الجمعة، 19 ديسمبر 2014

موريال والحياد الغائب بانحياز صارخ!


موريال والحياد الغائب بانحياز صارخ!

خلود عبدالله الخميس

 عرضت الكاتبة الأرمينية موريال ميراك-فايسباخ عبر بحث نفسي لزعماء استهدفتهم ثورات الربيع العربي ونشرته عام 2011 في كتاب بعنوان «مهووسون في السلطة» وتطرقت فيه إلى: القذافي. مبارك. بن علي وصالح. من زاوية خلفياتهم المريضة بحب السلطة حتى الرمق الأخير بل وبعده.
ولن أقف عن التفاصيل لأنها مملة جداً وليس فيها إضافة بالنسبة لي.
في العام ذاته نشرت كتاب «عبر جدار النار (أرمينيا – العراق – فلسطين) مصالحات أم صفقات تحت الطاولة».
وتناولت فيه مشاهدة أطفال «الأرمن خاصة» المذابح، وماذا كان تأثيرها عليهم، وبأي مشاعر كبروا وواجهوا الحياة، وماذا أورثوا أولادهم، وتحدثت عن إمكان النسيان والغفران لتأسيس حياة مستقرة بين الأرمن والأتراك، وتنوه لمساعدة بعض الأتراك المسلمين لمن نجا من المذابح. كثير من التناقضات لا ترقى لمستوى بحث ينشر.
وكان يعتمد أيضاً على العامل النفسي وتأثيره على أجيال تعرضت لـ «حروب إبادة» على حد تعبيرها وهم ترتيباً الأرمن العراقيون الفلسطينيون.
عندما ذكرت تفاصيل ما أسمته بالمجازر الثلاث أو حروب الإبادة (الأرمن على أيدي الأتراك. الفلسطينيون على أيدي الصهاينة - العراقيون على أيدي البريطانيين والأميركيين) ولكنها لم تذكر إبادة الأميركان لشعب أميركا الأصلي ليستوطن مكانهم مثلاً.
أما كتاب «السياسة الخارجية تجاه القوة العظمى والبلاد العربية منذ العام 2002» والمنشور بعد الكتابين السابقين في 2013. والذي رغم أنه يضع صورة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على غلافه إلا أنه يولي شخص ومؤلفات رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو الأهمية البالغة ومدى تأثيرها في رسم السياسة الخارجية لتركيا.
ولا جديد في الكتاب حيث إن لا سر يخفى على مهتم في السياسات الدولية من أن الدكتور أحمد داوود أوغلو هو مهندس السياسية التركية وصاحب نظرية «صفر مشاكل».
النظرية التي اجتهد العالم المعادي لإفسادها بالعبث بملفات الكرد وثورة سوريا وتأسيس ما يسمى بـ «داعش».
وأعني بالعالم المعادي، المعادي لأي جيش يمكن أن يمثل شوكة لدول الإسلام مثل الجيش التركي بعد تدمير بقية جيوش العرب بحروب عبثية من صنع هذا العالم. 
والجيش التركي هو الشوكة المرعبة لهم، خصوصاً بعد اتفاقه أخيراً مع القيادة السياسية والعمل بإمرتها وانعكاس المعادلة من تبعية الأحزاب السياسية للجيش لتبعيته لها منذ تقلد حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان سدة السلطة.
لقد اجتهد المجتمع الدولي لتقويض مؤسسات الدولة التركية ودعم الفوضى داخلها، وبأياد محلية متآمرة، وتأليب المجتمع الدولي على ما أسموه «شذوذ مواقفها السياسية» وهي التي تنسجم مع الإنسانية ومشروع النهضة والحضارة التركي. ولكنها تتعارض مع مشروع الاستعباد الغربي والصهيوني لدول الإسلام وشعوبها.
طرح كتاب موريال توجه تركيا نحو الدول العربية في الآونة الأخيرة. وأطلقت على توجه تركيا للدول الإسلامية والعربية «ازدواجية أوروبا - الإسلام» في لمز إلى اهتمام تركيا بالانضمام للاتحاد الأوروبي.
وهذا الأخير الذي يماطل بسبب سيطرة الأحزاب «المسيحية» وليس العلمانية كما يدّعون ويصدقهم المغفلون على القرار الذي كلما استوفت تركيا من الشروط أضافوا جديدة تعنتاً وإذلالا. اعتمدت في الكتاب على مقابلات مع سياسيين وإعلاميين وأكاديميين ودبلوماسيين أغلبهم من المعارضين لاختيار الأمة التركية وهو حزب العدالة والتنمية.
ويرى بنخبوية أتاتوركية بالية أن الحكم يجب أن يكون في محيط من يطبق المخطط الدولي للعلاقات التركية بالدول العظمى، واتباع رؤية الولايات المتحدة الأميركية لمعايير علاقة تركيا بمصر والكيان الصهيوني.
هذا الفكر الذي تروج له الكاتبة التي ما زالت تستذكر مذبحة أهلها الأرمن، والتي حدثت قبل أن تولد من مئة عام العبودية للنظام الدولي بغض النظر عن الإنسانية التي تتباكى فوق مذبحها بمناسبة ومن دون مناسبة.
 لفت نظري أن موريال تقول: إنها من نشطاء العمل الإغاثي وبرزت في حرب الخليج الثانية لتساند أطفال العراق ونساءه، بينما لم تنبس ببنت شفة عن القتل والاغتصاب والتشريد للشعب الكويتي بسبب غزو العراق للكويت!
نعم، فازدواجية المعايير لا دين له بل له حسابات بنكية.
إن مرض «الهوس بالسلطة» يتعدى الحكام للإعلاميين للفنانين والكتاب والمؤلفين وكل ذي منصب مؤثر في جماعة من البهائم التي تردد خلفه «نعم سيدي» بلا تفكير أو بحث أو أدنى موضوعية ومهنية واحتراف أو احترام للنفس.
الكاتبة الأرمينية الأصل رغم أنها عاشت حبيسة أسطورة المذابح الأرمينية التي دحض التاريخ عمدها وبرأ الدولة العثمانية منها كجريمة حرب وإرهاب دولة، إلا أنها لم تتعاطف في كتابها الذي يتحدث عن الجرائم في الدول التي تصاب بحروب عن الحرب ضد الكويت؟!
موريال تكتب كمختصة في الشرق الأوسط، وينقل عنها كثير من صحفنا ومواقعنا، وهي بعدم الحياد والانحياز الذي ذكرت قطرة من بحره. أليس الأولى أن يكون لنا منظرونا وكتابنا وباحثونا لتأخذ أجيالنا عنهم الحقيقة؟! أو لتوفر رأياً آخر للباحث عوضاً أو بمقابل آراء أولئك؟!
هل يظن البعض أن النفط كافٍ كداعم نفسي لأي ظلم تعرضت له الكويت؟!
وهذا النوع من التفكير هوس أيضاً، ولكن من نوع آخر!

• @kholoudalkhames

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق