الأحد، 22 يناير 2012

مرة ثانية: أمريكا ماتت فلا تكونوا كجن سليمان



 مرة ثانية: أمريكا ماتت فلا تكونوا كجن سليمان
عامر عبد المنعم
كتبت في العام الماضي مقالا بعنوان \" أمريكا ماتت فلا تكونوا كجن سليمان\"، قلت فيه إن أمريكا في غرفة الإنعاش، وننتظر إعلان وفاتها، ونهايتها كدولة إمبراطورية.
ولقي هذا المقال اهتمامًا واسعًا على الإنترنت، وتوالى نشره كمتوالية هندسية، وكان ما فاجأني رد صادر من القيادة المركزية الأمريكية على المقال، فعلقت على الرد الأمريكي هذابمقال ذكرت فيه 22 مؤشرا على الانهيار الاقتصادي الوشيك الذي سيضرب أمريكا، وأكدت أن الإمبراطوريات الكبرى سقطت لأسباب اقتصادية وليست عسكرية، كالإمبراطورية الفرنسية والبريطانية والعثمانية وأخيرًا الاتحاد السوفيتي، فأرسلت القيادة المركزيةردًّا ثانيًا، فعلقت عليه مرة أخرى، فكتبت مقالاً \"بالأرقام والوثائق .. ذبح الجيش الأمريكي في العراق وأفغانستان\"حول الخسائر العسكرية للجيش الأمريكي، وأثبت بالوثائق أن الجيش الأمريكي لم يعد قادرًا على خوض حرب ثالثة، وقلت إن فرصتنا كأمة أصبحت مواتية للخلاص من الهيمنة الغربية، وتحول الأمر إلى مناظرة بيني وبين القيادة المركزية الأمريكية، إلى أن اشتعلت الثورة المصرية فتوقفت عن مواصلة الكتابة في الموضوع، وانشغلت باهتمامات أخرى.
لكن مع التطورات التي نراها على الساحة المصرية والعالمية اليوم أصبح من الواجب أن نعيد فتح الموضوع لتثبيت المترددين في دوائر اتخاذ القرار، في الحكم وفي الدوائر القيادية للحركات والقوى السياسية التي تتصدر المشهد بعد الثورات التي شهدها العالم العربي والإسلامي.
لم تعد أمريكا قادرة على استخدام القوة العسكرية لفرض هيبتها، كما كانت في الثمانينيات والتسعينيات، ومعها الجيوش الغربية. لقد فشلت الجيوش الغربية في تحقيق أهدافها التي وضعتها قبل خوض الحروب ضد المسلمين بعد انهيار الشيوعية وسقوط الاتحاد السوفيتي، وخسر الغرب الحربين في العراق وفي أفغانستان، وبجانب خسائره العسكرية في المعدات والأرواح، فإن خسائره الاقتصادية ستفضي إلى إعلان الإفلاس لا محالة، وانظروا إلى المظاهرات والاعتصامات في شوارع أمريكا وأوروبا بسبب الانهيار الاقتصادي.
وكما سقطت الشيوعية، فان الغرب الرأسمالي سيسقط قريبا بإذن الله، ولا توجد دولة غربية مؤهلة لوراثة أمريكا، مثلما ورثت أمريكا الإمبراطورية البريطانية بعد الحرب العالمية الثانية، فلا ألمانيا ولا فرنسا تستطيع القيام بهذا الدور.
أهمية قراءة المشهد بشكل علمي وواقعي تفيدنا في التصرف بحكمة، وألا ننساق وراء الأفكار القديمة التي طرحها علينا بعض المتعاونين مع الغرب، وطابوره الخامس.
فلم تعد أمريكا هي "محور الكون" ومركز أي تفكير استراتيجي، فأمريكا تتآكل وتعود إلى خلف المحيط، وتنسحب من العالم بعد الضربات التي أفقدتها هيبتها وقوتها واقتصادها، على أيدي أفقر دولتين إسلاميتين هما العراق وأفغانستان. العراق الذي عانى من حصار استمر لأكثر من 13عامًا، وأفغانستان يعيش أهلها على الكفاف، والتي يسخر منها بعض المنهزمين.
أمريكا اليوم دولة عاجزة، يتعارك قادتها الجمهوريون والديمقراطيون لإطالة فترة ما قبل الانهيار الكامل وإشهار الإفلاس، وجيوشها غير قادرة على القتال، وليس أمامهم إلا القصف بالطائرات بدون طيار، وهذا الباب سيغلق قريبًا؛ لأنه لا يتم إلا برضاء حكومات عميلة كتلك التي في باكستان واليمن، وهذه الحكومات في طريقها إلى زوال.
ما أريد قوله لكل أصحاب القرار في كل مكان:
انسوا أمريكا واعلموا أن كيدها لم يعد ذا بأس، ولا تغرنكم هذه التصريحات اليومية في الإعلام. ولكن انتبهوا إلى أعوان أمريكا من بني جلدتنا الذين ربما مازالوا يشكلون خطرًا؛ لأنهم يعملون على إطالة عمر هذا الكيان وتضليل الأمة عبر طرائق ووسائل مازالت لها فاعلية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق