الأحد، 31 ديسمبر 2017

من الاعجاز العظيم في القرآن الكريم ومن دلائل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

من الاعجاز العظيم في القرآن الكريم ومن دلائل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم 




من الاعجاز العظيم في القرآن الكريم ومن دلائل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم .
قول الله تعالى : ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم )
وقوله تعالى ( ولايزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم ان استطاعوا )
لقد أنزل الله تعالى هاتين ألأيتين على نبيه عليه الصلاة والسلام قبل أكثرمن 1400 سنة ليخبره وامته بخبر ابدي سوف يستمر حتى قيام الساعة وهو عداوة اليهود والنصارى لمحمد صلى الله عليه وأمته وأنهم لن يرضوا عنهم الا اذا اتبعوا ملتهم وخضعوا لهم تماما. وأنهم سوف يستمرون يقاتلونهم حتى يردوهم عن دينهم ويخرجونهم منه ان استطاعوا.
فمن ذا الذي يسطيع ان يخبر بخبر ابدي دام الى اليوم وسوف يستمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها غيره سبحانه؟؟؟
فلو كان هذا الخبر العظيم من عند بشر لحدث في تلك القرون الطويلة مايكسره ويثلمه . ولكنه من عند خالق الكون الذي يعلم ماهو كائن حتى قيام الساعة!!!
وأتحدى من يشكك في هذا ان ياتينى بقرن من القرون أو حقبة من الحقب وجد المسلمون الود والحب وعدم العداوة من اليهود والنصارى .
وعداوتهم للاسلام والمسلمين بدأت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وسوف تستمر حتى قيام الساعة.
لذلك يمكن تعريف الحروب الصليبية التي اطلقها البابا أوربان الثاني . الذي يرجع أصله الى أسرة البيرليوني اليهودية . واستمرت قائمة الى اليوم :- ( بأنها حروب دينية عقدية قامت بها أوربا النصرانية ضد الاسلام والمسلمين بهدف الاستيلاء على ألاماكن المقدسة في بلاد الشام  وطرد المسلمين من الاندلس  ثم أتخذت شكلا تنصيريا واسعا  وعدوانا فكريا علمانيا شاملا لتحويل المسلمين عن دينهم وتدمير عقيدتهم ) .

كتبه .أ د /علي بن محمد عودة الغامدي

فوق السلطة - عام القاف .. والقطروفوبيا

فوق السلطة  
عام القاف .. والقطروفوبيا




عام القاف العربي القاسي وبقلقلة القاف، مؤسف أن تكون 2018 سنة القلاقل يعبر العام 2017 إلى وارثه مرحلا معه أزمة قطر التي بدأت بقرصنة إلكترونية لموقع وكالة قنا للأنباء كمدخل لقطيعة الجوار وحصار الشقيق.
أما في القاهرة فقد فتح المعبر أمام قطاع غزة بعد أن ثبت بالرؤية المصرية أن كتائب القسام ليست إرهابية، فحضرت فلسطين السياسية إلى مصالحة برعاية مصرية.
وفي الرياض لمعت قلادة ذهبية على صدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب في قمة إسلامية أميركية، قادها قطبا العالم بالتأثير على ما ورد في سديسيات التفسير، فذهب ترمب بالعقود والقناطير ليعلن بعد شهور من بيته الأبيض رمي القدس برصاصة التهويد.
وعلى مشارف العام الجديد قتل علي عبد الله صالح، استقيل سعد رفيق الحريري، وهزمت داعش بتوقيع قاسم سليماني، وفي السعودية كان 2017 عام الفندق، وفي قطر عام القناة "قناة الجزيرة" فقفزت فوق الشرط السادس لدول الحصار وليبقى الصوت فوق السلطة.
القطروفوبيا
قطروفوبيا مرض نفساني هو عبارة عن رهاب لا إرادي من دولة قطر وكل ما يمت إليها بصلة، ظهرت أعراضه في شهر رمضان الماضي، ويعتقد البعض أن جذور المرض قديمة.
ينتشر القطروفوبيا بصورة خاصة في السعودية والإمارات، ويوصف بأنه بورجوازي، فهو يصيب المسؤولين وأصحاب الملايين ولا يصيب العامة، ولم يكتشف له علاج حتى الآن رغم جهود المختبرات الكويتية والتركية وحتى الأميركية والأوروبية.

صناعة الإرهاب وأفلام هوليود!

صناعة الإرهاب وأفلام هوليود!

أ.د. حاكم المطيري
نشر في 26 نوفمبر 2017
لم يحدث في تاريخ حروب التحرير في المنطقة العربية خلال مئة عام، ولا حروب الغزو والاحتلال الغربي لها؛ ظهور تنظيم مسلح فجأة كما بعد بدء الثورة المضادة ٢٠١٣! وهروب قادته من السجون الأمريكية العراقية في قصص أشبه بالأساطير الخيالية، وكأنهم ذاهبون لتنفيذ مهمة سينمائية! ثم لحوق الآلاف بهم من السجون العربية التي أطلقت سراحهم للمشاركة في إخراج الفيلم!

ودون أن تعرف الأمة وشعوبها من أين جاء هذا التنظيم الذي كان ٨٠٪‏ من أفراده أجانب من الخارج في أول ظهوره؟

ولا تعرف الامة من هم قادته؟ ومن يمده؟
بل وتتهم كل دولة الدول الأخرى بصناعته؟ 
ثم يسيطر خلال أشهر على منطقة الثورة العربية من حلب حتى الأنبار؛ ليفتك وبكل وحشية بمناطق الثورة وبكل فصائلها حتى الجهادية! وكأنه عدو لها جاء للقضاء عليها، ويحاصرها ويحرمها من كل مناطق النفط ويسيطر عليها ويبيعه في الأسواق ليموّل عملياته، تحت سمع وبصر العالم!



ثم تشتغل الأفلام الهوليودية والمذابح الوحشية المصورة في أرقى الاستديوهات العالمية، ثم تأتي جيوش العالم لإنقاذ الحضارة المهددة بالوحش! لتحتل مناطق الثورة ومدنها، بذريعة تحريرها من تنظيم لقيط مجهول؛ فيتم تدميرها بشكل كامل وتهجير الملايين من سكانها، في كارثة أنست ما قبلها من جرائم المحتل، ثم ينسحب التنظيم بالتفاهم مع جيوش التحرير! ويختفي وقادته وآلاف المقاتلين المجهولين الملثمين فجأة كما ظهر فجأة، دون اتفاقية استسلام بين الطرفين كما يحدث في كل الحروب، ودون إلقاء القبض على أحد من القيادات ولا أحد من الجنود، ودون محاكمتهم وكشف حقيقتهم للرأي العام كما حدث مع نظام صدام حسين وقادة دولته؛ ليظل هذا التنظيم لغزا غامضا تدير به استخبارات القوى الدولية والإقليمية والوظيفية حروبها القذرة لتنفيذ عملياتها الإرهابية؛ دون تحمل مسئولية جرائمها بحق الشعوب؛ لترضى الأمة وشعوبها بالمحتل وتفضل أنظمته الطائفية والوظيفية الدكتاتورية على ثورة مهددة دائما بالوحش الإرهابي الذي يختبئ ليظهر وقت الحاجة وبحسب الطلب؛ فالحرب كر وفر، فتارة مع السيسي وتارة مع حفتر!

اللغة العربية والمدارس الدولية

اللغة العربية والمدارس الدولية

فكيف بعبد الملك لو رأى حكام اليوم والعجمة بادية على ألسنتهم ومنهم من يفخر بجهله بلغة بلده ودينه!
د. محمد الصغير
اصطلح المسلمون على نعت فترة ما قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه بالعصر الجاهلي أو زمن الجاهلية؛ وهو وصف صحيح بالنظر إلى الناحية العقدية وبعض العادات والتقاليد التي ورثوها عن أسلافهم، لكن في تعميم الوصف مجافاة للإنصاف ومخالفة للواقع.
فقد كان للعرب من كريم الخصال وجميل الفعال ما ينفي هذا التعميم ويدحضه، كالكرم والشجاعة وحفظ الجوار وحب الشعر وتذوق النثر حتى أقاموا لذلك أسواقا كعكاظ وذي المجنة وذي المجاز وكانت أشبه بما يعرف الآن بالمهرجانات الثقافية والمعارض الجماهيرية.
وبلغ من حرصهم على اللغة وسلامتها أن أهل الحضر كان يسترضعون أطفالهم في البادية حماية لأبدانهم من الأمراض ولألسنتهم من اللحن لاعتقادهم باختلاط لغة الحضر باللغات الأخرى؛ وهذا في زمانهم وهو ما حدث مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان مسترضعا في ديار بني سعد في بيت حليمة السعدية.
واستمر هذا زمنا في صدر الإسلام حتى قال أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان لقد فكرت في صرف ولاية العهد عن بكرنا الوليد لأنه يلحن فقد أضر به حبنا له فلم نوجهه للبادية.
الغزو الفكري
فكيف بعبد الملك لو رأى حكام اليوم والعجمة بادية على ألسنتهم ومنهم من يفخر بجهله بلغة بلده ودينه!
اللغة هي عنوان الأمم ومؤشر مكانتها ونهضتها، لذا تسعى الدول الراشدة إلى نشر ثقافتها وترغيب الناس في تعلم لغتها بل إن القوى الاستعمارية جعلت هذا هدفا أصيلا في تغيير هوية ما وقع تحت أيديهم.
من الأراضي المحتلة، لكن القوة العسكرية لم تحقق الثمرة الكاملة فعمدوا إلى الغزو الفكري والاحتلال الثقافي فكانت الخطة أنجع والنتيجة أسرع؛ فمن خلال ما دسوه في المناهج ومزاحمة لغتهم للغة العربية في مراحل التعليم الأولى ثم جعل إجادتها شرطا للتوظيف والترقي تحقق الهدف وتم المراد؛ ثم جاءت المدارس الدولية فجعلت من اللغة العربية مادة ثانوية ودرست كل العلوم في المراحل الأولى باللغات الأجنبية، وشكلت بذلك هوية الطالب وحددت مسار ثقافته.
وهذه الظاهرة لا يمكن أن تجدها في بلد يحترم تاريخه أو يحافظ على هويته كما أن تدريس اللغة الأجنبية لغة أولى جناية على الناشئة وجريمة على هوية الأمة وثقافتها واختراق للأمن القومي فيها لأن أبناء هذه المدارس غالبا من طبقات النخبة الذين تنتظرهم الوظائف العليا لإدارة البلاد نيابة عن المحتل.
ولا يجد الأباء والأمهات من المسلمين والمسلمات أية غضاضة في الافتخار بأن أولادهم لا يعرفون لغة أجدادهم التي شرفها الله فأنزل بها كتابه العزيز وقال لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم: "وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُون"  (الزخرف-44).
والذكر الشرف
ويقول حافظ إبراهيم بلسان لغة القرآن:
 وَسِعْـتُ كِتَـابَ الله لَفْظَـاً وغَايَـةً . . .
وَمَـا ضِقْـتُ عَــنْ آيٍ بــهِ وَعِـظِـاتِ
فكيـفَ أَضِيـقُ اليـومَ عَـنْ وَصْـفِ . . .
آلَـةٍ وتنسيـقِ أَسْـمَـاءٍ لمُخْتَـرَعَـاتِ
أنا البحرُ في أحشائِهِ الدرُّ كَامِنٌ . . .
فَهَلْ سَأَلُـوا الغَـوَّاصَ عَـنْ صدفاتي ؟
تعليم اللغات
ثم إن اللغة العربية ليست لغة جنس وإنما لغة دين فلا تصح صلاة المسلم أيا كان لسانه إلا إذا قرأ فاتحة الصلاة بالعربية؛ وليس معنى هذا أننا ضد تعلم اللغات فإن اختلاف الألسنة من آيات الله في الأنفس والأفاق، قال الله تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ"  (الروم-22)
وقد انتدب رسول الله صلى الله عليه زيد بن ثابت لتعلم السريانية لما ساكنوا اليهود في المدينة النبوية.
علينا أن ننظر حولنا كيف أحيا اليهود لغة ميتة يتكلم بها بضعة ملايين، وأهمل العرب لغة حية يتكلم بها قرابة نصف مليار ويتعبد بها أضعاف ذلك؟!
بل إن البلاد التي ندرس كل شيء بلغاتهم لا تسمح بتدريس اللغة العربية في مدارسها لأبناء المسلمين، وتعتبر ثقافة المدارس الخاصة استقلالا عن الدولة وخروجا عن نظامها ولا يسمحون بها إلا في القليل النادر، وقد عايشت هذا وعاينته، فهل سمعتم أن اليابان تدرس لأطفالها لغة الألمان وهل تدرس فرنسا لغة الأسبان وهما جيران؟
كيف نصنع بأنفسنا وأولادنا ما عجز الاستعمار عن صنعه في بلادنا؟ حتى سمعنا بعض المتفرنسين في الجزائر يقول: لابد من الحفاظ على اللسان الفرنسي فهو حسنة الاستعمار!
وإننا لا نعيب على أحد في الاعتزاز بلغته ولكن لما نرضى الدنية في لغتنا، ورحم الله أحمد شوقي إذ يقول:
إِنَّ الَّذي مَلَأَ اللُغاتِ مَحاسِنًا 
جَعَلَ الجَمالَ وَسرَّهُ في الضادِ.

لماذا يرفع الحكام العرب المجرور وينصبون الفاعل؟

 لماذا يرفع الحكام العرب المجرور وينصبون الفاعل؟
د. فيصل القاسم

في كل مرة أستمع فيها إلى حديث أو خطاب لبعض الزعماء العرب أشعر بقشعريرة، لكنْ ليس تحمساً لفيض أفكارهم أو روعة بيانهم أو حلاوة لسانهم، بل حنقاً وغضباً على براعتهم وتفننهم في إيذاء اللغة العربية، والإساءة إليها، و"شرشحتها" شر "شرشحة". قلما تجد حاكماً عربياً متمكناً من لغة الضاد، أو محترِماً لها، أو آبهاً بها، إلا من رحم ربي، فمعظمهم من قبيلة "المفعولن بوهو"، فهذا يرفع المجرور، وذاك ينصب المكسور، وغيره يجر المفعول، وآخرُ يكسر الفاعل، وذاك يضم الماضي، وبعضهم يفتح المضارع، والبعض الآخر يسكـّن المبتدأ، ويكسر الخبر، وكأن هناك مخططاً عربياً رسمياً لتكسير اللغة العربية، والنصب عليها، وجرها إلى أقرب حفرة، لتصبح في محل مقبورة، وعلامة قبرها الكسرة الظاهرة على خاطرها.

لا أدري لماذا لا يهمس مستشارو القادة العرب في آذانهم بعد إلقائهم للخطابات، أو إجراء لقاءات مع وسائل الإعلام ليقولوا لهم: "تخنتوها" يا أصحاب الفخامة والجلالة والسيادة، والله فضحتموننا بين خلق الله بألسنتكم المعوّجة وتشكيلكم البيكاسي (نسبة إلى بيكاسو) الذي لا يمكن أن تعرف لرسوماته رأساً من رجل، أو أنفاً من أذن. إن لغتكم العربية فضيحة، وليست فصيحة، لفظاً، ونطقاً، ونحواً، أيها القادة الأجلاء! فلو سمعكم سيبويه لتململ في قبره. لقد مات الرجل وهو يقول: "أموت وفي نفسي شيء من حتى". أما أنتم فقد تموتون وفي أنفسكم حسرة، لأنكم تماديتم بما فيه الكفاية في الإجهاز على تراثه اللغوي العظيم "حته حته".

لماذا أيها الحكام العرب لا تتعلمون من نظرائكم الغربيين؟ هل بربكم سمعتم يوماً زعيماً غربياً يقترف خطأً نحوياً واحداً في مقابلاته مع وسائل الإعلام أو في خطاباته أمام الجماهير؟
متى توقنون يا حكامنا الأعزاء أن هيبتكم من هيبة لغتكم؟ متى تعرفون أن "اللغة المكسّرة" التي أدمنتم على معاقرتها تسيء إلى مقاماتكم وتعطي عنكم انطباعات مُخجلة على أقل تقدير، بل تجعلكم تبدون في عيون المستمعين والمشاهدين جاهلين؟ ألا يقولون إن اللغة وعاءُ الفكر؟ فأين الفكر إذا كان وعاؤه عندكم لغة معطوبة نحواً وإلقاءً؟ كيف يستطيع البعض أن يستوعب الإسترتيجيات الكبرى وتشعبات السياسة والاقتصاد إذا كان لا يقدر على استيعاب أحرف الجر والنصب والجزم؟

لا نطالبكم أبداً بأن تكونوا خطباء مفوهين كونستون تشيرتشل، بل على الأقل بأحرف الجر والممنوع من الصرف والمضاف إليه والمبني للمجهول ملتزمين. هل يرضيكم أن تئنّ أحرف العلة تحت صرير أسنانكم؟ هل يسعدكم أن يصبح الفاعل المغوار في نحوكم مفعولاً به، والمجرور المسكين فاعلاً بضمتين، والمفعول العنـّين فحلاً بواوين صغيرين؟

ألم يلفت أحد انتباهكم إلى أنكم تقترفون مجازرَ رهيبةً في حق اللغة العربية في تصريحاتكم وخطبكم غير العصماء؟ ألم يقل لكم أحد إنكم تجعلون الكثيرين يقفزون من مقاعدهم هلعاً من أخطائكم القواعدية الفظيعة؟ لماذا يتكلم بعضكم اللغة الإنجليزية أو الفرنسية ببراعة متناهية أحياناً دون أن يلحن بكلمة واحدة، بينما يلحن "عَمـّال على بَطـّال" عندما ينتقل للتكلم بلغة الضاد؟ وكأنه يقول لمستمعيه: أنا أحترم اللغات الأجنبية وأحتقر لغتي العربية؟ أليس تعلم لغتكم الأم أسهل من تعلم اللغات الأجنبية التي تتباهون بتكلمها وكتابتها؟ ما الذي يمنعكم من أخذ دروس لبضعة أشهر لتعلم أبجديات النحو العربي المبسط ومخارج الحروف، خاصة أنكم كلكم قادرون على دفع أجور الدروس الخصوصية أو شراء كتب تعليم اللغة العربية المبسطة؟

لماذا أيها السادة الكرام لا تتعلمون من نظرائكم الغربيين؟ هل بربكم سمعتم يوماً زعيماً غربياً يقترف خطأً نحوياً واحداً في مقابلاته مع وسائل الإعلام أو في خطاباته أمام الجماهير؟ لا أتذكر أنني اكتشفت خلال إقامتي في بريطانيا لأكثر من عقد من الزمان "دجة" لغوية واحدة لرئيس وزراء أو مسؤول بريطاني. وكنت أتساءل دائماً: "لماذا يتقن هؤلاء لغتهم من ألفها إلى يائها، قواعدَ، ولفظاً، ونطقاً، بينما يضرب حكامنا عرض الحائط بأبجد هوز اللغة العربية؟" أليس من المخجل أن يقتل العرب لغتهم الحية، بينما يُحيي الإسرائيليون لغة ميتة؟ هل سمعتم يوماً مسؤولاً إسرائيلياً يتحدث بعبرية ركيكة ونحو مهترئ، ينصب، ويجر، ويرفع على هواه؟

ألا تعتقدون أيها القادة الموقرون أنكم بدوسكم قواعد اللغة العربية وعدم احترامها تشجعون النشء الصاعد على الإجهاز عليها؟!
ألا تعلمون أيها السادة أن تشجيع اللهجات المحلية في وسائل إعلامكم العربية المسموعة والمرئية في الآونة الأخيرة مقدمة تمهيدية لـ"سايكس بيكو" الجديدة التي تريد تقسيم المقسّم وتجزئة المجزأ؟ ألا يُخشى أن يضيع دم اللغة العربية بين القبائل والطوائف والكانتونات وزواريب الشرق الأوسط الجديد؟

لقد ذكرني سلخكم للغة العربية أيها الزعماء العرب بكاريكاتور في صحيفة "غارديان" البريطانية قبل بضع سنوات يظهر فيه مجموعة من التلاميذ يعملون بجد، باستثناء واحد فقط لا يأبه بالدراسة، فسأله المعلم: "لماذا أنت كسول ومهمل في دراستك؟" فأجابه التلميذ: "أريد أن أصبح رئيساً للوزراء"، على اعتبار أن رئيس الوزراء البريطاني وقتها كان جون ميجر، الذي لم يكمل تعليمه الثانوي. وأرجو ألا يجيبنا الطلاب العرب إذا سألناهم عن تخلفهم في اللغة العربية بأنهم يريدون أن يصبحوا زعماء!

ويسألونك لماذا أصبح وضع لغة الضاد في الحضيض في مدارسنا ووسائل إعلامنا؟ هل نلوم تلاميذ المدارس وطلاب جامعاتنا إذا كانوا لا يتقنون لغتهم الأم، ويلحنون فيها ولا يستطيعون تأليف جملة مفيدة واحدة، إذا كان كبار القوم في بلداننا في محل مخربين للغة ومتفننين في التصرف خبط عشواء بقواعدها ونطقها؟ هل يُعقل أن تعرض ألمانيا على الجزائر المساعدة في حماية لغة الضاد؟

ألا تعتقدون، أيها القادة الموقرون، أنكم بدوسكم قواعد اللغة العربية وعدم احترامها تشجعون النشء الصاعد على الإجهاز عليها، فإذا كان رب البيت بالدف ضارباً، فشيمةُ أهل البيت كلهم الرقصُ؟

السبت، 30 ديسمبر 2017

"ساتلوف" منبهر: ابن سلمان لا تعنيه القدس وقرار ترامب لم يكن له أي أثر في "بلاد الحرمين ومهد الإسلام"

"ساتلوف" منبهر: ابن سلمان لا تعنيه القدس وقرار ترامب لم يكن له أي أثر في "بلاد الحرمين ومهد الإسلام"
الترجمة خدمة العصر
تعجب المدير التنفيذي لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، روبرت ساتلوف، من موقف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها. وكتب مقال نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، أنه كان يتوقع "غضبا كبيرا" في أروقة النظام السعودي و"موجات من المتظاهرين المناهضين للولايات المتحدة" في شوارع المملكة، فإن إعلان ترامب لم يكن له أي تأثير حقيقي في "مسقط رأس الرسول ومهد الإسلام وحاضنة الحرمين الشريفين"، لا شعبيا ولا رسميا.
لم تنتفض الرياض نصرة للقدس لم تمتلئ بعشرات الآلاف من السعوديين المدافعين عن القضية الفلسطينية ردا على إعلان ترامب، وأهل العلم في المملكة التزموا الصمت، بل تباهوا بالعلاقات المتينة مع ترامب ومع الحكومة الإسرائيلية مؤخرا، ولا سيما الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي ووزير العدل السابق محمد العيسى، الذي لم يتعرض إطلاقا لقضية القدس، وتحدّث في المقابل بفخر كبير عن الصداقات التي أقامها مع الحاخامات في أوروبا وأميركا، والزيارة التي قام بها أخيراً إلى كنيس في باريس، وأكّد التزامه الحوار القائم بين الأديان.
واعترف ساتلوف بأنه "تفاجأ وصُدم ودُهش" من موقف العيسى، الذي قال إنه الأمين العام لـ"منظمة قامت لعقود طويلة بنشر تفسير متطرف للإسلام السني وتمويل المدارس والمساجد والمؤسسات الدينية الأخرى التي كانت حاضنة للجهاديين السنة".
وتفاجأ أكثر بأن ولي العهد السعودي لم يزد على "كلمة واحدة فقط" عند سؤاله عن قرار نقل السفارة الأميركية، لينتقل ابن سلمان "بسرعة إلى الحديث عن العلاقات الأميركية - السعودية وكيف يستطيع البلدان العمل معاً للحد من آثار القرار واستعادة الأمل في عملية السلام الإسرائيلية ــ الفلسطينية".
ومن الواضح، وفقا لتقديرات صحفية، أن ساتلوف انضم، إلى جانب الصحفي الأميركي الشهير توماس فريدمان وغيره، لنادي معجبي محمد بن سلمان، إذ تحوّل مقاله فجأة إلى قصيدة مدح فيها الأمير "السياسي الماهر بالفطرة".
فالرسالة المسمومة التي حاول ساتلوف إيصالها بمقال الذي كتبه بعد زيارته للرياض ولقائه ولي العهد السعودي في فترة إعلان ترامب عن القدس، هي أن "العرب عامة والمسلمين خاصة تخلّوا عن القدس وفلسطين"، ويمكن تبين هذه الرسالة بوضوح في الفقرة الأخيرة من مقاله، التي يقول فيها:
"...من توقع أن تكون ردة فعل الدول العربية والإسلامية على الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل مروعة، وتنبأ بخروج بحر من التظاهرات المناهضة للولايات المتحدة وتعرّض المواطنين الأميركيين لاعتداءات والمؤسسات والمصالح الأميركية لأعمال شغب في هذه الدول، وحذّر من نهاية النفوذ الأميركي في المنطقة، كان مخطئاً تماماً. فردّة الفعل في الدول العربية الحليفة للولايات المتحدة كانت بشكل عام رصينة ومتزنة وناضجة. المملكة العربية السعودية، مهد الإسلام، هي خير مثال على ذلك".





تركيا الجديدة... هل تصدُق فيها أطروحة هنتنغتون؟

تركيا الجديدة... هل تصدُق فيها أطروحة هنتنغتون؟

احسان الفقيه
من أكثر الأطروحات الفكرية إثارةً للجدل في العالم بأسرِه، فكرة صراع الحضارات التي اشتُهر بالتنظير لها، السياسي الأمريكي والأستاذ بجامعة هارفارد لما يزيد عن خمسين عاما "صامويل هنتنغتون"، وعلى الرغم من أنه ليس أول من كتب في صدام الحضارات، حيث سبقه إلى ذلك أرنولد توينبي وبرنارد لويس، إلا أن هنتنغتون قد أحدث ضجة كبيرة غير مسبوقة نظرا لأن فكرته الأساسية في أطروحته للنظام العالمي الجديد، هي الاختلاف الثقافي بين شتى حضارات العالم، والذي ينتج عنه حتمية الصدام بين تلك الحضارات.
ينطلق هنتنغتون من فكرة أن الصراعات الناشئة بعد الحرب الباردة لن تكون أطرافها دول قومية، وإنما تظهر مواجهات بين حضارات مختلفة لأسباب ثقافية ودينية.
تركيا كان لها نصيب من توقعات السياسي الأمريكي في أطروحة صراع الحضارات، وكان من أبرز ما قاله بشأنها: "إذا تخلّت تركياعن العلمانية كشيء غريب عن وجودها، وتركت تسوّل عضوية الاتحاد الأوروبي، وظهرت كمتحدث باسم الإسلام، ساعتها سترقى بنفسها وتقود الأمة الإسلامية".
استوقفتني عبارة هنتنغتون بالنظر تجاه المسيرة التركية مع بدايات الألفية الجديدة وتولّي حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية زمام الأمور، فالرجل قد وضع مُقدمات تقود إلى نتيجة واحدة وهي قيادة تركيا للأمة الإسلامية.
فأما المقدمات التي ذكرها هنتنغتون، فتتمثل في ثلاثة عناصر:
أولا: التخلي عن العلمانية
وصفها السياسي الأمريكي بأنها شيء غريب عن وجود الدولة التركية، وهذا جلِيٌّ وواضح أمام من تتبع تاريخ الأتراك، حيث كانت الإمبراطورية العثمانية منذ نشأتها ترتكز على الفكرة الإسلامية، وبها استطاعت مزج العديد من القوميات الأخرى والتعايش معها، وكانت في عهد السلطان عبد الحميد خلافة إسلامية سقطت بسبب تآمر دولي أجاد استخدام النعرات القومية في الداخل.
وتحوّلت وريث الإمبراطورية العثمانية إلى جمهورية علمانية سعت إلى إقصاء الدين إلى أبعد الحدود، معتمدة في ذلك على فصل الأتراك عن تراثهم وتاريخهم.
بيد أننا نستطيع القول بأن الشعب التركي احتفظ إلى حد ما بالمكونات الثقافية في حين ظلت مؤسسات الدولة وخاصة المؤسسة العسكرية غارقة حد النخاع في العلمانية، إلى أن جاء حزب العدالة والتنمية بعد عقود من الانقلابات العسكرية على أي حكومات لا تنسجم مع المبادئ الكمالية.
فهل تخلّت تركيا عن العلمانية؟
شئنا أم أبينا فإن الحزب الحاكم له جذوره الإسلامية المعروفة، لكنه قد دخل معترك الحياة السياسية بوعي وتقدير للحالة التركية، واستفاد من التجارب السابقة للأحزاب الإسلامية، فجاء كنسخة أكثر تعاطيًا مع الواقع، فأسقط من حساباته المبدئية وبصفة مؤقتة صبْغَ المجتمع التركي بالصِّبغة الإسلامية، إلى درجة أن أردوغان الذي كان رئيسا للوزراء آنذاك، أرسل ابنته لتلقي تعليمها في أمريكا حتى لا تضطر إلى نزع الحجاب تجنّبا للصدام مع العلمانية الشرسة في تركيا.
بعد سنوات من تولّيه زمام الأمور في تركيا، استطاع الحزب الحاكم إحداث نقلة بعيدة في الاقتصاد التركي، كان لها الأثر الأعظم في تمريره العديد من القرارات التي تصب في صالح الفكرة الإسلامية، بعدما استحوذ على ثقة المواطن التركي، واتّكأ فيها على فكرة الحريات، ومن ذلك قضية الحجاب التي طرحتها القيادة باعتبارها حقا شخصيا للمرأة التركية، إضافة إلى المدارس الدينية، والاهتمام بالنشء من جهة التربية الإسلامية، والعديد من المظاهر الأخرى لذلك التوجه.
تسعى القيادة إلى تقديم نموذج يمزج الإسلام بالقومية التركية بما يسميه البعض ( تركنة الإسلام ) ، وبناء على ذلك تبذل جهودا واضحة لإحياء التراث العثماني وربط الأتراك به.
خلاصة القول أن العلمانية في تركيا آخذة في الانحسار إذا أخذنا في حساباتنا مبدأ التدرّج البطيء الموزون الذي تنتهجه القيادة التركية في التعامل مع الموروث العلماني الثقيل، ولا يستطيع أحد إنكار أن تركيا اليوم ليست كتركيا الأمس فيما يتعلق بالمظاهر الإسلامية.
ثانيا: ترك تسوّل الاتحاد الأوروبي
كان الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي حلم كل الحكومات التركية المتعاقبة، لما يترتب على ذلك من ازدهار اقتصادي وتحقيق لمصالح الأمن القومي والعديد من المكاسب التي جعلت كل حكومة تسعى للتوافق مع القيم الأوروبية لتحقيق هذا الهدف.
يغلب على ظني أن حكومة العدالة والتنمية كانت تُخطط للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي – رغم صعوبته – حتى تدور في فلك الديموقراطيات الغربية الرافضة لحكم العسكر، حتى تأمن الحكومة الوليدة مخاطر الانقلابات العسكرية.
شيئا فشيئا أدركت القيادة التركية أن عدم انضمام تركيا المسلمة إلى الاتحاد خيار استراتيجي لأوروبا، والتي تخشى من تحوّل القضايا الإسلامية في تركيا إلى قضايا أوروبية نظرا لأن تركيا دولة مسلمة، خاصة وأن عدد سكانها الذي يقدر بحوالي 80 مليون يجعلها ثاني أكبر عضو في الاتحاد، وهو ما يعطيها الحق في عدد أكبر من المقاعد داخل البرلمان الأوروبي، وبالتالي سيتم تناول عدد كبير من النواب للقضايا الإسلامية على المائدة الأوروبية.
إلى جانب مخاوف أخرى اقتصادية تتعلق بتدفق المهاجرين الأتراك إلى دول أوروبا كما يرى البعض.
غير أن حكومة العدالة والتنمية استمرت تفاوض في الانضمام إلى الاتحاد، حتى في ظلِّ التراشق مع بعض دول الاتحاد، ولم تُخْفِ المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل توجهها لمنع تركيا من الانضمام، حيث قالت عن تركيا في مناظرة تلفزيونية "لن تصبح أبدا عضوا في الاتحاد الأوروبي".
ومع أن تركيا تستمر في تعرية القيم العنصرية الأوروبية وتستمر في المفاوضات الشكلية للانضمام، إلا أنها تدرك جيدا أن هذا الباب مُغلق من الأمس إلى الغد.
ثالثا: التحدث باسم الإسلام
الإنجازات التي قامت بها حكومة العدالة والتنمية ولمَسَها المواطن التركي بوضوح، لم تتعلق فحسب بالحالة الاقتصادية، بل جزء كبير من هذه الإنجازات كانت في السياسة الخارجية التي أعطت للأتراك شكلا وطابعا مميزا في الصورة الذهنية لدى دول العالم، حيث تعاظم الدور التركي في المنطقة، وصارت الدولة أكثر تفاعلا وتأثيرا في المحيط الإقليمي.
لقد أعاد أردوغان وفريقه تركيا إلى حضن العالم الإسلامي مرة أخرى، حيث جعل منه مجالَهَ الحيوي الذي يتحرك فيه، وأحسَن استغلال القوة الناعمة التي نشرت الثقافة التركية في العالم الإسلامي والعربي.
لقد أصبحت تركيا مؤخرا لا تنفك عن التفاعل القوي مع قضايا العالم الإسلامي باعتبارها جزءًا أصيلا منه، ويمكن الوقوف على ذلك من خلال المواقف الجريئة لأردوغان في الدفاع عن الإسلام واتهامه بإنتاج الإرهاب، والموقف من أزمة مسلمي بورما سواء على الصعيد الدبلوماسي أو الإعلامي أو الإغاثي، والتنديد بجرائم المُتشددين البوذيين ضد المسلمين تحت سمع وبصر الحكومة، ومؤخرا كان الموقف التركي تجاه إعلان ترامب القدس كعاصمة لإسرائيل هو الأجرأ بين الدول الإسلامية ، رغم أنه ليس لديه إلى الآن ترجمة على أرض الواقع، فلا تترك تركيا مناسبة تتعلق بقضايا العالم الإسلامي إلا وكان لها مواقف مشرفة، وصار تحدُّث أردوغان عن بلاده بصفتها دولة إسلامية هو الخطاب السائد.
فهل يمكن القول بأن تركيا قد اكتملت لها مقومات قيادة العالم الإسلامي وفقا لهنتنغتون؟
ربما تكون الإجابة بنعم مرهونة بعدة أمور، أهمها مدى قدرة النظام التركي على الاحتفاظ بالاستقرار الاقتصادي الذي يحقق لها الاكتفاء ، وهو ما يضمن بذاته استقلالية القرار السياسي.
وثاني هذه الأمور الحفاظ على ثوابتها في السياسة الخارجية، والجمع بين ثنائية المصلحة والأخلاق، لأن اللعب في تلك الثوابت حتما يُفقد تركيا أهلية قيادة العالم الإسلامي.
وثالث هذه الأمور حجم وصلابة التحالفات التي تبنيها تركيا مع دول العالم الإسلامي خاصة الدول المؤثرة ذات الثقل الاقتصادي والعسكري، إلى جانب مدى توغلها في القارة السمراء..
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

الجمعة، 29 ديسمبر 2017

.فصول مبكرة.. (4) ألهذا يحتفلون.. ؟ أم لهذا يهيئون..؟!

.فصول مبكرة.. (4)


ألهذا يحتفلون.. ؟ أم لهذا يهيئون..؟! 

د.عبدالعزيز كامل
أعياد الميلاد ورأس السنة التي يحتفل بها مالا يقل عن ملياري "مسيحي" في العالم، وسط احتفال أمثالهم من البشر حتى في البلاد الإسلامية ، بل وفي أطراف الجزيرة العربية..هو في حقيقته احتفاء بمولد مسيح ادعى أتباعه فيه الربوبية ؛ قبل أن يدعيها لنفسه بآماد وآجال مسيح الضلالة الدجال..! فهل سيجد مسيح الضلالة الأكبر عندما يخرج صعوبة في وجود أتباع يدينون له بالربوبية و يقدمون له ذل العبودية؛ بعد أن دانت بها ولانت لها قلوب الأكثرية من شر البرية ، من خلال تلبيس وتدليس اليهودية ثم النصرانية وماتبعهما من فرق تسمى "إسلامية".. ؟

في البداية وضع التحريف اليهودي بذرة الفرية بميلاد بشر فيه صفات الألوهية ، كما جاء في سفر أشعيا [يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا مُشِيرًا إِلَهًا قَدِيرًا أَبًا أَبَدِيًّا رَئِيسَ السَّلاَمِ، لِنُمُوِّ رِيَاسَتِهِ وَلِلسَّلاَمِ لاَ نِهَايَةَ عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ وَعَلَى مَمْلَكَتِهِ لِيُثَبِّتَهَا وَيَعْضُدَهَا بِالْحَقِّ وَالْبِرِّ مِنَ الآنَ إِلَى الأَبَدِ. غَيْرَةُ رَبِّ الْجُنُودِ تَصْنَعُ هَذَا" ] (أشعيا9/6-7)، ومصادر العقائد النصرانية أخذت من هذا النص ماركبته على عيسى عليه السلام ، فهي تنص صراحة على أن ميلاده هو (ميلاد الرب)..كما جاء في إنجيل لوقا 10/2.. [ « فها أنا أبشِّركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب، إنه قد وُلد لكم اليوم في مدينة داود مخلِّص هو المسيح الرب» .!! ..ومدينة داود المذكورة في نصي التوراة والإنجيل المحرفين هي القدس ، التي ستظل مركز صراع الأديان إلى آخر الزمان ..
أعياد الكريسماس التي يحتفي بها الناس كل عام -إلا من رحم الله - هي احتفالات بميلاد ذلك الرب الذي يؤلهه النصارى، ويدعونه (مخلص) العالم ، كما هو عنوان اللوحة التي اشتراها ابن سلمان وأودعها عند ابن زايد بن سلطان ، فكلمة Christmas مكونة من مقطعين : المقطع الأول هو Christ ومعناها: (المخلِّص) وهو لقب المسيح، والمقطع الثاني هو mas وهو مشتق من كلمة فرعونية معناها (ميلاد)، وجاءت هذه التسمية بسبب التأثير الديني للكنيسة القبطية الأرثوذكسية في القرون الأولى .. ومع أن النصارى المعاصرين يؤمنون بمن يسمونه (عدو المسيح) Antichrist أي الدجال ، وأنه سيحكم العالم قبل عيسى من (رجسة الخراب) التي تمثل في اعتقادهم هيكل اليهود الثالث، بعد أن يبنى سريعا عقب هدم المسجد الأقصى بأيام....فإنهم مع هذا الاعتقاد يسيرون على ذات خطى اليهود في التميهد لزمن الدجال..!

من فهم حقيقة اختلاف الناس فيمن أطلق عليه وصف (المسيح ) بالحق أو الباطل..سيفهم كثيرًا من الصراعات الدينية والمنازلات العقدية،التي تفسر الكثير من الوقائع التاريخية قديما وحديثا ومستقبلا، ويعين على هذا الفهم تأمل قول الإمام ابن تيمية -رحمه الله - في كتابه : (هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى ص 66) حيث قال : ( المسلمون يؤمنون بالمسيح الصادق الذي جاء من عند الله بالهدى ودين الحق، الذي هو عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول، والنصارى إنما تؤمن بمسيح دعى إلى عبادة نفسه وأمه وأنه ثالث ثلاثة وأنه الله وابن الله، وهذا هو أخو المسيح الكذاب لو كان له وجود، فإن المسيح الكذاب يزعم أنه الله‏.‏ والنصارى في الحقيقة أتباع هذا المسيح كما أن اليهود إنما ينتظرون خروجه، وهم يزعمون أنهم ينتظرون النبي الذي بشروا به، فعوضهم الشيطان بعد مجيئه من الإيمان به انتظارا للمسيح الدجال، وهكذا كل من أعرض عن الحق يعوض عنه بالباطل ) ‏انتهى كلامه .‏
فكم لفتن الدجال - قبل أن يخرج - من ممهدين.. ومهيئين.. ومهنئين ..ومنتظرين محتفلين.ومحتفين ..! حتى في بلاد المسلمين وجزيرة الإسلام ..؟! فاللهم ثبت قلوبنا على التوحيد والإيمان..

أقرأ

فصول مبكرة.. في فتن الدجال المعاصرة (1)



عرب ميكرونيزيا.. عبدة المفاوضات

عرب ميكرونيزيا.. عبدة المفاوضات

وائل قنديل
يقول الخبر إن‏ وزراء خارجية ست دول عربية سيتجمعون في عمّان في 6 يناير/ كانون الثاني، للتباحث بشأن قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، نقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة. وفي التفاصيل إن هذه الدول هي الأردن ومصر وفلسطين والسعودية والإمارات والمغرب.

هؤلاء في الحقيقة يشكلون ما جرى وصفه بمحور "عرب ترامب"، فهم الأكثر مواظبةً على أداء طقوس التطبيع، والالتزام بما يفرضه الرئيس الأميركي المتصهين على جدول أعمال المنطقة، والأكثر حرصاً على طلب ودّه، والأشد سخاء في دعمه، مالياً وسياسياً.
السؤال الأساس هنا: لماذا يجتمع هؤلاء فقط، وبعيداً عن مظلة عربية جامعة، وما سر الإصرار على استبعاد الأطراف العربية الأخرى؟

يبدو من قائمة المجتمعين وكأنها قد شكلت على النحو الذي يرضي إسرائيل، فثلاث من الدول تحكمها أنظمة تستمد وجودها من الانخراط في علاقات تعاون سياسي وأمني وتجاري مع الكيان الصهيوني، وهي الأردن ومصر والسلطة الفلسطينية، فيما تبدي السعودية والإمارات حماساً متصاعداً للدخول في علاقات مباشرة مع الاحتلال، عبر صفقة القرن، وهو ما تفضحه التصريحات الصادرة من تل أبيب، والزيارات السرية التي تتزايد الشهادات والدلائل على حدوثها، فضلاً عن أن المغرب تحتفظ بعلاقات مع الكيان الصهيوني منذ فترة طويلة.

يعني ذلك أن المطروح في المباحثات المنتظرة ليس وسائل لمجابهة قرار ترامب، وإنما محاولة فرض آليةٍ للتعايش مع القرار، أمراً واقعاً، ثم العودة إلى دائرة التفاوض العبثية، بعد أسبوعين من غليان الشارع العربي، غضباً من قرار تهويد القدس.

ولو وضعت إلى جانب ما سبق التهديدات والضغوط التي تمارستها عواصم عربية ضد رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، كي يخضع لإملاءات صفقة القرن، فإن الاجتماع لن يخرج عن كونه مناسبةً لمواصلة ابتزاز السلطة الفلسطينية التي لوّحت بإنهاء عملية السلام، وإلغاء اعتبار الإدارة الأميركية وسيطاً أو راعياً للتفاوض.

الشاهد أنه، بعد مرور أسبوعين على قرار ترامب، وما تلاه من ردود أفعال في مجلس الأمن والأمم المتحدة، لم يتجاوز رد الفعل الرسمي العربي عن ذرّ الرماد في العيون، والكمون المؤقت أمام هبة الشارع العربي، ثم محاولات تبريدها بالرهان على عنصر الوقت، من دون أن تقدم عاصمة واحدة على اتخاذ إجراء عملي واحد ضد واشنطن وتل أبيب، وتوابعهما من الدول الصغيرة التي أيدت القرار الأميركي.

وإذا كان الواقع يقول إن أياً من الأطراف العربية لا يستطيع الدخول في مواجهة مع الثنائي الأميركي الإسرائيلي، فإنه كان من الممكن الإقدام على إجراءاتٍ وخطواتٍ أخرى، لا تورد أصحابها التهلكة.

مثلاً، لو كان النظام الرسمي العربي جاداً حقاً في مجابهة مؤامرة تهويد القدس، فقد كان من المستطاع ببساطة شديدة معاقبة كل دولةٍ قررت أن تحذو حذو واشنطن، وتنقل سفارتها إلى القدس المحتلة بسحب السفراء العرب منها، ومقابل كل سفارة تفتح في القدس، تغلق 22 سفارة عربية في الدولة التي استجابت للضغط الأميركي الصهيوني.

ندرك تماماً عجزكم، ونعرف أنه لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وأنه ليس في مقدوركم سحب سفرائكم من واشنطن، لكن تستطيعون فعل ذلك مع دولة ضئيلة الحجم، باعت نفسها مجتمعة بنحو عشرين مليار دولار دفعتها واشنطن لقاء التصويت في الأمم المتحدة لصالح إسرائيل، كما ورد على لسان تشارلز موران، المسؤول في الحزب الجمهوري الأميركي.

هل سمعت أن دولة عربية واحدة قرّرت تجميد علاقاتها الدبلوماسية مع ميكرونيزيا (‏105آلاف نسمة) أو ناورو ‏( 14 ألف نسمة) أو بالاو (20 ألف نسمة) أو جزر مارشال (53 ألف نسمة)؟ هل فكر أحد في الإقدام على إعلان موقف دبلوماسي ينتصر للقدس بمواجهة جزر ودويلات لا يزيد تعداد سكانها مجتمعةً عن نصف عدد الفلسطينيين في القدس المحتلة؟

الحقيقة أن الذين أعلنوها حرباً على قطر الشقيقة، لا يجرؤون، أو بالأحرى لا يريدون أن يفرضوا إجراءً واحداً من إجراءات الحصار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي التي فرضوها على الشعب العربي في الدوحة، بل تقول الملهاة إن من دول حصار قطر من سبقت أميركا وتل أبيب في اتباع آلية تقديم الرشى لجزر ودويلات متناهية في الصغر، لكي تساعدها في الحصار.
هؤلاء ليسوا أقل خضوعاً لمشيئة ترامب من ميكرونيزيا.

حفظ الله تعالى للاسلام وتحربف النصرانية

حفظ الله تعالى للاسلام وتحريف النصرانية

حدثت التغيرات في النصرانية لانها صيغت على يد البشر في مجمع نيقية عام 324 م
أما الإسلام فأنزلة الله وتكفل بحفظة ولن يغيرة عدنان إبراهيم ولاغيرة
ومن والوسائل التي هيأها الله لحفظ دينه…
أولا:- انه بعث رسوله عليه السلام في أمة أمية لا تعرف الفلسفات القديمة كاليونانية فلم تتأثر بها قط.
والوسيلة الثانية التي هيأها الله لحفظ دينه ان الاسلام أقام دولته بنفسه زمن نبيه عليه السلام ولم يخضع زمن التأسيس لدولة اخرى فاستقرت عقيدته , اما النصرانية فظهرت في بلاد تسود فيها الفلسفة اليونانية وغيرها من الفلسفات القديمة فتأثرت بها واستمدت من عقائدها وصياغاتها الفلسفية في عقيدتها , كما ان النصرانية ظهرت وعاشت أكثر من 300 سنة تحت حكم أكبر امبراطورية عرفها العالم القديم لذلك من الطبيعي ان تتأثر بعقائد ونظم هذه الامبراطورية ولذلك يجمع المتخصصون في تاريخ ظهور الديانة النصرانية وانتشارها انها هي التي ترومت(اي صارت رومية) وليست الامبراطورية الرومانية هي التي تنصرت .
ولذلك نجد المحرف الاول للنصرانية بولس الفيلسوف اليوناني اليهودي الذي زعم ان بني آدم ورثوا خطيئة ابيهم ادم وانه لايكفر تلك الخطيئة الا قتل ابن الرب المسيح ليكفر — بزعمه الكذوب — عن كل خطايا بني آدم .
ويمضي الزمن والنصرانية خاضعة للامبراطورية الرومانية وقوانينها حتى زمن الا مبراطور قسطنطين وهو في الاصل ابن زنا انجبه الضابط الروماني قسطنطيوس من عشيقته هيلانة وهي صاحبة حانة في مدينة نيش بصربيا الحالية .
وفي سنة 313م اصدر قسطنطين ما عرف خطأ بأسم مرسوم ميلان وهو توجيه لاحد حكام الولايات الرومانية بالتسامح مع النصارى والتوقف عن اضطهادهم , بعد ان تعرضوا للاضطهاد والتشريد زهاء 300 سنة .
ولما حدث التسامح وظهرت النصرانية على السطح ظهرت الخلافات العقدية بين النصارى وانقسم النصارى انقسامات حادة حول العقيدة النصرانية لدرجة ان الامبراطور قسطنطين خاف ان يؤثر ذلك الانقسام على وحدة الامبراطورية فدعا الى عقد اول مجمع ديني في تاريخ النصرانية في مدينة نيقية ( أزنيق الحالية في غرب تركيا) سنة 324 م وحضر المجمع 2048 أسقف ورجل دين من كل العالم النصراني وجاء قسطنطين وترأس جلسات المجمع– وهو لايزال وثنيا لم يتنصر بعد– ووجه قرارات المجمع بما يخدم مصالح الامبراطورية .
وعندما انعقدت الجلسات ظهرت الاختلافات العجيبة الكثيرة في العقيدة النصرانية ولن اعرض هنا الا اهم اثنين منها ومن اراد ان يعرفها بالتفصيل فليراجع كتاب: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لشيخ الاسلام ابن تيمية . أو كتاب الخطط للمقريزي ففيهما عرض كامل لتلك الاختلافات العقدية.
ومن اشهر الاراء التي طرحت في المؤتمر رأي آريوس السكندري الذي قال بأن المسيح مخلوق بشر وليس الاها وانه مر زمن لم يكن فيه المسيح موجودا وان الله هو الموجود وحده…… 
فأعترض على هذا الرأي اسكندري آخر هو أثناسيوس الذي قال: بأن المسيح هو ابن الله وبما انه ابنه فهو من جوهر ابيه فكما ان الأب أزلي فالابن ازلي أيضا وشبه الاب والابن مثل شعلة من نار انفصلت منها شعلة اخرى(تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا ) وزعم اثناسيوس ان المسيح الابن انما دخل في احشاء مريم لكي يكتسب الصفة البشرية وقد أيد أثناسيوس في اراءه 316 أسقف ووجد قسطنطين ان هذه العقيدة
تتوافق وتتماهى مع عقائد الرومان التي تقول بأن الاباطرة من نسل الالهة فأيدها واجبر الباقين في المجمع على تأييدها واتخذ المجمع قرارا بتأييد عقيدة اثناسيوس الشركية ورفض عقيدة اريوس ونفيه وحرق كل كتبه ورسائله وأصدر المجمع ما عرف بقانون الايمان اي العقيدة لما قبلتها وهي( نؤمن بالله الواحد الاب،مالك كل شيء صانع مايرى ومالايرى.ونؤمن بالرب المسيح ابن الله الواحد بكر الخلائق كلها ولد من ابيه قبل العوالم كلها ليس بمصنوع اله حق من جوهر أبيه الذي بيده اتقنت العوالم كلها وهو خالق كل شيء………………………………الخ)
وهذه العقيدة او القانون حسب تسميتهم له ينقض بعضه بعضا ففي اوله الشهادة لله بأنه واحد ويليه الشهادة عليه تعالى بأنه له ولدا وهو اله مثله وأنه من جوهره وهذا في غاية الكفر والشرك وفي غاية الضد والتناقض لوحدانية الله تعالى الواحد الاحد لاشريك له ولاشبيه تبارك الله وتقدس عن كفرهم .
وقد جاء في أول هذا القانون ان الله خالق كل شيء وبعده ونؤمن بان المسيح خالق الاشياء كلها الذي بيده اتقنت فاثبت ان مع الله الها خالقا لكل شيء وهذا من افضح التناقض وكذلك قوله ان الله صانع مايرى وما لايرى فدخل فيه المسيح لانه بالضرورة مما يرى ثم اعقب ذلك بقوله المسيح خالق كل شيء وانه غير مصنوع وهذا تناقض ورعونة وقال ولد من ابيه قبل العوالم كلها وهو بكر الخلائق كلها فمتى خلق كل شيء قبل ميلاده وهو عدم؟ او بعد ميلاده وهو صبي رضيع؟؟ ومن كان يدبر السموات والارض ومن فيهما قبل ميلاده وايجاده وكيف يكون بكر الخلائق وهو الخالق لجميعها بزعم هذا القانون؟
لان معنى قوله بكر الخلائق اي اول ماوجد منها وكل عقيدة النصارى قائمة على على هذا التناقض والمحال ثم اذا كان المسيح ازلي مثل ابيه بزعمهم فكيف يكون احدهما والد والاخر مولود؟؟؟؟ ونحمد الله تعالى الذي انعم علينا بعقيدة الاسلام الواضحة الناصعة البينة المستقيمة التي تريح النفس .
ولذلك لا تعجبون من عقيدة هذه قصتها ان تمر بادوار لاحصر لها من التغييرات والتبديلات وكل ما بنى على باطل فهو باطل.
اما دين الاسلام فهو الحق وماسواه هو الباطل فلن يستطيع احد من البشر ان يغير او يعدل في عقيدته لان الله تعالى تعهد بحفظه ومن يدخل في مواجهة مع الله فمصيره الخسران المبين


2018: صباح اليوم التالي لليلة الفائتة

2018: صباح اليوم التالي لليلة الفائتة



ديفيد هيرست

بعد عام من الأحداث الدرامية المتلاحقة، يصحو أولئك الذين ظنوا أن بإمكانهم إعادة ترتيب الشرق الأوسط ليصبح على الصورة التي يتمنون وبالطريقة التي تعود عليهم بالربح، على الصداع الذي جلبوه إلى أنفسهم.
ثلاثة أحداث حددت معالم الشرق الأوسط في عام 2017، صور كل واحد منها على أنه نصر عسكري مؤزر، أو عمل إصلاحي جريء.
كان النجاح كـ«المادة المسكرة» في تأثيرها في دماغ المنتصر، أما النشوة الناجمة عن ذلك فلم تدم طويلًا. وكل حدث من هذه الأحداث أطلق بدوره العنان لتغير في التحالفات الإقليمية لم يكن ليخطر ببال.
وبعد مرور عام، يبدو صباح اليوم التالي أقل بهجة في أعين المحركين والمدافعين لهذا العالم العربي الجديد والشجاع عما كان عليه الحال في الليلة الفائتة.

حرب بالخيار

أول نصر تحقق في ذلك العام كان من نصيب الروس الذين استعادوا السيطرة على حلب في الأيام الأخيرة من عام 2016.
لقد احتفل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتنصيب نفسه الحاكم الإمبريالي الجديد لسوريا بالمشي مخلفًا وراءه بشار الأسد، الرئيس السوري الذي يتفضل عليه بوتين بإنقاذه.
حصل ذلك في استعراض عسكري داخل قاعدة حميميم في اللاذقية. ربما دون وعي من بوتين، كان المشهد نسخة طبق الأصل من استعراض لحاكم روماني قديم.
كانت سوريا، بالنسبة لبوتين، حربًا بالخيار، فروسيا ليس لها حدود مشتركة مع أي دولة عربية، وكان بإمكانها أن تترك دمشق تسقط دون أن يمسها ذلك بسوء، إلا أن بوتين قرر أن يقحم نفسه بقوة عسكرية كانت في حينه موضع سخرية من حلف الناتو، على اعتبار أنه يقوم بمغامرة بلا هدف.
لكنه أراد أن يثبت فكرة، ليس فقط بشأن قوته الجوية، ولكن أيضًا بشأن النظام الدولي الجديد، مفادها أن أمريكا لم تعد تملك احتكار الخيار العسكري، ولا تملك حق الاعتراض على الخيارات العسكرية للآخرين. ولقد أثبت ذلك فعلًا.
إلا أن العواقب الاستراتيجية لذلك التدخل لم تكن بالبساطة التي يمكن لروسيا المنكمشة، والبقية الباقية من القوة العسكرية الكونية التي كان الاتحاد السوفيتي يومًا يملكها، أن تتحملها منفردة، ولذلك ما لبث بوتين أن اكتشف أنه بحاجة إلى حلفاء.
بات الأسد الآن عبدًا لسيدين: روسيا وإيران، رغم أن مصالح البلدين تتباين، وبشكل خاص بشأن مصير الرئيس السوري، وفي هذا خالف الأسد النهج الذي كان يلتزم به والده من قبل.
فقد كان حافظ الأسد يحتفظ بعلاقات قوية مع إيران وأمريكا في الوقت نفسه، وساعد جورج بوش الأب ضد منافسه البعثي صدام حسين في حرب الخليج الأولى.
لقد حافظ الوالد على استقلال بلده؛ بينما فرط ابنه في ذلك الاستقلال، وبرز حافظ الأسد في صورة الحاكم القوي؛ بينما يظهر ابنه في صورة المشلول.
يحتفظ بوتين الآن بقاعدتين دائمتين على ساحل البحر المتوسط، ولكنه في الوقت نفسه يجد يديه مغلولتين بالحطام والدمار الذي آلت إليه سوريا. ولو كان الاتحاد السوفيتي قد أنفق مالًا في الشرق الأوسط، ها هي روسيا الفيدرالية تأتي لتجنيه.
وفي هذا السياق لا تُجدي بوتين نفعًا طائراته المقاتلة، فهو بحاجة إلى الاستقرار، تلك السلعة المستعصية التي لا هو ولا إيران يملكان توفيرها لملايين السوريين الذين سعوا لإنهاء حكم سلالة الأسد، والذين فقدوا كل شيء في هذه الحرب.
ولذلك فإن موسكو وطهران كليهما تحتاجان إلى تركيا. أما إيران فتحتاج تركيا لإحداث توازن مع روسيا وللتواصل مع العالم السني. في الوقت نفسه تسعى إيران جاهدة لإصلاح الأمور بينها وبين حماس، وبينها وبين الإخوان المسلمين في تركيا بعد الأضرار التي نجمت عن تدخلها في سوريا.
وإذا ما أرادت روسيا تحقيق مكاسب من استثمارها في سوريا، على شكل مبيعات سلاح وإقامة مفاعلات نووية، فإنها هي الأخرى بحاجة إلى القفز فوق الانقسام الطائفي.

المعسكر المنافس

في المقابل، تحتاج تركيا إلى كل من روسيا وإيران، وخاصة بعد أن فصلت نفسها، على الأقل من الناحية النفسية، عن الولايات المتحدة الأمريكية. وعلى الرغم من أن كل واحدة من هذه الدول لديها أجندة مختلفة في سوريا، إلا أنها في الوقت الحالي تقف في مواجهة مصير واحد، وتتصدى لخصوم مشتركين.
بدأ بوتين يدرك أن ثمة فرقًا كبيرًا بين أن تخرج أمريكا والسعودية من سوريا، وأن تصبح سيد حرب أهلية بالية. ما من شك في أن ثوار سوريا تلقوا ضربات قاصمة تحت وطأة سلاح الجو الروسي، ولكن ما زال جمر النزاع متقدًا تحت الرماد.
وأما النصر الثاني فأحرزه المعسكر المنافس الذي يتكون من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وتمثل في ما حصل عليه دونالد ترامب في الرياض من ترحيب وإشادة.
كان يفترض أن يبشر ذلك بانطلاق تحالف جديد بين الدول العربية السنية «المعتدلة» في مواجهة إيران، والإسلام السياسي، وأي تمرد محلي، أو أمير منافس يتحدى طغيانهم.
يبدو هذا التحالف على الورق ممسكًا بالأوراق كافة: أضخم صناديق ثروة سيادية، وأكبر جيوش، وحراس شخصيين غربيين، و«هاكرز»، ومساندة إسرائيلية. أما في الواقع، فإن تحالف الطغاة المعاصرين يعاني من العمى، وتحجب عنه الرؤية سحب من خداع الذات.

ما الخلل الذي يمكن أن يحدث؟

كانت خطتهم، مثلها في ذلك مثل ثروتهم، غاية في العظمة والأبهة. ولم تكن تقتصر فقط على شغل الفراغ الذي سيوجده انسحاب أمريكا بوصفها قوة هيمنة إقليمية في القرن الحادي والعشرين، وإنما للسيطرة على الاتصالات والمواصلات والتجارة في كل المنطقة المحيطة بالعالم العربي السني، من خلال المواني والجزر وخطوط التجارة بدءًا من خليج عمان باتجاه قناة السويس غربًا وباتجاه إفريقيا جنوبًا، في ما يعدّ تشكيلًا جديدًا لنمط من الإمبراطوريات المحمولة بحرًا، التي كانت سائدة في القرن السادس عشر.
كان لزيارة ترامب ما بعدها، إذ توالت سلسلة من الإجراءات غير المسبوقة. بادئ ذي بدء فرض الحصار على قطر، ثم أطيح الأمير محمد بن نايف، أكبر أبناء عم محمد بن سلمان سنًّا، ثم جاءت حملة التطهير التي شنت على الأمراء، وبعد ذلك صدر الأمر لرئيس وزراء لبنان، سعد الحريري، بالاستقالة من منصبه، ثم صدرت تعليمات للرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بالتنازل عن القدس الشرقية وعن حق العودة، أو التخلي عن موقعه لمن لديه الاستعداد لأن يقدم على ذلك.
كانت كل رمية لحجارة النرد تكشف عن العقلية السلطوية للرجال الذين أرادوا الهيمنة على المنطقة، رجال لا يبالون لا بالرأي العام ولا بالمحاسبة ولا بالتاريخ ولا بالدين ولا بالثقافة ولا بالهوية. كل هم هؤلاء الرجال هو أن يحكموا ويملكوا ويصدروا الأوامر، وكل ما عداهم إنما وجد ليدين لهم بالولاء والطاعة.

إعلان ترامب

والآن ننتقل إلى الحدث الثالث والأخير.
فبعد مرور 100 عام على إعلان بلفور، خرج ترامب على الناس بإعلان خاص به: الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. ولئن كان الحدثان الأول والثاني قد ولدا هزات، فإن الحدث الثالث أطلق كمًّا هائلًا من الطاقة تكفي لإحداث زلزال.
كان من جراء ذلك الزلزال أن اثنين من حلفاء واشنطن العتيقين، ملك الأردن عبد الله ورئيس السلطة الفلسطينية عباس، قفزا من السفينة على الملأ. مد ملك الأردن يده إلى تركيا وسوريا وإيران؛ بينما أعلن عباس أن الولايات المتحدة لم تعد مؤهلة للقيام بدور الوسيط.
ثم تحولت الحرب الصامتة بين تركيا والإمارات إلى حرب صاخبة، وذلك بفضل تغريدة حولت العلاقة بين البلدين إلى مباراة في الصياح المتبادل.
وذلك أن وزير خارجية الإمارات، عبد الله بن زايد آل نهيان، أعاد نشر تغريدة تتهم فخر الدين باشا، الحاكم العثماني الذي دافع عن المدينة المنورة في مواجهة القوات البريطانية، بسرقة ممتلكات السكان المحليين ونهب الآثار الدينية التي كانت بجوار قبر النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-. فرد عليه أردوغان قائلًا: «أيها البائس الذي يفتري كذبًا على أجدادنا، أين كان جدك أنت بينما كان جدنا فخر الدين باشا يدافع عن المدينة المنورة؟».
ظل أردوغان محافظًا على وتيرة خطابه ذاك حتى عندما حل في السودان التي زارها يوم الاثنين، وأعلن منها إبرام تركيا سلسلة من الصفقات العسكرية والاقتصادية ذات الدلالة الاستراتيجية المهمة.
يمثل السودان أهمية خاصة بالنسبة لمصر، فهو بلد ضخم، وهو بوابتها إلى إفريقيا، وما لبث يسعى لإصلاح علاقاته مع المملكة العربية السعودية على مدى العامين الماضيين.
وتوقف خلال تلك الفترة عن التعاون مع كل من تركيا وقطر، وكان لذلك وقع شديد على الميليشيات الإسلامية في مختلف أرجاء ليبيا، إلا أن السودان اليوم بصدد الانتقال من خندق إلى آخر.

الرسالة السودانية

كنت قد كتبت من قبل عن أن السودان بدأ يناله الإرهاق بسبب دوره في اليمن، إذ يزود قوات التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية بأكبر عدد من العناصر المقاتلة التي تشكل قواته البرية هناك. واليوم، هناك تقارير غير رسمية تفيد بأن السودان بدأ فعلًا بسحب جنوده من اليمن.
قبل أيام قليلة من زيارة أردوغان، أبلغ السودان الأمم المتحدة باحتجاجه على اتفاقية الحدود البحرية بين السعودية ومصر، التي وافقت مصر بموجبها على التخلي عن جزيرتي البحر الأحمر غير المأهولتين، تيران وصنافير، وذلك لاعتباره أن الاتفاقية داست له على طرف، إذ اعترفت السعودية بموجب هذه الاتفاقية بأن منطقة مثلث حلايب الحدودية المتنازع عليها بين مصر والسودان هي جزء من مصر.
كانت زيارة أردوغان بمنزلة فرصة سانحة أمام السودان لتوجيه رسالة إلى الرياض والقاهرة. فقد أعلن الرئيس التركي أنه استلم جزيرة سواكن في شرق البحر الأحمر ليقوم بإعادة إعمارها. تحتوي الجزيرة على أطلال ميناء بحري عثماني ليس له حاليًا أي استخدام بحري استراتيجي مهم.
إلا أن الاتفاقية العسكرية التي أبرمت خلال الزيارة نفسها بين رؤساء أركان كل من تركيا وقطر والسودان على درجة كبيرة من الأهمية.
فهم السعوديون الرسالة القادمة من السودان، حتى إن صحيفة عكاظ وصفت قرار السماح لتركيا بإعادة إعمار الجزيرة بأنه «تهديد سافر للأمن القومي العربي».
وقالت الصحيفة: «تسعى تركيا لفرض هيمنتها على منطقة القرن الإفريقي، من خلال تقديم المساعدة العسكرية، وإقامة القواعد لنفسها في بلدان إفريقيا».
وأضافت: «تمثل إقامة قواعد عسكرية في السودان تهديدًا صريحًا للدولة المصرية، وذلك على خلفية العلاقات المتوترة بين القاهرة وأنقرة، وتصاعد النزاع المصري السوداني بخصوص حلايب والشلاتين».

صباح اليوم التالي

إذن، كيف يبدو الشكل الجديد للعالم العربي بعد عام من الأحداث الدرامية المتتابعة؟ لقد تقلص مجال النفود الذي تتمتع به المملكة العربية السعودية. بدأ العام المنصرم والمملكة العربية السعودية تترأس مجلس التعاون الخليجي بأعضائه الستة، التي ما لبثت أن دعت 55 زعيمًا من الأقطار ذات الأغلبية المسلمة للاستماع إلى ترامب، وهو يعظهم ويحاضر فيهم حول الإسلام المتطرف.
ثم انتهى العام بنزيف حاد في ذلك الدعم، حتى إن السعودية فقدت نفوذها في لبنان بالكامل.
وكما قال أحد السياسيين السنة، لو أن إيران أنفقت مليارات الدولارات سعيًا منها لتحويل الرأي العام في لبنان ضد المملكة العربية السعودية، لما تمكنت من تحقيق إنجاز أفضل مما يسره لها السعوديون أنفسهم من خلال إجبارهم سعد الحريري على الاستقالة من منصبه.
يعتقد محمد بن سلمان أنه طالما ضمن وقوف ترامب وإسرائيل إلى جانبه فلا شيء آخر يهم، إلا أن حسبته تلك ناجمة عن ثلاثة أخطاء جسيمة.
أما الخطأ الأول فهو افتراض أن ترامب سيستمر في رئاسة الولايات المتحدة، وهي الفرضية التي يدحضها ستيف بانون، ضمن آخرين، إذ أخبر مجلة فانيتي فير بأنه لا يمنح ترامب أكثر من نسبة 30% في أن يفلح في تجنب الإنهاء المبكر لفترة رئاسته الأولى، إما بسبب توجيه الكونجرس اتهامًا له بالخيانة، وإما بسبب قرار عزل له تصدره الإدارة؛ تفعيلًا للتعديل الخامس والعشرين في الدستور. ودون ترامب ستؤول إلى ركام كل خطط ابن سلمان العظيمة.
وأيًّا كان الرئيس الذي سيخلفه، فإنه لن يسمح بالاستمرار في هذا الطريق المدمر نفسه.
وأما الخطأ الثاني فيتعلق بنظرته إلى إسرائيل، وما من شك في أن الإسرائيليين أكثر فطنة وحنكة ودارية وأصوب قراءة لما يدور في واشنطن مقارنة بحال السعوديين السذج والمبتدئين.
وهذا ما يفسر مسارعة الإسرائيليين إلى خلق مزيد من الحقائق على الأرض، ووضع آخر لبنات في جدار المستوطنات التي يقيمونها حول القدس.
رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، رجل في عجلة من أمره، لا يريد فقط استكمال ضم القدس الكبرى، وإنما يريد أيضًا الحصول على توقيع ترامب على ذلك؛ بينما لا يزال في السلطة.
وأما الخطأ الثالث في خطة ابن سلمان فيتعلق بالقدس. وذلك أن إعلان ترامب بشأنها أدى ما بين عشية وضحاها إلى إعادة الاعتبار إلى القضية الفلسطينية، التي تراجع الاهتمام بها بسبب الانتفاضات العربية التي انطلقت عام 2011، والثورة المضادة التي جاءت من بعد، ووضعها تارة أخرى في الصدارة باعتبارها القضية المركزية، ولم تعد سوريا هي الموضوع الرئيسي.
ونتيجة لذلك، لم يعد أمام الفلسطينيين من خيار سوى إشعال انتفاضة ثالثة. ولقد حذر مسؤولو الأمن الإسرائيليون قادتهم السياسيين من المزاج السائد في الميدان، وقالوا لهم إن مستويات التوتر في قطاع غزة تذكرهم بالأوضاع التي كانت سائدة عشية الحرب التي شنت على غزة في عام 2014.
ولعل ذلك ما ينتظر عام 2018؛ بل لقد أدى صعود طاغية سعودي جديد متمثل في ابن سلمان، بما لديه من طموح في أن يصبح سيد المنطقة، إلى تنشيط المعسكر القطري وتفعيله، الذي يتمتع الآن بمساندة عسكرية تركية وسودانية، وبدعم لوجستي من إيران.
المهم أن القضية الفلسطينية عادت إلى الصدارة، وباتت هي مركز التباينات بين المعسكرين، وفي هذه الأثناء عاد الإسلام السياسي لاعبًا قويًّا، ولا أدل على ذلك من أن محمد بن سلمان ومحمد بن زايد، وبعدما لم يبق في أياديهما شيء من الأوراق في اليمن، راحا يغازلان زعماء التجمع اليمني للإصلاح. كما أن أنصار الإسلام السياسي أظهروا ما لديهم من قوة من خلال المسيرات الاحتجاجية التي نظمت في الأردن وحول العالم بشأن قضية القدس.
بدأ العام المنصرم بحالة من الغرور القاتل لدى أولئك الذين ظنوا أن بإمكانهم إعادة ترتيب الشرق الأوسط، ليصبح على الصورة التي يتمنون، وبالطريقة التي تعود عليهم بالربح. أما الآن فها هم يصحون من غفوتهم على أوجاع الصداع الذي جلبوه إلى أنفسهم.

ترجمة "عربي21" عن موقع ميدل إيست آي