الخميس، 11 ديسمبر 2014

ما هو أكثر إثارة للصدمة من تقرير التعذيب.. هو استجابة أمريكا له

ما هو أكثر إثارة للصدمة من تقرير التعذيب.. هو استجابة أمريكا له

لينسي جيرمان – الإندبندنت (التقرير)
تقرير لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي عن تعذيب CIA للمعتقلين هو تقرير مثير للصدمة. وهذه الصدمة تأتي بسبب الأساليب المستخدمة، وحجم الأكاذيب والخداع الذي مارسته وكالة حكومية، ومدى وحشية الأفعال المروعة للتعذيب.

ولكن، وعلى الأقل بالنسبة للبعض منا، لا تعد مثل هذه المعلومات جديدة تمامًا. حيث إننا، وخلال السنوات الـ 13 منذ بدأت الحرب على الإرهاب، شهدنا الاعتقال دون محاكمة لآلاف من الأشخاص في خليج غوانتانامو، إساءة موثقة جيدًا للسجناء في سجن أبو غريب العراقي، تسليم السجناء إلى بلدان مثل ليبيا، وكذلك محاكمة مسربي الفضائح الحكومية، مثل جوليان أسانج، برادلي مانينغ، وإدوارد سنودن.

ورغم ذلك، قد تكون الصدمة الناتجة عن قراءة هذا التقرير مساوية فقط للصدمة الناتجة عن قراءة رد الفعل على التقرير في الولايات المتحدة. حيث أطلق مهندس الحرب على الإرهاب، جورج دبليو بوش، هجومًا مضادًا ضد التقرير. ودعمه في ذلك نائبه السابق، ديك تشيني، ومجموعة من مقدمي البرامج الحوارية اليمينيين، والذين يثقلون كاهل الولايات المتحدة.

وحجج هؤلاء من الممكن تلخيصها على النحو التالي:
التعذيب حفظ الأرواح؛ نشر التقرير سوف يسبب مزيد من الصراعات في الشرق الأوسط؛ هؤلاء الناس يكرهوننا؛ وماذا كنت تتوقع بعد أحداث 9/11؟

ويميل ديان فاينشتاين، وهو العضو الديمقراطي الذي يرأس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، لقبول هذا المبرر الأخير جزئيًا. لكن رغم ذلك، لم يكن التعذيب مبررًا بقدر ما كانت الحرب نفسها غير مبررة. هذه الحرب، والتي قامت ردًا على مقتل 3 آلاف شخص أمريكي بطريقة رهيبة، نجحت في قتل مئات الآلاف، وتركت مساحات شاسعة من جنوب آسيا والشرق الأوسط في فوضى.

وقد استنتج فاينشتاين والتقرير أن التعذيب لم ينجح حقًا في الحفاظ على حياة أحد. ومن شبه المؤكد أن هذه الأساليب لها تأثير معاكس تمامًا، من حيث إنها تدفع الناس لحمل السلاح ضد الولايات المتحدة أو تنفيذ أعمال إرهابية.

وفكرة أن عدم نشر التقرير من شأنه أن يساعد في منع مزيد من الاضطرابات في الشرق الأوسط كانت ستكون مثيرة للضحك بشكل خاص، لو أنها لا تحتقر شعوب تلك المنطقة وتصفهم بشكل متعمد بالجهل. هناك وعي واسع النطاق لما يجري، وهذا الوعي هو سبب واحد فقط في أن الولايات المتحدة لم تستطع يومًا كسب القلوب والعقول هناك.

ولكن، ماذا عن دور حكومتنا (الحكومة البريطانية) في كل هذا؟


الصيغ المنقحة في التقرير كانت ناجحة في ضمان عدم ذكر الحكومة البريطانية. ومع ذلك، نحن نعلم أن القاعدة البريطانية في دييغو غارسيا استخدمت لتسليم المتهمين، وهو ما حدث في مطار بريستويك في اسكتلندا أيضًا، وهذا يرفع السؤال حول ما إذا كان وزراء حزب العمل، بما في ذلك رئيس الوزراء آنذاك توني بلير ووزير الخارجية جاك سترو، على بينة بهذا في ذلك الوقت.

نحن نعلم أيضًا أن المعتقل بنيام محمد قال إن وكلاء المخابرات البريطانية MI5 زودوا المحققين معه في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA بالمعلومات والاستجواب.

وقد قام التقرير بتسمية قاعدة عسكرية في بولندا استخدمت في التعذيب كواحدة من “المواقع السوداء”، وهو ما يبين أن هذه الممارسة امتدت إلى قلب “أوروبا الجديدة” بينما تم الترحيب بدول أوروبا الشرقية كأعضاء في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. وهناك العديد من البلدان الأخرى التي يشتبه في احتوائها على مواقع التعذيب أو التسليم.

ولو أن كل هذا كان تاريخًا، وأمرًا من الماضي، فقط، لكان ما زال يشكل أمرًا سيئًا بما فيه الكفاية. ولكن الواقع يقول إنّ الحرب تحتدم في العراق وسوريا، وإن هناك حرب باردة جديدة في أوروبا الشرقية، وإن نفس الأشخاص الذين حثوا على التدخل في الخارج قبل عقد أو أكثر من الزمان ما زالوا يملأون الآن موجات الأثير بمبررات التعذيب والتسليم.

لقد ادعى ديان فينشتاين أن التعذيب لا يعكس القيم الأمريكية؛ ولعل الشيء المذهل هو أنه حقًا يفعل ذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق