الأربعاء، 3 يونيو 2015

الجنرال المشارك في ذبح السوريين


الجنرال المشارك في ذبح السوريين
ياسر الزعاترة

مؤكد أن الجنرال عون لا يرسل رجالا إلى سوريا لكي يشاركوا حليفه حزب الله القتال إلى جانب نظام بشار الأسد، مع أنه ربما لو استخدم منظومة الحشد الطائفي، وأعلن أنها «معركة وجود» على غرار أمين عام الحزب، لربما تمكن من استقطاب بضع عشرات من المقاتلين، ولحلَّ للحزب عقدة مستعصية تتمثل في الخروج من أسر المعركة الطائفية في سوريا، وحيث لا يقاتل إلى جانب النظام إلا الشيعة المجلوبين من أصقاع الأرض. وقد نشرت المواقع اللبنانية أخبارا حول مساعي الحزب لاستقطاب حفنة من المقاتلين الفلسطينيين لإرسالهم إلى سوريا بإغراء المال، ولذات السبب المشار إليه بطبيعة الحال.
كما أوردت بعض المواقع أخبارا عن تدريب الحزب لمقاتلين مسيحيين من أنصار عون لذات الغرض.
على أن عدم إرسال الجنرال لمقاتلين إلى سوريا، لا يعني براءته من قتل السوريين، ليس بوقوفه السياسي إلى جانب بشار الأسد، وتحذيره من «الظلاميين» الذين يقاتلونه وحسب، بل أيضا بمنحه الغطاء السياسي للحزب الذي يقاتل في سوريا إلى جانب النظام، وفي كل المناطق، كما أكد نصر الله.
ثمة عقد كثيرة تحرك الجنرال؛ لعل أبرزها الجزء الشخصي ممثلا في توقه للرئاسة، وهذا هو البعد الذي يلعب عليه الحزب بإصراره على ترشيحه للموقع، رغم كل محاولات التوافق على مرشح آخر، لكن البعد الطائفي يبدو حاضرا بكل قوة أيضا، فهو صاحب فكرة «تحالف الأقليات» ضد الغالبية، وهو الذي روّج لمقولة إن بشار هو الضمانة للأقليات، مع أن موقفه من ثورة سوريا كان بدوره مثل موقف حزب الله سابقا على عسكرة الثورة وظهور الجماعات الجهادية، وإن كان بوسعنا النظر إلى الموقف كجزء من موقف الأقليات ضد الربيع العربي، وانحيازها التقليدي للأوضاع السابقة عليه.

الربيع العربي لم يرفع شعارا طائفيا، والثورة السورية تحديدا كانت مبالغة في هذا البعد، لكن ذلك لم يشفع لها، كما أن أحدا لم يتحدث عن دولة دينية، بل دولة مدنية يتساوى فيها الجميع، بصرف النظر عن العرق والمذهب، قبل أن تحوّله إيران (أعني الربيع العربي) من خلال سوريا إلى مسار طائفي.
لكن أسخف ما يبرر به الجنرال عون موقفه هو الحديث عن المقاومة، ذلك أن الناس ليسوا بلا ذاكرة حتى ينسوا مواقفه من الاحتلال الصهيوني، وموقفه السابق من نظام الأسد، ومن حزب الله أيضا، يوم كان في باريس، وقبل ذلك (دافع عن مساعده العميل المخضرم فايز كرم بكل قوة من دون أن يرف له جفن أو يشعر بالخجل، وسكت الحزب على ذلك بالطبع!!).
إن ما يفعله الجنرال عون لا يشكل عدوانا على الشعب السوري الذي خرج يطلب حريته وكرامته وحسب، بل هو عدوان على اللبنانيين أيضا، ممن يريدون التخلص من الوصاية الإيرانية التي تستخدم نظام الأسد أيضا، ولا ندري كيف تكون الأصولية الشيعية الواضحة، هي الملاذ في مواجهة الأصولية السنية (المفترضة)، اللهم إلا حين نتذكر فكرة تحالف الأقليات التي انسجم معه فيها رجال دين مسيحيين مع الأسف؟!
ويبدو أن هوس عون بالرئاسة، وربما المشاعر الطائفية لا تعطيه فرصة التدبر قليلا بمسار الأحداث، ومن ثم إدراك أن هذه المعركة، ولو امتدت سنوات طويلة، لن تبقي الحال؛ لا في سوريا ولا في لبنان على ما هي عليه، وأن الغالبية في المنطقة لن تهزم أمام إرادة الأقلية بأي حال، ولذلك فهو يغامر بزج المسيحيين في معركة ليست لهم، ولو التزم الحياد لكان خيرا له ولطائفته وللتعايش في المنطقة.
•  @yzaatreh

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق