناهضين للحرب، باختصار ووسط هذه الجلبة ومحاكم التفتيش الفكرية كان يُمكن أن يُتهم أي شخص بأنَّه شيوعي وجاسوس سوفياتي.

ثم تقدم مجلس النواب الأميركي بخطوة إضافية وقرر تشكيل "لجنة الأنشطة غير الأميركية"، التي بدورها عقدت سلسلة من جلسات الاستماع العلنية للمخرجين والكتاب والممثلين الذين اتهموا بأنهم شيوعيون أو اشتبه بهم.

وقد أدت هذه الجلسات إلى إرسال مجموعة سميت بقائمة "هوليود 10" إلى السجن عندما رفض أصحابها الإدلاء بشهادتهم، وكان من ضمنهم ترامبو ورفاقه الذين حكى الفيلم حكايتهم.

وحتى الأشخاص الذين لم يدانوا بأي جريمة كانوا غالبًا يدرجون في القوائم السوداء، وبالتالي لم تكن أي شركة تقبل توظيفهم.

الأسوأ -ونتيجة مشاعر الخوف التي سادت الجميع- أن الكثير من الناس أصبحوا على استعداد للشهادة ضد الآخرين، حتى لو كانوا من الأصدقاء، وحتى إن كانوا يعرفون أن من يشهدون ضدهم أبرياء، وذلك تجنُّبًا للاشتباه بهم.

(5)

وصل الجنون حول التهديد الشيوعي الداخلي والذي سُمِّيَ وقتها بالذعر الأحمر إلى ذروته بين عامي 1950 و1954، عندما أطلق السناتور جوزيف مكارثي، وهو جمهوري يميني، سلسلة من التحقيقات التي حظيت بتغطية إعلامية كبيرة حول الاختراق الشيوعي المزعوم للحزب ووزارة الخارجية والبيت الأبيض والخزانة، وحتى الجيش الأميركي.

وخلال أول عامين من حكم أيزنهاور، زادت إدانات مكارثي والترويج للخوف من الشيوعيين، من مناخ الخوف والشك في جميع أنحاء البلاد، فلم يعد يجرؤ أحد على الاشتباك مع مكارثي أو مخالفته خوفًا من وصفه بأنه غير وطني.

وسعى المسؤولون المنتخبون من كلا الحزبين الرئيسيين إلى تصوير أنفسهم على أنهم معادون مخلصون للشيوعية، وقليل من الناس فقط هم من تجرأ وانتقد التكتيكات المريبة المستخدمة في اضطهاد المشتبه بهم، والتي مسَّت بشكل كبير حرية التعبير والحريات المدنية الأخرى، وتأثرت بها حياة الآلاف من المتعاطفين مع الشيوعيين المزعومين، الذين طاردهم القانون، وتم عزلهم عن أصدقائهم وعائلاتهم وطردوا من وظائفهم.

ولأن الظلم ينهار عادة وهو في أوج قوته، فقد صعَّد المناوئون لسياسات مكارثي من نضالهم ضد كل القيود التي تَحُدُّ من الحريات الفكرية والمدنية وضد سياسات التخوين ومحاكم التفتيش.

(6)

ووسط هذا المولد المقام، دفعت "لجنة الأنشطة غير الأميركية" التابعة لمجلس النواب إلى هوليود بعضو كونغرس جمهوري، شاب يدعى ريتشارد نيكسون، أخذ يسأل مديري الإستوديوهات الكبرى: لماذا لا تنتجون مسلسلات تلفزيونية وأفلامًا معادية للشيوعية؟

استجابت الإستوديوهات بسرعة بعدة أفلام لعبت دورًا في تأجيج مشاعر الخوف من الشيوعية وخطرها، فلم تسلم حتى أفلام الخيال العلمي من الإسقاطات على الخطر الشيوعي.

وفي فبراير/شباط من عام 1950، ألقى مكارثي خطابًا قال فيه إنه حصل على قائمة بأكثر من 200 متسلل شيوعي معروف يعملون داخل حكومة الولايات المتحدة، ورغم أنه لم يقدم أي دليل، فإن اتهاماته تسببت في التحقيق مع العديد من خصومه السياسيين.

(7)

ولأن الظلم ينهار عادة وهو في أوج قوته، فقد صعَّد المناوئون لسياسات مكارثي من نضالهم ضد كل القيود التي تَحُدُّ من الحريات الفكرية والمدنية وضد سياسات التخوين ومحاكم التفتيش.

وبالفعل اضطر مكارثي إلى أن يتوقف عن ملاحقة المعارضين "بدعوى أنهم شيوعيون"، خصوصًا بعد أن صوَّت ضدَّه مجلس الشيوخ في عام 1954، وأدين بالفساد، وعزل الرجل نفسه، ومات مدمنًا على الخمر. 

وأصدرت المحكمة العليا العديد من القرارات التي قيدت الأساليب والطرق التي تتبعها الحكومة في حربها المزعومة ضد الشيوعية.

في غضون ذلك، كان صديقنا ترامبو وشريحة كاملة ممن وقع عليهم الأذى يستردون أنفاسهم ويُصَعِّدون من ضرباتهم.

رواية "سبارتاكوس محرر العبيد" التي ألفها هوارد فاست وهو في السجن متهمًا بالشيوعية يقرر الممثل كيرك دوغلاس أن ينتجها فيلمًا، وأن يضع اسم ترامبو كاتبًا للسيناريو على إعلانات الفيلم في تحدٍّ صارخ للقوائم السوداء التي تحظر التعامل مع ترامبو وأمثاله.

المفاجأة أن الرئيس الأميركي المنتخب حديثا جون كنيدي يعلن تأييده للفيلم، فيسهم ذلك الحدث في تفكيك حملة الإرهاب الفكري، وفي إلغاء القوائم السوداء، ليلملم ضحاياها جراحهم، ويشرعون في إعادة بناء حياتهم المهنية من جديد.

لقد انتهى زمن محاكم التفتيش الفكرية، وسقطت كل ادعاءات الذين روجوا لسلب الحقوق المدنية بدعوى الوطنية الزائفة، وتفككت كل الادعاءات وانهارت القوائم السوداء.

(8)

بليغٌ قولُ ترامبو وهو يتلقى التكريم ويحظى بالأوسمة.

بليغ قوله "إن للمكارثية ضحايا فقط، وليس أبطالًا".

بليغٌ قوله "إن القائمة السوداء جعلت من الجميع ضحايا، أولئك الذين التزموا بمبادئهم، ففقدوا وظائفهم، وأيضًا أولئك الذين تنازلوا عن مبادئهم للاحتفاظ بوظائفهم".

ثلاثة أجهزة أمنية.. وعلى رغم خلافاتها، إلا أنها كانت كلها تخدم أسرة عبد الفتاح السيسى فكيف حدث ذلك؟

 ثلاثة أجهزة أمنية.. وعلى رغم خلافاتها، إلا أنها كانت كلها تخدم أسرة عبد الفتاح السيسى

فكيف حدث ذلك؟

رسالة بقلم الخبير السياسى والإقتصادى

الدكتور صلاح الدوبى 

من أين جاء ضباط ومباحث الأمن الوطنى ورجال المخابرات المصرية منتجى ومزورى ومشوهى حقيقة أفلام ومسلسلات رمضان “مسلسل الإختيار2″؟
أليسوا أبناء مصريين، وخرجوا من أرحام نساء مصريات تمنين لهم مستقبلا مشرقا، وتعلموا منهن الأخلاق الحميدة والحرام والحلال والعيب والمكروه ؟
أليس لهم عائلات وأبناء وبنات يصنعون لهم ولهن بلدا آمنا، ويقومون على التربية القويمة، وتدخل بيوتهم كلمات عدل وشرف كالكرامة والعزة والوطنية والدفاع عن المظلومين واحقاق العدالة وخدمة الشعب؟
أليس لهؤلاء أشباه الرجال إله يعبدونه، ويخافون إنتقامه، ويرجون رحمته، ويستعدون ليوم تشخص فيه الأبصار، ويأتيه كلهم فردا، ويلقى كتابه منشورا فيقرأه وكفى بنفسه في هذا اليوم حسيبا؟
منذ إنقلاب يوليو 1952 يتحكم في رقاب هؤلاء الوطنيين من مباحث أمن الدولة أو حسب مسمياتهم الجديدة “الأمن الوطنى” ومخابرات مصر مجموعة من أعتى اللصوص، ورجال هربت منهم رجولتهم وشهامتهم عندما تصلطوا على الشعب، واستولوا على خيراته، وأصبحت كلمة الباطل في بلاد أم الدنيا هي العليا.
وطنيون حتى النخاع، ومهمومون بمصر ومستقبلها، وخائفون على أمنها، ويملكون أدلة وقرائن وملفات وشواهد واسرارا لو تم نشر ذرات منها للف حبل المشنقة حول رأس الجلاد عبد الفتاح سعيد حسين خليل السيسي ولصوص عهده وحيتان عصره وزبانية حكمه الطاغوتي المجرم .

ولكن كيف يمكن اقناع هؤلاء الكلاب الذين يخضعون لأعفن الأنظمة فى العالم والفاسدة أن مصر بلدهم وسوف يميتون ويدفنون فى ترابها، وأنهم أكبر من أن يلفوا أعناقهم في قبضة الديكتاتور، وأن أصغر لواء أو عميد أو عقيد أو ملازم في أمن الدولة والمخابرات يستطيع أن يحصل على ملفات بتجاوزات وجرائم السيسى وزوجته وأبناءه وعصابة الحكم تكفي لانهاء شرعية حكم هذا الدراكولى مصاص الدماء وتستعد مصر لعقد أكبر محاكمات التاريخ.

كيف يسطتيع رجال مصر من مباحث أمن الدولة ومخابراتها أن يناموا، ولا يزور الأرق والعذاب وتقريع الضمير والخوف من طوفان يعرفونه كما يعرفون أبناءهم أجفانهم وأفئدتهم وقلوبهم وعقولهم ليعرفوا أنهم هم أيضا في سجن أشد وطأة وثقلا من السجن الكبير؟
ماذا سيحدث عندما يرفض ضباط مباحث أمن الدولة والمخابرات المصرية أوامر الطاغية وابنه وتوابعهما بضرب الشعب ؟
هل يمكن أن نصدق أن مهمة ضابط أمن الدولة والمخابرات حماية كل سبل القمع والقهر والسرقة وبناء القصور والنهب وتهريب الأموال وتجارة المخدرات وحماية تجار المخدرات ونواب الكيف؟ لماذا لا يقفون أمام ضمائرهم دقائق معدودة أليس لهم عينين؟ ولسانًا وشفتين؟

لطرح السؤال الذي وصل إلى السماء ولم تسمعه عقولهم بعد: أليست مصر بلدنا أم هي ملك لهذا الرجل وعائلته ؟ أعتقد أننى أملك الحق في أن أحلم أن يقفوا على الحياد بين الشعب وجلاديه، بين أهلهم واللصوص، بين أبنائهم ومغتصبيهم، بين أحبابهم وسارقي اللقمة من أفواهم، وأن لا يطيعوا أوامر الطاغية بضرب المتظاهرين والمنتفضين والغاضبين، وأن يفهم السيسى وحرمه المصون إنتصار وأولاده أن قفص الاتهام في محكمة الشعب هو الحكم الفصل لنهاية عصر سفاحى الدماء ناهبى خيرات المصريين.

هذا الرجل لوث شرفكم ومهنتكم وضمائركم ومهمتكم في حماية شعب بهية أم الدنيا، وقد آن الوقت لأن تغضبوا قبل أن يغضب عليكم في صمتكم فتخسرون الشعب، أو يغضب الشعب عليكم فتخسرون الدنيا والآخرة.

صرخ السيسى الجبان:

جاءت لبلادي أخبار

عن شعر أنشد بمقال

لا يصلح بين الأشعار

عن قلم يرفض حكم الفرعون

يتكلم باسم الأحرار

ويثور بوجه الإعصار..

سألنى السيسى ماذا كنت تقول و تعملْ؟

كنت أغني للحرية. للمستقبل

الحرية في عهد السيسى الفرعون عهدى؟

كلا يارئيس المصريين!!

الحرية لا تعني

أن تسلب أنفاسي مني

أن تحكم عقلي و خيالي

باسم الإيمان

الحرية لا تعني

جلادا يرأس محكمةً

أو سيفا يمخر أوصالي

و سجونا في كل مكان!

الحرية ملك يميني

لا رئيس مني ينزعها

أو ملكا عنها يغريني

كلا يارئيس المصريين..

سألنى من علمكم هذا المعنى؟!!

كل قواميس الإنسان

فالحرية لفظ تعرفه كل الأديان

فلْيحرق ذاك القاموس

و لتمحى كل الأديان

من علمكم هذا المعنى؟!

علمني شعري..

وقيود الظلم تحاصرني

و سجون القمع تطاردني

و سيوف القهر تعاورني في كل مكان!

علمني شعري أن أصرخ

لا أخشى جور السلطان

إن كان لي السجن المأوى

أو كان لي القبر المثوى

أو ميتا خلف القضبان

 سنمزق أشعارك و سنمحو

كل الأصداء

إن كان يضايقكم شعري لا ترموه

فسأكتب غيره!!

وسنسحق كل الشعراء!

شعوب خلقت خرساء؟!!

أسس نظام عبد الفتاح خليل السيسى مشروعيته علي الدماء والمجازر فهو يتغدي ويقتات عليها وفي كل الأحوال تعكس أولوية النظام بأن الدماء مُقَدَّمٌ علي الماء! ومن العجيب أن تتحول عقلية الدولة لعقلية قطاع الطرق وعجيب أكثر أن تسيطر عليها روح الانتقام بدل تحقيق العدالة والأعجب أن تغذي العنف والانتقام داخل المجتمع.

إعدام رجل بلغ من العمر الثمانين عاما وهو صائم يعكس عقلية عصابة لا عقلية دولة يسيطر عليها شبح الانتقام فلم تراع أي حرمة ولا حرمات الشهر الكريم أو اهتزاز جسد الرجل وضعفه.

لقد هالني في الواقع من بين تلك الأخبار إعدام رجل يبلغ من العمر عتيا (81) عاما، في واقعة لم أجد لها مثيلا في تاريخ مصر الحديث، أو من بين الاعدامات التي تم تنفيذها علي مر ذلك التاريخ.

وذلك في صورة واضحة تعكس عقلية عصابة وليس عقلية دولة، يسيطر عليها شبح الانتقام، ولم تراع أي حرمات ولا حتي حرمات الشهر الكريم، أو اهتزاز جسد الرجل وضعفه، أو حتي ما قيل وما ورد من أحاديث في أن الله يستحي أن يعذب رجلا شاب في الإسلام.

في ذات الوقت قدم الرجل شهادات تثبت أنه لم يكن متواجدا في هذا المكان، وبالرغم من هذا لم يأخذ القاضي بذلك. وهنا يتساءل المرء عن أي قضاة أو قضاء، وعن روح العدالة لا تأويلات النص المملوءة بالكراهية وروح الانتقام، ويتساءل المرء هل هؤلاء بشر، يدركون أن غدا حسابا وموقفا بين يدي الله.

والأدهى والأمر من ذلك أنه قد يتم تصوير تلك المشاهد القاسية لإذاعتها في نهاية ذلك المسلسل من أجل تعميق شعور الكراهية وتغذية روح الانتقام.

بعد نشرها فيديو استغاثة.. اعتقال أسرة معتقل في السجون المصرية

إن أجهزة الأمن المصرية أقدمت على اعتقال أسرة المعتقل “عبدالرحمن الشويخ” بعد نشر فيديو تستغيث فيه من تعرض ابنها للتعذيب والاعتداء الجنسي في سجن المنيا وسط مصر.

عمر الشويخ”، شقيق المعتقل “عبدالرحمن”، أنه جرى “اقتحام منزل والدة عبدالرحمن الشويخ واعتقالها هي وزوجها وبنتها واقتيادهم إلى مقر أمن الدولة بالمعصرة، بعد نشر استغاثة لإنقاذ الابن من الانتهاكات التي يتعرض لها داخل السجن”.

وكانت والدة “عبدالرحمن الشويخ” أعلنت عن دخول ابنها في إضراب كامل عن الطعام لحين التحقيق مع من قاموا بالاعتداء عليه من ضباط ومخبرين داخل سجن المنيا، إلا أن الضباط قاموا بالاعتداء عليه مرة أخرى بالضرب والتعذيب، وتم نقله إلى المستشفى للعلاج من آثار التعذيب، بالإضافة إلى ادعاء ضباط السجن أنه مريض نفسيا لكي يدفعوا عن أنفسهم تهمة الاعتداء الجنسي عليه.

وكشفت رسالة مسربة أخرجها “الشويخ” إلى والدته عن انتهاكات خطيرة تعرض لها داخل محبسه بسجن المنيا.

وأكدت الرسالة تعرض المعتقل “عبد الرحمن الشويخ” للتعذيب والاعتداء الجنسي داخل محبسه بعنبر 8 في سجن المنيا، من قبل ضابط مباحث سجن المنيا “محمد محمدين” وبلوكامين السجن “عمران” والمخبر “حسين” والمخبر “أشرف” وعدد من أمناء الشرطة في السجن.

ويضم سجن المنيا المحكوم عليهم سياسيا وجنائيا، والمحكوم عليهم بالسجن المشدد، والمحكوم عليهم بالإعدام، بالإضافة إلى بعض المحبوسين احتياطيا.

رسالة تحذير وتنبيه  اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد

إلى ضباط الجيش وضباط الأمن الوطنى وضباط الداخلية ومخابرات شعب مصر البائس الفقير الذليل ،سمعتكم السيئة الحقيرة جابت أرجاء العالم،لا تحرسوا رجلا يغتصب أهلكم في الداخل ويسرق خيرات أبنائكم وأحفادكم لأجيال قادمة ستلعن يوم خرست ألسنتنا.

نداء يحتاج لشجاعة، وشجاعةٌ تحتاج لقدر من الإيمان يحرك الجبال، وإيمان يرى الذاتَ الالهيةَ من منظور رحمة الله على شعب المحروسة.

هل كانت ثورة 23 يوليو ممكنة؟!

             هل كانت ثورة 23 يوليو ممكنة؟!


بسم الله الرحمن الرحيم

صلاة بغير وضوء..!!

***

هل كانت ثورة 23 يوليو ممكنة؟!





بقلم: دكتور محمد عباس

 

انتظرت حتى انتهى صخب الاحتفال كي أقول كلمتى، رغم أن الاحتفال هذا العام قد حفل بظاهرة من أغرب الظواهر، وهو احتفاء الدولة واحتفالها بالثورة، في مشهد كريه ومقزز، كزنا المحارم، فالسلطة التى صدر عنها كل هذا الضجيج والصخب احتفالا بالثورة، أكثر فسادا و أنكى ظلما من ذلك الذي قامت الثورة للقضاء عليه.

نعم.. كان الاحتفال الرسمى بثورة 23 يوليو أشبه بقرصان أو مملوك قتل أستاذه.. وصنع من جمجمته قدحا يشرب فيه الخمر في مخازيه كل مساء.. فلما انقلب عليه غلمانه، وعاداه سادته وتنكر له أقرانه وفقد سطوته وسلطته، لم يجد إلا أستاذه القديم يتمسح فيه ويحتفل به.

ولقد انتظرت حتى ينتهى كل ذلك لأقول رأيا.

***

إذ نتناول ثورة 23 يوليو، علينا أن نحذر من ذئب التفاصيل، وغواية الحكايات، وطوفان الأحداث، فكل ذلك كفيل بإغراقنا، وبحصارنا فى أنفاق مسدودة، متناقضة، متضادة، حيث يتشبث كل منا بأن نفقه هو الذى يشكل المجرى الرئيسي لثورة 23 يوليو.

الغرق فى التفاصيل قد يكون مغريا، لكنه فى نفس الوقت يمنعنا من تكوين نظرة شاملة للأمر، لأى أمر، إذ يمكن أن ينقضى العمر كله ونحن نناقش التفاصيل، دون أن نصل إلى أى نتيجة ، أو تصور كلّى.

لكن هذا لا يعنى أن نندفع إلى الاختزال المخل، الذى قد ييسر لنا الوصول إلى تصور شامل كلى، و إلى إصدار أحكام قاطعة، تكون فى أغلب الأحيان خاطئة.

بين هذا وذاك إذن يجب أن يكون أمرنا، ومن هذا المنطلق، فإننا نستطيع القول بأن ثورة 23 يوليو هى جمال عبد الناصر و أن جمال عبد الناصر هو ثورة 23 يوليو. لن ندخل فى التفاصيل، لن نهتم على سبيل المثال بما بعد جمال عبد الناصر، لأنه يشكل شيئا آخر، لا يهمنا الآن إن كان مناقضا ، أو إن كان أسوأ، ذلك أنه فى كافة أحواله شيء آخر، غير ثورة 23 يوليو.

لن نهتم أيضا بإيجابيات الثورة ولا بسلبياتها، ولا بهزائمها وانتصاراتها، فقد قتل كل ذلك بحثا، وما من صواب قيل إلا وفيه باطل، وما من باطل قيل إلا وفيه بعض صواب.

لا يدخل فى بحثنا هذا إذن قضايا جوهرية ، كدور الثورة فى التحرير من الإنجليز، أو مسئوليتها عن الاحتلال الإسرائيلى. لن نتحدث عما أحدثته من انقلاب اجتماعى، ولا نحن سنتورط فى الغرق فى تفاصيل إذا ما كان هذا التحول خيرا أم شرا.

لن نتحدث حتى عن التعذيب، الجريمة التى لا تفوقها جريمة، ولا يمكن غفرانها أو الدفاع عنها. ولا نحن سنتحدث عن برامج التصنيع، والتحديث، وتفجير وعى العرب بهويتهم.

سوف نترك ذلك كله، فلقد تحدث غيرنا فيه، ربما بأفضل مما نستطيع..

نتركه كله لنسأل سؤالا واحدا:

-         هل كانت ثورة 23 يوليو ممكنة؟!..

نعم، ذلك هو السؤال الذى لم نتطرق أبدا – فيما أعلم- إليه..

***

لن نحاسب ثورة 23 يوليو إذن من خلال كل ما نسب إليها من انتصارات وانكسارات، ولا من مظالم وجرائم أو إنصاف وعدل. ولا نحن سنحاسبها عن تحقيق أهدافها، فقد تقصر الأعمار فلا تتسع لأمر جليل.

سوف نحاسبها بمعيار آخر، ولكى نصل إلى هذا المعيار سوف نتعسف فنفترض افتراضات مذهلة، سنفترض على سبيل المثال أن كل ما نسب إلى الثورة من جرائم لم يحدث، ولا أيضا هزيمة 67، وسوف نفترض أيضا تضاعف الإنجازات الإيجابية، وسوف نفترض أكثر من هذا كله أن جمال عبد الناصر لم يمت – أويقتل – عام 1970. وبعد كل هذه الافتراضات سوف يكون من حقنا أن نوجه السؤال:

-  هل كانت ثورة 23 يوليو ممكنة؟!..

و أعنى بالسؤال: هل كان يمكن للثورة، مع كل هذه الافتراضات، أن تحقق الأهداف التى قامت لتحققها؟‍.

سوف نتجنب الأنياب البارزة المتلمظة لذئب التفاصيل مرة أخرى.. وسوف نصل إلى غايتنا مباشرة: هل كان يمكن لثورة 23 يوليو أن تحقق – فى إطار رؤيتها النظرية وفلسفتها – الانتصار فى معركتها تلك، بل هل كان يمكن أن تصل إلى نوع من التعايش المقبول بالحد الأدنى من القوة والكرامة.

لو افترضنا أن مصر كان يمكنها الانتصار على إسرائيل، فهل كان يمكنها الانتصار على أمريكا؟ وعلى الدول الأوروبية مجتمعة؟‍

***

كيف لم يدرك رائد القومية العربية أن القومية كلها فكرة غربية ومنهج صليبى..

ماذا كان يمكن أن يحدث لو أن زعيما بقامته وتأثيره قد فهم جوهر الصراع بين الحضارات وأدرك أبعاد الصراع بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية فاتخذ الإسلام سبيلا ومنهجا وحاديا وهاديا..

كيف لم يدرك أن الصراع هو ما أنبأنا به المصطفى صلى الله عليه وسلم، و أن الغرب سيحاربنا كافة، و أن علينا أن نتجمع كافة لكى نستطيع مواجهته والانتصار عليه.. كافة.. ليس تحت راية وطنية ولا قومية و إنما تحت راية الإسلام.

***

بدت لى المسألة فى غاية الوضوع فرحت أتساءل فى ذهول : " كيف لم يرها؟"..

لم تكفنى الكتب فلجأت إلى رفاقه..

السيد حسين الشافعى، نائب جمال عبد الناصر ورفيقه فا جأنى بإجابة لم أتوقعها أبدا حين قال:

- سوف يثبت التاريخ أن ثورة 23 يولية كانت شتلات الصحوة الإسلامية التى ستنهض لمواجهة الغرب.

والحقيقة أننى لم أقتنع، رغم أنى أحب الرجل و أحترمه كثيرا، وهو شديد التدين، وقد جاوز الثمانين، ولم يعد لبهرج الدنيا ومغانمه عنده غاية.

سمعت أيضا من السيد  أحمد طعيمة وزير الأوقاف السابق- وهو من الضباط الأحرار-  والذى يقرر أن تصرفات الأحزاب السياسية  مع عبد الناصر  هى التى حولته من شخص يترسم خطى عمر بن الخطاب رضى الله عنه إلى طاغية.. لكنه امتدح إسلامه و إخلاصه كثيرا

استمعت أيضا إلى اللواء جمال ربيع، أحد ضباط الثورة..

كان الرجل حادا جدا وهو يدين ثورة 23 يوليو وجمال عبد الناصر  .. كان الرجل حادا حتى أنه أخرجه من زمرة المؤمنين...

-  ألا تظن أن أحاديث التعذيب فى عهده مبالغ فيها؟.. و أن الخلاف لم يكن بينه وبين الإسلام، و إنما بينه وبين بعض المسلمين؟..

وهنا صرخ الرجل:

-    قم.. تعال إلى جوارى.. ضع يدك على ظهرى..

ووضعت.. وليتنى ما وضعت.. لم تخف ملابسه من على  ظهره كله تلك التضاريس المرعبة للندبة الهائلة المتصلة فكأنما افترسه وحش مسعور..

اقشعر شعر رأسى هولا.. منعت صرخة وكبحت دمعة ودوى فى أذنى طنين كأنه أنين المعذبين وآهات المكروبين.. ومن خلف الدمعة والصرخة والطنين كان يأتينى صوته:

-  هذه آثار التعذيب المتبقية بعد نصف قرن..

وجهت إلي رفاقه السؤال:

-  هل كانت الثورة ممكنة؟

كان السيد حسين الشافعى فخورا بالثورة رغم كل ما حدث مؤكدا أنها غيرت، وستواصل تغيير وجه التاريخ.

كانت إجابة اللواء جمال ربيع حادة باترة أن الثورة كانت نكبة..

ولقد اتفق معه - لدهشتى وأساى - الوزير أحمد طعيمة  رغم اختلافهما حين قال:

- قد بكيت  طويلا   لأننى  شاركت  فى  الثورة التى  وصلت بالوطن  والأمة   والنظام  إلى  ما صاروا  إليه،  ليتنى  ما  شاركت  فيها،  ليتنا ما  قمنا  بها.

***

- هل كانت ثورة 23 يوليو ممكنة؟.

أحد الأصدقاء، وهو كاتب كبير، ومفكر بالغ العمق، ووطنى من الطراز الأول، ومثقف حقيقى واسع الاطلاع، راح يتساءل أثناء حوارنا حول ثورة 23 يوليو:

- كيف تسأل إن كانت الثورة ممكنة أم غير ممكنة بينما هي قد قامت فعلا، ووجدت على الساحة وكان لها تأثيراتها الكبرى؟.

قلت للصديق:

- دعنى كي أوضح نفسي أبدأ بطرفة، إذ يحكى أن شابا ذهب إلى شيخ المسجد ليسأله: يا مولانا: هل تنفع الصلاة بغير وضوء؟ وأجابه الشيخ على الفور: لا يا بنى.. لا تنفع أبدا، وهنا فاجأه الشاب: يا مولانا، لقد جربت بنفسى: عملتها ونفعت!!..

لقد قام هذا الشاب بكل حركات الصلاة، وربما يكون من حق كل من شاهده أن يقسم أنه صلى، إلا أنه في الواقع لم يصل!!.. كذلك ثورة 23 يوليو، مارست كل طقوس الثورة لكنها في الواقع لم تقم.

دعنا من الرمز المكثف الآن من أن الصلاة لا تصلح دون وضوء، وكذلك الثورة ما كانت لتصلح دون وضوء، ودون مرجعية إسلامية كاملة ومهيمنة، فالأمة لن تحررها إلا الأيدى المتوضئة.

قلت للصديق أن ثورة يوليو 52 قد قامت على خلفية قصور شامل في إدراك التاريخ من ناحية، وواجبات العقيدة من ناحية أخرى.

لم تفطن الثورة إلى قاعدتين أساسيتين لم يكن لقيامها أن يصح بدونهما: أننا كما يقول القرآن أمة واحدة، و أن أعداءنا يقاتلوننا كافة، و أنه يجب علينا أن نقاتلهم كافة. تبنت الثورة فكرة القومية وهى فكرة غربية، يقول جارودى ( الإسلام الحى- دار البيرونى-بيروت) أنه ليس هناك فكرة مناقضة  لعقلية الأمة الإسلامية أكثر منها، وهى فكرة تتناقض مع وحدة الإنسانية التى تعتبر المفتاح الرئيسي للنظرة  الإسلامية للعالم. كانت القومية تمزيقا للأمة، وكانت مؤامرة غربية صليبية، وكانت شَركا وقعت فيه الثورة، وطعما ابتلعته، فما نجحت في إرساء الدولة القومية ولا هي سعت إلى وحدة الدولة الإسلامية. بل لقد استبعدت الدين أصلا كمحرك للصراع. وتجاهلت تاريخا طويلا مضمخا بالدم والمعارك.

كان  مد العرب الحضارى قد توقف وقوتهم قد استنزفت  في الانتصار على الصليبيين والتتار،  وكان يمكن أن يكون مصيرنا كمصير الهنود الحمر و أهل استراليا الأصليين ( فوحشية استعمار القرن الخامس عشر بالظروف العالمية المحيطة  لم تكن كوحشية استعمار القرن العشرين)  لولا أن قيض الله الدولة العثمانية.. الدولة العثمانية التى ابتلعت ثورة 23 يوليو الطعم واعتبرتها رمزا للجمود والتخلف.. وكانت في ذلك متطابقة تطابقا مذهلا مع وجهة نظر أعدائنا.. و أعداء ثورة 23 يوليو و أعداء جمال عبد الناصر. امتصت الدولة العثمانية الهجمة الشرسة للقوة الغربية المفعمة بالحقد والوحشية والرغبة في الانتقام، بل وحققت الكثير من الانتصارات ،  و كبحت سرعة الانهيار، و أجلت احتلال بلادنا ثلاثة قرون على الأقل.

لو أن المسألة كانت تنحصر في هزيمة 48  و إسرائيل لكانت  مصر بالثورة كافية لهزيمتها.. لكنها كانت حربا شاملة لم تدرك الثورة أبعادها فلم تستعد لها كما يجب.

لم يكن الأمر يتعلق بعام 67 ( حيث الهزيمة المذلة المهينة) ولا بعام 48 ( حيث الهزيمة الأكثر إذلالا ومهانة) بل كان يتعلق بألف وخمسمائة عام من المواجهة، ظلت لنا فيها السيادة والانتصار ألف عام ثم بدأت الهزائم. ولم تكن 67 و 48 إلا امتدادا لما حدث فى31( عمر المختار) وفى 29 ( ضم طاجكستان المسلمة إلى الاتحاد السوفيتى) وفى 25 ( ضم جمهورية تركمانستان  وجمهورية أوزبكستان إلى الاتحاد السوفيتى) وفى 24( إلغاء الخلافة) وفى 22( استشهاد أنور باشا  وهزيمة المسلمين فى آسيا الوسطى التى احتلها الروس البرابرة) وفى 20( غورو يغزو دمشق صائحا: ها قد عدنا يا صلاح الدين)..  وفى 17( وعد بلفور واحتلال القدس وبغداد) وفى 16 ( الروس يقتلون 150000 مسلم فى قيزغيزيا) وفى 16( سايكس بيكو) ،  وفى 1911 ( احتلال ليبيا- إيطاليا) وفى 8( احتلال فاس بالمغرب- فرنسا) وفى 3 ( احتلال موريتانيا- فرنسا) وفى 1899( احتلال الكويت- بريطانيا) وفى 1892 ( احتلال مسقط والبحرين- بريطانيا) وفى 1890( احتلال تركتستان الغربية-روسيا)   وفى 1882 ( أحمد عرابى) وفى 1881 ( الفرنسيون يحتلون تونس ويذبحون 60000 جزائرى مسلم) وفى 1878( احتلال سمرقند وبخارى وطشقند- روسيا) وفى 1878( احتلال إريتريا- إيطاليا) وفى 1887 أيضا ( احتلال البوسنة والهرسك- النمسا .. وولاية بيساربيا-روسيا))  وفى 1864( احتلال القفقاس- روسيا) وفى 1866 (احتلال إمارات الخليج- بريطانيا) وفى 1858( البحرية الإنجليزية والفرنسية تقصف جدة فتقتل المئات) وفى عام 1840( فصل الشام عن مصر) وفى عام 1839( الألمان يطردون العثمانيين من بلجراد) وفى 1839( احتلال عدن- بريطانيا) وفى 1830( احتلال الجزائر- فرنسا) وفى 1830( الجيش الهولندى يذبح 200000 مسلم فى إندونيسيا بعد استيلائه على الفليبين) وفى عام 1827( أوروبا تحطم جيش محمد على فى ثلاث ساعات  فى نافارين) وفى 1827( انفصال اليونان عن الدولة العثمانية) وفى1820( احتلال مسقط-بريطانياوفى عام 1809 ( الأسطول البريطانى يدمر رأس الخيمة) وفى عام 1807( حملة فريرز) وفى 1799( احتلال مصر- فرنسا) وفى عام 1774( احتلال شبه جزيرة القرم وبحر أزوف والمناطق الشمالية للبحر الأسود ثم سلوفينيا-روسيا) وفى عام 1724( احتلال مناطق بحر قزوين-روسيا)وفى عام 1699: (انفصال المجر و أوكرانيا وترانسيفاليا عن الدولة العثمانية) وفى عام 1687 (انفصال المجر وقبلها مقاطعة كييف)  وفى 1683 (تحالف ألمانيا والنمسا وفك الحصار العثمانى على فيينا) وفى عام 1658 (هزيمة آخر ثورة للمسلمين فى الأندلس حين أصدر فيليب الثانى أمرا بذبح كل مسلم فوق سن الرابعة عشرة) وفى عام 1569 (صدور فرمان بتحريم الشعائر الإسلامية  وتنصير المسلمين) وفى عام 1529 (حرق المسلمين الذين تنصروا بتهمة عدم التنصر الكامل) .. وفى عام 1517( انتهاء الخلافة العباسية رسميا ) وفى عام 1492 (آخر ملوك غرناطة يتركها ذليلا باكيا كالنساء ملكا لم يحافظ عليه كالرجال) و… و… و…

***

لو أدركت ثورة 23 يوليو أن معركتها مع الحضارة الوثنية التى تتستر بالصليب لاختلفت حساباتها..

لو أدركت أنها مواجهة شاملة بين الإيمان والكفر لاختلف الأمر..

لو أنها توضأت لقبلت صلاتها..!!

نعم.. لم تقم ثورة 23 يوليو.. و أي ثورة لا تضع في حسبانها شمول المعركة وهيمنة العقيدة إنما هي صلاة.. لكن بغير وضوء..

***