الكيان الصهيوني إذ يودع طاغية الشام؟!
دـ أحمد موفق زيدان
رسائل عدة وردت خلال الأيام القليلة الماضية من كافلة السفاح الشامي تل أبيب حيث نقلت مصادر فرنسية عن مسؤولين إسرائيليين نصيحتهم للنظام السوري بالانسحاب من دمشق صوب الساحل السوري والانكفاء إلى دويلة علوية طائفية، وذلك بعد أن دمر ما دمر من سورية، وما هو قادر على تدميره مستقبلاً وفقاً للرغبات الصهيونية والغربية والشرقية، فالصهاينة يرون أن النظام لم يعد قادراً على ضبط الأوضاع في الشام، وأن الأمور بدأت تخرج عن سيطرته بشكل كبير ، وما تركته المصادر من فراغات لجأ كبير معلقي الشؤون العربية في قناة التلفزة الإسرائيلية إيهود يعاري إلى ملئه حين قال إن انهيار نظام الأسد سيتم في غضون أشهر وسيحصل ذلك دفعة واحدة وليس بشكل تدريجي.
الانهيارات الأسدية المتتابعة في إدلب واقتراب المجاهدين إلى تخوم الساحل السوري تصدح بأكثر مما صدحت به النصائح الصهيونية، فمقتل مئات الضباط والجنود العلويين في إدلب خلال الأسابيع القليلة الماضية بالإضافة إلى خسارة النظام لمعاقل مهمة لم يكن يُتوقع لها أن تحصل قبل أسابيع، بالإضافة إلى التصريحات التركية عن قرب إنشاء منطقة عازلة، كلها تشير إلى أن السفاح الشامي في أيامه الأخيرة، وأن خزانه البشري في مناطق العلويين في حالة غليان حقيقي وبزيارة سريعة إلى صفحات الشبيحة والموالين على مواقع التواصل الاجتماعي يرى المتصفح حجم الغضب والامتعاض للنظام وسياساته..
عادة كل الأنظمة الشمولية والديكتاتورية الغامضة والمنغلقة والمستبدة أن تنهار دفعة واحدة، كونها لا تخبر عن التطورات التي تحصل في أحشائها، وبالتالي فإن تراجعها ونقاط ضعفها وما في داخلها لا يعلم به أحد سواها، ولذا فهي تمارس لعبة حافة الهاوية فتسقط دفعة واحدة وهو ما حصل مع كل المستبدين على مدى التاريخ..
المؤشرات تتحدث عن اقتراب سقوط حلب أيضاً بأيدي الثوار، ولكن العصابة الطائفية تسعى إلى تسليمها ربما لعصابة داعش، لا سيما بعد أن سعت الأخيرة إلى مهاجمة الريف الحلبي في صوران، لكنها فشلت في إحراز أي تقدم لها على الأرض بعد أن تصدى لها المجاهدون وكبدوها خسائر بالأرواح والمعدات، وتجري الآن همهمات عن إمكانية تسليم العصابة الأسدية لدير الزور إلى داعش أيضاً، وكانت أنباء سرت عن استعداد العصابة الأسدية إلى إخلاء العاصمة دمشق أواخر العام الجاري..
التحدي الأكبر أمام المجاهدين اليوم هو إسقاط خرافة الدويلة العلوية، على الساحل، وهو باعتقادي ليس بالأمر الصعب مع تعذر تطبيقه على الأرض فقيام دويلة علوية وسط بحر سني عدائي لها ليس بالأمر السهل، أقل أسباب عدم تحقيقه أن الغرب والشرق يدفع أثماناً وأكلافاً باهظة لعقود من أجل تثبيت دولة الصهاينة في قلب العالم العربي والإسلامي، فمن سيدفع أثمان وأكلاف تثبيت دويلة علوية منبوذة كهذه في العالم العربي والإسلامي، لا سيما وأن حجم القتل والدمار الذي خلفته الدويلة العلوية أضعاف ما أحدثته الدويلة الصهيونية حين قيامها.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن توجه المجاهدين إلى الساحل السوري هو القادر على إسقاط الرهان على الدويلة العلوية، وليس التوجه إلى العاصمة دمشق، لأن رأس أفعى النظام وعصابته في الساحل وليس في دمشق، فتحرير الأخيرة هو إسقاط للنظام سياسياً، ولكن السيطرة على الساحل هو قطع رأسه وقطع كل خياراته وبدائله التي يستعد لها في حال انسحابه من دمشق..
الانفضاض الروسي وحتى الإيراني عن العصابة الأسدية ظاهر خلال الفترة الأخيرة ، وظهور حسن نصر الله أكثر من مرة على التلفاز خلال الأيام الماضية بشكل متوتر يوحي بأن الواقع على الأرض خطير على العصابة الأسدية وحلفائها، ويكفي دليلاً على توتره شنه حملة حتى على شيعة لبنان ممن خالفوه الرأي وإطلاق صفة" شيعة السفارة" عليهم لأنهم يترددون كما قال على السفارة الأميركية ويرفضون مقاربته وتدخله بالشأن السوري ..
وفقاً للمعلومات الفرنسية فإن أكثر من ألف قتيل لحزب الله سقط خلال الثورة السورية وسبعة آلاف جريح من أصل 30 ألف مقاتل للحزب وهو رقم كبير، لكن صحيفة الوول ستريت جورنال الرصينة كانت قد قدرت عدد قتلى الحزب بـ 1285 قتيلاً، وهو ما سيُضعف قدراته على مواجهة تغيرات ما بعد سقوط الطاغية في الشام، إضافة إلى ضعفه في مواجهة الواقع اللبناني الجديد الناجم عن فترة ما بعد سقوط الطاغية، فلبنان ما بعد السقوط لن يكون هو نفسه ما قبل السقوط وعليه فعلى حزب الله أن يتحضر لهذه المفاجآت التي قد تكون أخطر من مفاجأة سقوط الطاغية نفسه...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق