الثلاثاء، 9 ديسمبر 2014

إرشاد "البعيد" في "القطاع" السعيد

إرشاد "البعيد" في "القطاع" السعيد

ياسر البنا
كاتب وصحافي فلسطيني مقيم في قطاع غزة

عزيزي المراقب الدولي القادم إلى غزة، خبت وخاب مسعاك، وأفشلك الله، ولا أطال مقامك بيننا.

قدمت يا "هذا"، بحجة مراقبة توزيع مواد البناء، على المتضررين من الحرب الإسرائيلية أخيراً، والتأكد من أنها لن تذهب إلى فصائل المقاومة، ولا نراك قادما إلا لعرقلة الإعمار، واختلاس أمواله التي سيؤول بعضها لكم، رواتب و"ميزانيات تشغيلية".
وعلى الرغم من ذلك، ولأننا "عرب"، نحب إكرام الضيف (ولست ضيفاً)، فسنقدم لك "دليلا"، لكي تستعين به على العيش في بلدنا غزة، بعد أن تركت بلادك، وعشيرتك، وتكبدت وعثاء السفر، وقررت الإقامة في ديارنا. واعلم، يا صاح، أن هذا الدليل لا غنى عنه، لأي قادم، غنياً كان أم فقيراً، يقبض باليورو أو الدولار:
 -عليك المحافظة على صحتك، قدر الإمكان، فالسفر من غزة للعلاج أمر دونه الأهوال العظام، صحيح أنكم مراقبون دوليون، وتستطيعون السفر متى شئتم عبر المعبر الإسرائيلي. لكن، قد تأتي الرياح بما لا يشتهي السفر، وتغلق إسرائيل المعبر لأسباب أمنية، حسب زعمها، وحينها لا تفتحه لكائن من كان. وللعلم، هناك عشرات ممن ماتوا في غزة، وهم ينتظرون فتح المعابر للسفر للعلاج.
-لا بد أن توطّن نفسك على "الصبر"، و"قوة التحمّل"، ففي غزة لا وجود لأماكن للهو والترفيه، وعليه، فيتوجب أن تُوجد لنفسك هوايات لقضاء وقت فراغك، بعد انتهاء عملك.
-إياك أن تسكن في الطوابق العالية، مهما كانت البناية "فاخرة"، فالمصاعد تعمل على الكهرباء، والكهرباء مفقودة، والمولدات الكهربائية لا تعمل طوال الوقت.
-في شقتك ستحتاج إلى برميل للمياه العذبة للشرب؛ لا تتذاكَ، وتقل إنك ستركب "فلتر" مياه، لأن المياه مالحة، وغير قابلة للتحلية، وفي حال قررت الاعتماد على المياه المعدنية، تأكد جيداً من نوعيتها، وتاريخ الصلاحية، نظراً لمكوث البضائع فترات طويلة، مخزنة في المعابر الإسرائيلية.
-إذا استأجرت شقة، فلا بد من أن تركّب شبكة كهربائية موازية، تعتمد على تخزين الكهرباء على "بطارية سيارة"، وجهاز "إنفيرتر"، فالكهرباء مقطوعة أغلب الوقت، ولا يمكن الاعتماد على المولدات الكهربائية، طوال الوقت، نظراً لخطورتها وإمكانية تسببها في حرائق، بالإضافة إلى الضجيج الذي تحدثه.
-لا تضع كل نقودك في البنك، وأبقِ جزءاً منها سيولة نقدية في جيبك، فقد تغلق البنوك أبوابها، كما حصل في أثناء الحرب أخيراً، وحينها، لن تستطيع الحصول على المال اللازم لتوفير متطلبات حياتك.
-إذا كنت مدخناً، عليك تخزين كميات كافية، ولا تعتمد على الشراء من المتاجر، فقد تُفقد السجائر فجأة من الأسواق، وتتضاعف أسعارها كذلك.
-وإذا كنت، أيضاً، من عشاق "الشيشة"، أو "الأرجيلة"، لا بد من تخزين كميات من "المعسل"، للسبب السابق نفسه. -وتابعاً لما سبق، إذا كنت من عشاق "الشوكولاتة"، و"الشيبسي"، عليك، أيضاً تخزين كميات منه، فقد يفقد من الأسواق فجأة، وترتفع أسعاره.
-في الشتاء، احذر من شراء مدفأة تعمل على "الغاز"، لأنه مفقود، وتعبئة أنبوبة واحدة يحتاج شهوراً، واحذر، أيضاً، من شراء مدفأة تعمل على الكهرباء، لأنها أيضا مقطوعة أغلب الوقت.
-تابعاً للبند السابق، عليك تخزين أطعمة جاهزة ومعلبة، لاستخدامها في حال نفد غاز "الطهي" لديك، لأن تعبئة أنبوبة جديدة سيحتاج إلى شهور، نظراً لنقص توريده من إسرائيل.
-في الصيف، لا تعتمد على "المكيفات"، لأن الكهرباء مقطوعة أغلب الوقت، كما أسلفت، ولا تعتمد كذلك على المراوح الكهربائية للسبب نفسه. -في الصيف، احذر من الاستحمام في مياه البحر، لأن غالبية مناطق "الاستجمام"، ملوّثة بمياه "الصرف الصحي"، بسبب الحصار الذي يعيق عمل "محطات المعالجة".
وختاماً، لا نتمنى لك إقامة سعيدة بيننا، سائلين المولى عز وجل أن يعجل برحيلك، وألا يطيل بقاءك، والسلام على من اتبع الهدى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق