السبت، 31 مارس 2018

روائع الطنطاوي (6)

روائع الطنطاوي (6)


العِبرةُ في الهزيمةِ أكبَرُ مِن العِبرةِ بالنَّصرِ.
[رجال من التاريخ (ص٣٦٣) - علي الطنطاوي]

حياةُ الأممِ كحياةِ الأفرادِ، فيها الصَّفاءُ وفيها الكدَرُ، وفيها الأعراسُ وفيها المآتِمُ.

[رجال من التاريخ (ص٣٦٣) - علي الطنطاوي]

جرَّبْتُ اللَّذائذَ كلَّها فما وجدتُ أمتَعَ مِن الخَلوةِ بكتابٍ.
فصول في الثقافة والأدب (ص١٧٩).

والمُدنُ كالنَّاسِ تُولَدُ وتموتُ، وتَشِبُّ وتَشيخُ، وتَعِزُّ وتَذِلُّ.
[ذكريات علي الطنطاوي ٣ / ٤٠].

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات: 10] أُخوَّةٌ ربطَتْ عُقدتَها يدُ اللهِ، فلن تحُلَّها يدُ البشَرِ.
[ذكريات علي الطنطاوي ٣ ١٧].

فما ذهبَتْ عزَّةُ الإيمانِ مِن نفوسِ المُسلِمينَ، ولكن خَبَتْ نارُها، فهي تحتاجُ إلى مَن ينفُخُ فيها.
[ذكريات علي الطنطاوي ٣ ١٥].

اللِّسانُ الصَّادقُ يصنَعُ ما لا يصنَعُ السِّنانُ الصَّائبُ، إن كان ينطِقُ عن إخلاصٍ للهِ ملَأَ قلبَه يُخاطِبُ أقوامًا ملَأَ الإيمانُ قلوبَهم.
[ذكريات علي الطنطاوي ٣١٥].



شجاعة العلماء



شجاعة العلماء


د.محمد عمارة
كانت جمعية "الاتحاد والترقي" التركية -ذات الأصول الماسونية- رأس الحربة العلمانية ضد الإسلام وشريعته في الدولة العثمانية.

وإبان انقلابها على السلطان عبد الحميد الثاني (1258- 1336 هـ، 1842- 1918م) قدمت العالم المسلم بديع الزمان سعيد النورسي (1294- 1379 هـ، 1877- 1960م) إلى المحاكمة العسكرية عام 1906م بتهمة الدعوة إلى الشريعة الإسلامية!

وفي هذه المحاكمة العجيبة قال رئيس المحكمة "خورشيد باشا" للنورسي، مستنكرا:

- وأنت أيضا كنت تدعو إلى الشريعة الإسلامية، وتطالب بها؟ أنظر، إن من يطالب بالشريعة يشنق هكذا، وأشار بيده إلى النافذة التي ظهرت من خلالها جثث العلماء المعلقة على أعواد المشانق!

فماذا كان جواب بديع الزمان النورسي، المكبل بالحديد والموضوع في القفص، وأمام عينيه جثث العلماءالمعلقة على أعواد المشانق؟!

لقد واجه جلاديه بدفاع شجاع ومجيد عن الإسلام وشريعته، قال فيه:

"إنني طالب علم، لذا فإنني أزن كل شيء بميزان الشريعة، والإسلام وحده هو ملتي، لذا فإني أقيم كل شيء من وجهة النظر الإسلامية.

إنني إذ أقف في عالم البرزخ الذي تدعونه "السجن" منتظرا قطار الآخرة في محطة "أعواد المشانق" ومنتقدا الأحوال الغادرة للمجتمع الإنساني، فإنني هنا لا أخاطبكم وحدكم، بل لعلي أخاطب بني الإنسان بأجمعهم، إنني متهيء وبكل شوق للرحيل إلى الآخرة، ومستعد لأن أرحل مع هؤلاء المشنوقين، فأنا في شوق إلى رؤية الآخرة، وعالمها العجيب، فإرسالي إليها لا يعد بالنسبة لي عقابا وتعذيبا!

إن هذه الحكومة في عهد الاستبداد كانت تعادي العقل، أما الآن في عهد دستور الاتحاد والترقي فإنها تعادي الحياة بأكملها، فإذا كان هذا هو شكل الحكومة ومنطقها، فليعش الجنون وليعش الموت ولتعش جهنم للظالمين، إنه لو كان فيّ ألف روح لكنت مستعدا للفداء بها في سبيل حقيقة شرعية واحدة، ذلك لأن الشريعة هي السبيل الوحيد للسعادة، وهي العدالة المحضة وهي الفضيلة.

وإذا كانت "المشروطية - الدستور" تعني مخالفة الشريعة، واستبداد جماعة معينة، فليشهد الثقلان أني رجعي! ذلك لأن الاتحاد القائم على الكذب كذب أيضا، والدستور القائم على أسس فاسدة دستور فاسد، والدستور الحق الذي له الدوام هو القائم على الحق والصدق والمحبة.

سوف أقول الحق فقط، ولن أجنب الحق أبدا، ذلك لأن مقام الحق سامٍ، ولن أضحي به، ولن يصرفني عن ذكر الحق لومة لائم.

وإذا كانت المدنية هي هذه التصرفات التي تمس الكرامة الإنسانية وتعتدي عليها، وهي هذه الافتراءات التي تؤدي إلى النفاق، وهي هذه الأفكار التي تغذي الحقد والانتقام، وهي هذه المغالطات الشيطانية والتحلل من الآداب الدينية، فليشهد الجميع أني أفضل حياة البداوة في قمم الجبال الشاهقة حيث الحرية، على موطن النفاق الذي تسمونه المدنية!".

هكذا واجه بديع الزمان النورسي جلاديه، ولقد شاء الله أن يعيش في تركيا حارسا للإيمان والشريعة الإسلامية، بينما ذهب جلادوه إلى مزبلة التاريخ! فكان ذلك درسا للمجاهدين.. وأيضا للجلادين!


كبرت يا أمي

كبرت يا أمي 


كبرت يا أمي .. وصرت أشبهك اكثر .. 
صرت أستيقظ باكرا .. 
وصرت أنام قبلهم .. 
صار الزحام يخنقني .. 
صار الكلام يرهقني .. 
كبرت يا أمي وصرت استطعم الشاي اكثر .. 
صرت أحب الأعشاب ورائحة العنبر .. .. 
كبرت يا أمي وصرت أقرأ كل شيء وحدي .. 
أبكي بصمت وحدي .. .. وحدي لوحدي واشتاق 
كبرت يا أمي وصار الجميع يرحلون. 
صار أصدقائي اقل بكثير .. 
صرت أحب الهدوء تخيلي .. 
ويتعبني الصخب جدا .. 
كبرت يا أمي وصار لا يهمني السهر .. 
صار يريحني مثلك البحر .. 
ما عدت تلك التي تنام لتحلم بذلك الفستان .. 
صار العالم يا أمي معقد .. 
والبساطة اصعب وأجلد ... 
صار الكل كالدمى .. وما عدت أعرف ألعب ..
صارت الحياة لا تشبه ما قلت .. .. ملونه بالكاد 
صار الشارع في الغالب "مزحوم" .. 
والكل يا أمي مهموم .. 
صرت يا أمي اشتاق لي اكثر .. 
اشتاق لبساطة الأيام في بيت جدي .. اشتاق الوقت هناك و "انت" .. 
اشتاق أنا ال "صغيرة" تلك .. 
اشتاق توبيخك العفوي الصادق اللين المبكي .. 
صارت الحياة يا أمي توبخني .. 
الأيام بلا عدل تعاتبني .. 
صار الكل يلوم من قريب .. .. .. من بعيد .. والعموم 
غاب الحب بلا مصلحة .. 
وصار الصلح مجاملة مكلفة .. 
كبرت يا أمي ووجدت اليوم "شيب" 
قد نال من شعري الداكن الذي تحبين .. 
آلذي كنت في الامس البعيد به تغنين وتلعبين 
كبرت جدا .. .. فلم يعد العالم هذا مشوق كما ظننت ..
كبرت يا أمي لأعرف أنني لا قدم صغير صغيرتك مهما كبرت وأن حضنك أنت لازال عالمي ... آخ ياأمي.

نزآر قبآني


الجمعة، 30 مارس 2018

فوق السلطة - وهّابية بطلب أميركي!


برنامج فوق السلطة - وهّابية بطلب أميركي!
تقديم :نزيه الأحدب




ما زالت المليشيات الحوثية الانقلابية تعتدي على الشرعية اليمنية وعلى الجارة الكبرى السعودية، رغم عاصفة الحزموأخواتها.. تابعتم أخبار استهداف الرياض بسبعة صواريخ باليستية، أدى أحدها إلى مقتل مقيم مصري وإصابة ثلاثة آخرين.
 
وفيما بدا كأنه إعلان عن تأسيس فرع ثالث لحزب البعث في الخليج العربي بعدالعراق وسوريا، أعلنت القيادة السعودية للتحالف العسكري في اليمن احتفاظها بحق الرد على إيران في المكان والزمان المناسبين.
 
ولأن قضية قطر صغيرة جدا.. لا بد من إقحامها في كل أزمة، مراسلة قناة العربية السعودية تسأل المتحدث العسكري العقيد تركي المالكي عن بصمات الدوحة في صواريخ صنعاء، فكاد العقيد ينصحها بأن تكون "ست بيت قد الدنيا.. شو بدك بالصحافة"؟
 
عندما تفشل حرب ضخمة في تحقيق أهدافها.. من يتحمل المسؤولية؟ حرب تأخرت في إنجاز غايتها ثلاث سنوات، لم تستوجب استقالة شرطي بلدية، بينما تابع العالم مؤخرا استقالة وزير بريطاني، لأنه تأخر بضع دقائق عن جلسة برلمانية.
 
آخر كلام عن نشر السعودية للتيار الوهابي في العقود الماضية أنه كان بطلب أميركي وتنفيذ "علمائي".
 
التشدد الوهابي كان بطلب أميركي أم نتيجة للاصطفاف المذهبي الذي أعقب الثورة الإيرانية.. ثورة إيرانية، أم ما كان يصفه الأمير بن سلمان بتغلغل صحوة الإخوان؟
 
إذن هل يفهم أن الدعوة الوهابية بمؤسساتها العريقة، وعلى رأسها هيئة كبار العلماء الأجلاء كانت مجرد منبر لخطط المخابرات الأميركية، في مواجهة المخابرات السوفياتية؟
 
الغريب أن هيئة كبار العلماء الأجلاء اتهمت قبل يومين قناة الجزيرة بأنها كانت وما زالت منبرا لدعاة الإرهاب.. وللمرء أن يسأل: هذه التغريدة تم تغريدها بطلب من أي جهاز استخبارات؟ وهل لدى الهيئة إجابات شافية لجمهورها عن أسباب تأخر النصر في اليمن؟
 
طلعوا مش بس الفراعنة كانوا يعملوا شوبينغ بالإمارات.. طالبان أيضا تتسوق في مولات دبي.. حسب صحيفة "واشنطن بوست"، التي ذكرت أن زعيم الحركة السابق الملا أختر منصور كان رايح جاي على دبي، لجمع التبرعات وتمويل طالبان.
 
على وقع أغنية "تسلم الأيادي" عبر مؤيدون للرئيس السيسي عن فرحتهم بمبايعته، وعند أبواب مراكز الاقتراع، كان الرقص سيد الموقف، وكادت تسلم الأيادي أن تتحول إلى تسلم الخواصر، وأمور أخرى.

الخميس، 29 مارس 2018

سيرة مختصرة لعلاقة ملتبسة: تركيا.. أمريكا وحزب العمال الكردستاني


سيرة مختصرة لعلاقة ملتبسة: تركيا.. أمريكا وحزب العمال الكردستاني

د.بشير موسي نافع

يبدو أن عملية "غصن الزيتون"، التركية ـ السورية، حققت بعد شهرين على انطلاقها، أهدافها العسكرية. 

بذلك، انتهت سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي، الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني، على منطقة عفرين، بالرغم من البلاغات عالية النبرة في مطلع العملية، أظهرت وحدات حماية الشعب التابعة للاتحاد الديمقراطي مقاومة متواضعة في قرى عفرين وبلداتها. 

وما إن اقتربت القوات التركية وقوات الجيش السوري الحر من مشارف عفرين، حتى ذابت عناصر الحزب المسلحة في جموع المدنيين وفرت من المدينة. 

القول بأن وحدات حماية الشعب انسحبت من المدينة حرصا على أرواح المدنيين، لا ينسجم وتاريخ الحزب وسلوكه، لا في عفرين ولا غيرها من مناطق الشمال السوري وجنوب شرقي تركيا. 

هذا حزب فاشي شق طريقه نحو الهيمنة، خلال ربع القرن الماضي، في مناطق الأغلبية الكردية من تركيا وسوريا، بقوة السلاح وسفك دماء الأكراد المعارضين له قبل الأتراك والعرب.

في تركيا، استباح حزب العمال الكردستاني دماء مواطنيه الأكراد من الإسلاميين، واغتال المدرسين وأصحاب المخابز والمخاتير ومالكي محطات الوقود، الذين لم يستجيبوا لتوجهاته، تماما كما أنه وضع السيارات المتفجرة في شوارع المدن التركية. 

وفي سوريا، اغتال حزب الاتحاد الديمقراطي، أو سجن أو هجر، منذ اندلاع الثورة السورية، قادة ونشطي القوى المنضوية في المجلس الوطني الكردي. 

وعندما أتاحت له الظروف السيطرة على قرى ومدن عربية، حيث عاش الأكراد والتركمان والعرب في جوار متداخل منذ عشرات السنين، لم يتورع الحزب عن تهجير السكان العرب والتركمان وطردهم. 

أهالي تل رفعت، الذين تظاهروا يوم الجمعة 23 آذار/ مارس، مطالبين تركيا والجيش السوري الحر بتحرير منطقتهم من وحدات الاتحاد الديمقراطي المسلحة، هجر منهم ما يزيد عن مائتي ألف مواطن بعد سيطرة الحزب على المنطقة في مطلع 2016، بمساعدة من نظام دمشق. 

هذا حزب لا يعني المدنيون له الكثير؛ وتكشف التحصينات التي أعدها في عفرين عن تخطيط مسبق للقتال في المدينة. ولكن سرعة انهيار دفاعات الحزب في جوار عفرين وريفها، أصاب عناصره في المدينة بالذعر، وأظهر، كما في عشرات المرات السابقة، عجز قادته في جبال قنديل عن إجراء تقدير صحيح للموقف. 

قبل خمسة أعوام، في 21 آذار/ مارس 2013، احتشد عشرات الآلاف من السكان في مدينة ديار بكر للاحتفال بعيد النوروز والاستماع لرسالة قائد حزب العمال الكردستاني، المسجون في جزيرة في بحر مرمرة، عبد الله أوجلان. 

حملت رسالة أوجلان، مؤسس العمال الكردستاني وزعيمه التاريخي، دعما صريحا لمشروع رئيس الحكومة آنذاك، طيب رجب طيب أردوغان، لحل نهائي للمسألة الكردية في تركيا. 

كانت الاتصالات بين حكومة أردوغان والحزب بدأت بصورة سرية منذ 2010، ولكن العمل الملموس على مشروع الحل انطلق في خريف 2012. 

وشهدت تركيا، بالفعل، وقفا لإطلاق النار في الصراع الدموي وباهظ التكاليف طوال الفترة من خريف 2012 إلى خريف 2014. 

وأخذت الحكومة سلسلة من الإجراءات، التي عبرت عن الاستجابة للحقوق المشروعة للأكراد، ووفرت تسهيلات لقادة حزب الشعوب الديمقراطية، الذراع السياسي لحزب العمال الكردستاني، سواء للاتصال بأوجلان أو مع قادة الحزب في جبال قنديل. 

وبدأت عملية تنمية اقتصادية غير مسبوقة لجنوب شرقي تركيا، تعهدتها أجهزة الدولة وكبريات شركات القطاع الخاص، على السواء. 

وانطلق حوار واسع النطاق، شارك فيه سياسيون وأكاديميون وقادة رأي، من أجل الإعداد لتعديلات قانونية ودستورية، تضع البلاد على طريق إنهاء الصراع والانتقال بالجمهورية التركية إلى دولة المواطنين.

في تشرين الأول/ أكتوبر 2014، فاجأ حزب العمال الكردستاني حكومة العدالة والتنمية بإثارة حركة تظاهر وهجمات شوارع دموية في جنوب شرقي البلاد للاحتجاج على حصار داعش لعين العرب/ كوباني السورية، سقط خلالها زهاء الأربعين قتيلا. 

في كانون الأول/ يناير 2015، قتل ثلاثة من الجنود الأتراك على يد مسلحي الحزب. 

وفي تموز/ يوليو 2015، أعلن الحزب نهاية العملية السلمية وانسحابه كلية من الشراكة مع الحكومة التركية للتوصل إلى حل للمسألة الكردية. 

خلال الشهور القليلة التالية، اكتشفت أجهزة الأمن التركية أن الحزب مارس سياسة خداع منهجية للدولة طوال ما يزيد عن عامين من التهدئة. 

بدلا من أن يسحب السلاح والمجموعات المسلحة من البلاد، طبقا للاتفاق مع الحكومة التركية، كان الحزب في الحقيقة يعيد بناء خلاياه المسلحة ويكدس السلاح والمتفجرات في كافة أنحاء تركيا. 

وبين أيلول/ سبتمبر 2015 وآذار/ مارس 2016، خاض الحزب حربا حقيقية في شوارع مدن الأغلبية الكردية، لا سيما نصيبين وجزره (جزيرة ابن عمر) ومدينة ديار بكر القديمة، ضد الدولة التركية، أطلق عليها اسم "انتفاضة الخنادق والتحصينات". 

أوقعت حرب المدن تلك خسائر فادحة بالأحياء والسكان، كما بقوات الأمن والجندرمة التركية.

فما الذي حدث لتنتقل تركيا، بتلك الصورة المفاجئة، من مبادرة تسوية تاريخية إلى ما يشبه الحرب الأهلية؟

صنع مناخ الحل والتهدئة متغيرين رئيسيين في مناطق الأغلبية الكردية: حالة من الازدهار الاقتصادي المتسارع، وبروز قادة حزب الشعوب الديمقراطية كزعماء مؤهلين للحديث باسم الحركة القومية الكردية. 

كلا المتغيرين لم يبعث على اطمئنان قادة العمال الكردستاني في جبال قنديل، الذين خشوا من أن حل المسألة الكردية سيؤدي في النهاية إلى خسارة الحزب للمتعاطفين معه، وتهميش قيادة الحزب لصالح حزب الشعوب وقادته. 

ولكن متغيرا آخر في الجنوب السوري لم يقل أثراً على حسابات قادة العمال الكردستاني في جبال قنديل. 

وقدم الأمريكيون دعما كبيرا لمسلحي الحزب في سوريا منذ بداية معركة عين العرب/ كوباني؛ ومع الإعلان عن تحرير المدينة من سيطرة داعش في كانون الثاني/ يناير 2015، كان ضباط القيادة المركزية الأمريكية، بتأييد من إدارة أوباما، قد استقروا على خيار التحالف مع حزب الاتحاد الديمقراطي. 

واستخدام قوات حماية الشعب بديلا عن المشاة الأمريكيين، سواء في المعركة ضد داعش أو لتعزيز النفوذ الأمريكي في شرق سوريا، وحرمان الإيرانيين من تأمين ممر استراتيجي يصل إلى ساحل المتوسط. 

ولم تكن العلاقة المستجدة مع الأمريكيين وحدها من أوقع قيادة العمال الكردستاني في حساباتهم الخاطئة. ولكن الحزب أخطأ أيضا قراءة نتائج انتخابات حزيران/ يونيو 2014، التي خسر فيها حزب العدالة والتنمية أغلبيته البرلمانية المطلقة للمرة الأولى منذ 2002، وحسب أن أحمد داوود أغلو، رئيس الحكومة، أصبح من الضعف بحيث يسهل الضغط عليه. 

خلال الشهور القليلة التالية، ظهر خطأ حسابات قادة قنديل كما لم يظهر قط من قبل. 

أخذ داوود أغلو قرارا سريعا بمواجهة تمرد الخنادق والتحصينات بالقوة، تراجعت شعبية حزب الشعوب الديمقراطية بصورة كبيرة، واستعاد العدالة والتنمية أغلبيته في انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر الطارئة. 

ولكن قيادة العمال الكردستاني لم تتعلم الدرس، وظنت أن تحالف فروعها السورية مع الولايات المتحدة سيساعد الحزب على تلافي خسائره التركية. 

ما فاقم من السكرة كان نجاح حزب الاتحاد الديمقراطي في السيطرة على منبج، تل رفعت، والرقة، التي هي جميعا مناطق أغلبية عربية. 

ليس من المتوقع أن يصحو قادة العمال الكردستاني سريعا من سكرتهم. فبالرغم من خيبة آمالهم الأمريكية في عفرين، يبدو أنهم مستمرون في الاعتقاد بأن الحلفاء الأمريكيين سيوفرون حماية لهم في منبج وتل رفعت والرقة وعين العرب. 

الذي اعتاد خطأ التقدير يصعب عليه غالبا تمييز الخطأ من الصواب. ثمة مسألة كردية في المشرق، بلا شك، تماما كما أن هناك مسألة فلسطينية، وأخرى سورية وثالثة عراقية. 

بعد مئة عام على ولادته، لم تزل شعوب المشرق تناضل من أجل التحرر من ميراث نظام ما بعد الحرب الأولى الإقليمي. 

ولكن المؤكد أن حزب العمال الكردستاني ليس مؤهلاً لقيادة المسألة الكردية إلى بر الأمان.

الانتخابات فعلَ اغتصاب وانتقام

الانتخابات فعلَ اغتصاب وانتقام

 وائل قنديل
حدث ذلك كله تحت بصر العالم وسمعه، العالم الذي عرف الانتخابات بوصفها فعلاً لممارسة الاختيار الحر، لكنها في مصر باتت فعل اغتصاب للحرية وكسرٍ للإرادة. 
ومع ذلك ستجد زعماء هذا العالم الديمقراطي الحر يرسلون برقيات التهنئة للمغتصب، ويستقبلونه باعتباره رئيساً منتخباً، ذلك أنهم جميعاً حطموا مسطرة المعايير الديمقراطية والإنسانية، في مقابل حفنة مليارات من الدولارات، يدفعها الطاغية في صفقة طائرات للاستعراض، أو أدواتٍ للتعذيب، وسحق إرادة الجماهير.
لا تشغل نفسك كثيرا بسؤال كم عدد الذين ذهبوا، بل الواجب والأكثر منطقيةً أن يكون السؤال هو لماذا وكيف ذهبوا إلى مراكز ما تسمى تجاوزا مراكز الاقتراع.
ولا تتوقف عند ما يعلنونه من أرقام، ذلك أنه لم تكن هناك انتخاباتٌ من الأصل، بل كانت ساحةً للأكاذيب والأوهام، على مرأى ومسمع من العالم، أظهرت أن في مصر سلطة تمارس على الناس التعذيب بصناديق الاقتراع، كما مارسته وتمارسه بأدوات القمع والقهر في مراكز الاعتقال، وتمعن في احتقار الجماهير، ولا ترى فيهم سوى حطبٍ لمحرقة، أرادوا بها التخلص نهائياً من آثار ثورة يناير.
نعم، كانت انتخاباتهم رقصة جديدة فوق جثة الثورة التي يحتقرونها ويناصبونها العداء، ويريدون محوها من الوجود، تاريخاً وجغرافيا.
بالتزامن مع انتشار الجيش حول لجان الاقتراع، صدر آخر أحكام البراءة في الجرائم المرتكبة ضد ثورة يناير، وهو حكم إسقاط العقوبة المالية المفروضة على حسني مبارك، ورئيس وزرائه ووزير داخليته، في قضية قطع الاتصالات بجميع أنواعها، صباح جمعة الغضب في 28 يناير/ كانون الثاني 2011، حيث رأت المحكمة أن قرار قطع الاتصالات جاء حفاظا على الأمن القومي للبلاد، ومنعا لوقوع أي جرائم إرهابية، تزامنا مع أحداث التظاهر التي كانت تشهدها البلاد في ذلك الحين.
كانت ثورة يناير حاضرة، أيضاً، في ذروة اشتعال هستيريا الجنرال السيسي، وبعد أيام فقط من إعلان ترشحه لفترة انتقامية جديدة من هذه الثورة "احذورا الكلام اللي اتعمل من 7 سنين مش هيتكرر تاني في مصر.. هو مش اللي ما نجحش في ساعتها هيعمل اللي حصل من 7 سنين دلوقتي". 
قالها بكل الغل والحقد في اليوم الأخير من يناير/ كانون ثاني الماضي،  قبل أن يصيح غاضباً: "انتو فاكرين اللي منجحش ساعتها هتنجحوه دلوقتي، باين عليكم متعرفونيش صحيح، محدش يفكر يدخل معنا في الموضوع، ده أنا مش سياسي بتاع الكلام، انتوا باين عليكوا متعرفنيش صحيح.. والله أمنك واستقرارك يا مصر تمنه حياتي، أنا والجيش". 

يعلم عبد الفتاح السيسي في يقينه أن ما جرى لم يكن انتخابات، بل كان دعوة إلى التظاهر ضد ثورة يناير، استمراراً لتظاهرات الثلاثين من يونيو/ حزيران 2013، بل إنه وهو يعلن ترشحه رسمياً في التاسع عشر من يناير/ كانون الثاني الماضي، دعا الجماهير للخروج في مشهد الانتخابات العبثية، لتجديد تفويض القتل والقمع الذي حصل عليه قبل أكثر من أربع سنوات، ليكون غطاءه الشعبي لمرحلة جديدة من الطغيان، بدأت باعترافٍ من السيسي بأنه يريد هذا التفويض لاجتثاث كل من يحاول الاقتراب من كرسي الحكم، على اعتبار أن من يفكر في إزاحته من الفاسدين والخونة.

جاءت أيام الاقتراع، ليصبح التصويت بالإكراه، وصار الحبر الفوسفوري معياراً وحيداً للمواطنة، من لا يضعه على إصبعه كافر بالدين وخائن للوطن، وعرف العالم، ربما للمرة الأولى في التاريخ، سلطة تطارد الناس في الشوارع والبيوت، للتحقق من وجود الحبر، فيما تحولت المساجد والكنائس إلى منصاتٍ للإرهاب الفوسفوري، وصارت المؤسسات التعليمية والمصانع مقار اغتصاب للإرادة الإنسانية.
في هذه الأجواء، حضر كل أعداء ثورة يناير، فدبّت الحياة في المومياء التي أسقطتها الثورة. ورأينا حسني مبارك في موكب مهيب يذهب للإدلاء بصوته. وشاهدنا أحمد شفيق، رئيس حكومة موقعة الجمل، أولى مذابح ثورة يناير، يحتفل بالحبر الفوسفوري. وبدا المشهد وكأنه امتداد لذلك اليوم البائس في الثاني من فبراير/ شباط 2011، حين حضرت الدولة العميقة بالخيول والبغال والإبل للإجهاز على ثورة يناير، وجدناهم جميعاً وقد عادوا إلى الانتقام بالحبر الفوسفوري.

عبدالله الشريف | حلقة 23 | ترقص؟

عبدالله الشريف 
 حلقة 23 ترقص؟



نشر الفنان المصري الساخر عبد الله الشريف حلقة جديدة بعنوان "ترقص؟" تناولت الانتخابات الرئاسية المصرية.
وعلق الشريف في حلقته على أبرز مظاهر وطرائف العملية الانتخابية في مصر، ونسبة الإقبال، والرقص أمام اللجان، ومبررات تصويت حزب النور للرئيس عبد الفتاح السيسي.

كما تناول طريق جلب الفتيات والشباب للرقص أمام لجان التصويت، وتهديد الموظفين في حال عدم مشاركتهم في الاقتراع.


***********

مفاجأة 
من هو محمد الوديع مؤلف اغنية قالوا ايه ؟
ومفارقات بالجملة 



الأربعاء، 28 مارس 2018

ماذا تريد الإمارات من اليمن؟

ماذا تريد الإمارات من اليمن؟

الشيخ محمد المختار دي 


ها هي عدن التي كانت الأمل لثوار اليمن والمدافعين عن الشرعية تسقط بطريقة أخرى ليست بيد الحوثيين بل بيد الصف الآخر وتسلم بحسب مراقبين للإمارات لتحركها سياسيا، وهي التي اعتادت على دعم الانقلابات في مشرق الأرض ومغربها فلن تسلم عدن منها بل هي للسقوط أقرب.

والشرعية التي دخل اليمن في حرب طويلة قاسية من أجلها مهددة اليوم أكثر من أي وقت مضى، ومِن مَن؟ من حماتها بالأمس ومن رفعوا شعارات الثورة والنضال من أجل اليمن بدون مؤامرات وأياد خارجية ليقعوا في الأخير في فخ الانقلاب على الشرعية.

ويتواصل مسلسل الصراع الإماراتي مع الحكومة الشرعية في اليمن الذي تزداد فصوله يوما بعد يوم تشويقا وإثارة ووضوحا، فمن دعم واضح لمجلس انتقالي جنوبي كاد ينجح في الإطاحة بحكومة الرئيس هادي، لولا أن تدخل التحالف الذي تواجد فيه الحليفة العنيدة أبو ظبي، إلى أحاديث إعلامية يمنية مؤكدة عن القبض على عشرات الجنود من أنصار طارق صالح، وهو نجل شقيق الرئيس الأسبق علي عبد صالح، حاول التسلسل ذات ليلة إلى عدن واعترفوا بدعم إماراتي لهم.

إنها المحاولة الثانية للانقلاب في أقل من شهر بررته أبو ظبي بأنها لتقوية صفوف المقاومة اليمنية في وجه الخطر الأكبر الذي هو (الحوثيون)، فلماذا لا تقوي الإماراتي جبهة الرئيس هادي هي للتحالف أقرب؟ يتساءل محللون سياسيون يمنيون. الإمارات الخصم والحكم والحليف والمنقلب فكيف تجمع أبو ظبي المتناقضات؟ ماذا تريد أبو ظبي من عدن وحكومتها الشرعية التي تقود جبهة القتال في وجه الحوثي المنقلب على ثورة شعبه؟


أسئلة عديدة مثارة ربما الأيام وحدها كفيلة بالإجابة عنها، فمنذ ثورة 11 فبراير التي لم ترحب بها أبو ظبي كثيرا سعت أبو ظبي جاهدة لدعم الرئيس صالح وتقوية جبهته ثم جاء انقلابه مع الحوثيين ليقلب طاولة على تحالف صالح وأبو ظبي، ثم انضمت يومها لصف الشرعية تحت ألوية عديدة وأوجه كثيرة فقادت التحالف مع الرياض موجهة ضربات جوية وجنودا عسكريين لصنعاء حيث صالح والحوثي.

غير أن وسائل إعلام وتقارير دولية من منظمات عالمية ما لبثت أن كشفت عن سجون سرية لأبوظبي تمارس فيها التعذيب بحق المحسوبين على الثورة وعلى صف التحالف وأظهرت، وثاق مسربة أخرى تناقلتها وسائل إعلام غربية خطة إماراتية للاستيلاء على ميناء عدن ومشروع لتقسيم اليمن إلى جنوبي في عدن يقوده مجلس انتقالي برئاسة عيدروس الزبيدي والذي فشل في معركته الأخيرة بعد تدخل التحالف العربي بقيادة الرياض وآخر في صنعاء للحوثيين.

اليوم عاد تحالف الإمارات وصالح، وبصالح آخر كان ذات يوم أحد قيادات انقلاب صنعاء في 2014، إنه طارق عفاش أو طارق صالح تختلف الأسماء والدور واحد.

فماذا تريد الإمارات من اليمن؟

بلا حدود- الكاتب البريطاني ديفد هيرست

بلا حدود

 الكاتب البريطاني ديفد هيرست


استضاف برنامج "بلا حدود" الكاتب البريطاني ديفد هيرست بشأن تفاصيل قمة اليخت السرية في البحر الأحمر ونتائجها وتداعياتها، والعلاقة بين وليي عهد السعودية وأبو ظبي والوضع بالمنطقة.
تقديم: جلال شهدا



وصف الكاتب البريطاني ديفد هيرست ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد بأنه كان معلم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في قمة اليخت السرية بالبحر الأحمر عام 2015، وأن الأخير كان مجرد تلميذ له وقتها.
وكان هيرست قد كشف مؤخرا أن القمة السرية عقدت بمشاركة خمسة من القادة العرب يتقدمهم ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد الذي كان المحرك الأول لعقد هذا اللقاء، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي كان آنذاك وليا لولي العهد، وملك الأردن عبد الله الثاني، وولي عهد البحرين سلمان بن حمد آل خليفة.
وفي حلقة (2018/3/28) من برنامج "بلا حدود" قال هيرست إنه تم من خلال محمد بن زايد تسويق محمد بن سلمان في الغرب من خلال السفارة الإماراتية بواشنطن، مشيرا إلى أن السفير الإماراتي يوسف العتيبة هو الذي سوق ابن سلمان لدى الإدارة الأميركية من خلال تدمير سمعة ولي العهد السعودي وقتها محمد بن نايف وزرع الشك بين مؤيديه بأنه كان يتعاطى المخدرات.
وأوضح هيرست أن ابن زايد هو من أسس الاتصالات مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهو من درب محمد بن سلمان على كيفية أن يصبح ملكا، ونصحه بثلاث نصائح كي يصبح ملكا، هي أولا التخلص من محمد بن نايف كي يصبح وليا للعهد، وثانيا أن تكون لديه علاقات مع أميركا، وثالثا أن تكون لديه علاقات مع إسرائيل، "وقد حقق ابن سلمان هذه النصائح الثلاث".
وأضاف أن العقل المدبر ليس ابن سلمان ولا السعودية بل ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد الذي لديه رؤية إستراتيجية تتمثل في أن ابن سلمان هو العضلات والقوة التي يديرها.
هدف وتداعيات 
وقال هيرست إن قمة البحر الأحمر السرية كان هدفها جعل مجموعة من البلدان تهيمن على المنطقة في الخمسين سنة القادمة، مشيرا إلى أن توقيت القمة سبق حرب اليمن وفرض الحصار على قطر.
وكشف أن القمة رتبها رجل الأعمال الغامض الأميركي من أصل لبناني جورج نادرالذي سوق نفسه كوسيط بين واشنطن وهذه المجموعة من القادة، مشيرا إلى أن المزيد من أسرارها ستتكشف قريبا.
وناقش القادة الخمسة في القمة خطة تعهد نادر بتسويقها في واشنطن، وملخصها التحالف مع إسرائيل ضد تركيا وإيران، وأخذ إرث الجامعة العربيةومجلس التعاون الخليجي.
وبشأن هذه النقطة قال هيرست إن الخطة تغيرت إلى مشروع قوة وسلطة وسيطرة يقوم على أساس أن أميركا في حالة تراجع ولا تريد التعامل مع الشرق الأوسط وتحتاج إلى ممثلين جدد بالمنطقة.
وقال إن هناك مسألة أخرى لم يجر الحديث عنها، وهي أن كل هذه البلدان تسعى الآن إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل لأغراض اقتصادية، وذلك يختلف تماما عن مبادرة السلام العربية، أي أن هذه الدول تسعى لتطبيع العلاقات مع إسرائيل قبل إبرام أي صفقة سلام، معتبرا هدف السعودية والإمارات التطبيع مع إسرائيل بعيدا عن عملية السلام.
وعن تداعيات تلك القمة قال إنها تمثلت في تشكيل تحالف غير رسمي من عدة بلدان انسحب أحد أعضائه، كما أن هناك توترات بين السعودية ومصر بسبب الحرب في سوريا، وكذلك سبل مواجهة إيران.
نجاح ودكتاتورية
وقال إن تلك المجموعة نجحت في الدفع بمحمد بن سلمان إلى أقرب مسافة ممكنة من العرش "فهو ملك في كل شيء إلا الاسم، والخطة تسير قدما ليصير ملكا".
وأوضح أن ابن سلمان يصنع نمطا جديدا من الدكتاتورية وينأى عن الإصلاح والإصلاحيين ويضعهم والمعتدلين في السجون، وذلك سيضعف السعودية على المدى البعيد. وأشار إلى أن حملة ابن سلمان وصفقاته فشلت في لندن.
وأكد أن ما ذكره عن مخصصات الملك سلمان البالغة ثلاثة مليارات ريال شهريا هو رقم حقيقي يؤكد التكلفة المالية للعائلة المالكة التي تستغل أموال المملكة، وفي الوقت الذي يطلب فيه من المواطن السعودي التقشف يتم إنفاق أربعمئة مليار دولار لشراء الأسلحة.
ووصف هيرست السعودية بأنها أصبحت الآن أكثر عدوانية في سياستها الخارجية ودخلت في حرب دموية لن تنتهي مع المتمردين الحوثيين باليمن، واعتبر صواريخ الحوثيين الأخيرة ضدها "رسالة مفادها نحن بنفس القوة إن لم نكن أقوى"، مؤكدا أن إيران ملأت الفراغات التي صنعتها السعودية في اليمن.
وبشأن صفقة القرن قال هيرست إن هناك ضغوطا تمارس على الرئيس الفلسطيني محمود عباس "وهو في موقف صعب نتيجة الضغوط عليه من السعودية ومصر".

وبشأن دور شركة كامبريدج أناليتيكا في التأثير على الانتخابات الرئاسية الأميركيةقال إنها حاولت تسويق نفسها بأميركا، لكن في بريطانيا هناك أدلة على تورطها في عملية البريكست.


واعتبر أن الديمقراطية الغربية في أزمة، وأن الرئيس الأميركي دونالد ترمب هو نتيجة لتلك الأزمة.
وأعرب هيرست عن تشاؤمه إزاء الوضع في منطقة الشرق الأوسط "فهناك استعدادات لحرب إقليمية أخرى قد تكون ضد غزة أو حزب الله، وهناك حكومة صقور بإسرائيل وواشنطن، وهناك إيران وتركيا والسعودية، كما أن مستشار الأمن القومي الأميركي الجديد جون بولتون سيصنع ما يستطيع من أجل شن حرب ضد إيران".

تقرير ديفد هيرست

الفضيل الورتلاني.. جيفارا الإسلام السياسي


الفضيل الورتلاني.. جيفارا الإسلام السياسي




د. محمد الجوادي
مفكر سياسي


الفضيل الورتلاني في رأيي هو ثالث أبرز أعلام جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي قادت الحركة الإسلامية في الجزائر منذ تأسيسها سنة 1931، كان من أقرب الشخصيات لمؤسسيها العلمين العظيمين الإمام عبد الحميد بن باديس والإمام محمد البشير الإبراهيمي رحمهما الله، وقد امتد نشاطه الفاعل والمؤثر في خمس دول وهو ما لم يتح لغيره فقد أثر بفكره وحركته ونشاطه المبشر وقيادته وتوجيهه في الجزائر وفرنسا ومصر واليمن ولبنان بما لم يتح بالقدر ذاته لغيره من قادة العمل الميداني.

وإذا كان العالم يطنطن بجهاد جيفارا الذي تعدى الحدود فإن الورتلاني يسبقه أثرا وتأثيرا وفضلا.  فقد ساهم مساهمة فعالة في التمكين لمبادئ العلماء جمعية في الجزائر ثم في فرنسا وفي صفوف العمال الجزائريين هناك. ثم كان مسئولا في القاهرة عن مأسسة العمل التحرري في شمال إفريقيا كله وفي صياغة التآخي بين فكر الإخوان المسلمين وجمعية العلماء المسلمين الجزائرية، ثم تولى توجيه الحركة الإسلامية والوطنية في اليمن.

ولد إبراهيم بن مصطفى الجزائري المعروف بـ الفضيل الورتلاني في 2 يونيو 1900 في بلدة بني ورثيلان بولاية سطيف شرقي الجزائر، وإليها انتسب، وجاءت شهرته بالورتلاني، ونشأ في أسرة من أهل العلم، ويذكر أنه حفيد الشيخ الحسين الورتلاني صاحب الرحلة المشهورة.

في القاهرة وجد الفضيل الورتلاني المناخ المناسب للنشاط الإسلامي والتحرري المثمر، واستقر الفضيل الورتلاني في مصر حيث قضى فيها ألمع وأخصب سنوات حياته
درس الفضيل الورتلاني علوم اللغة العربية على علماء بلدته، ثم انتقل إلى مدينة قسنطينة سنة 1928 حيث استكمل دراسته على يد العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس، فتلقى عنه التفسير والحديث والتاريخ الإسلامي والأدب العربي، وتأثر به المصلح الكبير وبطريقته في الإصلاح، وأصبح منذ سنة 1932 مساعداً له في التدريس، ومتجوّلاً لصالح مجلة الشهاب ومجلة البصائر ومرافقاً لابن باديس في بعض رحلاته.  

ولما كان الشيخ عبد الحميد بن باديس منتبها إلى الضرورة القصوى للرعاية الروحية للمغتربين الجزائريين في فرنسا، فقد اختار تلميذه النابه الفضيل الورتلاني للقيام بهذه المهمة الشاقة التي تتطلب، إيمانًا بالقضية وإخلاصًا لها، ورغبة في الإصلاح والتغيير، وقد بدأ الفضيل الورتلاني مهمته الجليلة هذه في 1936 مبعوثًا عن الجمعية، وأقام في باريس، وبدأ نشاطه المكثف بهمة عالية، واتصل بالعمال والطلبة الجزائريين بفرنسا، وتولى تأسيس مراكز وفصولا لتعليم اللغة العربية ومبادئ الدين الإسلامي، واستطاع خلال عامين أن يفتتح كثيرًا من المجتمعات الثقافية في باريس وضواحيها وبعض المدن الفرنسية الأخرى.

ومكنته فرصة وجوده في باريس فاتصل بالدارسين العرب في الجامعات الفرنسية، وتوثقت بينهم المودة والصلة، وكان من هؤلاء العلامة الكبير الدكتور محمد عبد الله دراز والشيخ عبد الرحمن تاج، والعلامة السوري محمد المبارك، والشاعر عمر بهاء الدين الأميري.

وقد أقلق هذا النشاط السلطات الفرنسية فضيقت على الفضيل الورتلاني حركته، وجاءته رسائل تهدده صراحة بالقتل، بعدما قررت منظمة "اليد الحمراء" الإرهابية اغتياله، فما كان منه إلا أن غادر فرنسا إلى إيطاليا بمساعدة الأمير شكيب أرسلان الذي وفّر له جواز سفر فانتقل إلى إيطاليا ومنها إلى القاهرة 1940 - 1939م القاهرة حيث آثر الانتساب إلى الأزهر فحصل على شهادته العالمية.

وفي القاهرة وجد الفضيل الورتلاني المناخ المناسب للنشاط الإسلامي والتحرري المثمر، واستقر الفضيل الورتلاني في مصر حيث قضى فيها ألمع وأخصب سنوات حياته، وسرعان ما أصبح من أقرب المقربين للإمام الشهيد حسن البنا الذي بلغ تقديره له أنه كان ينيبه في القاء درس الثلاثاء بالمركز العام لجماعة الإخوان نظرًا لملكاته الخطابية وقدرته على الإقناع بل كلفه بالإشراف على تأسيس بعض شعب الجماعة في مصر.

وفي القاهرة الليبرالية الحافلة بالحياة والفكر والحرية أسس الفضيل الورتلاني اللجنة العليا للدفاع عن الجزائر سنة 1942 وجمعية الجالية الجزائرية سنة 1942 وجبهة الدفاع عن شمال إفريقيا 1944 وكان هو أمينها العام وكانت تضم في عضويتها الشيخ محمد الخضر حسين وحفيد الأمير عبد القادر الجزائري والأمير عبد الكريم الخطابي المغربي. ثم أسس مكتبا لجمعية العلماء المسلمين في القاهرة (1948) واستقبل فيه الشيخ محمد البشير الإبراهيمي سنة 1952.

ثم جاءت النقلة الفاصلة حين امتد نشاط الفضيل الورتلاني بتكليف من الإمام حسن البنا إلى مساندة الأحرار في اليمن، التي كانت تموج بحركة طموحة في الإصلاح والتغيير، وكان الإمام حسن البنا على علم بما يجري في اليمن، ومِن تطلُّع إلى الخروج بالبلاد من عزلتها وفقرها وجهلها، وقد وصل اليمن 1947 وعمل على توحيد صفوف المعارضة والتأليف الموضوعي بينها، وقاد الثورة بخطبه الحماسية.


وفي فبراير 1948 حدث ما هو معروف من نجاح المعارضة اليمنية في الوصول إلى الحكم بعد إزاحة الإمام يحيى، لكن الإمام أحمد يحيى حميد الدين عارض هذه الحكومة الدستورية في صنعاء واتهمها باغتيال والده وإهانة أخواته وقاد ثورة مضادة وجمع القبائل الموالية له وحارب النظام الجديد وأسقط النظام الدستوري في 13 مارس 1948 وتولى الإمام أحمد عرش اليمن، وحُكم عليه بالإعدام وأصبح مطلوباً حيث قضى أربع سنوات متستراً قضاها في التجوال في الدول الأوروبية والتقى بالشيخ الإبراهيمي ونائبه الشيخ محمد العربي التبسي في سويسرا، ورفضت الدول العربية استقباله إلى أن وافق لبنان بفضل رياض الصلح رئيس وزراء لبنان على استقرار الفضيل الورتلاني في بيروت.

وبعد قيام ثورة 1952 عاد الورتلاني إلى مصر بعد غياب عدة سنوات، واستقبله العلماء والسياسيون استقبالاً حسنًا؛ نظرًا لماضيه المشرِّف في الجهاد، وعاد إلى نشاطه وجهاده، ولعب أهم الأدوار في بزوغ الثورة الجزائرية التي اشتعلت على أرض بلاده 1954. حتى انطلقت الثورة الجزائرية في 1نوفمبر1954.

غداة اندلاع الثورة الجزائرية نشر الورتلاني مقالاً في 3 نوفمبر1954 بعنوان "إلى الثائرين من أبناء الجزائر: اليوم حياة أو موت" وفي 15نوفمبر1954 أصدر مع الشيخ محمد البشير الإبراهيمي بياناً بعنوان: "نعيذكم بالله أن تتراجعوا" وفي 17فبراير1955 شارك في تأسيس "جبهة تحرير الجزائر" التي كانت تضم الشيخ محمد البشير الإبراهيمي وممثلي جبهة التحرير: أحمد بن بلة، حسين آيت أحمد، محمد خيضر، وبعض ممثلي الأحزاب الجزائرية: الشاذلي مكي وحسين لحول، عبد الرحمن كيوان، أحمد بيوض.

ولم تَطُل مدة إقامة "الفضيل الورتلاني" بالقاهرة، بعد انقلاب 1954 فقد غادرها إلى بيروت 1955 بعد استئثار عبد الناصر بالسلطة واعتقالاته للإخوان المسلمين وإعدام ستة من قاداتهم. وكان من حسن حظ الفضيل الورتلاني أنه تمكن من مغادرة القاهرة سنة 1955م متوجهاً ثانية إلى بيروت بعد أن تأكد من تآمر المخابرات المصرية عليه وعلى أستاذه الشيخ محمد البشير الإبراهيمي. لقي ربه في إحدى مستشفيات مدينة أنقرة في 12 من مارس 1987م وبعد سنوات من الجحود، نقلت رفاته من تركيا ليعاد دفنها في مسقط رأسه ودفن في مسقط رأسه بالجزائر.