المسألة ليست اللغة العثمانية، لقد فهمنا ذلك
إردوغان
ترجمة: تركيا بوست
ولكن يمكن القول أن الأقلية فقط من الذي أبدوا آراءهم في المسألة تحدثوا عن البعد التقني للمسألة. وحتى غالبية هذه القلة لم يتمكنوا من التخلص من انطباعهم الأول الايديولوجي في إبداء رأيهم. رغم أن هذه المسألة مسألة مهمة جداً لثقافة الجيل الجديد وعلاقتهم بالماضي وربط ماضيهم بحاضرهم. وهي حملة استراتيجية متعلقة بشكل مباشر مع كيفية رغبتنا برؤية تركيا في المستقبل.
حزب الشعب الجمهوري اتهم الحكومة بالرغبة بإعادة الأحرف العربية. وقالوا بأن هذا العمل موجه ضد العلمانية وأنه يمثل البنية التحتية لأسلمة الدولة التركية. يبدو أن حزب الشعب الجمهوري لم يفهم رسالة الشعب عندما لم يسمح له بالوصول إلى السلطة. وفي الجبهة الغربية لم يتغير أي شيء. يبدو أن حزب الشعب الجمهوري لازال على عهده بالبقاء متأخراً عن المجتمع. حين يتحدثون عن اللغة العثمانية كأنهم يتحدثون عن اللغة السنسكريتية. تعاملوا مع اللغة التي كان ينطق بها أجدادهم والتي حملت بقايا حضارتهم وكأنها لغة ملعونة. فإذا كنتم أنتم لا تحترمون لغتكم ولا تريدون لها أن تشيع وتُعلَّم فلم سيحترمكم الآخرون؟
يحاولون أن يقنعونا بأنه ليس بإمكاننا العودة إلى لغة كانت موجودة قبل 80 عام. في حين أن اليهود نجحوا بإحياء لغتهم العبرية التي كانت قد ماتت قبل 2000 سنة من جديد وجعلوها لغة مكتوبة. وقد قدر العالم كله بما فيه حزب الشعب الجمهوري ذلك لليهود. فإذا كان من الممكن إحياء لغة ماتت منذ 2000 سنة فلم لا نحيي نحن أيضاً لغة أجدادنا بالقليل من الجهد؟
مسألة اللغة مسألة جوهرية. لأن مدى عمق فكر مجتمع ما يساوي مدى عمق لغته. اللغة والتصور يغذيان بعضهما. كلما زاد عمق أحدهما زاد عمق الآخر. وكلما قل عمق أحدهما قل عمق الآخر. لغتكم تمثلكم. وتعميقها يزيد من عمق شخصياتكم. الجيل الجديد أصبح عبداً للتكنولوجيا. يتحدث بلغة الطيور عن طريق الهواتف والانترنت. يشرح القضايا مستخدما 140 كلمة فقط. ويقضي أغلب أوقاته في استخدام الانترنت. ولمواجهة هذا التهديد هل يمكن الاستخفاف بالأثر الذي ستتركه لغة حضارتنا العثمانية في منحهم فائدة أكبر؟ يشير هذا الجدل إلى مدى نجاح الذين أرادوا "تغريب" المجتمع بأنظمة قمعية في ظروف غير معقولة. لقد أرادوا الفصل بين ماضينا وحاضرنا بإقامة لغة مصطنعة بدل لغتنا.
إن ثورة اللغة كانت رمز الانقطاع الجذري عن الماضي والدين والعادات والثقافات والأدب والميراث العلمي. وكانت أقصر الطرق لإنشاء مجتمع بعيد عن ماضيه قريب إلى الغرب على رماد وأنقاض اللغة العثمانية. والطريق الآخر للنجاح فيما فشلت في تحقيقه القوى العظمى عن طريق الحرب. نحن في القرن الحادي والعشرين. تُنشأ فيه أنظمة عالمية جديدة. فاذا أردنا أن نثبت أنفسنا بصفتنا "نحن" لا بد لنا أن نتحرر من قيود ومحرمات القرن العشرين.
سردار ديميرال - صحيفة عقد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق