الأحد، 31 أكتوبر 2021

عسكرة السياسة وسياسة العسكر

 عسكرة السياسة وسياسة العسكر

ماجد الأنصاري

بعد شهور من التوتر والتجاذب السياسي والمحاولات الانقلابية سقط أول قتيل في مظاهرة سلمية في السودان تطالب برحيل العسكر، بدا المشهد وكأنه لمحة من الماضي القريب البعيد، انقلاب عسكري تواجهه مظاهرات سلمية يعترضها السلاح، فيسقط القتلى وينتهي حلم المرحلة الانتقالية ليبدأ كابوس حكم انقلابي عسكري جديد.


لا شك أن الوضع من التعقيد بمكان في السودان لا يسمح معه لتقييم سطحي لما يحدث، ولكن الحقيقة التي لا يغطيها غربال هي أن القيادة العسكرية أطاحت بالحكومة المدنية في غياب أي تفاهم دستوري أو شرعية انتقالية، وبغض النظر عن تقييم أداء الحكومة المدنية أو المواقف الشعبية منها فإن الشعب السوداني حين خرج ضد نظام البشير كان نداؤه الإطاحة بالسياسي العسكري، واليوم تعود البدلة العسكرية إلى الحكم وقد استبدلت من بداخلها.


ليست المشكلة في أن يكون الساسة من خلفية عسكرية، العديد من القادة حتى في الدول الديمقراطية العتيدة ارتدوا اللباس العسكري وتدرجوا في الرتب ولكن آخر عهدهم بنياشينهم كان تحولهم نحو السياسة، فمن مبادئ الدولة الحديثة أن القيادة السياسية بصبغتها المدنية هي المرجعية حتى في القرار العسكري، ولو تساءل أحدهم ما الفرق فالإجابة بسيطة، العسكري مدرب على الطاعة العمياء والحلول الحاسمة بينما ساحة السياسة هي مكان للحوار المجتمعي المنفتح والحلول التوافقية، الثقافة العسكرية مكانها ميدان المعركة الذي لا يحتمل إلا هذه المبادئ ولكنها في عالم السياسة تصنع أنظمة شمولية تتعامل مع المخالف سياسياً تماماً كما تتعامل مع العدو في الميدان أو على أقل تقدير الجندي عند عصيانه للأوامر.


السودان يشهد اليوم انقلاباً جديداً وهو الذي لم يعدم الانقلابات التي يقودها الجيش سابقاً، فمنذ انقلاب عبود عام 1958 ومروراً بانقلاب النميري 1969 وانتهاءً بانقلاب البشير عام 1989 أنشأت الانقلابات العسكرية أنظمة متشابهة في المضمون مختلفة في الرايات، اتفقت على العنف والفساد واختلفت على الشعارات اليسارية والإسلامية.


ما زال الوقت مبكراً للحديث عن نظام جديد شكله هذا الانقلاب الأخير، وما زالت الفرصة سانحة لتحول في المشهد، ولكن البدلة العسكرية قلما تسمح لساكنها أن يغادر قصر الحكم إلا محمولاً في نعشه أو إلى سجنه، الشعوب العربية يبدو أنها لا تخرج من دوامة المراحل الانتقالية الفاشلة ثم الحكم الشمولي العنيف، خيراً نرجو لسودان الطيبة والأمل وأهله.

 

(عن صحيفة الشرق القطرية)

واغدراه.. واغدراه..

 واغدراه.. واغدراه..


محمد علي يوسف

ما إن سمع الناس ذلك الأعرابي يصيح بتلك الكلمات في وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى كادوا أن يفتكوا به
أقبل الجمع إليه يزجرونه بشدة قائلين : قاتلك الله أيغدر رسول الله صلى الله عليه و سلم!
أما تسمع تلك الكلمات التي يقولها رسول الله
ها هو يحادثك بسكينة وروية قائلا : يا عبدَ اللَّهِ ، إنَّا قد ابتَعنا منكَ جزورًا بوَسقٍ من تمرِ الذَّخرةِ ، فالتَمسناهُ ، فلَم نَجِدْهُ
كلمات هادئة مقنعة قالها الحبيب صلى الله عليه و سلم لذلك الأعرابي الذي كان قد باعه جزورا بذلك الوزن من التمر
المشكلة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجد لديه ما يكمل ذلك الوزن فأراد أن يعوض الأعرابي بشىء آخر يملكه
لكن الأعرابي لم يمهله
بل صاح فورا و بغلظة الأعراب: واغدراه .... واغدراه!!
الرجل لا يكاد يسمع و القوم يحتدون عليه يحاولون إسكاته عن التلفظ بتلك الكلمات القاسية
والأعرابي يزداد إصررا مرددا : واغدراه واغدراه
"دعوهُ ، فإنَّ لِصاحبِ الحقِّ مقالًا"
هكذا وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم أصحابه الغاضبين مبينا لهم تلك القاعدة العظيمة
إن لصاحب الحق مقالا
ثم أعاد النبي صلى الله عليه و سلم توجيه الخطاب مرة أخرى للأعرابي قائلا : يا عبدَ اللَّهِ إنَّا ابتَعنا منكَ جزورَكَ ونحنُ نظنُّ أنَّ عندَنا ما سمَّينا لَكَ ، فالتَمسناهُ ، فلم نَجِدْه
تأمل حلمه و صبره و هو يفسر للأعرابي ما حدث و كيف يبين له أن الأمر ليس غدرا و لكنه ظن أن لديه التمر ثم فوجىء بعدم وجوده
لكن لا فائدة
الأعرابي لا يفقه ولا ينفك عن ترداد كلماته القاسية و رسول الله يكرر نهيه لأصحابه عن زجره قائلا :دعوهُ ، فإنَّ لِصاحبِ الحقِّ مقالًا
فلمَّا رآهُ لا يفقَهُ عنهُ ، قالَ لرجلٍ مِن أصحابِهِ: اذهب إلى خُوَيْلةَ بنتِ حَكيمِ بنِ أميَّةَ ، فقل لَها: رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ يقولُ لَكِ: إن كانَ عندَكِ وَسقٌ من تمرِ الذَّخرةِ ، فأسلِفيناهُ حتَّى نؤدِّيَهُ إليكِ إن شاءَ اللَّهُ. فذَهَبَ إليها الرَّجلُ ، ثمَّ رجعَ ، فقالَ: قالت: نعَم ، هوَ عِندي يا رسولَ اللَّهِ ، فابعَث من يقبضُهُ ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ للرَّجلِ: اذهب بِهِ ، فأوفِهِ الَّذي لَهُ قالَ: فذَهَبَ بِهِ ، فأوفاهُ الَّذي له
و بالفعل تقاضى الرجل وسق التمر ثم مر برسول الله في طريق عودته فما إن رآه حتى صاح قائلا: جزاك الله خيرا قد أوفيت و أطيبت
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أولئِكَ خيارُ عبادِ اللَّهِ عندَ اللَّهِ يومَ القيامةِ الموفونَ المطيِّبونَ
تأمل كيف تعامل رسول الله مع الأعرابي بمقتضى حاله و باعتبار مستوى إدراكه والأهم أن تتأمل كيف قدر مشاعر صاحب الحق و كيف علم الصحابة تلك القيمة العظيمة
إن صاحب الحق ينبغي أن يقدر و أن يُعتبر شعوره ويُعنى بإحساسه
و رغم أن النبي صلى الله عليه و سلم معذور فهو لم يكن يعلم أن التمر لا يكفي إلا أنه لم يصر على أن يعطيه شيئا بديلا بل آثر أن يؤدي ما أراده الأعرابي و ما رآه حقا له فكسب بذلك قلبه و علم الأمة درسا في الوفاء وحسن التعامل مع الخلق اقتداء بسيدهم سيد الخلق
الفصل الخامس من كتاب مع حبيبي

فوق السلطة 257

 برنامج: فوق السلطة


نجوم في هوليود يقاطعون الاستحمام


تناولت حلقة (2021/10/29) من برنامج “فوق السلطة” تاريخ الاستحمام في أوروبا، حيث كان يعد بمثابة الكفر كما يقول المؤرخ الفرنسي دريبار الذي عبر عن امتنانه للعرب بسبب تعليمهم الحفاظ على نظافة أجسادهم.

ويضيف المؤرخ الفرنسي أن العرب (ويقصد بهم المسلمين) كانوا عكس الأوروبيين الذين لا يغيرون ثيابهم إلا بعد أن تتسخ وتفوح منها روائح كريهة، ويؤكد أن كنائس أوروبا كانت تنظر للاستحمام كأداء كفر وخطيئة.

وبعد أن تحول الاستحمام إلى أمر عالمي، لا يزال البعض يحن إلى الروائح الكريهة للجسد، والغريب في الأمر أن نجوما من مشاهير هوليود من بين هؤلاء، حيث أكد الممثل الأميركي "أشتون كوتشر" وزوجته النجمة "ميلا كونيس" -خلال مقابلة تلفزيونية- ندرة استحمامهما، وأن أطفالهما أيضا لا يستحمون إلا إذا ظهرت الأوساخ على أجسادهم.

بدورها، قالت الممثلة الأميركية كريستين بيل إنها تنتظر الروائح الكريهة من أطفالها لتدعوهم للاستحمام، فيما أيد نجوم هوليود "براد بيت" فكرة عدم الاستحمام، وزعم الحارس الشخصي للمثلة الأميركية "جوليا روبرتس" أنها تؤيد عادة الاستحمام النادر.

كما تناولت الحلقة المواضيع التالية؛ فتيات لبنان يتعلمن الفنون القتالية الجسدية للدفاع عن النفس. في العراق سرقة المقابر لا تفرق بين المسلمين والمسيحيين. تشريع برلماني في كوريا الجنوبية يمنح الحيوانات صفة قانونية. عرس افتراضي لفتاة تركية مصابة بمتلازمة داون يحقق حلمها.

مرحبا بكم في دولة البيادة

 مرحبا بكم في دولة البيادة

سيلين سارى

السيسي يضاعف قرض البنوك الإماراتية إلى 2 مليار دولار
ويتولى بنك«أبو ظبى الأول» ترتيب التسهيلات الائتمانية لمدة عام فقط
ويأتي القرض لتغطية ارتفاع نفقات الدولة ما أدى إلى إضافة أعباء لم يكن مخططاً لها على موازنة الدولة.
كده انتهى الخبر نحاول نحلل ببساطة الكارثة اللي فاتت
_قرض 2مليار لمدة سنة في ظل دولة لغايت الان لم تستطع وضع خطة لمواجهة الاعباء الاقتصادية لفيروس كورونا اللي معانا بقاله سنتين تفتكروا خلال سنه هتعرف تنجح في اللي فشلت فيه من سنتين؟
الاجابة اكيد لا طيب ولما ما تقدرش تسد القرض الحل ايه طبعا الحل جوة الصندوق(السيادي) والله اعلم السيسي هيمد ايده يطلع ايه يديه للامارات مقابل القرض ده
-بيقولك القرض لتغطية ارتفاع نفقات الدول! ارتفاع نفقاتها في ايه حضرتك؟
اكيد مش في التعليم اللي عنده عجز بالمدرسين وبيطلب متطوعيين بلا اجر
اكيد مش بقطاع الصحة اللي بتتباع مستسفياته الحكومية واللي باقي منها تقريبا عايش على الجهود الاهلية والشحاته بطلب التبرعات
مش الصناعة لانهم باعو المصانع
مش في الزراعة لانهم باعوا النيل واخذوا المزارع النموذجية والجيش هيحولها عقارات
نفقات الدولة
زادت بسبب قصور الدولة الجديدة
زادت بسبب الطائرات الخاصة
زادت بسبب مشروعات السبوبة المتمثلة في الكباري
النقطة الاخطر (انخفاض مواردها نتيجة تأجيل بعض الضرائب وتأثر الحصيلة الجمركية فضلاً عن تراجع إيرادات السياحة وتحويلات العاملين فى الخارج، ) الحكومة بتعترف ان موارد الدولة قائمة على الضرائب والجمارك وتحويلات العاملين بالخارج
يعني الشعب هو اللي بيأكلهم وهو جعان ومعيشهم في قصور وهو عايش في الشوارع والعشوئيات
وبيعلم اولادهم بالمدارس والجامعات الخاصة ومدارسه فيها عجز مدرسين واولاده مش لاقين مكان جوه فصل اشبه بعلبة السردين
اما الحصيلة الجمركية فلازم تقل لان السيسي ما ترك رجل اعمال ناجح الا واخد فلوسه وسجنه بحجه انه اخوان
دول العالم بتصنف على انها اما دول زراعية او صناعية او تجارية
انما البلد اللي معتمدة على الجباية دي تسمى دولة ايه؟
طيب فكروا برة الصندوق السيادي شوية لما يخلص اللي جواه من كنوز سيسي بابا العصابةالتي لا تستحق واشترت ممن لا يملك هتخليكم انتم كشعب في ممتلكاتها تهبب بيكم ايه؟ هتروحوا فين؟
هيعمل فيكم ايه؟
مرحبا بكم في دولة البيادة

انهيار الفضيلة في المجتمع المصريّ.. الأسباب والعلاج

 انهيار الفضيلة في المجتمع المصريّ.. الأسباب والعلاج

الدكتور عطيّة عدلان
عضو رابطة علماء أهل السنّة ومدير مركز محكمات للبحوث والدراسات

الحمد لله .. والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد ..

باستثناء وَمَضَاتٍ قليلة وسريعة وخاطفة؛ لم أجد في السنوات الأخيرة من تحدث عن ظاهرة الانهيار الأخلاقي في المجتمع المصريّ فَرَدَّها إلى أسبابها الأكثرِ عمقًا و الأبعدِ أثرًا؛ لذلك سيكون شاقًّا ومُكْلِفًا وُلُوجُ هذه المنطقةِ الشَّائكة المعقدة، وستبلغ المعاناة منتهاها إذا انتقلنا من الوقوف على الأسباب إلى التعرض للعلاج ووصف الدواء، هذا كله في التنظير فقط ممن لم يَعُدْ يملك – لأسباب لا يملكها – إلا التنظير والتأطير؛ فكيف سيكون حال من سيعاني العمل والتطبيق والتنفيذ؟ لا ريب أنّ أجره أعظم وأنّ ثوابه أكمل وأشمل، ومِنَ الله وحده نَلْتَمس الأجر؛ منّةً منه وفضلا، كما نلتمس العون والتفيق والسداد.

وليس يخفى على أحد مُنْشَغِلٍ بالشأن المصري ومتابع للأحداث اليومية ما آلت إليه الحالة الأخلاقية داخل المجتمع المصريّ؛ فحالات القتل والاختطاف والبلطجة والاغتصاب والنهب والاحتيال – ناهيك عَمّا تموج به الأسواق والحارات والطرق والمواصلات من حالات تحرش وسوء أدب – كل هذه الحالات لشدة انتشارها وفرط تَبَدِّيها صارت أمورا اعتيادية لا تثير في الناس استهجانا ولا تبعث فيهم استنكارا؛ فلطالما عايشوا أحداثا من هذه النوع وألفوا وقوعها ولم يعد يزعجهم سريانها وانتشارها، حتى صار قتل الزوج لزوجته وقتل الزوجة لزوجها من ضمن الجرائم اليومية المعتادة!!
ومن المؤكد أنّ الإلحاد الذي أطل برأسه من شاشات الميديا سافرا ساخرا لم يصل إلى هذه المرحلة إلا بعد مروره على جسر كبير مما وصفه العلماء بأنّه “بريد الكفر” عندما قالوا: “المعاصي بريد الكفر كما أنّ الحمى بريد الموت”، أمّا ما وصلت إليه الميديا والأوساط الفنية من انحطاط خلقي وتفسخ وانحلال، وما بلغه الإعلام من إسفاف بلغ من الانحدار مبلغا لا يصل إليه ساقط فوق رأسه في قاع الهاوية السحيقة، عن هذا حَدِّثْ ولا حرج؛ لأنّك مهما تحدثت فأسهبت وأطنبت وركبت متن المبالغة والتهويل لن تستطيع تصوير الواقع العفن كما هو عليه من الكذب والنفاق والتزوير والدياثة والدناءة وانحطاط الهمة.

فما هي الأسباب؟ أهو الجهل ينخر في الهيكل الأخلاقيّ كما ينخر السوس في أعمدة الخيمة؟ 
أم إنّ سوء التربية وافتقاد مناهج البناء الصحيحة أدّى إلى ذلك ومُرَشَّحٌ أن يؤدي إلى المزيد؟ 
أمْ إنّه الدور الدنيء للإعلام الرديء في التسهيل والتذليل للرذائل، وفي التضييق والتعويق للقيم والفضائل؟ 
أم إنّها الحملات المتتابعة للغزو الخارجيّ بالشبهات والشهوات؟ 
أم إنّ تغييب الدور العلمائي بالاعتقال والتهجير والخنق والتضييق أدى إلى انزواء الدعوة وأيلولة العمل الوعظي والتربويّ إلى نشاط وظيفي مُسَيَّس؛ فانطفأت جَذْوَة التأثير بعد أن كانت مُتَّقِدة، إم إنّ تلك الأسباب كلها اجتمعت على صناعة المأساة؛ فكان لكل سبب منها نصيب لا يزاحم عليه وحظ لا يذاد عنه؟

الواقع أنّ هذه الأسباب كلها مع غيرها مما يمكن أن يكون قد غاب عنّا في هذا الاستقصاء لم تكن لتؤثر هذا التأثير الخطير لولا ذلك السبب المحوري الذي يمثل قطبا جاذبا ونقطة ارتكاز جوهرية تدور حولها جميع الأسباب سواء منها ما ذكرنا أو ما لم نذكر، ألا وهو النظام الحاكم، النظام الذي وجد نفسه متحكما في مصير بلد كبير بحجم مصر وهو خالي الوفاض من كل قيمة ومن كل مبدأ ومن كل فضيلة ومن كل مؤهل للحكم والقيادة، النظام الذي لم يأت ليحكم إنَّما جاء لِيَحْرِقَ ويُغْرِقَ.

إنّ المتتبع لتصرفات هذا النظام والمستقرئ لسلوكياته يَتَبَيَّنُ له بيقين أنّه يأخذ البلاد إلى حريق هائل أو إلى غرق لا يبقى فيها قائم ولا مائل، فعلى الرغم من أنّ السيسي يقوم ب”تستيف” مراكز القوى حول شخصه ليدوم حكمه وتترسخ أركان عرشه؛ إلا أنّ الخطة التي أتت به شيء مختلف عن طموحاته وأحلامه وترتيباته الشخصية التي تجدف بعبثية بالغة ضد التيار القويّ الذي يحمله مع أحلامه فوق ثبج الطوفان الجارف الذاهب بقوة وعنف إلى الهاوية السحيقة.

إنّ هذا الحكم الذي أتى في سياق الانقلاب على ثورة الشعب المصريّ؛ فأطاح بكل أحلام الجيل، قتل الطموح وأحيا اليأس والقنوط، وبعث من تحت التراب روح الهزيمة، ونشر في الأجواء كل دواعي الانهيار النفسي والأخلاقي، وليس في حياة الخلق شيء يقتل الإنسانية داخل القبو البشريّ المتحرك بالقصور الذاتي إلا الشعور بالفشل واليأس من استعادة الأمل، هذه هي الحالة الشعورية التي تدور مع الحكم المستبد حيث دار، ويتولد منها ثم يدور معها في ذات الفلك النكد كل أسباب الانهيار الأخلاقيّ؛ ومن هنا كان واجبا على الأمة إقامة الدولة التي تحكم بشريعة الله وتمضي بالحياة على الصراط السويّ وفق منهج الله؛ لأنّه كما قيل: “إنّ الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن”.

لا سبيل إلى تدارك البلاد وإنقاذها من هذا المنحدر قبل أن تبلغ قاع الهاوية السحيقة إلا مواجهة هذا النظام مواجهةً واسعة ممتدة بعرض الجبهة كلها، دون أن تبقى ثغرة على خط المواجهة شاغرة أو ضعيفة، لا جدوى من محاولات العلاج الفردية البسيطة، إنّها كالبناء في طريق الطوفان العارم، وأَنَّى لأكواخ صغيرة متناثرة أن تثبت أمام طوفان أطاح بالعمائر والمدائن والحصون والقلاع، يجب أن تكون المواجهة على كل الأصعدة وبجميع الوسائل الممكنة، على الصعيد الدعوي التربويّ، وعلى الصعيد الشرعيّ العلميّ، وعلى الصعيد الثوريّ الحركيّ، وعلى الصعيد السياسي والحقوقيّ، وعلى صعيد المقاومة الشعبية المنشودة، والتي ينبغي الترتيب لها بصورة متدرجة عبر منهجية تتفق مع المشروع التغييري وتنبثق من الرؤية الثورية.

وليس هناك طريق غير هذا الطريق، فإن تأخرنا فسنعود إليه راغمين، وكل تبكير إلى سلوكه توفير للوقت والجهد وتسريع لعجلة التغيير، ويوم أن تدرك الأمة مطلبها وتبلغ غايتها وتحقق المقصد من سعيها؛ ستكتشف أنّ ما قدمته من تضحيات قليل جدا إذا قيس بما حققته من إنجازات ونجاحات غطت كل قصور وفشل مضى عليها، وسيكون لها الفخر أن استعادت ما ضاع منها بما في ذلك أحلامها وآمالها، وكما قيل: “عند الصباح يحمد القوم السري”.

أسرار الوحدة 8200

أسرار الوحدة 8200

تلقي الحلقة الضوء على الوحدة 8200 الاستخباراتية الإسرائيلية، وتكشف مهامها وخصوصيتها، وتغوص في أسرارها عبر شهادات وأسرار مثيرة وشيّقة.


 

كاريكاتير

 كاريكاتير 

العسكر والمرحلة الانتقالية

د. علاء اللقطة





السبت، 30 أكتوبر 2021

آية غيرتني

آية غيرتني

( حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِن فَضْلِهِ)


(وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ (59) التوبة) 

(حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله) 

د. رقيةالعلواني 

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمد الشاكرين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

القرآن الكريم على عكس ما قد يظنه البعض كتاب يعلم الإنسان أن يعيش متفائلًا، أن يعيش مقبلًا على الحياة بكل الأمل متيقنًا أن الغد يحمل أخبارًا سارة وأن العيش سيكون أفضل وأن اليوم ينبغي أن يكون أفضل من الأمس وأن الغد يحمل معه تباشير الأمل. 

هذه النظرة المتفائلة للحياة تجعل الإنسان يستقبل أحداث الحياة التي قد تعلوها في بعض الأحيان أشياء من الصعوبات والشدائد والمحن المعتادة التي هي لا تخرج عن طبيعة الحياة، الحياة لا يمكن أن تصفو بدون كدر لا يمكن أن تبقى على طبيعة واحدة، الحياة من طبيعتها إذا أردنا بالفعل أن نفهم طبيعتها، من طبيعتها أنها تحمل الكدر في ثنايا الصفاء والنقاء، أنها قد يعرض فيها للإنسان المرض وهو في كامل صحته وعافيته وقوته. 

السؤال كيف أستقبل تلك الأحداث بنفس متشائمة؟ بنفس مليئة بالإحباطات؟ بنفس لا ترى الغد إلا أنه يحمل الأسوأ؟

أم بنفس مطمئنة بنفس راغبة بالله سبحانه وتعالى متفائلة مقبلة عليه متيقنة أن الله سيكشف الضر والله سبحانه وتعالى منجز وعده للمؤمنين.  

تأملوا قول الله عز وجل في سورة التوبة (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ ﴿٥٨﴾ وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ ﴿٥٩﴾ التوبة) 

صحيح الآيات في سياق الحديث عن المنافقين في أثناء تقسيم الصدقات لكن العبرة في القرآن قاعدة: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. الآية في آخر كلماتها (وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ) وبداية الآية (وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ) أن أعيش الرضا أن أستشعر معنى الرضا عن قضاء الله سبحانه وتعالى وقدره هناك أحداث تمر بي كإنسان لا أملك حيالها شيئًا، لا أستطيع أن أغيّر مجرى الأحداث فيها، ليس لي فيها كسب. 

ما يتعلق بكسبي وعملي وأخذي بالأسباب هذا أمر لا غبار عليه ولكن لا ينبغي أن يتعارض مع حالة الرضا النفسي التي ينبغي أن تبقى في أعماق القلب مستقرة الرضا والتقبل لما يأتي به القضاء والقدر (وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ) يكفينا الله سبحانه وتعالى. 

واستشعار المؤمن بكفاية الله عز وجل له يعني الوثوق بما سيأتي به الله سبحانه وتعالى الوثوق بوعده، الوثوق بعطائه، الشعور أن ما أنا فيه الآن من نعم، نعم الله سبحانه وتعالى تكفيني وتدفع بي نحو الأمل وتستمطر رحمة الله عز وجل وتستجلب ذلك الرضا. الرضا عن الله سبحانه وتعالى في قضائه وقدره من أعظم ما تستجلب به الرحمة، من أعظم ما تستجلب به المغفرة من أعظم ما يستجلب به التفريج عن الكروب ورفع الضر عن الإنسان. 

هذه المعاني العظيمة تأملوها ونحن نقرأ هذه الآية (وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) تأملوا معي هنا (السين) في المستقبل القريب، تأملوا في ثقة الإنسان المؤمن لو أن هؤلاء المنافقين قالوا واستشعروا حالة الرضا التي ينبغي أن يكون عليها قلب المؤمن وهو مستقبل لما عند الله سبحانه وتعالى واثق يأن الله سيؤتيه من فضله، بأن الله سيعطيه أحسن، بأن الأيام القادمة ستكون أفضل. 

هذه النظرة التفاؤلية التي تصنعها في نفسي هذه الآية العظيمة وتأملوا في قوله (إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ) ولذلك في تفسير هذه الآية يقول بعض المفسرين من المعاصرين كذلك: لو أن العبد إذا أصابته ضائقة في رزق، في مرض، في همّ، نزل به غم من أكدار الحياة المعتادة قال (وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ) فإن الله سبحانه وتعالى يكشف عنه ما قد نزل به من ضرّ. 

وعلى قدر يقين الإنسان وإيمان الإنسان وثقة المؤمن بعطاء الله ورحمته على قدر ما يعطيه الله سبحانه وتعالى، إحسان الظن بالله، استشعار تلك النظرة التي تحمل الأمل، تحمل الطمع والرغبة بما عنده سبحانه فالرب عز وجل خزائنه ملأى عطاياه لا تنفد عطاياه مستمرة علينا، نعمه سبحانه وتعالى تنزل علينا بالليل والنهار إن أخذ شيئًا فلربما أراد أن يعطينا ما هو أفضل ولربما أراد بحكمته سبحانه وتعالى أن يشعرنا بعظمة النعم التي نمتلك حتى يتجدد الإحساس بتلك النعم. بعض النعم حين يبدأ الإنسان يعتاد عليها وتصبح وكأنها شيء مألوف في حياته تفقد الطعم العجيب الذي يجعل فعلًا النعمة تُستقبل بالرضى، تُستقبل بالراحة، بالسعادة، بالحمد والشكر للمنعم الواهب سبحانه وتعالى. هذه النعم ربي سبحانه وتعالى يعالج عباده بين الحين والآخر يعالج عباده لكي يدعوهم إليه من جديد لتتجدد معاني الرضا والرحمة في قلوبهم وفي نفوسهم من جديد ولذلك في كل ما ينزل بنا من حوادث الدهر حكمة لله سبحانه وتعالى. هذه المعاني العظيمة إذا استشعرها المؤمن عاش حالة الرضا، عاش حالة الرضا غير المشروط، لأن رضاي عن الله سبحانه وتعالى رضاي عن قضائه وقدره لا ينبغي أن يكون مشروطا بالنعم فإن أخذ سبحانه لسبب أو لآخر وهو مالك الملك وهو الملك وأنا العبد وهو الرب الخالق الرزاق الوهاب المنعم وأنا عبد لا أملك لأمر نفسي من شيء، هذه المعاني إذا حدثت ينبغي أن يكون الرضى عن الله سبحانه وتعالى متواصل في الرخاء وفي الشدة، في المرض وفي الصحة، في إقبال الدنيا وفي إدبارها، في الأخذ وفي العطاء، هذه المعاني تتجدد معي وأنا أقول وأدعو الله سبحانه وتعالى بهذا الدعاء العظيم (وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ)  

إبليس والصليب

إبليس والصليب

رفاعي سرور


سيكون رسم خطٍ مستقيمٍ يمثل صراط الله المستقيم، وخط يقطعه ليمثل كلمة
{لأقعدن} أي: لأقطعن.. ليكون الشكل النهائي: خطًّا يقطع خط وهو
الصليب..! الذي يمثل الصورة الرمزية لقعود إبليس للناس على صراط الله

سبحانه وتعالى

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول صلى الله عليه وسلم. ..وبعد،

تفسير العلاقة بين إبليس والصليب.. لا يكون إلا بفهم معنى الصليب..

الصليب وثن.. هذا ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم..

عن عَدِيّ بن حاتم، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب، فقال: »يا عدي.. اطرح هذا الوثن من عنقك!« قال: فطرحته، وانتهيت إليه وهو يقرأ في سورة براءة، فقرأ هذه الآية: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله} [التوبة: 31] قال: قلت: يا رسول الله، إنا لسنا نعبدهم! فقال: »أليس يُحرِّمُون ما أحل الله؛ فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله؛ فتحلونه؟!« قال: قلت: بلى. قال: »فتلك عبادتهم.(1)«

ومعنى الصليب -كشكل- يفسره قول الله عز وجل: {قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم} [الأعراف: 16] وهذا المعنى يكمن في العلاقة بين الصليب والصراط..

ونبدأ بهذا الحديث..

عن عبد الله، قال: (خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا خطًّا، فقال: »هذا سبيل الله«ثم خط عن يمين ذلك الخط وعن شماله خطوطًا، فقال: »هذه سُبل، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليها« ثم قرأ هذه الآية: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله} (2) [الأنعام: 153].

فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رسم خطًّا ليعبر عن معنى صراط الله المستقيم في تفسير هذه الآية.. فإن التعبير عن قول الله عز وجل: {قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم} [الأعراف: 16] سيكون رسم خطٍ مستقيمٍ يمثل صراط الله المستقيم، وخط يقطعه ليمثل كلمة {لأقعدن} أي: لأقطعن.. ليكون الشكل النهائي: خطًّا يقطع خط وهو الصليب..! الذي يمثل الصورة الرمزية لقعود إبليس للناس على صراط الله سبحانه وتعالى.

ولكن قطع إبليس لصراط الله المستقيم ليس له أثر على حقيقته عند الله، ولكن القطع أمرٌ متعلق بالبشر الذين أضلهم إبليس؛ ولذلك أثبت القرآن حقيقة الصراط بعد قَسَم إبليس بإضلال البشر؛ لتكون حقيقة الصراط بعد قسم إبليس هي عجزه عن إضلال عباد الله المخلصين، وإدخال الضالين من البشر إلى الجحيم: {وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون* فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين* فسجد الملائكة كلهم أجمعون* إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين* قال يا إبليس ما لك ألا تكون مع الساجدين* قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمإ مسنون* قال فاخرج منها فإنك رجيم* وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين* قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون* قال فإنك من المنظرين* إلى يوم الوقت المعلوم* قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين* إلا عبادك منهم المخلصين* قال هذا صراط علي مستقيم* إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين* وإن جهنم لموعدهم أجمعين* لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم} [الحجر: 28-44].

فيصبح الصليب رمزًا جوهريًّا لمن اتبع إبليس من الغاوين في جميع الوثنيات، ابتداءً بالفرعونية التي كان يُعبَّر فيها عن الصليب بمفتاح الحياة.. وانتهاءً بالنصرانية المحرَّفة التي تَعتبر هذا الرمز الفرعوني إرهاصة تاريخية للصليب الذي يعبدونه، حتى أطلقوا على صليبهم نفس اسم الصليب الفرعوني.. «مفتاح الحياة».

ومن الغريب حقًّا أن يعتبر النصارى أن هذا الشكل الفرعوني دليلًا على الجذور التاريخية للصليب (!!) دون أي حساسية من الوثنية الفرعونية الواضحة التي يكون الإله فيها هو (الجعران يلعب بروثه!) ويلبس الناس فيها على وجوههم أقنعة القطط والكلاب..!!

ولكن إبليس لم يتوقف بالصليب عند هذا الحد الرمزي، بل زاده وضوحًا، وذلك عندما قذف في عقول النصارى أن المكان الذي صُلب عليه المسيح -حسب بدعتهم- هو المكان الذي دُفن فيه آدم، ويسمونه (الجلجثة) وهي كلمة آرامية معناها: الجمجمة «أي: جمجمة آدم» وبذلك يؤكد إبليس على معنى الخط المقطوع، وهو الصراط الذي ترسمه حياة جميع الأنبياء، ابتداءً من آدم عليه السلام..

ومن هنا قال الإمام السيوطي: {صراط الذين أنعمت عليهم}: أي طريق الأنبياء، {غير المغضوب عليهم} قال: اليهود، {ولا الضالين} قال: النصارى.

ووسوسة إبليس إلى النصارى بفكرة «الجلجثة» تؤكد الدلالة المطلوبة من البدعة، وهي أن الصليب رمز لقطع صراط الله المستقيم؛ أي: طريق الأنبياء ابتداءً من آدم عليه السلام، ومن هنا أصبح الصليب عند إبليس هو الشكل المقابل لصراط الله بكل صفاته..

فكما ارتبطت عبادة الله بطلب الهداية إلى الصراط المستقيم كما في الفاتحة التي تقرأ في كل صلاة.. ارتبطت عبادة النصارى بالصليب دون التفكير في هذه العبادة التي لم ترد قطعًا عن المسيح في حياته؛ لأنه لم يكن -بحسب زعمهم- قد صُلب بعد..!

وبتفسير معنى الصليب يأتي الإحساس الشرعي الواجب تجاه هذا الشكل، حيث تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يترك في بيته شيئًا فيه تصليب إلا قضبه).

وكان بعض أئمة الإسلام إذا رأى صليبًا أغمض عينيه عنه، وقال: لا أستطيع أن أملأ عيني ممن سب إلهه ومعبوده بأقبح السب..!

عيسى والصليب

ولكن إثبات أن الصليب هو الشكل التعبيري عن قطع الصراط يمثل جانبًا من القضية.. أما الجانب الرئيسي فيها فهو إثبات العلاقة التناقضية بين شكل الصليب بمعناه وعيسى ابن مريم، الأمر الذي يتطلب تفسير العلاقة بين عيسى ابن مريم وحقيقة الصراط.

فالصراط هو الطريق المؤدي إلى الله.. وله معالم يهتدي بها السائرون فيه، وأهم هذه المعالم: رسل الله: {يس* والقرآن الحكيم* إنك لمن المرسلين* على صراط مستقيم} [يس: 1-4].

ومنهم محمد صلى الله عليه وسلم: {فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم} [الزخرف: 43].

ومنهم عيسى ابن مريم.. الذي كان له ارتباط خاص بحقيقة الصراط أثبته القرآن في عدة مواضع، منها قوله عز وجل: {ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون* ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون* وإن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم}[مريم: 34-36].

فجمعت الآيات قضية عيسى ابن مريم، وفي نهايتها جاء القول الفصل: {هذا صراط مستقيم}.. دليلًا على أن قضية عيسى عليه الصلاة والسلام هي من مضمون الصراط المستقيم.

وكذلك قال الله عز وجل على لسان عيسي عليه السلام: {إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم} [آل عمران: 51]، {إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم} [الزخرف: 64].

وكذلك كان الارتباط بين عيسى بن مريم والصراط من خلال حقيقة الآخرة: {وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم} [الزخرف: 61].

وفي هذه الآية جمع الله بين محمد صلى الله عليه وسلم وعيسى عليه السلام والصراط في آية واحدة: {وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم} [الزخرف: 61].

فكلمة: {واتبعون} تعود إلى محمد صلى الله عليه وسلم.. إثباتًا للارتباط بين محمد وعيسى عليهما السلام، ومعنى الصراط، باعتبار أن الآخرة هي منتهى الصراط.. وأن عيسى عليه السلام عَلَم على الساعة.. ودليل على قرب وقوعها.

واعتبار أن الصراط هو صراط الذين أنعم الله عليهم كما قال الله: {صراط الذين أنعمت عليهم} [الفاتحة: 7]، وأن الذين أنعم الله عليهم هم كما قال الله: {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا} [النساء: 69].

وبهذين الاعتبارين جاء تفسير الصراط: عن أبي العالية: (الصراط المستقيم.. رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه من بعده) قال عاصم: فقلت للحسن: إن أبا العالية يقول: (الصراط المستقيم.. رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه) قال: صدق ونصح، وكذلك روى الحاكم عن ابن عباس مثله.

ــــــــــــــــــ

(1) سنن الترمذي (3095).

 (2) مسند أحمد (4142).

الجمعة، 29 أكتوبر 2021

رسائل من قس ابن ساعدة إلى أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب الرسالة الحادية عشر

  من قس ابن ساعدة إلى أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب 

الرسالة الحادية عشر

بســـــــــــم اللــــــــــه الرحمــــــــــن الرحيــــــــــم

من عبدِ اللهِ قِس بن سَاعدة إلى أميرِ المُؤمنينَ عُمرَ بن الخَطابِ ،
سلام الله عليك ورحمته وبركاته وبعد 
:


بلغنِي يا مولايَ أنَّ رجُلاً جاءَكَ وقالَ لكَ : " 
يا أميرَ المُؤمنينَ لوْ أوصيتَ لابنكَ عبدِ اللهِ بالخلافَةِ من بعدِكَ فإنَّه أهلٌ لهَا "

فقلتَ : " 
قاتلكَ الله ، أُشهدُ اللهَ على مقتكَ ، كيف أوصي له بالخلافة وفي المسلمينَ من هو خيرٌ منه ! "

هكذا كانت الإمارةُ في عهدِكَ لا يتوَلاها خيِّرٌ وفي المُسلمينَ أخيرَ منه ، وإن الخِيَارَ عندكَ ليُعرفونَ بقربهم من اللهِ ..

أمَّا اليومَ ..!

فحكامُنا أراذِلنَا يَحجُّونَ للبيتِ الأبيضِ ، ويُقبّلونَ يدَ الرَّئيسِ الأسودِ ، ويَسعَونَ بينَ صَفا مَجلسِ الأمنِ ومروةَ هيئةِ الأمَمِ المُتَّحدةِ .!


أمَّا كيفَ يتبَادلُونَ السُّلطةَ فإننا وللهِ الحمدُ كالنَّملِ ، البعضُ منَّا يُولدُونَ أمراءَ ويمُوتُونَ مُلوكاً ، والبَعضُ الآخَرُ يُولدُونَ ويَموتُونَ رعيّةً .!

كمَا أننا وللهِ الحمدُ لم نكتفِ بتقليدِ حيَاةِ النَّملِ في شُؤونِنَا السَّياسيَّةِ فقط ، بلْ إننا نصطفُّ جيداً في طَوابير .!

طَابورٌ على بَابِ الدَّيوانِ يمسَحُ بلاطَ الوَالِي بمَاءِ وجهِهِ ، وطَابُورٌ يدفَعُ فَاتُورةَ المَاءِ والكَهربَاءِ ..

وطَابُورٌ على بَابِ المُستَشفى الحُكوميّ لا يجِدُ له سَريراً ، وحدَه الصَّفُ الأولُ في صَلاةِ الفَجرِ لا يكتمل .!


ويُؤسفني يا مَولايَ أن أُخبركَ أنَّه يُصادِفُ في هذه الأيام ذِكرَى النَّكسةِ ..

والنَّكسةُ هي 
هَزيمةُ ستَّة جُيوشٍ عَربيَّةٍ مُجتمعَةٍ أمَامَ " إسرائيل " ، ومَا كَانَ لكَثرةٍ أنْ تَنتَصِرَ تَحتَ رايَةٍ جَاهليَّةٍ مَهمَا كَانَ عدُوُّهَا حَقيراً .!

ورَغَم هَذا لم نتعلم مِن الدَّرسِ شيئاً ، ومَا زِلنَا نَحنُ نحن .!

نَبحثُ عن رايةٍ ، جَرَّبنَا الشُّيوعيَّةَ مرَّةً ، وجَرَّبنَا القَوميَّةَ مرَّةً ، واعتَصمنَا بالنِّيتُو مرَّةً ، وبأمرِيكَا مَرَّةً ، فَما زَادُونا إلا ذُلاً .!

فَماذَا تَقولُ لأمَّةٍ تَرَكَ فِيها نَبِيُّهَا رايَتَه السَّودَاءَ فَأبتْ إلا أنْ تَرفَع رايَةً بيْضَاءَ وتستسلم وتركع .!



وإنّي لأبَشِّركَ يَا مَولايَ أنَّ الخِرافَ فِي زَريبَةِ مَجلسِ الشَّعبِ السُّوريّ اكتمَلَ نِصَابُهم في الجَلسَةِ الأخِيرةِ ..

وقَدْ وقَفَ فِيهم مُسيلمَةُ الشَّامِ خطيباً يُخبرهُم أنَّ النَبِيّ صلى الله عليه وسلم لمْ يَقُمْ بِحرُوبِهِ لأجلِ الدَّمِ ولكن لحفظِ الرِّسَالة ، وأنَّه يُقاتِل الناس لذاتِ السَّببِ.!

وكَانَ ابنُ حَافِظِ النَّعجةِ قَابَ قَوسينِ أو أدنَى أن يُخبرهُم أنَّ جِبريلَ قدْ نَزلَ عليه ولو قَالهَا لصَفقُّوا له فالغِلمانُ في السِّيركِ يشتَدُّ تَصفيقُهُم كلَّما كانَ المُهرِّجُ أبلهاَ .!

وَسكتَ أحمدُ حسُّون كبيرُ كَهنةِ مسيلمة وحَاخَامه الأكبَر ، أمَّا البُوطِيّ الذي أضَلَّه اللهُ على عِلمٍ فمَا رأى في الشَّعبِ إلا حُثالةً ..

ولمَّا كانت الأمَّةُ في مَخَاضٍ أرادَ اللهُ أنْ يميزَ الخَبيثَ مِن الطَّيبِ !


وبمَا أنّ اليَومَ للبِشَاراتِ فأنِّي أُبشِّرُكَ أنَّنَا كالجَسدِ الوَاحدِ إذا اشتكَى منه عضْوٌ تدَاعَى له سَائِرُ الأعضَاءِ بالعُهْرِ والرَّقصِ !

فهَا هِيَ مَادُونَا تأتِي من بيتِ المَقدِسِ الذي تَسَلَّمتَ مَفاتيحه يومَ أتيتَ مَاشياً وغُلامُكَ راكبُ وفِي ثوبِكَ سبعَةَ عشَرَ رقعةٍ إلى " أبو ظبي " ورَقَصتْ حتّى مَطلعِ الفَجرِ .!

فَقد بلغَ حُكَّامَ المُسلمينَ أنَّ النَبِيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلّمَ لم يَقُلْ
 أخرِجُوا المُشركينَ من جَزيرةِ العَربِ بل قالَ أحضِرُوا الرَّاقصاتِ إلى جَزيرةِ العَربِ !

ومَا خَرجَ علينَا ضَاحِي خَلفانَ هذه المَرَة يُحدِّثُنا عن الأمِنِ القَوميِّ فالقَادِمُ من " إسرائيل " لا يُهدِّدُ الأمنَ القَومِيَّ والأخلاقِيَّ بعُرفِ شَارلُوك هُولمز العَرب !


أما في مِصرَ فقد نَجَا فِرعونُ ببدنِهِ لا ليكونَ لمن خَلفَه آيةً بل لينتظرَ الإفراج في ظلِّ قانونٍ يُطلقُ محكومَ المُؤبَّد إذا بلغَ الخامسة والثمانين التي سيبُلغها بعدَ ثلاثة أشهر !

وقد أعطُوا ابنَه علاء بَراءَةً وقَالُوا له : " 
سنَشُدُّ عضُدَكَ بأَخيكَ " ، جمال بَراءَةٌ أيضاً !

وتَفرَّقَ دَمُ الذينَ مَاتُوا في الثَّورةِ بينَ القَبائِلِ ولم تَعثُر المَحكمَةُ من بينِ ثُلَّةِ القَتلةِ على قاتلٍ واحدٍ يحمِلُ دمَهُم !

وأنتَ الذي قضيتَ بقتل رجلينِ تآمرا لقتلِ مُسلمٍ واحدٍ ..

فقيلَ لكَ : يا أميرَ المُؤمنينَ ، أتقتُلُ رجلينِ برجُلٍ ؟

فقلتَ : واللهِ لو أنَّ أهلَ صنعاءَ تآمرُوا على قتلِ مُسلمٍ واحدٍ لقتلتهم به 
!

هكذا هي الحُكَّامُ إما أن تجعلَ الرَّعيةَ غاليةً أو تجعلَ دمهَا بخساً !


هذِه بعضُ أخبارِ دولتكَ والبقيَّةُ تأتيكَ إن كانَ في العُمرِ بقيَّةٌ ، ولوقتِهَا قُبلاتِي ليديكَ وسَلامِي لصَاحبيكَ .





رسائل من قس ابن ساعدة إلى أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب الرّسالة العاشرة



رسائل من قس ابن ساعدة إلى أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب الرّسالة العاشرة

رسائل من قس ابن ساعدة
إلى أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب

 الرّسالة العاشرة 


بسم الله الرحمن الرحيم

من عبدِ اللهِ قِس بِن سَاعدة إلى أميرِ المُؤمنينَ عُمر بن الخَطابِ سَلامُ اللهِ عليكَ ورحمتُه وبركاتُه وبعد :


بلغَنِي يا مَولايَ أنَّ الهُرمزانَ وزيرَ فَارسَ لمَّا رآكَ نائماً تَحتَ شَجرةٍ بِلا جَهازِ مُخابراتٍ يَحرُسُكَ ، ولا أمنِ دَولةٍ يُظللكَ قَالَ قولتَه المَشهُورةَ : " حكمتَ فعدَلتَ فأمنتَ فنمتَ "

وَقدْ أطلقَهَا حَافِظُ إبراهِيمَ مِلءَ الكَونِ شِعراً :

فقالَ قولةَ حقٍّ أصبحــتْ مثلاَ

وأَصبحَ الجيلُ بعدَ الجيلِ يَرويهَا

أمنتَ لمَّا أقمتَ العــدلَ بينهُم

فنمتَ نومَ قريرِ العينِ هانيـها

لنْ أُحدثكَ يا مَولايَ عن حُكامنَا اليومَ فكُلُّهم مُجتمعينَ أرخَصُ عندِي من هذهِ الورقَة التي أكتبُ لكَ عليهَا ، والحَديثُ عنهُم بعدَ مُقدِّمةٍ كهذِه سيبدُو نوعاً منَ المُقَارنةِ ..

وإنَّهُم لخَسئوا أنْ يَجلسُوا فِي مُقارنةٍ عَلى طَرفِهَا الآخر أنتَ .! فإنَّ السَّيفَ ينقُصُ قَدره إنْ قيلَ إنَّ السَّيفَ أمضَى من العَصَا ..


سَبَقَ وأخبرتُكَ يَا مَولايَ أنَّ الجَامعةَ العربيّة دخَلتْ على الخَطِّ في سُوريَا وأنها على مَدى تَاريخِها لم تَضعْ يَدهَا في مُشكلةٍ إلا زَادتهَا تَعقيداً ، وقَدْ حدَثَ مَا كنتُ أخشَاهُ فعلاً .!

فقد اجتمعت الجَامعةُ على ضَلالةٍ كَعَادتِها و أرسلت شُهودَ الزُّورِ إلى هناك ، وإنّ نبيلَ العَربيّ قبلَ أن يُرسلهم أعطَاهُم مُحاضَرةً في غضِّ البَصرِ ، وأخبرهم أنه من راقبَ النَّاسَ ماتَ همّا .!


وبشّارُ الأسد تَعبَ من القَتلِ الفَرديّ فأعلنَ بِدايةَ موسِمِ الحَصادِ باكراً ، فهو يفجّر ويعلّقُ دمَاءَ النّاسِ على مِشجبِ القَاعدة .!

تَعبَ القَاتلُ ولكنَّ القَتيلَ لم يتعبْ .! ، فأحفادُ أبي بكرٍ مَا زَالُوا يَطلبُونَ الموت لتُوهبَ لهم الحَياة .!

والكل يخافُ من الحياة هناك .!


نصرُ اللهِ مَا زالَ على ضَلالِهِ القَديم يُسبَّحُ بحمدِ خَامنئِي ويرتَعدُ فَرَقاً مِن مِئذنةِ المَسجدِ العُمري .!

ومنبرُ المَسجدِ الأمويّ يقولُ لحسُّون : انظرْ تحتكَ ، وقفْ على رأسِكَ ،تماماَ حيثُ كانَ حفيدكَ عُمر بن عبدِ العَزيزِ يضَعُ قَدمَه ليخُطبَ في النَّاسِ بهديكَ :

مُنذُ متَى استعبدتُم الناسَ وقد ولدتهُم أمهاتُهُم أحرارا "

وإذ ذاكَ خَرجَ علينَا مِشعلُ عبرَ الجَزيرةِ يُحدِّثُنا عن الوفَاءِ لنظَامِ بشَّار الأسد المُقاوم .!

هَذا النِّظامُ المقَاومُ الذي له أرضٌ مُحتلة مُنذ أربعينَ عاماً لم يطلقْ طَلقةً واحدةً لاستعادَتِها ، وطَوالَ هذه المُدّة كانَ كالقَرعةِ تَتَحَالى بِشعرِ بنتِ أُختِها .!

مُتنَاسياً أنَّ رامِي مَخلوف قَدْ سبَقه وأعلنَ أنَّ نِظَامَ بشَّار جَارُ رضىً وضَرورةٌ مِن ضَروراتِ أمنِ إسرائِيل ..

هِيَ المَصالحُ فوقَ المَبادىء يا مَولايَ وقَد قَالوا قَديماً : من يأكلُ من خُبزِ السلطانِ يُحاربُ بسيفِه !

وبينَ القَاتِل والقَتيل يقفُ المَجلسُ الإنتقاليّ حِصَانُ طِروادةَ يَختبىءُ الغربُ داخِله ليضمنَ مصالحه حين تسقطُ ورقةُ التوتِ الأخيرة عن النظام !


أما في البلاد التي حطمت أصنامَها فقد وصَل الإسلاميونَ إلى السُّلطةِ وبقي الإسلامُ بعيداً كمَا كان .!

وسَارعَ الإسلاميون لطمأَنةِ الغَربِ بأنَّهم بديلٌ مقبولٌ ووسطي وفاهم للسياسةِ الدّوليةِ ولعبةِ المَصالحِ وحربِ التَّجاذباتِ فَرُقِّعت الدَّساتيرُ القديمة بما يُشبه الإستنساخَ وقيل :

إن الإسلامَ مصدر أساسيّ من مَصادرِ التَّشريعِ .! ، مُتناسينَ أن الإسلامَ لا يقبلُ شراكةَ أحدٍ في التَّشريعِ !

ولا أحدَ يعرفُ كيفَ يكونُ الإسلامُ مصدراً من مصَادرِ التَّشريعِ في ظِلِّ " من " التبعيضية هذه والربا قائم والحدود معطلة في أحسن الحالات ! وفي أسوئها يؤكد الغنوشي أن تعدد الزوجات ما زال حراماً كما كانَ زمن بن علي !

الإسلامُ لم يأتِ ليُعلِّمَ الناسَ الطب والهندسة والفلك وإن كان حثهم على إصلاح دُنياهم عن طريقِ إتقانِ هذه العُلوم .

الإسلامُ جاء ليقدم للناس نظاما فريداً في الحكم فلا يقبل الجمهوريات المدنية ، ولا الدكتاتوريات الجبرية ، ولا الملكيات التي يتوارث فيها أفراد العائلات الحاكمة رقاب الناس .!

إن أي نظام حكم غير نظام الخلافة هو محاولة سرقة الحكم باسم الإسلام .!

فالحكمُ في الإسلام هو عقدُ بيعةٍ بين الأمةِ والخَليفة تلتزمُ فيه الأمة بالسمع والطاعة في المنشط والمكره ويلتزم فيه ال***** برعاية مصالحها وت***ر شؤونها ضمن ما شرعه الله .!

فالدولة سلطة تنفيذية لا سلطة تشريعية .!

والحلال والحرام ليس شأنا بشريا يفتي فيه الناس أو تقره المجالس النيابية بفكرها البشري القاصر .!

بل هو نظام علوي متكامل يشمل كل مناحي الحياة الأسرية والإقتصادية والقضائية وينظم علاقة المسلمين افرادا ودولة بغير المسلمين أفرادا ودُولا كذلك على ال***** وأعوانه أن يطبقوه لا أن يلتفوا عليه!

هذه بعض أخبار دولتك يا مولاي والبقية تأتيك إن كان في العمر بقية ولوقتها قبلاتي ليديك وسلامي لصاحبيك .