الأربعاء، 25 سبتمبر 2013

أربع حكايات..


أربع حكايات..
 الدكتور محمد عباس

وأؤكد للقراء أن هذه الحكايات حدثت كما أرويها دون أي إضافة مني.. إلا تمويها لبعض الشخصيات كي لا تعرف

الحكاية الأولى:


هي حفيدة غير مباشرة دون العشرين .. ما يزال صوتها -كما لا تزال هي في وجداني- طفوليا.. حتى لتكاد تفكر في نوع المداعبة أو اللعبة التي ستفرحها به في اللقاء القادم.. فوجئت بها تقول:
- جدي ..لماذا أنت حزين هكذا.. اقرأ الثلاثة فصول الأخيرة في "معالم فيعلى الطريق"..
ذهلت.. وأيقنت بالنصر!


الحكاية الثانية:


شابان مثل الورود اليانعة هرعا إليّ.. شدا علي يديّ بحرارة.. بدا لي في لحظة أنهما هرعا نحوي ليمنعاني من السقوط.. وكنت فعلا أسقط في بئر الألم.. كانا طالبين في جامعة الأزهر.. أخذ الشابان يحاوراني عن الأوضاع بذكاء وموسوعية - والأهم بمرح وتفاؤل- سألاني النصيحة.. قلت لهم عندما تمكنون كما مكنا لا تتركوا الأمر يسلب منكم.. بهد 54 مكثنا ستين عاما كي نقطف ثمرة سرعان ما خطفت رغم التنبيه والتحذير الذي لم يكن ينقصه إلا الصوات ولطم الخدود وشق الجيوب..
فلا تقعوا في الخطأ مرة أخرى..
وفوجئت بهما يقولان.. لا نحن سنصبر كما صبرتم.. ولا سننتظر كما انتظرتم.. نحن سنقضي على الانقلاب.. وأقرب مما تظن .. فاطمئن وارتح بالا.. يا شيخنا ..


الحكاية الثالثة..


أستاذة في الفقه في كلية أزهرية.. وأبوها أستاذ في الاقتصاد الإسلامي في كلية أزهرية.. الأم تعليمها عادي..
لفرط الألم أتجنب الناس..لأنني عندما أجد أحدا لا يدرك حجم المأساة والجريمة في رابعة أكون بين شعور لا يقاوم بالرغبة في البصق عليه أو قتله..
فوجئت بالثلاثة.. كانت الأستاذة أكثرهم حدة.. نسخة أخرى من عاهرات الفضائيات.. وفوجئت أن أباها يقف معها على نفس الخط.. حاول الشخص الخارجي التزام الهدوء والوقار.. لكن كان داخله شخص أشرف على الجنون.. خاصة عندما راحت أستاذة الفقه تؤكد حكاية الكرة الأرضية تحت رابعة والجثث التي دفنها الإخوان تحت المنصة و..و..و.. وكان أبوها يؤيدها ويجمع لها الأدلة ويذكرها بما قاله القوادون والعاهرات.. وعندما أوشكت دفاعاتها على التداعي واجهتني بالحجة الدامغة الأخيرة..
- إن هالة سرحان شخصيا هي التي أعلنت عن الجثث تحت منصة رابعة.. فهل تشك فيها..
هالة سرحان.. ليتك لم تبن الأزهر يا جوهر الصقلي وياليتك هدمته يا نابليون.. أو على الأقل احتفظت به مربطا للجياد والبغال والحمير ولأمثال هذه الأستاذة..
هالة سرحان..
تبرئي إذن من أبي حنيفة والشافعي ومالك وأحمد..
يكفيك هالة.. فإن احتجت فريم.. فإن احتجت فعزة.. فإن استشكل عليك فوائل..
هالة سرحان..
احتفظ الوقور بوقاره.. لكن المجنون صرخ دون صوت:
- يا بنت الكلب.... وكيف أشك في هالة سرحان.. الشك في القرآن لا بأس به وفي الحديث الشريف مسألة بحث أما في هالة سرحان فكفر.. كفر يا بنت الكلب..!!
أما الأم.. فكانت لا تكف عن البكاء.. والدعاء برفع البلاء.. وعودة الدكتور محمد مرسي رئيسا للجمهورية.. وكانت تضيف بوعي مذهل:
- لا أريده بشخصه الذي لم يفشل بل أفشله الشياطين.. ولكنني اريده رمزا للشرعية....

الحكاية الأخيرة..


انصرفت والغيظ ينهش كبدي..
كنت أمنع نفسي من العودة لهما لأبصق في وجههما وأصرخ:
إذا كان شيخ البيت بالدف ضاربا ... فشيمة أهل البيت كلهم الرقص..
أخذ الشيطان يعابثني: هل هو البيت أم المعهد أم الجامع أم المقر.. وهل هي : الرقص أم العهر أم الفسوق أم الكفر..
وبركان الألم يحرقني فوجئت بشخص يسلم عليّ بحرارة شديدة وحميمية فائقة.. شد ما يخجلني هؤلاء الذين يعرفونني ولا أتذكرهم.. أخذ الرجل يحييني بانفعال طاغ معبرا عن سعادته لأنه رآني وراح يدعو لي وهو يؤكد أنه يتابع كل ما أكتب وما أقول ولا يكف عن الدعاء للدكتور محمد مرسي.. كان الحرج قد استبد بي فرجوته أن يرحم شيخوختي ويذكرني بنفسه لأنني لا أذكره.. فإذا به يفاجئني أننا لم نلتق قبل الآن ولكنه يتابعني عن بعد.. رجوته :
- إذن عرفني بنفسك
وجاءتني إجابته المذهلة:
- اللواء مصطفى فايز
....
خيم الصمت .. كبح الصمت دموعه..
سألته وقد رق قلبي وانفطر:
- جيش أم بوليس..
فأجاب:
شرطة..
***
انتحب الصمت دون صوت..
لماذا تمنيت أن يكون ضابط جيش لا ضابط شرطة..

أنا أشبه أبا وضع كل أمله في ابنه الأكبر العاقل الوقور المتدين المضحي..
وباعد ما بينه وبين ابنه الآخر الفاسد الشرير المتوحش الفاسق العاق..
ولم يضع أملا كبيرا في أبنائه الآخرين..
وكانت المفاجأة المذهلة.. اجتمع الابنان عليه.. العاقل الوقور والماجن الفاسق الشرير.. إيد واحدة..
أبناؤه الذين أهملهم هم الذين احتجوا وملئوا الساحات بالاعتراض..

***
كفكف الصمت دموعه.. وهو يتذكر رائعة شكسبير: " الملك لير"
وكيف خانه ثقاته والتف حوله من أهملهم..

كانت هذه الحكايات الأربعة.. ليس لي فيها دور ..إلا روايتها لكم..
والله على ما أقول شهيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق