الخميس، 2 يناير 2014

بكره العيد ونعيّد وندبح مرسي والشاطر والشيخ سيد!

بكره العيد ونعيّد وندبح مرسي والشاطر والشيخ سيد!

شريف عبدالغني

في أيام الطفولة بقريتنا كنا ليلة كل عيد نغني مع الأطفال: «بكرة العيد ونعيد.. وندبح الشيخ سيد.. ونحطه في الأروانة.. وندّب عليه بالخرزانة».
كنت أرددها وفي اعتقادي أنها موجهة للشيخ «سيد أبوسنة» قارئ القرآن وصاحب «الكُتّاب» الذي كنا نحفظ فيه كتاب الله.
 استغربت أيامها أن توجه الأنشودة لهذا الرجل الطيب الذي كنت أراه منافساً لمقرئي الإذاعة المشاهير من أول الشيخ عبدالباسط عبدالصمد إلى الشيخ الطبلاوي، ظننت أيامها أن الصبية الفاشلين في الحفظ الذين «يمدهم» الشيخ سيد على «الفلكة»، وهي أداة عقاب يعلق فيها غير الملتزم من قدميه ويضربه سيدنا بالعصا عليها، هم من ألفّ ولحنّ الأغنية انتقاماً منه.
لكن بعدما كبرت ووعيت عرفت أن الأغنية قيلت في حق المفكر والقطب الإخواني الكبير «سيد قطب» الذي أُعدم عام 1966 ليس بسبب جريمة ارتكبها سوى تأليف كتاب!! نعم كتاب «معالم الطريق» قاده إلى الإعدام!!
تناسيت الواقعة متعمداً في مطلع شبابي، كما تناسيت ما ذاقه «الإخوان» من صنوف العذاب ألواناً في سجون ومعتقلات ناصر بسبب حبي للزعيم.
من باب المحب حاولت إسقاط هذه الجرائم من ذاكرتي حتى يبقى ثوبه نظيفاً في عيني كوالد وزعيم ومثل أعلى!
لكن الحقائق تظل ثابتة والجرائم لا تمحى مع الزمن، مهما حاولت الهرب منها فلا مفر أن تجدها تحاصرك.
منذ دخل عبدالناصر في صدامه مع «الإخوان» ومع القوى الليبرالية عام 1954 كان إعلامه يمارس نفس الدور الذي يمارسه إعلام لميس وشركاها في تضليل الناس وقلب الحقائق.
 ناصر أسس لدول وجيوش الاستبداد العربي، و»هامان إعلامه وهيكله» وضع قواعد قلب الحقائق وتحويل القاتل إلى ضحية والضحية إلى إرهابي.
في حمى إلصاق كل نقيصة بالإخوان بدأ الإعلام الناصري بتوجيه من «هيكل»، حشد الناس خلف كل ما يتخذه الزعيم من قرارات، وغسل أدمغتهم لإقناعهم أن الإخوان إرهابيون.
 في هذا الإطار ألـفوّا أغنية تمجد إعدام سيد قطب ونشروها بين الأطفال ليبتهجوا بقتل رجل بريء كل ما فعله هو تقديم أفكار يمكن قبولها أو رفضها أو تصحيحها أو إثبات خطئها برد مماثل عليها يفند حجتها ويضعف أهدافها.
إن هذه الأغنية وحدها كفيلة بأن يلحق بعهد عبدالناصر «عاراً تاريخياً» لا يمحى مع الزمن. هل هناك جريمة أكبر من أن تفقد الأطفال والبشر إنسانيتهم، وجعلهم يبتهجون لإعدام مفكر عجز العسكر ونخبتهم الموالية عن الرد عليه بالحجة، فلجؤوا إلى المشنقة!
أغلب الظن أن هؤلاء الأطفال الذين غنوا لإعدام سيد قطب، هم أنفسهم رجال اليوم الذين يهللون لمجازر العسكر ضد الأبرياء الرافضين لحياة العبودية ولحس البيادة: «كويس.. خلّي البلد تنضف».
«افرح يا هيكل.. هذا ما أنجزه إعلامك وما صنعت يداك»، إذن ليست مفارقة أبداً أن يختار هيكل ابنة أكاذيبه وتربية ضلالاته لميس ليكون ضيفاً معها في إطلالته الأخيرة.
 وليس مستغرباً أن يعود هيكل للعب دور الكاهن في انقلاب 2013 ليستعيد دوره في الانقلاب على الديمقراطية 1954.
 الرجل مهما طال به الزمن يعشق صنع الأحداث.
في المرة الأولى أسس «جمهورية الضباط والاستبداد العربي»، وفي المرة الثانية نسي أن الزمن تغير وأن العالم لم يعد كما كان وأن «أهرام هيكل» ليست هي «أهرام عبدالناصر سلامة»، وأن الصحف الورقية أصبحت كالعدم أمام ثورة «تويتر» و»فيس بوك»، وأن صلاح جاهين لم يعد يكتب الأغاني وحده، ولا كمال الطويل يلحن وحده، ولا عبدالحليم يغني وحده.
 الآن ثورة شعبية تنضح بمبدعين حقيقيين ومعهم فنانون عرب كبار يقدمون النموذج الأصلي للفنان المساند للحق والداعم للخير يتقدمهم رشيد غلام صاحب رائعة «طالع».
 السحر انقلب على الساحر و «جمهورية الضباط والاستبداد» ستسقط للأبد على يد من أسسها ونظّر لها!
إعلام العار يواصل الحشد والنفخ في النار ضد «الإخوان الإرهابيين»، الحناجر تصيح: «اقتلوهم».
 المانشيتات تزعق: «الشعب يريد إعدام الإخوان».
 نفس الكاتب الذي لا يفيق من «السُكر» يكتب: «ألا هل حرضت على ذبح الإخوان.. اللهم فاشهد».
يقال إن هذا الصراخ مقدمة لأحكام إعدام وصلت جاهزة معلبة إلى قضائنا «الشامخ»، بحق 15 من المعتقلين يتقدمهم الرئيس الشرعي -الخليفة السادس ولو كره الكارهون- الدكتور محمد مرسي، ومعه مرشد الجماعة الدكتور محمد بديع، ونائبه المهندس خيرت الشاطر، والدكتور عصام العريان، والدكتور محمد البلتاجي، والدكتور باسم عودة، والدكتور أسامة ياسين، والمحامي حازم أبوإسماعيل.
إذن خيرة أولادك يا مصر سيذبحون على يد أقذر من أنجبتهم بطنك «القلابة»، وسيعيد إعلام لميس توزيع الأغنية التاريخية مجدداً: «بكرة العيد ونعيد.. وندبح الشيخ سيد.. والإرهابي مرسي.. والإرهابي بديع.. والإرهابي الشاطر.. والإرهابي البلتاجي».
قبل 80 عاماً تنبأ الإمام حسن البنا بكل ما سيحدث للجماعة، الرجل كأنه عاش بعد اغتياله على يد زبانية الملك فاروق عام 1949، ورأى كل ما حدث لأشرف تيار وطني في تاريخ الأمة.
انظروا ودققوا في كلام الإمام:

«أيها الإخوان سيقف جهل الشعب بحقيقة الإسلام عقبة في طريقكم.. وستجدون من أهل التدين ومن العلماء الرسميين من يستغرب فهمكم للإسلام وينكر عليكم جهادكم في سبيله.. وسيحقد عليكم الرؤساء والزعماء وذو الجاه والسلطان.. وستقف في وجوهكم كل الحكومات على السواء.. وستحاول كل حكومة أن تحد من نشاطكم.. وأن تضع العراقيل في طريقكم.. وسيتذرع الغاصبون بكم لمناهضتكم وإطفاء نور دعوتكم.. وسيستعينون في ذلك بالحكومات الضعيفة والأخلاق الضعيفة والأيادي الممتدة إليهم بالسؤال وإليكم بالإساءة والعدوان.. وسيثير الجميع حول دعوتكم غبار الشبهات وظلم الاتهامات.. وسيحاولون أن يلصقوا بدعوتكم كل نقيصة.. وأن يظهروها للناس بأبشع صورة معتمدين على قوتهم وسلطانهم.. ومعتمدين بأموالهم ونفوذهم وإعلامهم.. وستدخلون بذلك لا شك في التجربة والامتحان: (فتسجنون) و (تقتلون) و(تعتقلون) و (تشردون) و (تصادر مصالحكم) و (تعطل أعمالكم) و (تفتش بيوتكم) وقد يطول بكم مدى هذا الامتحان.. فهل أنتم مستعدون أن تكونوا من أنصار الله؟
{الم*أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ*وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق