الأحد، 21 ديسمبر 2014

وقام «جذع نخلة» التعاون بين العرب والترك


وقام «جذع نخلة» التعاون بين العرب والترك


خلود عبدالله الخميس
في الثامن والعشرين من أغسطس الماضي، اتجه رجب طيب أردوغان في أول زيارة رسمية له بعد فوزه برئاسة تركيا للمنطقة، إلى قطر، ومنها بدأت المباحثات المشتركة لـ «مجلس التعاون الاستراتيجي التركي القطري» والذي لم تكن بذرته خافية عن المراقبين السياسيين للتطور المطرد للعلاقات التركية – القطرية.
وقبل أمس الأول، وبعد يوم واحد من احتفال بلاده في ذكرى اليوم الوطني، توجه أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للقاء الرئيس التركي أردوغان في العاصمة أنقرة بزيارة رسمية نتج عنها ما تنتظره كثير من شعوب دول الخليج وحظي به الشعب القطري فقط، فقد اشتد «جذع نخلة» التعاون بين العرب والترك، وها هو يقف شامخاً منبئاً برطب جَنيّ آت للأمة.
الجمعة التاسع عشر من ديسمبر 2014 سيكون تاريخاً فارقاً في المنطقة والإقليم، بتوقيع إعلان سياسي مشترك لتأسيس مجلس التعاون الاستراتيجي التركي - القطري الرفيع المستوى، للارتقاء بالعلاقات الثنائية على كافة الأصعدة، السياسة والاقتصاد والتجارة والاستثمار والتعليم والثقافة والعلوم والتكنولوجيا والطاقة والزراعة والاتصالات.
ومنه توقيع اتفاقات متعددة منها التعاون العسكري المشترك، وقبله صرح الشيخ تميم «أن بلاده تهتم بالجيش التركي وتتطلع للاستفادة من خبراته «ومن ثم تصريحه حول سوريا» يجب أن نقف جميعنا إلى جانب الشعب السوري» ويوازيه تصريح لوزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو «تدريب وتجهيز المعارضة السورية المعتدلة ربما يبدأ في شهر مارس المقبل».
تلك، وغيرها، مؤشرات بدء حقبة من التعاون التي ستنعكس إيجاباً على منطقة الخليج، فقط إن ابتعدت عن المهاترات والمراهقة السياسية، ونظرت للمصالح الطويلة الأمد لشعوب المنطقة وأمنها وامتدادها التاريخي والديني والحضاري والثقافي.
وجدير بالإشارة أن تركيا لا توقع معاهدات شبيهة إلا مع الدول التي تتقارب معها في وجهات النظر والقيم العامة والرؤى المشتركة للملفات الإقليمية والدولية، وهذا ما أشار إليه أردوغان مع إعلان المجلس مخاطباً الشيخ تميم بـ»صديقي وأخي»: «إن تركيا وقطر لم تختلفا حتى اليوم في أي موضوع، وكنا دائماً متضامنين، وكانت قطر حليفتنا الدائمة في الوقوف بجانب المظلومين في العالم، وسنتابع صمودنا هذا في الفترة القادمة بالمستوى نفسه».
بالإضافة للتنسيق السياسي، كذلك في الشأن الاقتصادي، فهناك تعاون بين تركيا وقطر في مجالات الطاقة والاستثمار والذي يشمل شراء تركيا الغاز القطري، ومن المعروف أن قطر تمتلك احتياطياً من الغاز الطبيعي يبلغ 885 تريليون متر مكعب، حيث تحتل المرتبة الأولى عالمياً من حيث تصدير الغاز الطبيعي المسال، ووقعت أنقرة والدوحة في سبتمبر الماضي على اتفاقية لاستيراد 1.2 مليار متر مكعب من الغاز المسال القطري، لعامي 2014-2015 لسد جزء من حاجة تركيا البالغة 45 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً.
هذا بالإضافة لاستثمار قطر في مشاريع بتركيا، مثل مشروع طريق بين اسطنبول وأنقرة ستخفض مدة السفر بين المدينتين ساعة وعشر دقائق، واهتمام الجانب القطري بالاستثمار في مشروع «أفيشن بستان» وتقدر قيمته بنحو 12 مليار دولار، والمفاوضات حوله في مرحلتها الأخيرة.
وبالمقابل فإن لرجال الأعمال الأتراك استثمارات في قطر بلغت 15 مليار دولار، ما يبشر بارتفاع للتبادل التجاري بين البلدين.
تركيا بدأت قرن جديد برئاسة أردوغان، قطر بدأت في سنة منح «القيادة للشباب» ودخلت مع تركيا في تحالف سيغير خارطة التفكير السياسي وثقافة العمق الاستراتيجي التي تتجاوز الجغرافيا إلى التاريخ والمصير المشترك، وستتبلور علاقات تعاون مشتركة خليجياً وعربياً، تلك فقط سيكون لها مكان في «القرن الجديد» الذي تتجه له تركيا في رؤيتها للعام 2023 وما بعدها، ومن أبى فسيقف مكانه.
بقي أن نشير كم كان لانخفاض أسعار النفط أثر إيجابي، بعكس أثره على الخليج، على الاقتصاد التركي الذي كسب ما يقارب الأربعين مليار دولار في حين أنه أنفق على اللاجئين السوريين ما يزيد عن الخمس مليارات.
الاقتصاد التركي عوقب من الأمم المتحدة، عقاباً غير معلن ولكن مدبر بليل كالعادة، بدعم شحيح ميزانية الإغاثة، ولكن التدبير ليس بأيدي تلك المنظمات، فتضاعف الاقتصاد التركي.
سنة كونية، الخيرية لا تقابل إلا بالخير، وجزاء الإحسان الإحسان، والمؤمنون بالله متيقنون بقوله تعالى «وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ».
أما مَن يدعون الإسلام، فيقرؤون القرآن وقلوبهم غلف، صم بكم عمي لا يفقهون، يرون صعود الدين وأنصاره ويعضون على أصابعهم من الغيظ، لهم نقول : موتوا بغيظكم.

• @kholoudalkhames

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق