الاثنين، 30 نوفمبر 2015

ثورة 25 زفت

ثورة 25 زفت

وائل قنديل
في وعيهم ووجدانهم، هي النكسة، وفي عقلهم الباطن هي" 25 زفت"، وفي خطابهم المعتمد رسمياً، وغير المعلن، هي المؤامرة التي أطاحت دولة فسادهم، وفساد دولتهم.
تلك هي ثورة يناير، في نظر دولة عبد الفتاح السيسي، يكرهونها ويودون لو قتلوها في اليوم ألف مرة، يطاردهم طيفها في صحوهم ونومهم، يتأرجحون بين عمليات الإبادة والمحو، وبين محاولات الاحتواء والتدجين والسيطرة، في التعامل معها.
إن استشعروا أن الأمور استتبت لهم، واستقرّ لهم الملك، لا يتورعون لحظةً عن الاستمتاع بشواء لحمها في الهواء الطلق، داعين جمهورهم إلى ولائم الانتقام والكراهية والتشفي، كما حدث مع انتخاباتهم النيابية، المنقولة حرفياً من سجلات العام 2010، فيختفي حديث الثورتين، وتصبح هناك، من منظورهم بالطبع، ثورة واحدة، اسمها الثلاثون من يونيو، والأخرى وكسة أو نكسة أو جريمة أو مؤامرة.
وإنْ جاءت لحظةٌ بدا فيها أن الثورة المجهضة تستجمع شتاتها، وتحاول أن تستعيد كيمياءها، بمواجهة السلطة الحالية، تسارع أجهزة النظام، وخصوصاً الإعلامية، إلى الاشتغال على النص البديل: يونيو ويناير توأمان، أو أن يونيو هو المكمل ليناير، لتسمع ثرثرة كاذبة عن نبوغ الجنرال حامي الثورتين، وعظمة شعب الثورتين، ليقال، في النهاية، إن الأخيرة كانت تصحيحاً للأولى.
لم تكن زلة لسان من ذلك المذيع العائد إلى الانتقام، حين صرخ في وزارة الداخلية، بذعر يليق بفأر، من احتمالات تكرار سيناريو "ثورة 25 زفت"، بعد اشتعال الغضب ضد وقائع القتل تعذيباً، على غرار دراما مقتل الشاب خالد سعيد على يد الشرطة، وتحوله إلى أيقونةٍ، انطلقت منها ثورة يناير 2011.
في علم النفس يقولون إنه مع لحظات الانفعال الجامحة، خوفاً وحزناً وفرحاً وألماً، يكون الإنسان أصدق في تعبيره، عمّا يمور بداخله. لذا، يمكن اعتبار صرخة المذيع الكاره تجسيداً لحالة الـ"يناير فوبيا" التي تنتاب أركان النظام، وتتفاقم حدّتها، كلما اقتربنا من موعد الذكرى. جاء رد فعل النظام على التلويح بورقة الاصطفاف بين من تبقى من سكان "يوتوبيا يناير" سريعاً، إذ أعلن "بيت السيسي"، أو رئاسة الجمهورية، حالة الاستنفار، فنشرت صحفها ما أسمتها "خطة احتواء شباب يناير". وفي التفاصيل أن "اتصالات جرت بين مؤسسة الرئاسة ومجموعة من شباب ثورتي 25 يناير، و30 يونيو ، لعقد لقاء بين الرئيس عبدالفتاح السيسي وممثلي الائتلافات والحركات الاحتجاجية التى تشكلت عقب ثورة 25 يناير".
في اليوم نفسه، احتفلت صحف ومواقع "منظمة بيت السيسي" بنبأ الحكم على الضابط قاتل شيماء الصباغ، شهيدة اليسار، بالسجن 15 عاماً، في الوقت الذي يشدّد فيه النظام قبضته، ويواصل التنكيل بناشطين سياسيين وإعلاميين في زنازينه، فيتم تجديد حبس إسراء الطويل، والصحافي والباحث المعروف هشام جعفر، ويضاف إلى قائمة المعتقلين الصحافي إسماعيل الإسكندراني، الذي تم اقتناصه من مطار الغردقة، لدى عودته الطارئة لمعاودة والدته المريضة. 
يأخذنا ذلك كله إلى السؤال الأهم، فيما يخص العلاقة مع نظامٍ حوّل الدولة كلها إلى كمين أمني متحرك، يقتل ويعتقل ويبتز ويسمح بالحياة مقابل رشىً لا تعرف الأقنعة: هل يصلح مع كل هذا القبح أن يصبح منتهى الحلم، وذروة المطالب تخفيف القبضة الأمنية، وإيجاد هامش للحريات، بإسقاط قانون التظاهر، أو العفو عن مجموعة من المعتقلين المشهورين، مثلا، أم أن التخلص من كل هذا الظلم وكل هذه البشاعة بات واجب الوقت، قبل أن تدخل البلاد إلى جحيم، يوشك أن ينقض؟
السؤال بصيغة أخرى: هل بات مجدياً الحديث عن ترقيعات للنظام، تجسدها دعوات إلى انتخابات مبكرة، أو ترحيب وإشادة بتعيين شخصياتٍ يشهد لها معارضون بالكفاءة، منذ كانت تخدم في حكومة حسني مبارك، في جهاز مشروعات السيسي الوهمية، كما هو حاصل مع تعيين الوزير أحمد درويش، في مشروع محور قناة السويس؟ حسناً، ماذا لو اختار السيسي أكثر من "أحمد درويش" في حكومته، وعينهم نواباً في برلمانه، وألغى لكم قانون التظاهر، وأفرج عن أصدقائكم، في الشلة والحزب والتيار، هل سيصير السيسي حلواً والنظام محترما؟ هل تعارض لتحقيق منافع مصالح، وتحسن شروط الحياة في ظل سلطة فاشية، أم تقاوم للانتصار لمبادئ وقيم، وأهداف نبيلة، تنحاز للحق، بما هو حق، بلا تلوين أو أصباغ، وتدافع عن الإنسان بما هو إنسان، بلا تعصب للشلة والجماعة والعشيرة؟

الأمطار والسياسة!!



الأمطار والسياسة!!

د. محمد عياش الكبيسي

العالم اليوم محكوم بالسياسة في كل حركاته وسكناته، فالناس يأكلون سياسة، ويشربون سياسة، ويتنفسون سياسة، ومن الصعب أن يجد المرء لنفسه فسحة للراحة والاستجمام بعيدا عن دخان السياسة.
كنت أقرأ في الأدب العراقي القديم عن صديق جلس مع صديقه على ضفاف دجلة للأنس والراحة فاشترط عليه أن يتحدث بما يشاء عدا السياسة، بدأ صاحبه بالحديث عن
النخلة وكم تعمر؟
 فقاطعه لأن هذا سيجر إلى نقد الحكومة وسياساتها الزراعية والصناعية ويذكر بقصة (الجسر الخشبي البالي)، فانتقل صاحبه إلى الحديث عن الفوانيس المعلقة في الطرقات وكم تحتاج من النفط؟ 
فقال له: هذا تدخل صريح في شؤون أمانة العاصمة، وانتقاد أمانة العاصمة انتقاد للحكومة،
قال: لم يبق إلا أن نتحدث عن الشعير وعلف الخيول، قال: وهل اشتقت السياسة إلا من سياسة الخيول، أما ترى أن كلمة (سايس) و (سياسي) من جذر واحد وبمعنى واحد؟!
هذا الكلام كان أيام الفوانيس والجسور الخشبية،
فما بالكم اليوم؟ حتى الذين تربوا على مقولة (أعوذ بالله من الشيطان والسياسة) تراهم اليوم يزاحمون السياسيين ويعقدون الصفقات والتحالفات السرية والعلنية.
استبشر الناس بهطول الأمطار الموسمية، فحب الناس للمطر حب فطري، خاصة في الجزيرة ودول الخليج، فالمطر عندهم بهجة وحياة وتجدد وانتعاش، حتى منغصات المطر يتعاملون معها بإيجابية، فالطالب حينما يعتذر لك عن الدوام بسبب المطر وانقطاع الطريق يقول ذلك بفرحة وسعادة، لا كما يعتذر في أي حالة ثانية، نعم هناك نقد للمؤسسات المعنية في عدم أخذها بالاحتياطات اللازمة، خاصة مع انكشاف بعض العيوب الصغيرة أو الكبيرة في المنشآت والطرقات، وهم يتناقلون الصور والشواهد بعفوية وتلقائية دون تكلف ولا تحرج، وهذا في الغالب يأتي بنتائج إيجابية، ويعزز في الوقت ذاته من حالة الثقة بين الدولة والمواطن، إلا أن الذي حصل في هذا الموسم أن هناك بعض الفضائيات ومواقع التواصل عملت بطريقة استثنائية على تسييس المطر! مستغلة بعض الصور المنشورة للوصول إلى أهداف سياسية محددة مثل:
أولا: محاولة تضييق الفوارق في أنظار الناس بين تلك الأنظمة الغارقة في الفساد السياسي والمالي والذي ينذر بالانهيار الشامل كما هو الشأن في العراق ومصر، وبين الأخطاء والإشكالات العادية والمتوقعة والقابلة للتصحيح والمعالجة كما هو الحال في دول الخليج، وهذه محاولة يائسة وبائسة، فما أنفقته الحكومة العراقية مثلا في قطاع الكهرباء يكفي لبناء منظومة كهربائية على مستوى العالم العربي كله، لكن الكهرباء لم تتحسن وما زالت المدن العراقية غارقة في الظلام! وهكذا قل عن المليارات التي تهدر في الجانب العسكري والأمني والخدمي، إنها بلاد منكوبة ومسلوبة بكاملها وليست تسريبا في سقف أو انسدادا في طريق.
ثانيا: محاولة إقناع المواطن الخليجي أن السبب في هذه الإشكالات يعود إلى الاهتمامات الخارجية في الشأن اليمني والسوري وغيرهما وما تتطلبه من تكاليف! ولا يخفى على عاقل أن المقصود من كل هذا الضغط على دول الخليج للانكفاء على نفسها وفتح الساحة بالكامل للهيمنة الإيرانية حتى لو أدى ذلك إلى تطويق الخليج وخرق منظومته الأمنية، وفي الوقت ذاته يلتزم هؤلاء جانب الصمت إزاء معاناة الشعوب الإيرانية التي ترى أغلب ثرواتها تهدر في الخارج بينما تعيش هي تحت خط الفقر!
أمام هذا التسييس المفضوح تتعالى بعض الأصوات المخلصة في ردة فعل متوقعة لرفض النقد والكف عن المحاسبة والمساءلة، وهذا توجه خطير من حيث النتيجة، لأنه يوفر الغطاء المريح لبذور الفساد، وبهذا تفلت الجهات والشركات المقصرة، وتتنصل عن التزاماتها، مما ينذر بتكرار الخطأ وتفاقمه، وهذا ما تقع به بعض الجماعات الإسلامية حيث تشعر أنها في حصانة عن أي مساءلة أو محاسبة طالما أنها تخوض مواجهة مفتوحة مع (العدو) وبالتالي فإن أي نقد أو دعوة للمساءلة والمحاسبة معناه كشف ظهر الجماعة لعدوها، مع أن القرآن يقول غير هذا؛ ففي أوج المواجهة بين المسلمين والمشركين كان القرآن يتنزل: (حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ)، هكذا نزلت صريحة مدوية مع أن جبهة الشرك كانت على أشدها، وجبهة اليهود في داخل المدينة يسودها التوتر والترقب، والمنافقون في الداخل يكيدون ويتآمرون، نزلت لكي تعلمنا أن المراجعة والمساءلة مصدر قوة للصف وليست سببا في إضعافه.
الحقيقة الأخرى التي ينبغي التنبه لها أن المجتمع قد لا يكون منزها عن التقصير حتى وهو يطالب بمحاسبة المقصرين، فاستخدام كل الطرق مثلا للحصول على الوظيفة دون النظر إلى الكفاءة الذاتية، أو حرص الطالب على النجاح ونيل شهادة التخرج دون الحرص على التكوين العلمي الرصين، ونحوهما من الظواهر المنتشرة في مجتمعاتنا، يعني في المحصلة أن المجتمع لديه مشكلة في التعامل مع قيمة الإتقان وأمانة العمل، وإذا كان المجتمع نفسه هو من يدفع بمثل هؤلاء إلى ساحات العمل ومنصات المسؤولية فكيف يدعو بعد هذا إلى مساءلتهم ومحاسبتهم؟
إن منظومة القيم تصنعها المجتمعات لا الحكومات، وبقدر ما يكون الخلل في هذه المنظومة يكون حجم الخلل في حياتنا العملية والسلوكية على مختلف الصعد وفي كل المجالات.
المسؤولية إذاً مسؤولية مشتركة، والمواقع فيها متنوعة ومتكاملة
(كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)، وكل واحد منا على ثغرة (فإياك إياك أن نؤتى من قبلك).
• drmaiash@facebook.com
@maiash10

توقيع



يد إيران ملوثة بدمائنا في العراق وسوريا!
إيران تقتلنا في اليمن ولبنان!
إيران تستهدف أقلياتنا السنية!
إيران تعبث بأمن الخليج!
إيران تخترق نسيجنا السني في أفريقيا وإندونيسيا وآسيا الوسطى وأوروبا الشرقية و.. و..
هذا هو مشروع الثورة اﻹيرانية !

زيارات بابا الفاتيكان إلى أوغندا وراءها نشاط كنسي كبير في تعزيز النصرانية في أفريقيا، وصرف للناس عن اﻹسلام، خاصة مع انحسار العمل الخيري اﻹسلامي!
نائب في مجلس الدوما الروسي يطالب بإعادة أيا صوفيا للكنيسة اﻷرثوذكسية، مقابل التسامح ﻹسقاط الطائرة الروسية !
ورئيسه يستدعى الكنيسة في حربه ضد سوريا ثم ينتقد أسلمة تركيا!
أليست هذه حربا صليبية ؟!

أﻻ ترى أن لدى الدعاة والمصلحين في العالم اﻹسلامي من عوامل الاجتماع والتقارب، أكثر بكثير مما لديهم من عوامل التفرق والتقاطع، وأن أزمتنا في الحقيقة أزمة وعي وخلق!

قال أبناء أنس بن مالك رضي الله عنه ﻷبيهم : أﻻ تحدثنا كما تحدث الغرباء ؟ 
قال:( أي بني؛ إنه من يكثر يهجر ! )
والهجر: هو التخليط والهذيان!
فما أحوج أهل تويتر والفيس بوك نحوها من مواقع التواصل اﻻجتماعي لهذا اﻷدب !

أحداث باريس كانت مدخلا لتصعيد الصهاينة ضد فلسطينيي الداخل، وهي الحجة نفسها التي استخدمتها الصين للتصعيد ضد مسلمي اﻷيغور، وهكذا في أوروبا وأوزبكستان وغينيا و..و..

أزمة النازحين المستضعفين من أهل السنة في العراق تتصاعد آثارها اﻹنسانية بسبب البرد والمطر، في ظل طغيان وتعنت مراجع طائفية وحكومة قمعية، مع غفلة مؤلمة للمنظمات اﻹغاثية!

القوي هو من يصنع المشهد ويلبس الحقائق ويروج اﻷكاذيب، وهو الذي يتشدق زورا بالمثل والمبادئ، وﻻ يجرؤ أحد على تكذيبه فضلا عن ردعه.
هكذا هو الغرب حين يعظ العالم عن خطورة اﻹرهاب!

حكومة بنجلاديش تتمادى في أحكام اﻹعدام لقيادات الجماعة اﻹسلامية،في ظل صمت مطبق من العالم، وذنبهم الوحيد أنهم وقفوا ضد المشروع الهندوسي!
اللهم انتصر لهم عاجلاً غير آجل!

نظرية ( الفوضى الخلاقة ) اصطنعها الغرب في بلادنا العربية!
فهم صناع اﻹرهاب .. وهم من يوظفه لخدمة أهدافهم!
الغربة نوعان:
1- غربة المستمسك بالدين في بيئة هجرت كثيرا من معالمه، وفي مثل هؤلاء ورد قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( طوبى للغرباء ).
2- غربة أهل اﻷهواء الذين تغربت عقولهم وقلوبهم ، وفي مثل هؤلاء ورد قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من تشبه بقوم فهو منهم ).

استهداف العدو الصهيوني للحركة اﻹسلامية ولرموزها المرابطين لن يضعف من دفاع اﻷمة عن المسجد اﻷقصى، فرائد صلاح معه رواد وصالحون، ومن ورائهم في مشارق اﻷرض ومغاربها أمة تهفو ﻷقصاها!

بعض من ينتسب للدعوة واﻻحتساب والجهاد يضر رسالته كثيرا إذا قصر في مراعاة نتائج التصرفات، وأهمل النظر في مآﻻت اﻷعمال!

استشراف مآﻻت اﻷفعال، وتقدير أعلى المصالح، ودرء أعلى المفاسد، فقه عزيز .. عزيز، ﻻ يوفق له إﻻ من رزق علما وحكمة وخبرة!
فما أحوج الدعاة والمصلحين لهذا الفقه!
تختم كل قمة خليجية أو عربية بالمطالبة بجزر اﻹمارات المحتلة من إيران.
حسنا..لم ﻻ نطالب ببقية اﻷراضي العربية المحتلة كاﻷحواز ؟
ولم ﻻ نترجم ذلك بخطة عملية للتحرير ؟!

يا مثبت العقل !

 يا مثبت العقل !

آيات عرابي 


ما أقوله مزعج بشدة !!
أعلم هذا فأنا لا اتحدث بالمفردات التي الفها الجميع, لا اتكلم داخل السقف الذي تربينا عليه جميعاً.
كتبتها قبل ذلك وأكررها
كلمات مثل فساد ومحسوبية وسرقة المال العام وإفقار الشعب, تثير ضحكي, فالحديث عن كومة قمامة ملقاة بإهمال وسط مستودع للقمامة, أمر بلا شك مضحك.
تصور حين تلتقي أنت وصديقك في أحد شوارع القاهرة بمتسول لا يجد قوت يومه, يرتدي ثياباً ممزقة متسخة مكونة من اكياس البلاستيك والخرق البالية, منكوش الشعر, تتراكم على وجهه أكوام من الغبار, ثم تجد صديقك يرفع صوته ثائراً ممعتضا والحسرة تكسو نبرات صوته وهو يقف على مكان عالِ ليلقي على مسامعك خطبة طويلة عريضة عن الزر الناقص في قميص المتسول !
لا شك أنك ستصاب بنوبة من الضحك
تحاول أن تبين لصديقك المنفعل أن المشكلة لم تكن أبداً في الزر الناقص, بل المشكلة في أن ثيابه لم تعد ثياباً أصلا وقد امتلئت برقع صنعها أمثال صديقك من قبله.
وقفوا ينظرون بحزن للمتسول ويخطبون عن ضرورة ترقيع الثقوب في ثيابه.
يا هذا الثياب من الأصل اضيق من أن يرتديها الرجل, لا أحد يرتدي قميصا من أكياس البلاستيك يقل خمس درجات عن مقاس جسده !
يتوقف بجانبكما أحد المارة, ينفعل بمرأى الرجل ويقف إلى جوار صديقك ليلقي خطبة جديدة عن هذا المسكين الذي لا يجد وجبة عشاء !
مارة آخرون يتجمعون وبعضهم يصعد إلى جانب صديقك, أحدهم يمسك بالميكروفون ليلقي كلمة مؤثرة عن شعر الرجل المنكوش ويدعو للتبرع بمشط !
مارة آخرون يتجمعون, أحدهما تنهمر دموعه حزناً على الرجل المتسول المفلس ويخرج قطعا من العملة ليدسها في يد المتسول, ثم يقف ليلقي هو الآخر خطبة يدعو فيها المارة للمرور يومياً والتبرع للمتسول !
ساذج آخر يقف منفعلاً ثم يقف ليخطب عن الظلم ويدعو المارة للتبرع ببطاطين تقي الرجل البرد !
لحظات يغرق فيها الرجل في التفاصيل
الكل يحدثه عن التفاصيل
الكل يخطبون وتهتز أوردتهم العنقية غضبا على التفاصيل

يا مدمني التفاصيل
هذا رجل, طردوه من منزله وسرقوا ثيابه والقوه في الشارع واقاموا سورا حول منزله
اعيدوا له منزله
اعيدوا له ثيابه
ادخلوه بيته ليستحم ويرتدي ثيابا نظيفة وسيزول عنه الظلم وسيجد ثيابا نظيفة في خزانة ملابسه وسيجد ما يأكل في منزله المسروق.


منذ حوالي 200 عاماً ادخلوا مصر في دهليز مظلم
عينوا الصبية حكاما, كل منهم اسوأ من سابقه
كلهم كانوا عملاء وخونة ومتعاونون مع الاحتلال
انشأوا عصابة من اللصوص سموها جيشاً


البعض مازال يقدسها ويعتبر الحديث عنها من المحرمات

ما يزال البعض يعشق حياته السابقة قبل الانقلاب, بعضهم يعيش وهم شرفاء الجيش والعسكري الغلبان, حتى أنهم ينتظرون انقلابا على الانقلاب ويحلم باللحظة التي يدخل فيها ميدان التحرير ليلتقط صورة إلى جانب الدبابة ويرفع ممسحة الأحذية المسماة علماً ويهتف “الجيش والشعب إيد واحدة” !!
الا تدرك يا هذا أن هذا الهتاف في حد ذاته يعني أن العسكر دولة داخل الدولة ؟
في فيلم “زي النهار دة” مشهد يجعلك تفهم كيف يفكر هؤلاء المساكين
تقف الممثلة لتتصور في خيالها أن شقيقها المدمن, قد استيقظ من نومه, وارتدى ثيابا نظيفة ويقبل أمه وهو ذاهب إلى الجامعة وهي تقابل خطيبها لتصل إلى النهاية السعيدة كأي فيلم !!
هؤلاء الغارقون في التفاصيل يزعجهم بشدة أن تطالب بتسريح الجيش المصرائيلي حتى بعد أن يشاهد بعينيه ضباطاً وجنودا يقتلون الاخوة الفلسطينيين, وحتى بعد أن شاهد الجيش المصرائيلي يهجر رفح وينسف بيوتها ومساجدها
يرى صورا لضباط من الجيش المصرائيلي في مجزرة رابعة, يرى ضابطاً يرفع سلاحه على فتاة ترفع علامة رابعة, يرى جنودا يعذبون مصريين في سيناء.
ثم يحدثك أن خلافه مع القادة وليس مع الجيش !
يا مثبت العقل
يا هذا تلك العصابات انشأها الاحتلال سنة 1886 وساهمت في قمع ثورة السودان وتسليم القدس والآن تعمل لصالح العدو الصهيوني !
تقول لهم أن السادات والمقبور عبد الناصر والمخلوع وكلب اسرائيل الاستراتيجي الحالي عملاء وأن ما درسه وما تربى عليه وهم.
فيجادلك بغير علم في تفاصيل لا يعلمها قبل أن يقرأ ما تكتب أو يسمع ما تقول !
يا هذا منذ الأزل, كان المحتل يرتدي زي أهل البلد المحتلة.
الاسكندر الأكبر اعتنق دين المصريين حتى لا يثوروا عليه وطلب من كهنة مصر أن يتوجوه ملكا على مصر بإسم صنمهم آمون وقد كان.
نابوليون ادعى الاسلام وتبعه عدد من الجهلة والمرتزقة والعملاء منهم حسن العطار الذي صنعوا منه عالماً في مسلسلاتهم, فلا تستغرب أن يعين العدو عصابة يسميها الجيش الوطني تعمل بأوامره.
هؤلاء سيتحولون إلى هياكل عظمية في انتظار المخلص القادم من بالوعات الجيش المصرائيلي
وسيظلون ينتظرون انقلابا على الانقلاب.
وحتى إن وقع انقلاب ستجد هؤلاء أول المندهشين لعدم إعادة الرئيس مرسي لمنصبه
ثم تجدهم يهتفون أن خلافهم مع القادة وليس مع الجيش
ثم يطالبون بعودة الرئيس مرسي
ثم ينتقدونك لدعوتك لتسريح عصابات الجيش المصرائيلي.


هؤلاء المنفصلون عن الواقع يجب ان يدركوا أن ما نعيشه وهم, وان انتصارات العسكر هي أفلام سينمائية وأن الحياة في سبيلها للتغير وأن علبة الصفيح التي صنعها لنا الاحتلال في سبيلها إلى التحول وأن 200 عام من الضلال تنكسر والحقائق تتضح وأن أوهامهم لن تغير من الواقع شيئاً ,, فالحياة ليست فيلماً.








في أنّ داعش كاوبوي المسلمين


في أنّ داعش كاوبوي المسلمين
أحمد عمر


يمكن القول إنّ تنظيم داعش، مصنوع بحسب الطلب الغربي التنميطي، فهو متوحش، وديليفري أيضا هذه المرة.. 
لا يحتاج الأمر إلى أن يكون البغدادي عميلاً، يكفي أن يكون غبيا، أو متهورا، أو حاقدا، كما يقول الداعية المعروف محمد الغزالي. في مقياس الدين والسياسة نحن خاسرون خسارة كبرى بهذا المولود الشائه. المهاجرون في فرنسا حذفوا حساباتهم على الفيسبوك خوفا من هجمة البغدادي المرتدة، فأبو فرانكشتاين البغدادي يظنّ أنّ النصر يتم بالرعب، لا بالعدل.

ضرب البرجين كان جرما واحدا، أما التنظيم فهو مصنع جرائم، يصفّق لها الغرب في داخله، إنه ورقة طرنيب النظام أيضا. وكلاهما يثبت نظريته في أن الإسلام دين بربري. داعش كاوبوي بزيّ أفغاني إسلامي.

رأيت خبرا موثقا بالصورة لمجندين إلزاميين، أسرى بيد التنظيم، يحفرون قبورهم بإتقان ودأب، ثم تمددوا على الأرض، فقد رأى البغدادي في منامه أنه يذبحهم، استسلموا له، فأطلقت عليهم النيران، كانوا بالمئات.. تذكرت عنوان فيلم كاوبوي: احفر قبرك بسرعة. الأفلام الكاوبوي متشابهة، القانون هو السرعة والمباغتة، قانون الصراع من أجل البقاء، "إذا أردت أن تعيش فاقتل".

غالبية الأفلام قائمة على الانتقام. البغدادي يعتبر نفسه خليفة النبوة! ويريد أن ينتصر بالرعب. هو تنظيم يعادي التاريخ بالإقامة في مرحلة منه، وهو يشبه الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل من جهة الولادة والطفرة، فأمريكا بلا تاريخ عميق، وإسرائيل بتاريخ عريق، لكنه بعيد جداً، وتالف تقريباً، وكلاهما يسعيان إلى "الفردوس الأرضي"، داعش تسعى إلى التاريخ بجذبه إلى الحاضر، وإلى تجميده، إنها مقلوب الصورة، وتختلف عنهما في أنها بلا "كيبوتسات" ومزارع تعاونية، فهي تركز على الصلاة الجماعية الإجبارية، دينياً، والخراج الريعي، اقتصادياً. 
يقول الإمام الشافعي عن سورة العصر: إنه لو لم ينزل من القرآن سواها لكفته، لا صبر عند داعش إذا كان عندها حق؟
 إحدى تعريفات البراجماتي الذرائعي الأمريكي، أنه يريد تحقيق رغبته " الآن وهنا"، وبحسب متابعات واستقصاءات، وشهادات، نجد أنهم يقتلون بالشبهة، وفي ذلك يشبهون النظام السوري.
 الغريب أنهم يحبون الكوكا كولا، وهو مشروب كولونيالي مرذول، لدى العلماء والنخبة المثقفة. وكان غابرييل غارسيا ماركيز كتب مقالاً ساخراً عنه في كتاب "كيف تكتب الرواية"، وعلمت أنّ الدواعش يكثرون من شرب هذا السائل ثقيل الجزيئات، فهو حلال، وغالبا هو من التأثر بأبطال الأفلام الأمريكية. ويحبّون أيضاً - حسب متابعاتي- أكل الصندويشات الأمريكية. أما الأنثى، فهم يدقّون الأبواب في الليل طالبين القرب، ساعين لإكمال نصف دينهم، ودينهم أنصاف أربعة غالباً.

وهم يحلّون السبي والإماء والجواري.. وطبعاً قبل كل شيء، يحبون التسلط من جهتين: الولاء لجهة، والتولي على جهة. رأينا لهم عشرات الصور، وهم يجلدون الناس بسبب التدخين، والتخلف عن الصلاة جهراً، وهم في هذا نقيض النظام السوري الذي كان يواظب على التعذيب حتى الموت سراً.
 الصلاة نظام "عسكري منظم" في "كانتونة" داعش، ويقيمون الحدود على الصبية، ولعلهم يفحصون منابتهم (شعر العانة) على الطريقة القديمة لقياس بلوغهم، ويكرهون الناس على الصلاة، فيصلّون من غير وضوء، وربما على جنابة، مثل معظم الزعماء العرب.. الصلاة الإكراهية بالقوة، تشبه المظاهرات السورية "العفوية" التعبدية الطقوسية بمناسبة الحركة التصحيحية المباركة، وأخواتها من الأعياد الوطنية. كان الأسد الأب ينفذ بالحرف - والتخاطر طبعاً - الرغبة الغربية في استعباد الشعب العربي المسلم، وتحويله إلى كائنات تحب المستبد على أنه ميراث شرقي محتم!

"داعش" طبقات بحسب الخبراء والمتابعين المنصفين، فالعراقيون للقيادة والتفكير، والتوانسة للتشريع والتكفير، والسعوديون للتضحية والتفجير، والسوريون للخدمة والتدبير.
 "داعش" ليس له علماء، وليس له برنامج "الشريعة والحياة" أو "من وحي الهداية"، برامجه هي أفلام هالوين الرعب الأمريكية: الإيضاح في علوم الإذباح! لذا نلجأ للتحليل: العراقيون هم واسب داعش (الواسب: وايت أنكلو ساكسون بروتستانت)..
 الدواعش براجماتيون، وهم يفهمون في مقاصد الشريعة والسياسية، لكن بالمقلوب، الأولية الأولى هي للمرتدّين السن.
واقتصادياً؛ هم يبيعون النفط للنظام السوري، فهو جار قريب، ودفّيع فتواهم هي أنّ النبي عليه الصلاة والسلام، تعامل مع المشركين، وباع واشترى منهم، لهم أدوات قياس قصيرة وبائسة، هم أيضاً ورثة نظام بعثي يعادي التاريخ، كما كان النظام الأمريكي، والصهيوني تماماً، فالنظام السوري ينكر التاريخ القريب، فتاريخه يبدأ من بارحة الحركة التصحيحية. وهو مثل الصهيوني يمتد تاريخه إلى آلاف السنين: فيليب العربي و"كليلة" عفوا، جوليا دمنة، وأوغاريت ..

"داعش" تشبه أمريكا في أنها دولة هاربين، أو متطوعين، وأشتات، فمؤسسو أمريكا أوروبيون هربوا من التاريخ الأوروبي، إلى أمريكا، كانوا بروتستانت متطرفين ( وهابيي أوروبا)، طالبوا بتطهير الكنيسة من الزخارف والتماثيل.
 أما الدواعش، فهم وهابيو المرحلة الثانية، إذ لم تثمر الوهابية الأولى عن اليوتوبيا الإسلامية المنتظرة، فكان تنظيم الدولة، أو دولة الحدود بلا حدود.
 أيضا نجد عقلية "الرائد" الأمريكية الصهيونية لدى داعش، فالداعشي، حتى وإن كان حشاشاً سابقاً، أو لصاً، أو مجرماً، أو مخبرا، يعلن توبته، فيتطهر، و يعود كيوم ولدته أمه. 
الداعشي عنصري، فهو يدعي أنه من السابقين الأولين، والرعيل الأول في التنظيم، ويمارس العنصرية على الرعية المرتدة أو الضالة. نجد أيضا، فكرة المهدي المنتظر الشيعية، و"الماشيح" المسيحية لدى داعش بإعلان الخلافة !

تنتشر في أمريكا عشرات التنظيمات البيورتانية الطهرانية، المهاجرة إلى البساطة الأولى، إلى نقطة ساكنة في التاريخ. تعكس كثير من النصوص الأدبية والشعرية الأمريكية (والكلام للمسيري) رفْض التاريخ، وربما يكون تدمير أمريكا للعراق انتقاماً من ثرائها بالتاريخ، وحسداً منه. 
تشبه داعش الاستعمار، في أنها استيطانية، احتلالية، تحاول تحقيق حلم "الفردوس الأرضي"، والفردوس يقتضي جحيماً بالضرورة، دائماً كانت الصيغة هكذا: الفردوس يقتضي جحيماً، هكذا عاش الأسد، وزمرته في نعيم، وعاش خصومه في جحيم تدمر، أو في جحيم "البونات" البطيء.ويقتضي أيضاً عبيداً للخدمة، أو شعباً من الدرجة الثانية، كما هو الشعب السوري على نار النظام، أو في رمضاء داعش.

يقول المسيري إنّ بطاقات المعايدة الأمريكية النمطية (عبارة ثابتة للمناسبات ترسل مع توقيع المرسل) كانت تثير لديه الغثيان لبؤسها، وقد تشبه الأدعية الدينية التي لا تتغير في مواعظ الجمعة إلى حدٍ ما: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.

لكن لمَ يحارب الجميع التنظيم، مسلمين وكفاراً؟ إنهم خائفون من فكرة الإسلام. داعش أكثر أعداء فكرة الإسلام .
 جاء في الحديث الشريف: "أَنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الْأَئِمَّةُ الْمُضِلُّونَ" وفي حديث آخر: "إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي: حَكَمٌ جَائِرٌ، وَزَلَّةُ عَالِمٍ، وَهَوَى مُتَّبِعٍ".

خَطَبَ عُمَرُ فَقَالَ: «إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَيْكُمْ بَعْدِي أَنْ يُؤْخَذَ الرَّجُلُ مِنْكُمُ الْبَرِيءُ، فَيُؤْشَرُ كَمَا يُؤْشَرُ الْجَزُورُ، وَيُشَاطُ لَحْمُهُ كَمَا يُشَاطُ لَحْمُهَا، وَيُقَالُ: عَاصٍ وَلَيْسَ بِعَاصٍ» قَالَ: فَقَالَ عَلِيُّ وَهُوَ تَحْتَ الْمِنْبَرِ: «وَمَتَى ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ أَوْ: بِمَا تَشْتَدُّ الْبَلِيَّةُ، وَتَظْهَرُ الْحَمِيَّةُ، وَتُسْبَى الذُّرِّيَّةُ، وَتَدُقَّهُمُ الْفِتَنُ كَمَا تَدُقُّ الرَّحَا ثُفْلَهَا، وَكَمَا تَدُقُّ النَّارُ الْحَطَبَ؟» قَالَ: «وَمَتَى ذَلِكَ يَا عَلِيُّ؟» ، قَالَ: «إِذَا تُفُقِّهَ لِغَيْرِ الدِّينِ، وَتُعُلِّمَ لِغَيْرِ الْعَمَلِ، وَالْتُمِسَتِ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ».

الشام.. بوابة المجد العالمي

الشام.. بوابة المجد العالمي 

د. أحمد موفق زيدان 
الإثنين، 30 نوفمبر 2015
إزدحام القتل، والمقاتلين، والأجندات الإقليمية والعالمية في الشام يُؤكد على أن المسألة أكبر من رأس أسد أو «داعش»، ويعززه إسقاط الطائرة الروسية من قبل المقاتلات التركية، الذي يتوقع أن يُحرك مياهاً عسكرية راكدة في المنطقة وليس سياسية، فالشام ترفض تقسيم كعكتها بين متنافسين ومتخاصمين، ذلك هو التاريخ الذي ميّزها على مدى قرون، والبحر المتوسط هو مهد الإمبراطوريات من قبل الرومانية ومن بعدها، ولذا شخّصه الشاعر أحمد شوقي، والشعراء كثيراً ما يتنبؤون، فعادة ما يكونون الأقرب إلى إدراك المستقبل وفهمه، يقول شوقي مخاطباً المتوسط:
يا أبيض القسمات والنسمات.... ضُيع من أضاعك

لا بد من الإشارة إلى أن الدورة الحضارية التي رسمها النبي عليه الصلاة والسلام لصحابته رضوان الله عليهم، كانت تعكس عبقرية مكانة الشام، فأشار عليهم بفتحها، وطفحت كتب السنة بالأحاديث الحاضّة على السكنى بالشام، وعلى منصوريتها، وكفالتها الربانية، وهو ما طبقه الصحابة فوراً بتحرير لتنداح الفتوحات من بعدها، ثم عادت الدورة الحضارية على يد صلاح الدين الأيوبي، ردًّا على الحروب الصليبية حين بدأ بتحرير الشام وتوّجها بتحرير بيت المقدس، ولما أرادت السلطنة العثمانية الارتقاء إلى مصافّ الإمبراطورية لم يكن لها أن تحقق ذلك دون معركة مرج دابق قرب حلب 1517 مع المماليك والسيطرة على الشام، لتنداح الإمبراطورية العثمانية إلى حدود الدورة الحضارية العالمية مجدداً.

اليوم ما يجري في الشام هو كسر لنظام عالمي ظالم مقيت فُرض لتحجيم تركيا، فحصرها جيوبولوتيكياً بين جبال ووديان تركية فكان أن زنّرها بقوى ودول معادية لها، من أرمينيا واليونان إلى إيران والنظامين الطائفيين في العراق وسوريا، وجاءت الثورة السورية لتكسر أغلالا غُلت بها تركيا على مدى عقود، وهلّت البشائر التركية من الشام بأن يكون انتصار الثورة الشامية مقدمة لفتح كوة في الحصار الجيوبولتيكي الخانق المطبق عليها منذ عقود، وحين عجز النظام الطائفي مدعوماً بميليشيات طائفية عربية وأعجمية، وبغطاء إيراني وبموافقة دولية غير مسبوقة على تدخل عسكري إيراني جاء الغزو والعدوان العسكري الروسيين على الشام.

تأخرت تركيا وتأخر معها أصدقاء الشعب السوري في الرد المماثل على البلطجة والغرور الإيراني، وعجزت طهران وعملاؤها عن إخضاع الشعب السوري وثورته الشامية، فكان أن اقتربت طلائع الثورة الشامية على حدود المصالح الروسية في جبال العلويين، وترافق ذلك مع عزيمة تركية على إقامة منطقة آمنة عازلة على حدودها وهو ما سيقطع الطريق على إقامة دويلة كردية للإيجار تدفع بها علناً روسيا وإسرائيل، وسراً الغرب لإبقاء العفريت التركي داخل الزجاجة.

ليس أمام القوى العربية والإسلامية المؤيدة للثورة الشامية من بديل سوى إنشاء تحالف حقيقي وجوهري يضم الثورة الشامية ليكون سداً منيعاً في وجه التآمر والبلطجة العالمية التي استباحت الشام وشعبها، وحولتهم الدعاية الروسية البلطجية إلى دواعش، باستثناء من يقف مع النظام الطائفي السوري ويقاتل في صفه، ليس أمام هذه القوى فائض وقت حتى تنتظر إلى ما لا نهاية، وتنتظر معها لتتكرم عليها قوى عالمية ودولية بغطاء سياسي أو دبلوماسي أو عسكري لتحركاتها، فأوباما حسم المسألة منذ حوالي السنة حين قال لم أمنع أحدا من التدخل لوقف الأسد عن مجازره، وبالتالي الرسالة واضحة، الحلبة الشامية مفتوحة للجميع.

الرد المنطقي والواقعي والعملي والسريع على البلطجة الكونية بحق الشام وإبادتها، هو بدعم الشام بسلاح نوعي يُعيد الوجه العربي والإسلامي الحضاري للشام، بعيداً عن المشاريع الطائفية المقيتة، وبعيداً عن مشاريع الاستبداد والاستعمار البغيض، ولعل درس إسقاط الطائرة الروسية يؤكد ذلك من أن النمر الروسي من ورق، وأن العالم لا يفهم إلا لغة القوة، وأن ما يجري من نشر صواريخ أس 400 المضادة للطيران، ومن علاقات استراتيجية روسية - إيرانية إنما يستهدف تركيا قبل أن يستهدف الشام، وأن الوقت وقت العمل ليس لمواكبة ما يحصل فقط وإنما لاستدراك ما فات، وقد فات منه الكثير بسبب تقاعسنا وتباطؤنا واعتمادنا على الآخرين.

أخيراً أنا هنا مدين باعتذار للشيخ معاذ الخطيب، وكذلك للأستاذ محمد طيفور عن مقالي في الأسبوع الماضي إن كان ما فهمه البعض على أنه نيل منهما لترشيحهما على القائمة الروسية للمرحلة الانتقالية، فلم أكن أقصد النيل منهما، وإنما كتبت من باب التحذير، وورد اسماهما على سبيل المثال وليس الحصر، وإلا فقناعتي التي قلتها وأقولها بأن القوى العالمية عجزت عن شراء أو تأجير السوري، فضلاً عن قادتهم، ولعل في فشل مشروع البنتاجون في تشكيل جيش سوري موال له حتى الآن ما يعزز هذه القناعة، ولكن مع هذا لا بد من تعزيز الجبهة الداخلية السورية؛ إذ إنه لا يُعقل أن يتفق الغرب والشرق على علمانية سورية، بينما يتقاتل السوريون على جلد الدب الذي لم يصيدوه حتى الآن، كما أنه لا بد من التأكيد على أن كل من يحلم بحل سياسي في الشام إنما يلهث وراء السراب، فروسيا حسمت خيارها، الأسد أو لا أحد، فهل يحسم الآخرون خيارهم ويدركون أن الركون إلى تغيير موقف روسيا إنما هو وهم ظهر بالتهديدات الروسية المسربة ضد تركيا .

@ahmadmuaffaq

الشام.. بوابة المجد العالمي


الشام.. بوابة المجد العالمي
أحمد موفق زيدان

 ازدحام القتل، والمقاتلين، والأجندات الإقليمية والعالمية في الشام يُؤكد على أن المسألة أكبر من رأس أسد أو "داعش"، ويعززه إسقاط الطائرة الروسية من قبل المقاتلات التركية، الذي يتوقع أن يُحرك مياها عسكرية راكدة في المنطقة وليس سياسية، فالشام ترفض تقسيم كعكتها بين متنافسين ومتخاصمين، ذلك هو التاريخ الذي ميّزها على مدى قرون، والبحر المتوسط هو مهد الإمبراطوريات من قبل الرومانية ومن بعدها، ولذا شخّصه الشاعر أحمد شوقي، والشعراء كثيرا ما يتنبؤون، فعادة ما يكونون الأقرب إلى إدراك المستقبل وفهمه، يقول شوقي مخاطبا المتوسط:

يا أبيض القسمات والنسمات.... ضُيع من أضاعك

لا بد من الإشارة إلى أن الدورة الحضارية التي رسمها النبي عليه الصلاة والسلام لصحابته رضوان الله عليهم، كانت تعكس عبقرية مكانة الشام، فأشار عليهم بفتحها، وطفحت كتب السنة بالأحاديث الحاضّة على السكنى بالشام، وعلى منصوريتها، وكفالتها الربانية، وهو ما طبقه الصحابة فورا بتحرير لتنداح الفتوحات من بعدها، ثم عادت الدورة الحضارية على يد صلاح الدين الأيوبي، ردّا على الحروب الصليبية حين بدأ بتحرير الشام وتوّجها بتحرير بيت المقدس، ولما أرادت السلطنة العثمانية الارتقاء إلى مصافّ الإمبراطورية لم يكن لها أن تحقق ذلك دون معركة مرج دابق قرب حلب 1517 مع المماليك والسيطرة على الشام، لتنداح الإمبراطورية العثمانية إلى حدود الدورة الحضارية العالمية مجددا.

اليوم ما يجري في الشام هو كسر لنظام عالمي ظالم مقيت فُرض لتحجيم تركيا، فحصرها جيوبولوتيكيا بين جبال ووديان تركية فكان أن زنّرها بقوى ودول معادية لها، من أرمينيا واليونان إلى إيران والنظامين الطائفيين في العراق وسوريا، وجاءت الثورة السورية لتكسر أغلالا غُلت بها تركيا على مدى عقود، وهلّت البشائر التركية من الشام بأن يكون انتصار الثورة الشامية مقدمة لفتح كوة في الحصار الجيوبولتيكي الخانق المطبق عليها منذ عقود، وحين عجز النظام الطائفي مدعوما بميليشيات طائفية عربية وأعجمية، وبغطاء إيراني وبموافقة دولية غير مسبوقة على تدخل عسكري إيراني جاء الغزو والعدوان العسكري الروسيين على الشام.

تأخرت تركيا وتأخر معها أصدقاء الشعب السوري في الرد المماثل على البلطجة والغرور الإيراني، وعجزت طهران وعملاؤها عن إخضاع الشعب السوري وثورته الشامية، فكان أن اقتربت طلائع الثورة الشامية على حدود المصالح الروسية في جبال العلويين، وترافق ذلك مع عزيمة تركية على إقامة منطقة آمنة عازلة على حدودها وهو ما سيقطع الطريق على إقامة دويلة كردية للإيجار تدفع بها علنا روسيا وإسرائيل، وسرا الغرب لإبقاء العفريت التركي داخل الزجاجة.

ليس أمام القوى العربية والإسلامية المؤيدة للثورة الشامية من بديل سوى إنشاء تحالف حقيقي وجوهري يضم الثورة الشامية ليكون سدا منيعا في وجه التآمر والبلطجة العالمية التي استباحت الشام وشعبها، وحولتهم الدعاية الروسية البلطجية إلى دواعش، باستثناء من يقف مع النظام الطائفي السوري ويقاتل في صفه، ليس أمام هذه القوى فائض وقت حتى تنتظر إلى ما لا نهاية، وتنتظر معها لتتكرم عليها قوى عالمية ودولية بغطاء سياسي أو دبلوماسي أو عسكري لتحركاتها، فأوباما حسم المسألة منذ حوالي السنة حين قال لم أمنع أحدا من التدخل لوقف الأسد عن مجازره، وبالتالي الرسالة واضحة، الحلبة الشامية مفتوحة للجميع.

الرد المنطقي والواقعي والعملي والسريع على البلطجة الكونية بحق الشام وإبادتها، هو بدعم الشام بسلاح نوعي يُعيد الوجه العربي والإسلامي الحضاري للشام، بعيدا عن المشاريع الطائفية المقيتة، وبعيدا عن مشاريع الاستبداد والاستعمار البغيض، ولعل درس إسقاط الطائرة الروسية يؤكد ذلك من أن النمر الروسي من ورق، وأن العالم لا يفهم إلا لغة القوة، وأن ما يجري من نشر صواريخ أس 400 المضادة للطيران، ومن علاقات استراتيجية روسية - إيرانية إنما يستهدف تركيا قبل أن يستهدف الشام، وأن الوقت وقت العمل ليس لمواكبة ما يحصل فقط وإنما لاستدراك ما فات، وقد فات منه الكثير بسبب تقاعسنا وتباطؤنا واعتمادنا على الآخرين.

أخيرا أنا هنا مدين باعتذار للشيخ معاذ الخطيب، وكذلك للأستاذ محمد طيفور عن مقالي في الأسبوع الماضي إن كان ما فهمه البعض على أنه نيل منهما لترشيحهما على القائمة الروسية للمرحلة الانتقالية، فلم أكن أقصد النيل منهما، وإنما كتبت من باب التحذير، وورد اسماهما على سبيل المثال وليس الحصر، وإلا فقناعتي التي قلتها وأقولها بأن القوى العالمية عجزت عن شراء أو تأجير السوري، فضلا عن قادتهم، ولعل في فشل مشروع البنتاجون في تشكيل جيش سوري موال له حتى الآن ما يعزز هذه القناعة، ولكن مع هذا لا بد من تعزيز الجبهة الداخلية السورية؛ إذ إنه لا يُعقل أن يتفق الغرب والشرق على علمانية سورية، بينما يتقاتل السوريون على جلد الدب الذي لم يصيدوه حتى الآن، كما أنه لا بد من التأكيد على أن كل من يحلم بحل سياسي في الشام إنما يلهث وراء السراب، فروسيا حسمت خيارها، الأسد أو لا أحد، فهل يحسم الآخرون خيارهم ويدركون أن الركون إلى تغيير موقف روسيا إنما هو وهم ظهر بالتهديدات الروسية المسربة ضد تركيا.

السؤال الذي يتكرر


 إحسان الفقيه

السؤال الذي يتكرر :

هل فتح (مرسي) أبواب التشيع في مصر أم هي أكذوبة كبرى؟
ظهرت براءة الذئب من دم ابنِ يعقوب، لكن الدّمَ الكَذِبَ على قميص يوسف لم يجِفّ، يأتي به الظالمون في كل عصر عِشَاءً يبكون، تُشير أصابعهم لاتهامِ شريفٍ يُضيء قلب أبيه، أو ربما رددوا أمام القوم: {إن ابنك سرق}، ليُؤلّبوا على نبيلٍ ملأ صدورهم غِلاًّ، ثم يدفنوا الحقيقة في بئر سحيق، وغفِلوا أن للحق في كل وقت سيّارةً يرسلون واردهم فينزعُ بدلوه ويقول: يا بشرى.

·حُزمُ الاتهامات التي لاحقت الرئيس محمد مرسي ـ فكّ الله أسره ـ في مجملها كانت غطاء سياسيا لشيطنته وتبرير الانقلاب عليه، وتسليط سيف القضاء عليه بصورة رسمية، لكن الانقلابيين حرصوا في الوقت نفسه على اقتلاع أيِّ ميل أو تعاطف مع الرئيس لدى عموم الشعب المصري –بكل طوائفه ومنها الإسلاميون- عن طريق توجيه الاتهام إليه بالمساس بهوية الشعب المصري العقدية، وهو ما تمثل في الادعاء بأن مرسي مكّن للشيعة في مصر وتقارب معهم بصورة تمثل خطورة بالغة على هوية المصريين.

لقد استند مروّجو هذه الفرية ابتداء على جذور توجهات الإخوان في التقارب مع الشيعة، التي كان يتبنّاها رموز الإخوان وغيرِهم لمواجهة العدو الأخطر (الكيان الصهيوأمريكي)، لكن بدأت هذه الدعوات تخفت شيئا فشيئا، بعد أن أصبح العداءُ الشيعيُّ لأهل السنة واضحا، وبدت محاولات التقارب معهم محض أوهام، لاختلاف الجانبين في الأصول، وهذا ما اعترف به الدكتور يوسف القرضاوي، فأثنى علماء السعودية خيرا على الشيخ لتراجعه عن موقفه من التقارب مع الشيعة.

*من يستقرئ واقع مصر فترة قبل قيام الثورة ٢٥ يناير، يدرك أن التشيّع لم يكُن له وجود يذكر فيها، لكنه من التضليل تحميل مرسي مسؤولية التمدد الشيعي فترة ما بعد الثورة، لأن النشاط الشيعي بدأ في التنامي خلال الفترة الانتقالية التي كان يديرها المجلس العسكري، فإن كان هنالك من يلام على ذلك، فوجهوا سهام نقدكم للعسكر.

*في هذه الفترة الانتقالية استغل الشيعة في مصر مناخ الحريات والانفتاح السياسي، وأعلن المُتشيّع المصري (أحمد راسم النفيس) تأسيس حزب الوحدة والحرية، وكان ذلك في أغسطس 2011، أي قبل تولي محمد مرسي الحكم بعام تقريبا.

أجهزة الأمن كانت ترصد نشاطا شيعيا مكثفا في مدن مصر خاصة مدينة 6 أكتوبر معقل التشيّع، ورصدت تحرّك أموال طائلة في اتجاه إقامة المؤتمرات والاحتفالات الشيعية، فلِمَ لم يتحرك المجلس العسكري؟!

*خلال الفترة الانتقالية أعاد الشيعة لأول مرة في مصر منذ العهد الفاطمي، مأتم عاشوراء في مسجد الحسين، وقام زعماؤهم باجتذاب الفقراء والبسطاء بالأموال للدخول في الحزب الشيعي، وجعلوا من مدينة 6 أكتوبر قاعدة يتحركون منها.

فالتوغل الشيعي بدأ بالفعل قبل تولّي الرئيس مرسي مهامّه كرئيس للمصريين.

كان مرسي أمام تحديات ضخمة، إذ ورث تركة ثقيلة من النظام البائد الذي جعل البِنى التحتية على حافة الانهيار وجعل سياسة مصر الخارجية ألعوبة، فاتجه الرئيس محمد مرسي لإقامة علاقات متوازنة مع إيران، رغبة من النظام الجديد في لعب دور أكثر استقلالية في محيطه للتحرر التدريجي من النفوذ الأمريكي.

كما أراد مرسي من تلك العلاقات مواجهة الأزمات الاقتصادية الطاحنة وتعاظم الدين الخارجي والمحلي، إضافة إلى مواجهة ضغوط إقليمية عربية.

في الوقت نفسه كان مرسي يُعوّل على رفض الشعب المصري للتشيع منذ العهد الفاطمي، وانتشار التيار الإسلامي السني الذي يكفيه عناء المواجهة الفكرية للتشيع.

*كانت إيران تحرص على النفوذ إلى الشعب المصري عن طريق التشيع، نظرا لأهمية مصر التاريخية والدينية والجغرافية في العالم الإسلامي، وأرادت إعطاء صورة مفادها أن الثورة المصرية سارت على درب ثورة الخميني، ورغبت في الاستفادة من تأييد التيار الإسلامي قديما وغيره من الكيانات للثورة الإيرانية، واتّجاه الكثيرين ومنهم الإخوان للانفتاح على ذلك النموذج الثوري، فقامت وكالة أنباء فارس بـ (فبركة) حديث صحافي زعمت أنها أجرته مع مرسي تضمّن التأكيد على تطوير العلاقات بين البلدين، وهو ما كذّبه المتحدث الإعلامي للرئيس من الأساس.

*ومن سفاهة القوم أنهم اتهموا مرسي بما هو دليل على براءته، فهم يروجون لتلك التهمة استنادا إلى زيارة مرسي الشهيرة لإيران بعد انقطاع دام سنوات من الحكومة المصرية في عهد مبارك، وتغاضوا عن أن مرسي ذهب إلى طهران وصفع حكومتها وشعبها بالترضّي على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ما لم يفعله أحد قبله، وهاجم وبعنف بشار الأسد، وأعلن دعم الشعب السوري في مسيرته إلى الحرية، الأمر الذي أغضب الساسة الإيرانيين، واضطروا إلى تحريف الترجمة الفارسية لخطاب مرسي وكانت فضيحة مدوية.

*أتساءل: هل كان موقف مرسي في زيارة طهران يتفق مع هذه الفرية؟ هل هذا حال من يريد التقارب مع الشيعة والتمكينَ لهم في بلاده؟ اللهم لا يقول ذلك إلا معاند مكابر.

*خلال زيارة الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد إلى مصر لحضور القمة الإسلامية، كان رد الأزهر الذي نعرف جميعا أنه يسير مع التوجهات الرسمية للدولة، موقفا شديدا في مسألة التقارب، وهو ما ظهر في تصريحات مستشار شيخ الأزهر الشيخ حسن الشافعي أمام نجاد بشأن الخلاف بين السنة والشيعة، وأشار إلى حقوق أهل السنة في إيران، ومسألة سبّ الصحابة، ما حدا بالرئيس الإيراني إلى الاعتراض على ذلك.

*كما أكد الأزهر في تصريحات رسمية على استحالة التقارب مع المراجع الشيعية في إيران والعراق إلا بعد إصدار فتوى تجرم سبّ الصحابة وأم المؤمنين عائشة.

*صحيفة الوطن الموالية للانقلاب ذاتُها، نشرت في 17 فبراير 2013م، خبرا مفاده أن رئاسة الجمهورية وجّهت ردا لاذعا على الرسالة التي أرسلها 17 مفكرا ومرجعا شيعيا إيرانيا بينهم علي أكبر ولاياتي مستشار خامنئي، يدعو فيها الرئيس مرسي للاقتداء بنظام ولاية الفقيه وتطبيقه في مصر.

كانت هذه المواقفُ وغيرُها إيذانا برفض النظام المصري للتقارب مع إيران على طريقة طهران، ورفض العبث بهوية المصريين مقابل المليارات، فدُلّونا يا قوم على المقابل الذي أخذه مرسي من إيران ثمن ما زعمتم من تقاربه مع الشيعة والسماح لهم بالتمدد!

*المفكر الكويتي الدكتور عبدالله النفيسي ذكر عن أحد المسؤولين الكبار في القصر الجمهوري بمصر ، أنه شهد عرضا قدمه وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي إلى مرسي، وتضمن:

30 مليار دولار لمصر، إذا فتحت مصر سفارة في طهران، والعكس.

ضمان 5 مليون سائح إيراني يأتون إلى مصر سنويا..

مدَّ مصر بالخبراء الفنيين لإعادة الحياة لأكثر من ألفين مصنع توقف عن الإنتاج في مصر..

ولما سأله مرسي عن المقابل
، قال صالحي:

نريد أن تُسلّمونا كل المساجد التي بناها الفاطميون في مصر

وجريدتين تنطقان بلساننا داخل مصر

ونريد أن نأخذ من مصر سنويا 20 ألف طالب للدراسة في "قم".

*فأَخبِرونا أي هذه المطالب منحها مرسي لإيران؟! لقد كان هذا العرض كفيلا بإنعاش الاقتصاد المصري، ودعم النظام بقوة في معالجة الأزمة الاقتصادية، لكن ما حدث أن إيران تخلّت عن كل وعودها بدعم مصر ومساندتها بعد ثورة 25 يناير.

*كانت إثارة وصول أفواج سياحية إيرانية إلى مصر ذريعة لتشويه صورة مرسي، وتعرّض بسببها للانتقاد من التيار السلفي، رغم التأكيد على أن هذه الزيارة لن تشمل المساجد في القاهرة، وتم تضخيم الزيارات من ناحية العدد.

يقول الكاتب لطفي عبد اللطيف: " ما أثير عن أفواج بالملايين للسياح الإيرانيين للقاهرة كان مجرد أوهام، وأحاديثَ ثبت يقيننا كذبُها، بل إن زيارة وزير السياحة المصري (هشام زعزوع) لإيران على رأس وفد سياحي يضم 14 شخصية فشلت، وأن الوفد السياحي الإيراني الذي جاء بطائرة "شارتر" وعددهم لا يزيد عن المائة كان عبر رحلة لشركة رجل الأعمال النصراني "رامي لكح."

*قضية السماح للشيعة أثارتها الأجهزة الأمنية التي تعمل لصالح الانقلاب في الخفاء، للتشكيك في حرص مرسي على الهوية الإسلامية السنية للمصريين.

ومع الأسف الشديد بعض المُنتمين للتيار السلفي، حمّلوا الطاولة السياسية للرئيس مرسي ما لا تحتمل، وتشدّد فصيل منهم في معارضة النظام، رغم إقرار المادة 219 في الدستور، والتي تُفسّر مادته الثانية الخاصة بالتشريع الإسلامي باعتباره مصدرا للدستور، فقَيّدت هذه المادة التشريع بالمذاهب الأربعة السنية، وهو ما يحافظ على مصر من التشيع.

*لقد كان الشيعة يعملون ضد الرئيس محمد مرسي بقوة للإطاحة به، وهو ما ينفي شبهة التقارب:

مركز مصر الفاطمية المحسوب على شيعة مصر استضاف مؤسس حركة تمرّد محمود بدر، لتكون مركزا لانطلاقه لجمع التوقيعات ضد مرسي، ومن المعلوم وباعتراف رموز الحركة أنهم كانوا يتحركون وفق خطة رسمتها الأجهزة الأمنية.....

*الشيعة أعلنوا مشاركتهم رسميا للإطاحة بمرسي في خديعة 30 يونيو.....

وبعد الانقلاب على الرئيس مرسي، دعت مرجعيات الشيعة مثل ياسر الحبيب إلى سرعة إعدام مرسي.

فهل يقال بعد ذلك أن مرسي كان يتقارب مع هؤلاء الذي يشاركون في الانقلاب عليه، والدعوة إلى إعدامه؟!

*ما يحدث حاليا هو العكس تماما، فالشيعة تمدّدوا وازداد نفوذهم بعد الانقلاب الذي دعموه، فإلغاء المادة 219 فتح لهم باب الاعتراف بهم، وتقدموا بطلبات رسمية لإقامة حسينيات، والأخبار تنتشر في مصر عن إقامة احتفالات شيعية وعن وجود حسينيات أيضا، وتم تعيين مأذون رسمي للشيعة، وأعلنوا الاحتفال بيوم الغدير، وأصدروا صحفا تدعم الانقلاب، إضافة إلى التشيع الواضح للطريقة العزمية (طريقة صوفية) المُنتشرة في مصر..

كما التقى السيسي الأقلية الشيعية وأظهروا مظلوميتهم في العهد السابق...

إضافة إلى أن الاحتفالات الشيعية تقام في كثير من محافظات مصر تحت ستار التصوف..

وكشف (وليد إسماعيل) مؤسس ائتلاف المسلمين للدفاع عن الآل والصحب، المُتخصّص في رصد تحركات الشيعة في مصر، عن تأسيس جمعيتين خيريتين شيعيتين في الإسكندرية وأسوان.

كما ذكر
الباحث علاء السعيد أن لقطات فيديو مسجلة كشفت تأسيس أول مدرسة شيعية في مصر تضمّ طلابا من عدة دول.

وكشف تقرير نشرته صحيفة الصباح التي كان يترأسها الإعلامي وائل الإبراشي أن خريطة الحسينيات اتسعت مساحتها بعد 30 يونيو.

*الحديث عن ذلك يطول، اكتفي بما يتّسع له المقام، ويعلم الله ما بذلته من جُهدٍ مُضنٍ في البحث عن أصل هذه القضية وفصلها، لكي تتّضح لي معالمُها، لكن الأمر كان يستحقّ عناء البحث والتنقيب، عندما يتعلق الأمر بمصر التي نحب، وقائدِها الذي كنا نأمل أن يُجريَ اللهُ على يديه الخير فيها... وبعون الله ستنجو مصر ..




الكاتبة الأردنية إحسان الفقيه

الأحد، 29 نوفمبر 2015

الاصطفاف على جثة الحقيقة


الاصطفاف على جثة الحقيقة
وائل قنديل

يبدو أن بعض الأطراف على استعداد لأن يضحّي بالحقيقة، وبالموضوعية وبالعدل، في سبيل اقتناص "لحظة اصطفاف" عابرة، تنتهي بالتقاط مجموعة من الصور الفوتوغرافية، الثمينة، يقدمونها إلى الرعاة.
تعبت الكلمات من تكرار التأكيد على أن الثورة فعل أخلاقي، لا ينبغي أبداً أن يسمح أصحابها بإقامة أواصر ومد جسور مع أطراف تبتذلها، وتنقلها إلى شيء أقرب إلى الصفقات والتربيطات الانتخابية، لتصاب في أخلاقياتها وقيمها، وتسلك، كما فعلت مؤسسة الانقلاب قبل الثلاثين من يونيو/ حزيران 2013، حين تبدل حال رموز "يناير"، فباتوا أقرب إلى موردي الحشود للخدمة في معسكر الثورة المضادة.
مناسبة إعادة التأكيد على هذا المعنى، كلمات نشرها الوزير السابق وأستاذ القانون الدكتور محمد محسوب، أمس، أبدى فيها انزعاجه مما يمكن أن أصفه بشبق الهرولة إلى "اصطفاف والسلام"، من دون أدنى اعتبار أو احترام للوقائع والتواريخ.
كتب محسوب "نحن ندعو الجميع لاصطفاف يستعيد روح يناير، ومطالب الشعب، وأمل بناء دولة العدل والكرامة.. لكننا لا يمكن أن نسكت عن التلاعب بتاريخ أمة، وحوادث يملكها شعب كامل، ولا يجوز استخدامها لفض خصومة سياسية".
والحاصل أنه، منذ الارتفاع الملحوظ في درجات حرارة الاصطفاف، متأثرة برياح إقليمية مفاجئة، وكل الأطراف تتلبسها حالة من الرغبة في الظهور، وتقديم نفسها باعتبارها "الفرقة الناجية" من الخطايا، والمنزهة من الأخطاء، فتستغرق في الارتداد إلى الماضي القديم جداً، من دون أن ترحمه من العبث والتدليس والتلبيس والادعاء، بدلاً من تكبد مشقة مراجعة الذات والسقوط في الأخطاء، عن جهل وغفلة وإفراط في حسن النية أحياناً، وعن عمد وانتهازية في أحيان أخرى.
نحب الاصطفاف، نعم، لكن حبنا للحق ينبغي أن يكون أكبر.
لذا، فإنه يمكن القول إن القصة، باختصار، أن بعضهم خرج، أو أُخرِج، سريعاً، أو متأخراً، من علاقة فاشلة مع عسكر 30 يونيو (قصائد الغرام المتبادلة محفوظة في الأرشيف)، وعلى الرغم من ذلك، يصرّون على أنهم الأصوب والأجدر.. وأحسب على الذين استيقظوا، أخيراً، من النوم في فراش أوهام 30 يونيو أن يتواضعوا، أو يخجلوا قليلاً.
إن التحلل الذي يمكن أن تلحظه في منظومة الانقلاب مرده أنها تأسست على الانتهازية وقيم الربح، بكل الوسائل، بصرف النظر عن مشروعيتها، حيث كان الاهتمام فقط بالأعداد والحشود، حتى كانت تلك الصورة المشينة، لبناء انقلابي، قوامه الثورة المضادة، وفي الواجهة رموز تنتمي لثورة يناير، ارتضت أن تستخدم للعب هذا الدور التجميلي، وهي، في كامل وعيها. ولذلك، لن تصمد طويلاً، خصوصاً مع تهاوي أوهام جنرال الانقلاب، يوماً بعد يوم.
وقد كتبت في بداية الانخراط في مؤامرة الانقلاب أن أخطر ما يمكن أن تصاب به المعارضة المصرية الحقيقية أن تسمح بعلاقات تجاور والتقاء مع معارضات أخرى، فاسدة ومزيفة، لمجرد أن الخصم واحد، لأن المهزوم في هذه الحرب غير المقدسة لن يكون النظام الحالي ولا "الإخوان" ولا الإسلام السياسي، بل ستكون مصر كلها هي المهزومة، وستكون ثورة يناير وقود الحرب وأشلاءها ودماءها، لينفتح مشهد النهاية على عودة النظام القديم بكامل عداده وعدته.
ويمكن أن نقول الشيء نفسه، فيما يخص النشاط المحموم لتشكيل منظومة اصطفاف، تنشغل بالكم والعدد، على حساب المضامين الأخلاقية لأي وحدةٍ ثورية، فتسمح بإدماج انتهازيين ومحترفي جلوس على كل الموائد.
إن أحداً لا يملك مفاتيح الثورة، ولا يصح أن يدّعي طرفٌ أنه الثورة، كما أن إغلاق الأبواب في وجه العائدين من تلك العلاقة مع سلطة الانقلاب جريمة بحق الثورة، غير أنه، مع كرنفالات الفرح والترحيب بالعودة، لا يجب أن تمنح لأصحابها الحق في ممارسة أنواع من التطاوس والاستعلاء السفيه، أو فرض الإملاءات والتصورات.
وإذا كنا متفقين على أنه لا يمكن الحديث عن إزالة انقلاب، مع استمرار عبد الفتاح السيسي على رأس السلطة، فإنه، وبالقياس نفسه،لا يمكن الكلام عن استرداد ثورة، من دون التمسك بما أفرزته من مكتسبات، بصرف النظر عن مشاعر حضرتك الشخصية تجاه الرئيس محمد مرسي، أو رأيك في أدائه.

آيات عرابي تكتب | ذكرى تقسيم فلسطين

آيات عرابي تكتب | ذكرى تقسيم فلسطين




في هذا اليوم منذ 68 عاماً 
صدر قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة لتقسيم فلسطين 
في هذا اليوم تم الإعلان رسمياً عن نصل السكين الذي اخترق جسد الأمة.
 بدأت تلك المياه السوداء تزحف على فلسطين قبل ذلك التاريخ بزمن, ولكن هذا اليوم كان مختلفاً قرروا يومها شق فلسطين بالطول بسكين صدئة لم يخفوا نصلها. 
وجع الأوجاع ولب القضايا.

في ذلك اليوم قرروا لنا, تكلموا وصمتنا, عليَّ صوتهم و نُكست رؤوسنا 
في ذلك اليوم بدأ العمل على بتر فلسطين, وكان لابد للجراحة من أدوات ومساعدين. 
عمل مبضع الجراح ذي الأنياب في الجسد, واستأجر عدداً من المرتزقة حوله ليكمموه 
في ذلك اليوم بدأت فصول أخطر مؤامرة على الأمة, بدأوها ف وضح النهار دون أن يعبأوا بنا.


في ذلك اليوم كانت جثتنا ملقاة في العراء تنزف من كل أعضاءها, تملؤها ثقوب الرصاصات وتعلوها الحشرات. 
مسيرة طويلة بدأها الانجليز, وشارفت على الانتهاء في 1917 حين عاونهم مرتزقة فيلق العمال المصري على إحتلال القدس و إمداد جيش الجنرال اللنبي بالماء والطعام. 
لا ننسى في هذا اليوم دور النقراشي رجل انجلترا الخائن, الذي رفض التدخل العسكري في بداية الأمر ثم زج بالجيش (تحت قيادة الانجليز) ليرسم واقعاً جديداً وليرسخ حدود الدولة اللقيطة كما أمره أسياده. 
لا ننسى في هذا اليوم أن السي آي إيه اقامت في مصر للعسكر دولة, ليحموا الكيان الصهيوني.
لا ننسى هزائم المقبور عبد الناصر المتعمدة في سيناء.
لا ننسى لقاءاته بضباط المخابرات الصهيونية بعد مجزرة دير ياسين بشهور.
لا ننسى عناقه لضابط المخابرات الصهيونية واقامته في الأرض المحتلة اسبوعاً كاملاً سنة 1951.
لا ننسى دعوته لصديقه ضابط المخابرات الاسرائيلية بعد انقلاب يوليو ولا ننسى اتصالاته السرية بأصدقاءه.
لا ننسى أوامره بعدم البدء بالهجوم والتي ألقاها لجيشه قبل الهزيمة بثلاثة أيام. 
لا ننسى دخول اليهود المسجد الأقصى في عهده أو بالأحرى تسليم المسجد الأقصى في عهده. 
لا ننسى تآمره مع الملك حسين على فلسطينيي الأردن.
لا ننسى السادات الخائن صاحب مؤامرة أكتوبر والتي عزلت سيناء لتكون حاجزاً بين الشعب المخدوع وبين العصابة المغتصبة في فلسطين. 
لا ننسى حين تقافز أمام الكنيست وطلب منهم السلام بعد أن ادعى انه انتصر. 
لا ننسى رقص زوجته مع الرئيس الأمريكي وقبلات رئيس وزراء العدو المقبور على وجهها.
لا ننسى حضنه لبيجن أمام علم الكيان اللقيط المغتصب


لا ننسى الكنز الاستراتيجي المخلوع, الذي كان يتناول العشاء مع المقبور شارون والذي كان يحاصر غزة. 
لا ننسى أبداً مومس بني صهيون التي استأجروها لإخلاء سيناء من أهلها ومحاصرة غزة وإغراق حدودها. 
لا ننسى أن العسكر شركاء الصهاينة واصدقاءهم وخدمهم في مصر. 
لم ننس كل هذا وسنقتص من خادمهم, مومس انقلاب مصر ان شاء الله 
لا ننسى في هذا اليوم أن نحيي المرابطين المدافعين عن شرف الأمة كلها في فلسطين المحتلة. 
لا أنسى فتيات في الأقصى أرق من الزهور ورجال أقوى من الصخور يقفون في وجه الآلة الحربية للمحتل الصهيوني. 
ان شاء الله لن تظل فلسطين أسيرة ولن تظل مصر أسيرة ولن تظل سوريا أسيرة. 
ومن قلب كل تلك الخرائب ستقوم مدن جديدة على أنقاض اعداءنا. 
حفظ الله فلسطين



آيات عرابي

ayat_oraby@yahoo.com