رسالة خطيرة من مجند سابق
تتوالى تداعيات التسريب الاخير الذي بثته قناة مكملين
حيث ارسل لنا صيدلاني هذه الرسالة التي ننشرها كما وردت الينا تماما راجين الله ان يرفع الغمامة على عيون البعض منا انه هو السميع البصير
أستاذ: حسام …..
برجاء نشر قصتى هذه لأنها تتعلق بالجيش فأنت تتمتع بأسلوب أدبى وقصصى مميز بالأضافة تكون أضافة لمتابعيك وأصدقائك وأيضا للعامة بمعرفة بخير أجناد الأرض
فأنا كنت شاب مثل كل الشباب حماسى زيادة ووطنى شوية ممكن ومنظم جدا ممكن تقول زيادة عن اللزوم تخرجت من كلية الصيدلة وبصراحة يا دكتور كان نفسى أدخل الجيش لأننى من النوع المنظم جدا جدا ومحسوك جدا جدا وكنت ناقم على ميعاد ولادتى لأننى ولدت فى عام 67 وكان عمرى وقت حرب أكتوبر خمس سنوات وعندما كنت أشاهد الأفلام المصرية كالرصاصة لا تزال فى جيبى وملاحم حرب أكتوبر والعبور ووالله أكبر ونصر أكتوبر73 وأرى نفسى وأن أكاد افقز داخل شاشة التليفزيون لكى أشارك هؤلاء البواسل فى سحق إسرائيل وعلى هذا كان نفسى أدخل الجيش كى أرى التدريب وأرى الرجال والعسكرية المصرية و……..و……….. و……………وما الى ذالك من الشعارات البراقة والجذابة..
ولقد حان الوقت ودخلت الجيش عام 91 ومن فرط حبى فى الجيش فى مركز التدريب كنت أنام بالبيادة لكى أكون على أتم الأستعداد لنداء صول أو عريف التدريب فى الصباح الباكر لكى نقوم بالتدريبات الشاقة والذى سوف يعلمنا اللياقة البدنية والرجولة والصمود والدفاع عن النفس والأجهاز على الأعداء والشهامة والتدريب أيضا على أحدث الأجهزة والمعدات العسكرية ولكن هيهات يا سيدى فبداية القصيدة كفر كما يقولون.
فلقد كنا حوالى 90 مجند جدد ومنذ اليوم الأول للتدريب فلقد وجدت أن الجنود الجدد تتسرب واحدا تلو الأخر فى أجازات مع علمى التام أنه لايوجد فى مراكز التدريب أجازات وذالك عن طريق الواسطة بمعنى اننا كنا 90 مجند جدد … بعد أسبوع بالتمام والكمال وجدت زملائى حوالى 40 مجند فقط والباقى كلهم آجازات ..كيف لا أدرى !!!!
ولقد رحلت الى الكتيبة العسكرية الخاصة بى فى الجيش الثالث الميدانى وليتنى ما رحلت وليتنى ما رأيت ما رأيت وشاهدت ما شاهدت.
فلقد كنت مسؤولا عن الصيدلة الخاصة بالعيادة للكتيبة كاملة ويحضر لى من آن لآخر رئيس الشؤون الأدراية الرائد محمد عبد الوهاب القائد المباشر لى ويسألنى ماذا كانت طلبية الأدوية قد جاءت أم لا ؟
وعندما يعلم أن الطلبية جاءت يأمر أحد الجنود بأن يأخذ كميات من الأدوية بالكراتين وأغلى أنواع المضادات الحيوية ومضادات الألتهاب والمسكنات وغيرها وغيرها والمحاليل والشاش والقطن وما الى ذالك من الأدوية ثم يأخذها فى سيارته الخاصة تمهيدا لبيعها خارج الجيش لصيدلة من الصيدليات المدنية ثم يقبض ثمنها فى جيبه.
ثم يطلب منى أن أكتب وصفات أو ما يسمى بأورنيكات أن العساكر كانت مريضة واخذت كل هذه الأدوية وهذا لم يحدث.
ثم يأخذ الدكتورالبشرى المسؤول عن الوحدة لكى يقوم بعلاج أولاده.
وياخذ الحلاق يحلق لأولاده ولا يوجد من يحمل فى يده مهنة من العساكر (سباك- حداد- سواق- مربى مواشى – نقاش) إلا ويعمل صخرة لدى هذا القائد محمد عبد الوهاب وغيره من القادة فى بيوتهم او فى فلل خاصة بهم ودائما لا نرى هؤلاء لأنهم فى أجازات مفتوحة.
ومما أثار دهشتى هو دخول سيارته الخاصة الى الوحدة العسكرية لتمويلها من بنزين الجيش.
وفى يوم من الأيام دخل على القائد بتاعى الرائد محمد عبد الوهاب رئيس الشؤون الإدارية الذى طالما كان يسألنى عما إذا كانت طلبية الأدودية قد آتت أم لا وعندما يعلم أن طلبية الأدوية جاءت يأمر أحد العساكر بأخذ كميات من الأدودية وبالكراتين من أغلى وأفضل الأدودية على الأطلاق تمهيدا لبيعها خارج الكتيبة الى صيدلة خاصة فى السويس ووضع ثمنها فى جيبه
جاء لى ذالك الرائد وطلب منى أن أذهب الى مطبخ العساكر اللى (أنا كنت منهم ( وأن أشوف موضوع الطماطم لأن من الطباخين من يشتكى من سوء وضعها وبالفعل ذهبت يا سيدى الى المطبخ وليتنى ما رأيتى ما رأيت والله ثم والله رأيت عفن الأسبراجيلس ومعه شوية طماطم ولم أجد أصل طماطم بمعنى أننى وجدت العفن وقد غطى ما يسمى طماطم بل أنك قد تجد صعوبة فى النظر داخل الأقفاص عكا اذا كانت طماطم أم لا؟؟؟؟!!!..
وعلى الفور يا سيدى أمرت الطباخين والعساكر القائمين بارجاع الطماطم الى المورد قالوا لى انا المورد مشى..
قلت خلاص ارموها فى القمامة فهى لا تصلح حتى علفا للحيوانات والله يا سيدى نظروا الى نظرة استهزاء واحتقار وكأن لسان حالهم يقول (ايه العسكرى النمرة الهلفوت اللى بيتكلم دا) وبعدما علموا اننى الدكتور أخذوا كام قفص ورموه بالفعل وبعدما خرجت من المطبخ ارجعوا الأقفاص التى رموها من القمامة وطبخوا بها للعساكر بأمر سيادة القائد وكان معى من الزملاء من لا يملك مهنة سوى انه مدرس رياضة ..تصدق بالله كان يشترى للقائد بتاعة 5 كيلو لحمة وكوراع لكى يعطى له أجازة
ومن بين ما شاهدتة ورأيته بأم عينى هو زميلى المجند (المهندس خالد) الذى حباه الله بالغنى والمال الوفير فكان ذالك المهندس المجند ينتظر المقدم (شمس الدين) فى أجازتة الأسبوعية امام الوحدة العسكرية بسيارته المرسيدس الفارهة ليقوم بتوصيل ذالك المقدم الى بيته فى القاهرة ويأتى به يوم السبت من كل أسبوع وعلى هذا لم نرى المهندس خالد طوال الجيش الا نادرا.
وغير بعيدا عنك وعن الكثيرين فلقد رأينا زملاء منا يسلمون (المخل) جمع (مخلة) الخاصة بهم ولم نرهم فى الوحدة العسكرية نهائيا فلقد قضوا الجيش وفترة التجنيد بتاعتهم فى البيت عند ماما
ودعك من هذا كله يا سيدى فأن طوال فترة تجنيدى كاملة لا ولم أتعلم كيفية ضرب النار(والحق يقال كانت مرة واحدة ومصادفة وعديمة الفائدة) او كيفية التعامل مع العدو وما الى ذالك من فنون القتال واحدث المهارات فى العسكرية المصرية …
والله قضيت عاما كاملا من الفشل والحسرة والألم على حال هذا الجيش… سوى أننى كرهت الجيش وكرهت ما فيه وترك ذكرى ملوثة بالفساد فالحقيقة أننى شاهدت كل صور الفساد فى هذا الجيش فلقد رايت الرشوة والمحسوبية والواسطة والسرقة
ما أقول والله على شهيد
صيدلاني ( ط.م )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق