وحي القلم
واسيني الأعرج: مكاني الثابت هو لغتي العربية
لا تبدو الأمكنة في عين الروائي الجزائري واسيني الأعرج (1954) إلا بما يمكن للغة أن تخلقه، فالمكان ابن اللغة التي تسربت إليه حكاية بعد حكاية.
فذاك جده الموريسكي صاحب المكتبة في غرناطة الذي تشبث بمكانه تحت عسف محاكم التفتيش، ولكن ما إن أحرقت مكتبته حتى قرر "لن أبقى في مدينة تحرق الكتب".
الأمكنة لدى واسيني الأعرج مرتبطة بالحرية، حرية البقاء فيها وحرية مغادرتها، إذا انتفى شرط الحرية لم تعد للكتابة قيمة.
يلخص ما أخذه من الكتاب بأنه النص "الذي يعطي أرضية قوية لحرية المخيال". رأى الروائي أن في هذا الكتاب هاجس الحرية "إن ألف ليلة وليلة نص حر".
مصادفة أخرى ستقود الكاتب إلى "الدون كيخوته"، كان ذلك في العام 1961 في المدرسة الفرنسية، شعر بأن حكايات الكتاب كان يجب أن تحكيها جدته وبأن النص قريب جدا إليه، ليصبح "الدون كيخوته" إضافة إلى "ألف ليلة وليلة" مرجعين لا يخرج عنهما.
يعرف واسيني الأعرج بغزارة إنتاجه الروائي، ويعلق الناقد والمترجم العراقي كاظم جهاد بأن تجربة الأعرج أنموذجية واستثنائية "ولو رجعنا إلى الفهرست لوجدنا له رواية متوسطة الحجم كل عامين"، معتبرا هذا دليل متابعة وبما يحيل الغزارة إلى الخصوبة وليس الإكثار.
أما الكاتب والناشر فاروق مردم بك فتحدث عن تميز عالم واسيني الأعرج بغناه وأنه ليس محصورا بمدينة ولا بلد، لافتا إلى أن أعماله بها خاصية الاعتناء بالفنون الأخرى داخل النص الروائي، ومن ذلك النحات، الشخصية الرئيسية في رواية "شرفات بحر الشمال"، والرسامة في رواية "سوناتا لأشباح القدس" وراقصة الباليه في "سيدة المقام".
لا يشعر الروائي بأنه منفي، يقول إن رواية "شرفات بحر الشمال" أنهاها في الطائرة إبان رحلته إلى أميركا، وحينما فكر أن يوقع اسم المكان الذي ختم به روايته وجده معلقا في طائرة تجوب الأجواء، وهنا قرر "مكاني هو الذي أوجده أعطيه الحياة والذي تخلقه لغتي".
القرية ليست مقدسة
القرية الصغيرة البسيطة شكلت في السنوات العشر الأولى من عمره بنية أساسية تجاه اللغة العربية التي كانت "تقاتل" الجدة الموريسكية من أجلها وبحكاياتها ودعم انخراط الولد واسيني في المدرسة ضد مشروع فرنسا الاستعماري الذي يريد انتهاك اللغة الأم.
غير أن القرية ليست مقدسة لديه. ويقول "هي لحظة طفولية حاسمة" لكن الكتابة الروائية هي ابنة المدينة، فالمدينة عالم معقد يوازي تعقد الكتابة.
اعتاد واسيني الأعرج على الترحال الذي يحيل جانبا منه الى جينات العائلة، والذي جعله في المقابل يحيل المكان إلى حالة زئبقية بينما الثابت هو لغته العربية.
البحر بالنسبة إليه شرط لكي لا تكون المدينة ثقيلة، ولا تخلو رواية له من البحر أو بما يحيل إلى البحر، وحتى باريس التي يعيش فيها منذ 16 عاما والجميلة ببناياتها ومتاحفها ينقصها البحر، فتجده يذهب إلى نهر السين حتى يعوض قليلا من البحر الذي يفتقده.
تقول الكاتبة زينب الأعوج -وهي زوجة ضيف "وحي القلم"- إنها القارئة الأولى له وإن أي عمل يكتبه تعيشه العائلة بالحكي، "فواسيني حكاء جميل".
اعتاد واسيني الأعرج على الترحال الذي يحيل جانبا منه الى جينات العائلة، والذي جعله في المقابل يحيل المكان إلى حالة زئبقية بينما الثابت هو لغته العربية.
البحر بالنسبة إليه شرط لكي لا تكون المدينة ثقيلة، ولا تخلو رواية له من البحر أو بما يحيل إلى البحر، وحتى باريس التي يعيش فيها منذ 16 عاما والجميلة ببناياتها ومتاحفها ينقصها البحر، فتجده يذهب إلى نهر السين حتى يعوض قليلا من البحر الذي يفتقده.
تقول الكاتبة زينب الأعوج -وهي زوجة ضيف "وحي القلم"- إنها القارئة الأولى له وإن أي عمل يكتبه تعيشه العائلة بالحكي، "فواسيني حكاء جميل".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق