الاثنين، 6 يونيو 2016

بابا الله يوفقك لا تتركني



بابا الله يوفقك لا تتركني




 تقرير:المحفوظ فضيلي

"بابا الله يوفقك لا تتركني، بابا الله يوفقك لا تتركني، الله يوفقك يا يوبا لا تتركني يا رب، بابا الله يوفقك لا تتركني لحالي، يا الله صبرني يا رب".
بهذه العبارات التي تفيض دمعا وألما، يقبل الطفل الحلبي مالك أباه وهو جثة هامدة مضرجة بالدماء، ويترجاه ألا يتركه يتيما في بلد أصبحت السماء فيه تمطر قنابل وبراميل متفجرة.
لم يفارق والد مالك واسمه فوزي برغوث الحياة وهو على جبهة القتال مع هذا المعسكر أو ذاك، بل داهمه الموت وهو ينقذ الآخرين ويسعفهم من آثار سقوط برميل متفجر على حي الصاخور في مدينة حلبشمالي سوريا.
لم يكن الرجل يعلم أن ثمة من سينتشله ويسعفه رفاقه في عين المكان أيضا، فأثناء عملية الإنقاذ سقطت قذائف مدفعية أصابته في مقتل وجرحت عددا من رفاقه.
ثياب أحمد
قبل مشهد مالك وهو يستعطف أباه لكي لا يتركه وحيدا، كان حي الصاخور مسرحا لمشهد مؤثر لطفل آخر اسمه أحمد.

لم يفقد أحمد أباه أو أحدا من أقاربه، لكن القصف تسبب في قتل فرحته بثيابه الجديدة.
أصاب القصف ذراعي أحمد وأطرافا أخرى من جسده، لكنه لم ينل من براءته.. لم يسأل الطفل الممرضين الرأفة بجسمه الصغير، بل استجداهم الرحمة بثياب لم تكتمل فرحته بها.. يقاوم أحمد الألم وهو مضرج بالدماء، ويتوسل الممرضين "لا تقطعوا ثيابي الحلوين اللي اشتراهم لي أبي..".
ترددت صرخة أحمد في قلوب الممرضين، لكنها لم تجد صدى في ضميرهم المهني الذي يملي عليهم أن حياة الطفل لا تقارن بأغراضه الشخصية.. قصوا ثياب الطفل كاملة وواصلوا إسعافه وكلهم أمل في أن يعود إلى حياته الأولى ويحلم بملابس أخرى تحت سماء تحلق فيها الطائرات الورقية بدل الحربية، وتمطر ماء لا قنابل عنقودية.
سيبقى استعطاف مالك وأحمد محفورا في ذاكرة الكثيرين، لأن كاميرات النشطاء كانت هناك وخلدته بالصوت والصورة. وسينضاف ذلك إلى سجل صور أخرى لأطفال سوريين وقّعوا مآسيهم وموتهم بطريقة تستنهض ضمير الإنسانية جمعاء لمحنة مئات آلاف من الأطفال يعانون بعيدا عن الأضواء.
وقبل تلك الصرختين، اهتز الضمير العالمي للطفل أيلان بعدما قذفت الأمواج جثته إلى شواطئ تركياوأنهت رحلة فراره من رحى الحرب في عين العرب (كوباني).
وأمام صمت الجميع، عبر طفل سوري آخر عن يأسه من تحرك بني البشر وهو يقول على فراش الموت "سأخبر الله بكل شيء".
وفي حالة أخرى تفيض بالبراءة وبالشهامة السابقة لأوانها، يهون طفل مضرج بالدماء من هول المصاب ويخاطب والدته "ماما لا تخافي ما فيني شي. هذا دم بشار".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق