قادة جيش كامب ديفيد يفصحون عن نواياهم: احتكار السلطة بأى ثمن!
فاجأ قادة جيش كامب ديفيد الجميع بهذه التصرفات العجيبة التى فعلوها مع افتتاح العام الدراسى الجديد ، فهم يصرون على أن الحياة طبيعية رغم توقف مرفق السكة الحديد منذ أكثر من شهر فى كل أنحاء البلاد ، وهو ما أدى إلى كوارث اقتصادية فى التجارة والصناعة ، لأنهم أوقفوا أيضا قطارات نقل البضائع ، وأدى إلى خراب وتفكيك المرفق كله بالسرقات التى تعرضت لها القطارات بحيث لم يعد من السهل تشغيلها مرة أخرى . وكل مؤشرات الاقتصاد والحياة وحظر التجول تقول إننا لسنا فى حالة طبيعية ، ولكن هكذا فكر جهابذة كامب ديفيد ، ولكنهم لم يفتحوا كل الجامعات وأجلوا البعض خاصة الأزهر. وكان عدم فتح الدراسة أفضل لهم من الذى فعلوه باقتحام المدارس والاستيلاء على طابور الصباح ، وتفتيش الفصول . وكرروا قصة الأحمق الذى ذبح الدجاجة التى تبيض ذهبا ! فقد ظن هذا الأحمق أنه طالما أن الدجاجة تبيض ذهبا فلو قام بذبحها لاستخرج منها كنزا لا أول له ولا آخر. ولكنه اكتشف أنه فقد كل شىء . والمقصود أن الجيش المصرى كان له هيبة بالفعل وحب واحترام ليس بسبب حرب أكتوبر فحسب ولكن بسبب نقاء سجله من قمع الشعب وما تصوره البعض من موقف الجيش الايجابى تجاه ثورة 25 يناير.ولكن مافعله الجيش من أواخر شهر يونيو 2013 حتى الآن كان ذبحا لهذه الدجاجة حيث فقد الجيش كل مصداقية له وكل سمعة طيبة بصورة لا يمكن تعويضها إلا بإعادة هيكلة حقيقية للجيش .
والقصة لم تبدأ بالمدارس والهجوم على الحضانات وروضات الأطفال والمدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية والمعاهد والجامعات . بل بدأت عندما نفذ المجلس الأعلى للقوات المسلحة الانقلاب العسكرى بترتيب خاص مع كل الفلول والحمقى والمخدوعين والعملاء ، وهو ينتوى الخلاص من الجميع لينفرد هو بالسلطة مع كل الديكورات الديمقراطية اللازمة والممكنة ، ومع الاستعانة بأى مدنيين طالما أن ولاءهم كاملا ، وأنهم يتميزون بخاصية السمع والطاعة (التى هاجموا الإخوان بسببها ، فالسمع والطاعة غير مقبول إلا مع العسكر). وهكذا استخدموا البرادعى ورموه بسرعة ، وهذا لم يعجب الأمريكان والأوروبيين، واستخدموا كل حثالة الإنقاذ ، ومن يفتح فمه يتم عقابه وإقصاؤه ، وكذلك من يتصور نفسه حليفا بحق وحقيقة للعسكر، لا يوضع على دكة الاحتياطى فحسب، بل تدبر له قضية عادلة وحقيقية عند النائب العام المعسكر أو المحاكم العسكرية مباشرة. فهم يريدون أن يحكموا بأنفسهم ، وهم يفهمون فى كل شىء ، ولديهم معلومات عن كل شىء من خلال أجهزة المخابرات .
ولديهم خدم من المدنيين يؤمروا فيطيعوا، عندهم استعداد لتغيير قانون العرض والطلب ذات نفسه إذا طلب منهم العسكر ذلك .
هم خدم فى السياسة والإعلام وكل التخصصات ، يقدمون المشورة ، ويقدسون سر العسكر حتى وإن رموا مشورتهم فى صناديق الزبالة .
وأصبح واضحا أن كل من يعمل سياسيا عند الانقلاب وبلا استثناء هو إنسان غير محترم ، ولا يوثق فيه ، ولا كرامة له ، بل هو شرابة خرج ، وممسحة بلاط ، ولا أخلاق له .
وهذه من مزايا الانقلاب أنه فضح كل هؤلاء للناس جميعا ، وكنا نعرفهم ، ولكن كنا نتعفف عن الدخول فى معارك جانبية معهم لأنهم هم كذلك بالفعل ، هم من سقط المتاع ، تكشفهم الأيام ، ولا داعى لأن توسخ قلمك أو لسانك بمجرد ذكر أسمائهم .
ولكننا نهاجم الآن رؤوس الإجرام والفتنة من المدنيين فحسب .
عسكر كامب ديفيد واحتكار السلطة:
يريد عسكر كامب ديفيد أن يحتكر السلطة ، ولا شىء سوى ذلك ، فإذا تم ذلك لا يهمهم أن يكون متصدر المشهد من المدنيين : مدمن خمر ومخنث ولص وفاجر ومنحط أخلاقيا وحشاش وعميل صهيونى وأمريكى .
بالعكس فهؤلاء هم المطلوبون أكثر لأن عينهم مكسورة ، ولا يستطيعون أن يقولوا ثلث الثلاثة كم ؟!
فهذا حرامى الكحك والغريبة ، وهذا له تصوير مع راقصة ، أو مشهد يتطوح فيه من أثر الخمر أو صورة شيك من سفارة الخ
وهم مع الأسف مع سعيهم لاحتكار السلطة لا يريدون الخلاص من علاقات التبعية مع أمريكا والصهيونية ، ولكنهم يريدون أن تكون عن طريقهم ، أى أن يحتكروا أيضا علاقات التبعية .
وهم متعاونون ومقدرون للمصالح الأمريكية بالمنطقة ، ومع صداقة مفتوحة مع إسرائيل .وهو نفس موقف مبارك .
فالهيصة الإعلامية عن الخلافات بين السيسى وأمريكا ، هى نفسها التى كانت تنشر عن الخلافات بين مبارك وأمريكا . إذا قمتم بتنشيط الذاكرة .
حاكم مصر يريد مساحة أكبر للتصرف فى الشئون الداخلية وعلى رأس ذلك ضمانة الاستمرار الأبدى، وأن يظل الحكم بين العسكر. وأمريكا لا مانع لديها بالعكس تعتبر العسكر هم ضمانة التبعية ، من خلال العلاقة المؤسسية مع الجيش المصرى القائمة على معونة بقرابة 8 مليارات جنيه سنويا وما يترتب على ذلك من: تدريب وتعليم ومناورات مشتركة وتسهيلات وإمدادات ذخيرة وقطع غيار ، ومكاسب طائلة من العملات لكبار الضباط . ومن الطبيعى أن العسكر هو العمود الفقرى للدولة القمعية وقد ظهر ذلك بعد إنهيار الشرطة المصرية فى يناير 2011 والتى لا تزال ضعيفة حتى الآن .
ولكن كما ذكرت من قبل فإن الأمريكان أساتذة السيطرة فى العالم ويعلمون أن استخدام القوة لا يكفى وحده للهيمنة على مجتمع ما . ولذلك كانت لهم خطط موازية للهيمنة على الإعلام والثقافة والقضاء والتشريع والشرطة والاقتصاد.
ليس بأموالهم ودوراتهم وسفرياتهم فحسب بل توظف دول الخليج كمصدر تمويل ومكان لعقد الندوات والدورات والمؤتمرات التى تكرس المفهوم الغربى فى كافة مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية .
ويتم إصطياد وزرع العملاء من خلال هذه العمليات " البريئة " . وأن تأخذ أموالا من دولة خليجية فهذا أريح للضمير من أن تأخذها من خزانة المخابرات الأمريكية . فهؤلاء أشقاء فى الدين واللغة والعروبة .
أرجو قراءة ما تنشره جريدة الشعب عن الشبكة اليهودية باعتباره يشمل أمريكا وإسرائيل والصهيونية العالمية . ففى أمريكا هناك علاقة ملتبسة بين اليهودية والأمريكية من خلال ما يسمى المسيحية الصهيونية وهى الأيديولوجية الحاكمة للبلاد ، وتشمل الحزبين الجمهورى والديمقراطى . ولكن الجمهورى أكثر أصولية وتشددا فحسب.
الدولة الأمريكية تداخلت نشأتها بحكم سيطرة طائفة البيوريتان الأنجلو سكسون على أمواج الهجرة الأولى . حتى أن طريقة بناء الكونجرس ومختلف الأبنية الأساسية راعت الرمزية الماسونية اليهودية ، كذلك الدولار نفسه ، وكان يوم السبت هو يوم العطلة الرسمية (راجع كتابى : أمريكا طاغوت العصر).
فهذه الطائفة تعلى من شأن التوراة فوق الانجيل . وقد تم التخفيف من هذه الصورة الفجة لمراعاة الطابع المسيحى لأمريكا التى تضم الكاثوليك وطوائف مسيحية أخرى عديدة .
فعندما نتحدث عن التبعية لأمريكا لابد أن يتبادر إلى الذهن التبعية لليهودية العالمية والرأسمالية الأمريكية فى سبيكة واحدة عضوية يصعب الفصل بينها أو تحديد النسب فى كل حالة .
نعم هناك حقد دفين بين الأمريكان الخلص الذين ينفرون من السيطرة اليهودية ، حتى وإن كان ذلك عبر المسيحية الانجيلية الأمريكية.
ولكن لا نعرف متى يتم إنفجار الأزمة الداخلية بين الطرفين ، ويجب ألا نعول على ذلك ، لأن هناك مصلحة مشتركة موضوعية بين المشروع الأمريكى كدولة عظمى والمشروع الصهيونى العالمى .
نعود إلى مصر ، فالأمريكان يشتغلون على كل المحاور وليس على المحور العسكرى وحده ولكنهم يدركون أن تبعية العسكر هى الضمانة وهى العصا التأديبية لكل من تسول له نفسه الخروج عن طوع أمريكا فى مصر .
وهذا هو النمط الذى كان سائدا فى أمريكا اللاتينية قبل إزدهارها الديمقراطى الحالى .
ولكن لأن أمريكا لها رؤية شاملة لمصالحها فهى لن تقاتل أبد الدهر لبقاء مبارك أو السيسى فى الحكم . بل هى ترى بالضرورة أن البقاء الأبدى لفرد واحد ليس من مصلحتها . فهى تريد أن تكون هى المتحكم الأول دائما ، وتغيير الرؤساء العملاء أفضل من بقاء رئيس عميل واحد يكرس فكرة الديكتاتورية .
ولعل ما يجرى فى أندونيسيا والفلبين الآن هو الوضع الأمثل لأمريكا : تبدل الرؤساء التابعين وفق ديمقراطية محكومة ومضبوطة .
خلاف آخر مع السيسى:
ولكن الخلاف الأكبر مع السيسى أو مع عسكر كامب ديفيد يدور حول كيفية التعامل مع التيار الإسلامى عموما ومع الإخوان خصوصا .
فالأمريكان والأوروبيون أكثر عقلا وموضوعية ويرون أن محو التيار الإسلامى مسألة غير واقعية وتؤدى إلى المزيد من الاضطرابات ، وأن الأفضل هو مواصلة عملية إحتواء هذا التيار وتفريغه من معانى الجهاد وتحويله إلى نوع من الفلكلور الشعبى أو إلى النموذج التركى العلمانى أو النموذج المغربى حيث يعمل حزب إسلامى تحت إمرة الملك .
ويرى العسكر أن هذا نوع من التدخل فى الشئون الداخلية ، وأن الإخوان إرهاب لابد من محوه من الوجود ، وهذا ممكن . وهذا ما يريدون تحديدا تطبيقه من فترة عبد الناصر .
ولكن هذا غير ممكن لأن عبد الناصر كان يحقق بعض الانجازات الوطنية والاقتصادية والاجتماعية ويدخل فى معارك مع الغرب تعطي لحكمه مشروعية . عبد الناصر أعدم فى سنواته الأولى أقل من عشرة . ولكن السيسى قتل 6 آلاف فى أول شهر ، بدون إصلاح زراعى ولا مقاومة فى القناة (السيسى يقتل أهلنا فى سيناء ويحاصر غزة ويتعاون فى ذلك مع المحتل الإسرائيلى) .
ولم يثبت عبد الناصر شرعيته إلا بإنتصار 56السياسى ثم بالوحدة مع سوريا فى 1958.وعندما قام انقلاب 23 يوليو كانت مصر تعيش فى حالة طوارىء .
أما فى هذا الانقلاب التعيس الحالى فقد تم إجهاض أروع أيام الحرية فى تاريخ الشعب المصرى الحديث. لن ينجح عسكر كامب ديفيد فى القضاء على المد الإسلامى ، وبالتالى لن ينجح فى محو الإخوان ولا غير الإخوان. ولن ينفعه النور الذى برهن على أنه ظلام .
إذن هذه هى المعادلة بمنتهى البساطة :
الأمريكان والغرب يؤيدون الانقلاب ، ويوافقون على خارطة طريقه ، مع عدم استبعاد الإخوان من الخريطة السياسية ، وهم مع بقاء مفاتيح السلطة فى يد العسكر ولكن مع قفازات حريرية كافية لإخفاء ذلك بحكم "ديمقراطى"من ناحية الشكل ، والتى تعنى تزوير الانتخابات ولكن بدون استبعاد الإسلاميين تماما ، كما حدث فى مصر قبل الثورة فى انتخابات 2005 وكما يحدث فى باكستان .
العسكر يريدون محو الإخوان وكل من يتصور أنه يملك بديلا إسلاميا لحكم العسكر.
الإخوان لا يوافقون على الرؤية الأمريكية، ولكن يرون الاستمرار فى استخدام الغرب والأمريكيين فى معادلة الصراع مع العسكر.
ونحن نرى أن مصر يجب أن تخرج من هذه المعادلة البائسة ، وتحدد مصيرها بإرادة شعبها ، وأن تخرج الأمريكان والغرب والصهيونية من المعادلة الداخلية . وإن تمسكنا بالعودة للشرعية يستهدف القتل الأبدى لفكرة الانقلاب العسكرى ، وضرورة حصر السيادة فى الشعب ، وأن يكون التعبير عن هذه الإرادة بالصناديق. وهذا هو الضمان الوحيد للوحدة الوطنية ولتماسك البلاد رغم الخلافات التى ستظل موجودة لأنها من طبيعة البشر التى فطرهم الله الناس عليها.
وأرى أن نتعلم من تجربة الهند وكيف استطاعت رغم تعدد الأعراق (يوجد مثلا سكان أصليون تعدادهم 100 مليون) واللغات (أكثر من100 لغة يعترف الدستور ب22 منها!!) والأديان (هندوس ومسلمون وسيخ وبوذيون ومسيحيون وغير ذلك) ورغم الخلافات الحادة بين الأحزاب الرئيسية العلمانية والدينية استطاعت الهند أن تمارس ديمقراطية متماسكة ، على مدار أكثر من نصف قرن، وأن تتحول من دولة متخلفة فاشلة إلى الدولة رقم 4 فى العالم.
الإصرار على عودة مرسى ومجلس الشورى والدستور الشرعى هو إصرار على هذا الخيار وليس إعجابا بممارسات وسياسات الإخوان المسلمين وإن كانت هى أفضل بالتأكيد من سياسات الانقلاب وسياسات الحكومات السابقة فى ظل المجلس العسكرى وأفضل من حكومات المخلوع . ولكنها أفضلية فى الدرجة وليست فى النوع. فحكم مرسى نظيف اليد وطنى منتخب ، وحاول عدد من وزراء الإخوان أن يعملوا بجد وإخلاص ولكن بدون رؤية استراتيجية للتنمية، ولذلك ليس غريبا أن مؤشرات الاقتصاد كانت الأفضل فى عهد مرسى ، لكل هذه العوامل ، ولكنها لم تكن بداية لانطلاقة تنمية حقيقية . ولكن يظل الرأى للشعب من خلال الانتخابات ، لابد أن تظل العصمة فى يد الشعب . هو صاحب البلد وهو يتحمل نتيجة اختياراته . قلنا منذ زمن توقفوا عن المظاهرات والاعتصامات وركزوا على الانتخابات وبناء الأحزاب والمؤتمرات ، ودعوا عجلة الحكومة والإنتاج تدور. فقلتم لابد من الإطاحة بمرسى ، فها هى المظاهرات ستستمر إلى أبد الآبدين وستظل مصر فرجة للعالمين . ونحن مع المظاهرات هذه المرة لأنها ضد انقلاب غير شرعى ، لابد أن نعود إلى آلية الانتخابات حتى تستقر البلاد ، والعودة لا تكون إلا بعودة الرئيس المنتخب ، والدستور ومجلس الشورى . ولابد من إدانة أسلوب الجيش فى إحصاء عدد المتظاهرين عن طريق طائرات هليكوبتر مستقلة كبديل لصندوق الانتخابات . لقد قابلت أناسا خارج مصر صدقوا أن يوم 30 يونيو تظاهر فيه 33 مليون مصرى. ولكن كم مصرى تظاهر من 30 يونيو حتى الآن ضد ثورة 30 يونيو المزعومة.
وهل سنقترح على الدول الديمقراطية المتخلفة اقتراح هليكوبتر لعد المتظاهرين بدلا من الأسلوب المتخلف فى عد الأصوات فى الصناديق.
يا أمة ضحكت من جهلها الأمم. لقد أضعتم وقت البلاد، لكى تحكموننا غصبا، وهذا لن يكون بإذن الله . كفى عبثا بمقدرات البلاد .. لن يحكمنا العسكر ، وكل الحمير الذين نصحوكم بذلك ورطوكم . لأن زمن الانقلابات انتهى من العالم بما فى ذلك افريقيا التى جمدت مصر . لقد هزأتم مصر. ارحلوا..
ماذا تريدون أن تفعلوا بها بعد ذلك.. ماذا ستفعلون أكثر من احتلال حضانات الأطفال بقوات الصاعقة!!
(وكأين من قرية هى أشد قوة من قريتك التى أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم ، أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم) (محمد 13 و14)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق