الاثنين، 6 يونيو 2016

زراعة الحمير وصناعة الأمل والفنكوش بعد زراعة الأسماك!

زراعة الحمير وصناعة الأمل والفنكوش بعد زراعة الأسماك!



أحمد عمر


هل يستطيع أدباء النظام وشعراؤه الذين صاروا رموزا وأيقونات معبودة قولا كقول ابن تيمية في الأمل والتحدي والبطولة..
{وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.

اكتشفت اكتشافا مذهلا أقل أو أدنى من اكتشاف المرحوم العلامة أرخميدس لقانون الطفو فوق الماء. 
اكتشافي هو: أنّ الروح في كل بلاد العالم الموحدة لله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له صاحبة ولا ولد، وفي بلاد الوثنية التي تؤمن بتناسخ الأرواح فوتوكوبي وليزر وسكاننيغ؛ هي روح من أمر ربي، إلا دول المسلمين وممالكهم وطوائفهم التي أرسل إليها الله أربع مئة وعشرين نبيا ورسولا حتى يهديهم، فهي روحان: روح معنوية لها ما يشبه وزارة الشؤون المعنوية تقوم برفعها بوسائل شتى، أغنيات وأفلام وسحر.. وروح مادية! وهو استنتاج من عندي حتى لا أتهم حكام المسلمين المؤمنين الأتقياء الذين سخروا قانون أرخميدس في الطفو فوق.. الدماء بتقسيم الروح إلى صنفين، فإذا كان من روح معنوية، فثمة روح مادية!

أمس أعلنت حالة الطوارئ القصوى في المنزل، واحتكرت جهاز البلورة السحرية بالأحكام العرفية، وانصرفت إلى متابعة حوار الرئيس الجذاب الطافي الموصوف بالمنحة الإلهية لإسرائيل وسائر بلاد الغرب، مع أسامة كمال، فلقيت من أمري نصبا، فالرئيس يكرر أقواله السابقة، وهو يشير بيدي الفيلسوف والطبيب مثل أبطال النينجا، ويشرح حالة مصر التي أنقذها من مصير سورية والعراق، وبلغتْ سن الرشد والأمان، ونذرتُ بعد متابعة الجزء الثاني الذي أذيع قبل الأول لأسباب لا يعلمها إلا ربي، ألا أشاهد حوار السيسي كله بعد الآن، فقليل منه كثير، أو أتابعه خالصاً من العظام ومجردا من الشحم والورم في برامج كوميدية مثل جوتيوب أو الشاب أشرف، مع قليل من سكر الغرافيك وحليب الكوميكس، فمتابعة سيادة المشير بعجره وبجره مضيعة للوقت والعمر، غير مكترث بقول فصيل من العلماء يزعمون أن الضحك يطيل العمر، إن يقولون إلا كذبا، فالأعمار بيد الله، ولكل أجل كتاب. الأرواح معنوية ومادية، أكثريات وأقليات، تذهب إلى بارئها، وهي لا تشكو من قصر أو طول.

يقول الإعلامي المصري مفيد فوزي إنه اعتذر عن هذا الشرف لأمر مهم، حتى لا يقال إن محاور مبارك صار محاور السيسي!
وهي لعمري أول مرة أسمع فيها أن الصحافي مثل الزوج الكاثوليكي لا يخون رئيسه السابق بحوار مع الرئيس الحالي! وإن الحوار الصحفي يأتي مثل النيزك هالي مرة واحدة كل سبعين سنة.

الجديد في الحوار هو إعلان السيسي وتأكيده على زراعة الأمل لدى الشعب "الماسري" الذي يستحق من السيسي "كسيرا"
ورزا، وكنت أعجب دائما من اصطلاح زراعة الأسماك الذي استعير من عالم النبات إلى عالم الحيوان والاقتصاد، ثم وجدت أنّ الغرب الاستعماري الذي استنبت الزهور فوق الجليد، وزوج الحسناوات من الكلاب، واستبنت البطيخ مربع الشكل، ومنح نوبل وغيرها من الجوائز للسفهاء، قد أحسن زراعة الحمير في بلادنا، وجعلهم ملوكا وقادة نهتف لهم بالروح والدم.

الرئيس الرزي أسرَّ لأسامة كمال على الأثير أنّ مشروع قناة السويس كان مشروعا لزرع الأمل في بحر اليأس" الماسري"!

وضعت حكومات الانقلاب الميمونة العلمانية العسكرية العربية الإسلام واعتقلته وألجأته إلى المنافي، ورفعت دينا جديدا اسمه "الشؤون المعنوية"، وكنت أظن أن هذا الاختراع للمطربة فايزة أحمد، التي رفعت الروح المعنوية وغنّت لابنها الشهيد البطل، الذي زرع الأمل والأفيون، ومن يومها لم نرَ سوى الهزائم تترى.

قال دريد لحام في إحدى مسرحيات الماغوط:
بدنا شوية كرامة، وأعلن مرة أنه غير نهاية مسلسل وادي المسك المأساوية السوداء إلى نهاية فيها أمل، فهو أحد زرّاع الأمل في الوطن العربي إلى جانب فايزة أحمد، وعبد العاطي كفتة، وهاني شاكر، ووزارات رفع الروح المعنوية الغارقة في أعماق اليأس والقنوط، ويشرف على انتشالها عسكر يمسكون بمقاليد البلاد، وطوائف حاقدة لا تعرف سوى غريزة الثأر، وفنانون ممجدون سكارى بنشوة الظهور في البلورة السحرية.

وأذكر أن السلطة الرابعة السورية أشاعت بعد إنشاء سدّ الفرات السوري أنّ الخير سيعمّ البلاد ويطمّها طمّا، ويصبح الدولار بسعر الفرنك... ثم تبيّن أنه رفعٌ لجثة الشؤون المعنوية المتفسخة.. إلى أن دار الزمان دورته، وبلغ حصاد الهشيم ذروته، ولم يبق من أمل في البلاد سوى ابن الرئيس صاحب الرقبة الطويلة، مقتسما مع أخيه الذي استشهد في سيارة مسرعة إلى ألمانيا، فضيلتين لا ثالث لهما، في مناقصة بالظرف المختوم: "باسل المثل وبشار الأمل"، فسار شعارا بين الركبان، وعبر الأثير الصوتي والمرئي بال وسيكام، والمقروء بإشارات الصم والبكم... فهم لا يفقهون.

السينما الهندية سينما النجوم، بل هي سينما الآلهة. يستغرب نقاد السينما أن السينما الهندية لا تنال جوائز السينما العالمية في مسابقة الأوسكار أو الغولدن غلوب... إلا في حالتين نادرتين، فهي سينما تخاطب جمهورها العريض الكبير، ولا حاجة لها بجمهور النقد الغربي الأشر، هي سينما الأمل العقيم، سينما الحشيش البصري، السينما الهندية تعكس العقيدة الهندية الوثنية.
وما حصاد زراعة الأمل في السينما الهندية إلا ما تراه في شعب المليار من فقر وتخلف ومرض وعبادةٍ للحشرات والفئران والصئبان والقردة..
 أما زارعة الأمل العربي، فهي صناعة سياسية يقوم قادة دول ومحللون سياسيون على رعايتها وصناعتها وتسميدها بروث الكلام، وأذكر أن "صدام" بعد سبع سنين من الحرب مع إيران، قال مستزرعا الأمل: إن العراق سيكون أفضل حالا مما هو عليه عشر مرات.
بشار "الأمل" صاحب الرقبة السحرية يبث إعلامه، وإعلامه الحليف الإيراني من بيروت يوميا عشرات الاحتفالات التي تزرع الأمل في نفوس الشعب الشهيد الحريق وتتجاهل بحار الدم وتعلن عن مسابقات مالية!

أذاع إعلام النظام السوري الطائفي المنضم جملة لسعد الله ونوس الشهيرة، المتضلع في شؤون رفع الشؤون المعنوية والأمل، وهي: "نحن محكومون بالأمل"، وتعدُّ مسرحيته "منمنمات تاريخية" التي يسخر فيها من أهل دمشق، ويرسم لها صورة كاريكاتورية أمام الغزو المغولي، وكانت قد عرضت في قلعة دمشق التاريخية زرعا للأمل في قلوب "الأهالي"، وعُدَّ المؤلف رسميا ثروةً وطنيةً محصنة من النقد، وطوّبت جملته قولا مأثورا سحريا، يستشهد بها في مئات المنابر.. ويمكن للقارئ المحايد مقارنتها بجملة ابن تيمية الذي قضى عمره في السجون وساحات الجهاد مقاوما للغزو المغولي وأذنابه، والتي يقول فيها قولته الرائعة: "سجني خلوة ونفيي سياحة وقتلي شهادة".
لم يستطع بغاث النظام وبلغاؤه وأدباؤه أمثال الشاعر الرمز أدونيس والمسرحي الرمز سعد الله ونوس والمطرب الأيقونة علي الديك.. قول مثلها، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا.

ثم وجدنا أن "ونوس" زارع الأمل، المعارض، يشكر الرئيس على الرعاية الصحية وجرعة الكيمياء ولا يقول أقوالا مأثورة وحسب، وإنما يتنبأ مثل زرقاء اليمامة.
 فقد صدقت نبوءته: نحن محكومون بالأمل... حتى الآن بعد نصف مليون قتيل!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق