السبت، 6 ديسمبر 2014

خلافات تعصف بدولة العسكر: صراع بين أجهزة مبارك والسيسي


خلافات تعصف بدولة العسكر: صراع بين أجهزة مبارك والسيسي
صراع بين رجال الجنرالين في مجالات عدّة (فرانس برس)


هل بات الشارع السياسي المصري على مشارف متابعة حيّة لصراع دولتي العسكر، الأصل والفرع؟ الأكيد أنّ ثمّة شواهد كثيرة ودلائل عدة تصبّ في هذا الاتجاه. 
لم يكن التسريب الأول، لكنّه الأخطر. فحديث قيادات في المجلس العسكري عن تآمرهم على الرئيس المعزول محمد مرسي، وتلفيقهم الأدلة لسجنه، يؤكّد أنّ صراع الأجهزة في مصر، بين دولتي الرئيس المخلوع حسني مبارك، والحالي عبد الفتاح السيسي لم يعد خفيّاً.

يضرب التسريب الأخير شرعيّة السيسي ونظامه في العمق، ويفضح أساليبه الملتوية عقب الانقلاب، وهو يصبّ بالضرورة في صالح دولة مبارك، الذي صدرت أخيراً بحقّه، أحكام بالبراءة من تهم قتل المتظاهرين، وسط ترحيب واسع من رموز نظامه من رجال الأعمال المسيطرين على وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة. ولم يكن التقرير الموسّع الذي نشرته، قبل أيام، إحدى الصحف المعروفة بعلاقاتها مع الأجهزة الاستخباراتية، حول إمكانيّة ترشّح نجل الرئيس المخلوع، جمال مبارك، في الانتخابات الرئاسيّة المقبلة في العام 2018، بمنأى عن هذا الصراع.


ويُعدّ نشر التقرير مباشرة، عقب الحكم ببراءة مبارك ونجليه، من تهم الفساد المالي، بمثابة خطوة استباقية لوأد أي رغبة قد تطرأ على ذهن جمال مبارك، وتتعلّق بترشّحه لمنصب الرئاسة، وهو ما كان يطمح إليه قبل اندلاع ثورة 25 يناير 2011، كما تُسهم في زيادة الهجوم على عائلة مبارك، في ظلّ حالة الغضب الشعبي من حكم براءته.
والشاهد في الصراع أن رجال دولة "مبارك"، وأركان نظامه، اتحدوا في البداية مع "السيسي" ورجاله، لهدف مشترك واضح، وهو القضاء على ثورة يناير، التي تمثل التهديد الأكبر لكلا النظامين، الخارجين من عباءة واحدة، وهي عباءة حكم العسكر، قبل أن يختلفا لاحقاً ويدخلا صراعاً لم يعد يخفى على أحد.
دولتا يوليو ويناير
يحاول بعض المراقبين تصوير المشهد على أنّه صراع بين تيارات الإسلام السياسي، وعلى رأسها جماعة "الإخوان المسلمين"، وبين الحكم العسكري، ممثلاً في السيسي، ولكنّ حقيقة الصراع دوماً هي بين دولتي يوليو 1952 ويناير 2011، بين دولة عسكريّة تحوّلت إلى مملكة جنرالات يسعون إلى السيطرة التامة على مقدرات البلد، وزرع أذرع لهم في كلّ مؤسّسات الدولة، بما فيها القضائيّة والإعلاميّة، وبين دولة يناير الشابة، التي خرجت للمطالبة بالتغيير والحريّة والعدالة الاجتماعيّة والتداول السلمي للسلطة.
على مدى أكثر من ستين عاماً، سعت دولة يوليو إلى اغتيال خصومها معنوياً، وخلق الرأي العام من خلال وسائل إعلام قائمة على مصالح ماليّة ومنح النفوذ لكبار المنتسبين إليها، والسعي لترسيخ هذه الامتيازات على شكل قناعات لدى قواعد جماهيرية، بما يشكّل رأياً عاماً يبرّر مفهوم الطبقات. ونجحت الماكينة الإعلامية الضخمة لدولة يوليو، بشكل نوعي، في تشويه الكثير من رموز ثورة يناير والتيار الإسلامي، في ظل عجز دولة يناير عن إدارة المشهد.
وبعد خروج معظم، إن لم يكن كلّ رجال مبارك من السجون واستعادة امبراطورياتهم الاقتصادية، وعلى رأسهم محتكر الحديد ورجل حزب مبارك البارز أحمد عز، تغيّر المشهد. أصبح بمقدور رجال مبارك ونجله جمال، المتجذرين بالأساس في مفاصل الدولة العميقة، تحريك الأمور اقتصادياً وسياسياً.
والمؤكد أن جهات داخل الدولة تلعب لصالح طرف آخر بما لا يخدم السيسي. فالتسريبات الأخيرة والتي مثّلت فضيحة مكتملة الأركان لرجال السيسي داخل المجلس العسكري، إضافة إلى نائبه العام، ووزير داخليته، وتثبت تزويرهم لبيانات احتجاز مرسي، تحت إشراف السيسي، لم تكن الأولى التي تخرج إلى وسائل إعلام معارضة للانقلاب. وخلال الأشهر الماضية، خرجت الكثير من التسريبات لقائد الجيش السابق، والرئيس الحالي، وكلّها تضعف من موقفه، وتفضح أفكاره، وتصبّ في صالح الدولة الأخرى التي لا تزال تصارع دولة السيسي. ويثبت التسجيل الأخير المسرب من مكتب السيسي، بشكل عملي نظرية صراع الأجهزة داخل سلطة الانقلاب.

توريط السيسي
واللافت أنّه ما أن خرج السيسي بتصريحات أمام المحافل الدوليّة، تؤكّد عدم العودة إلى الوراء، وتزعم بعدم وجود معتقلين سياسيين في السجون واستقلال القضاء، حتى صدرت أحكام مغلظة بحق معارضي الانقلاب، وصلت إلى الحكم بإعدام المئات دفعة واحدة في قضايا، مثل أحداث "كرداسة"، وهو ما يدحض ادعاءات السيسي ويُحرج موقفه أمام المجتمع الدولي.
وتؤكّد أحكام البراءة الصادرة بحقّ كلّ رموز نظام مبارك، أنّ القضاء لا يزال يدين بالولاء للرئيس المخلوع، وتزيد من حرج السيسي الذي لا يتردّد في تكرار مقولة "لا عودة إلى الوراء"، وهو ما يناقضه الأمر الواقع. بات رجال مبارك جميعاً خارج السجون، ما يشكل تهديداً لنظام السيسي، نظراً لقوة نفوذهم وأموالهم الطائلة، التي جمعوها من أموال الشعب.

سامي عنان
ولا يبدو سامي عنان، رجل نظام مبارك البارز ورئيس أركان القوات المسلحة الأسبق، بعيداً عن الصراع الدائر. فالرجل الذي سعى جاهداً إلى الترشّح للانتخابات الرئاسيّة، واجه هجوماً شرساً من القنوات الفضائيّة الموالية لانقلاب السيسي، وتهديدات بـ"فتح ملفاته القديمة".
وتظهر شواهد عدّة، العداء المكتوم بين السيسي وعنان، أبرزها عدم دعوة الأخير إلى أي من احتفالات القوات المسلحة، منذ تولي السيسي حقيبة وزارة الدفاع، على الرغم من دعوته لوزير الدفاع الأسبق حسين طنطاوي، بالإضافة إلى مسارعة السيسي للتأكيد على أنّ القوات المسلحة لا تدعم أيّ مرشح للرئاسة، صباح إعلان عنان عزمه خوض سباق الرئاسة.
ولم تتأخر بعض الصفحات الداعمة لعنان، على مواقع التواصل الاجتماعي، في الهجوم على السيسي، واتهامه بالضلوع في كوارث عدّة منذ اندلاع ثورة يناير، بصفته رئيساً أسبق لجهاز المخابرات الحربية، على غرار كشوف العذريّة، والتعذيب داخل المتحف المصري، وتفجير خطوط الغاز والعمليات النوعية داخل سيناء.
بدوره، لم يتأخّر السيسي في الردّ عبر أذرعه الإعلامية، متهماً عنان بأنّه "المرشّح المستتر لجماعة الإخوان في انتخابات الرئاسة، والمسؤول الأول مع طنطاوي عن وصولهم إلى حكم مصر".
وتراجع عنان تحت الضغوط الشديدة عن الترشّح للرئاسة، وظهر في مؤتمر صحافي ليعلن انسحابه، محاطاً برجال السيسي من الصحافيين، أمثال مصطفى بكري ومحمود مسلم، اللذين لعبا دور الوسيط لثنيه عن الترشح، ودرء صراع دولتي مبارك والسيسي في الانتخابات الرئاسية الماضية.
وبعد تراجعه مرغماً عن الترشح، بادر عنان إلى تأسيس حزب سياسي، ليلعب من خلاله دوراً سياسياً ويترشح لانتخابات البرلمان المقبل، لكنّه سرعان ما واجه حرباً من الأحزاب الموالية للسيسي، والتي رفضت التحالف أو الائتلاف معه. وجاءت الضربة الأخيرة برفض لجنة شؤون الأحزاب، الأربعاء الماضي، قبول أوراق تأسيس حزبه "مصر العروبة"، بدعوى وجود نقص في الأوراق المقدّمة إلى اللجنة.

صراع رجال الأعمال

وشكّل ضعف الإقبال على التصويت في الانتخابات الرئاسيّة الأخيرة، مفاجأة للسيسي ورجاله، الذين توقعوا أن تخرج الحشود المؤيدة للتصويت له، الأمر الذي بدا للبعض وكأنّه مؤشّر على أنّ هناك من يريد للسيسي أن يخرج مهتزاً من الانتخابات، على الرغم من ضمان فوزه.
ووجّه هؤلاء أصابع الاتهام إلى رجال أعمال مبارك، من أصحاب المال والنفوذ في المحافظات، القادرين على الحشد، والذين أرادوا أن يؤكدوا للسيسي أنّ "الشارع ما زال تحت سيطرتهم، وأنه لا يستطيع التفرّد بالسلطة"، وذلك رداً على تصريحاته المناوئة لنظام مبارك خلال حملته الرئاسية.
ويظهّر الصراع بين رجال الأعمال المحسوبين على الجنرالين، مع بروز مناوشات بين عدد من الذين جمعوا ثرواتهم في عهد مبارك، وآخرين أرادوا أن يكون لهم نصيب من كعكة العهد الجديد.
وفي حين شنّ الصحافي عبد الرحيم علي، المعروف بعلاقاته الأمنيّة حملة شرسة، استمرت أسابيع، على رجل الأعمال الشهير نجيب ساويرس، عبر صفحات جريدة "البوابة نيوز"، شنّ الصحافي عادل حمودة، حملة ضخمة على رجل الأعمال أحمد بهجت، عبر صفحات جريدته "الفجر".
كما شهد موقع تويتر معركة بين رجل الأعمال المعروف نجيب ساويرس، والاقتصادي حسن هيكل، نجل الصحافي الشهير محمد حسنين هيكل؛ تمحورت حول المعاملة الضريبية لرجال الأعمال، والتي فرضها السيسي ثم تراجع عنها.
وطالب هيكل، المتواجد خارج مصر، على خلفيّة اتهامه في قضية التلاعب بالبورصة مع جمال وعلاء مبارك، وزير المالية بالإفصاح عن الضرائب التي يدفعها رجال الأعمال، لا سيما وأنهم أكثر المستفيدين من الدعم والإعفاءات.
وفي موازاة إشارة هيكل في عدد من التغريدات، إلى أنّ "أغنياء مصر لم يدفعوا ضرائب تُذكر على الدخل"، ردّ ساويرس: "أتعجب من الذي كون ثروته من الأغنياء، ثم هاجمهم، وادعى الاشتراكية والناصرية والوطنية، وهو خارج البلاد".

وسبق هذا التلاسن، ظهور عدد من التحالفات، بعد أن بدأت المعركة مبكراً قبل عزل مرسي، إذ رأى بعض رجال الأعمال في وجود "الإخوان" فرصة لتكوين نخبة مالية جديدة بديلة عن نخبة أحمد عز ورجاله، وكان على رأسهم رجل الاعمال أحمد أبو هشيمة، الذي برز دوره بشكل ملحوظ عقب نجاح مرسي، واقترن اسمه برجل الأعمال الإخواني البارز حسن مالك.
في تلك الفترة، بدأت المجموعة القديمة في تكوين "لوبي" مضاد لإسقاط حكم الإخوان، ولجأ الحرس القديم إلى حيلة ذكية، تمثّلت في شراكة اقتصادية، وتكوين "لوبي" إعلامي من خلال إنشاء عدد من القنوات الفضائيّة، فكانت قناة "سي بي سي" لصاحبها محمد الأمين، وعاد منصور عامر الى ضخ أمواله في قناة "التحرير"، بعدما باعها لآخرين، وضخّ محمد أبو العينين تمويلاً ضخماً في قناة "صدى البلد"، وتعاقد مع عدد من الوجوه الصحافية والإعلامية مثل مصطفى بكري وأحمد موسى.

ومع إقصاء مرسي، بدت الفرصة سانحة أمام هذا التحالف الثلاثي لجني ثمار ما قدّمه خلال حكم الاخوان، فتمّ رفع أسماء الأمين وعامر من قائمة المنع من السفر بعد أسبوع من الإطاحة بنظام الإخوان. وخرج التحالف إلى النور، وظهر دوره في الوقوف بقوة خلف النظام الانقلابي، اقتصادياً وإعلامياً، لكنّ المصالح فرّقت أصدقاء الأمس، وانفضّت الشراكة الاقتصاديّة، لتبدأ الحرب الفعليّة.
واقترح منصور عامر مبادرة اقتصاديّة تحت اسم "خريطة الأمل"، طرحها في شكل كتاب. وعلى الرغم من أنّ المبادرة نالت هجوماً عنيفاً من الاقتصاديين والسياسيين لأنها تكرّس امتيازات جديدة لرجال الأعمال، لكنها وجدت صدى لدى السيسي، صاحب التوجّهات الرأسمالية، والذي فكر، بحسب مصدر مقرّب، أن يعتمدها برنامجاً انتخابياً، قبل أن يتراجع عن الفكرة.
وبعد أن لمس الأمين حجم النفوذ الذي يتمتّع به عامر داخل دائرة السيسي، شنّت جريدة "الوطن"، التي يملكها، هجوماً عنيفاً على دائرة رجال الأعمال المحيطين بالسيسي، وصلت إلى حدّ وصفهم بـ "فلول مبارك"، متهمة إياهم بأنّهم "أفسدوا الاقتصاد المصري على مدار سنوات، وفي الطريق لإفساده من جديد!".

المستفيدون... والقضاء

تثبت الأحداث المتلاحقة منذ ثورة 25 يناير 2011، 

أنه ما من شيء يحدث وليد صدفة.
فكل ما يجري مخطّط له، وغالباً ما تظهر رسائل تعكس صراع الطرفين بعد كلّ أزمة.
وليس التسريب الأخير إلا دليلاً دامغاً على أنّ هناك صراعاً داخل أجنحة معسكر السلطة، لأنّ دقّة وخطورة المحادثات، وتسجيلها داخل مكتب السيسي، ثم تسريبها، لا يمكن أن تحصل إلا من خلال أجهزة عالية الجودة، من مؤسّسات أمن قومي.
والمؤكّد أنّ الطرف المستفيد هو من تعمّد تسجيل حديث بهذه الخطورة، وتعمّد كشف النقاب عنه الآن، وأغلب الظنّ أنّه لن يكون التسجيل الأخير، وسيشهد الصراع مراحل متطورة لاحقاً.
في موازاة ذلك، لا يوجد جزم واضح بموقف القضاء من كلتا الدولتين، لكنّ الظاهر أنّ القضاء يدين بالولاء لنظام مبارك، وتجسّد ذلك في أحكام البراءة المتتالية لكافة رموز النظام البائد، سواء في تهم قتل المتظاهرين، أو الفساد المالي.
ويضاف إلى ذلك التصريحات المناوئة للثورة والثوار، من جانب رموز في السلطة القضائية الحالية، على رأسها رئيس نادي القضاة، أحمد الزند، الذي لطالما تطاول على ثورة المصريين في وسائل الإعلام، وسخّر وخوّن ثوارها.
وعقب التسريبات الأخيرة، تبيّن للمصريين بشكل واضح، أنّ الحديث عن أن القضاء مستقل هو "أكذوبة كبرى"، خصوصاً بعد كشفها تواطؤ النائب العام الحالي هشام بركات مع السلطة التنفيذيّة، ممثّلة في أعضاء المجلس العسكري، ما يظهر وجود أذرع لدولة السيسي الحاكمة داخل السلطة القضائيّة.
وتؤكد الأحكام الانتقائيّة للقضاء، بالسجن والإدانة بأحكام مغلظة لمعارضي النظام، وفي المقابل تبرئة رموز الفساد في نظام مبارك، مدى ولاء القضاة للنظامين الأسبق والحالي، وعدائهم الشديد لتيار الإسلام السياسي، وهو ما يظهر بوضوح خلال مرافعات النيابة العامة في القضايا المنظورة.

مستقبل دولة السيسي

وإذا طال أمد الصراع بين الدولتين، فمن شأن ذلك إنهاك دولة السيسي الحاكمة، خصوصاً في ظلّ تضارب مصالحها مع رموز دولة مبارك، فضلاً عن الدعوات الشعبيّة المتصاعدة للتظاهر، وتوحّد القوى الثوريّة لإسقاط نظام الانقلاب.
وفي ظلّ حكم السيسي، يبقى حلم الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، بعيد المنال، في ظلّ عدم امتلاكه حلولاً للأزمات الحالية مثل التوتّر الأمني في سيناء، والأزمة الحدوديّة مع ليبيا، واستمرار تهريب الأسلحة للداخل، فضلاً عن الاحتجاجات الشعبيّة والعماليّة المندّدة بغلاء الأسعار والوضع الاقتصادي المتأزّم.
ويلجأ السيسي إلى العنف في محاولة للسيطرة على الأمور، لكنّ هذه السياسة لن تجدي نفعاً على المدى الطويل، وستؤدي بالضرورة إلى مزيد من عدم الاستقرار، وستعوّق عجلة التنمية أو ضخّ الاستثمارات الخارجيّة للبلاد.
ويُعدّ كل من المجلس العسكري الحالي، وقيادات الفروع الرئيسية للقوات المسلحة، والتي اختارها السيسي بعناية عقب توليه مقاليد السلطة، فضلاً عن قيادات المخابرات العسكرية والعامة، والتي اختارها من بين معاونيه السابقين، الأركان الأساسيّة لدولة السيسي. وتمتلك هذه الدولة أذرعاً قضائية وإعلاميّة، تساعد في تثبيت أركان حكمه، مدفوعة بمصالح مرتبطة بالنظام الحالي، وتراهن على بقائه، واستقرار الأوضاع الملتهبة، خصوصاً مع اقتراب الانتخابات البرلمانية، التي يراهن رجال أعمال دولتي مبارك والسيسي، على حدّ سواء، على الفوز بأكبر حصة من "الكعكة" التشريعية.
ويعمل السيسي على تأجيل انتخابات البرلمان، على قدر المستطاع، حتى تهدأ أجواء الصراع، ويتسنّى له الاطمئنان إلى فوز فريقه بالأغلبيّة النيابيّة، لتمرير القوانين المعبّرة عن مصالحه، وعدم حصول فريق مبارك على الحصّة الأكبر في مجلس النواب.
أكثر من ذلك، يبدو الصراع داخل مؤسّسة الجيش أكثر هدوءاً، نظراً إلى توحّد قياداته في الوقت الراهن خلف السيسي، في ظلّ المخاوف الأمنيّة التي تهدّد الحدود المصريّة، خصوصاً في شبه جزيرة سيناء، والعمليّات النوعيّة التي تنفّذها الجماعات المسلّحة ضد قوات الجيش.
وكان السيسي قد حاول الجمع بين منصبي الرئيس ووزير الدفاع، قبل تبوئه رأس السلطة، لكنّ معارضته من قبل تيار بارز، دفعته إلى تعيين صدقي صبحي وزيراً للدفاع، وكان ذلك أحد أسباب تأخر إعلان ترشّح السيسي للانتخابات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق